رواية حياة احيت لي قلبي الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم اية العربي


 نبدأ بسم الله 

 رواية #حياة_احيت_لي_قلبي

الفصل الثالث والرابع 

 بقلم آية العربي 

البارت الثالث 

عودة للحاضر 


يجلس عمران امام مقبرة زوجته وابنته ينظر لها بعينان قد تجمدا .... انفاس بطيئة تكاد تفارق الحياة ... لا يصدق ان خلف تلك الجدار تنام حبيبة قلبه وطفلته الغالية .... ماذا بها الحياة كيف لها ان تكون بكل تلك القسوة ... لقد حملت مطرقة حديدية و نزلت بها على قلبه حطمته الى اشلاء صغيرة لا احد يستطيع علاجه مهما فعل ... هل حقا فقدهما للابد في لمح البصر هكذا ... لقد تناول معهما الطعام امس كيف ومتى حدث ذلك ... لما عليها الخروج فى هذا الوقت ... هي ليست محترفة فى القيادة كيف لها ان تفعل بقلبي ما اهلكه ... حبيبتى وطفلتى كيف سأتحمل يا الله ... اريد الذهاب لهما ... اريده وبشدة يا الله ... خذنى اليهما فلم يعد للحياة طعم ولا لذة ... 


كان هذا عمران الجالس يتطلع الى القبر بصمت مريب .... ظل على حاله هكذا الا ان غاب عن العالم كله وغفى عليه ولم يشعر الا بيد والده الذى يوقظه بحزن مردفاً بصوت متقطع _ عمران .


فتح عينه ولكنه لم ينظر الى والده فاستكمل يوسف _ قوم يابنى مينفعش تنام هنا ... القبور ليها حرمة ... قوم يابنى واستجير ربنا فى مصيبتك  


وقف عمران ببطء مميت وخطى مع والده دون نطق حرف ... ركب السيارة وجلس يستند برأسه على حافة الباب واغمض عينه ... يريد الهروب من هذا العالم المؤلم ... يريد حقاً الاختفاء .


قاد يوسف بقلب ممزق على ابنه وعلى فقدائه ... فهو قد فقد ابنته وحفيدته ايضاً ... نعم فمنذ دلفت ولاء بينهم وهو يعتبرها ابنته ويعاملها بحب مثلما تستحق فلم تقلل يوماً من احترام الجميع حتى عبير فكانت دائما تتجنبها برغم محاولات الاخرى لها بالاستفزاز ولكنها كانت تتميز بالعقل والحكمة ... كما ان ابنتها الغالية ورثت طبع والدتها فكان يحبها الجميع حتى عمها يحيى التى كانت زوجته تبخ له السم فى بعض الاحيان ولكنه كان يحب ابنه شقيقه جدااا .


قاد يوسف متجهاً الى فيلته حتى وصل واوقف السيارة يتطلع على ذلك المغمض عيناه بقهر ويحاول جاهداً ان لا يسمح لدموعه ان تخونه مردفاً وهو يربط على كتفه بحنو _ عمران .


ونفس رد الفعل اذ فتح عمران عينه دون نطق حرف او حتى النظر الى والده  ثم قام بفتح الباب والنزول منه متجهاً الى الداخل بصمت وبطء ومنه الى الاعلى حيث جناحه غير دارى بتلك العيون التى تطلع له بحزن ..


فهناك الكثير من الرجال السيدات اللاتى اتوا للعزاء حيث فى الداخل يجلس اهل ولاء حول والدتها التى تبكي وتنتحب كذلك على الجهة الاخرى يجلس اقارب يوسف الكومى بجوارهم تجلس ثريا تبكى بصمت بعدما انقطع صوتها وتجلس عبير تتطلع على الجميع بخبث وبجانبها تجلس والدتها التى تلكزها دائما فى ذراعها كي تكف عن هذه النظرات .


اردفت عبير بصوت فحيح تتطلع الى  والداها بغضب مردفة _ ايه ياما دراعى اتخرم ... فيه ايه مالك .


نظرت لها والدتها بلوم مردفة _ يابنتى اتلمى وبطلى بصتك دى الناس هتفكر انك فرحانة .


نظرت لوالدتها مردفة بحقد وغل _ طب مانا فرحانة .


ارتعبت والدتها تتطلع حولها خوفاً من ان احد يكون سمعها ثم التفتت اليها مردفة _ منك لله يا عبير ... هو الموت بيتفرح فيه ... لو متعدلتيش هقوم امشى من جانبك .


التفتت على الجهة الاخرى تتجاهل والدتها تراقب الاوضاع بعيون ردارية وبداخلها سعادة فها هو احدى احلامها تحقق ... فقد ماتا من كانتا مدللتان العائلة .... فمنذ ان اتت هذه السلفة وقد استحوزت على حب الجميع والدلال والعشق من زوجها ... حتى انها انجبت نسخة منها وقد تم تجاهلها تماماً حتى ان زوجها قد بدأ يميل لشقيقه ويبتعد عنها كأنها عدوة ... ها هى ترتاح منها ومن طفلتها ولن يبقى على الساحة سواها هى واطفالها ... اما ذلك الصغير فلا خوف منه ستجد له حلاً هو الاخر .


نظرت الى زينب والدة ولاء تقلب عيناها بضجر فلم تحتمل تلك الام المحروق قلبهاً على فلذة كبدها وقامت تصرخ بها مردفة تخرج مافى جوفها _ ارتحتى ... بنتى ماتت ومبقاش في حد تطلعى سِمّك عليه ... بنتى راحت افرحى يا عبير ... افرحى ياما عذبتيها وقهرتيها ونيمتيها بكيانة .... منك لله يا شيخة ... حتى عزاها مش قادرة تحزنى فيه ... للدرجة دى كنتى بتكرهي بنتى وبتغيري منها .


وقفت عبير وكأنها كانت تنتظر تلك الهجوم مردفة بغضب _ هو فيه ايه بالضبط .... هو كل واحد يخطر على باله كلام يقوله لعبير وكأن عبير هى الملطشة بتاعتكوا ... انا غلطانة انى قعدالكم فى عزا ... انا هروح اعد فى بيتنا لحد ما العزا يخلص .... يالا ياما .


كانت ثريا تتابع بصمت فهى ليست بحالة تسمح لها بأسكات تلك الوضيعة ففضلت الصمت وتركها تغادر فهذا الافضل .


وبالفعل اخذت اولادها وذهبت مع امها التى كانت محرجة من تصرفات بنتها ولكنها ضعيفة الشخصية ..


فهى تريد ان تسعد وتمرح بهذا الحدث وبالطبع لا تستطيع فعل ذلك هنا عليها المغادرة فقط ليومان ثم العودة مجدداً الى فيلتها وحدها .


~~~~~~

فى الاعلى ينام عمران محتضناً قميص زوجته ولعبة ابنته متكوراً على نفسه دون حركة او حتى دون ذرف اي دموع ... وكأن جسده قد تجمد او اصابه شلل ... كأنه فقد حياته وهو كذلك .


لا يسمع لا يرى لا يتكلم ... فقد دفن روحه مع من هم روحه ... 


فى حديقة الفيلا يجلس بعض رجال العائلة وسالم والد ولاء مطأطأ الرأس بحزن كذلك يجلس مرتضى صديق يوسف المخلص يواسي هذا الجالس بصمت وملامح حزينة 

كما يجلس ايضا يحيى تبدو عليه معالم الحزن .


اردف مرتضى صديق يوسف قائلا _ شد حيلك يا يوسف ... خليك قوى زى مانت علشان العيلة متتفككش ... عمران محتاجك انت وثريا الفترة دى اكتر من اي وقت ... متسيبوش لوحده خالص .


رفع يوسف نظره الى مرتضى مردفاً بحزن _ عمران تعبان اوى يا مرتضى ... كان نايم فى المقابر ... ياريته يبكى او يصرخ او يدى اي رد فعل بس هو كاتم جواه وانا مرعوب عليه .... ولا ابنه اللى لسة ميعرفش ربه ده هيكون مصيره ايه .


اومأ مرتضى بتفهم ناطقاً بحزن _ هيتخطاها يا يوسف ... خليك جنبه وثريا تراعي الولد لحد ما الفترة دى تعدى .


صدع رنين هاتف يوسف معلناً اتصالاً من احدهم ... تجاهله يوسف مرة تلو الاخرى ولكن تكرر الاتصال فتسائل مرتضى _ مين يا يوسف ؟ .


اجابه يوسف بهدوء _ ده احمد اخويا ... اكيد عرف وبيتصل يعزينى .


اومأ مرتضى مردفاً _ رد عليه يا يوسف ... رد عليه .


وقف يوسف مبتعداً قليلا عن الجمع وفتح هاتفه مجيباً _ الو ! .


اتاه صوت شقيقه مردفاً _ يوسف ... عامل ايه ... البقاء لله يا يوسف انا علمت باللي حصل وقلت اتصل اعزيك .


اردف يوسف بحزن _ البقاء والدوام لله يا احمد ... عامل ايه ؟ 


سكت احمد قليلا ثم اردف _ انا نازل مصر ياخويا ... هستقر انا وعيالى فى بلدى .


تعجب يوسف متسائلا بهدوء _ والفت هانم هترضى ياخويا .


سكت احمد فهو يفهم مقصد شقيقه جيدا فاستكمل يوسف _ على العموم يا احمد كدة احسن ... تنور بلدك يا خويا ... معلش انا هقفل علشان عندى عزا .


اغلق مع شقيقه يتنهد بتعب ثم عاد الى تجمع الرجال ثانيةً .


《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》


فى دار الايتام تجلس حياة حول الصغار الذين اتو الى الدار حديثاً تعلمهم الحروف بنشاط ومرح مردفة _ ها يا حلوين ... فهمتوا حاجة .


اجابها الصغار بحب _ ايوة يا مس حياة فهمنا .


ضيقت عيناها مردفة بخبث _ فهمتوا ايه بالضبط ؟ 


اردف الاطفال ببراءة _ أ يعنى أبلة عفاف .  ب يعنى بتنام بدرى  . ه يعنى هدوء  . ع يعنى علشان خاطر   . م يعنى مس حياة .


سفقت بفرحة مردفة _ برافو يا حلوين ... نكمل بكرة .. وبراحة وانتو ماشيين .. يالا كلوا على سريره .


صدح رنين هاتفها فاخرجته سريعا من جيب تنورتها مردفة بهدوء وهى تتطلع على تلك الغرفة فى اخر الرواق _ ازيك ياختى .... لسة فاكرة تكلميني .


تعجبت مروة مردفة _ اكلمك ! ... انا مش مكلماكى من ساعتين يا حياة ... وقولتيلي ان عم يوسف مجاش لا امبارح ولا النهاردة ودى اول مرة يعملها .


جلست حياة بحزن مردفة _ ايوة صح ... انا قلقانة واتصلت عليه امبارح مش بيرد فقلقت .


تسائلت مروة _ طب متصلتيش النهاردة ؟ 


نفت حياة مردفة وهى تضع طرف سبابتها على اسنانها _ لاء يا مروة بصراحة اتكسفت ... يعنى اكيد اتصالى وصله امبارح ..


تنهدت مروة مردفة بتعحب _ غريبة مع ان عمى يوسف اول مرة يعملها .. تحبي ابعت عوف  الفيلا يشوفه .


هزت حياة كتفيها مردفة _ مش عارفة يا مروة ... هشوف بكرة او بعده لو مجاش هقولك تبعتيه ... المهم تعالى بقى لما احكيلك اللى حصل فى الساعتين اللى انتى مكلمتنيش فيهم .


ظلت تقص على رفيقة دربها مروة ما حدث معها ويضحكان بمرح الا ان اتى  زوج مروة فأغلقت معها لكى تهتم بزوجها .


《》《》《》《》《》《》


مر يومين وعمران لن يتزحزح من غرفته ... حتى صنية الطعام تخرجها عفاف مثلما تدخلها ... تبدل حاله تماماً ... ما يمر به ليس بهين ... يستمع الى بكاء الصغير من الغرفة المجاورة فيصم اذنه بشدة لا يريد تأكيد عدم وجودها ... يضع الوسادة على رأسه حتى لا يسمعه ... الا ان تذهب اليه ثريا وتهدأه بحنان وتطعمه اللبن الصناعى وبعض الاطعمة المناسبة ... هذا المسكين الصغير الذى فقد حنان امه وها هو يفقد دفء والده ايضاً ..


اتجهت ثريا تجلس بجوار زوجها وهى تحمل الصغير بحنو مردفة _ وبعدين يا يوسف ... عمران هيفضل قافل على نفسه كدة ... ده محطش حاجة فى بؤه من يوم اللى حصل .


هز يوسف رأسه بقلة حيلة مردفاً بحزن _ اعمل ايه يا ثريا ... حاولت معاه وروحتله واتكلمت وهو ولا كأنه سامع ... انا عارف ان اللى حصل صعب علينا كلنا بس هو كدة بيستنذف نفسه .... 


تطلع الى زوجته مردفاً برجاء _ طب ما تروحى انتى يا ثريا تتكلمى معاه ... حاولى تاخدى ابنه وتروحيله يمكن لما يشوفه يخرج وياكل .


اومأت ثريا مردفة بحنان _ حاضر يا يوسف ... انا كنت عايزة اعمل كدة من يومها بس خفت اضعف قدامه وهو مش متحمل ... انا هروحله دلوقتى وربنا يصلح الحال .


اومأ لها مردفاً بهدوء _ ماشى يا ثريا وانا هخرج برة استنى مرتضى لانه قال انه جاي .


اومأت له ووقفت حاملة للصغير وهى تخرج متجهة لجناح عمران العلوى ... صعدت وادارت مقبض الباب بهدوء ودلفت وجدته يخرج من المرحاض وهو بحالة يثرى لها .... لقد كان شاحب الوجه يظهر الذبول تحت عينه يرتدى ملابسه باهمال ..


نظر لها بصمت ثم اتجه الى فراشه يحتضن ملابس زوجته وابنته ... تمزق قلبها لاجله واتجهت اليه تجلس بجانبه والصغير ينام على صدرها ..


اردفت بصوت حنون حزين _ عمران ... شوف جبتلك مين معايا ...رحيم .


تطلع الى صغيره بحزن وألم يعتصر احشاؤه ... يعلم ان تلك الصغير لا حول له ولا قوة ... يعلم انه فقد مأمنه وحنانه ولكنه ليس لديه ما يقدمه له .


وبعد غياب الكلمات عن لسانه لمدة ٣ ايام ها هو يردف بصوت اشبه بأنين صامت متألم _ بلاش يقرب منى ... مبقاش عندى اي مشاعر اقدمهاله .


وبرغم فرحة قلب ثريا بحديثه الا انها اخفت ذلك مردفة بحنو _ متقولش كدة يا حبيبي ... احنا ضيوف للحياة يا عمران ومسيرنا نرجع بيوتنا يا حبيبي ... محدش فينا مُخلد ... وده ابنك ومحتاجك الفترة دى زي ما انت محتاجه .


نظر لتلك الصغير الذى ينام على صدر ثريا كأنه كان يشتاق لاي لمسة حنان ... تأمل ملامحه التى تشبهها كثيرا ... مد يده يريد اخذه فناولته له ثريا بحب ...


حمله بين ذراعيه يطالعه بحزن بشفقة بحب باشتياق ... مشاعر مختلطة كثيرة ... وفجأة احتضنه بشدة وانفجر فى بكاء مرير ... كان يبكى بكاء رجل لو كان بين الصخور لشقها نصفين من حدته .


استيقظ الصغير منتفضاً على صوت بكاء والده يبكى بخوف لا يفهم ما يدور حوله ... تناولته ثريا التى قامت مسرعة تحاول تهدأته وعندما لم يهدأ خرجت تنادى عفاف التى اتت مسرعة ... ناولتها اياه مردفة بحزن _ خديه يا عفاف لتحت ... حاولى تلعبيه وانا هنزله .


اطاعتها عفاف ونزلت به بينما اسرعت ثريا داخل الغرفة مجددا الى عمران الذى كأنه بركان وانفجر ... شلالات من الدموع لا تتوقف ... لقد رأت انهياره بعد صمته لايام ... اسرعت تحتضنه مردفة تحاول تهدأته _ اهدى يا عمران ... اهدى يا حبيبي ... ابكى بس متعملش فى نفسك كدة ... حرام عليك نفسك .


تمسك بها بشده وهو دافن رأسه فى صدرها يبكى بمرارة مردفاً من بين شهقاته _ نفسى ! ... وهو انا لسة يهمنى نفسى بعد ما مراتى وبنتى سابونى ... انا لولا الانتحار حرام كان زمانى معاهم ... انا مش حاسس بأى حاجة يا ماما ... قلبي محروق ... قلبي واجعنى اوى يا ماما ... مش قادر ... حاسس ان فيه حد بيعصر قلبي من غير رحمة ... الصبر يااااارب .


انهارت ثريا التى حاولت التمسك ولكن حالته تجعل الجبال تنهار ... انهارت تبكى ايضاً وهى تشدد من احتضانه وظلا الاثنان هكذا الا ان غفى عمران فى حضنها كالطفل الصغير وهى كانت له ونعم الام .


《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》


فى دار الايتام تجلس حياة على الفراش بصدمة وعيون دامعة مردفة عبر الهاتف _ يعنى هو ده سبب غياب عمى يوسف يا مروة ... مرات ابنه وحفيدته ماتت ... ياعيني ... الف رحمة ونور عليهم.


اومأت مروة مردفة بحزن _ ايوة يا حياة ... عوف راح يشوفه زى ماطلبتى وهناك قالوله الخبر ... الله يكون فى عون ابنه .


اومأت حياة مردفة _ معاكى حق يا مروة ... صعب جدااا ... ياترى عمى يوسف عامل ايه الوقتى ... اكلمه تانى ؟ .


اردفت مروة عبر الهاتف _ ايوة طبعاً يا حياة ... كلميه وعزيه ... واسألي عنه ده واجب ... احنا مشوفناش منه غير كل خير ..


اومأت حياة مردفة _ معاكى حق يا مروة .... خلاص اقفلي وانا هكلمه ..


اغلقت الخط مع مروة وقامت بالاتصال على يوسف الذى يجلس فى الحديقة الخارجية مع مرتضى يتحدث عن فقداؤه ... اخرج هاتفه من جيبه ليرى اسمها ... فتح الخط مجيباً بحزن _ حياة ... ازيك يابنتى .


اردفت حياة بصوت حزين _ عمى يوسف البقاء لله ... انا لسة عارفة دلوقتى ... شد حيلك يا عمى .


تنهد يوسف مردفاً بحنو _ الحمد لله ... لله ما اعطى ولله ما اخذ ... ادعى لعمران يا حياة ... يمكن دعوتك تكون مستجابة ... ادعيله هو وابنه .


تعحبت حياة مردفة بحزن _ هو عنده ولد غير بنته اللى اتوفت ؟ 


اومأ لها يوسف مردفاً بقهر _ ايوة يا حياة ... رحيم عنده سنة . 


انصدمت حياة ناطقة بصدق _  يا قلبي ... ده لسة صغير واكيد محتاج حد يراعيه .... ربنا يصبر قلوبكوا يا عم يوسف ....


فكر يوسف قليلا ثم اردف بهدوء _ ان شاء الله يا حياة ... انتى خدى بالك من نفسك وانا بس هعدى اليومين دول وهاجى اشوفك انتى والاطفال .


اومأت مردفة بتفهم _ ولا يهمك يا عمي المهم ابقى طمنى علي رحيم وعلى حضرتك .


اغلق الخط معها وشرد قليلا ... اخرجه مرتضى متسائلا _ ايه يا يوسف ... فيه حاجة حصلت ؟ 


نظر له يوسف مردفاً _ بفكر في عمران ورحيم يا مرتضى ... بحاول اشوف حل علشان اخرج ابنى من اللى هو فيه .


نظر لتلك التى تدلف الفيلا بسيارتها مع اولادها ..

نزلت من السيارة وهي تضحك مع ابنتها ... اقتربت منه مردفة بملل _ ازيكوا .


رمقها يوسف بنظرة غاضبة بينما اردف مرتضى بهدوء _ ازيك يا عبير ازيكوا يا اولاد ..


اردفت عبير بحزن مصطنع _ الله يسلمك يا عمى مرتضى ... انا كنت قاعدة في بيتنا يومين ... اصل المكان هنا وحش من غير ولاء ولوجي... بس هنقول ايه هو ده حال الدنيا .... عن اذنكوا هطلع بقى انا والعيال تغيير هدومنا ..


تركتهم وغادرت للداخل هي واطفالها  بينما اردف يوسف بغضب _ انسانة مستفزة معندهاش دم .


《》《》ج《》《》《》《》《》《》《》《》


بعد مرور شهر تحول فيه عمران تماماً حيث اصبح عصبى جداً وذو مزاج متقلب ... نقص وزنه كثيراً بعدما كانت عضلاته بارزة  وتبدلت ملامحه وكسا الشعر ذقنه ... 


يقضى معظم الوقت فى غرفته حتى الصالة الرياضية الخاصة بيه والذى هو مسئول عنها لم يعد يذهب اليها كما فى السابق .


فقط يظل حبيس غرفته لفترة طويلة بين ذكريات زوجته وعشقه الاول وابنته الغالية .


حتى ان يوسف كان غاضباً من تصرفات ابنه تجاه حفيده رحيم فهو اهمله كثيراً معتمداً على ثريا ولكنها لا تستطيع اعطاؤه تلك الشعور الذى سيعطيه هو له ... فالصغير يشعر باليتم ويريد اهتماماً وراعية من نوع خاص .


نزل عمران من غرفته يرتدى قميص وبنطال اسود باهمال ودخل غرفة الطعام وجد الجميع يجلس حول المائدة تكلم باقتضاب _ صباح الخير .


رد الجميع مردفاً _ صباح النور .


تكلم يوسف بحنو _ اعد افطر يا عمران .


هز رأسه يميناً ويساراً رافضاً يردف _ لاء مش هفطر ... هشرب قهوة بس .


اردفت عبير باستفزاز _ مينفعش يا عمران ... لازم تفطر وتشوف مصلحتك انت اهملت شغلك خالص والحمل كله على يحيى .


رمقها بنظرة غاضبة مردفاً بحدة _ ملكيش دعوة ... متدخليش فى اللى ملكيش فيه اهتمى بجوزك وعيالك وبس .


اغتاظت منه واردفت بحدة لاذعة_ الحق عليا انى قلبي عليك ... ايه يعنى مش اول راجل مراته وبنته يموتوا .


هنا وكفى حيث اطلق شرارات قاتلة من عينه وهو يردف بغضب عارم _ عبيييير .


ضرب يوسف الطاولة بيده المتكورة مردفاً بحدة _ عمرااان ... انا موجود لو انت نسيت .


نظر له عمران مطولاً ... ثم اندفع للخارج تاركاً المكان بأكمله ..


نظر يوسف لاثره ثم نظر لتلك الحية مردفاً بصرامة لا تقبل النقاش _ اسمعيني كويس يا عبير ... ابعدى عن عمران تماماً ... خليكي فى نفسك وحياتك ... انا اه بحب عيالي يبقوا جانبي بس لو متراجعتيش انا وقتها هاخد قرار مش هيعجبك .


قام من مكانه تاركاً المكان حتى ان ثريا وقفت تلاحقه تحت انظار تلك الخبيثة وزوجها الضعيف الشخصية الذى اردف _ كان لازمته ايه الكلام ده يا عبير .


رمقته بنظرة غاضبة مردفة _ اسكت انت ... طول عمرك هتفضل كدة ملكش قيمة عندهم .


نظر لها بحيرة ثم شرع فى تناول طعامه كأنه اعتاد على هكذا حديث 


دخل يوسف غرفة مكتبه وتبعته ثريا تردف بحكمة _ اهدى يا يوسف مش كدة ... الامور مينفعش تخرج منك كدة .


جلس على اريكة يطالعها بحزن مردفاً _ اعمل ايه بس يا ثريا ... اتصرف ازاي وانا بحاول اتمسك بولادى واقربهم من بعض بس فيه حية دايماً بتبخ سمها ... الاول عمران كان عاقل وبيعرف يتصرف بس عمران اتغير تماماً بعد موت ولاء ولوجي ... ومش عارف اعمل ايه ... حتى ابنه ... ذنبه ايه الطفل ده علشان يتجاهله كدة .


اردفت ثريا وهى تقترب تجلس بجواره _ هو مش انت قولت انك لقيت حل بخصوص رحيم ... 


شرد قليلا ثم اردف بتأكيد _ ايوة يا ثريا ... لقيت حل ... حياة ... هى اللى هتقدر تهتم برحيم وتراعيه كويس جدا 

 نبدأ بسم الله 

 رواية #حياة_احيت_لي_قلبي

الفصل الرابع  

 بقلم آية العربي 


بسم الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم 


اردفت ثريا بتساؤل _ حياة ! ... مش دى البنت اللى فى الميتم يا يوسف اللى انت دايما بتحكيلي عنها .


اومأ يوسف مردفاً بتأكيد _ ايوة هى يا ثريا ... هي حياة اسم على مسمى ... انا طول الفترة اللى فاتت كنت بخلص اوراقها لانها مينفعش تخرج من الدار غير لما تتجوز بس مرتضى قدر يحلها ... هجيبها هنا تعيش وسطنا وتراعي رحيم ... وهتكون هي نفسها تحت راعيتك فى غيابي يا ثريا .


ترقب ثريا قائلة بحذر _ انت واثق فيها يا يوسف ... يعنى متنساش انها ..


قاطعها قائلا بتأكيد _ لا يا ثريا ... حياة غير ... وهتشوفي بنفسك .


اومأت له بثقة مردفة _ انا واثقة فى اختياراتك يا يوسف ... بس هتقول لعمران ولا هتعمل ايه ؟


اردف يوسف بحزن _ عمران ؟ .. وهو فين عمران من حياة ابنه ... ده حتى مبيسألش عليه ... انا هجيب حياة هنا وبعدين ابقى ابلغه .


《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》《》


فى الدار


ذهبت حياة الى غرفة المشرفة بترقب مردفة وهى تقف عند الباب _ خير يا ابلة عفاف حضرتك عيزانى ؟ 


نظرت لها عفاف ثم تحدثت بجدية _ ايوة يا حياة تعالى اعدى .


دلفت حياة تجلس على المقعد الجانبي للمكتب بتساؤل فاستكملت عفاف وهى تشبك كفيها مع بعضهم وتتطلع لحياة من تحت نظارتها _ جهزى نفسك يا حياة علشان هتخرجى من الدار .


ارتعبت حياة من فكرة خروجها بالرغم من ان هذا ما كانت تريده منذ زمن ولكنها تفاجئت مردفة بخوف وتلعثم_ ااا اخرج فين يا ابلة عفاف ... انتوا هتجوزوني .


هزت عفاف رأسها بنفي مردفة _ لاء مش كدة خالص ... بس يوسف بيه الكومى هياخدك عنده وهتكونى تحت رعايته هو ومراته وهيتكفل بيكي .


اتسعت عين حياة ناطقة بفرحة عارمة _ بجد يا ابلة عفاف ... يعنى انا هعيش عند عمى يوسف ؟ .


اومأت عفاف مبتسمة مردفة _ايوة يا حياة ... يوسف بيه كان بيحضر الاوراق الخاصة بكفالتك وهو هييجي بعد شوية ياخدك ... يعنى يادوب تلحقي تجمعى حاجتك وتودعى الاطفال .


وقفت حياة تشكرها بامتنان ثم خرجت تجرى كالطفل الصغير متجهة الى مكانها واخرجت هاتفها الذى احضره لها يوسف الكومى وهاتفت رفيقتها مروة التى اجابت بعد فترة مردفة _ ايه يا حياة ابلة عفاف كانت عيزاكى في ايه ؟ 


نطقت حياة بفرحة وحماس _ مش هتصدقي يا مروة ... عمى يوسف هياخدنى عنده الفيلا اعيش معاه ... انا مش مصدقة يا مروة ... اخيرا هخرج من هنا ... بالرغم من ان الولاد هيوحشونى اوووى بس انا هبقى أجي اشوفهم ومش هبعد عنهم ... بس اخرج من هنا بقى ... اخيراا .


تعجبت مروة ناطقة بتفكير _ طب اشمعنى الوقتى يا حياة ... مانتى طلبتى الطلب ده منه من خمس سنين ... ايه اللى اتغير دلوقتى ؟ ... حياة خدى بالك ...اتكلمى معاه الاول وشوفى ايه اللى اتغير .


شغل كلام مروة عقل حياة قائلة بتفكير _ تصدقى معاكى حق يابت يا مروة .... انا الفرحة مخلتنيش افكر ... اشمعنى الوقتى ؟ ... لاء انا لازم اتكلم معاه .


شجعتها مروة مردفة _ ايوة يا حياة ... قبل ما تجهزى حاجتك اتكلمى معاه الاول لما ييجي .


اغلقت معها وشردت تفكر فجاءها طفل صغير ينادى بفرحة _ مس حياة ...عمو يوسف جه .


احتضنته حياة وظلت تقبله قبلاً متفرقة وهى تقف مردفة _ ماشى يا عمار تعالى يالا لما نخرج نقابله .


خرجت مع الصغير الذى تحمله لتستقبل عمها يوسف الذى لم تراه منذ اكثر من شهر ..

وقفت مكانها تتطلع له وهو ينزل من سيارته يبتسم لها بحنان حتى اقترب من الباب الداخلى للدار وتقدم من عفاف التى خرجت تستقبله مردفة برتابة _ اهلا يا يوسف بيه ... تعازيا لحضرتك .


اومأ لها متفهماً ثم نظر لتلك التى تحمل عمار مردفاً _ ازيك يا حياة .


ابتسمت حياة مردفة بفرحة _ ازيك يا عمى يوسف ... عامل ايه ؟


اومأ لها مردفاً _ الحمد لله يا بنتى ... مين العسل ده .


قالها وهو يشير الى عمار فقالت حياة وهى تقبله على وجنته بقوة _ ده عمار ... حبيب قلبي .


اومأ لها متفهما وبداخله يؤكد لنفسه انه احسن الاختيار والقرار .


تحدثت عفاف وهى تتطلع الى حياة _ انا بلغت حياة بان حضرتك جاي تاخدها معاك ... وهى فرحت جداً .


نظر يوسف الى حياة مبتسماً ولكنه رأى القلق في عيناها فاردف مستأذناً _ هو انا ينفع اتكلم مع حياة الاول ؟ 


اومأت له المشرفة ناطقة بتأكيد _ ايوة طبعا اتفضل .


دلفت بعدما اخذت عمار الصغير من حياة تاركة لهم المكان كي يتحدثوا ..


جلس يوسف على احدى مقاعد الحديقة واتجهت حياة تجلس امامه وبدأت فى فرك اصابعها بتوتر لاحظه يوسف فاردف بذكاء _ قولي ايه اللى مخوفك يا حياة .


نظرت له قليلا ثم اردفت بتلقائية_ عمى يوسف ... انا من خمس سنين طلبت منك تاخدنى معاك بيتك بس انت رفضت وقتها ... ايه اللى اتغير دلوقتى وطلبت تاخدنى ..


تنهد يوسف مردفاً بصدق _ هقولك يا حياة ... انا فى الاول كنت رافض لان ظروف عيلتى وقتها كانت مختلفة ... ده غير انك كنتى صغيرة ومكنتش هبقى مطمن عليكي فى الفيلا عندى ... فأنا فضلت انك تبقى هنا علشان مصلحتك اولاً وقررت ان انا اللى اجيلك كل اسبوع اشوفك ..


تنهد مردفاً وهو ينظر ارضاً _ لكن دلوقتى انا محتاجك جدااا ... وان صح القول فهو حفيدي اللى محتاجك ... انتى تعرفي ان مرات ابني وبنته اتوفوا من شهر ... بس فيه طفل صغير عمره سنة ... رحيم ابن ابنى ... الطفل اللى حالته تصعب ع الكافر ... عمران ابنى اتغير تماما من وقت الحادثة ومبقاش يهتم لا بابنه ولا بنفسه حتى ... فأنا ملقتش غيرك يا حياة تراعى رحيم وتهتم به ... وبصراحة عمرى ما هثق فى حد تانى ... علشان كدة قررت اخدك تعيشي معايا ... وقبل ما تفكرى انا عارف انها انانية منى ... بس صدقيني يا بنتى انا جوايا فرحة اب بيستقبل بنته بعد سفر طويل ... انا حاسس انك بتنتميلي يا حياة ومش بعمل كدة علشان حفيدي بس ... لاء انا اخترتك انتى لانى كان نفسى فى ده من زمان .


ظلت تتطلع عليه بحيرة ... لقد احزنها حال الصغير وبشدة ... هذا الطفل الذى فقد امه واخته وحتى اباه تخلى عنه ... ولكنها ستذهب هناك كمربية ليست كأبنه ... وهذا ما يؤلمها ... هل ترفض ؟ ... لا ستقبل بالوضع لسببين ... اولهما لخاطر تلك الصغير المسكين ... والثانى لان ليوسف عليها فضل كبير وهى تريد تسديد هذا الدين .


اردفت بعد تفكير بصوت هادئ حزين _ وانا موافقة اجي معاك يا عمى يوسف .


~~~~~

فى سيارة يوسف كانت حياة تبكى بشدة ... فهى ودعت الاطفال فى الدار والذى كان وداعاً صعباً عليها ... وعدتهم ان تأتى لهم بين فترة واخرى وها هى تذهب لحياة جديدة لا تعلم خباياها ..


حاول يوسف تهدأتها مردفاً بحنان _ خلاص بقى يا حياة ... اوعدك ان انا بنفسى هاخدك معايا كل اسبوع نروح نشوفهم ونعد معاهم ... روقي بقى ومتبكيش .


مسحت دموعها بكف يدها الصغير مردفة بشهقات _ هه انا هه هه صعبان عليا عمار هه وسادن هه هما متعلقين بيا اوى وانا كمان ..


هدأها مجددا يردف بمرح _ طب دانتى هتشوفي رحيم بقى ... هتنسى اى حد ... وانا واثق انك هتتعلقي بيه جداا ... بس انتى متبكيش لان عيونك بتقلب حمرا وانا بحبها لونها دخانى زى ماهي ..


جففت دموعها باحدى المناديل واردفت _ حاضر يا عمى يوسف ... حاضر .


اومأ لها مردفاً _ ايوة برافو عليكي يا حياة ... ودلوقتى قبل ما نروح الفيلا هنروح انا وانتى محل نشترى شوية هدوم جديدة ليكي واي حاجة انتى محتجاها .


تطلعت عليه بحرج فقال بحنان _ مش انتى بتعتبريني مسئول عنك يا حياة ؟ 


اومأت له فاستكمل _ يبقى بلاش تتحرجى منى ابدا ... انتى عندى كأنك بنتى وربنا اللى يعلم .


اراحتها كلماته وبالفعل اتجها الى احد المحلات التى ابتاع منها بعض قطع الملابس المناسبة لحياة كذلك الاحذية والحقائب وعادا الى الفيلا .


وصلت السيارة ودلفت من الباب الرئيسي للفيلا الذى يحرسه رجلان ذو بنية ضخمة ..


دلفت السيارة امام باب الفيلا الداخلى ...توقف يوسف مردفاً وهو يفتح بابه وينزل _ يالا يا حياة وصلنا ..


فتحت حياة بابها ونزلت تتطلع الى المكان بانبهار فقد كان كلوحة فنية بتلك الازهار والاشجار وحمام السباحة والارجوحة التى تمنت ان تركض اليها وتجربها ولكنها فضلت الانتظار ..


مشت خلفه ففتح الباب ودلف ينادى زوجته مردفا _ ثريا ... يا ثريا .


اتت ثريا من المطبخ تطالع حياة باعجاب واضح مردفة _ هي دى حياة ؟ 


اومأ لها وهى يشير الي حياة بالتقدم مردفاً _ ايوة يا ستى دي حياة .


اقتربت منها ثريا تتطلع عليها بابتسامة حنونة واعجاب مردفة _ لاء ظلمتها يا يوسف ... دي اجمل من اللى وصفته .


ابتسمت لها حياة مردفة بخجل _ شكراً يا ثريا هانم عيونك الحلوين .


اردفت ثريا باعجاب _ لاء يا حياة عيونك انتى الحلوين ... اللهم بارك .


نظر يوسف الى حياة مردفاً بمرح _ اهو مش انا لوحدى اللى بقول كدة ... يالا تعالى لما اعرفك على رحيم ..


اومأت له بحماس فاردف يوسف موجهاً حديثه لثريا _ ثريا لو سمحتى قولي لعفاف تعمل حساب حياة معانا ع الغدا .


التفت الى حياة يسألها بلطف _ تحبي تأكلى ايه يا حياة .


نظرت له بامتنان مردفة بشكر _ شكرا يا عمى يوسف ... اي حاجة نعمة .


اومأ متفهماً ثم غمز لثريا وصعد الدرج برفقة حياة حيث غرفة الصغير ..


وصل يوسف امام الغرفة وادار مقبض الباب بهدوء يشير لحياة بأن تدلف خلفه وبالفعل اطاعته ..


وصل امام المهد الخاص بحفيده ووقف يتطلع لذلك الملاك النائم ... اقتربت منه حياة تتطلع له بحب ولهفة ... ياله من صغير مسكين ... يبدو الحزن على ملامحه كأنه يعلم بفقدان امه وشقيقته ..


اردف يوسف بصوت هامس _ هو ده رحيم يا حياة ... شوفتى ياخد القلب ازاي .


نطقت حياة وعيناها لامعة اثر دموع العاطفة مردفة _ معاك حق يا عمي يوسف ... هو فعلا ياخد القلب ... ياحبيب قلبي ده صغير خالص .


اومأ لها حتى ان الصغير بدأ يتململ فى نومه تحت انظارهم ... استيقظ الصغير ينظر حوله تلك العيون هناك عيون يعرفها واخرى غريبة ... نظر لجده واردف بتلعثم طفولي _ ددّو .


ابتسم له يوسف وهو يحمله ويقبله بحب والصغير يداعب انف جده بمشاغبة ومن انفه الى فمه يستكشفه باصابعه الصغيرة مما جعل يوسف يضحك مردفاً بمرح _ ايه يا عم رحيم بتعمل ايه ؟ 


نطق الطفل بنفس الجملة مجدداً وهو يشير على حياة _ ددا .


وكأنه يسأل عن هويتها فاتجهت ذراعي حياة له مردفة بابتسامة وفرحة _ تعالى يا قلبي ... تعالى .


اسرع الصغير يرتمى بحضنها وحتى انه استكان به كأنه بحاجته ... مما جعل حياة تشهق بتعجب من فعلته وبدأت تملس على شعره الناعم الذى يشبه والده بحب ... بدأت تلف به الغرفة وهى تدندن له بكلمات تحت انظار يوسف الذى يبتسم برضا وراحة مردفاً _ انا هنزل تحت وهطلع تانى ... وانتى اعدى مع رحيم شوية لوحدكوا .


اومأت له مبتسمة وبالفعل غادر يوسف الغرفة وتركهم لحالهم ونزل للاسفل قاصداً ترك مساحة لحياة حتى تعتاد على الصغير بشكل سريع ..


وقفت حياة تتطلع على الغرفة بشغف ... بدأت تستكشف معالمها واثاثها ... اتجهت وهى تحمل الصغير الى تلك الرف الموضوع عليه بعض الالعاب وتناولت احداهم وهى تقربها من رحيم مردفة بمرح _ ايه رأيك نلعب بدي .


اومأ الصغير بحماس مردفاً وهى يتلوى بين يدها بمرح _ هاااي ..


قبلته على وجنته وانزلته ارضا على تلك البافات المكدسة وجلست بجانبه وبدأت تلعب معه بتلك اللعبة البلاستيكية وهو كذلك يأخذ بعض القطع ويلقيها بعيداً مما يجعلها تنظر له بغضب مصطنع وتمثل البكاء والصغير يضحك بصخب وهكذا يتكرر المشهد والصغير يضحك حتى ان صوت ضحكاته وصل الى مسامع جده وثريا الذين تعجبوا بسعادة من هذا التغيير السريع فى حالة حفيدهم ..


《》《》《》《》《》《》《》《》


فى النادى الرياضى الخاص بعمران 

يخرج هو من غرفة الملاكمة بعدما افرغ غضبه وذكرياته فى تلك الكيس الرملي حتى انه لم يعد يشعر لا بقدمه ولا ذراعيه ... خرج مردياً ملابسه الرياضية ويلف حول رقبته منشفة تلتقط قطرات العرق المتساقطة منه ..


اقترب من جهاز شد البطن وجلس عليه ممسكاً بتلك القنينة يفتحها ويرتشف منها الماء باهمال ..


كانت جميع العيون عليه فهو بطلته الساحرة له من المعجبات الكثير والكثير وخصوصاً بعد علمهم بوفاة زوجته ولكنه لا يبالي بواحدة منهن .


اقترب منه شخصاً جديداً فى هذه الصالة مردفاً وهو يمد يده _ عمران باشا ... انا المقدم صالح شاهين ...طبعا لو حابب نتعرف على بعض .


بادله عمران السلام مردفاً بهدوء _ اهلا يا صالح بيه ... طبعا ده شرف ليا .


جلس صالح بجواره يردف بمرح _ ربنا يعزك الشرف ليا انا ... بس ليه ياعم الوش الخشب ده ... انا بقالى هنا حوالى اسبوعين وكل مرة بشوفك فيها بنفس المنظر ... انت عليك ديون ولا ايه .


نظر له عمران بتعجب من شخصيته فاردف صالح مستكملاً _ لا متستغربش انا كدة اجتماعي جداً على فكرة ... بس مع اللى قلبي يرتاحلهم ... وانا طبعا لقيت ده فيك وقررت اكون صاحبك .


لوى عمران فمه مردفاً بسخرية مؤلمة _ قلبك ارتاحلى ازاي وانا قلبي يعتبر ميت ... يعنى انا واحد روحه ميتة ... معنديش اي مشاعر اقدمها لحد .


استغرب صالح من هذا العمران مردفاً بعفوية _ايه  يا عم كل ده ... ايه اللى حصل يعنى لدرجة ان قلبك يموت .


نظر له عمران مردفاً بنبرة تحمل ألم الدنيا كلها _ مراتى وبنتى اتوفوا من شهر ... تفتكر هيكون ايه حالى ؟ 


انصدم صالح من كلماته ولا يعرف بماذا ينطق ولكنه اردف بعد فترة بهدوء وجدية _ البقاء لله يا عمران ... طبعا صعب جدا ربنا يصبر قلبك ... بس هنعمل ايه ... الحياة مستمرة ولازم نعيشها بأي شكل ... حاول تخرج نفسك من حزنك لانه هينهيك من غير ما تحس ..


اومأ له عمران الذى ينظر ارضاً بصمت بينما استكمل صالح حديثه فى التعريف عن نفسه ومعلومات عامة عنه وحبه للرياضة حتى انشغل عقل عمران معه قليلاً .


《》《》《》《》《》《》《》《》


في الفيلا 

اجتمعت العائلة حول طاولة الطعام لتناول الغداء ... يوسف يترأس المائدة كعادته واسماء تضع اصناف الطعام باحترام ... اردف يوسف موجهاً حديثه لاسماء _ اسماء لو سمحتى نادى على حياة من اوضة رحيم ... قوللها تنزل تتغدا معانا .


اومأت له اسماء بطاعة فهى علمت بوجودها من السيدة ثريا ... نظرت عبير التى كانت تجلس بغرور الى زوجها تتكلم بهمس متسائلة _ مين حياة دى يا يحيى .


نطق يحيى بقلة معرفة وصوت هامس _ معرفش يا عبير انا زيي زيك اهو .


اومأت له بصمت عكس ضجيجها الداخلى فى معرفة هوية تلك الحياة ..


صعدت اسماء الى غرفة الصغير تنادى حياة ... فتحت باب الغرفة ببطء تتطلع داخلها بحذر عندما اشارت لها حياة بوضع سبابتها على شفاها علامة الصمت ..


اومأت اسماء مبتسمة واردفت بهدوء _ حياة هانم ... يوسف بيه بيقولك انزلى علشان تتغدى .


اومأت لها حياة مردفة بهمس _ حاضر هنيم رحيم واجي حالا .


اطاعتها اسماء وخرجت مجدداً بينما انامت حياة الصغير فى مهده بهدوء ونزلت الى الاسفل حيث تجمع العائلة ..


دلفت الغرفة التى تأتى منها الاصوات مردفة بحرج وهى تتطلع على تلك العيون المتسائلة _ سلام عليكم .


اومأ لها يوسف مبتسماً يردف وهو يشير الى المقعد المجاور لثريا _ تعالى يا حياة اقعدى جنب ثريا .


اومأت له واتجهت تجلس بينما اردفت عبير بتساؤل _ مين الامورة دى ياعمى .


نطق يوسف وهو يرتشف الحساء _ دي حياة هتكون مسئولة عن رحيم وهتعيش وسطنا هنا كأنها واحدة مننا .


اغتاظت عبير مردفة وقد فقدت هدوءها _ ازاى يا عمى ... يعنى مربية ؟ ... وهتعد معانا ع السفرة كدة عادى ... بما انها مربية يبقى تاكل مع الخدم .


اشتعل وجه حياة حرجاً ووقفت لتغادر فنظر لها يوسف مردفاً بهدوء _ اعدى يا حياة زى مانتى ... عبير متعرفكيش يا بنتى معلش حقك عليا ... متعرفش انك زى بنتى وان مافيش حاجة اسمها خدم دول ناس بيسعدونا ولازم نحترمهم ... يا اما نمشيهم ونعمل طلباتنا بنفسنا .. ولا ايه يا عبير ... واظن انك تعرفى كويس تقضى طلباتك بنفسك زى ما كنتى بتعملى في بيتكوا .


احمر وجهها غضباً ونظرت الى زوجها وجدته صامتا يتناول طعامه كأن شيئا لم يكن فاردفت بهدوء عكس ثورتها _ فيه ايه يا عمى لكل ده انا مقصدتش حاجة ... انا فكرتها متعينة جديد يعنى فاستغربت ... لكن طبعا ضيوفك على راسي .


اومأ لها واشار لحياة بأن تاكل ولكن حياة قد فقدت شهيتها ولم تستطع تناول اي شئ بعد تلك الحوار ... يبدو انها ستكون ايأم صعبة وعليها معرفة من المريح ومن عكس ذلك ... وها هي تضع عبير فى اول خانة الغير مريحين ..


انتهى الطعام وخرج يوسف الى الحديقة بصحبه حياة وثريا يتناولون الشاي ويدردش قليلاً مع حياة فهو رأى تغيير ملامحها بعد كلام كنته ..


اردف يوسف بهدوء _ اسمعيني يا حياة ... عبير مرات ابنى حاولى تتجنبيها .. هى دايما بتحب تخلق جو توتر ... وخصوصا فى غيابي ... انا عارف انك قدها بس لو سمحتى حاولى تتجاهلى وجودها ... ولو قالتلك اى كلام يزعلك تعالى قوليلي وانا هتصرف ... تمام ؟ 


اومأت له بقلق فأردفت ثريا _ متقلقش على حياة يا يوسف ... انا وحياة شكلنا هنكون صحاب ده غير انها زى بنتى ..


ابتسمت لها حياة بحب بينما رأت سيارة احدهم تدلف الفيلا ... كانت تلك سيارة عمران الذى صفها ونزل يتطلع لتلك العينان بغموض ولكنه تجاهلها واردف وهو يغادر للداخل _ مساء الخير .


اوقفه يوسف مردفاً _ عمران استنى .


وقف عمران يلف جسده يتطلع الى والده بتساؤل مردفا_ خير يا بابا ؟ 


اشار له يوسف بأن يقترب مردفاً _ تعالى يا عمران لما اعرفك على حياة .


اقترب عمران منه ينظر لتلك الواقفة تفرك اصابعها بحرج فهى تتذكره جيداً منذ تلك اليوم من خمس سنوات ..


اردف يوسف يشير الى حياة _ دى حياة يا عمران ... هتكون مسئولة عن رحيم وهتعيش معانا هنا .


اردفت حياة بعفوية _ البقاء لله يا عمران بيه .


تجاهلها عمران تماما مردفاً بحدة لاذعة يوجه حديثه لوالده _ ازاى يعنى ... انت جايب وحدة من الميتم تراعي ابني ؟ 


انسحب قلب تلك المسكينة الى قدماها حتى انها تمنت ان تختفى فى تلك اللحظة او ان الارض تنشق وتبتلعها من هذه الاهانة التى تتعرض لها .

                      الفصل الخامس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>