لا تتحدي الصقرج٢
أسماء_عبد_الهادي
الفصل الثامن والثلاثون
لا أحلل نشر روايتي دون إذني
______
لحظات من الصدمة حلت على ملامحها، ليصبح وجهها مصفرا، وكأنه خال من الدماء، حملقت به مشدوهة كمن أصابها التصنم فأصبح قلبها مثلج يكسوه الصقيع الذي شل أطرافها من شدة بردوته ، لا تصدق أن زوجها لا يتنفس ... أهو قد فارق الحياة .. أبعد سنوات الفراق ...وبعد أن تقابلا أخيرا...تلقاه ميتا؟
أقترب بلال من الصقر بسرعة ليجده حقا لا يتنفس، فنظر لمودة التي بدت وكأنها انتقلت هي الأخرى لعالم الموتى فهي جلست متجبسة لا تتحرك قد شلت الصدمة أطرافها فلم تقو حتى على البكاء ،
وكأنما تبدل به الحال... ليعيد الزمن نفس المشهد ونفس المنظر ولكن الصقر هذه المرة هو الذي سقط صريعا وليس بلال ، لذا فما كان من بلال إلا أن حاول إنفاذ صديقه بأي طريقه كان كما فعل هو سابقا معه .
لذا هدر بمودة بصوت عال حتى تفيق
_مودة مش وقت صدمة ارجوك... لازم ننقذ صقر.. أنا محتاج شريط لاصق بسرعة ولو موجود شايلموه هاتيها بسرعة ... مودة... صقر مماتش بس لو ملحقناهوش حالا ممكن يموت فعلا.
عملت كلماته على إفاقتها ... فجرى الدم في عروقها ثانية ونظرت لزوجها بفرحة وكأنما أُعيدت إليها روحها
فصاح بلال بها وهو يمسك الزهرية ويكسرها بدفعها بقوة في الطاولة ليتناثر زجاجها على الأرض
_بسرعة يا مودة هاتي شريط لاصق وشاليموه حالا .
لتنهض مودة على الفور لتأتي بما يطلبه...وهي لا تعلم لماذا يريد هذه الأشياء
بينما هو أمسك إحدى القطع الزجاجية المتناثرة
واقترب من الصقر يشق ملابسه بسرعة ... حدد مكان ما في صدره بدقة متناهية ومن ثم غرز القطعة الزجاجية في المكان الذي حدده ليخرج الدم بغزارة كنافورة دماء صغيرة
لتشهق مودة بعدما أتت بالمطلوب ورأت هذا المنظر فقالت بأعين باكية مصدومة
_بلال ... إنت بتعمل إيه ؟..إنت بتجرحه زيادة؟
لم يرد عليها بلال وإنما أخذ منها الشاليموه، ليضعه في المكان الذي فتحه في صدر صقر وبدأ في شفط الدماء منه ومن ثم بصقه من فمه على الأرض
كانت تتابع الموقف باستغراب ودهشه وهي تصيح به
_بلال .. فهمي انت بتعمل إيه .. صقر دمه هيتصفى.
تابع بلال عمله بهدوء، فما يفعله يحتاج إلى اتزان وثبات إنفعالي حتى يتمه بشكل صحيح.
لم يتوقف بلال عن ما يفعله حتى شاهد الصقر يفتح فمه ليتنفس بقوة كبيرة وكأنما حُبس الهواء عنه لفترة طويلة
فيبتسم حامدا الله على أن صديقه مازال على قيد الحياة
فصرخت مودة من الفرحة منادية بإسم زوجها
_صقــــر
بعد ذلك أخذ بلال الشريط اللاصق وقام بسد تلك الفتحة الصغيرة التي أحدثها في صدر صديقه كما عمل على كتم الدماء التى تخرج من الحرج قدر ما استطاع
نظر صقر إلى بلال بضعف فعلى ما يبدو أنه سيغيب عن الوعي في أي لحظة
_و..صي..تك ..مودة..و...أولادي.. يا بلال .
احتضن بلال صديقه بقوة وهو يقول بعدما شاهده يغيب عن الوعي ثانية
_هتعيش يا صاحبي ومحدش هيربيهم غيرك.
بدت مودة كالبلهاء لا تفهم شيئا ونظرت لزوجها بأعين زائغة.. ماذا الآن .. لم فقد وعيه ثانية
ليهتف بلال مطمئنا إياها
_متخافيش هو فقد الوعي من شدة الألم .. لكنه بيتنتفس الحمد لله بس لازم يتنقل العمليات فورا .
قال كلماته ليجد رجال الشرطة تدلف المكان ...فحمله بلال على الفور وهو يهدر بهم
_وفرولي عربية بسرعة هيموت مننا
وعلى الفور تم نقل الصقر إلى السيارة التي ستوقله للمشفى بصحبة بلال ومودة وشاهين الصغير الذي كان يتابع ما يحدث دون إصدار أي رد فعل يذكر
أما بقية رجال الشرطة فأخذت تجوب المكان بحثا عن رشاد الذي اختفي كالشبح ولا أثر له.
في داخل السيارة
أمسكت مودة بيد زوجها و التي أصبحت شاحبة ..وبدأت تنتحب بلا صوت وهي تتمتم تدعو ربها
_يارب نجيه يا رب
ليهتف بلال بيقين في الله
_هيقوم منها أنا كلي يقين بربنا.
هتفت به في اهتمام متسائلة
_هو انت كنت بتعمل ايه.. وازاي قدرت تخلي صقر يتنفس تاني.
_كنت بسحب الدم اللي كان متجمع في مجرى التنفس ...لو صقر كان فضل على الوضع ده أكتر كان ممكن يموت مخنوق
رمقته مودة بامتنان
_أنا مش عارفه أشكرك إزاي يابلال انت فعلا نعم الصديق.
_أنا كنت بعملها وأنا حاطط إيدي على قلبي ... أي غلطة كانت ممكن تموته ... بس الحمد لله ربنا سلم.... بس يعدي من موضوع الرصاصة دي على خير يارب
نظرت مودة إلى الدماء التي غطت صدر صقر بالكامل وهتفت بخوف
_ربنا يسلمه يارب ويقوم بالسلامة ... صقر لو جراله حاجة أنا ممكن أموت وراه
_متقوليش كده يا مودة.. أن شاء الله خير.
لم تستطع مودة التظاهر بالثبات أكثر فانفجرت باكية
_مش هتحمل يجراله حاجة يا بلال... ياريتني كنت أنا مكانه... يا ريتني مسمعتش كلامه وفضلت مكاني ... ياريتني كنت أخدت أنا الرصاصة بداله ... يا حبيبي يا صقر.
أمسك شاهين بيد أمه وهتف بخوف
_ماما.
ليحيطه بلال ب يديه وهو يقول لمودة
_مودة.. حاولي تتماسكي أكتر علشان شاهين.
وصلت السيارة أخيرا إلى المشفى ...رغم أنها لم تستغرق سوى عدة دقائق إلا إنها كانت تمر عليهم وكأنها عقدا كاملا.
تم نقل صقر لغرفة العمليات فورا ...بينما انتظر بلال ومودة يتآكلهم الخوف على الصقر فهو فقد الكثير من الدماء.
____
تنحنح عبد الله وهو ينادي على عادل
_عادل
هم عادل ليفتح الباب
_تعالى يا خالي اتفضل
دلف عبد الله إلى المنزل وجلس جوار ابنته ، يعانقها بحب
_ألف مباااارك يا حبيبتي .. ربنا يتمم لكم على خير.
لتقبل سلمى يد أبيها بحب بالغ
_حبيبي يا ابو لوما يا عسل انت .. ربنا يباركلنا فيك.
ليهتف عبدالله بتذكر
_صحيح ياعادل.. أخبار أستاذ صقر إيه ..مش كان من باب أولى تعزمه على كتب كتابك يا ابني!
_بقالي فترة مكلمتوش والله يا خالي.. معاك حق أنا نسيت خالص أكلمه ...بس ملحوقة بإذن الله هعزمه على الفرح أكيد.
_طب ما تكلمه يابني وتسلملنا عليه ..وبالمرة تقوله تفرحه أن كان كتب كتابكم النهاردة... أنا عارف إنه هيفرح أوي لسلمى وأميرة
أخرج عادل الهاتف وقام بالاتصال على الصقر وهو يقول
_حاضر يا خالي بطلبه أهو.
طلبه مرتين لكن لا رد
ليهتف عادل
_تلاقيه مشغول... لما برن عليه ويكون مش فاضي أو مسمعوش... بيرجع يكلمني بعدها .. لما يكلمني هبلغه سلامك يا خالي.
نهض عبد الله من مكانه
_ماشي.. حيث كدا بقا ..أنا طالع شقتي فوق... هتيجي معايا يا سلمي
همت سلمى لأن تلحق بوالدها إلا أن عادل أمسك يدها ليجلسها ووقف هو أمامها
_ايه يا خالي تيجي فين هو إحنا لسه قعدنا مع بعض... متشغلش بالك إنت... سلمى هتبقى تبات مع أميرة .
ابتسم عبد الله للحب الظاهر في وجه عادل وهتف قائلا
_ماشي ربنا يهنيكم... خلاص يا سلمى إبقى نامي النهاردة مع أميرة ولو حابة تطلعي ا..
قاطعه عادل
_هبقى أطلعها أنا بنفس يا خالي ..متقلقش .. سلمى بقت مسئولة مني دلوقتي.
ليزفر عبدالله بادعاء الضيق
_طيب أنا طالع .. الظاهر أن عادل عايز يطفشني بالزوق كدا
ابتسمت سلمى وكذلك عادل الذي هتف مدافعا عن نفسه
_أبدا يا خالي...ده انت الخير والبركة.
____
انتشر خبر إصابة الصقر كالنار في الهشيم ، فأتى الجميع مهرولون إلى المشفى...وكانت أكثرهم تأثرا بالخبر الذي نزل على مسامعها كالصاعقة هي ياسمينا ..التي بدت منهارة تماما وخائفة على أن يصيب الصقر مكروه... ذلك الرجل الذي استطاع أن يغير منظورها في الزواج دون أن ينطق بحرف واحد بهذا الشأن... ذلك الرجل الذي استطاع أن يجعل قلبها يتحرك من رقدته ويفيق من ثباته .
وصلوا جميعا إلى المشفى ليجدوا مودة تجلس منهارة هي الأخرى فالوضع بالداخل يبدو أنه ليس مبشرا أبدا
استقبلها الجميع بحرارة كبيرة وخاصة مريم التي كانت سعادتها غامرة لرؤيتها أختها الحبيبة من جديد .. لكن ما كان يعكر صفو فرحتها هو ما حدث لصقر ..ذلك الرجل الذي طالما كان لها الأخ والحمى والسند..ذلك الذي الذي وقف جوارها وأخذ بيدها وأهتم بأمرها..الأمر الذي لم يفعله شقيقها جمال ولو لمرة واحدة في عمره....لذا هتفت بفرحة ممزوجة بوجع
_مودة أنا مش مصدقة نفسي ... الحمدلله .. الحمد لله إنك بخير يا حبيبتي..أخيرا هشوفك تاني ..بعد ما كنت فقدت الأمل... أخيرا رجعلتنا تنوري حياتنا من جديد.
عانقتها مودة بشدة وكأنما تريد أن تستمد منها القوة التي فقدتها مذ أن رأت زوجها يخر مصابا
_مريم حبيبتي.. وحشتيني أوي...
صمتت قليلا ثم هتفت ببكاء وهي تشدد من عناقها
_ رجعت علشان أعرض حياة صقر للخطر يا مريم... ياريتني ما رجعت ياريته مكانش عرف مكاني ..مكانش ده بقا حاله ... ياريتني كنت أنا مكانه دلوقتي يا مريم ...ليه الرصاصة مجتش فيا أنا بداله ليه.
ليقترب منها عمها أحمد وهو يقول
_استغفري ربك يا بنتي.. جدر ومكتوب... ربنا يجومه بالسلامة
لتخرج مودة نفسها من بين ذراعي صديقتها ..لتلقي بنفسها بين يدي عمها الذي استقبلها بالترحاب، فهو دائما ما كان جيدا في حقها ويحبها كابنته التي لم ينجبها
وهي تهتف باكية
_عمي.. أنا أسفة أوي ..أنا السبب في كل اللي بيحصله... أنا..
قاطعها أحمد ..وهو ويربت على كتفها
_متجوليش كدا يا مودة... حمدالله على سلامتك يا بنتي نورتينا كلنا من تاني .. متحمليش نفسك ذنب مش ذنبك
لتدفس مودة رأسها بين ذراعي عمها
_صقر هيروح مني يا عمي وأنا ما صدقت رجعلي تاني.
_خلي عندك إيمان بربنا يابنتي.. هيجوم منيها بإذن الله ..ربك كبير.
هتفت بخفوت
_ونعم بالله.
اقتربت منها تلك التي تبكي ولدها
_وأني مليش نفس في حضن كبير زي ده...يا حبيبة الغالي!
كانت مودة تتحاشى النظر إلى رباب تخشى نظرة تأنيب لما حدث لابنتها بسبب أبيها..لكنها ما أن استمعت لما تفوهت به رباب الآن علمت أنها لا تحمل في قلبها أي ضغينه منها
فابتسمت لها باكية، فأخذتها رباب بين يديها في حنان بالغ
_نورتينا من تاني يابنتي .. الخبر المكذوب كان فاجعة علينا كلنا ..بركة إنك بخير .. الحمدلله.... ربنا يطمنا على ولدي.. ويجمعكم على خير تاني من أجديد يارب
_يارب يا ماما يارب
قالتها مودة وهي تضع رأسها على كتف رباب
تستند عليه من التعب...تحاول أن ترتاح قليلا مما ألم بقلبها من تعب.
ليتناهى إلى مسامعها صوت نسائى يبكي ..فترفع رأسها لتجدها ياسمينا وتجلس مريم جوارها تحاول تهدئتها وإلى الجانب الآخر تجلس تلك الصغيرة التي تشبهها إلى كبير .
فقامت من مكانها واقتربت منها تهتف باسمها
_ياسمينا
بدت ياسمينا غير قادرة على النهوض ..فنهضت مريم من مكانها لحتى تجلس مودة جوارها ...لتنعانق الاثنتين بعضهن بشدة ..ربما لأن الاثنتان روحهن معلقة بذلك الذي يرقد في غرفة العمليات الآن.
حاولت ياسمينا التماسك وأشارت إلى تلك الصغيرة جوارها والتي تبكي لبكاء أمها وخوفا على أبيها
_مودة ...بصي دي مودي بنتك انتي وصقر.
نهضت مودة من مكانها لتقترب من تلك الصغيرة ورمقتها ببسمة تشق طريقها من بين تلك الدمعات القلقة على زوجها
_مودي.. بنتي
طالعتها مودي باستغراب
لتهتف ياسمينا مشجعة بصوت متحشرج خائف أيضا على الصقر
_مودي .. دي مامي مودة اللي بابي صقر بيحكيلك عنها.
ما أن استمعت الصغيرة لذلك حتى احتضنت أمها بسعادة وهي تهتف ببراءة
_مامي... أنا مبسوطة أوي إني شفتك... كدا بقا عندي اتنين مامي
لتهتف مودة وهي تشير لابنها الذي يقف بعيدا ويقف معه بلال محاولا أن يجعله يقترب من الجمع ولو قليلا لكنه يرفض أن يتحرك من مكانه
_وده أخوكي شاهين يا مودي ...شاهين صقر الزيني.
سرت مودي بهذا كثيرا وقامت من مكانها تجري نحوه بسعادة إلى أن تقف بجواره
_شاهين يبقى أخويا!!! ...يااس ..أنا كنت بحب اللعب معاه أوي
وقف شاهين ينظر لها مشدوها ..لتقترب منه مودة وتهتف بابتسامة تجاهد لأن تخرج
_سلم على أختك يا شاهين... مودي تبقى بنتي زيك بالظبط
ليبتسم لها شاهين ..فينشرح قلب مودي ومن ثم تمسكه من يده لتجلسه جوارها على المقعد
ليهتف الزيني بفرحة وهو ينظر لشاهين ذلك الصغير الذي يبدو على ملامحه القسوة وقوة الشخصية
_ده حفيدي ..ولد ولدي ..الغالي بن الغالي..ربنا يجومه بالسلامة يارب.
لتهتف مودة
_شاهين ..سلم على جدو أحمد الزيني.
ليهتف شاهين باستغراب
_جدو أحمد مين!!!... أنا معنديش غير جدو واحد بس ..جدو رشاد.
أغمضت مودة أعينها بألم فقط ذكر اسم والدها يعيد إليها مشهد إصابة حبيبها ذلك المشهد الذي يدمي قلبها ويعصف بما تبقى منه
ليهتف الزيني قائلا
_أنا كمان چدك يا شاهين ... جدك أبو أبوك صقر.
ليهتف شاهين بوجه عابس
_لا.. أنا مبحبش صقر ..هو مش بابا ..مش عايزه.
وضع الجميع أيديهم على أفواهم من صدمة ما سمعوا من الصغير ما عدا بلال الذي كان يعلم أن رشاد قد لعب بعقل الصغير إلى أن يجعله يكره والده لهذا الحد
لكن مودة لم تستطع أن تقف هكذا ومع توترها وخوفها على زوجها رفعت يدها لتهوي به على وجنة شاهين وهي تصيح ببكاء
_ولد.. لما تتكلم على باباك تتكلم باحترام.. وصقر باباك غصب عنك فاهم..أنا تعبت أفهمك حرام عليك بقى يا شاهين أنا مش ناقصة.
أمسكتها مريم لتبعدها عن شاهين وهي تنهرها على ما فعلته
_ليه كدا يا مودة بس ..اللي عملتيه ده غلط
لتبكي مودة بانهيار
_مبقتش قادرة أتحمل يا مريم.. بابا عرف يخلي شاهين يكره صقر ..حاولت أغير نظرته دي معرفتش .. اللي بيحصلي دا كتير.. يارب ..يارب الصبر من عندك يارب.
نظرت مودي إلى أخيها باشفاق والذي بدى أنه لم يتأثر بما فعلته أمه أبدا
_متزعلش ياشاهين... بس أنا كمان زعلانة منك... علشان انت مش بتحب بابي صقر.
ليدير شاهين وجهه الناحية الأخرى وكأن ما تقوله لا يعنيه.
واخيرا خرج أحد الاطباء والتي هرولت تجاهه ياسمينا سريعا لتهتف بلهفة
_دكتور ..بليز طمنا
ليضم الطبيب شفتيه بأسف
_للأسف حالة المريض صعبة جدا.. والرصاصة كانت جنب القلب مباشرة ..لو عدى ال ٤٨ساعة دول على خير يبقى ربنا كتبله عمر جديد
لتشهق ياسمينا من هول ما تسمع ..ثم تهتف مسرعة
_طب إحنا ممكن ننقله على أحسن مستشفى في القاهرة أو حتى نسفره برا المهم إنه يبقى كويس.
ليقول الطبيب بهدوء
_للاسف حالة المريض متسمحش ..مجرد الحركة فيها خطورة على حياته
لتترنح ياسمينا في وقفتها تهتف بلوعة
_يعني إيه
ليهتف الطبيب بينما يغادر إلى مكتبه
_مفيش قدامنا غير الدعاء... عن اذنكم وربنا يطمنكم عليه.
ليخيم الحزن على الجميع كسحابة سوداء تمطر قلوبهم وجعا وكمدا ..فيسود الصمت ويسكن الصوت إلا من صوت البكاء المرير.. فمنهن من تبكي حبيبا والأخرى تبكي روحها والأخرى تبكي فلذة كبدها والرابعة تبكي أخا لن يعوضه الزمن مرتين.
أما الزيني وبلال فبديا متماسكين ..يتمتمان بالذكر والدعاء لعل الله يستجيب لهم .
___
اقتحم رجال الشرطة المنزل وقاموا بكسر الباب عنوة .. ليتفاجىء جمال وبدير بأن رجال الشرطة ... تدلف لتهجم عليهما ...تكبل أيديهما بالاصفاد بينما كانت ينتظران أن تفعل هذا مع رشاد وليس معهما
ليهتف جمال بغضب محاولا فك قيود يده
_استنوا إنتوا فاهمين غلط... رشاد هو صاحب المخزن المشبوه مش إحنا.
ليدفشه الشرطي للخارج
_إحنا معانا أمر بالقبض عليكم فامشوا من سكات
ليتلون أعين جمال للغضب
_يبجى ده أكيد كان ملعوب واتلعب صح علينا...هو محدش غيره اللي جدر يخدعنا...
ليهتف بدير بغيظ
_ضيعتنا يا جمال بغباوتك... ما احنا كنا كويسين وشغالين زي الفل
ليهتف به جمال بضيق
_انت كنت موافجني على اللي عملناه..فمتجعدش تبرطم وتولول دلوك .. صقر بن عمي .. مش هيكفيني فيه روحه
ليزجره بدير بغيظ
_ابقى قابلني لو عرفنا نخرج من السجن المرة دي.. ولو عمك رشاد دخل معانا يبجى جول على روحنا يا رحمن يا رحيم.
ليضع جمال يده على رقبته بفزع مما قد يفعله به عمه رشاد من انتقام بسبب وشايتهم به ..إذا ما جمعهما سجن واحد
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
