لا تتحدي الصقر ج2
بقلم اسماء عبد الهادى
الفصل الخامس والعشرون
صلوا على رسول الله
أثارت تلك الكلمات التي تفوهت بها ياسمينا انتباه كل من الصقر وبلال فالتفتوا إلى حيث مصدر الصوت ليجدوها ياسمينا تنظر اليهم وكأنهما تحاول ان تعقل الكلمات مرة أخرى في رأسها .
وقبل ان تنطق بكلمة أخرى وجدت الصقر يحمحم كنار متأججة هائجة تشتعل في وجهها بقوة وحدة, فهو لا يصدق ما تهذي به تلك المعتوهة من وجهة نظره.. كيف تكون مودته
ما زالت على قيد الحياة وهو الذي دثرها في التراب بنفسه... وهو الذي شيعها لمثواها الأخير بنفسه ..كيف تُحرك رماد قلبه
بعدما حاول هو إخماد الثورة المكنونة في نفسه.. كيف تسمح لنفسها لتجعله يعيش في وهم انها ما زالت حية تُرزق, لتجعله يتعذب أكثر من عذابه الذي هو يعيشه الآن,
تخبطت مشاعره وهامت روحه وهاجت النار بداخله فلم يدري ما الصواب وما الحقيقة, صدمات ومفجعات تتلقاها روحه المعذبة مرة تلو الأخرى لتفوق قدرته على التحمل, مما جعله
يصب جام غبضه وعنفوان انفعالاته على تلك البائسة التي تفوهت بهذه الكلمات والتي ظنت انها ستسعده لا ان تثير ثورته أكثر
ليقترب هو منها ممسكا بذراعها بحده صارخا بها- انتي بتقولي ايه انتي كمان... كفاية بقا .. انتوا عايزين مني ايه .. مش
كفاية النار اللي جوايا ... حرام عليكم ارحموني... ليه عايزة تعيشيني في وهم وارجع افوق منه على الحقيقة المرة علشان اتوجع آلاف ما انا بتوجع دلوقتي .
كانت ياسمينا تنظر له باندهاش عجيب فهي لم تتوقع هجومه ذاك عليها ..ليتابع هو بها هادرا- تسمحي متتكلميش تاني.. ممنوع تفتحي بوقك معايا تاني .. انتي مش عارفة أي حاجة في أي حاجة ولا فاهمة أي حاجة , انتي ايه اللي دخلك هنا
اصلا بدون اسئذان .. تعرفي انتي بالنسبة لي نكرة... اه نكرة ومش هشوفك وعلى عمري هشوفك غير كده...فامشي من قدامي بدل ما أطلع غلبي عليكي.
قال كلماته تلك ومن ثم دفشها بعيدا عن طريقه ويخرج هو من البيت بأكمله وكأنه صاروخ ضائع لا يعرف وجهته.
ليختل توازنها فتصطدم باليد الخشبية للكرسي فتتأوه بألم .. اقترب منها بلال ليرى ما بها بعدما فاق من صدمته اثر كلماتها وصدمته من رد فعل صديقه – ياسمينا انتي كويسة
اعتدلت هي في وقفتها ونظرت اليه بأعين دامعة,
فلقد كانت كلماته تلك موجعة لها فهو اهانها للتو وحقّر من شأنها وهي لم تفعل شيئا فهي ما ارادت سوى المساعدة ...
كانت لا تريد ان تراه حزينا مشتتا هكذا .. ارادت ان تبعث الامل في روحه المعذبة, بالاستنتاج الذي توصلت له .. لكنه لم يعطي لها الفرصة بل بادر بهجومه الحاد معها.
ابدى بلال الاعتذار بدلا من صديقه فهو يعترف انه اخطأ في حقها كثيرا ووجب عليه الاعتذار على اساءته تلك لكن الصقر ليس في مزاج يخوله ان يدرك حتى انه اخطأ لذا قال نيابة
عنه- انا اسف يا ياسمينا على اللي صقر قاله ...زي ما انتي شايفه هو مش حالته الطبيعية ولا مدرك هو بيقول ايه او
بيعمل ايه ..صقر كل لما يحاول يتأقلم مع الوضع تطلعله صدمة تنغص عليه حياته ..هو دلوقتي مبقاش عارف حاجة
مين اللي قتل مودة وليه وهل هو فعلا ابوها ولا حد تاني .. انتي لو مكانه كنتي ممكن تفقدي عقلك بسبب اللي بيحصل
ازاحت ياسمينا الدمعات العالقة بين اهدابها وقالت وهي تعيد خصلات شعرها المتمردة على وجهها الى خلف اذنها –عندي احساس ان مودة عايشة يا بلال.. واللي اكدلي احساسي ده اللي سمعته منكم ...
قاطعها بلال – غلطانه يا ياسمينا انك قلتي كده .. انتي حركتي البركان اللي كان صقر بيحاول يخمده جواه.. مكانش ينفع تقولي كده لمجرد احساسك بيقولك كده ...انتي متعرفيش مودة كانت ايه لصقر.
رفعت ياسمينا يدها ليتدلى السوار منها وهي تقول – شايف ده يا بلال؟
لم يعي بلال مقصدها فأشار لها بعينيه بانه لا يفهم فناولته إياه- بص فيه كده ..دقق فيه شوية وقلي شوفت ايه؟
امسكه بلال بين يديه واخذ يقلبه ولا يدري ما المميز في هذا السوار سوى شكله الرقيق.. لكنه انتبه لتلك الكلمات المنقوشة في باطنه (مودة&صقر)
فرفع بصره اليها مرددا- مودة وصقر؟؟
تحدثت ياسمينا بجدية- في طفل صغير اهدى السوار ده لمودي يا بلال, تفتكر انه صدفة ولا مقصود بيه رسالة معينة؟
اتسعت عيني بلال بصدمة- قصدك تقولي ان مودة هيه اللي بعتت السوار بتاعها علشان يوصل لصقر هنا؟ على افتراض انها عايشة وعايزه تبلغه بده؟
هزت ياسمينا رأسها بتأكيد – بالظبط كده ... والاجابة على تساؤلاتنا كلها عند صقر نفسه لو قدر يتعرف على السوار ده وأكد انه فعلا يخص مودة
نقر بلال بأطراف يده على الطاولة أمامه يفكر- مش يمكن السوار ده وقع منها من زمان..ووصل لأيدين أي حد صدفة؟
ياسمينا- تفتكر الصدفة اللي هتجيب السوار لهنا في الصعيد ومودة كانت عايشة في القاهرة؟... وهل صدفة بردو اللي تخلي الطفل ده يعطي السوار لمودي رغم انه كبير جدا عليها
؟
رفع بلال كلتا يديه ليمسك بها رأسه مغمضا عينيه هنيهة فما تقوله ياسمينا درب من الخيال لكنه منطقي ايضا
صمت لبرهة ثم قال- ياسمينا مش هينفع نقول لصقر حاجة غير لما نتأكد الاول .. مش عايز اعشمه في الفاضي ... قلبه هينكسر لو طلع اللي بنفكر فيه مش حقيقي
ياسمينا -وهنتأكد ازاي؟
بلال- اول حاجة هنسأل مريم لو كانت شافت السوار ده مع مودة قبل كده ولا لا؟
---------------------------------------------------------------
أسماء عبد الهادي
--------------------------------------------------------------
رأته يجلس واضعا رأسه بين يديه ومطأطأها لأسفل فجلست جواره تربت على فخذه- متزعلش يا عادل يابني .. ان شاء الله هيخرج منها .. كلنا عارفين انه مظلوم ..يا حبة عيني دايما
اسامة بخته قليل ومبيلحقش يفرح .. كان خلاص اميرة وافقت تقعد معاه.
رفع عادل رأسه ونظر الى أمه
بألم لا يدري كيف يقولها _تصوري يا ماما رغم حبه الشديد لأميرة إلا أنه طلب مني أجوزها لأول عريس مناسب يطلبها!!
أطالت أمه النظر به _انت بتقول ايه يا عادل...
حرك عادل رأسه بأسى و زم شفتيه بامتعاض _ بيقول مش عايز يظلمها معاه ...هو مش عارف هيخرج من القضية دي ولا لا، فبيقول حرام أميرة تستنى حاجة في علم الغيب
ضربت أمه كفا بكف وهي تتمتم بحزن من اجلهما_لا حول ولا قوة إلا بالله...عيني عليكم ياولاد ...مش مكتوب ليكم الفرح ابدا...يارب هونها من عندك.
ضم عادل شفتيه بحيرة_مش عارف هجيبها لأميرة إزاي ...
بدأت أمه في النحيب_قلبي عليكي يا بنتي.. لتاني مرة يتخلوا عنك كده
هتفت عادل بدفاع عن صاحبه_أسامة متخلاش عن أميرة يا ماما ..بالعكس كان بيكلمتي وهو بيتقطع بس مش عايز يضيع عمرها في انتظاره وهو مش عارف مصيره إيه!
هتفت بحنق تلك التي استمعت لمحادثتهما صدفة _وهو مستعجل على إيه..القضية لسه شغالة ومتحكمش فيها بحكم نهائي علشان يقولك كده..
هب عادل واقفا من مكانه محملقا بتلك التي استمعت لما قاله ويبدو على ملامحهما الضيق _ أميرة .... أسامة مش...
أشارت إليه أن يصمت فلا داعي لأي مبررات من وجهة نظرها
لكن عادل أصر أن تعرف أخته لما طلب أسامة ذلك _أميرة أسمعيني...أسامة بيفكر في مصلحتك قبل أي حاجة حتى لو على حساب قلبه .. علشان كده هو مش عايزك تنتظري على الفاضي
زفرت أميرة بضجر من تفكير أسامة ذاك_عادل ممكن اتكلم مع أسامة من فضلك.
رفع عادل أحد حاجبيه_تتكلمي معاه فين ...عايزاني أخدك القسم!!!
هزت رأسها تستنكر تعجبه _وإيه المشكلة..ما انت هتكون معايا ...انا محتاجة اتكلم معاه يا عادل .
وزع عادل نظراته بين اخته وأمه فوجد أمه لا تمانع فقال لاويا ثغره ففكرة اصطحاب اخته معه للقسم لا تروقه أبداً _وانتي عايزة تتكلمي معاه في إيه... ممكن تبلغيني وأنا أقوله.
_عادل من فضلك هيه مرة واحدة بس ..في حاجة مهمة لازم أفهمها منه هو شخصيا
حك عادل مقدمة رأسه يفكر ماذا يفعل_ مم ماشي يا أميرة هاخدك الزيارة الجاية ..ولو اني مش حابب كده اصلا
اقتربت منه أمه تربت على كتفه ونظرها على ابنتها التي لا يعرف أحد ما الذي تفكر فيه بطلب كهذا _معلش يابني ..ريح أختك واعملها اللي هيه عايزاه
تنهد عادل بقلة حيلة _ماشي ياماما هاخدها
______
ذهب بلال بصحبة ياسمينا الى حيث تكون مريم
فوجداها تجلس مع الصغيرين بينما يلهوان بالألعاب، أشار اليها حتى تأتى إليه ،فقامت من مكانها متوجهة إليهما خارج الغرفة مستغربة وجوده مع ياسمينا وملامحهما تنبأ بالكثير من التوتر والقلق _خير يا بلال في حاجة
ثم نظرت لياسمينا فتسائلت _ياسمينا..صقر عملك حاجة زعلتك؟؟؟
نظرت ياسمينا لبلال تنتظر أن يُريها السوار لتتعرف عليه، ففعل وفتح يده ليظهر ذلك السوار في كفة يده_مريم تعرفي ده بتاع مين!!
أخذت مريم السوار من يد زوجها تحقق النظر فيه وقالت وهي تضيق أعينها_ شكله مش غريب عليا..حاسة إني شوفته قبل كده
تبادل بلال وياسمينا النظرات ثم بادرت ياسمينا بالقول_ مريم شوفي منقوش عليه ايه، ان سايد( من جوه).
نظرت مريم إلى حيث أشارت ياسمينا لتهتف بصوت مسموع_مودة&صقر!!!
رمشت بأعينها عدة مرات فالان تذكرت فهذا هو سوار مودة نعم استطاعت التعرف عليه فمودة ارتها إياه عندما أهداها الصقر لها_افتكرته ده بتاع مودة أنا متأكدة..بس انتوا جبتوه منين
صمت كليهما ولم يردا عليها لتعيد مريم سؤالها مرة أخرى _بلال جبتوه منين ..حاجة مودة كلها في شقتها وحتى أبيه صقر نفسه مشالش حاجة من مكانها
هتفت بلال بملامح جامدة فهو لا يستوعب بعد ما الذي يحدث_تقدري تقولي كده أن مودة اللي بعتته لينا
ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهها_بلال انت هتهزر ...اتكلم بجد جبتوه منين !!
مسح بلال على وجهه _مش عارف يا مريم ..هل فعلا مودة اللي بعتته زي ما ياسمينا بتعتقد ولا ايه اللي بيحصل بالظبط.
رفعت مريم حاجبيها بضيق_انا مش فاهمة حاجة خالص..ممكن تفهموني بالظبط في ايه؟؟
قصت ياسمينا على مسامع مريم ما حدث
هتفت مريم بصدمة وأعين زائغة_ بلال... أبيه صقر لازم يعرف باللي بتقولوه ده ... معقول مودة تكون عايشة طول السنين دي وإحنا مفكرينها ميتة ...طيب إزاي... انا هتجنن
وقبل أن يجيب بلال ،اقتربت منهم رباب والدة الصقر تتسائل باستفسار_فيه ايه يا ولاد متچمعين على الباب إكده... في حاچة!!!
هتفت مريم محاولة رسم إبتسامة خفيفةعلى محياها _لا يا خالتي مفيش حاجه يا حبيبتي.
استأذن بلال للمغادرة فلحقت بيه ياسمينا تسأله ما الذي سيفعله_دكتور بلال هتعمل ايه؟؟
هز بلال رأسه بحيرة_مش عارف ...صدقيني مش عارف
_____
ذهب إليهما ليخرج جام غضبه الشديد فيهما ، مد يده مزيحا تلك القيود عنهما واحدا تلو الآخر وهما ينظران إليه بخوف شديد فعيناه تنذر بالخطر القريب الذي سيعصف بهما لا محالة.
وبالفعل أمسك صقر بتلابيب جمال يلصقه بالحائط _ اتكلم يا جمال لأحسن أقتلك مكانك دلوقتي .
حاول جمال استجمال شجاعته فقال _عايز مني إيه ...ما انا جلتلك مليش دعوى باللي حصل لمودة
وكأنما بذكر اسمها اشتعل الفتيل في البارود ليطيح صقر بالضرب فيهما بقوة صارخا_انطقوا قولوا مودة عايشة ولا ميتة.... معقول طول السنين دي وانا مضحوك عليا ..ملعوب عليا لعبة حقيرة زيكم
ليصرخ به بدير بأن يكف عن ضربهما فهما لا مقاومة لهما بعدما فعله بهما رجال الصقر بينما كانا مكبلين _ كفاية يا ولد العم...جلنا لك الكبير هو صاحب الليلة كلها... والاچابات كلها عنيده هو ..احنا ملناش صالح .
كف صقر عن ضربهما وخرج من ذلك المكان بعدما أشار لرجاله بإطلاق سراحهما فلا داعي لوجودهما بعد الان.
وسار هو على غير هدى يتخبط في أفكاره، تتعثر قدماه ببعضهما البعض..تدور كلمات ياسمينا في عقله ..حتى صار يهذي كالمجنون..الى أن سقط على الارض كمن فقد القدرة على إكمال المسير .
إلا أنه وجد يدا تمتد له لتعاونه على النهوض من الارض وتنظر له بابتسامة أعادت إليه روحه الضائعة من جديد _قوم يا صقر ..أنا منتظراك ترجعلي...متأكدة إنك هتوصلي قريب.
ليهب الصقر بسرعة من مرقده يتصبب عرقا ،ضربات قلبه متزايدة ،صدره يعلو ويهبط وينادي بأعلى صوته _ مووودة ، مووودة
اقتربت منه أمه وهي تقول بإشفاق وحزن_يا حبيبي يا بني...ايه اللي وصلك للحالة دي بس
استغرب الصقر وجود أمه فنظر حوله ليجد نفسه بالغرفة التي ينام بها وحوله والداه وبلال ومريم وأمها وياسمينا والصغيران
فنظر الى بلال محاولا أن يتحدث _هو فيه إيه وإيه اللي جابني هنا !!!
ربت والده على كتفه _بلال لجاك واجع على الارض ومغمى عليك ومش داريان بالدنيا، فجابك على إهنه واديلنا ساعة بنحاول نفوجك لحد الحمد لله أديك فوجت وطمنتنا عليك يا ولدي
استغرب صقر ما يسمعه فهو لم يشعر بشىء حقا
لتهتف مريم _أبيه صقر ..كده تقلقنا عليك..حمدا لله على سلامتك
خشيت ياسمينا أن تتحدث مخافة أن يهدر بها صارخا ككل مرة فاكتفت بالنظر اليه دون أن تتحدث
اقتربت مودي من والدها تقبله بحنان_سلامتك بابي ..أكيد انت مأكلتش كويس ..ممكن تأكل كويس علشان مش ازعل منك
عانق الصقر ابنته بحنان مقبلا اياه_حاضر يا حبيبتي
يحيى _سلامتك يا بابا صقر
مسد صقر على شعر يحيى بإبتسامة محبة ومن ثم
وجه الصقر حديثه للجميع_أنا اسف قلقتكم معايا ... أنا بقيت كويس الحمد لله .
الزيني_ربنا يطمنا عليك دايما يا ولدي ..هطلع علشان نسيبك ترتاح شوية
بدأ الجميع بالانسحاب واحدا تلو الآخر ما عدا بلال الذي علم من نظرات الصقر أنه يريده
فتح صقر فمه ونادي على ياسمينا _ياسمينا استني عايزك
استدارت ياسمينا بجسدها تنظر إليه وتزدري ريقها بخوف،فهي لا تعلم ما الذي يريده منها
أشار صقر لها بعينيه أن تقترب ،فنظرت لبلال بقلق بينما كان هو يستند بجسده على الكومود على الجانب الاخر من الفراش الذي يرقد عليه صقر
تحدث صقر بجدية_ياسمينا أنا أسف على اللي قلته ..عارف اني اسلوبي معاكي وقتها كان وقح جدا انا بعتذر مرة تانية
سُعدت ياسمينا باعتذاره كثيرا وتبدلت البسمة محل الخوف وقالت وهي تحرك رأسك_نو صقر مش زعلانه..لاني عارفه انك قلته من ورا قلبك
تنهد صقر بارتياح _شكرا لتفهمك ..تقدري تتفضلي ..عايزة اتكلم مع بلال شوية من فضلك.
عرفت ياسمينا في أي شىء سيتحدثان لذا غادرت بهدوء.
نظر صقر لبلال قائلا _اتكلم سامعك يا بلال عايز تقول إيه؟
ترك بلال مكانه وتوجه تجاه الفراش ليجلس مقابلا لصديقه_ في حاجة مهمة حصلت ولازم تعرفها يا صقر
حاول صقر التماسك وقال بصوت حاول جعله قويا_ان مودة ممكن تكون عايشة مش كدا !!
وقف بلال محله وهتفت بسرعة_صقر انت عرفت حاجة!! جمال وبدير اعترفوا بحاجة!
حرك صقر رأسه بالنفي وتنهد ليقول_لا طلعوا ميعرفوش اي حاجة..بس انا واثق انهم هيعرفوا قريب لأن اللعب خلاص هيبقى على المكشوف.
صمت هنيهة ثم قال مخفضا رأسه_هتصدقني لو قلتلك يا بلال إني من ساعة ما جيت الصعيد وانا حاسس أن روحها معايا هنا.... في احساس جوايا كان بيقولي انها مش بعيدة عني
...بس كنت دائما بترجم احساسي ده بإنها فعلا معايا وجوة قلبي لأني عمري ما نسيتها ولا هنساها يابلال...مكنتش اعرف أن احساسي ده معناه انها فعلا لسه عايشة ..
رفع صقر بصره الى بلال متسائلا بحيرة_هل فعلا ممكن تكون عايشة بعد السنين دي ...انا سمعت صوتها بيناديني يابلال ..بتقولي انها متأكدة إني هوصلها .
مد بلال يده بدون أن يتفوه بكلمة واحدة وفتح كف يد صديقه ووضع به السوار الذي أعطاه شاهين لمودي ،
وما أن رآه صقر حتى أمسك بذراع بلال بحدة وباليد كان يقبض على السوار بقوة _بلال جبت الانسيال ده منين!! انطق...ده بتاع مودة وعدتني انها مش هتخلعه من أيديها أبدا
صمت قليلا محاولا التذكر أثناء الحادثة لم يكن السوار يزين معصمها وقتها لكنه ظن انها ربما تركته بالمنزل حينها.
هتف صقر مرة اخرى _جبته منين اتكلم يا بلال
بلال_ياسمينا ..بتقول أن في ولد في عمر مودي ويحيى تقريبا، جابه لمودي هدية ..وده السبب اللي خلاها تقولك أن مودة ممكن تكون عايشة وانت لما سمعت كده طلعت فيها زي الطور .
ضيق صقر حاجبيه_ولد جابه لمودي!!! جابلها انسيال مودة!!!
_معقولة دي رسالة من مودة بتقولي انها عايشة!!؟
بلال_ده الاحتمال اللي الكل بيرجحه
هتفت صقر مسرعا _اسمه ايه الولد ده وهو فين مودي شافته فين!!!
بلال _لما ياسمينا سألت مودي عن اسمه،قالتلها شاهين
نهض صقر من الفراش واقفا ينظر للفراغ مشدوها_شاااهين!! مش ممكن
وقف بلال قبالته متسائلا _انت تعرفه ولا ايه؟
صقر وما زال ينظر أمامه للفراغ يقول بنبرة تحمل في طياتها الكثير من الأمل_ لو اللي أنا بفكر فيه صح ..يبقى الولد ده ابني
يا بلال..شاهين ابني ومودة لسه عايشة مماتتش...رشاد لعبها صح وقدر يخدعني طول السنين اللي فاتت.
أعاد بلال صياغة ما قاله صقر كي يفهم ما يفكر به_قصدك أن رشاد احتجز مودة عنده وعمل الانفجار ده خدعة علشان يوهمنا بموتها!!!
أمسك صقر بكلتا ذراعي بلال متحدثا بسعادة تشع من عينيه طربا _بالظبط كده.. انا فرحان ..فرحان اوي يا بلال.. معقول مودة لسه عايشة ...انا حاسس إني اتولدت من جديد..الحمد والشكر ليك يارب
تحدث بلال بحذر_صقر ..انا مش عايزك تفرح اوي ..احنا لسه مش متأكدين من ده ..خايف يكون كل ده أماني مش أكتر
ابتعد صقر عنه واقترب من النافذة ونظر للسوار ثم قرب إياه الى انفه وتحدث بحماس وفرحة تسع الدنيا بأكملها_انا متأكد
انها عايشة ..ريحتها لسه موجودة فيه يا بلال ..مودة عايشة هيه وابني شاهين ...ياه يا مودة سمتيه شاهين زي ما كنا مخططين.
ثم تذكر ابنته مودي فهتف بتلهف_ ..مودي فين علشان تقولنا شافت شاهين فين وقالها ايه بالظبط
_____
لم تستطع النوم ولا حتى تناول الطعام تلك الليلة من فرط التفكير، هل حقا سيفهم صقر رسالتها..هل سيعي انها مازالت على قيد الحياة
لكن ما كان يؤرق منامها هو خوفها من ألا يفهم أحد ذلك ..خوفا من ألا توصل مودي السوار إلي والداها ..تساؤلات كثيرة تجول برأسها وما عليها سوى الانتظار فقط ..ربما تجد ما يريحها بالغد
__
في الصباح
علم رشاد من رجاله ما حدث لجمال وبدير على يد الصقر وشكه بأن مودة ما زالت على قيد الحياة .
جلس مع ابنته وحفيده على طاولة الطعام والذي لاحظ انها ليست ككل يوم هنالك شيء يشغل بالها وتفكيرها حتى انها لا تتناول فطورها فقط تنظر له دون أن تقترب منه حتى
حمحم بصوته الجهوري الاجش_في حاچة شغلاك يا مودة!!
ارتبكت مودة ونظرت لوالدها بتوتر وهتفت بتلعثم_.حاجة!! ...لا ..مفيش حاجة
ضيق عينيه يرمقها بشك بعدما لاحظ توترها الظاهر للعيان
مدت يدها تمسد شعر ابنها الذي كان يتناول فطوره لهدوء، لتحاول أن تخفي توترها
ليلاحظ هو عدم وجود السوار الذي اعتاد أن يراه في يدها فقال بعد أن بدأ الشك يتوطد في قلبه اكثر..فاختفاء السوار
يتزامن مع وجود شاهين في ارض أخيه بالامس مع شك صقر بأن مودة لم تمت كل هذه الاشياء جعلت رشاد يشك في ابنته _فين الزينة دي اللي مكانتش بتتزحزح من إيدك ثواني!!
حملقت هي في يدها وحاولت جذب كم قميصها القطني تغطي مكان السوار ، وقالت بصوت مهزوز مرتعش_ تتت. تقريبا نسيتها جوه في الأوضة
ثبت نظراته في اعينها وهو يقول بنظرة دبت الرعب في أوصالها _ادخلي هاتيه من چوة ..
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
