رواية لاتتحدي الصقر الجزء الثاني2الفصل الرابع والثلاثون34بقلم اسماء عبد الهادي


 

لا تتحدي الصقر ج٢

#بقلم أسماء_عبد_الهادي

الفصل الرابع والثلاثون



قد يسلب وف منا أعمارنا ومن نحب، يبقينا في دوامة التراجع والتخاذل، يجعل من يسيطر عليه بدون أدنى إرادة، ينفذ ما يُطلب منه رُغما عنه، يجعله يعيش متقوقعا على نفسه لا يستطيع أن يفعل ما يريد ولا يعبر عما يتطلع إليه، فيبقى طوال عمره سجين  مقيد بمخاوفه .


لم تستطع أن تخسر أكثر من هذا، يكفي أنها أضاعت بخوفها ابنها، قضت سنوات من حياتها بدون نبض قلبها، دون أن تقاوم، دون أن تعافر باذلة أقصى ما تستطيع حتى تستعيده، قيدها خوفها من أبيها فبدت عاجزة مسلوبة الإرادة ... لكن هل



 ستسمح لما يحدث معها يستمر أكثر... هل ستنتظر أن تخسر ذلك الصغير أيضا... هل تقف هكذا مكتوفة الأيدي تشاهده يعاني .. دون أن تحاول .. فلتحاول لن تخسر أصعب مما خسرته 



____

نهضت من فراشها وكفكفت دموعها وبدأت تفكر بجدية في أي حل تسعف به يحيى وخاصة أنها باتت تعرف أين يخبئه أبيها .. عصرت رأسها لتخرج أي حل قد يفيد وخاصة أن أبيها يضيق الخناق عليها كثيرا فلا سبيل للخروج من البيت .




وفجأة واتتها فكرة قد تفلح في انقاذ الصغير ... تذكرت أن الخادمة معها هاتف جلبته خلسة دون أن يعلم رشاد بذلك، وذلك لتطمئن على ابنتها بعد أن منعها من زيارتها والاطمئنان عليها.. كانت مودة تعلم بأمر الهاتف  ولم تُظهر لها ذلك فهي تشفق عليها كثيرا  فأبيها يمنعها من الخروج ولا يسمح لها الا بساعة واحدة كل اسبوع بزيارة أهلها ومعها الحارس ومن ثم تعود... فكرت في أن تذهب وتطلب منها الهاتف لكنها خشيت أن تنكر الخادمة الهاتف أو تخفيه او بالأحرى قد تشي بها إلى والدها لذا أخذت تفكر في حيلة تأخذ به هاتف الخادمة والتي تخفيه بعناية بين طيات ملابسها في غرفتها.


إلى أن استطاعت أن تتوصل لخطة ما وتمنت أن تفلح .. إدعت أنها مريضة وأن بطنها تؤلمها كثيرا ولا تستطيع تحمل الألم .. لتأتي الخادمة وتحاول المساعدة وأقترحت عليها عمل كوبا ساخنا من اليانسون.

لكن مودة أخبرتها أن الألم شديد ولن يفلح معه أي سائل ساخنة وطلبت منها أن تحضر دواءا من الصيدلية دونت اسمه في ورقة وطوتها وطلبت منها إحضاره .. أخبرتها أن تطلب من الصيدلي أن يجلب ما بداخل الورقة وحسب... في حقيقة الأمر كان ما دونته مودة عبارة عن دواء منوم وليس مسكن للآلام .. كان خوفها من أن تطلب الخادمة دواء مسكن فتكتشف  ما كتب في الورقة وقد تخبر رشاد.. وضعت مودة يدها على قلبها في انتظار عودة الخادمة دون أن يكتشف أحد حيلتها تلك


راقبتها من خلف نافذة غرفتها وهي تخرج من البيت ليوقفها الحراس على البوابة


_رايحة فين .. ممنوع الخروج

_الست مودة تعبانة ولازمها حاجة من الصيدلية ضروري يا خويا هروح أچيبه ومش هعوق 

_ماشي بس متتأخريش.


أحضرت الخادمة ما كتب في الورقة وعادت مرة اخرى إلى البيت .. عندما شاهدتها مودة تعود تنهدت براحة .. لكنها استمعت لوالدها ينادي على الخادمة فعلمت مودة أنها هالكة لا محالة .

_كنتي فين يا بجمة إنتي.؟


أجابت الخادمة بصوت متلجلج

_اا.. الست مودة ممغوصة جوي يا بيه وروحت أجيب لها حاجة من الصيدلية تروقها وجيت طوالي حتى أسأل الحارس كمان يا بيه.


هتف بلا مبالاة 

_طب غوري جبر يلمك إنتي وستك .. وابعتيلي شاهين عايزه.

_حاضر يا بيه.


تنفست مودة براحة لأن خطتها لم تُكشف .. وانتظرت لحتى غادر أبيها مع شاهين وبدأت بالتنفيذ

_____

هبط  إلى أسفل والحزن يطبق على قلبه البائس فهو يدري أن الفرح لن يطرق بابه أبدا ..فقلبه منكسر لما قالته سلمى و سوء ظنها به أنه مازال ذالك الشاب الغير مبالي والطائش.


حاول أن يرسم البسمة على وجهه حتى لا يُظهِر للجميع ما حدث، ويفرح بقران أسامة وأميرة أولا ومن ثم يخبرهم بشأن انفصاله عن ابنته خاله

هتف قائلا بصوت مرح يدعي الابتسامة

_إيه يا عم الشيخ إبدأ مستني إيه .. عندك العريس وخالي وكيلها والشهود موجودين أنا وعم فحتي اللي جه معاك أهو 


هتف المأذون

_على خيرة الله ....

وبدأت مراسم عقد قران أميرة وأسامة.


لاحظت أميرة ووالدتها أن سلمى لم تعد مع عادل للأسفل فخشتيا أن يكون هنالك خطب ما .. لذا قررت الأم أن تذهب وتنظر بنفسها ما الأمر وطلبت من أميرة الانتظار بغرفتها ولا تخرج منها حتى تطلب منها ذلك


___

ما أن غادر عادل حتى رقدت سلمى خلف الباب تبكي حبها لابن عمتها .. تبكي خداعها فيه .. فهو لم يتغير كما ظنته كذلك ومازال على علاقاته بالفتيات 

وبينما هي كذلك .. حتى استمعت لعمتها تطرق الباب وتنادي عليها 

مسحت دموعها سريعا حتى لا تلحظ عمتها ما بها و فتحت الباب

لتدلف ام عادل وههتف بصوت سعيد

_إيه يا سلمى بتعملي إيه عندك كل ده يا حبيبتي... عادل جاب المأذون تحت وبيكتب كتاب أسامة وأميرة وإنتوا دوركم بعدهم.


رددت سلمى بتفآجىء 

_مأذون


لتهتف أم عادل بسعادة

_الواد عادل حب يفاجئنا كلنا وطلع متفق مع المأذون من بدري ونزل جابه ورجع.


رمشت سلمى عدة مرات فهي فهمت الأمر الآن 

،عادل كان يود النزول لإحضار المأذون وليس لمقابلة إحداهن كما إدعى أو فهمت هي..

هو أراد خداعها ليفآجئها بالأمر ... انتبهت لكلمته

(في وحدة تقول لزوجها رخم.. هحاسبك على ده بعدين)

أدركت الآن  نيته في عقد قرانه عليها لتصبح زوجته بالفعل


لتضع يدها على فمها بصدمة وتقول بصوت مسموع

_يا خبر .. ده عادل كان نيته سليمة وأنا لبخت الدنيا وزعلته يا عمتي.


لتقص سلمى على عمتها كل ما حدث


هتفت أمه عادل 

_خير يا روح عمتك سوء تفاهم وهيزول .. انزلي فهميه براحة إنك فهمتي غلطت وإنك اتسرعتي واتأسفيله وعادل قلبه طيب وبيحبك علشان كده هيسامحك.


تنهدت سلمى بحزن

_أنا عارفة إني وجعته أوي يا عمتي.... ومفتكرش هيوافق يسمعني .. أنا مدتوش فرصة أسمعه علشان يفهمني .


ابتسمت لها عمتها وربتت على كتفها

_ خلي الموضوع ده عليا تعالي بس 


___

قرر الزيني أن يذهب إلى رجاله ليرى إلى أي شىء توصلوا له 


علمت ياسمينا أن الوضع غير مناسب لاستقبال  شلتها فقررت أن تصعد لغرفتها لتحضر هاتفها وتبلغ صديقتها ليان أن تأجل أمر الزيارة لبضعة أيام لحتى يعود يحيى.


أما بلال فحاول تهدأة مريم ثم صعد إلى غرفته لبيدل ملابسه ليخرج ليكمل البحث عن ابنه.


بدت مريم مستكينة بعض الشىء بين يدي أمها .. لكنها فجأءة انتفضت فجأة واتسعت أعينها وتجهم وجهها وقالت بصوت غاضب

_هو مفيش غيره اللي ممكن يعمل كدا .. جمال أخوي اللي مش عايز يسيبني أتهنى يوم واحد في حياتي... أنا لازم أروحله 


همت من مكانها لتذهب إليه فهو أتخذ هو وصديقه بدير بيت أمها مكانا لهما وذلك بعد أن تركته وذهبت للعيش هنا في بيت احمد الزيني


حاولت أمها وخالتها رباب منعها خوفا عليها من أخيها لكنها لم تهتم وقالت بصوت ملتاع

_لا أنا هروحله .. لازم أرجع ابني .. محدش يمنعني .. ده ابني .. ضي عيني.


أشفقن عليها ولم تستطيع منعها فتركوها تذهب 

لكن أمها خشيت عليها فصعدت سريعا لتخبر زوجها بلال بالأمر ليلحق بها وعندما علم غضب لفعلتها وخشي عليها من تهور أخيها وبطشه.


هبطت ياسمينا بعد أن أنهت محادثتها مع ليان بشأن تأجيل الزيارة فلم تجد سوى رباب وأم مريم وعلمت ما فعلته مريم 

لم تستطع أم مريم أن تجلس هكذا فقررت أن تذهب هي الأخرى للبحث عن حفيدها

_لا أنا هروح أني كمان أدور على يحيى 


قامت رباب من مكانها

_خديني معاكي .. ويارب نلاجيه يارب


هتفت ياسمينا فقد عزمت على الذهاب معهن

_خدوني معاكم .. أنا كمان عايزة أدور على يحيى 


لتهتف رباب

_لاه خليكي إنتي چار بنتك اللي نايمة چوة في سرير جدها حزينة يا حبة عيني على يحيى .. وكمان لازمن حد يكون في البيت يمكن يرچع يحيى .. أخاف يرچع وميلاجيش حد 


اقتنعت ياسمينا بما قالته وقررت أن تبقى هي... متمنية أن يعود الصغير إلى أمه في أقرب وقت 

____


أخدت مودة الدواء ووضعت قطرات منه في الماء  ثم ذهبت الى الخادمة في غرفتها 

تقول تدعي الاستغراب

_المية اللي جبتيها طعمها غريب أوي .. مقدرتش أخد العلاج 

_كيف ده يا ست مودة أنا چايباها من الفلتر كمان 


بسطت مودة يدها التي بها الماء نحوها

_طب دوقي كده يمكن أنا بيتهيألي .


أخذت الخادمة رشفة وأخذت تتذوق طعمها 

_مم ماهي عادية أهي يا ست مودة .. يمكن متغيرة بسيط جوي 


لتهتف مودة

_خلاص أشربيها كلها وهاتيلي غيرها 


بالفعل شربتها الخادمة بحسن نية وهمت لتملأ لها الكوب من جديد.. إلا أن مودة قالت

_لا خليكي هروح أميلها بنفسي 

_اللي يريحك يا ست مودة 


وما هي إلا ثوان حتى غطت الخادمة في نوم عميق .. فتنهدت مودة لنجاح الجزء الاول من خطتها وذهبت لتبحث عن الهاتف .. إلى أن وجدته بعد فترة من التنقيب بين ملابس الخادمة.


توجهت إلى غرفتها سريعا لتنهي ما تنوي فعله قبل أن تفيق الخادمة أو يعود والدها


دونت رقم زوجها الصقر، والتي تحفظه عن ظهر قلب ... وانتظرت الرد وضربات قلبها تنتفض بشدة فرحة لسماع صوت حبيبها ... لكنها وجدته مغلق... قررت المحاولة لتجد نفس الرد في كل مرة 


زفرت بضيق فالهاتف مغلق 

_وبعدين طلبت الرقم أكتر من عشر مرات وألاقيه مغلق ... ممم طب إيه بقا أنا مش حافظة أي أرقام غيره ... معقول بعد كل ده والتليفون يبقى في إيدي ومش عارفة أتصرف؟؟


فكرت أن تطلب رقم بيت عمها لكنها لا تتذكره جيدها

حاولت أن تخط كل الارقام التي تتذكرها في ورقة وتجربها كلها

لم تفلح محاولاتها أيضا


وبدأت تشعر بالتعصب والنرفزة... حاولت تهدئة نفسها كي تركز أكثر وبالفعل أخذت نفسا عميقا وأغمضت أعينها لتستجمع في ذاكرتها رقم هاتف بيت عمها 


استعانت بالله ودعت أن تفلح في تذكر الرقم وقررت المحاولة وانتظرت الرد


وعي تردد

_يارب يارب .. يارب يكون صح .


___

في هذه الاثناء إستمعت ياسمينا لرنين هاتف المنزل فذهبت لتجيب فلربما أحد يعرف مكان يحيى

_ألوو .. مين !!


هتفت مودة بحذر

_ده بيت العمدة أحمد الزيني؟.


استطاعت ياسمينا تمييز الصوت فهتفت بتساؤل

_مودة!!!

استطاعت مودة أيضا أن تعرف صوت ياسمينا فهتفت بفرحة فأخيرا أفلحت محاولتها

_ياسو صح!!

_يس يا سمينا... مودة مس يوو... هو أار يو؟


_كويسة .. ياسمينا معلش مش وقت كلام دلوقتي أرجوكي اعطيني أكلم صقر حالا الموضوع يخص يحيى بالله عليكي مفيش وقت


هتفت ياسمينا بفرحة

_مودة إنتي تعرفي فين يحيى صح؟ والدك اللي أخده؟


_أيوة يا ياسمينا بالله عليكي بسرعة خليني أكلم صقر خايفة اتكشف


_صقر مش موجود يا مودة خرجوا كلهم يدورا على يحيى


_طب مليني رقمه بسرعة 


_ااوه صدقي أنا معرفش رقم صقر.. حقيقي سوري.. 


_وبعدين.. حياة يحيى في خطر الولد خواف أوي وخايفة يجراله حاجة لوحده .. بصي اسمعيني كويس ..يحيى موجود في '''.... لو صقر مجاش روحي إنتي يا ياسمينا وانقذيه 


حملقت ياسمينا في الفراغ

_مي!!... مودة أنا اتمنى لكن أنا أخاف مقدرش اواجههم لوحدي .


_ياسمينا.. اسمعي لو بابا عرف أن في حد يعرف مكان يحيى ممكن يغير مكانه ومش بعيد يقتله .. بصي انتي هتخرجي من غير ما حد يحس وهتروحي المكان اللي قلتلك عليه  .. وهما أساسا لو شافوا حد جميل زيك كده انتي هتقدري تضحكي عليهم بسهولة ... بالله عليكي يا ياسمينا اتصرفي ومش هنسى ليكي الموقف ده أبدا 


_ قصدك أحاول أخدعهم ....أوك مودة هحاول علشان خاطر يحيى حبيبى .. بس فرضا إني عرفت أعمل كده هروح بيحيى فين بعد كدا أكيد هيلحقونا وممكن نتمسك .


_أقولك في بيت صغير جنب المخزن ده بشوية بتعيش فيه ست ضريرة يارب تكون لسه عايشة يارب ..هتروحي هناك وهتخلي الولد عندها لحد ما تبلغي صقر او بلال بمكانه ... اسمعي علشان الست تطمن ليكي قوليلها .......... . تمام يا ياسمينا فهمتي هتعملي إيه... بسرعة أرجوكي وطمنيني بعدها .


_اوك .. هروح حالا وربنا يستر ..باي 


_يارب .. ربنا معاكي.

___

توجهت ياسمينا للخارج لتنفيذ ما قالته مودة وأخذت تسأل من تقابله عن مكان ذلك المخزن القديم إلى أن توصلت إليه 

_______

توجهت إلى البيت وطرقت الباب بشدة إلى أن فتح لها جمال الباب وما إن يراها حتى يلوي ثغره بضجر 


لتهتف ببكاء

_ابني فين يا جمال ... بالله عليك رجعلي ابني


ضيق جمال عينيه فهو ليس لديه أدنى فكرة عما تتحدث

_ابنك!!! وإيه اللي هيچيب ابنك عندي ... جصدك إيه!!!

_ابني تايه من الصبح يا جمال ومحدش له مصلحة بخطفه غيرك... بالله عليك رجعلي ابني ... كفاياك انتقام بقا يا جمال ..


ليهتف جمال بغل من صقر وبلال

_الانتجام لسه منتهاش واصل ومش هنساه واصل 


لتبكي مريم وتنحني نحوه ترجوه وهي تقول 

_أبوس إيدك يا جمال إلا يحيى الولد صغير وملوش ذنب... أقولك أنتقم مني أنا اقتلني أنا لكن سيب ابني يا جمال 


ليدفشها جمال بعيدا بضيق 

_انتي عايزة إيه .. بعدي عني ... شوفي ابنك راح فين بعيد عني متوجعيش راسي 


لتنهض مريم مرة أخرى وتقترب منه ببكاء وحالتها أصبحت يرثى لها فهي أن فقدت صغيرها ومستعدة أن تفعل أي شىء لاسترجاعه

_بالله عليك يا جمال قولي هوا فين ..   حتى لو مش انت اللي خطفته متأكدة إنك تعرف مكانه ... أبوس إيدك يا جمال ارحمني ورجعلي ابني.


ليقترب منهما بأعين غاضبة ويهتف بحدة

_مريم... إيه اللي إنتي بتعمليه ده!!


ليهتف جمال بسخرية

_تعالى خد المخبولة دي من جدامي لطوخها عيارين وارتاح منيها.


ليقترب بلال من زوجته ويأخذها بين ذراعيه مقربا إياها من صدره ناظرا لجمال بغضب وتوعد

_جرب تمس شعره منها بس يا جمال وأنا كنت أمحيك من على وش الدنيا


ليضحك جمال بسخرية

_القطط طلع ليها صوت يا چدعان .


ليبادله بلال السخرية

_وانت الظاهر متربتش في  السجن كفاية فعايز ترجعله.


ليرمقه جمال بلا إكتراث ونظرات تفضح غل عينيه


لم يهتم بلال بنظراته وهتف بنبرة جامدة

_هسألك سؤال واحد قبل ما امشي يا جمال... ابني معاك.؟


أجابه بصوت رخيم

_لا .. دوروا عنيه بعيد عن نافوخي .


ليزفر بلال بحنق من جمال و حقارته ويحمل مريم التي بدت وكأنها لم تعد تدري بشىء لما يدور حولها ...ويذهب عائدا الى بيت العمدة .. فهو علم من نبرة جمال وتعابير وجهه أنه لا يدري أين يحيى حقا.


____

وصل بها إلى غرفتها ودثرها في فراشها جيدا وتركها ترتاح .. وجلس جوارها بضيق مما فعلته فهو لا يحب لزوجته أن تنحني وتتوسل لأحدهم مهما كان السبب.. بقى جوارها ليطمئن عليها مطمئنا أن الصقر والجميع لا يدخرون جهدا في البحث عن ابنه ... ومتأكد أن الصقر لن يعود إلا به


____

توجهت إلى المخزن التي تقصده مودة لتجد رجلان يجلسان أمام الباب ..فتقف بعيدا لا تدري ماذا تفعل وكيف تبدأ 

لتشاهد أحدهما يبتعد فتبتسم براحة فوجود واحد فقط سيسهل عليها المهمة

_أني چوعت جوى هروح أچيب حاجة ناكلها

ليهتف الآخر واضعا يده على بطنه

_ياريت بس متعوجش علشان الكبير محرج علينا نتحرك من إهنه

_متخافش هرجع فوريرة


اقتربت ياسمينا من  الرجل بمجرد أن رحل الآخر وقالت بصوت جعلته يبدوا ناعما ومدللا

_هااي

ليقف الرجل من مكانه ويحدق بها باعجاب مرددا 

_يا دين النبي!!!

(قولوا لا إله الا الله) 

حاولت ياسمينا أن تتدلل عليه بعكس طبيعتها فهي لم تستخدم الاسلوب هذا قط مع أي رجل أبدا

_بليز أنا مش من البلد هنا .. وتهت عن الفندق .. ممكن تدلني على الطريق من فضلك.


ود الرجل أن يساعدها فعينه لم تبرح ياسمينا قط فهو افتتن بجمالها ،لكنه لا يستطيع أن يبرح مكانه فقال




_كان بودي يا جميل بس معرفش اسيب المخزن لوحده .. بصي إنتي هتمشي طوالي هتلاجي الطريج العمومي وتوجفي أي عربية تجابلك


زفرت ياسمينا بضيق فهو لا يريد أن يترك مكانه لذا هتفت بحيلة

_طيب ممكن تجيبلي ماية.. عطشانة أوي


لينفرج أسارير الرجل ويقول

_طبعا يا حلويات إنتي .. ماية وشاي كمان .. اجعدي استريحي


لتجلس ياسمينا على الكرسي جواره وتقول 

_انت عندك شاي .. واو أنا نفسي أدوق الشاي بتاعكم أوي


سر الرجل كثيرا فهو سيحظى بوقت جيد مع تلك الفاتنة فقام من مكانه ودلف المخزن ليحضر براد الشاي ومن ثم يصنع لها كوبا جيدا من الشاي 


انتهزت ياسمينا فرصة انشغاله بعمل الشاي في الغرفة المجاورة  وقامت باغلاق الباب عليه من الخارج ومن ثم توغلت لداخل المخزن لتسمع أنين ضئيل ناتج عن كمكمة فم يحيى فتتوجه نحوه مباشرة وتأخذه بين يديها لتجد يحيى



 أطرافه مثلجة جدا فعلى ما يبدو أن الطفل من الخوف بدأ أن يدخل في غيبوبة ..حملته على الفور وحاولت الخروج في الحال قبل أن يعود الرجل الآخر أو أن يتمكن الثاني من فتح الباب .


انطلقت بكل قوتها تبحث عن المنزل التي أخبرتها عنه مودة لكنها لم تستطع العثور عليه فجلست تستريح خلف شجرة ما ..وأزالت كمامة فم يحيى لتأخذه بين يديها تضمه إلى صدرها تطمئنه

_يحيى أنا كنت ياسو ... متخافش يا حبيبي أنا معاك .. والله مش تخاف .. يحيى سامعني رد عليا


بدأ الولد يترنح بين يديها.. لتمسك يده تقبله

_يحيى بليز اسمعنى إوعى تنام .. إحنا هنروح لمودي يا يحيى .. هنروح لمامي مريم كمان يجي ارجوك فوق يا حبيبي.


لم تجد ياسمينا بد من أن تحمله مرة أخرى لتلجأ إلى بيت العجوز الضرير .. وما إن خطت خطوتين حتى وجدته أمامها فطرقت الباب على عجل لتفتحه السيدة بعد برهة وطوال فترة الانتظار كانت ياسمينا تنظر خلفها لتتأكد أن لا أحد يلحق بها.

فتحت السيدة الباب وهي تهتف متسائلة _مين


لتقول ياسمينا برجاء

_بليز دخلينا يا طنط وهقولك كل حاجة 


دخلت ياسمينا يحيى للداخل ..لكن السيدة توجست خيفة منها وتركت الباب مفتوحا .. لتقول ياسمينا

_إقفليه بليز.. 

لكن السيدة لم تتحرك ورددت

_إنتي مين !!

هتفت ياسمينا لتقول الجملة التي أوصتها بها مودة

_العمى عمى البصيرة مش عما البصر


ابتسمت السيدة وهتفت بفرحة

_مودة!!! .. هيه فينها.. سمعت أنها .. 

صمتت قبل أن تنطقها فهي حزينة من أجلها


لتهتف ياسمينا بخوف

_ارجوكي اقفلي الباب وهقولك على كل حاجة.


أخبرتها ياسمينا بأن مودة ما زالت على قيد الحياة واخبرتها بما حدث للصغير وطلبت منها الاعتناء به حالما تعود بالمساعدة


لتهتف العجوز

_خليكي شوية .. أكيد هيدورا عليكي في المنجقة استنى لما يمشوا.


استساغت ياسمينا اقتراح العجوز وقالت 

_تقدري تساعديني علشان أفوق يحيى 


لتهتف العجوز بحكمة

_خليه في حضنك وسمعيه صوتك .. احكيله عن مامته وأنه هيرچعلها جريب 


وبالفعل أخذته يا سمينا بين ذراعيها وأخذت تحدثه بصوت عال وتبثه الطمأنينة .


اما العجوز فذهبت وأحضرت له محلول الماء والسكر فهذه عادة كبار السن مع من يصاب بالفزع او الخوف

وقامت بسقيا الصغير .. وبعد برهة بدأ يستجيب لهما ويهتف بخفوت

_ماما 


لتضمه ياسمينا أكثر بين يديها تقول بفرحة

_يحيى ألف سلامة عليك.. هتروح لماما خلاص يا يحيى


نظر يحيى إلى ياسمينا بابتسامة فهو استطاع  التعرف عليها ومن ثم ..غط في نوم عميق .


لتفزع ياسمينا مكانها ..فتطمئنها العجوز

_متخافيش .. الولد نام .. لما أتأكد إنه بأمان


فتنهدت ياسمينا براحة

______


عاد الرجل الآخر  فلم يجد صاحبه وسمع صوت أحدهم ينادي من الداخل 

فدخل المخزن بريبة ليجد صاحبة يهتف به ليخرجه ..ففتح الباب له وهو يقول بغضب

_إيه اللي حبسك چوه إكده وسايب باب المخزن مفتوح ليه يا طور ؟

_مخابرش الباب جفل عليا لوحده... هيه فين السنيورة اوعى تكون مشت ؟

_سنيورة مين انت وجعتك  سودا  انت كنت بتهبب إيه ... هروح اطمن على الولا.

ولج للداخل فلم يچد الصغير ليخرج صارخا بصديقه ماسكا اياه من تلابيب ملابسه

_انت عملت ايه يا غبي؟الولا اختفا



ليصاب الآخر بالزعر ويقص عليه ما حدث ومن ثم هتف بغضب

_عملتها فيا بنت اللذين وأخدته وهربت .... ليجري بسرعة باحثا عنها

بينما الآخر يتصل برشاد ليخبره بالآمر

ليتلون وجه رشاد بالغضب الشديد ويرسل لهما من ينهي حياتهما لمخالفتهم الأوامر


____

لم يستطع العثور عليه في أي مكان لذا توجه إلى عمه والذي كان باستقباله بعدما علم بأمر ما فعلته ياسمينا والذي خمن أنها هي من مواصفات الرجل لها...وفكر في استغلال ذلك للإيقاع بينهما


#أسماء_عبد_الهادي

وقف أمامه بجبروته المعهود ونظراته المظلمة القاتمة، والآخر يرمقه بنظرات مشتعلة متحدية، فالصقر هو الوحيد الذي لا يهاب تلك الشرارات المميتة التي تخرج من عيني رشاد



طرق بعصاته على الأرض عدة مرات والتي يستخدمها لتزيده هيبة وقوة وليس كعكاز يستند عليها

_ في حاچة تانية، چاي تجولها..سبق وجلتلك أنهم مش عايزين يرچعوا معاك .


أعتصر صقر ألمه في قلبه بصعوبة بالغة وتحامل على نفسه ليبقى ثابتا، رغم أن الاشتياق ينهشم من قلبه وينخر ما بداخله 

وتحدث ليخرج صوته متزنا ثابتا

_فين يحيى ياعمي؟


رفع رشاد حاجبيه وهتفت بتهكم قائلا

_واه صقر بذات نفسيه مش عارف ولد صاحبه فين وچاي يستعين بيا؟


لم يحد الصقر نظراته عنه ويعلم أنه يعلم مكانه فلا أحد غيره يفعلها

_ أنا عارف إنك عارف مكانه، علشان كده بسألك ...رجع الولد وبلاش ندخل مريم وبلال في حوارات خاصة ما بينا.


طالعه الآخر بنظراته برهة ثم هتف بصوته الرخيم

_ صحيح أني عارف يحيى مع مين  علشان مبيخفاش عني حاچة واصل...لكن اللي انت متعرفوش ...ان أهل بيتك هما اللي خانوك المرة دي يا صقر.


رمش الصقر عدة مرات يحاول استيعاب ما يقوله عمه

وهتف غير مصدقا

_ أهلي !!! محدش لو مصلحة في اختفاء يحيى غيرك.


لوى الآخر ثغره وهتف متشمتا

_ رچالتي خبروني ...إنهم شافوا حُرمة بشعر أشقر بتحاول تتخفى ومعاها ولد صغير بعمر شاهين إكده... إحكم إنت عجلك(عقلك) وإعجلها براسك.


هتف صقر بصدمة وهو يقف مشدوها

_ياسمينا!!!


ليهتف رشاد بغيظ وغضب منه

_ السنيورة اللي اتچوزتها على بنتي... أهي باعتك بسهولة منتظر إيه من خوچاية زي دي ...روح لِم اللي اتبحتر منك ..بس مش إهنه .


كور صقر قبضته بغضب شديد حتى برزت عروق نحره بشدة وهتف متوعدا

_وربي لو كانت هية اللي حرقت قلب مريم على ابنها،  لموريها النجوم في عز الضهر... صبرك عليا يا ياسمينا .



            الفصل الخامس والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا 



تعليقات



<>