رواية لاتتحدي الصقر الجزء الثاني2الفصل العاشر10بقلم اسماء عبد الهادي


 
لا تتحدى الصقر ج٢

الفصل العاشر


وقفت تمسك صغيرتها   في يدها وتنظر لذلك الذي انشغل بتجهيز نفسه وإرتداء ملابس أنيقة  فبدا وكأنه ذاهب لموعد مهم بانتظاره فقالت باستفسار_أيمن انت رايح فين!!


أجابها بينما كان يضع اللمسات الأخيرة على مظهره حتى يكون راضي تماما عليه _معلش يا حبيبتي ، عندي شغل مهم ،هخلصه وارجع 


أجابت بضجر_تانى يا أيمن كل شويه شغل،إنت مبقتش تقعد معايا أنا وبنتك.


اقترب منها طابعا قبلة صغيرة على ناصيتها وهو يقول بينما  ينحني ليقبل تلك التي لم تكمل عامها الثاني بعد_هنا يا روحي ،إنتي عارفة إني مشغول ،اعتذريني


زفرت هنا بضيق_ ماشي يا أيمن أديني صابرة أهو زي  ما طنط حسنية موصياني، لما نشوف أخرتها 


رمقها مبتسما وهو يغادر _ سلام يا روحي 


هتفت بتبرم _سلام 


اتقربت من ابنتها تحملها متجهه نحو المطبخ_حبيبتي، أكيد جعانه ،يلا نعمل أحلى أكل لأحلى جنى في الدنيا 


وقبل أن تبدأ بفعل شىء استمعت لطرقات على باب المنزل فتوجهت لتفتح الباب قائلة_مين!!


أجابتها بنبرة عالية لحتى تسمعها_أنا يا هنا افتحي 


ابتسمت هنا فهي استطاعت أن تعرفها من صوتها وهمت بفتح الباب وهي تقول_طنط حسنية ،اتفضلي


بادلتها حسنية السلام_أزيك يا هنا يا بنتي ، وأخبار عروستنا الجميلة إيه؟ 

هنا_الحمد لله ياطنط ،كويسين


قالت حسنية باهتمام_ أستاذ أيمن شايفاه لابس ومتشيك يعني رايح فين ؟

_ رايح شغل يا طنط

لوت حسنية فمها _شغل إيه ياختي اللي لابس ومتشيك كده يكونش رايح فرح 


_اكيد رايح يقابل حد من العملا برا الشركة ،حضرتك عارفه ان أيمن اتنقل لقسم العلاقات العامة من فترة 


ضيقت حسنية شفتيها بعدم اقتناع_يمكن .. المهم ،خدي اللبن ده إعمليه لجني تتغذى بيه 


تناولته هنا من أيديها_تاعبة نفسك ليه يا طنط بس! 


قبلت حسنية الصغيرة جنى _لا تعب ولا حاجه دي حاجه بسيطة علشان عروستنا الصغير تتقوى بيها 


رمقتها هنا بامتنان_متحرمش منك يا طنط


همت حسنية بالمغادرة_ هروح أودي اللبن ده كمان ،ليحيى، محتاجة مني حاجه ؟


أوصلتها هنا لباب الشقة_ربنا يخليكي يا طنط 

____


عزم على أن يذهب إليه لحتى يتأكد من ظنونه ،فذهب إليه إلى حيث توقع أن يجده ، وجده يجلس على السور على طارقة الطريق يستند بظهره إلى عمود إنارة ضاما أحد ساقيه إلى صدره والأخرى تركها ممدة لأسفل ،ينظر على السيارات والمارة بشرود تام 


بحركة واحدة قفز عادل الى السور ليستوي الى جوار صاحبه قائلا بتساؤل _بتحبها!!!


انتبه أسامة لسؤاله فقال بعدم فهم_بحب مين!!


أجابه عادل بمكر وهو يغمز له_اللي شاغلة قلبك وكيانك بقالها سنين ،اللي فضلت تحوش طول السنين دي علشان تقدر تساعدها 


بدى على أسامة الارتباك _اانت... بتقول إيه بس 


لكزه عادل في كتفه_عيب عليك ده أنا عادل 


قفز أسامة من السور معتدلا في وقفته_ ااانت فاهم غلط ياعادل 


نزل عادل هو الآخر ووقف قبالته_ ايه مالك بس بتنكر ليه ، صدقني أنا مش هلاقي لأختي أحسن منك يا أُس 


صمت أسامة ولم يعقب فقال عادل لإثارته وجعله يعترف_ ولا صرفت نظر بعد اللي حصل لوشها !!


هتف اسامة بسرعة_ اللي حصلها مغيرش في رأيي حاجه أبدا ،أنا مازلت مصمم على أميرة 


انتبه أنه قد اعترف بلسانه فقال بارتبتك_قصدي يعني ....


ربت عادل على كتفه _ مفيش داعي انك تخفي الموضوع أكتر من كده 


تنهد أسامة بأسى_أنا كنت مستني لما أميرة تعمل العملية ،خُفت أقول حاجه في حالتها دي فترفض وخاصة انها مش بتخرج ولا بتقابل حد ، كان كل يوم بيعدي علشان كنت بتقطع علشانها ،كنت بعد الايام والثوانى علشان اجمع المبلغ المطلوب علشان أساعدها 


ابتسم له عادل _يااه كل ده حب ،وده من إمتا بقي الكلام ده 


أسامة بشرود حالم _من أول يوم شفتها فيه ، خطفت قلبي وطيرته لفوق أوي ،رغم إني متكلمش معاها قبل كده غير ثواني معدوده 


استغرب عادل صديقه_طيب ليه مقلتليش !!


_في الاول ، سكت لانى عارف إنها هترفض وخاصة انت عارف إحنا كنا إزاي زمان ، وبعدها ندمت إني مأخدتش خطوة جد ،وكانت الصاعقة بالنسبة لي لما سمعت أنها هتتخطب لحد تانى 

سكت تانى وكتمت في قلبي حبي ،المهم تكون مبسوطة وسعيدة ، وكنت براقب بصمت وقلبي بيئن من الغيرة بس مكانش في ايدي حاجه أعملها 


ويوم ما حصل اللي حصل والمتخلف ده سابها علشان حاجه ملهاش يد فيها 

كنت مبسوط جدا  إن الفرصة خلاص سنحت ليا وبرغم من كده مقدرتش أشوف أميرة بتعاني وزعلانه،روحتله وارجيته يرجعلها ،تعرف قالي إيه يومها ؟


عادل باستغراب_إيه!!!


_قالي، خليك جنبها انت ،أميرة تستاهل حد يحبها بجد زيك كده 

استغربت كلامه وازاي عرف إني فعلا بحب أميرة ،ومن يومها عزمت النية إني أساعدها علشان تسترد وشها الجميل من تانى حتى لو مكانتش من نصيبي


كان عادل يستمع إلي صديقه الذي ظهر من كلامه صدق حبه العفيف لأخته وقال بتأثر_ إن شاء الله تكون من نصيبك ، أميرة مش هتلاقى حد يحبها ويحافظ عليها زيك 


تنهد أسامة قائلا بعزم_تعمل أول العملية ،وربنا يسهل بعدها، عادل من بكرة تأخدها للدكتور


لمعت أعين عادل  ناظرا لصاحبه بامتنان_بإذن الله ياصاحبي

_______

ألقت بنفسها ترتمي بين ذراعي والدها_ دادي حبيبي

لم يصدق ذكي أعينه أعادت ابنته حقا ،لم تخبره أنها ستعود لمصر ،يالا هذه المفآجئة الجميلة ،أخيرا يستطيع ان يتنهد براحة ،ضمها بشوق الى صدره _أخيرا ياسو أخيرا 

ارتمت الصغيرة مودي في احضان جدها ايضا_جدو وحشتنى أوي 


حمل ذكي مودي وأخذ يدور بها وهو يقول بسعادة_مودي روح جدو ،أخيرا رجعتوا ،اخيرا هتنوروا عليا حياتى ،أخيرا هحس إني مش لوحدي في الفيلا الكئيبة دي 


ابتسمت ياسمينا وسعدت لسعادة والدها الظاهرة على وجهه 

وبعد تناول الطعام 

طلب ذكي من أحد الخدم تجهيز غرفة مودي والتي جهزها سابقا بالكثير من الألعاب ، مما جعل مودي تقرر المكوث بها والاستمتاع بالالعاب التي بها 


جلس ذكي مع ابنته يحتسيان القهوة في الليفنج المطل على الحديقة الواسعة والتي يتوسطها حمام سباحة كبير الى حد ما 

وتحدث بجدية _ياسو ، صقر لازم يعرف إنك رجعتي ،لازم يشوف بنته 


كانت ياسمينا لترفض هذا الامر رفضا قاطعا لكن بعد معرفتها بشأن موت مودة ،جعلها تتراجع عن قرارها وتتعاطف مع الصقر وتوافق أنه تعلمه بشأن ابنته 

وضعت فنجانها على المنضدة الصغيرة أمامها وقالت وهي تتنهد بقلة حيلة _ممم ماشى يا دادى ،بس بليز اعطينى فرصة كم يوم أهيأ نفسى للموضوع 


_ياسو ،كفايا يا بنتي حرمانه من بنته طول الاربع سنين ،لسه هينتظر 


_دادي،هو اعطى مهملة أسبوعين ،لما يبقى الاسبوعين يخلصوا ،اوك 


لم يشأ ذكي مجادلته ابنته العنيدة أكثر ووافق على ما تقول

______


توجهت إلى الشقة المجاورة لشقة هنا وكادت أن تطرق الباب لكنها سحبت يدها ثانية وهي تبتسم لذلك الذي يأتي من آخر الرواق _يا أهلا وسهلا بأستاذتا الغالي، إزيك ياصقر يابني،عاش من شافك 


رمقها صقر ابتسامة هادئة _أزي حضرتك يا ست حسنية 


_إن شاالله (أن شاء الله) تسلم وتعيش ،إيه يا بني محدش بقى بيشوفك ليه 


نظر الصقر لذلك الباب المجاور لشقة ابنة عمه باشتياق شديد حتى كاد قلبه أن ينهار ،فقال محاولا أن يتحامل أكثر وألا يظهر ضعفه ولوعته أمامها _ مشغول حبتين معلش 


تفهمت حسنية ظروفه ونظرت إلى الباب الذي ينظر إليه ولم يكن سوى باب شقته التي لم يخطها منذ وفاة مودة فقالت لمحاولة التخفيف عنه _أكيد جاي ليحيى ،مش كده!!


هز صقر رأسه دون أن يعلق ،فروحه معلقه بذلك الباب ومن كانت تسكن خلفه يوما 


ناولته حسنية الدورق الذي به اللبن وحاولت رسم ابتسامة صغيرة على محياها _بم إنك داخل ،أعطي اللبن ده لمريم، كنت جايباه ليحيى ، وهنزل أنا شقتي ،فوتك بعافية يابني 


خرج الصقر عن صمته_ طب تعالي اتفضلي جوا شوية ،ميصحش تمشي من ع الباب كده 


_مرة تانية  إن شاء الله، مع السلامة 

_مع السلامة يا ست حسنية 


وقف برهة أمام باب المنزل قبل أن يطرقه ،منتظرا أن تزول عنه تلك الحالة البائسة التي تصيبه كلما مر على باب بيته ،أخذ نفسا عميقا ومن ثم طرق الباب ،ليسمع صوت يحيى يصيح باسمه فهو ينتظره ،فالصقر هاتف بلال واخبره بأنه سأتي لرؤية يحيى 


فتح يحيى الباب وارتمي بكامل قوته تجاة الصقر ،الذي حمله بين يديه يقبله

يحيى_ وحشتني يا بابا صقر 


قبله صقر بحب _وانت كمان وحشتنى يا حبيب بابا ،ها يا بطل أخبارك إيه 


عبس يحيى بوجهه_زعلان جدا جدا 


كاد الصقر يرد إلا أنه استمع لمريم تقول_أبيه صقر إتفضل واقف على الباب ليه 


ابتسم الصقر لمريم وحياها ،ومن ثم دلف لداخل المنزل 

قالت مريم _أخبارك إيه يا أبيه 


_الحمد لله ،أخباركم إنتم إيه


مريم بإبتسامة _بخير طول ما حضرتك بخير يا أبيه 


بادلها الصقر الابتسامة _ربنا يسعدكم دايما يا مريم 


جلس الصقر وأجلس يحيى على قدمه في حين ذهبت مريم لإحضار مشروبا للصقر قبل تناول العشاء 


حدث الصقر يحيى_ قولي بقى إيه اللي مزعل حبيبي وأنا أزعله ،كله إلا يحيى حبيبي 


ابتسم يحيى لكلمات الصقر وقال بحماس_ بابا اللي مزعلني 

رفع صقر حاجبيه_بلال!!، زعلك في إيه 


في هذه اللحظة قدم بلال مرحبا بصديق عمره ومن ثم جلس في مقابلته على الاريكة الآخرى _صقر حبيبي، نورت بيتك 


هتف الصقر بإدعاء الضيق_إيه يا بني ،مزعل حبيبي ليه ؟؟


ضيق بلال ما بين حاجبيه ناظرا لابنه _أنا زعلتك ياض !!


هز يحيى برأسه مرات متتالية ،فعبس بلال بوجهه فهو لا يدري ماذا فعل 


فضح الصقر لفعلته _حتى كمان مش عارف مزعل الولد في إيه ؟!  


أعاد بلال ظهره للخلف قائلا باستياء _ يحيى مدلع اوي ياصقر ،مبقتش عارف أكلمه ،كل شوية يتقمص مني على إيه مش عارف 


تنهد الصقر وسأل يحيى_ها يا يحيى قول لبابا إنت زعلان منه ليه


يحيى بضيق_علشان مش هيأخدني زي ما وعدني للحديقة بكرة 


زفر بلال باستياء من ابنه  وقال بصوت غاضب_يحيى إحنا اتناقشنا كتير في الموضوع ده وقلتلك إني مشغول جدا بكرة وده أمر خارج عن إرادتي فيها إيه لو زيارة للحديقة إتأجل لبعد بكرة 


بدأ يحيى في النحيب والزن _لا أنا عايز أروح بكرة مليش دعوى 


هدر به بلال_تاني يا يحيى ،هتزن تاني!!

أشار الصقر لبلال بأن يصمت وتحدث هو بهدوء _يحيى بابا مش بيرفض يأخدك للحديقة ،بس هو قالك مشغول فلازم تعذره صح ولا إيه؟


أجاب يحيى بتبرم_بابا مخرجنيش الاسبوع ده خالص ،وأنا زهقت وعايز أروح الحديقة ،ده حتى بابا رافض إننا ننزل أنا وماما لوحدينا 


قبّل الصقر رأسه _خلاص ياسيدي أخدك أنا بكرة للحديقة ،مفيهاش حاجة لما الشغل يتأجل شوية ،كله يهون علشان خاطر عيون حبيبى 


فرح يحيى بما يقوله الصقر وأخذ يقفز بالمكان معبرا عن مدى فرحه بالأمر ،وما إن انتهى حتى إقترب منه مقبلا إياه_بحبك أوى يا بابا صقر 

ابتسم له الصقر وأجلسه جواره بعد أن قدم له الحلوى التى أحضرها لأجله

جاءت مريم وقدمت العصير للصقر وزوجها _اتفضل اشرب يا أبيه هروح أحضر العشا حالا 


احتسى الصقر العصير بصمت ، فهتف بلال _مالك ياصقر بتفكر في ايه !!

تنهد الصقر بغضب_المتخلفة اللي اسمها ياسمين دي شكلها مش هتيجي غير بالقوة


_لا أكيد ذكي بيه هيخليها تنزل في أقرب وقت 


ضحك صقر باستهزاء_لا معتقدش إنه هيقدر يأثر عليها ،دي محدش بيقدر عليها، بتعمل اللي على مزاجها وبس ، بس والله لو عدى الاسبوعين وبنتي مجتش ،لأكون موريها النجوم في عز الضهر 


هتفت يحيى مستفهما_بابا صقر ،هو صحيح حضرتك عندك بنت!!


تنهد الصقر بضيق فهو حتى لم يرى ابنته ولا يعرف حتى شكلها _اه يا يحيى ،تقريبا كده 


هتف يحيى بحماس _عايز أشوفها ليه مش بتيجي هنا!!

ضيق الصقر أعينه بتوعد_هتيجي يا يحيى ،قريب أوي. 

قضى الصقر امسيته معهم ومن ثم عاد مرة أخرى إلى مكتبه حيث يبيت 

____


بدلت له ملابسه بأخرى مناسبة للنوم ومريحة وقالت وهي تغلق سحاب ملابسه_ها يا شاهين ،مش هتقولي كنت فين مع جدك ،من الصبح 


أجابها شاهين _روحنا اكتر من مكان يا ماما 


_طيب حبيبي ،مش هتقول لماما اسمها إيه الاماكن دي 


كاد شاهين أن يجيبها لكنه استمع لصوت جده يهدر بحدة ، فدبت الرجفة في قلب مودة _جاعدة تستجوبي الولد عاد 


إعتدلت في وقفتها وازدردت ريقها _أنا ..أنا كنت بس بسأل عادي 


رمقها بنظرات غاضبة_مالك إنتي، نروح فين وناجي منين 


قالت بمحاولة أن تبدو قوية_يابابا ، أنا كنت بطمن بس على شاهين 


أجابها بحزم لحسم الموضوع _اطمنى طول ما الولد معايا ،يبقى متشيليش هم ،أنا  هأخليه راجل ولا كيف الرجال 

ثم أردف وهو ينظر للفراغ يتخيل الصقر أمامه فقال بغل_أني بعمل اللي مقدرتش أعمله مع الخاين اللي خاني ونكر كل اللي عملته عشانه ،شاهين لازم يكون تحت طوعي ،هخليه يكون دراعي اليمين في كل حاجة بدل اللي اتكبر علي وفكر بس إنه يتحداني 


نظرت مودة إلى أبنها بإشفاق ولوعة وقالت محاولة نفي التهم عن زوجها الحبيب_ صقر مخانش حضرتك يابابا 


هدر بها بقوة ألجمتها_متجبيش سيرته قدامي ،وحسك عينك تنطجي اسمه على لسانك الخاين الخسيس 

قالها ثم رمق شاهين بنظرات حادة _وانت نام دلوك علشان خارجين الصبح بدري 


وقفت مودة مشدوهة بكلام أبيها ،فهي باتت تعرف ماذا يفعل أبيها بإبنها فهو يجعله نسخة مصغرة منه ،يريد أن يميت قلبه مثله تماما ،يريد أن يجعل قلبه قاس كالفولاذ 


فوضعت يدها على رأسها ،تقف في منتصف الغرفة تكاد تجن ، هي لا تريد أن يتربي ابنها هكذا ،تريده طيب القلب حنون يحمل من الصفات أحسنها ، لكن كيف تفعل ذلك وهي لم تعد ترى صغيرها إلا مساء عند وقت ذهابه للنوم 


انتظرت الى أن غط صغيرها في النوم ،وانخرطت هي في البكاء كعادتها كل ليلة ، فالبكاء هو سمرها في الليل وعزاءها الوحيد ولسان حالها يردد_تعالى بقا ياصقر



اقترب آذان الفجر وهي على حالها فقامت تنوي أن تتوضأ لتصلي لربها وتتضرع إليه في ذلك الوقت المبارك من الليل عل الله يريح قلبها ويرد حبيبها إليها فلقد طال الانتظار وبات القلب يشتعل بنيران الشوق والهوى 

____


بعد أن تناولوا العشاء ،استغل عادل فرصة تجمع ثلاثتهم معا هو وامه واخته حتى قال _أميرة  بكرة الصبح بإذن الله ،هروح أستأذن من الشغل وأخدك نروح للدكتور علشان عمليتك،الحمد لله الفلوس تقريبا كملت 


رمقته أميرة باستغراب من اين حصل على النقود_عادل ،انت بتحوش كل فلوسك معايا،وانت مش معاك غير أربعين ألف 


أجابها عادل وهو ينظر إليها ينتظر ردة فعلها المعجبة بصنيع عادل_ أسامة صاحبك جابلي كمان قدهم علشان خاطر عمليتك 


ضيقت أميرة أعينها بضيق_وأسامة يجيبهم بمناسبة إيه 

لتقول أمه_صحيح يابني ،كده كتير أوي عليه 


ليقول عادل_يا امي أسامة جايبهم بطيب خاطر، كان بيشتغل مخصوص علشان يجمعهم للعملية


وقفت أميرة وقالت بصوت ملتاع _وأنا مش هقبل أعمل العملية ،على حساب شقى عمركم ،فلوسكم دي جمعتوها بتعبكم ،يبقى لازم تصرفوها في حاجه تنفعكم إنتم مش عشاني


وقف عادل قبالتها ممسكا يدها _يا أميرة ،احنا تعبنا علشانك إنتي ،فرحتنا برجوعك لطبيعتك دى لوحدها كفيلة إنها تزيح عننا تعب السنين اللي فاتت 


هزت أميرة رأسها والدموع متحجرة في اعينها تهدد بالنزول في أي لحظة _لا يا عادل ،مش هسمح بده أبدا، انت زى أى شاب بتجهز علشان تبني مستقبلك وتكون بيت وأسرة ،ومحتاج  جدا الفلوس دي ،وأكيد أسامة زيك 


تنهد عادل _يا أميرة افهمي ،بقولك الفلوس دى بتاعتك انتي، احنا مستقبلنا ده مش هنفكر فيه غير لما نطمن عليكي إنتي فبلاش حساسيتك الزايدة دي وافرحي إنك أخيرا هتعملي العملية 

هتفت أميرة بصوت باكي _قلت لا يعني لا 

وركضت بسرعة نحو غرفتها وأغلقت الباب بإحكام

نظر عادل لأمه بضيق_اقنعيها يا أمي مش بعد ما خلاص ما صدقنا نجمع الفلوس تيجي هيه تقول لا .


تنهدت الام بقلة حيلة _هحاول معاها يا ابني، وابقى سلملمى على أسامة ،كتر ألف خيره على اللي عمله ،ربما يفرحه باللي بيتمناه يارب 


جلس عادل جوار أمه _آمين 


___


في الصباح الباكر ذهب عادل إلي عمله مع أسامة ومن ثم في حوالي الساعه العاشرة،استأذن من رب عمله كي يذهب اليوم باكرا فأذن له لانتظامه دائما في العمل وعدم تغيبه يوما 

إستوقفه أسامة يضع يده على قلبه بترقب_ابقى طمني يا عادل ،وبلغني علطول الدكتور قال إيه 


وضع عادل يده على كتف صاحبه وهو يقول بهم_بس أميرة توافق الاول إنها تيجى معايا ،مش عارف مقفلة دماغها من امبارح 


اسامة_لا اقنعها ياعادل ارجوك ،أميرة لازم تعمل  العملية ، كفاية عليها كده 


تنهد عادل بأمل أن يستطيع تغيير رأي أخته

____

وقف أمامها وبدأ يفقد هدوء اعصابه فهو يحاول اقناعها منذ ساعة كاملة و أميرة مصرة على رأيها بأنها لا تريد_يا بنتي اسمعي الكلام بقى غلبتيتي معاك ،انتي ليه بتظلمي نفسك كده 







أجابت بهدوء فيبدوا أنها عزمت النية ألا تفعل_أظلم نفسي ،بدل ما أظلمكم معايا ياعادل 


ليقول عادل بغضب_وانتي فكرك إننا ممكن نفرح بالفلوس دى وانتى بتعاني كده ، في داهية الفلوس وفي داهية كل حاجه المهم إنتي 

اغرورقت اعين أميرة بالدموع _يا عادل افهمني 


هدر بها بنفاذ صبر _مش هسمع كلمة زيادة ، يلا بسرعة البسى علشان ننزل ومش عايز مناقشة 


_بس يا عادل 


صاح بها_من غير بس ،يلااا 


نظرت أميرة إلى أمها _ماما قوليله حاجه


اقتربت الام من ابنتها تقول برجاء_اسمعي الكلام يا بنتي ربنا يهديكى


تنهدت بقلة حيلة _حاضر 


بعد عدة دقائق عادت من غرفتها تقول بحزن_أنا جاهزة 


سمعوا طرق الباب فذهب عادل ليفتحه وعندما أبصرها قال بفرحة_سلمى كويس إنك جيتي علشان تيجي معانا 


رمقته سلمى بإستغراب _آجي معاكم فين ،أنا كنت جاية آخد أميرة وخالتي علشان العربيه منتظرة تحت 


ضيق عادل ما بين حاجبيه _تأخديهم فين وعربية إيه اللى منتظرة تحت


سلمى بتساؤل_هو انت متعرفش أن  ياسمينا صاحبتنا ،اتكفلت بعملية أميرة 


رمقها عادل باستغراب أكثر_ ياسمينا مين دي ،وتتكفل بالعملية على أساس إيه لا طبعا،الفلوس معايا والحمد لله ،يبقى تشكر على اقتراحها ده ،هتيجى معانا ولا هتخليكي هنا!!


هزت سلمى كتفيها ولا تدري ما تفعل_ماشى جاية 


نزلوا جميعا لأسفل ،ووقف عادل ليوقف سيارة توقلهما إلى مركز التجميل 


بينما توجهت سلمى السائق الذي ينتظرهم ،فلاحظها عادل فسألها بضيق_بتعملي إيه!!


أجابت بهدوء_هاطلب منه يمشى هو ،وهتصل بعدها بياسمينا أعتذر منها 


تقدم هو قبلها تجاه السيارة وانحني ليدخل رأسه من ناذة الباب_ألف شكر  يا اسطي، اتفضل إنت مع السلامة 


أجاب السائق برسمية شديدة_يا فندم عندي أوامر إني أخذ حضراتكم للمركز ،اتفضلوا أركبوا أنا هوصلكم 


لاحظ عادل توتر أخته أميرة وانكماشها في نفسها ومحاولة اختباءها خلف أمها تتوارى عن أعين الناس ،فقال مشفقا عليها


.

 وخاصة أنه لن يجد سيارة أجرة بسهولة في ذلك الوقت من النهار فقال بقلة حيلة _ماشى ،بس هنروح ع العنوان ده . ......وهحاسبك على المشوار 


أشار له السائق بعينيه ،فذهب عادل ليُعلِم الجميع بالأمر ،فقالت أمه_وافقت العملية تتعمل على حساب صاحبتها؟


عادل بضيق_لا طبعا ،الفلوس اتوجدت والحمد لله ، مش إحنا اللي هنستغل الفرصة يا أمي ،ربنا يكملها معانا بالستر 


ربتت أمه على ظهره بسعادة_ربنا يكملك بعقلك يابني ويبارك في صحتك وعافيتك


هم الجميع بالصعود للسيارة وعندما جاء دور سلمى للولوج للسيارة اقترب منها عادل قائلا بتحذير_حسك عينك أشوفك بتتكلمي مع راجل تاني 



التفت سلمى نحوه وضيقت أعينها في غضب وكادت أن ترد بأي حق يملي هو عليها الاوامر ،إلا أنه رمقها بلا مبالاة وهو يفتح الباب الامامى السيارة _اركبي يلا اتأخرنا


كظمت سلمى غيظها منه ودلفت للسيارة بصمت 


تحدث السائق بالهاتف ليعلم ياسمينا "ربة عمله" بشأن تغيير وجهتهم فطلبت منه ألا يفعل ما يقولون ويذهب بهم إلى حيث المركز الذي اتفقت معه واخبرته أن يجد أي حيلة بشأن ذهابهم إلى هناك 

السائق_تحت أمرك يا هانم


استغرب عادل الطريق الذي يسلكه السائق فقال _انت رايح منين يا اسطى مش ده الطريق!!


السائق بهدوء _الطريق التاني مقفول للاصلاح ،فهنروح من الطريق ده 


ثم رفع السائق بالهاتف الى اذنه وادعى انه يتحدث به_والكلام ده من إمتا !! طيب ماشي؟


وجه السائق حديثه لعادل _لسه واحد صاحبي كنت بسأله عن عنوان المركز في رسالة ،وبيقولي أن المركز مش شغال حاليا علشان الدكتور مسافر


ضرب عادل بيده على رأسه فهو لا يعلم بشأن المركزشيئا منذ سنوات_يا دي الحظ 


ابتسم السائق في نفسه فالحيلة انطلت عليه_انا أعرف مركز تاني ،اوصلكم ليه ولا هتعمل إيه 


التفت عادل برأسه الى أمه _هنعمل ايه يا ماما 


الام_خليه ياخدنا يابني على اللي يعرفه 


اومأ عادل برأسه_ماشي يا أسطى إطلع على هناك 


______

أجلس الصغير جواره  على المقعد بالحديقة وقال وهو يمسد على شعره_ ها كده انت بقيت مبسوط 


نظر يحيى إلى الألعاب  والأطفال الذين يمرحون حوله بفرحة لاتسعه _مبسوط جدا يا بابا صقر 


قبله الصقر بسعادة لسعادته _ربنا يقدرني واسعدك دايما يحيى 

وقف يحيى مكانه مشيرا للألعاب_بابا صقر ،ممكن أروح ألعب معاهم 


ابتسم الصقر له_انطلق يا بطل ،بس متروحش بعيد 

اجاب يحيى وهو يركض باتجاة الالعاب_ حاضر


____

كانت قد أصرت على أمها أن تذهب بها إلى الخارج تريد أن تلهو قليلا 

ضيقت ياسمينا شفتيها بضجر_مودي الجاردن هنا فيها ألعاب كتير ،جدو عاملها ليكى بخصوص


هزت مودى رأسها بعدم رضا_نو مامي أنا عايزة ألعب مع الكيدز (الاطفال) مش عايزة ألعب لوحدي 


استسلمت ياسمينا لطلب مودي فهي لاترفض لها طلبا أبدا 

_اوك ،يلا نروح الجاردن 

__

أخذ يحيى يجري ويلهو مع الاطفال هنا وهناك وعيني الصقر لا تفارقه

وبينما يحيى يركض يلحق بالكرة،حتى اصطدم بصغيرة تمسك بيدها المثلجات ،فأدى اصطدامه بها إلى سقوط المثلجات منها ،فتوقف يحيى مكانه يُعِرب للصغيرة عن أسفه_أنا آسف مش قصدي 


نظرت الصغيرة للمثلجات خاصتها والتي اختلطت برمال الحديقة بأسف  ،فتوقع يحيى أن تبكي لخسارتها المثلجات ،لكنه وجدها تبتسم له_  مش مشكلة هجيب غيرها 

انهدش يحيى من ردة فعلها وابتسم لها فهو لو كان مكانها لبكى  _يعنى مش زعلانة 


هزت رأسها بنفي_نو مش زعلانة ، انت مش قصدك توقعها صح؟

هز يحيى رأسه بايجاب 

فرمقته الصغيرة بابتسامة_يبقى أنا مش زعلانه

فكر يحيى بأن يعوضها عن مثلجاتها فقال_تعالي نروح نجيب تاني 

ابتسمت له _اوك يلا 


توجه بها يحيى إلى حيث يجلس الصقر كي يطلب منه مالا و قد كان الصقر يتابع الموقف من بعيد وينتظر اللحظة المناسبة ليتدخل بالامر حتى يعوض الصغيرة بمثلجات أخرى 





ولكنه ما إن رأى تلك الصغيرة تقترب منه حتى هب واقفا يحدق فيها بأعين متسعة ،فهذه الصغيرة تشبه مودته إلى حد كبير  فإتجه نحوها مسلوب الارادة يحقق النظر بذلك الملاك البريء الذي يشبه القمر في تمامه وما كان قمره سوى مودته الغالية 

أخرجه يحيى من تحديقه بالصغيرة _إحنا عايزين نجيب أيس كريم ممكن!


هز الصقر رأسه بالموافقة_أكيد ممكن 

ثم وجه حديثه لتلك الفاتنة الصغيرة فهل من المعقول أن تكون هي ابنته ولكن ابنته في البرازيل أم تراهم عادوا الى مصر ،ولكن ان فعلوا لمَ لمْ يخبره أحد بالأمر_إنتى اسمك إيه!!








أجابته بصوتها الصغير العذب_سورى انكل مامي قالتلى متكملش مع حد غريب ،وانا مش عارفاك 


ابتسم الصقر لتلك الصغيرة باعجاب وباتت شكوكه تكون في محلها  عندما وجدها تتحدث باسلوب مشابه لياسمينا فبالعادي الاطفال يقولون عمو وليس انكل 

لذا قال ليتأكد أكتر _طيب تحبي نتعرف 

ثم أشار ليحيى _ده يحيى 

وأنا _...

تحدث يحيى مسرعا بدلا عنه _وده بابا ،انتي اسمك ايه ؟


تهيأ الصقر باستعداد ليسمع ردها علها تكون ما يظنه

أجابت هي ببسمة زاردتها جمالا_اسمي مود


            الفصل الحادى عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا 


تعليقات



<>