لا تتحدي الصقر ج2
بقلم أسماء_عبد_الهادي
الفصل السادس والعشرون
أحست ان أبيها يضيق الحصار عليها وربما اكتشف هو ما فعلته.. فازداد توترها وتصببت عرقا, ووقفت محلها تزدري ريقها في خوف مما قد يفعله والدها بها .
أعاد كلماته على مسامعها محتفظا بتلك النظرة المظلمة القاسية والتي تدب الرعب في أوصالها- جلتلك وريهالي.
تقدمت تجر قدميها نحو غرفتها ببطىء تفكر كيف ستخرج من هذه الورطة, تعرف انها هالكة لا محالة, فوالدها لن يرحمها هي تعرف هذا.
تقدمت إلى أحد الادراج التي تضع بها أشياءها الخاصة وبدأت في رحلة البحث المزيفة؛ فهي قررت ان تدعي انها فقدتها ولا تعرف أين هي .
وقبل ان تقول شيئا وجدت أبيها يقف لها أمام باب غرفتها ويقول بصوت متهكم- ملجيهاش ولا إيه؟
عضت على شفتيها بخوف فهي في موقف تُحسد عليه وهتفت دون ان تنظر لأبيها خوفا من ردة فعله متظاهرة بانها مازالت تبحث- لا.. مش عارفة راحت فين .. كانت موجودة هنا
سمعت خطوات نعاله تقترب منها, حتى باتت خلفها مباشرة , لتنتفض هي اكثر في مكانها, وتسمعه يقول بهمس اشبه بالفحيح- عارفة لو طلع اللي في دماغي صوح يا مودة وعصيتي كلامي ,هيبجى وجعتك هباب.
أغمضت أعينها في خوف ولم تستطع النطق ببنت شفة, ووقفت محلها دون حراك... حتى سمعت خطواته تبتعد مغادرة لغرفتها.. فتنفست الصعداء ..ووضعت يدها على وجهها تهدأ
من روعها...فقلبها كاد يخرج من مكانه من فرط خوفها الذي سببه لها والدها...فما كان منها الا انها هوت على فراشها تبكي ..تضع يدها موضع سوارها وتقول بحرقة- تعالى بقى يا صقر مبقتش قادرة اتحمل أكتر من كده.
---------------------------
خرج الى حيث يجلس شاهين وقال بلهجته الآمرة التي اعتاد عليها شاهين- شاهين مفيش خروج الأيام دي من البيت الا بإذني ... وانا اللي هحدد تروح فين وتاجي منين ..مفهوم؟
أصيب شاهين بخيبة أمل فهو كان يود الخروج واللعب مع مودي لكنه لم يستطع ان يفصح عن ذلك لجده فأجاب بقلة حيلة- ماشي ياجدي... بس انا هفضل كده في البيت طول اليوم؟
أشار رشاد إلى تلك الدراجة بالخارج في الحديقة الصغيرة الملحقة بالبيت- عندك العجلة أهي العب بيها لحد ما أعاود العصر أخدك معاي
زفر شاهين بضيق-طيب.
-----------------------------------
ذهب مع ابنته الى حيث الشجرة الكبيرة في ارض والده ينتظران مجيء شاهين.. انتظراه طويلا لكنه لم يفعل.
انحنى صقر بجذعه ليسأل ابنته- مودي.. انتي مش بتقولي انك بتلعبي مع شاهين كل يوم هنا؟
حرك رأسها بإيجاب- يس بابي.. شاهين بيجي هنا كل يوم ونلعب مع بعض
مسح صقر على شعره بعدم صبر- طب هوا فين ..الساعة بقت اتنين وملوش أثر
مودي بحزن فهي كانت تريد ان تلعب معاه اليوم – مش عارفة ...أول مرة ميجيش ..انا كنت عايزة ألعب معاه.
ضم صقر قبضته بقوة ونظر لبلال- وبعدين يا بلال.. الولد مجاش ليه؟.. الحل ايه دلوقتي؟
-اهدى يا صقر هنستنى شوية ولو مجاش , هنيجي ننتظره بكرة يمكن يجي.
اتجه صقر نحو سيارته – لا انا مش هقدر اتحمل .. انا رايح ادور عليه في كل مكان.. خد مودي روحها البيت.
قرب بلال مودي يضمها اليه وهو ينظر للغبار الذي خلّفه صقر بسيارته نتيجة سرعته العالية- ربنا يريح بالك يا صاحبي وتطلع مودة فعلا عايشة.
----------------------------
في المساء
عاد صقر مرهقا تعبا بعد بحثه طيلة اليوم ولا فائدة ،لا أثر لشاهين في أي مكان... كان صقر في اشد حالات غضبه وتيهه ايضا لدرجة انه لا يستمع لمن يحدثه ففكره وعقله منشغل كليتا بزوجته وابنه.
أشفقت عليه ياسمينا كثيرا وودت لو استطاعت مساعدته ..لكنها تجهل كيف ذلك.
جلس بلال جواره ليخبره بأن فريق الرجال الذين ارسلوهم لمراقبة جمال وبدير قد فقدوا اثرهم ثانية ...انتبه صقر لما يقوله بلال... فنظر له نظرة عميقة مظلمة بتحدٍ واضح فعلى ما يبدو انه يفكر في شىء ما - هو رشاد مفيش غيره .. لو وصلتله هقدر اوصل لمودة وشاهين .
------------------------------------
في احد المطاعم التي اعتاد ايمن ان يكون فيها برفقة زميلته قمر ...فوجدته حزينا على غير عادته ويبدو شاردا
تحدثت بلهفتها المصطنعة دائما فهي عادة ما تتصنع الاهتمام لأمره- في ايه مالك يا ايمن .. شكلك بيقول متضايق من حاجة .
تنهد ايمن دون ان يُجيب وادعى انه منشغل بالقهوة في يده يرتشف منها .
فكررت قمر سؤالها- ايمن انا بكلمك.. انت اتخانقت كالعادة مع هنا ؟.. انا عارفة انها هتفضل طول عمرها منكدة عليك كده ..انت لازم تشوفلك حل في الموضوع ده يا ايمن ..انت متستحقش منها كده ابدا.. مش عارفة هيه متفرعنة عليك على ايه؟
نظر اليها ايمن نظرة مطولة وعلى ما يبدو انه يفكر في كلامها على محمل الجد- صحيح انا لازم اعمل حاجة انا زهقت من تصرفاتها الطايشة دي.
فرحت قمر بكلامه وعلمت انها اخيرا استطاعت ان تربح خطوة ايجابية لصالحها فها هو بدأ ينزعج من تصرفات زوجته, وربما يفكر في تطليقها او يفكر في الزواج بأخرى وستكون هي بلا ادنى شك
فابتسمت له ببسمة حالمة فها هي ما تفكر فيه منذ سنوات سيتحقق اخيرا فلقد تعبت كثيرا للوصول لهذه المرحلة, فهي كثيرا ما لمّحت له لكنه كان يدعي الغباء, فقالت بفرحة فشلت في اخفاءها- صح كده اخيرا هتاخد خطوة ايجابية ... ها قولي هتعمل ايه؟
اجابها وهو ينظر لصورة ابنته في شاشة هاتفه باشتياق بالغ لها ولأمها- هروحلها اتكلم معاها يا قمر ...لازم نحط النقط على الحروف
اندهشت هي من كلامه لم يكن هذا ما تنتظره من رد لكنها ادعت الضجر من ترك هنا للمنزل .. رغم انها سعيدة بهذا الخبر جدا - هيه بردو سابتلك البيت كالعادة زي كل مرة ... طيب ليه مقلتليش يا ايمن ... طيب بتاكل فين ... ومين بيعملك اللي تحتاجه .. لا انت غلطان .. من بكرة هعملك بنفسي الاكل اللي بتحبه .
نهض من مكانه يضع هاتفه في يده وهو يقول باعتذار- معلش يا قمر انا مضطر امشي ... مش هقدر اسمع مشكلتك النهاردة .. دماغي مش معايا .. انا اسف
ابتسمت له بخفوت- لا ولا يهمك.. اهم حاجة انت يا ايمن.. بس قولي رايح فين؟
ايمن بتهرب – سلام يا قمر سلام
تابعته قمر بغيظ شديد وهي تعلم انه سوف يذهب لزوجته وربما يحن لها فيصالحها ويعيدها لمنزلهم , اخذت تقضم في
اظافرها بغيظ فكم حاولت كثيرا إغراء ايمن بشتى الطرق حتى ما أحست منه باليأس لعدم رضوخه لها..قررت سلك مسلك آخر وهو ان تدعي ان لديها مشكلة ما, وتريد من ايمن
ان يحلها لها وبالفعل انطالت على ايمن الحيلة وبدأ في مقابلتها بغية مساعدتها لا اكثر .. لكنها كانت تستغل الفرصة لتقربه منها لكنها لم تجد منه سوى الصد ..والحفاظ على قلبه وبيته لأقصى حد .. واحيانا تجده بدا يميل لها لكنه سرعان ما يعود ويثبت مرة اخرى .
لذا حملت حقيبتها بغضب وغادرت المطعم تلعن هنا ووقوفها في طريقها كل مرة .
عجبا لأولائك البشر اشباه الشياطين ..اتريدين ان تفسدي على الرجل دينه وتفرقينه بينه وبين زوجه.. وتهدمين بيته ...وما ان تفشلى في ذلك ..وبعد محاولاتك المستميتة...تلومين زوجته لوقوفها في طريقك الشيطاني الخبيث؟
-------------------------------
🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱أسماء عبد الهادي🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
في اليوم التالي
ذهب صقر بصحبة الاطفال إلى حيث الشجرة يبحث عن شاهين لكنه لم يأتي أيضا
فحزنت مودي كثيرا فلقد كانت تود اللعب مع شاهين فلعبه مسلي جدا
عمل يحيى على التخفيف عن مودي فهو لا يحب أن يراها حزينة .
هتف صقر بغضب_الموضوع ده أكيد مقصود ..الولد كان علطول بيجي يلعب مع مودي ويحيى ..ليه فجاءة مبقاش يجي ؟؟
حك بلال ذقنه _يمكن مودة كانت بتبعته علشان يوصل الانسيال وخلاص وصلنا...ويمكن رشاد اكتشف مثلا اللي مودة عملته فمنع الولد من إنه يجي علشان منوصلوش
اشتعل صقر غضبا حتى أصبح وجهه ككتلة نار ستنفجر في أي لحظة _ بقى عمي رشاد يعمل فيا كدا...وربنا ما هرحمه على اللي عمله أبدا .
وجده بلال يتجه نحو سيارته فهتف _صقر طيب استنى اودي الولاد لعمي أحمد واجي معاك .
لكن الصقر انطلق بسيارته بحثا عن اي خيط يوصله لزوجته وابنه او حتى رشاد الزيني (عمه).
_____
أخذت تسأل مريم ورباب بإهتمام عن ذلك الرجل المدعو رشاد وتعرف المزيد من الاخبار عنه علها تستطيع أن تساعد الصقر في للعثور عليه
رباب_رشاد يبجى عم صقر ... كان كَبير العيلة ..والآمر الناهي في البيت ومش بس كده لا ده كان كَبير النجع كَمان .
مريم _ابيه صقر ..كان بيحبه جدا وكان بيعتبره مثله الأعلى ...وكان دايما دراعه اليمين في كل حاجة ...ده حتى عمي رشاد كان عايز ابيه صقر يكون العمدة من بعده مش عمي أحمد ولا بابا الله يرحمه
استغربت ياسمينا ما تسمعه ، اذا لم يفعل هذا بالصقر رغم تعلقهم الشديد ببعضهم ...اذا هناك حلقة مفقودة
لذا هتفت بتساؤل_ طيب هو فين دلوقتي..وليه صقر طالما كان متعلق بيه كدا ..ساب هنا وجه على القاهرة ...معقوله رشاد زعل من صقر علشان مشي وسابه !!!
تنهدت رباب وقالت وهي تتذكر تلك الايام_في حاچات يا بنتي افضل اننا منقلبش فيها كَتير... بس اللي ممكن اجولهولك أن صقر مسابش الصعيد الا بعد ما عمه دخل السجن.
رفعت ياسمينا حاجبيها _دخل السجن!!! ..ليه!!
اخفضت مريم رأسها بحزن فهي لا تعرف السبب حتى الان فصقر لم يفصح لهم بشىء_
السؤال ده تسأليه لأبيه صقر... لأنه هو اللي بلغ عنه.
اتسعت عينا ياسمينا بصدمة_صقر بلغ عن عمه ..طيب ليه هو عمل حاجة تستاهل انه يدخله السجن!!!
تنهدت رباب _أكيد يا بنتي... صقر ولدي مش هيعمل كده من الباب للطاج ..وخصوصا زي ما بنجولك أن صقر كان بيحب عمه رشاد فوج ما تتصوري
ياسمينا بضيق _ ازاي بيحبه وبلغ عنه اكيد ده اللي خلى رشاد عايز ينتقم من صقر وعمل اللي عمله مع مودة
أجفلت رباب مكانها _معجول يا بنتي اللي بتجوليه ده ... رشاد لو جلب على صقر ممكن يجتله ...رشاد طول عمره شَديد ...ربنا يسترها عليك يا ولدي
خافت كل من مريم وياسمينا على صقر ايضا وجلسن جميعهن ينتظرن عودته بترقب
وبمجرد عودته ...ركضت ياسمينا نحو بلهفة ووضعت يدها على كتفته بتلقائيه _صقر ...أر يو أوك ؟؟
أزاح صقر يدها بعصبية كمن لسعته عقرب وهدر بها بغضب عارم _انتي اتجننتي إزاي تحطي ايدك عليا بالشكل ده نسيتي نفسك ولا إيه!!
ارتبكت ياسمينا وشعرت بالخجل فهي وضعتها بعفوية شديدة_أيام سوري صقر ..مش قصدي
حاولت أمه الدفاع عنها فلا مبرر لهجومه ذاك ،فاقتربت منها محيطة اياها بذراعها_ياسمينا متجصدش حاجة ياصقر... هيه غرضها تتطمن عليك ...بعدين انت ناسي انها مرتك ولا إيه يعني معملتش حاجة غلط .
هدر صقر بهجوم لازع فلقد ظن انها تفعل هذا لتأخذ مكان مودته _لا مش مراتي وميشرفنيش انها تكون مراتي أبدا ... أنا متجوزتش غير مودة وبس ومش هتجوز غيرها .
ثم نظر الى ياسمينا بازدراء _فبطلي بقا ألاعيبك الرخيصة دي.
حزنت رباب ومريم مما سمعوه من صقر ،هما تعرفان ما يمر به الان وربما قال ذلك بدون وعي منه ،لكن ما ذنب هذه المسكينة أن تسمع تلك الكلمات المهينة
وصلت ياسمينا لاقصي حالاتها من التحمل فصرخت فيه بغضب_ذاتس إنف(كده كفاية) أنا مش هتحمل إهانتك ليا بعد النهاردة ..انت انسان مستفز ولا يطاق أبداً... أنا راجعة القاهرة لدادي وهآخد بنتي معايا سواء....
أمسكها صقر من خصلات شعرها بقوة _تأخدي مين !!!! سمعيني تاني كدا ...طب قسما بالله ما انتي ماشية من هنا أصلا إلا بمزاجي ولو شفت رجلك خطت عتبة البيت ده لهولع فيكي
حاولت ياسمينا تخليص شعرها من براثن قبضة الصقر_ سيب شعري ..انت بجد مونستر(وحش) مش انسان .
عملت رباب ومريم على تخليص ياسمينا من قبضته ،ففعلتا بصعوبة شديدة وأشارت رباب لمريم بأن تأخذ ياسمينا لأعلى حتى يهدأ الصقر
قالت رباب بعتاب لابنها_ميصحش اللي عملت ببنت الناس ده يا ولدي ..انت عمرك ما كنت كدا ..ولا عمرك مديت يدك على بنت ابدا حتى لو كانت غلطانة ..چرالك إيه يا ابن بطني
أجابها صقر وهو يشعر أنه مغيب ،ينظر للفراغ_هو اللي خلاني كده ..مُصر انه يخرج الوحش اللي جوايا ...حظها بقى..محدش قالها تقف قدامي .
حركت رباب رأسها بعتاب _لاه يا ولدي ..انت غلطت بحقها ولازمن اراضيها.
صقر_أراضي مين يا أمي ..دي بتقول هتأخد بنتي وتمشي... هيه مش شايفة إني مش عارف اوصل لمراتي وابني اللي مفكرهم طول السنين دي كلها تحت التراب ...مش
حاسة بالألم اللي أنا فيه ..عايزة تكمل عليا وتاخد بنتي... سابولي أنا إيه ...مراتي وابني وبنتي ..وأنا إيه ..ردي عليا يا أمي ... رشاد بيعمل فيا كده ليه عيشني في وهم طول السنين اللي فاتت
دي كلها ليه ... فضلت اتعذب ببعدها عني وفي الاخر اكتشف انها ممكن تكون عايشة ودي لعبة حقيرة من رشاد ..علشان إيه!!!.... مفكروش فيا أنا بيجرالي إيه .. أنا اللي كنت عايش
أيامي بعِدها علشان تعدي وخلاص يمكن أحصلها وارتاح .فكروا فيا ولو للحظة واحدة ..حسوا بالنار اللي بتقطع جوايا ..انا واقف مش حاسس بنفسي واقف على شعرة واحدة ممكن
تتقطع في أي لحظة لو اكتشفت أن أملي بأن مودة عايشة طلع سراب هوا كمان ...أنا ممكن أموت يا أمي ..مش هتحمل خسارتها مرة تانية ..أنا تعبان يا أمي ..تعبان أوي
بكت رباب من اجل ولدها وما يمر به ومدت يدها تحيطه بذراعيها تضمه اليها بحنان،ولأول مرة منذ فترة طويلة يسمح صقر لنفسه بأن يرى أحدهم دموعه وضعفه ، لكنه لم يعد
يتحمل ..بحاجة حقيقيه لمن يربت على كتفه..بحاجة لأن يخرج ما يعتلى بصدره من حزن وألم عله يرتاح ولو قليلا
استكان الصقر بين يده أمه ، (فهما كبرنا في العمر لن نستغني أبدا عن تلك اليد الحانية التي تحتوي وتعطي حبا دون مقابل ..حبا غير مشروط ..حبا يسع العالم بأكمله ويفيض
بارك الله في أمهاتنا وآباءنا ورحم من مات منهم رحمة واسعة)
لكنه فجأة جال بخاطره فكرة ، فانسل من بين يدي والدته بسرعة منطلقا نحو سيارته ينظر أمامه بنظرات من جحيم
وكأنه تحول الى شخص آخر غير الذي كان عليه ..شخص لا تعرف الرحمة طريقا لقلبه ،، فهو يشتع بنيران الانتقام تتأجج بداخله ستحرق من يطالها واحدا تلو الآخر.
___
صعدت بالاعلى تصرخ بانفعال زائد ...تحطم كل شىء في غرفة الصقر وكأنها تتخيله أمامها فتحطمه هو ..تنتقم لنفسها ولكرامتها التي أهانها للتو ولم يفعل احد هذا معها من قبل ..
لامت قلبها انه لان له وأحست بالاعجاب تجاهه فما هو سوى شخص عصبي متقلب المزاج حاد الطباع تماما كما كانت تتصور في عقلها عن شخصية أي زوج لذا كانت تكره الزواج.
حاولت مريم تهدئتها لكنها فشلت ولم تهدأ ياسمينا الا عندما دخلت ابنتها الغرفة وفوجئت بمنظر الغرفة المبعثر وهيئة امها الثائرة فهتفت بتعجب_مامي!!! ايه اللي بيحصل هنا
لم ترد ياسمينا أن تراها ابنتها على هذا الحال فهي تحاول أن تربي في ابنتها الشخصية السوية ..لذا حاولت ضبط اتفعالاتها فأخذت نفسا عميقا ثم حاولت ان تبتسم لابنتها_نا ثينج (مفيش حاجه) يا مودي ..بليز العبي مع يحيى دلوقتي
انصاعت مودي لأوامر امها وغادرت الغرفة بهدوء ،لتجلس ياسمينا بضيق على طرف الفراش
وقفت مريم تعيد الأشياء الى مكانها وتأخذ المحطم منه تلقيه في سلة المهملات وما إن انتهت حتى اقتربت من ياسمينا _معلش يا ياسمينا..ابيه صقر لما بيتعصب بيكون حد تاني خالص
هتفت ياسمينا بحنق _ اه
يهيني ويغلط فيا وبعدها معلش اصلي مكنتش في حالتي الطبيعية... نوو سوري ..الاسلوب ده مرفوض وأنا مش هعدي اللي عمله ده .
تنهدت مريم باستياء وضمت شفتيها بقلة حيلة،فهي تعلم كم أن ياسمينا عنيدة إلى اقصى درجة ،لذا دعت ربها ألا يحدث ما تندم هي عليه..فالصقر قد تحول للأسوء ولا يمكن التنبؤ بما سيفعله
______
هاج وماج وهتف غاضبا لأول مرة في والد زوجته _يعني إيه مش عايزة تقابلني... قلت هتكلم معاها بهدوء...هنحط النقط ع الحروف ..ما هو مش معقول هفضل كده مش فاهم في إيه ..الدلع ده أنا مبقتش متحمله
ثم نادى بأعلى صوته كي تسمعه_ وقسما بالله لو ما طلعتيش دلوقتى ياهنا ورجعنا على بيتنا صفينا حسابنا هناك لأكون...
وضع والد هنا يده على فم ايمن مخافة من أن يطلق ابنته في لحظة غضب _استني يا بني متقولهاش ...انت دلوقتي متعصب ومش عارف بتقول ايه ..فكر في بنتك وفي بيتك .
زفر أيمن بغضب شديد ورحل من المنزل بدون أن يتفوه بكلمة وما إن وقف أمام سيارته حتى أخرج هاتفه بلقد نوى على ما كان يبعده عن تفكيره نهائيا لكن بغباء هنا سيفعله وسيتزوج بقمر عله يرتاح فكم توددت إليه قمر وكم لمحت له لأن يفعلها ولربما حان أوانه ..انتظر حتى أجابت قمر ليقول بجدية _قمر عايز أقابلك ضروري في حاجة مهمة لازم أقولهالك ...
_ ماشي ..بكرة بعد الشغل كويس ..سلام.
______
وجده يقتحم المنزل بطلته التي اكست بالقسوة ، مناديا عليه بأعلى صوته، بنبرة غاضبة متوعدة_إظهر يا رشاد يا زيني أنا عارف ومتأكد إنك هنا
هبط الدرج بغضب شديد رامقا الصقر بنظرات مظلمة كارهة_انت ازاي تتچرأ وتدخل هنا من غير إذنى... والحمير اللي برا إزاي يسمحوا أن تدخل من غير إذنى
ابتسم الصقر له بسخرية_لا ما هما فعلا رفضوا ..بس محدش يقدر يقف قصاد الصقر
هبط رشاد أخر الدرج ليقف مواجها للصقر ويقول بتهكم _لا والله كبرت وبجي ليك عين تجف جصادي وتتحداني عيني عينك
ثبت الصقر نظراته الواثقة المتوعدة في أعين عمه والذي يقابله الثاني بأخرى مماثلة لها في الشدة وكأنهما يتحديان بعضهما البعض بأسلوب خاص بهما_ لا وبقى ليه مخالب كمان ..وهتنقض على أي حد يمس اللي يخصه.
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
