#بقلم أسماء_عبد_الهادي
لا تتحدي الصقر ج٢
الفصل السابع والثلاثون
جلس يبصرها بعينين لا تبرحانها، يطالعها بنظرات لم تستطع تفسيرها، فاستغربت صنيعه فقضبت جبينها ترمقه بتعجب ومن ثم تسائلت في حيرة
_في إيه يا عادل ... بتبصلي كده ليه؟
هتف ومازال بصره لا يحيد عنها
_مستغربك
هزهزت رأسها باستغراب
فاستطرد قائلا
_مش مصدق اللي قاعدة قدامي دلوقتي مستكينة وهادية ، هي اللي كانت بتبكي وبتتناقر معايا من شوية
ابتسمت له ومن ثم تحدثت بنبرة واثقة وهي تضع قدم فوق أخرى
_لا دي كانت حالة موقتة وخلصت خلاص... إنت المفروض تتعود على كده
فتح فمه وابتسم بتهكم
_قولتيلي بقا .. ربنا يهديكي وأشوفك على الوش الهادي ده علطول .
لم تجادله واكتفت برشف جرعة من العصير بهدوء تام
لكنه استطرد مناديا عليها بجدية
_سلمى
نظرت له بطرف عينيها بينما كانت مازالت تشرب العصير
ليهتف عادل
_كنت عايز أسألك سؤال مهم .. مكنش ينفع أتكلم فيه وإحنا في الخطوبة لإني كنت متأكد إنك هتنحرجي تجاوبيني... لكن بم إننا كتبنا كتابنا خلاص .. فأنا عايز أسمع جوابه منك دلوقتي.
وضعت الكأس على الطاولة وهتفت باهتمام
_سؤال إيه
_إنتي ليه رفضتي تعملي عملية التجميل؟؟؟
طالعته بوجه خال من التعابير فلم يستطع أن يحصل على جواب من عينيها ، لتخفض هي بصرها لأسفل وتضغط بأصابعها على أطراف ثوبها وتتنحنح قائلة
_أحم.. أنا..
ليحرك عادل رأسه ..مشجعا إياها على التحدث
_قولي يا سلمى متتحرجيش .. أنا دلوقتي بقيت زوجك .
هتفت بسرعة وكأنما هناك أحد يلاحقها
_بصراحة محروجة أعمل العملية ... يعني مش متخيلة إني أكشف جزء من جسمي قدام الدكاترة علشان عملية تجميل.
_كنت متوقع إن ده هيكون ردك... رغم إنك معايا بتكوني عنيده أوي ولسانك طوله شبرين وعايز قطعه.. إلا إنك مع أي حد تاني غريب بتكوني خجولة جدا ووشك بيضرب ألوان من الكسوف.
استاءت من الجزء الاول من حديثه لكنها هتفت مازحة
_شكرا يا باشا... هعتبر اللي قولته ده مدح فيا.
صمتت قليلا ثم أردفت بجدية بسؤال دائما ما كان يجيش بصدرها وتود أن تعرف إجابته
_عادل هو إنت ممكن تنزعج من شكلي كده... أنا عارفة إني المفروض أعمل العملية وأظبت جسمي وخاصة إني على وش جواز وكده ..لكن صدقني حاولت ومقدرتش .. كل لما أفكر في الموضوع ده اتحرج جدا .
هتف عادل يرد على حديثها بعقلانية
_انا مش عارف الحرق عندك واصل لأي مرحلة وشكله عامل إزاي... لكن صدقيني في كلا الأحوال أنا معنديش مانع أبدا وأكيد هتقبله أيا كان ... تعرفي ليه لإن اللي بيحب مش
بيشوف عيوب حبيبه .. اللي بيحب بيشوف حبيبته في أحسن صورة .. وأنا بحبك يا سلمى ويكفيني جمال روحك وطيبة قلبك ..وكمان الحرق ده شىء خارج عن إرادتك .
سعدت لسماع كلماته تلك وشعرت بالثقة في نفسها أكثر لكنها قالت
_طيب إفرض الحب ده قل في يوم من الأيام ولأي سبب من الاسباب.. انت عارف أن قلوب البشر متقلبة ..ساعات الحب يزيد وساعات بيقل... خايفة في يوم ما يقل تشوفني قبيحة ومتتقبلنيش.
_الحب بيقل اه ... لكن مش بيختفي... واوعدك إني هحاول مأذكيش بأي كلمة تجرح مشاعرك أبدا وخاصة في النقطة دي ... سلمى أنا أختي متعرضة للي إنتي متعرضة ليه ده وأكتر.. وأكيد هزعل لو أسامة ضايقها بكلمة بسبب الموضوع ده.. ما بالك بزوجتي أنا .... مش عايزك تشغلي بالك بالموضوع ده أبدا.... لأنه مش هيكون فارق معايا
تنهدت براحة
_كلامك ريحني جدا يا عادل .. وخفف عني توتر نفسي رهيب كنت بمر بيه ... ومع ذلك خايفة كلامك ده يتغير ... إنت بتقول كده علشان مش عارف حاجة أو متحطتش في الموقف لسه .. مش عارفة ساعتها هيكون رد فعلك إيه؟؟
_علشان كده أنا مُصر إنك تعملي العملية.
لم تفهم مقصده .. فكيف يخبرها أنه يتقبلها كما هي وكيف يريدها أن تؤدي العملية ..فهتفت بحيرة
_إيه!!
_سلمى.. قلتلك أنا هتقبله متقلقيش.. لكن الخوف منك إنتي... إنتي هتفضلي حاسة بالنقص كل لما تبصي لنفسك في المراية... شيطانك هيسولك ...إنك مش جميلة وهيقلل ثقتك من نفسك وهتفضلي خايفة طول الوقت من نظرتي ليكي وده ممكن يسبب لينا مشاكل إحنا في غنى عنها .. فاهماني ياسلمى.
حركت رأسها بحرج فهذا تماما ما كانت تفكر به
ليردف هو
_علشان كده أنا بطلب منك تعملي العملية ..طالما في إيديكي إنك ترجعي ثقتك في نفسك ليه متعمليش ده ... علشانك إنتي قبل ما شىء .
هتفت بخفوت
_يعني إنت موافق إني أكشف جزء من جسمي قدام الدكتور .
أخذ نفسا عميقا ثم هتفت بهدوء
_مش بنبص للموضوع بالمنظور ده ... ده طب يا سلمى ... ولا حياء في العلم... إنتي مش هتكشفي جسمك علشان حاجة من كويسة... ده علاج ولابد منه .. مش مجرد رفاهية ... صدقيني لو كنت واثق أن الحرق مش هيأثر على نفسيتك بعد الجواز ...مكنتش أبدا هطلب منك تعملي العملية... أنا أول واحد كنت هرفض الموضوع.... وعامة نكشف تاني ممكن الحرق ينفع يتعالج من غير جراحة.
وضعت سلمى يدها على كتفها وقبضت على ملابسها وهي تتنهد بحيرة... فالحرق وصل بسلمى من أسفل كتفها بقليل من الأمام وحتى منتصف الجانب الأيسر من ظهرها .
ليبتسم لها عادل ليعيد لها بسمتها وثقتها في نفسها ومن ثم مد يده ليلتقط كفها التي كانت تقبض به على كتفها ليقبله
_ هتعملي التجميل ..علشان مش أشوف نظرت الضياع اللي في عنيكي دي... ماشي
بادلته الابتسامة وهي تشعر بالراحة من كلماته المشجعة لها والداعمة حركت شفتيها بخفوف
_مفهوم
قالتها وهي تسحب يدها من بين يديه بارتباك.. وقد تخضب وجهها من حمرة الحياء ..الذي أصبح عملة نادرة في الفتيات اليوم... أيا ليت الحياء يعود لبناتنا يوما
أسأل الله أن يهدي بناتنا وشبابنا يارب إلى كل ما يرضيك.
_____
استهجن ما يفعله..وتطلَّع إليه بنظرات إزدراء وهتف متهكما
_خلصتوا وصلة الهيافة الفارغة بتاعتكم دي ولا لسه شوية؟٠.
رمقه صقر بغيظ لكنه هتف بهدوء عكس ما يضن في صدره من ألم ووجع
_أظن إن دي زوجتي يا عمي .. زوجتي اللي اتحرمت منها هيه وابني لسنين .. إيه مستنكر عليا أشوفها لثواني؟ ...ده أنا حتى مش عارف ألمس إيديها ..شايفها خايفة ومفزوعة ومش طايل أخدها بين إيديا أهديها .. ببعدها عني رغم إني من عايزها تبعد عني لحظة.
ليقرقر رشاد عاليا ويهتف بتهكم
_انت اللي هتبعد عنها وحالا... اتشاهد على روحك ودلوقتي يا صقر .
لتنتفض مودة من مكانها بفزع على شريان حياتها
_صقر!!!!
صاح صقر بصوت عال لمودة
_خليكي عندك متتحركيش ... علشان خاطري يا مودة.
حركت رأسها رافضة لما يقوله، فوالدها يبدو أنه سيفعلها هذه المرة ولم يتراجع
_مقدرش .. مقدرش ياصقر ..سامحني.
لم يجد صقر بُد سوى أن يتحدث معها بقسوة، حتى يثنيها عن الاقتراب حتى لا تتأذى هي وشاهين من رصاصة غادرة، لذا هتف بنبرة صارمة قائلا من خلف قلبه
_لو أتحركتي من مكانك ... يبقي إنتي في طريق وأنا في طريق يا مودة.
لتهتف ببكاء ولوعة
_لا يا صقر .. حرام عليك ..بتعمل فيا ليه كدا.
ليتآكل من الحزن لأجلها غير عابىء بذلك السلاح الذي يشهره رشاد في وجهه
_اسمعي الكلام يا حبيبتي ..يا كل دنيتي .. متصعبيش الموضوع عليا أكتر من كدا.
لتجلس مودة مكانها مرة أخرى وقلبها قد حلّق لصاحبه وبات ملاصقا له ..حتى شعرت أن قلبها يكاد يتوقف في أي لحظة من هول ما تمر به.
فهي ممنوعة من الحراك وانقاذ حبيبها .. مسموح فقط بأن تشاهد وتبكي فقط
أغمض صقر عينيه برهة ليستعيد ثباته ومن ثم فتحهما لتظهر عينيه أكثر قوة وثباتا ...تتوهج بلهيب يشع ثقة وقوة
ليهتف قائلا
_لوقتلتني في التوقيت ده ...مش خايف العيون كلها هتكون عليك انت لإنك الوحيد اللي هيكون ليه مصلحك في موتي... بتتخلص من المنافس الوحيد ليك.. كدا ولا إيه؟؟
لم يبدو على رشاد التأثر بكلامه لذا قال بثقة
_بعد ما أجتلك رجالتي هيخدوك للجبل ...ومحدش هيعرف ساعتها مين جتلك .. جتاع الطرج "قطاع الطرق" هناك كتير وأكيد طلعوا عليك وجتلوك علشان يسرقوك....شفت سهلة إزاي... مسكين يا ابن أخوي كنت لسه في عز شبابك
ابتسم صقر ..ابتسامة استطاعت أن تستفز رشاد واستطرد قائلا
_لا برافو يا عمي عرفت تلعبها صح... بس ليا رجاء عندك .. فكني عايز لما أموت، أموت حر مش ذليل ومقيد .. إلا إذا إنت ليك رأي تاني يا عمي؟
نظر له رشاد بازدراء
_بس كدا .. طلباتك أوامر يا ابن أخوي.
أقترب رشاد من صقر ودار خلف كرسيه وفك قيد يده وهو يهتف
_معنديش مانع أحجج لك آخر أمنية قبل ما تموت.
ليهتف صقر بهدوء تام
_شكرا يا عمي .. وعلشان كرمك ده أنا محضر لحضرتك مفآجئة هتعجبك أوي .. بس مش عارف إتأخرت ليه!!!
طالعه رشاد باستغراب فهو لم يفهم عن أي هدية يتحدث وما تلك النظرات الماكرة التي يرمقه الصقر بها
ليهتف رشاد بنفاذ صبر
_مفآچئة إيه دي!! ..هتتنازل عن الانتخابات!! ... متشغلش بالك أني خلاص قررت أجتلك وارتاح منك.
ما أن انهى رشاد كلماته حتى دخل أحد رجاله مهرولا وعلى وجهه آمارات الزعر والتوتر
_إلحق يا كبير .. مصيبة سودة وحطت على دماغنا.
نظر رشاد إلى صقر برهة ثم نظر إلى رجله متسائلا
_مصيبة إيه دي ... انطج علطول يا بجم إنت.
ليقول الرجل لاهثا
_مخزن السكر القديم ...البوليس طب عليه فجأءة واكتشوا مكان المعمل السري... اللي بنحضر فيه المواد الكيمائية.
لتتسع حدقتي رشاد بصدمة
_هتجول إيه!!!... إزاي ده يحصل وإنتوا كنتوا فين وازاي تسمحلوا إنهم ينزلوا النفق
_ياباشا... دول جايين وعارفين أن في معمل سري في النفق.
ليهتف رشاد بغضب
_يعني حد مبلغ عننا!!!! ..مين اللي يستجرا يعمل كدا.
أقترب من الصقر وانقض على ملابسه أسفل عنقه
_محدش غيرك يجدر يعملها.. هيه دي مفآجئتك مش إكده.
لم يهتز لصقر شعرة واحدة وانما رمقه بابتسامة قائلا بمكر
_لاااا. .. لا لا ودي مفآجئة بردو يا عمي!
فاض برشاد ذرعا من برود صقر ...ولعبه بأعصابه
لذا هتف به غاضبا
_متحاولش تكذب عليا... محدش يستجرا يعمل إكده غيرك ...بس متخافش بسيطة وهعرف أخرج منها بسهولة .
ورفع مسدسه إلى رأس صقر كي ينهي حياته.
ليهتف الرجل
_مش هوه يا باشا اللي عمل إكده .
حول رشاد بصره تجاه الرجل
ليردف الرجل قائلا
_چمال وبدير هما اللي عملوها يا باشا ... في واحد تبعهم خاف من انتجامك، وچه وشى باللي عملوه
ليتحول وجه رشاد للجحيم
_عملتها يا چمال الكلب ... طول عمرك حقير وخاين ونيتك سوء.....
ليضحك الصقر وهو يقول
_تقدر تقول بقا ان دي مفآجئتي... إيه رأيك؟؟...بعت حد من رجالتي علشان يملي راس جمال بإنه آن الأوان بقا إنه يحل مكانك... هتفضل لحد إمتا مسيطر على السوق ...وهو هيفضل لحد إمتا مجرد تابع، ليه ميتخلصش منك ويكون هو الكل في الكل والكلمة كلمته... وبصراحة جمال زي ما انت عارفه، ما
صدق .. وبلغ عن المخزن بتاعك ووشى بمكان المعمل ... وبصراحة بقا مكانش صعب عليا بعد كدا أعرف بقيت أوكارك اللي بتعمل فيهم أعمالك السودا... أينعم مش كلهم لكن مصيرهم هينكشفوا مفيش حاجة هتستخبى.
ليهتف رشاد بأعين زائغة تملأها الغضب
_يعني إيه!!
_يعني انت خلاص ضعت يا رشاد... البوليس دلوقتي في كل أوقارك ومتحجز على بضاعتك... ده غير ان الناس كلها تلاقيها عرفت بده وسمعتك بقت زي الورق المحروق اللي ريحته فاحت... ده غير إني بلغت بإنك السبب في الانفجار وهيعيدوا فتح ملف القضية من جديد وبعون الله القضية لابساك لابساك..ممم أقول كمان ولا كفاية... أه افتكرت قول باي باي الانتخابات انت خلاص استبعدت منها... وخد عندك دي كمان... أنا مكنتش مترشح للانتخابات ولا حاجة... أنا كنت
بوهمك بده علشان تنشغل بمنافسك القوي اللي هو أنا يعني ..وبكدا أعرف أنا أدور وراك كويس... وللأسف أكتشفت بلاوي تخليك تأخد إعدام حدف.
ارتجف بدن رشاد فهو لم يصدق أن كل شىء سينهدم فوق رأسه بهذه السهولة..عرف أنه استهان بمنافسه كثيرا حتى حال به الحال إلى هذا الوضع الذي لا خروج منه.
ليقول صقر بنبرة بدت حزينة
_منك لله يا رشاد ضيعت نفسك وضيعت شباب كتير معاك ... كان ناقصك إيه قولي ... كنت رئيس البلد كلها وراجلها والكل بيسمع كلمتك.. كان عندك مالك اللي معيشك عزيز وسط الناس... كان عندك ابن مستعد يضحي بروحه علشانك (يقصد
نفسه"صقر")... كل حاجة كانت بين إيديك...لكن انت اللي سلمت نفسك للشيطان يتحكم فيك زي ما هو عايز ..بل يمكن انت كنت الشيطان نفسه..ماهي عمايلك ميعملهاش إنسان
أبدا... روحك اتجردت من المشاعر لحد ما بقيت من غير قلب بتقتل الناس كأنك بتفعص صرصار تحت رجليك ... بس كان لازم تعرف من البداية اللي ياما حذرتك من الانجراف في الطريق ده.... أن لكل ظالم نهاية ... وان لكل جواد هفوة...
وانت هفوتك إنك اتحدتني يا رشاد ... اتحديت الحق والحق عمره ما بيموت، ولو دام الشر لسنين مصيره هيزول ...عارف ليه .. علشان كان من باب أولى فرعون مصر يفضل ملكه لحد
دلوقتي لأن شره كان أعظم وكان أكتر طواغية وظلم .. لكنه في النهاية هلك ..زي كل الأمم الطاغية ما هلكت وماتت شر ميتة ... اندثرت تحت التراب والحق بس اللي فضل زي النبتة الخضرا الطيبة على الأرض ينمو جيل بعد جيل...وهيستمر لحد قيام الساعة
انهى صقر كلماته والتي قصد أن تطول لحتى يسمع صافرات سيارات رجال الشرطة تنذر بالقدوم ومحاوطة البيت كله
ليبتسم الصقر
_استسلم يا رشاد انت خلاص أوت ... هارد لاك ..وياريت لا تتحدى الصقر مرة تانية.
ليجد رشاد ينتفض غضبا وهو يرى رجاله يفرون هاربين عندما استمعوا لسيارات الشرطة والتي تبدو كثيرة العدد ..فيرفع يده ليحرك مسدسه ..فيظنه صقر أنه يود قتله
فما كان من صقر إلا أنه ...بسط كلا ذراعيه جانبا وهو يهتف بهدوء
_أنا عندك أهو يا عمي اقتلني ...بس لازم تكون عارف أن قتلي مش هيغير من مصيرك حاجة.
لكن رشاد لم يفعل بل ظلت يده معلقة في الهواء وهو يهتف بانكسار
_بعد سنين عمري دي كلها وأقع بسهولة كده... بعد الجبروت اللي عيشت الناس عليه علشان محدش يستجرا يرفع عينه في عيني ... هيكون نهايتي بالشكل الذليل ده... لكن ده مش هيحصل أبدا ... أنا عندي أموت نفسي ولا إني اتاخد قدام الناس زي المجرمين والحرامية إكده... اعترف إنك اللي فزت
يا صقر بس ده كله علشانك تربيتي ...لكن متفرحش أوي مش هحجج لك غايتك إنك تشوفني مكسور ..الموت عليا أهون من نظرة الشماتة في عينيك وعيون الناس.
قالها وهو يرفع مسدسه يصوبه تجاه رأسه.
لتغمض مودة أعينها بألم مكتوم وتدفس رأس ابنها في حجرها حتى لا يرى هذا المشهد المؤلم .
لكن الصقر جرى بسرعة نحو عمه ليبعد يده
_لا يا عمي مش هسمحلك تعمل ده أبدا... حياتك مش ملكك تنهيها زي ما انت عايز ... جايز لسه في وقت إنك تتوب ... لو دخلت السجن ممكن هناك تراجع حساباتك وترجع لربنا وتندم
على اللي عملته...لكن لو مت دلوقتي هتقابل ربنا تقوله إيه ... مش هسمحلك تموت كافر يا عمي.. مش هيحصل أبدا.
إلا أن رشاد أصر على ذلك ...فدارت بينهما معركة حامية يحاول فيها الصقر أن يبعد السلاح من يد عمه .... لتخرج طلقة غشيمة دون عمد منهما ...وتستقر في صدر صقر ليهوى على الأرض من شدة الألم ..ويفر بعدها رشاد هاربا من ممر سري أسفل البيت .
____
فتحت أعينها بذعر عندما استمعت لصوت الطلق الناري ،لتجده زوجها هو من تلقى الرصاصة ،فهرولت تجاهه صارخة باسمه
اقتربت منه تحتضنه بفزع، تتحسس موضع إختراق الرصاصة لجسده، لترى الدماء تخرج منه بغزارة شديدة وتنظر ليدها التي تخضبت من دماءه بصدمة شديدة، لتقول بارتجافة قلب كاد يهوى من مكانه من هول ما ترى، محاولة إفاقته فهي رأته يغلق أعينه بألم وضعف شديدين_صقر، لا فوق يا صقر
لكنها لم تجد أي استجابة منه، فترتعش أيديها وهي تحاول وضعها مكان جرحه في محاولة لوقف النزيف وتقول ببكاء يقطع نياط القلوب من لوعته_لا صقر فوق أرجوك أنا ما
صدقت لقيتك، انتظرتك طول السنين دي كلها ويوم نتجمع تاني، ألاقيك كده، صقر متسبنيش علشان خاطري، أنا كنت صابرة على أمل نتقابل تاني، صقر اديني أهو جنبك أنا مودة حبيبتك، صقر، رد عليا
حاول هو فتح أعينه وبصعوبة بالغة قال وهو يرفع يده بضعف تجاة وجهها_الظاهر مش مكتوبلنا نربي اولادنا سوا...خدي بالك من شاهين ومودي يا.... مودة قلبي...أنا...واثق في تربيتك... بحبك وعمري ما حبيت ولا هحب غيرك.
بعدها صمت رهيب ساد المكان بعدما سقطت يده عن وجهها لتهوى على الارض في سكون تام ...أعقبه صرخاتها التي ملأت المكان باسمه
كان مشهد مؤلم ، تابعه بلال فلقد وصل للتو ليرى صديقه يلتقط أنفاسه الآخيرة بين يدي زوجته التي افترشت الارض وجعلت من أرجلها وسادة له
لكن كانت هناك أعين صغيرة تنظر للموقف بانتشاء وتشفي عجيب، لما حدث للصقر.....
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
