لا تتحدي الصقرج٢
بقلم اسماء_عبد_الهادي
الفصل السادس والثلاثون
______
حلق بسيارته بسرعة كصقر يلوح في السماء يرفرف بجناحيه مسابقا الريح بخفة ليصل لمحبوبته، لن ينتظر أكثر من ذلك ... هو كان يود أن ينتهي إتمام تنفيذ خطته أولا ومن ثم يذهب إليها، لكن خوفه عليها من بطش أبيها إذا ما علم بأنها من أوشت بمكان يحيى ..جعله يضرب بخطته عُرض الحائط ويذهب إليها في الحال.
يعلم أن في ذهابه في هذا التوقيت بالذات ليس جيدا لكنه سيفعل فقط من أجل حب حياته الوحيد، فالقدر أعادها إليه بعد أن كان فقد الأمل في استرجاعها...فليستغل الفرصة إذا..
_____
صعد إلى أعلى يرتدي حلته المخيفة من الغضب ليدفش الباب بقوة لتنتفض هي على إثرها وترتعد أوصالها من نظراته القاتمة تجاهها، لتعرف على الفور أنه اكتشف فعلتها، فتزدري ريقها بخوف فهي ستلقى عقابها الآن .
وقف مكانه في منتصف الغرفة يلهبها بنظراته النارية تجاهها إثر فعلتها وكونها السبب في إفشال خطته
ومن ثم تحدث بصوته الذي جعلها تموت رعبا
_ بتخوني أبوكي يا مودة ..وبتكسري كلامه كمان.
هتفت بتلعثم ليخرج الكلام بتأتأة واضحة
_ااا... أنا... كك..كك..نت...ب...حح..مي.. الو..لد
قاطع حديثها الذي لم يفهم منه حرفا واحدا ليقول بغضب
_والله عال مبقتيش تخافي مني ... ما هو حبيب القلب عرف الحقيقة كلام فبقيتي ترفعي عينك في عيني .
أخفضت بصرها أرضا وتراجعت خطوة للخلف حتى باتت ملاصقة للفراش..
لتجده يهتف متوعدا
_عرفتي توصلي لمرت چوزك إزاي... إزاي جولتيلها على مكان الواد... ماهو محدش غيرك كان تحت وإحنا بنتحدت ..يعني إنتي اللي سمعتي كل حاجة وكلمتيها بس إزاي... و أني مانع عندك كل حاچة
ظلت صامتة لم تقل شيئا ... لتجده يصمت قليلا ومن ثم ينادي على الخادمة ليأتي في الحال
ليمسكها من خمارها الأسود ويهتف بها بتوعد
_ إنتي أكيد اللي ساعدتيها ...أني متأكد إنطجي.
لم تفهم عن أي شىء يتحدث .. فهتفت بخوف
_ أني منيش فاهمه حاچة يا بيه .
ليهتف هو بنظرات صارمة
_أكيد جبلتلها تلفون تتكلم منيه .. مفيش حل غير إكده....إنطقي بدل ما أدفنك مُطرحك
أحست الخادمة بالرعب وقررت أن تعترف بما فعلت
_ أني أسفة يا سعات البيه .. أنا جبت التلافون علشان أطمن على بنتي اللي ولدت من كم يوم .. كنت عايزة أطمن على صحتها هيه وابنها... لكن أجسملك بايه يا بيه مدتوش لست مودة أبدا
ليقبض رشاد على عنق الخادمة بشدة فكادت تختنق بين يديه وهو يهتف بشر
_ أني هخلص عليكي إنتي وبتك في يوم واحد
اقتربت مودة منه تخلص الخادمة المسكينة من يده وتقول بلهجة سريعة
_ لا لا يا بابا... والله هيه ملهاش دعوى أنا اللي حطيتلها المنوم في الماية وأخدت التلفون من غير ما تحس ..
ليترك رشاد الخادمة فتلتقط هي أنفاسها بسعال فهي كانت قاب قوسين أو أدنى من الموت
ويمسك شعر مودة بحدة ( ياجماعة خلاص شعر بطلات الرواية كله باظ ...سواء كانت ياسمينا او مودة يا عين أمهم 😱)
وكاد أن يهدر بها إلا أنه سمع صوت أحد رجاله يهتف باسمه في عجل.....
________
بعد أن رحل الجيران وخلا المكان إلا منهما فقط ، يجلسان في صالة المنزل بينما الثنائي الآخر كان يجلس في غرفة الضيوف .
طالعها وهي واقفة ..تحرك قدميها بعصبية ..وتنظر له بغيظ ... ليضحك هو على هيئتها ويهتف بتعجب
_إيه يا بنتي مالك في إيه ... هو أنا عندي ليكي فلوس ولا إيه ... ما تقعدي.
لتزفر بضيق وهي تهتف بسخرية
_خلاص عملت اللي في دماغك ؟
أجابها بابتسامة عاشقة
_بصراحة أيوة .. ده أنا كنت بحلم باليوم ده .. يوم ماتكوني على إسمي أخيرا.
طالعته بضيق
_ياسلام .
رمقها باستغراب متسائلا
_في إيه يا سلمى مالك؟
لتنفجر سلمى في البكاء دون سبب ويقف عادل مشدوها لا يدري ما الذي جعلها تبكي إلى هذا الحد.
قام من مقعده وجلس جوارها يحيطها بذراعه ويهتف بجدية
_سلمى بتعيطي ليه ... أنا عملت حاجة زعلتك تاني وأنا مش واخد بالي؟؟
هزت سلمى رأسها بالنفي بينما أجهشت في البكاء أكثر.
ليحتار عادل لصنيعها ويسألها مرة أخرى
_إنتي مش موافقة على كتب كتابنا دلوقتي ؟؟
لتحرك رأسها كالمرة السابقة... بينما تتابع البكاء
لم يعد يدري ما يفعله لذا هتف باهتمام
_طب في إيه بس .. ده بدل ما تكوني طايرة من الفرحة ..بتعيطي؟... مالك بس .
لتهتف هي من بين شهقاتها
_مودة .
ليفهم عادل أنا تذكرت صديقتها المتوفاه وأنها حزينة عليها
_حبيبتي إدعيلها بالرحمة
_مودة كانت بتتمنى اليوم ده يا عادل ... كانت دايما تقول أنها نفسها تحضر فرحنا وتفرح بيا أنا وأميرة ... كان نفسي تكون معانا أوي عادل .
ضم عادل شفتيه بأسف وشعر بالحزن لأجلها ..فهي رغم هذه السنوات مازالت تتذكر صديقتها والتي لم تكن مجرد صديقة فحسب بل أكثر من أخت .
لذا قال لمواساتها
_أكيد لو كانت موجودة دلوقتي.. كانت هتفرح لفرحتكم ومش هتحب تشوفكم زعلانين.. علشان كده مش لازم تكوني زعلانة .. افرحي يا سلمى وعيشي اللحظة كأنها موجودة لأن ده أكيد هيسعدها ..
قال كلماته وهو يمد يديه ليمسح دمعاتها بأصابعه
لتهتف هي بضيق بينما تبتعد عنه
_انت بتعمل إيه!!
تعجب من سؤالها وبقيت يديه معلقه في الهواء
_؟؟؟
لتهتف به بغضب
_انت بتستغل حزني على صاحبتي علشان تقرب مني!!!
لينتهد هو براحة ويهتم بتهكم
_ياشيخة خضتيني عليكي .
لتصر على سؤالها قائلة بغضب
_انت إزاي تسمح لنفسك إنك تلمسني.. انت اتجننت يا عادل!!!
ليهتف بضجر
_ايوة فعلا الظاهر إني هتجنن قريب بسببك ... أنا كنت بحاول أخليكي تبطلي بكا .. يا مجنونة إنتي.
لتشير بإصبعها السبابة تجاهه
_لا أنا بحذرك... إوعى تغلط فيا.
ليمسك هو يدها بخفة ويلويها ويهتف بجنون
_وربنا إنتي عندك انفصام في الشخصية.. انتي متأكدة يا بت انتي إنك كنتي بتعيطي من شوية !!.. أنا باين أمي داعية عليا النهاردة
لتهتف بغيظ
_وبتمد إيدك عليا كمان يا عادل هيه حصلت .
ليضرب عادل كفا بكف
_لا حول ولا قوة إلا بالله .. عوضك على الله يا عادل
مد يده ليمسك بكأس العصير ويناولها إياه
_سلمى انتي الظاهر أعصابك تعبانة ... ممكن تشربي العصير ده وتروقي كدا
ارتشفت منه بضعة رشفات ثم وضعته على الطاولة أمامهما...وقالت وهي تريح ظهرها للخلف تستند على ظهر المقعد
_شكرا يا عادل
ابتسم لها بهدوء
_على إيه ..يارب بس تكوني هديتي.
حركت رأسها بالايجاب
_الحمد لله .
زفر بارتياح
_الحمد لله .
______
وصل إلى بوابة البيت الخارجية وهمّ بالدخول غير آبه بالحارسين المرابطين أمامها متجاهلا إياهما.
لكن يبدو أنهما تلقيا تعليمات مشددة بألا يسمحان له بالدخول ،لذا وقفا أمامه يهتفان بصوت رخيم
_ممنوع
ليقول بغضب
_هوا إيه اللي ممنوع .. ابعد انت وهو أحسن لك
لكنهما أصرا على عدم إدخاله...فاضطر صقر إلى قتالهما كالعادة كي يدلف لزوجته ... ما أن انتهى منهما وهمّ بفتح البوابة حتى
وجد من يهجم عليه من الخلف يكتف يديه ليشل حركته ، ليحاول الصقر أن يلتف له ليحرر نفسه فبوغت بلكمة قوية في بطنه من شخص آخر غير ذلك الذي يكتف يديه .
ليعلم الصقر أن رشاد يخطط لشىء ما .. فاستسلم لهما وسمح لهما بتقييده بهدوء..ليدلف معهما للداخل دون مقاومة ليرى ماذا يريد رشاد أن يفعل
أجلساه على كرسي في منتصف الباحة السفلية للبيت وصعد أحدهما إلى أعلى ليخبر كبيره.
___
وصل الرجل إلى رشاد في الوقت المناسب قبل أن يفتك بتلك المسكينتان اللتان ترتعدان خوفا من ذلك الطاغية أمامهما.
ليهتف بعجل دون أن يدخل الغرفة او يشاهد من بداخلها
_صقر وصل تحت وعملنا زي ما حضرتك طلبت يا كبير.
ليترك رشاد الغرفة وهو يشير إليهما بتحذير
_حسابكم معايا لسه مخلصش.
لم تهتم مودة بتحذيراته ولا حتى عقابه وهتفت بخوف على زوجها
_صقر!! عملوا فيه إيه
همت بسرعة لترتدي حجابها وكادت أن تلحق بهم لأسفل لكنها وجدت الخادمة في حالة يرثى لها ..تهذي برعب
_روحتى في داهية يا رتيبة... الكبير مش هيسيبك لا انتي ولا عيالك في حالك أبدا
لتقترب منها مودة وتمسك بيدها وتقول باعتذار
_أنا أسفة أوي على اللي عملته .. بس كان حياة طفل في خطر ومكانش ينفع اقف اتفرج .
لتهتف رتيبة بخوف
_الكبير هيموتنا يا ست مودة.
حاولت مودة طمئنتها فقالت بخفوت
_اسمعي .. هما تقريبا ملبوخين تحت.. حاولي تتسحبي وتخرجي من البيت خالص.. وتروحي بيت العمدة وتقوليلهم
إنك من طرفي وبتستسمحيهم تقعدي عندهم ... ومتخافيش ..عمي أحمد هيرحب بيكي جدا وهيحميكي إنتي وعيلتك .
لتهتف رتيبة بفرحة
_أني مش عارفة أشكرك إزاي يا ست مودة
لتحثها مودة على الذهاب
_يلا بسرعة مفيش وقت .
______
جلست بقلب مضطرب، يتآكل من الخوف على شقيقها الذي غاب عن المنزل لمدة أسبوع كامل لا تعرف عنه شيئا .. فهو عائل الأسرة وأمانها ... رغم أنه ترك لها مالا يكفيها لشهرين إلا
أنها لا تحتاجه من أجل المال فقط... فهو شقيقها وتود أن تعرف أين هو... فهي تخشى ما يجول بخاطرها.. تخشى أن يكون فعل ما يدور في رأسه وسعى للانتقام.
جاءتها ابنتها الصغيرة تفرك عينيها من أثر النعاس
_ماما .. خالو سامي .. لسه بردو مرجعش.
بسطت يدها لتعانق ابنتها بقلق
_ربنا يستر .. ربنا يرجعه لينا بالسلامة .
______
هبط لأسفل قائلا بسخرية بينما يرمقه وهو مقيد جالسا على الكرسي باستسلام تام
_منور يا صقر... إيه فين الجوة اللي بتتباهى بيها ..شوية عيال زي دول مش قادر عليهم.
ليطالعه صقر بهدوء ونظرات واثقة دون أن يرف له جفن
_بحقق ليك اللي نفسك فيه يا عمي... مش نفسك تشوفني ضعيف ومذلول قدامك ... أهو أنا حققت ده ليك بسهولة
ليقترب رشاد منه ويقبض على فكه بقوة بينما الصقر هادىء تماما
ليهتف رشاد بغضب
_لساتك بتحاول تتحداني وتقف جصادي يا صقر....لساتك شايف نفسك وعايز تهدني علشان تاخد مطرحي ومش مكفيك اللي عملته جبل سابج ..مش هتتراجع إلا لما أجتلك بإيدي يا ابن الزيني.
انتظره صقر لحتى ينهي ما يريد قوله ..وما إن انتهى رشاد وجلس قبالته
حتى حرك قصر فكه قليلا ثم قال بهدوء
_غلطان يا عمي... أنا عمري ما حاولت أكون ند ليك ..أو أخد مطرحك ... أنا طول عمري بعتبرك قدوتي .. بعتبرك أبويا التاني .. دايما كنت بحاول أرضيك بأي شكل وأكون راجل تفتخر بيه .
ليهتف رشاد بزمجرة غاضبة
_بتحاول ترضيني ..تجوم تبلغ عني يا صقر ... تخلي سمعتي في التراب .. الكبير اللي الكل بيعمله ألف حساب.. ابن أخوه
اللي كان بيعتبره ابنه ... بيفشي سره ويكون أول واحد يبيعه ويبلغ عنه ... صدج اللي جال... الطعنة متچيش إلا من الجريب .
_كنت بحميك من نفسك ياعمي .
ليهب رشاد من مكانه ويلكم الصقر بقوة في وجهه ليخرج الدم من فمه قائلا بشر
_متحاولش تخدعني يا حقير ...بس أحلفلك بإيه ما ههنيك بيوم حلو في حياتك... زي ما عشت خمس سنين بتموت مفكر مراتك ماتت .. هتكمل بقيت عمرك كده.
هتف صقر متحملا تلك اللكمة القوية
_صدقني ياعمي أنا لو كنت عايز أءذيك مكنتش هتردد..لو كنت عايز أزلك زي ما بتقول كنت عرفت البلد كلها وأولهم أبويا إنك السبب في موت أخوك محمد
عمي محمد اللي إنت قتلته لما اكتشف انك بتحقن المواشي والبقر بأدوية ممنوعة علشان تبان إنها سليمة وبصحة كويسة وسمينة ..علشان تحقق أعلى مبيعات .
ولما جه وصارحك إن اللي بتعمله ده غلط وممكن يسمم الناس اللي هتاكل من لحم البقر ده ..وهددك إنك لو مبطلتش هيبلغ البوليس ..تسبقه انت وتحطله المادة دي في العلاج بتاعه وتسممه ويموت...
كنت عايزني أعمل إيه .. أشوف اللي بيحصل وأقف اتفرج ... أشوفك بتقتل عمي وممكن تقتل الملايين من الابرياء وافضل
ساكت...ورغم كده طلبت منك تبعد عن السكة دي وانت مرضتش وطلبت مني متكلمش ... خفت عليك من شيطانك ليغلبك وبلغت عنك
وياريتك لما روحت السجن سكت... لا انت كمان
كنت بتهدد بلال اللي اكتشف الموضوع ده هو كمان بحكم شغله كطبيب بيطري ..فاضطر إنه يهرب منك ومن آذاك للقاهرة...فبعتله جمال وبدير بعد ما دخلت السجن.. علشان
يقتلوه وعملتوا حجتكم في العار والكلام الفارغ ...رغم أن ساعتها بلال كان متجوز مريم على سنة الله ورسوله وأنا كنت شاهد على جوازهم .
... قولي إزاي يا عمي بحاول أذلك وأقف قصادك وأنا من يوم ما انت دخلت السجن ..مطقتش أقعد يوم واحد في البلد وسافرت على القاهرة واستقريت هناك ... مكنتش قادر أقعد
في البلد من غير كبيرها ... كنت زعلان على الكبير اللي غرته السلطة والجاه والفلوس وفي الآخر كان مصيره السجن .
كانت تستمع لكل ما يقوله زوجها من حقائق تسمعها لأول مرة ..فتضع يدها على فمها من الصدمة ..لوالدها الذي اتضح أنه مجرم أخطر مما كانت تظن... وقفت على الدرج تستمع ببكاء وحسرة على والدها التي مات قلبه
ليردف الصقر حديثه
_فكرت إنك لما تدخل السجن كم سنة هتخرج نادم على اللي عملته .. إلا إنك طلعت افظع من الأول .. فجرت القنبلة في كلية علوم وعرضت حياة الطلبة للخطر وكل ده ليه علشان أنا عملت الصح وقلت كلمة الحق.
لكن أنا دلوقتي بقولهالك تاني يا رشاد أنا مستعد أدخلك السجن تاني وتالث كمان لو هتفضل على شيطانك ده ... لأن الظاهر إن عمي اللي كنت بحبه مات بلا رجعة.
ليدخل رشاد يده في جيب سترته ويخرج مسدسه ليشهره في وجه صقر ..الذي لم يرف له جفن ولا يظهر على وجهه أي أمارات للخوف
ليهتف رشاد بشر
_يبجى هتموت وتحصل عمك ..لإني مش ناوي أتراجع عن اللي بعمله ومحدش هيجدر يجف قصادي لا انت ولا عشرة زيك.
إلا أن مودة صرخت باسم زوجها وهرولت سريعا لتقف أمام زوجها الجالس على الكرسي بهدوء
_لا يا بابا .. متعملهاش ... إرجوك.
ليهتف رشاد بشراسة
_بعدي من هنا يا غبية انتي لأحسن أخطك إنتي كمان وارتاح منيكي.
لكنه شاهد شاهين ينزل الدرج فتراجع وأخفض يده من أمام ابنته
كادت مودة أن تتحدث إلا صقر ناداها باسمها لتلتفت له بشوق جارف وقلب منفطر
لتنخفض لتكون بمستواه وتنظر له ببكاء واضعة كفيها على وجهه
_صقر ... مش هتحمل يجرالك حاجة يا صقر... أنا مصدقتش رجعتلي .
لينحني صقر بوجهه بعشق على يد مودته ويقول بهدوء
_حبيبتي متخافيش مش هيعملها .. اتفضلي بس ابعدي من هنا خلينا نصفي حساباتنا بهدوء .
حركت رأسها بالنفي ومازلت دموعها تجري على وجنتيها كالشلال
_لا مش هسيبك يا صقر.. مش هسيبه يقتلك .. هموت أنا بدالك لكن إنت لا.
ليهتف صقر بلوعة ناظرا إلى زوجته يحتضنها بعينيه فهو لا يستطيع أن يفعلها بيديه المكبلتين
_بعيد الشر عنك يا روح قلب الصقر.. بس علشان خاطري ... خدي شاهين وخليكي بعيد ..ومهما حصل متقربيش ..مفهوم!
إزدردت ريقها بخوف عليه وطالعته بشجن
ليهتف هو محاولا بث الطمأنينة في قلبها
_يلا علشان خاطري يا مودة .. اسمعي الكلام يا حبيبتي .. ها
لتنهض مودة على مضض وتبتعد عن زوجها رغما عنها وعينها لا تفارق عينيه ..ليرسل لها قبلة في الهواء مع ابتسامة هادئة
...فتلتف إلى ابنها الذي نزل لتوه.. وتحتضنه بيدها وتصعد الدرج لتجلس في أعلاه ببكاء وعينها لا تفارق حبيبها ..تخشى عليه من طلقة غادرة من أبيها
______
عاد بالصغير يحمله بين يديه ومريم تمسك يده تقبلها بين الفنية والأخرى ، لا تريد أن تفلته فيضيع منها مرة أخرى
ألقيا السلام على تلك التي تجلس بشرود... قلبها مضطرب مرتبك... تخشى أن يصيب الصقر مكروه .. تضع يدها على
قلبها لتبطىء من ضجيج ضرباته الخائفة ... تتذكر ابتسامته الصافية لها .. تتذكر قوله لها بأنها جميلة ... رغم أنها سمعتها
من العشرات من الرجال إلا أن وقعها منه على مسامعها كان له تأثيرا مختلفا ..تراقص قلبها طربا لتلك الكلمة ..رغم خوفها من أن يصيبه مكروه .. رددت بصوت شبه مسموع
_يارب ترجع بالسلامه ياصقر مش هتحمل يجرالك حاجة .
فاقت من شرودها على صوت مريم تناديها
_ياسمينا ياسمينا... جبنا يحيى الحمد لله
انتبه لها ياسمينا وهتفت بتيه
_ها
إلا أن يحيى ما أن سمع اسم ياسمينا.. حتى انتفض من بين يدي أبيه محاولا النزول
وما أن خط بقدمه على الارض حتى هرول بين ذراعي ياسمينا يحتضنها ويهتف بحب
_بحبك يا طنط ياسمينا أوي.
لتبتسم له ياسمينا وتقبله بحنان
_وأنا كمان بموت فيك يا حبيبي... يلا أطلع فرّح مودي .. لأنها كانت قلقانة عليك.
ليهتف الصغير بينما يصعد لأعلى
_حاضر
لتهتف ياسمينا بتوتر
_بلال .. ارجوك الحق صقر.. راح لعمه رشاد ..وأنا قلقانة عليه جدا
لينهض بلال من مقعده بصدمة
_ايه!! ايه اللي وداه هناك في الوقت ده بس!
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
