رواية لاتتحدى الصقر الفصل الثالث عشر13بقلم اسماء عبد الهادي

روايةلاتتحدى_الصقر 

الفصل الثالث عشر

.


لحظات ترقب وإنتظار ،بأعين حائرة كانت تبدل نظراتها بين الطبيبة وزوجها ،تجلس

 بإرتباك تنظر للطبيبة علها تستشف منها أى تعبير يريح قلبها وتنظر للصقر علها تستمد

 منه بعض القوة والثبات ،أدرك ارتباكها وخوفها فمد يده يمسد على يدها بحنان

 ،مفتراً وجهه عن بسمة هادئة مطمئنه مشيراً لها بعينيه أن كل شىء سيكون على ما يرام 


وضعت الطبيبة نتيجة التحاليل والاشعه الخاصه بمودة جانباً على مكتبها لتقول بهدوء ووجها لا يفتر عن أى تعابير حرصاً على نفسية الحالة أمامها_للاسف يا مدام مودة زى ما توقعت،مفيش قدامنا غير إنكم تلجأوا للحقن المجهرى ،وده بقى شىء عادى جداً الايام دى 


لتخفض مودة رأسها فى حزن وتمتم بخفوف_لا حول ولا قوة إلا بالله ،فيمد صقر يده يمسك يد زوجته يدعمها ويشدد من قبضته عليها وينظر للطبيبة بغية أن يأخذ زوجته ويرحل فلا داعى لمكوثهم أكثر كما إن نفسية مودة لا تسمح بالمكوث أكثر فقال_شكرا لحضرتك يادكتورة ،هنستأذن إحنا 


لتقول الطبيبة بإشفاق من أجل رؤيتها  الحزن البادى على مودة_شرفتم يا  استاذ صقر ،ومن ثم تمد يدها وتعطى له كارت به أرقام مركز ما

_ده الكارت بعنوان وأرقام لأكبر مركز للحقن المجهرى وعلاج العقم ،الدكاترة هناك على أعلى مستوى ،وربنا يكرمكم إن شاء الله


لتقول مودة بضعف_حضرتك كنتى بتقولى إن حتى نسبة نجاح الحق ضعيف 


لتقول الطبيبة ترمقها بنظرة واثقه_مفيش حاجه بعيدة عن ربنا ولا إيه يا أستاذ صقر 


صقر بثبات_ونعم بالله ،معاكى حق يادكتورة ، ثم نظر لمودة  بإبتسامة _ربنا قادر على كل شىء ،إحنا هنعمل اللى علينا وهنأخد بالأسباب طامعين فى كرم ربنا ،وعارفين إن عطاياه كلها خير 


الطبيبه بإعجاب بثبات الصقر ورضاه وتقبله للامر بصدر رحب_ونعم الزوج يا استاذ صقر ،ربنا يسعدكم يارب ويقر عينكم بالولد الصالح 


صقر بإمتنان_ آمين يارب شكرا لحضرتك مرة تانيه.

____

نزلا المركز وصولا الى السيارة وطوال الطريق مودة صامته لا تتحدث فقط تمشى بهدوء يدها فى يد زوجها ،حتى ركبت السيارة وأستقرت إلى جواره ،ليدير رأسها إليها_وبعدين يا مودة هتفضلى ساكته كده كتير،إيه اللى حصل لكل الحزن اللى شايفه فى عينك ده 


رفعت مودة بصرها إليه ولم تعلق 


فقال راسماً على وجهه بإبتسامة خفيفه لإسعادها_لو على الحَقْن يا ستى أنا موافق و مستعد نمشى فى الاجراءات من النهاردة لو حابة ،بس مشوفش الحزن اللى فى عنيكى تانى 


لتقول مودة بصوت حزين متحشرج_أنا أسفه يا صقر ،إنت ملكش ذنب فى اللى بيحصل ،من حقك يكون عندك طفل بشكل طبيعى ...أنت تستاهل زوجه أفضل م....


ليقاطعها صقر واضعا إصبعه على شفتيها حتى لا تكمل ما تقوله فما تقوله ليس سوى هراء من وجهه نظرة _إيه اللى إنتى بتقوليه ده يا مودة ،يعنى عايزة تفهمينى ،إنى لو أنا اللى كان عندى مشاكل ،كنتى هتسيبينى!!!


لتهز مودة رأسها بسرعه ولمرات متتاليه_لا طبعاً، عمرى ما كنت هتخلى عنك أبداً،وجودك معايا بالدنيا كلها 


ليقول صقر بإمتعاض_أمال إيه كلامك البايخ ده تستاهل زوجه أفضل!!!! ،أنا لو لفيت الدنيا كلها من هلاقى أفضل منك ،مودة إنتى الهوا اللى بتنفسه ،ولو لقدر الله ربنا ما أرادش يكون عندنا أطفال ،الحمد لله أنا راضى ،المهم وجودك جنبى يا قرة عينى ،أنا مقدرش أستغنى عنك أبداً 


لتلقى مودة نفسها بين ذراعى زوجها وتبكى ،لينهد الصقر ويمسد على ظهرها بحنان ومن ثم يقول بعتاب_وبعدين بقا ،بردو هنبكى ،فين مودة اللى أعرفها ،المؤمنة،الصابرة  الراضية بقضاء الله 


لتتنهد مودة بصبر_الحمد لله ..الحمد لله 


ليقول صقر _إن شاء الله تعدى عملية الحقن على خير وربنا يكرمنا بطفل شبهك بإذن الله.


لترفع مودة رأسها وتقول بتبرم_لا شبهك 


ليقول صقر لإغاظتها_بس أنا عايزها بنت وشبهك بالظبط


لتقول بعناد_لا ولد ونسخه منك ،علشان يكون عندى ،صقر كبير وصقر صغير 


ليقول مدعياً الغضب_ياسلام ولو جت بنت هتزعلى 


لتقول مودة بحب_لا طبعاً ،أنا هحبها جداً كفاية إنها هتكون حتة منك 


ليقول صقر بمرح_خلاص إحنا نجيب توأم بنت وولد إيه رأيك 


لتتنهد مودة برجاء_يارب  ،ياصقر يارب 


صقر_بإذن الله ،ربنا هيجبر بخاطرك ياقلب صقر وعيونه .

____


فاق من ثورة غضبه وفوران غيرته من بلال الذى ما هو إلا هو نفسه بعدما أثقلت كلماته كاهل مريم وكانت بكلامته كالسوط على جسدها الضعيف ،كالقشة التى قسمت ظهر البعير ،لتسقط على الارض كالجثة الهامدة ،عاد لوعيه وطبيعته ليجد مريم تجاهد فى إغلاق أعينها تتكور على نفسها تنتفض بهيستريا دموعها تسقط دون توقف 

فراعه ما أصابها ،فأقترب منها جاثياً على ركبتيه يهزها بعنف لجعلها تستفيق ،لاعناً نفسه وغضبه اللذان دفعانها إلى التهلكة مرة أخرى _مريم فوقى ،إصحى يا مريم ،متغمضيش لا أنا أسف ،أسف يامريم سامحينى ،


كانت تميل رأسها يسرة ويمنه دون أدنى إرادة منها مع هزاته المتتاليه لجسدها علها تفيق ،فقال بصوت باكى_مريم ارجوكى اصحى،بلال ...بلال عايش ،أنا عايش يامريم مموتش أنا بلال أهو قدامك مريم أرجوكى إوعى تستسلمى تانى ،مريم ...بلال رجعلك من تانى يا مريم 


فى هذه اللحظة كان من يتكلم هو بلال الحقيقى ،ربما قد عادت له ذاكرته للحظات علَّه ينجد مريم فتكلم دون أن يدرى عما يقوله شيئاً _فوقى يا مريم أنا بلال زوجك ،فاكرة يا مريم لما غصبت عليكى مرة علشان تأكلى الليمون 

وكنتى بترفضى  علشان طعمه حامض ومش متقبلاه نهائى ،ولكنى أصريت إنك تأكلى نصها على الاقل،فاكرة لما قلت لك إننا لازم زى ما إتعودنا على الحلو ،لازم نتعود على الحادق_لإننا ممكن نمر بأوقات مُرة فى حياتنا ولازم نكون قدها علشان نصمد فى وشها ونعدى ،علشان منكونش ورق فنطير مع التيار من أول ريح تهب عليها فتقتلعنا من جذورنا فاكرة يامريم.

_إوعى تستسلمى يامريم ،قاومى ،عافرى إثبتى بقوة إيمانك وعزيمتك ،قاومى علشان الناس اللى بتحبك يا مريم ،اوعى تضيعى منى يا مريم


ما إن إستمعت مريم لقصه الليمون حتى عرفت على الفور إنه بلال ،حاولت المقاومة مرة أخرى لكنها كانت قد اوقعت نفسها فى وحل الظلمة فلم تستطع النهوض مرة أخرى 

أحس بها بلال فصرخ عاليا _مريم ،انا بلاااال ،فوقى يا مريم،أنا معاكى ومش هسيبك 


حملها بسرعه نحو سريرها بدأ يبعد يديها وقدمها عن بعضهما  البعض حتى لا تعود لوضع الجنين مرة أخرى ،حاول بيده أن يفتح لها أعينها منادياً بصوت باكياً ملتاعاً_ مريم،قاومى


سمع همهمات خافتة ضعيفه بإسمه ،فنادى بأمل_بلال،جنبك يا مريم ،بلال معاكى ،فوقى وخليكى معاه يا مريم 


ضرب على وجهها بخفة _مريم علشان خاطرى فوقى ،ليسمعها تقول بغضب_بلال ،متسبنيش 


ليرقد جوارها بسرعه محيطها بيده _أنا جنبك يا مريم ،إوعى تسبينى إنتى ،وأخذ ينادى _ياااارب ،ياارب 


لتبتسم هى إبتسامة خفيفه يلاحظها على شفتيها ومازالت أعينها مغلقه وتقول_الحمد لله انك لسه عايش ،فتعتلى تقاسيم وجهه بفرحة عارمة_الحمد لله يارب ،فيقول مبتعداً عن الفراش باحثاً فى أحد أدراج الكومود فليجد ضالته،

فأمسك بالمحلول المهدىء للاعصاب ودسه برفق فى يدها ،عله يساعدعا على التحسن ،فتحت أعينها هنينه ومن ثم أغلقتهم برفق مع إبتسامة رقيقه ،فإنخفض هو نحوها مقبلاً إياها من جبينها ويقول_الحمد لله عدينا مرحلة الخطر،نامى وارتاكى ياحبيبتى


ليشعر بعدها بصداع ودوار شديدين فيمسك رأسه بألم ويدور حول نفسه شاعراً بألم وضربات حادة تنخر فى رأسه ،ومضات تجىء و ترحل ،اشكال وشخوص بدون ملامح بدون هويه لا يستطيع التعرف عليهم ،أحداث تمر فى مخيلته ومن ثم تختفى بسرعه 

ليغمض عينيه محاولاً إخماد ذلك الصراع داخله 


فبلال يحاول أن يجاهد للخروج من أجل مريم ،يجاهد ليتذكر ليعود لأصله 

وهنالك ما يمنعه ،فما رآه من أذى على يد أشرار يريدون القصاص منه ولا ينفكون عن فعل ذلك دائما حتى يحققوا رغباتهم حتى لو عاثوا فى الارض الفساد ،لذا لم يتحمل بلال أن يرى أحبته يتعرضون للخطر بسببه فيُفضل عدم التذكر عدم العودة لحياة بلال المعرضه للخطر دائما ،ليصبح يحيى فى صراع نفسى لا يدرى أيا منهم سيفوز


هدأ ألمه وخف صداع رأسه شيئاً فشيئاً لينظر حوله ليجد مريم نائمة معلق فى يدها المحلول ،فلا يدرى متى وأين فعل ذلك 


لكنه يفرح برؤية الابتسامة على وجهها والتى ظل وجهها محتفظا بها حتى وهى نائمة 


فيشعر بالندم عما إقترفه فى حقها ،على أنانيته ليريدها لها وحده غير عابئ لحبها لزوجها ووفاءها له فقرر الرحيل عن عالمها نهائياً ......


                  الفصل الرابع عشر من هنا

 لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>