أخر الاخبار

رواية حبه عنيف الفصل الرابع والخامس بقلم ضي القمر


 #حبه_عنيف 

#الفصل_الرابع والخامس

بقلم ضي القمر


  🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

                                        


حاولت ماهيتاب إخفاء توترها و خوفها لكي لا تكشف...تطلعت إلى ياسمين بحقد دفين محدثة نفسها أنها تستحق.

- شوف شغلك يا سليم.

قال ضرغام هذه الجملة و هي يتأمل وجوه الحاضرين بدقة.


                      


و فورًا فتح سليم جهاز الحاسوب الذي كان أمامه ليبحث في تسجيلات كاميرات المراقبة.

تطلع ضرغام إلى وجوه الحاضرين بتعمن...توقفت عيناه عند ماهيتاب بتركيز...لماذا مستحضرات تجميلها تبدو رطبة هكذا و كأنها ذابت من حرارة الجو؟...مع العلم أن الغرفة تحتوي على مكيف.


                      


قال ضرغام مثيتًا نظراته على ماهيتاب:

- سليم..سيبك من الكاميرا إللي ورا المكتب...ركز على الكاميرا إللي في الوش إللي ركبناها جديد.

شحب وجه ماهيتاب أكثر و هي تحاول كبت توترها و لم تغفل عينا ضرغام عن ذلك بالطبع.


                      


ابتسم بسخرية معطيًا ياسمين جميع الملفات قائلًا لها:

- ملفك واحد من دول يا دكتورة...دوري عليه و هتلاقيه.

تناولت ياسمين الملفات بتعجب و بدأت في البحث بينما قال ضرغام:

- لقيت حاجة يا سليم؟


                      


أجابه سليم بتركيز:

- لسة.

قالت ياسمين بدهشة ما إن وجدت ملفها:

- دا هنا فعلًا!

التفت لها ضرغام قائلًا:

- عندي فضول أعرف إية إللي جوا الملف يخلي واحد من زمايلك يسرقه؟


                      


قالت ياسمين بدهشة:

- واحد من زمايلي؟!

أومأ لها ضرغام قائلًا:

- أيوة...أنا مكانش عندي أي شك إنه يكون إتسرق من قِبل أي شركة منافسة..لإنهم ببساطة ميعرفوش إحنا هنختار أهني مشروع من دول.


                      


أكمل و هو ينظر إلى وجوه الحاضرين:

- و طبعًا طالما السرقة مش من برا الشركة يبقى من جواها..و المتهم الأول الدكاترة المطلوبين في المشروع دا..هم الوحدين إللي ليهم مصلحة في سرقته.

احتقن وجه ياسمين و هي تنظر إلى زملائها بحيرة..ترى من السارق؟


                      


أمسك ضرغام بواحد من الملفات قائلًا:

- بتاع مين الملف دا؟

أجابه أحد الأطباء بأن الملف له فأعطاه إليه ثم كرر الفعلة فكان الملف لسلمى.

أدركت ماهيتاب ما يحاول القيام به...هو يعطي كل ملف لصاحبه و من سيبقى دون ملف يكون هو السارق بالتأكيد.


                      


جاء دور آخر ملف و قد ازداد توترها..نظرت إلى الملف بيد ضرغام..إن غلافه يشبه غلاف ملفها الأساسي.

سأل ضرغام عن صاحب الملف فقالت هي و موظفة أخرى في نفس الوقت:

- أنا.


                      


نظر ضرغام إليهما بتمعن قائلًا:

- واحدة منكوا هي إللي سرقت الملف.

توترت الموظفة الأخرى أيضًا مما وقعت به قائلة بتلعثم:

- مش أنا...أنا مسرقتش حاجة.

- هيبان.


                      


نهض سليم فجأة و قام بتشغيل فيديو ما على الشاشة الكبيرة التي تتوسط غرفة الإجتماعات.

بهت وجه ماهيتاب بالكامل و قد شحب أكثر بينما ظهرت علامات الدهشة على ياسمين و باقي الموظفين مسائلين عن ذلك الدافع الذي يجعل ماهيتاب تقوم بفعل كهذا...فقد أظهر الفيديو سرقتها للملف بوضوح تام.


                                  


                    


قال ضرغام بملامح جامدة و همس مخيف و هو يعطي مفتاح الغرفة لسليم:

- سيبلي ماهيتاب و ياسمين و سلمى و خرج الباقي.

خرج المظفون مذهولين مما حدث بينما ظل في الغرفة ضرغام و ياسمين و سلمى و سليم و ماهيتاب بالطبع.


قال ضرغام و مازالت ملامحه على جمودها:

- مكونتيش محتاجة الملف بتاع الدكتورة ياسمين علشان تثبتي كفائتك...لو مكانش عندك كفاءة مكونتش هتبقي من الدكاترة المطلوبين للمشروع دا.

ابتسمت ماهيتاب بسخرية و حقد دفين قائلة:

- أنا معملتش كدا علشان الشغل.


كانت ياسمين من وجه السؤال هذه المرة قائلة بحيرة:

- أومال لية عملتي كدا؟

- علشان خطيبي إللي خطفتيه مني.

خرجت شهقة متفاجأة من سلمى بينما تجمدت ملامح ياسمين بصدمة.


تقلصت ملامح ضرغام بغضب بينما غرق سليم في الحيرة...هل تراهم خُدعوا في شخصية ياسمين؟

قالت ياسمين بصوت خافت مصدومة:

- أنا خطفت منك خطيبك؟

أجابت ماهيتاب بعدوانية:

- أيوة...خطفتيه و إنتي مش حاسة.


هزت ياسمين رأسها يمينًا و يسارًا رافضة حديثها فقالت ماهيتاب:

- علاقتنا كانت تكاد تكون مثالية لحد ما ظهرتي إنتي من سنة..بدأت أحواله تتغير واحدة واحدة..بدأ إهتمامه بيا يقل تدريجيًا و طبعًا كان بيتحجج بالشغل..بس أنا طبعًا لاحيظت إن عينه عليكي.


أكملت بصوت كان الحقد به جليًا:

- وقتها قررت أواجهه باللي هو فيه...عارفة قالي إية؟..قالي إنه بالفعل معجب بيكي..دا لو مكانش بيحبك..و إن الأحسن إننا ننفصل بهدوء و دا إللي حصل فعلًا.

بدأت الدموع في التجمع في عينيها بينما تجمعت في عيني ياسمين أيضًا عندما قالت بصوت متحشرج:


- بس أنا منستهوش..أنا كنت بحبه و مازلت بحبه.

أخذت نفس عميق و قد كبحت دموعها قائلة بحقد:

- و هو ولا فكر فيا...و عرفت إنه إتقدملك من إسبوعين و إنتي رفضتيه...و لما روحت عرضت عليه نرجع لبعض رفض..قالي إنه مش هيستسلم و هيحسن من نفسه علشان يكون زي ما إنتي عايزة و هيتقدملك تاني و تالت و رابع و عاشر لحد ما توافقي عليه.


بدأ صوتها يعلو و هي تصيح:

- و في المرة دي قالي إنه بيحبك..و لما سألته لية..قالي إنك محترمة..لبسك محتشم..رقيقة..مش مصطنعة..شايف فيكي البنت إللي هتصون اسمه و شرفه.

أكملت و هي تنظر إلى ياسمين و كأنها تريد إفتراسها:


- ساعتها قولتله إني مستعدة إني أكون زي ما هو عايز..هكون زيك...هلبس الحجاب و لبس محتشم..و مش هحط ميكب خالص..هكون رقيقة..خجولة..و مش هيكون ليا أي كلام مع أي راجل حتى لو كلام عادي و مفيهوش حاجة...بس عارفة قالي إية وقتها؟


قالت بسخرية و هي مازالت تنظر إلى ياسمين بتلك النظرة المتوحشة:

- قالي مش بحب جمال الروح المصطنع...جوهر الشخصية لازم يكون حقيقي مش مزور.

أكملت من بين أسنانها:

- لسة شايفة إنك مخطفتهوش مني؟


            


                    


تدفقت دموع ياسمين بعنف قائلة بصوت متحشرج خافت:

- أنا مليش ذنب في دا.

صاحت ماهيتاب بأعلى صوت لديها:

- لا ليكي...إنتي....

لم تستطع إكمال حديثها عندما صاح ضرغام بغضب و هو يضرب بيده على الطاولة بعنف و غضب:


- بس..ولا كلمة كمان.

التفت إلى سليم المدهوش قائلًا:

- سليم..دخل ضيوفنا يشوفوا شغلهم.

كانت ياسمين تبكي بشدة بينما تحاول سلمى تهدئتها.

تحرك سليم تجاه الباب فاتحًا إياه ليدلف أفراد من الشرطة جائوا للقبض على ماهيتاب.


كان سليم قد أبلغ الشرطة منذ أن عثر على دليل إدانة ماهيتاب بطلب من ضرغام ليقوموا باللازم..في النهاية لن يترك ضرغام شخص حاول سرقة ملف من إحدى شركاته و تسبب في دموع محبوبته.

أعطى ضرغام الضابط كارت حافظة صغير يحتوي على دليل الجريمة.


وضع العسكري الأصفاد بيد ماهيتاب جاذبين إياها إلى الخارج تحت صراخها المتوعد لياسمين.

نهضت ياسمين بثقل و عينيها تفيض بالدموع و ما إن تحركت حتى ترنحت قليلًا و أصبحت ترى العالم تشوشه نقاط سوداء.

أمسكت بها سلمى سريعًا قائلة:


- أقعدي يا ياسمين..إنتي مش شايفة أنا عارفة.

قالت ياسمين بصوت خافت:

- عايزة أمشي.

أجلستها سلمى بحذر...تعلم ماذا يحدث لها في مثل تلك المواقف.

اقترب ضرغام منهما قائلًا:


- هي مالها؟..في إية؟

أجابته سلمى و هي تخرج دواء ضغط الدم الذي لا يفارق ياسمين:

- هي بتتعب شوية في المواقف إللي زي دي.

بدأت سلمى تعطي الدواء لياسمين بينما حاول ضرغام كبت غضبه محدثًا نفسه أنه يكفي توصية منه للشرطة لتبقى ماهيتاب أطول فترة ممكنة في السجن.


ما إن تحسنت حالة ياسمين حتى نهضت هي و سلمى ليذهبا و لكن أوقفهما ضرغام قائلًا:

- آنسة ياسمين...إنتي أجازة بقية اليوم و بكرة كمان و بالنسبة لآنسة سلمى إنتي أجازة بقية اليوم علشان توصلي آنسة ياسمين.

- تمام.

قالتها سلمى بدون جدال قبل أن يخرجا.


راقبهما ضرغام محدثًا نفسه أنه أصاب عندما أبقى على سلمى معهم و لم يخرجها مع البقية..هو بالأساس أبقى عليها لشعوره بأن ياسمين ليست بخير و لكنه لم يتخل أن تسوء حالتها لهذه الدرجة.

التفت إلى سليم قائلًا:

- مالك ساكت خالص كدا لية؟


قال سليم بشرود:

- مزبهل!

نظر إليه ضرغام شذرًا فأكمل سليم و هو مازال لم يخرج من شروده:

- إزاي واحدة تقدر تأذي واحدة تكاد تكون ملاك زي ياسمين.

و لم ينته سليم أنه يمدح بحبيبته أمامه بل و لم ينتبه أيضًا أن هذه المرة الأولى التي ينطق بها باسمها.


نظر سليم إلى ضرغام عندما لم يتلقى منه إجابة.

اتسعت عينيه بوجل عندما أدرك ما فعل للتو فوجه ضرغام المحمر و عروقه البارزة بالإضافة إلى ملامحه التي أصبحت مخيفة من شدة غضبه جعلته يدرك فداحة ما فعل دون قصد بسبب شروده.

قال سليم بجدية متمنيًا أن يُحل الأمر ببساطة:

- مش قصدي و الله..مش قصدي.


            


                    


أكمل حديثه قائلًا بمزاح ليخفف من حدة الموقف:

- أكيد مش هبص للبنت إللي إنت بتحبها يعني..أولًا مش مستغني عن روحي..أنا لسة شاب و عايز أعيش..ثانيًا هي الدنيا ضيقة أوي كدا؟...ثالثًا الحب دا شئ مقزز أصلًا..أنا مش عايز أعيش إللي إنت بتعيشه دا..طب و الله صدق إللي قال السنجلة جنتلة..بص أنا عايش إزاي..برنس في نفسي مش مطمرمط زيك..بس تستاهل إنت إللي ورطت نفسك.


رفع ضرغام أحد حاجبيه و قد ضاع غضبه بين حديث سليم قائلًا:

- الحب شئ مقزز؟...و أنا إللي ورطت نفسي؟

أمومأ سليم بشدة قائلًا:

- أيوة..إنت إللي كنت بتقعد تبص عليها من مكتبك...بتبص عليها لية يا بابا؟..محدش قالك إن كدا عيب؟


قال ضرغام بسؤم:

- سليم..إطلع برا.

نهض سليم قائلًا بطاعة:

- حاضر.

كاد أن يغادر لكنه توقف قائلًا:

- بس أنا لفت نظري حاجة غريبة شوية...إللي إسمها سلمى دي إزاي شجاعة و حنينة في نفس الوقت؟


نظر إليه ضرغام بتعجب دون أن يجيب فقال سليم:

- إنت مشوفتش إزاي وقفت قدامك و قالتلك إن الملف إتسرق..مع إن صاحبة الشأن نفسها منطقتش...و في نفس الوقت شوفتها بتهدي صاحبتها إزاي بكل حنان..بجد حاجة غريبة.

- مفيش حاجة غريبة يا سليم..دا شئ طبيعي جدًا.


قال سليم بتعجب:

- إزاي يعني مفيش حاجة غريبة؟...إزاي واحدة تكون شجاعة و جريئة كدا و في نفس الوقت تكون حن...

قاطعه ضرغام بصياح:

- سليييييم..إطلع برا.

و ما كاد ينهي جملته حتى اختفى سليم من الغرفة فهو مازال لا يريد لوجهه الوسيم أن يتشوة.


●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


في اليوم التالي صباحًا.


اقترب محمد من ابنته التي ماتزال بصدمتها بما حدث بالأمس قائلًا بابتسامة:

- ياسمين...إنهارة أجازة أوعي تفوتي اليوم.

ابتسمت برقة قائلة:

- أكيد مش هفوت اليوم يا بابا...هروح إنهاردة عند خالتو..بقالي كتير مشوفتهاش.


ابتسم لها قائلًا:

- تمام...إبقي عدي عليا في الشركة و إنتي مروحة علشان نروح مع بعض.

- حاضر.

مسح على رأسها خاجًا من المنزل و قد عزم على تنفيذ ما برأسه..لن يتراجع أبدًا...يجب أن يعلم ماذا برأس ضرغام بالضبط بشأن ابنته.


●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


في شركة ضرغام.

السادسة مساءًا.


كان ضرغام جالسًا خلف مكتبه يتابع أعماله...ياسمين بعطلة عن العمل اليوم و لذلك لم يذهب إلى شركة الأدوية...نهض واقفًا أمام الحائط الزجاجي عندما دقت الساعة السادسة مساءًا...يعلم أنها لن تأتي و لكن أصبحت هذه عادة لا يمكنه التخلي عنها.

ضيق عينيه بتعجب عندما التقطت عيناه ياسمين التي تنتظر أباها بالأسفل...هل تراها ذهبت إلى الشركة رغم العطلة التي منحها إياها؟


لا يهم..المهم حقًا الآن أنه يجب أن يأخذ جرعته اليومية من تأملها فهو بالأساس كاد يجن لأنه لن يراها اليوم.

لو تعلم كم يحبها...لو تعلم كم يريدها إلى جواره الآن.

لو تعلم أن حياته أصبحت شديدة الصعوبة من دونها. فما يساعده على مرور أيامه هو أنه يراها يوميًا.


و في الخارج كاد محمد أن يذهب إلى ابنته و لكنه غير اتجاهه ذاهبًا إلى مكتب ضرغام و للعجب لم يجد السكرتيرة في مكانها المعتاد.

في الواقع ذلك من حسن حظه..الآن يستطيع أن يرى إن كان ضرغام يراقب ابنته عن قرب بدلًا من الأسفل كما خطط سابقًا.


طرق الباب بهدوء دالفًا إلى الداخل.

كان ضرغام يراقب ياسمين بعشق بين دوامة أفكاره..بالطبع لم يلتفت إلى الطارق فهو سليم بالتأكيد.

اقترب محمد منه بهدوء حتى أصبح ورائه مباشرة..نظر إلى ما ينظر إليه ضرغام...بالطبع لم تكن سوى ابنته الغالية التي تنتظره بالأسفل.


- سكوتك قلقني يا سليم...في مصيبة ولا إية؟

قالها ضرغام دون أن يلتفت..مازال يتأمل ابنته.

وضع محمد يده بشدة على كتف ضرغام الذي التفت بدهشة قائلًا بتساؤل:

- عم محمد؟...إنت دخلت هنا إزاي؟


ابتسم محمد بسخرية قائلًا:

- من الباب.

نظر إليه ضرغام بتمعن و قد أدرك أن محمد قد علم أنه كان ينظر إلى ابنته...هل تراه يعلم بالمرات السابقة أيضًا؟

- لية فكرتني سليم؟


قالها محمد بنظرات عدائية فأجاب ضرغام:

- علشان محدش بيدخل هنا في الوقت دا غير سليم.

- لية؟...ممنوع ولا إية؟

حاول ضرغام إنقاذ الموقف قائلًا:

- خير يا عم محمد...كنت عايز حاجة؟


ارتسمت تلك الإبتسامة الساخرة على وجه محمد مجددًا...لو أنه لم يمنع دلوف أي شخص إلى هنا في ذلك الوقت تحديدًا لأخبره بذلك بكل بساطة...لكنه قام بغير موضوع الحوار فاررًا من السؤال.

يبدو أنه يخصص ذلك الوقت لتأمل ابنته..و هو آخر من يعلم!


مد إليه يده بملف ما قائلًا:

- الملف دا..كنت مستعجل عليه.

تناول ضرغام منه الملف قائلًا:

- تمام.

استقبل هاتف محمد اتصال من ياسمين التي ملت من انتظاره بالأسفل فخرج سريعًا بينما تتابعه عينا ضرغام متمنيًا ألا يكون قد اكتشف أمره.


استدار ينظر عبر الحائط الزجاجي مجددًا فرأى محمد و هو يخرج من مبنى الشركة مصطحبًا ياسمين ليذهبا...و لكن رشق محمد ضرغام بنظرة عدائية متهِمة قبل أن يذهب بصحبة ياسمين التي لاحظت تعكر مزاج والدها.





حبه عنيف 

#الفصل_الخامس


    🥀🌹🥀🌹🥀🌹🥀🌹🥀🌹🥀                                      


منذ أن عاد محمد من عمله و رأسه لا يكف عن العمل.

ضرغام معجب بابنته إذن!...يا لهذه الورطة.

هو يخشى قوة ضرغام و خبثه...لا يعلم كيف من الممكن أن يتصرف إذا استعصى عليه شئ يريده.

هل تراه ينجذب للأشياء صعبة المنال؟...هل هذا ما جذبه إلى ابنته.


                      


تناول مسكن و هو يفرك جبهته من الألم بينما ربتت منيرة على كتفه قائلة:

- مالك يا محمد؟...من ساعة ما رجعت من الشغل و إنت باين عليك التعب كدا.

ابتسم لها ليطمئنها قائلًا:

- مفيش حاجة..مصدع بس.


                      


خرجت من الغرفة لتتفقد ابنتيها بينما تنهد هو تنهيدة مثقلة بالهم...لا يستطيع إخبارها بما يجول في خلده.

أيخبرها أن هناك شخص جبار مخيف ماكر مثل الثعلب حاد كالصقر شجاع كالأسد يسمى ضرغام فؤاد معجب بابنتها و لا يدري ماذا من الممكن أن يفعل حيال هذا؟!

ابتسم بسخرية متخيلًا ما سيحدث لقلبها الأمومي لو علمت.


                      


تحرك بثقل متجهًا نحو الشرفة فوجد ياسمين هناك تشرب القهوة المختلطة باللبن و تقرأ كتاب كما هي عادتها كل يوم.

اقترب منها مبتسمًا جالسًا إلى جوارها ثم ضمها إليه مقبلًا رأسها بحنان مفرط.

هناك خطب ما...هذا ما خطر ببال ياسمين بعد فعلة والدها.


                      


ابتسمت باتساع قائلة:

- متنساش ريم في نوبات الحنان دي عشان بتغير.

ضحك ملء فمه قبل أن تتلاشى ضحكته بين كلاماته التي خرجت بألم بيِّن:

- ربنا يخليكوا ليا...إنتو الحاجة الوحيدة إللي طلعت بيها من الدنيا.

لم تكن ياسمين بغافلة عن تلك التصرفات الغريبة...هي أكثر من يعرف والدها.

هو الآن على الأغلب يشعر بالخطر.


                      


قالت بقلق من حالته:

- مالك يا بابا؟

قرر الدخول في الموضوع مباشرة قائلًا:

- ياسمين..أنا عايزك تستقيلي.

- إية؟!

قالتها ياسمين بصدمة...فأمور عملها تسير على ما يرام بعد تخطي أمر سرقة الملف.


                      


- لية يا بابا؟

قالتها بدهشة جلية بينما أجابها محمد قائلًا:

- ياسمين..صاحب الشركة......

توقف عن الحديث..لا يعلم كيف يخبرها بينما قالت ياسمين:

- ضرغام فؤاد...ماله؟


                      


استجمع شتات نفسه قائلًا:

- هو نفسه صاحب الشركة إللي أنا بشتغل فيها..عرفت إنه كان بيبص عليكي من مكتبه على طول لما كنتي بتيجي تستنيني علشان نروح.

كانت ياسمين عاقدة حاجبيها بدهشة..نظرت إلى والدها قائلة بشك:

- مش شرط بيبص عليا...ممكن كان بيبص على أي حاجة تانية.


                      


أجاب محمد بهدوء:

- أنا شوفته أكتر من مرة قبل كدا و هو بيبص عليكي بس قولت ممكن بيبص على حاجة تانية...بس إنهاردة أنا شوفته من مكتبه بيبص عليكي بنظرة أنا عارفها كويس...النظرة دي يا إما إعجاب..يا إما حب...إدعي ربنا إنها تكون إعجاب مش أكتر.


                      


كانت ياسمين لاتزال غارقة بدهشتها عندما قالت:

- بس أنا حضرت معاه إجتماع طول بعرض محستش بأي حاجة من دي.

- طبيعي متحسيش علشان هو مش هيبين دا...دا غير إنك كنتي مشغولة بموضوع سرقة الملف و تعبانة أصلًا.


                                  


                    


صمتت ياسمين لبرهة ثم قالت:

- طب إية إللي مخوف حضرتك أوي كدا؟

تنهد محمد قائلًا:

- بصي يا ياسمين...ضرغام شخص صعب تفهمي إية إللي في دماغه و ذكي جدًا..بس أنا بتعامل معاه من زمان..من أيام ما كان طفل علشان أنا كنت صاحب والده.


قالت ياسمين بدهشة:

- صاحب والده...حضرتك كنت صاحب والده؟

أجابها محمد بهدوء و هو يتفقد الشارع:

- أيوة..بس ضرغام مش زي فؤاد الله يرحمه.

كانت ياسمين صامتة منتظرة أن يكمل عندما قال:

- فؤاد كان واحد مجتهد أوي...عمل شركة صغيرة للمقاولات كان بيحاول يكبرها..بس ملحقش و توفى قبل ما شركته تكبر أكتر من كدا.


أخذ نفس عميق ناظرًا أمامه إلى نقطة ما في الفراغ و أكمل:

- ضرغام وقتها كان لسة مخلص الثانوية العامة بتاعته و كان جايب مجموع هندسة و فؤاد كان فرحان جدًا...بس لما توفى ضرغام مسك الشركة بإيد من حديد...كنت فرحان بيه الأول بس بعد كدا إتصدمت فيه.


أكمل يقص لابنته و هي معيرة إليه جل انتاهها:

- نجح فعلًا إنه يكبر الشركة الصغيرة دي لحد ما بقت مجموعة شركات الفؤاد..بس مكانش عنده أي مشكلة في إنه يرشي حد لمصلحة محتاجها بخصوص الشغل...كان بيدخل في صفقات كبيرة مع ناس كبيرة أوي في السوق و طبعًا لازم يحتفلوا بمناسبة زي دي.


أكمل و قد بدت على وجهه بوادر الإشمئزاز:

- في الحفلات دي بقى بتلاقي كل واحد جاي بمراته لابسة فستان مش مداري حاجة أصلًا و كل واحد فيهم ماسك كاس خمرة كإنهم بيشربوا مية.

- و هو معندوش مشكلة في كدا؟

أجابها والدها بسخرية:


- دا مش بس معندوش مشكلة..دا لازم يشرب معاهم كاس كمان.

- طب ليه يا بابا محاولتش تنصحه بما إنك كنت صاحب والده؟

قال بيأس:

- حاولت كذا مرة بس بطرق مبطَنة علشان أنا في الآخر مجرد محاسب في شركته...بس هو مهتمش و إعتبر إني محاولتش أعمل حاجة..لحد ما يأست و بطلت أحاول.


صمتت ثم قالت عندما تذكرت أمر شركة الأدوية:

- طب و إية موضوع شركة الأدوية دا؟

أجاب محمد بحيرة:

- مش عارف...خايف أقول إشتراها بسببك أكون بظلمه...بس لو الموضوع كدا بجد يبقى إنتي في ورطة كبيرة يا ياسمين.


اعترى وجهها الخوف و القلق بينما قال والدها:

- علشان كدا عايزك تستقيلي.

قالت بقلق بدا واضحًا في صوتها:

- بس الإستقالة مش هتوقفه...و بعدين ممكن ميوافقش عليها.

- حتى لو مش هتوقفه هتبعدك عنه شوية على الأقل...و لو موافقش عليها هنشوف حل تاني.


قال قبل أن يذهب:

- مش عايز منيرة و ريم يعرفوا حاجة عن الموضوع دا يا ياسمين...أمك لو عرفت هيبقى يوم مش هيعدي.

ذهب والدها تاركًا إياها في دوامة أفكارها التي تعصف بها بلا رحمة.

لم تتخيل أن ضرغام شخص بهذا السوء...لا يبدو عليه ذلك أبدًا...أم ذلك لربما لأنها جميلة فترى كل شئ جميل كما تخبرها سلمى دائمًا.


●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


في صباح اليوم التالي.

في شركة الأدوية.


            


                    


- أنا آسف يا دكتورة بس مقدرش أوافق على الإستقالة...الأفضل تروحي للباشمهندس ضرغام و هو يقرر.

قالها حسين مجيب ياسمين على طلب الإستقالة الخاص بها.

قالت بتوتر اعتراها عند سماعها لاسم ضرغام:

- بس حضرتك مدير الشركة الحالي و أنا قدمت إستقالتي لحضرتك بناءًا على دا.


ابتسم قائلًا بهدوء:

- أيوة بس باشمهندس ضرغام منبه عليا متصرفش مع كام حاجة كدا من دماغي...منهم إستقالة أو أجازة الدكاترة إللي عندهم كفاءة.

ثم أكمل بتنبيه:

- بعدين إنتي بالذات يا دكتورة وضع خاص علشان ملفك هو إللي هيتنفذ فعلًا مع تعديل بسيط فيه.


تناولت ياسمين ورقة الإستقالة التي كانت موضوعة على المكتب قائلة:

- تمام...شكرًا يا دكتور.

خرجت تنعي حظها العثر...الآن عليها أن تذهب إلى مكتب ضرغام لتقدم الإستقالة...و كم أصبح أمر الإستقالة صعبًا بعد أن علمت بأن مشروعها سيتم تنفيذه!


ذهبت بخطوات ثقيلة نحو مكتبه مستأذنة من السكيرتيرة في الدخول التي سرعان ما سمحت لها بعد أن تلقت الوافقة المتلهفة من ضرغام.

دلفت بخطوات خَجِلة قائلة بصوت خفيض:

- السلام عليكم.

حرص على أن يرد السلام كاملًا عسى يعجبها ذلك:

- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.


حاول أن يتكلم بعملية و هو يشير إلى الكرسي و لكن هيهات...فقد كُشفت أوراقه..و إن لم تكن كاملة:

- إتفضلي يا دكتورة.

جلست واضعة الورقة على المكتب دون حديث.

تناول الورقة بريبة و قد كان على حق بيربته...إنه طلب إستقالة.

رفع أحد حاجبيه ناظرًا إليها و قال:


- أقدر أعرف سبب إستقالتك؟

ارتبكت ياسمين قليلًا و لكنها استجمعت نفسها قائلة:

- أسباب شخصية.

جابت الأفكار رأس ضرغام...يبدو أن محمد يريد إبعاد ياسمين عنه و كأن الإستقالة ستجعله يتراجع.

له ما أراد...ربما موافقته السريعة على الإستقالة توهمه أنه كان مخطئًا.


وقع على الورقة معطيًا إياها لياسمين قائلًا:

- للأسف الشركة إنهاردة خسرت دكتورة متتعوضش.

تناولت منه الورقة قائلة و قد تجاهلت جملته:

- بعد إذنك.

خرجت من غرفة مكتبه بينما احتل الضيق ملامح ضرغام...لقد علم والدها..ربما سيسبب ذلك المشاكل له.


●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


- و ناوي تعمل إية دلوقتي؟

قالها سليم بعد أن علم بأمر استقالة ياسمين.

أجابه ضرغام و هو ينظر عبر الحائط الزجاجي إلى مكتبها الفارغ:

- لسة مش عارف.

ثم أكمل بإصرار و قد ضاقت عيناه:


- بس مش هسيبها.

ضحك سليم بسخرية:

- غرمتك الشركة على الفاضي.

ثم أكمل عندما التفت ضرغام إليه:

- إشتريت الشركة علشان تفضل تحت عنيك..و أديها إستقالت...لا و كمان هتبطل تعدي على الشركة التانية كل يوم..إنت كدا مش هتشوفها خالص.


            


                    


تنهد ضرغام بحيرة بينما يتحرك ليجلس على الكرسي خلف مكتبه ثم قال:

- كل يوم الساعة تسعة بتقعد في البلكونة تشرب نسكافيه و تقرا كتاب في رواقة كدا...دا الوقت إللي هشوفها فيه.

قال سليم باستنكار:

- مفيش أي إحترام للخصوصية...إخص.


أغمض ضرغام عينيه بإرهاق قائلًا بسؤم:

- سليم...

لم يستطع إكمال جملته عندما قاطعه سليم قائلًا:

- حاضر..حاضر هطلع برا.

خرج سليم بينما نظر ضرغام إلى ساعة الحائط متمنيًا أن يمر الوقت سريعًا حتى يستطيع رؤية ياسمين.


●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


كانت ياسمين جالسة في الشرفة تقرأ ذلك الكتاب بيدها و تشرب مشروبها باستمتاع غافلة عن تلك السيارة التي توقفت مقابل شرفتها تمامًا على الجانب الآخر من الطريق.

فتح ضرغام زجاج السيارة الأسود فتحة صغيرة...فقط تُظهِر عينيه الحادة.


رآها تجلس و على وجهها ابتسامة عذبة فارتسمت ابتسامة محبة على شفتيه دون أن يدري.

ظل هكذا حتى أنهت ياسمين قهوتها المخلوطة باللبن ناظرة إلى الكوب بحسرة و تذمر طفولي.

ضحك بخفوت منها...يشعر و كأنه يريد أكلها كما الوجبة الشهية.


نظرت فجأة إلى الشارع و شردت بتفكير...أدار وجهه سريعًا متمنيًا ألا تلحظه.

كانت عينيها تجوب الشارع و هي غارقة بتفكيرها حتى توقفت فجأة عندما لمحت شيئًا غريبًا نوعًا ما...ماذا أتى بتلك السيارة الفاخرة إلى حيهم البسيط؟

عادت إلى قرآتها بلا مبالاة...فهي ليس لها شأن بالسيارة.


تنهد براحة بعد أن عادت إلى قرائتها دون أن تلاحظ.

عليه أن يتوخى الحذر...فهو قد أدرك أن رأس محمد لا يُستهان به أبدًا..هو يملك من الذكاء ما يكفي لأن يجعله خصمًا جيدًا له...لكم يتمى أن يصبح حماه العزيز بدلًا من أن يصبح خصمًا له!

حقًا يا لها من أمنية صعبة!


●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


ظل ضرغام على هذه الحال لمدة أسبوع كامل حتى حدث ما لم يتمنى أبدًا.

كان محمد غارقًا بحيرته...لماذا لم تصدر أية ردة فعل من ضرغام حتى الآن؟...هل تراه كان مخطئًا و قد ظلمه؟...لقد وافق على الإستقالة سريعًا و لم يجادل.

نفض تلك الأفكار عن رأسه سريعًا..ما هذا الهراء؟

لقد تأكد بنفسه.


تحرك نحو الشرفة ليجلس مع ياسمين قليلًا.

امتدت يده ليزيح الستار...و أزاحته بالفعل و لكن لمساحة صغيرة لم تلحظها ياسمين حتى.

توقفت يده عن إزاحة الستار مكتفية بتلك المساحة الصغيرة بفعل الصدمة التي سببها ما رآه من تلك المساحة.


إنه يقوم بمراقبة ياسمين بينما هي جالسة غافلة عنه تمامًا...لا تظهر منه سوى عينيه و لكن هو لا يمكن أن يُخطئ تلك العينين الحادتين أبدًا.

نظر بتمعن إلى السيارة..إنها سيارته...سيارة ضرغام.

ترك الستار دالفًا إلى الداخل بصدمة و قد أدرك ردة فعله الآن.


أفاق على اقتراب ريم منه قائلة:

- هي ياسمين لسة في البلكونة؟

استغل الفرصة قائلًا:

- اه...إندهيلها تقعد معانا بدل ما هي قاعدة لوحدها.

ذهبت ريم لتحضر ياسمين التي حضرت بالفعل و ما كادت تجلس ريم إلى جوارها حتى سمعت صوت والدتها يناديها.


ذهبت ريم تلبي نداء والدتها بينما اقترب محمد من ابنته قائلًا بهمس حَذِر:

- ياسمين...إنتي مش هتطلعي البلكونة تاني.

نظرت إليه بدهشة و سؤال غير منطوق فأجاب:

- ضرغام كان واقف بعربيته تحت دلوقتي كالعادة بيتأمل فيكي...و يا عالم بيعمل كدا من إمتى.


استائت ملامح ياسمين بصمت فربت على ظهرها قائلًا بحنو:

- عارف إني بضيقها عليكي...الأول شغلك و بعدين البلكونة..بس معنديش حل غير كدا.

ابتسمت له قائلة:

- عارفة إن دا كله علشان مصلحتي يا بابا.


ابتسم لها و قد ارتعشت الابتسامة على شفتيه بقلق بالغ...ضرغام لا يكف عن مطاردة ابنته...يخشى أن يدخل بحرب يكون ضرغام الفائز بها...لن يفرط بابنته أبدًا مهما كلفه الأمر.

هذه ابنته...قطعه منه منفصلة عنه...كيف يفرط بها؟!


●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●


- يعني معادتش بتطلع البلكونة خالص...التفسير الوحيد لدا إن إنت حظك زي الزفت...كل ما تفتح بابا يترزع في وشك.

قالها سليم بعبث لضرغام الحانق بشدة.

قال ضرغام من بين أسنانه المطبقة بغضب:

- لا و إنت الصادق...التفسير الوحيد لدا إن أبوها أخد باله أكيد..صعب تكون هي إللي خدت بالها.


قال سليم بملل:

- السؤال المعتاد...ناوي تعمل إية؟

التمعت عيني ضرغام بإصرار و صبر قد نفذ...التفت إلى سليم قائلًا بحزم و قرار لا ينتوي الرجوع عنه أبدًا:

- هتقدملها...هتجوزها يا سليم!

                الفصل السادس من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close