💥إختلاس مشروع 💥
الفصل الرابع
بقلم، نعمه حسن،،
يَكسوها الحزن في الصباح.. شيء ما يحرّضها على الهروب إلى الفضاء تاركة كل الأشياء التي تؤلمها خلفها على كوكب الأرض.. لعل البعد يكسر الحزن قطعاً صغيرة داخل قلبها فتتلاشى.. ولكن يبدو أنه قدرها أن تحمل أوجاعها داخلها و تحترق بصمت.
قامت بملل توجهت إلي غرفة جدتها و قبلتها كما اعتادت كل صباح ثم جلست بجانبها و قالت: صباح الخير ي أحلي تيته في الدنيا.
جدتها بوجه بشوش و إبتسامه صافيه: صباح النور ي روحي..أنا فطرت بدري عشان العلاج.. إفطري إنتي يلا.
_مش دلوقتي مليش نفس.. أنا عندي ميعاد مع ناس صحابي النهارده علي 5 كده.
=تمام ي حبيبتي.. و هتعملي ايه من دلوقتي للساعه 5؟!
_مش عارفه.. مفيش حاجه أعملها.. ممكن أشوف فيلم ولا حاجه.
=طيب اعمليلنا حاجه نشربها و تعالي نتفرج علي "يوم من عمري"مع بعض.
تهللت أساريرها ثم قالت بفرحه طفوليه:الله بجد.. دي فكره هايله.
في طريقها إلي المطبخ إستمعت إلي رنين هاتفها فأجابت: ألو.. !!
أتاها صوته متحفظاً: أيوة ي ماريا صباح الخير.. أنا تيم.
_أها عارفه.. صباح النور.
=كنت بكلمك عشان أقولك إني كلمت الدكتور النهارده و الميعاد إتقدم ل 1 لأن عنده مؤتمر و مسافر.
_اممم.. يعنى يدوب أجهز و نتقابل.
=أها.. إبعتي اللوكيشن و أنا آجي آخدك.
_ليه اتعبك؟! قوللي فين الدكتور و نتقابل هناك.
=لا أبدا مفيش تعب ولا حاجه.. ابعتي اللوكيشن وأنا هفوت عليكي بالعربيه.
_تمام.
بعد نصف ساعه كان يقف أمام منزلها.. إختلس النظر إليها سريعاً قبل أن تجلس بجانبه قائله: هااي.
مازحها قائلاً: هاي ورحمة الله.
ابتسمت إبتسامه خفيفه ثم قالت: معلش هتعبك معايا.
_لا أبداً.. تعبك راحه. ثم أكمل بمزاح: و بعدين أنا مش رايح مخصوص عشانك يعني.. أنا كمان محتاج الزياره دي.
أومأت في تفهم ثم إلتزمت الصمت الذي لم يقطعه أياَ منهما حتي وصولهم إلي قبلتهم المطلوبه.
أمام مركز د. حاتم زهران أخصائي الطب النفسي...
تيم: تحبي تدخلي انتي الاول؟!
فاجئته قائله: ايه ده انت هتسيبني لوحدي؟!
شرد لوهله ثم قال: يعني عشان تتكلمي براحتك.
_لا أنا أخاف أدخل لوحدي.. خليك معايا.
أومأ برأسه في موافقه ثم اصطحبها للداخل.. طرق الباب فأذن لهما بالدخول و إستقبله الطبيب ببشاشه ثم اشار لهما بالجلوس قائلا: إتفضلوا إرتاحوا.. إزيك ي تيم؟!
تيم بود: الحمدلله ي دكتور.
الطبيب ببشاشه: آنسه ماريا صح؟!
ماريا بتحفظ: صح.
الطبيب: أهلا وسهلا.. تحبي "تيم" يستني بره؟!
اجابت بلهفه: لا لا.. خليه موجود.
الطبيب بتفهم: تمام.. طيب مين يحب يتكلم الأول؟!
نظر تيم و ماريا لبعضهم البعض ثم قال تيم ممازحاً إياها: هو ladies First و كل حاجه بس انا حابب أتكلم الاول.
كان يريد ان يخفف من حدة توترها و إرتباكها فإختار أن يتحدث اولا فقال: والله ي دكتور مش عارف أبدا منين.. بس كل حاجه بتقف.. مش عارف أكمل.. حضرتك قولتلي المره اللي
فاتت "حاول" و أنا حاولت و مش قادر اكمل ما زلت خايف.يعني المفروض فرحي كمان شهر و نص و أنا مش مستعد نفسياً بالمره
الطبيب بتفهم: بص ي "تيم" أنا قولتلك المره اللي فاتت إنك بتعاني من "نيوفوبيا" و دي السبب في إنك بتخاف من كل
حاجه و كل تجربه جديدة في حياتك.. ف طبيعي لما تكون داخل في علاقه جديده و مش مرتاح فيها نربطها بال"نيوفوبيا "اللي عندك بما إنك عندك رهاب لكل ما هو جديد.
أكمل بعمليه و قال: و لكن، هل لو إستمرت العلاقه دي لأكثر من 6شهور او سنه زي ماهو حاصل معاك .. هيكون لسه بالنسبالك شئ جديد؟! أكيد لأ.
يعني.. انت ف حالتك دي مقدرش أقولك إن السبب هو ال" نيوفوبيا "لان ببساطه دي علاقه خدت وقتها.. إذن إنت محتاج
تراجع نفسك.. إنت عايز إيه؟! ناقصك إيه في العلاقه دي؟! إيه سبب الفتور ده؟! طبعا انا مليش حق إني أقوللك كمل أو لا و
لكن لزاماً عليا كطبيب إني أقوللك جمله مختصره و مفيده جدا بندرسها دايما"حدسك لا يخطئ" طالما إنت حاسس إنك مش مرتاح، متكملش لأنك مش هتكون مرتاح فعلاً.
قاطعه تيم قائلا: بس أنا خايف أكون بظلمها.. و خايف اكمل اظلم نفسي.
الطبيب: طالما إنت وصلت لنقطة "خايف أظلمها" يبقي شكراا ليك، متكملش، إنت فعلياً هتظلمها، إنت مش خايف تخسرها!.. إنت خايف تظلمها، إنت عاوز تبطل بس خايف تشيل العبء ده، يمكن بتتمني لو الخطوة دي جت منها هي، صح؟!
أومأ تيم في موافقه فأكمل الطبيب: خلااص.. العلاقه دي بقت زي رهان خسران، إنت عارف إنك هتخسر و مع ذلك بتراهن عليها.
تيم بحيره: معنديش القدره ي دكتور إني أنهي الحكايه، حاسس إني متكتف، مخنوق، مع إني بكمل و أنا مش مرتاح بس مش عارف أقول خلاص كفايه.
الطبيب بتفهم و تقدير: إنت بتهلك نفسك و طاقتك في علاقه مش ناجحه، لو كملت هتكمل غصب عنك و إنت مش راضي و بكده هتظلمها بجد.. خليك شجاع و قول أنا مش قادر أكمل،
الأيام بتداوي كتير و هي هتنسي و إنت هتنسي و هتبقوا إنتوا الاتنين طلعتوا بأقل الخساير من علاقه مكانش فيها مكاسب أبداً.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت "ماريا" تستمع بتركيز و إمعان.. تستقبل الكلام بقلبها قبل أذنيها.
نظر إليها الطبيب بإبتسامه ودوده ثم قال: ممكن تشاركينا رأيك يا "ماريا" إعتبري إننا قاعدين قعدة صحاب و بنتكلم.
تشدقت قائله بتحفظ: كلام حضرتك صحيح.. أنا شايفه إنه بناقص من أي علاقه إحنا مش مرتاحين و مبسوطين فيها.. حتي لو هنعيش العمر كله لوحدنا.
أومأ الطبيب بموافقه ثم قال: بعيداً عن كوني دكتور بس ده المبدأ اللي بمشي عليه فعلا.. ثم وجّه حديثه لكليهما قائلا:مقدرش آجي علي نفسي و أشيلها فوق طاقتها و أضغطها و أعمل حاجه انا مش حاببها عشان بس الطرف التاني
ميتظلمش!!طب و انا لما أكمل و استحمل اكتر من قدرتي اللي ربنا عاطيهالي و أقول هضحي كده مش هظلم نفسي؟!طب أنا
لو ظلمت نفسي و كرهتها هحمّل مين سبب الظلم ده؟! أكيد الطرف التاني.. فبالتالي هظلمه! إذن المحصّله واحده..مينفعش أضحي بالإكراه!! التضحيه اللي من النوع ده مؤذيه.
ثم وجه حديثه إلي "ماريا" قائلا: أنا حابب أسمعك و أعتقد "تيم" كمان حابب يسمعك.. إعتبري إنك قاعده لوحدك و إتكلمي براحتك.
نظرت لهما بأعين حائره متردده فنظر لها "تيم" نظره مشجعه فتشدقت قائله: انا مشكلتي كبيره.. مخزيه.. التفكير فيها
واخد كل طاقتي و قدرتي.. ثم توقفت عن الحديث و ابتلعت في توتر ثم اكملت: أنا بحب أسرق.. آخد الحاجه اللي مش
بتاعتي.. بحس بمتعه رهيبه و انا بعمل كده.. و بعد ما آخد الحاجه دي بحس بالذنب و تأنيب الضمير.. و اغلب الأوقات برجع تاني أرجع الحاجه لصحابها من غير ما يشوفوني.
تكلم الطبيب في ود بالغ فقال: أهلك موجودين يا ماريا؟!
اجابت بضيق: مامتي متوفيه إنما بابا موجود.
_عايشه معاه؟!
=مش دايماً.. أغلب الأوقات ببقا مع جدتي.
_جدتك لوالدتك؟!
=مظبوط.
_مامتك متوفيه و انتي عمرك كام سنة؟!
=6سنين.
_ووالدك رعاكي إزاي و انتي طفله 6سنين؟!
أطلقت ضحكه ساخرة ثم قالت: لا مهو مكانش بيرعاني.. كان بيجيبلي اللي يرعاني.. كان بيتجوز كل شهر واحده بحجة انها تخلي بالها مني و كده.. بس كانت بتخلي بالها منه هو.
_طيب يا ماريا..انتي بتقولي بتحبي تسرقي أو تاخدي الحاجه اللي مش بتاعتك و بعدها بتحسي بالذنب و تحاولي ترجعيها لصاحبها..صح؟!
=صح.
_تقدري تقوليلي آخر مره عملتي كده كانت إمتا؟!
=نظرت لتيم نظرة خاطفه ثم أخفضت راسها في خزي و اجابت:إمبارح.
_طيب..في خلال شهر مثلا..ممكن تعملي كده كام مره؟!
=ممكن كتير جداا..ممكن كل يوم..ممكن في اليوم أكتر من مره..علي حسب كمان المود اللي أنا فيه..ممكن أبقا تعبانه و محبطه ف الهاجس ده يزيد عندي.
أومأ في تفهم ثم قال:بصي يا ماريا..اللي بتمري بيه ده حاجه إسمها"كلبتومانيا"أو "هوس السرقه"و ده مرض نفسي زي أي
مرض نفسي تاني زي" الفصام" أو "الوسواس" لكن بيختلف ف الأعراض طبعاً..و للأسف الأسباب اللي بتؤدي لإن الشخص يبقا مريض "كلبتومانيا" موجوده كلها عندك و اولهم و أهمهم
هي'الإحتياج و فقدان الحب و الأمان' و نشأتك بدون مامتك الله يرحمها كمان أثر عليكي و خصوصاً إنه باباكي مقدرش يحتويكي او يعوضك.
باغتته قائله:محاولش.
أومأ في تأكيد و اردف:و ده أسوأ أكيد..ف طبعا كل العوامل دي ساعدت و بشده إنها تجعل منك "مهووسة إختلاس"
بيصيبك التوتر و القلق و حاجه ملحه لأنك تسرقي.. بتستمعي و إنتي بتاخدي الاشياء خلسه..و كل الحاجات اللي بتاخديها دي تافهه بالنسبالك و ملهاش قيمه..و بعد ما النشوة دي
بتخلص بيحل محلها الندم و الخزي..طب أنا ليه عملت كده؟!طب أنا محتاجه الحاجه دي في إيه؟! و بتمري بالمرحله الاخيره بقاا..اللي هي أنا عاوزه ارجع الحاجه دي لصاحبها..صح؟!
قالت بهدوء:صح جداً..ده بالظبط اللي بيحصل معايا.
أومأ الطبيب ثم أردف: بصي يا ماريا.. أولي خطوات العلاج هي إنك تحبي نفسك.. خليكي دايما مع الاشخاص اللي بتحبيهم.. قربي من الناس اللي بتثقي فيهم.. اللي بتحسي
معاهم بالونس و الارتياح.. إبعدي عن العلاقات اللي بتحتاج جهد منك.. اللي بتحسي فيها إنك انتي غريبه و مش مرتاحه.
لازم تتعالجي من الإختلاس المعنوي أولاً و بعد كده مش هتحتاجي الإختلاس المادي.
بمعني... متفضليش مع ناس غصب عنك بتختلسي ودهم و حبهم و رعايتهم و اهتمامهم..
خليكي دايما مع الناس المريحه اللي يقدمولك كل الحب و الاهتمام بنفس راضيه..
مش عيب إنك تطلبي حقك ف اي علاقه انتي فيها.. قولي أنا عاوزه نبقا صحاب.. أنا بحبك.. أنا محتاجاكوا جمبي.. أنا بيفرق معايا إهتمامكوا.. يا إما هتقابلي طلبك ده بالرفض أو بالقبول و في الحالتين إنتي الكسبانه..
هكتبلك دلوقتي دوا للإكتئاب هيقلل من الأعراض.. و إن شاءلله الزياره الجايه كمان شهر لو محتاجتيش تيجي قبلها.
أومأت في موافقه فتوجه بالحديث لتيم قائلا: و إنت يا تيم هتبدأ تحسب خطواتك و تراجع قرارتك و هكتبلك بردو علي دوا مضاد للقلق هتمشي عليه لما تيجيلي الزياره الجايه.
أومأ الاثنان في موافقه ثم شكرا الطبيب و إنصرفا..
