لا تتحدى الصقر ،ج٢
بقلم اسماء عبد الهادي
الفصل السابع والعشرون
لم تزيده كلمات الصقر تلك إلا إشتعالا وإصرارا على الانتقام منه، فعمد الى الكرسى المبطن وجلس بكبرياءه المعهود يرمقه بنظراته الكارهة الناقمة ويهتف بصوته المحتد
_عايز إيه يا صقر، چاي ليه؟؟
تطلع إليه الصقر بنظرات حانقة مغتاظة وقال وهو يكز على أسنانه
_جاي علشان آخد اللي يخصني ..بعد ما اكتشفت لعبتك الحقيرة دي وعيشتني في وهم لأكتر من أربع سنين ... بتعذب بموتها ...وبموت في اليوم ميت مرة لفراقها
قهقه رشاد بشدة وبصوت عال مستمتعا بما مر به صقر وقال بتهكم
_ما انت جدامي زي الجرد أهو مجرالكش حاچة.
أغمض صقر أعينه محاولا التحكم فى اعصابه قليلا، فعمه يحاول استفزازه، وقال وهو يضم قبضته بقوة
_هحاسبك على اللي عملته بعدين يا... يا عمي ..بس دلوقتي أنا جاي آخد مراتي وابني وماشي .
أنزل رشاد قدمه جوار الاخرى وتحدث بسخرية واستهزاء
_بس كده انت تؤمر ده أنا حتى كنت منتظرك.. بس مجلتليش عرفت مكاني بالسرعة دي إزاي؟
حدق به الصقر وغاص بنظراته في أعماق أعينه، قائلا بنبرة تحمل في طياتها الأسف
_أظن أن محدش كان يعرفك زيي.. يمكن حتى كنت أعرفك أكتر من نفسي ...علشان كده مكانش صعب عليا إني أعرف مكان الكبير ...الكبير المعروف بكبرياءه وخيلاءه واللي لا يمكن يسمح لنفسه إنه يسكن في مكان أقل من حد ..علشان كده مكنش صعب إني اتوقع انك عايش هنا ...ده أكبر بيت في المنطقة وبعيد و منعزل عن الناس .
لوى رشاد فمه بحنق فهو يعرف فطنة وذكاء الصقر، لذا ضغط بقبضته على جانب الكرسي وقال بلهجتة الآنفة
_ وانت لسه زي ما انت مفكر حالك تجدر تقف قصادي.... لا وليك عين كمان ترفع عينك في عيني بعد اللي عملته
لم يلق له الصقر بالا، فما يشغل تفكيره الآن هو رؤيته لنور عينه ونبض قلبه مودة، فجال بأعينه المكان بحثا عنه وهو ينادي بأعلى صوته وباشتياق بالغ_مووودة ...مودة .
____
كانت تجلس منزوية في طرف الفراش مستندة بظهرها للحائط ،تضع أرجلها لصدرها وتحيطهما بذراعيها ...تفكر فيه ..تتخيل أيامها السعيدة معه ..تتمنى فقط لو تراه لمرة واحدة فقط..أن تلمس يده التي لا تشعر بالامان يسري في عروقها الا بقبضته علي يدها وكأنه يخبرها ألا تخاف من شىء فهو معها الحمى والسكن ...فتستكين ليده الحانية وتنام دون أن تخشى القادم فهي ستتخطاه معه ..فرت دمعات من بين أهدابها حسرة على فقدانه ..على فقدان صوته الذي يجعل قلبها ينبض بقوة ليتحرك من مكانه منتعشا بقربه ..فيشع وجهها نورا لا يشرق الا برؤيته هو ...فتشعر بالانتعاش كزهرة جميلة يسقيها صاحبها بإهتمام فما تزيده الا جمالا وبهاء .
وفي أثناء حلم يقظتها ذاك وتخيلاتها ،لاحظت زيادة نبضات قلبها عن معدلها الطبيعي .. استمعت لصوت ما يناديها ..أجل صوته يناديها ..رفعت يدها تمسح تلك الدمعات عن أهدابها بشجن فهي ظنته تخيلات ليس إلا ..لذا بدأت تتذكر
حركة يده على وجهها يزيح دمعاتها بيده الرقيقة الحانية رغم خشونة ملمسها يطلب منها أن تكف عن البكاء فهو لا يتحمل دمعة واحدة تسقط من عينيها، فعينيها كلآلىء سحرية يذوب هو عشقا في سحر جمالها ...لكن الصوت يعلو أكثر لتتيقن انها لا تحلم او تتخيل أجل إنه صوته انه هو معها الان يناديها
قفزت من فراشها بسرعة هائلة، لا تصدق أذنيها فلقد أتي الصقر أخيرا ليلحق بها إلى بعيد الى عالم حتما سيكون سحريا طالما هو معها ، هرولت نحو الدرج لا تعي ما تفعل سوى أنها تريد ان تلحقه قبل أن يبتعد، قبل أن يضيع ذلك الحلم قبل أن يكتمل .
___
وقف يحدق في كل مكان بترقب يتمنى حقا أن يراها هل فعلا سيلعب معه القدر لعبته ويعيد إليه مودته بعد أن ظن انه فقدها للأبد ..هل تراها حقيقية أم أنها مجرد أضغاث أحلام
جذب انتباهه صوتها الذي ينادي عليه بلهفة شديدة وهي تنزل درجات الدرجة عدوا حتى كادت أن تتعثر أكتر من مرة من فرط سعادتها وحماستها
تصنم هو محله اهو في حلم ام حقيقة ...فإن كان حلم فهو لا يريد أن يفيق منه أبدا فلقد عادت مودته حقا ..عادت إليه نور قلبه وبسمة حياته..هو يراها أمام عينه أخيرا... فكم تمنى أن يراها ولو لمرة واحدة يقر عينه ببندقية عينيها قبل أن تختفي للأبد ...وكأن عقله شلُ عن التفكير..وجسده تجبس فلم يعد قادرا على الحراك ..فقط عينيه هي من تستجيب لنداءاتها وترسل استجابات لتترجم مدى شوقه لرؤيتها وعدم تصديقه انها مازالت على قيد الحياة بعد .
انهت الدرج وحاولت الاقتراب منه لكن والدها منعها بصوته الحاد_خليكِ مكانك ...أنا بحذرك تجربي منه.
لكنها لم تهتم لما يقوله فعصت أمر والدها وهرولت تجاه زوجها ..فكيف تراه أمامها ولا تذهب اليه.
وقفت أمامه تنظر له وهو يطالعها بصدمة يخشى أن يفيق من حلمه على كابوس فقدها من جديد ، لتحرك رأسها وتومىء اليه بعينيها بأنها هي _صقر.. أنا مودة ..أنا قدامك ممتش.
لكنه ما زال متسمر مكانه وكأنما أصابته لعنة منعته من الحراك يرمقها بحنين جارف وتزرف أعينه الدمعات دون توقف، مدت يدها نحوه تمسح تلك الدمعات وهي تقول بفرحة يشوبها البكاء على حالة الصدمة التي انتابته_ده مش حلم يا صقر ..أنا قدامك ... أخيرا رجعلتلي.
وكأن للمساتها تأثير السحر الذي فك طلاسم لعنته فمد يده يمسك بيدها ،ليشعر بالحياة تسري في روحه من جديد ،ليصيح بأعلى صوته وهو يضمها إليه بشوق جارف_مودة أنا مش مصدق نفسي .. مودة إنتي عايشة... يااااه ..الحمد لله..الف حمد وألف شكر ليك يارب
حملها بين يديه من أسفل ذراعيها ودار بها بسعادة
_أنا هموت من الفرحة ..انتي قدامي ومعايا ..وحشتيني يا كل روحي
قالها وهو يضمها ثانية الى صدره يخشى افلاتها فتضيع منه مرة أخرى ، مغمضا أعينه يتنفس الصعداء ،يشتم عبيرها الذي افتقده منذ سنوات والذي ظن انه فقده للأبد .. شعور غريب يصعب وصفه ..فالحالة التي بها صقر الآن لا تكفي عشرات الصفحات لترجمتها..لك أن تتخيل أن يعود الميت للحياة ..ان يعود من تحب مرة اخرى للحياة وتراه أمامك بعد أن فقدت الامل نهائيا في رؤيته ثانية
يعود لتنعم بقربه وبدفء أحضانه...فلا يسعك في هذه اللحظة الا أن تبكي بصمت..تتمتع بسماع نبضات قلبه فيطرب قلبك فرحا بعوته ينبض من جديد.
هتفت مودة ببكاء كالطفل الصغير الذى عاد لأمه للتو بعد أن تاه منها
_وحشتني يا صقر .. وحشتني أوي... أنا كنت محتاجاك جنبي جدا
قبّل الصقر ما بين عينيها بهيام وقلب متيم بحبها_ أنا اللي كنت محتاجك جدا يا روحي، بس من النهاردة مفيش حاجة هتفرفنا تاني إلا الموت.
وضعت يدها على فمه تقول برجاء
_لا ارجوك بلاش الكلمة دي، ربنا يخليك ليا يا حبيبى
ابتسم لها من كل قلبه
_ انا النهاردة بس اتولدت من جديد لما شفتك من تاني.....بحبك يا أحلى حاجة في حياتي
بادلته الابتسامة بصدر منشرح ونفس راضية
_وأنا كمان... بحبك يا كل دنيتي
انتبها اثنتيهما من حالة الزهول التي أصابتهما لعودتهما الى بعضهما البعض على صوت رشاد الحانق.. فهما شعرا بأن الدنيا قد خلت الا منهما فلم يشعرها بوجوده معهما الا للتو
سمعاه يقول بغيظ وضجر_ إيه خلصتوا المسخرة اللي بتحصل دي ولا لسه ...جلة حيا
انتابت مودة حالة من الزعر بانتباهها لوجود لوالدها فهي تناست وجوده تماما ففرحتها بعودة زوجتها انستها كل شىء ، لتجد هي الصقر يشدد من احتضانها وكأنه يقول لها لا تخف فهو معها، وكأنه يعلنها صراحة لوالدها أنها زوجته ولا يخجل من شىء .. يرمقه بنظرات متوعدة غاضبة ثائرة، فهو السبب فيما حدث لهما ولن يمرىء ما فعله على خير ليقول وهو يشدد بقبضته على كتف زوجته_مبسوط دلوقتى يا ..يا كبير .. مبسوط بحرقة القلب اللي سببتها لينا ...بالفراق طول السنين دي ...اتمنى تكون مرتاح
طالعه رشاد بنظرات متشفية فهو فَرِح بما فعله _چدا فوج ما تتصور .
هتفت مودة بخوف وهي بين يدي زوجها تشدد من تمسكها بقميصه _صقر.
رمقها بنبرة هادئة _متخافيش طول ما انتي معايا .
هتف الصقر لرشاد بنبرة ثابتة متوعدة_زي ما قلتلك مش وقت عتاب دلوقتي.. هاتلي ابني علشان أمشي ولينا حساب هنصفيه بعدين
أطال رشاد النظر في عيني الصقر لفترة طويلة ومن ثم ابتسم بمكر وقال _انت تؤمر يا صقر.. ده انت حبيبى.
علم الصقر أن عمه يخطط لشىء ما، فبسمته الصفراء هذه تُنبأ بفعلٍ دنىء سيحدث لكن لا يدري ما هو ، لذا ظل متشبث بزوجته ليحميها.
______
جاء موعد الزيارة التالي ، ليفاجىء أسامة بحضور أميرة مع عادل ..فينظر إليها بدهشة
لتقول هي بصوت محرج خافت_ ازيك يا أسامة
ليهتف أسامة بغضب بصديقه _عادل انت بتستهبل إزاي تجيب أميرة هنا لمكان زي ده ...اتفضل روح روحها بسرعة
ردت أميرة بجدية_أنا اللي صممت أجي يا أسامة.. طلبت اتكلم معاك لحظات وهمشي علطول.
صمت أسامة ليستمع لما ستقوله _اتفضلي يا أميرة ولو اني مش حابب وجودك هنا من اصله، أنا أسف إني خلفت بميعادي معاكي
أميرة بحرج_مش وقته ولا مكانه الكلام ده يا أسامة.
تنحنح عادل وقال وهو ينوي أن يجلس بعيدا قليلا نسبيا عنهما_طيب أنا هقعد هناك لحد ما تخصلي كلامك يا أميرة
حركت أميرة رأسها بالنفي_لا يا عادل خليك قاعد معانا عادي
في حقيقة الامر أميرة تخجل الجلوس بمفردها مع أسامة بالرغم من وجود أخيها معهم بنفس الغرفة ، لذا أرادت من أخيها أن يظل جوارها ويستمع لما ستقوله
جلس عادل مكانه جواره منتظرا هو الاخر ما ستقوله لأسامة
تخلت أميرة بالشجاعة قليلا وقالت _ أسامة..عايزة أسألك سؤال وتحاول تجاوب عليه بدقة .
ظن أسامة أنها تشك في براءته وانه له يد فيما حدث للمأذون فقال هاتفا_صدقيني يا أميرة أنا ملياش يد في اللي حصل ومعرفش اي حاجة عن الراجل ده اصلا
_وانا مشكتش فيك ولا لحظة يا أسامة..ومش ده اللي أنا جاية علشانه ..أنا متأكدة من براءتك وجاية هنا علشان أسمع منك ، ونثبت براءتك سوا.
وزع أسامة نظراته بينها وبين عادل ثم هتف بتعجب_تثبتي برائتي!!!
تعجب عادل هو الآخر لكنه ظل صامتا.
أخذت أميرة نفسا عميقا ثم قالت بجدية_أسامة ، افتكر كويس يوم الواقعة ...انت بتقول دخلت المكتب ومكانش فيه حد جوا غير المأذون
_ايوة
_انت متأكد!!
_ايوة.. فضلت أنادي على اسم المأذون من برا ومحدش رد...فدخلت وأنا بنادي بردو لكن مسمتعتش أي صوت خالص
_اوصفلي مكتب المأذون عبارة عن كم أوضة
_رغم إني مش فاهم ليه أسألتك دي ..بس هجاوبك... المكتب عبارة عن أوضة اللي هيه أوضة المكتب الخاص بالمأذون والصالة الخارجية اللي ف وش الباب وحمام ملحق بيه مكان صغير فيه شعلة وحوض على الشمال حسب كلام المحامي اللي عاين المكان
_تمام ..ندخل في المهم ..لما دخل عليك الراجل اللي اتهمك بقتل المأذون ...أظنه العامل اللي بيشتغل عن المأذون مش كده؟؟
_أظن كده ..علشان كان في ايده كوباية الشاي ووقعت منه .
_الراجل ده كان جاي منين من ناحية الحمام ولا من برا؟؟
هز أسامة كتفه فهو لا يعرف_معرفش ..ودي هتفرق في ايه؟؟
_هتفرق جدا يا أسامة ..ارجوك افتكر كويس ..انت قلت دخلت ومكانش فيه حد جوا ..ولو كان العامل بيعمل الشاي في المكان المخصص لكده اللي عند الحمام ..أكيد كنت هتسمع صوت او خربطة جاية من الناحية دي
حرك أسامة رأسه _صحيح ..بس مكانش فيه اي صوت
_معنى كده أن العامل ده جه من برا بكوباية الشاي.
شعر عادل بالضجر من أسىلة أخته الغريبة_أميرة وهتفرق بإيه جاي من برا ولا جوا.. انتي عايزة تقولي ايه؟؟
_عايزة أقول إني شاكة في العامل يا عادل ..بل متأكدة انه هو اللي قتل المأذون
حملق أسامة بها بصدمة.
لتردف هي_ ايه اللي يخلي العامل يخرج يجيب شاي من برا ..وهو عنده الشعلة والشاي في المكتب!!
أسامة بتفكير_عادي.. يمكن الشاي خلص فخرج يجيب من برا عادي
ضيقت أميرة أعينها بشك كبير ف العامل_ او يمكن قتل المأذون وهرب قبل ما حد يشوفه وفضل مراقب المكان علشان يشوف ايه اللي هيحصل، لحد ما لمحك داخل فحب يحْبِك التهمة عليك فجاب شاي من برا وتظاهر انه شافك صدفة واتهمك بقتل المأذون وبكده يطلع هوا منها.
عادل_أميرة.. هيفضل كلامك ده مجرد شكوك.. ايه اللي يثبت اللي بتقوليه ده ...عادي العامل خرج يجيب شاي ورجع لقى المأذون مقتول .
أميرة _العامل اقواله كانت ايه في التحقيق ؟؟
عادل _قال انه دخل ع المأذون يقدمله الشاي اللي طلبه لقى أسامة مع المأذون فقرب منه لقاه ميت .
أميرة _تمام ..المطلوب منك يا عادل تطلب من المحامي انه يشوف هل كان في شاي في المطبخ ولا لا
وكمان الكوباية اللي إتكسرت ياريت يتم مقارنتها بكوبايات المكتب زيها ولا لا .
أسامة_أميرة عايزة توصلي لإيه!
أميرة بدهاء_عايزة اثبت أن العامل كان عنده حجة انه يخرج يجيب شاي من برا وفي الوقت ده بالذات.
عادل_مش فاهم حاجة...ده دليل براءة قوي للعامل انه مكانش موجود ساعة الجريمة
أسامة _وكمان فعلا ممكن ميكونش في شاي ف المكتب علشان كده خرج يشتري من برا
أميرة _وده اللي أنا عايزه اوصله ... ومتأكدة أن لو الشرطة راحت تتحقق من وجود الشاي مش هتلاقيه
نظرا اليها باستغراب من كلامها المتناقض
فقالت _بس هتلاقيه في سلة الزبالة ممكن او برا تحت الشباك
عادل_ايه اللي يخليكِ متأكدة كدا...ما يمكن حد تاني
أميرة_ايه اللي يخلي العامل يشك أن المأذون اتقتل ..ما يمكن تعبان وجلته ازمة تنفسية ومات وخاصة أن الكرفاتة مكانتش على رقبة ولا حاجة لأن أسامة كان فكها، ومكانش فيه أثار دم على جسم القتيل
اتسعت عيني عادل باقتناع_ صدقي صح اللي بتقوليه.
أميرة _لو البوليس..حقق في علاقة المأذون بالعامل اكيد هيلاقوا دافع للقتل .
هتفت عادل بحماس _أنا هتصل بالمحامي ابلغه باللي اتوصلنا ليه ده
هتفت أميرة_بس برجاء يكون بسرية تامة علشان العامل مياخدش باله ..فيتصرف بحرية.
نظر أسامة إلى أميرة بامتنان واستسلام_ شكرا يا أميرة .أنا ممتن ليكي جدا.. وحتى لو مطلعتش منها.. أنا مبسوط ..كفاية إني شايف إهتمامك الكبير بقضيتي.
تضايقت أميرة من نبرة اليأس التي تختال من بين كلماته_ممكن مشوفتش نبرة اليأس والاستلام دي تاني
صمت أسامة مخفضا رأسه فما زال موقفه في القضية صعب حتى بعد احتمالاتها
لتردف هي بحزن_أسامة أنا جربت اليأس والاستلام لاربع سنين ضيعتهم من عمري هباء...فضلت حابسة روحي ومانعة عن نفسي الخروج وحتى العلاج ..كنت مستسلمة تماما، لدرجة إني كان ممكن أموت من الاكتئاب في أي لحظة ...عشت لحظات مرة ..محبش لحد انه يجربها...علشان كده مش عايزة اشوفك يائس ..حاول وعافر وخلي عندك أمل في ربنا،
ربنا قال في الحديث القدسي" : أنا عند ظن عبدي بي؛ إن خيرا فخير وإن شرا فشر".
ابتسم أسامة وقال بنبرة واثقة في الله تعالى_ونعم بالله ..جزاك الله خيرا يا أميرة.
هتفت أميرة بهدوء _ هتطلع منها أنا على يقين بده وقريب أن شاء الله
أسامة _إن شاء الله
في هذه الاثناء،أعلن العكسري المشرف على الزيارة..إنتهاء الزيارة..ليودع أسامة بأمل كل من أميرة وعادل و بعدها يهتف أسامة لأميرة بصوت عالٍ_أميرة...انتظريني..هخرج قريب بإذن الله.. وهنتجوز علطول .
تخضب وجه أميرة بكسوة الخجل والحياء وسبقت أخيها في الخروج
_____
نهض رشاد واقفا ونادى بصوته الجهوري الخشن على الخادمة لتحضر شاهين من غرفته وما زاله أعينه لا تحيد عن أعين الصقر
جاء شاهين بصحبة الخادمة التي انصرفت على الفور بإشارة من رشاد
شاهين_نعم يا چدي.
نظر صقر لولده بلهفة كبيرة فها هو فلذة كبده أمام عينيه ويتمنى أن يضمه في عناق طويل بين ذراعيه لذا هتف مناديا _شاهيين
التفت شاهين للصوت الذي يناديه ،فقال مستغربا _مين ده يا چدي؟؟
هتفت صقر مسرعا فاتحا ذراعيه _أنا بابا يا حبيبي ...أنا صقر الزيني أبوك، تعالى
لوى شاهين ثغره ورمقه بنظرات كارهة وابتعد عنه واتجه صوت جده متشبث بثيابه_جدي إيه اللي جاب الراجل ده هنا..خليه يمشي .
وضعت مودة يدها على وجهها فهذا ما كانت تخشاه
لينظر لها صقر بإستغراب ويبادل نظراته بينها وبين ابنه ويقول بتعجب_في إيه!!!.... شاهين... أنا أبوك.. أنا عارف إنك مش عارفني ..بس أنا أبوك يا حبيبي ومن النهاردة مش هنتفرق تاني أبدا
ليصرخ به شاهين بعصبية رغم صغر سنه_ إمشي من هنا .. أنا مش بحبك ..انت راجل شرير.. إمشي وسيب ماما في حالها.
فتح صقر فمه على وسعه فما الذي يقوله صغيره الذي يراه لأول مرة
لتهتف مودة ببكاء _شاهين ...ده بابا يا حبيبي وبيحبك...وصقر مش شرير أبدا ده أطيب واحد في الدنيا
هز شاهين رأسه بعدم اقتناع_لا..ده بيضحك عليكي أنا عارف...أنا بكرهه
نظر صقر لذلك الذي ينظر لشاهين بفرحة كبيرة ويرمق الصقر بنظرات شماته ليصيح به هادرا بانفعال_ودي لعبة جديدة من ألاعيبك يا رشاد ..بتكره ابني فيا حتى من قبل ما بشوفني!!!
قابل رشاد حدته بحدة مماثلة_اتكلم كويس مع عمك يا صقر
هتفت صقر بتهكم_مش لما يبقى عمي ...يراعي إني ابن أخوه
ليصيح به رشاد بنرفزة شديدة _وانت مراعتش انى عمك لما بلغت فيا البوليس ليه زمان!!!
رفع صقر حاجبيه _بتردهالي بقا يا رشاد يا زيني
رفع رشاد سبابته ليقول بتحذير_لأخر مرة يا صقر هجولك...إلزم حدودك معاي.
هتف به بغضب_الحدود دي انت اللي اتحديتها باللي عملته ده وصدقنى فتحت على نفسك نار جهنم إنت مش قدها.
_عم بتهددني في مطرحي يا صقر والله عال... أنا لو طلعت مسدسي وفرغته فيك دلوك يبجي مفيش لوم عليا.
فتح صقر ذراعيه أمام عمه بدون خوف وقال بثبات_وانا قدامك اهو يا رشاد..اقتلني لو عايز....أنا مش خايف منك .
لتصرخ مودة بخوف على زوجها وتحاول خفض يده _لا يا صقر ..ارجوك لا.
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
