CMP: AIE: رواية نار وهدان الفصل السادس والسابع عشر
أخر الاخبار

رواية نار وهدان الفصل السادس والسابع عشر


 

١٦&١٧

 الحلقة السادسة  والسابع عشر 

نار_وهدان


💓💓بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 💓💓

...................

الشهوة تعمي القلب و البصر أما إن ترافقت بالغضب  فسيأخذان أرواح البشر فاحذر أن تكون أعمى وقاتلا بنفس الوقت فلا تدري ربما تموت بمجرد حجر.


إبراهيم والد عمر لم يستطع النوم  ليلا كلّما أغلق عينيه تداهمه الكوابيس فيفزع، لذا كان يظل مستيقظا دوما، وكأنه عقاب من الله عز وجل له لما يفعله .


شعر بحركة عمر داخل الغرفة ورآه يأخد من بنطاله المفاتيح فهمس ...چيت لأچلك يا عمر ، ماشي، مبدهاش مع أنك صعبان عليه .


فقام من فراشه ووضع جلبابه عليه سريعا ثم ذهب وراء إبنه دون أن يدرى .


خطى عمر خطواته للمحل  ولكن الخوف كان مسيطرا عليه فكلما خطى خطوة ، رجع بها مرة أخرى  , خوفا مما يخفيه والده عنه ،استجمع شجاعته بعد عناء وتقدم نحو مبتغاه متسللا ففتح الباب الخلفي لتداهمه رائحة كريهة نفاثة ونتنة،

فسد أنفه بإحدى يديه قائلا ...إيه الريحة النتنة دي ، يا ساتر هو أبوي هيخزن فسيخ ولا إي. 


بس هو فين النور اللي إهنه؟


آه ...أهو .


ففتح عمر مقبض الإضاءة ونزل درجات من السلم حتى تسمرت قدماه عندما وجد آثار عظام بشرية صغيرة متحللة ، ليضع يده على قلبه .


آه حاسس إنّ چلبي هيچف ، لتدور عينيه في المكان ، ليتفاجأ  ببنت صغيرة  تصارع الموت وتصدر صوتا ضعيفا............آه _آه 

وكانت شبه عارية وتنزف .


فأقدم إليها عمر بقلب مرتجف مرددا ...آه يا حرچ الچلب .

معچول أبوي هو اللي طلع هيخطف البنات الصغيرة من زمان ومحدش كان عارف هيروحوا فين ؟؟


آاااااااه ، ليه إكده يا بوي ، ليه تعمل إكده ، ناچصك إيه ،محنا مستورين وأمي هتتمنالك الرضا ترضى .


ثم انحنى على تلك الفتاة وبكى بكاء شديد مردفا ...وأعمل فيها إيه دي دلوك ؟؟


دي هتطلع في الروح خلاص ، يعني عچبال مطلع بيها هتكون خلاص ماتت .


بس لازم ألحچها يمكن ربنا يكتب ليها عمر چديد .


فحاول عمر أن يحملها ولكنه توقف عند سماعه صوتا أربكه وكاد أن يموت رعبا ...چلبك حنين أوي عاد يا. عمر ، وعشان إكده اللي زيك مينفعش يعيشوا في الدنيا الچاسية دي، فهريحك منها .


ارتجف عمر ونظر لوالده بخوف مردفا...يعني إيه يا أبوي ، مش كفاية اللي عملته في بنات الناس ، عمللولك إيه البنات الصغيرة دي عشان تعمل فيهم إكده ؟


دول حتة جتتهم صغيرة مفهاش أي حاجه تشد .


فضحك إبراهيم قائلا بنبرة مقززة ..أهو أنا ميعجبنيش إلا الجتت الصغيرة دي.


عمر بحنق شديد ...لا أنت شكلك مش مظبوط واصل يا بوي ، أنت طلعت مش طبيعي فعلا، حرام والله إكده .


تقدم إبراهيم من عمر وعينيه تنذر بالشر وحاول كتم أنفاسه بيده ثم أطبق على عنقه قائلا بحدة ...وعشان مش طبيعي هچتلك يا عمر عشان متچفش في طريچي.


حاول عمر الإستغاثة ولكن لم يجد أي فرصة وشعر بالإختناق رويدا رويدا حتى لمح بجانبه عصى حديدية  فاِلتقطها سريعا بيده ، وضرب بها على رأس والده فشجت رأسه فصرخ صرخة هزت أركان المكان ...آاااااه ثم خرَّ قتيلا .


لينهار بعدها عمر بجانبه صارخا...أبووووووي، أبووووووي .

مكنش قصدي ، أنا كنت بدافع عن نفسي .

چووم يا بوي ، آه يا حرچ چلبي .


ثم سمع تأوه البنت الصغيرة ، فإلتفت لها ثم حملها رغم ألمه وذهب بها إلى المشفى .


ولكنها للأسف لفظت آخر نفس لها بعد أن نزفت كثيرا .


وعندما علم بموتها سقط مغشيا عليه ، فحملوه لإنعاشه،

ثم تم الإتصال بالشرطة التي آتت بعد مرور بعض الوقت لإستجوابه عن الواقعة .

وعلم أهل البلدة بما حدث وعلى رأسهم العمدة الذي بكى مردفا...كيف كنت العمدة  ومعرفتش أن المچرم ده هيعمل أكده ؟

وكيف مچدرتش يا بتي أحميكِ ؟؟


وعلى الرغم من قساوة منظر الجثث ، إلا أن أهل البلدة شعروا بالراحة بعد إنتهاء هذا الكابوس وإنتهاء الخوف الذي كان يسيطر على قلوبهم خوفا على بناتهم .


أما أهل الضحايا فتجدّدت عليهم الأحزان، حيث كان لديهم أمل أن يعثروا عليهم  ولكن سكنت قلوبهم بعض الشيء في النهاية حين دفنت الجثث  .


وشعر عمر ووالدته وإخوته بالعار لما فعله والداهم وسدد لهم أهل القرية الإهانات رغم أنهم ليس لهم ذنب فيما فعل، ولكن هكذا الناس تظلم من ليس بظالم .


فاضطروا للخروج للعيش في قرية أخرى بعيدا عن أعين الناس المتسلطة .

......


تزوج عبد الجواد من بدور ودخلت قلبه الفرحة بعد غياب طويل لمرض زوجته ولكنه أحسن إليها أضعافا بعد زواجه من بدور ، كما تفانت بدور في خدمة زوجته وأولاده أكثر بعد الزواج ، فقد أصبحوا عائلة واحدة .


ثم أنعم الله عليها بالحمل ، فبكت بكاءً شديدًا.


عبد الجواد مندهشا...أنا خابر الستات لما يحملوا هيفرحوا ويزغرطوا وأنتِ هتبكي كيف يا بدور ؟ ولا أنتِ مكنتيش رايدة تحملي منّي!؟ .


فوضعت بدور يدها على فمه بحب مردفة...متچولش أكده يا عبدالجواد ، ده أنت أغلى الناس ، وأتمنى أچيب منك كتير چوي بس بشرط يكونوا كلهم في حنيتك وأخلاچك دي .


عبد الجواد ...وأنتِ بچيتي عمري كله يا حتة من چلبي .

بس إيه الدموع دي؟ أظن من حچي أعرف .


تنهدت بدور بألم ثم قالت...آن الأوان تعرف عني كل حاچة يا چلب مراتك .


ثم بدأت تقص عليه ما حدث من زواجها من العمدة وما ذاقت معهم من ألم وضرب وإهانة ثم حملها وولادتها وحرمانها من طفليها وتهديدها واجبارها على ترك النجع عنوة ثم البقية هو يعرفها جيدا .


فاغرورقت عيني عبد الجواد بالدموع ، ليضمها بقوة لصدره وكأن صدره كانت سفينة النجاة التي أنقذتها من بحر الحرمان .


عبدالجواد...ياااه ،كل ده استحملتيه لحالك .

 وياااه على چسوة الچلوب ، دول ناس ميعرفوش ربنا ، بس أكيد هيچلهم يوم وربنا هياخد حچك منيهم .


وأنا كومان مش هسكت واصل وهروح أچبلك عيالك ، يتربوا مع عيالنا .


فأمسكت بدور بيده تقبلها مردفة بترچي...سايج عليك النبي يا خوي متروح عنديهم ، دول ناس شر وميعرفوش ربنا وممكن يعملوا فيك حاچة ، أبچا إكده اتحرمت من كل حاچة ومش هچدر أعيش من غيرك .


على الأچل اللي مصبرني أنهم هيتربوا زين مع أبوهم رغم أنّ چلبي هيتچطع من فراچهم ونفسي أشوفهم ولو لحظة .

لكن أنت مين لينا من بعدك ؟؟


فابتسم عبد الجواد لصدق محبتها له وحمد الله أن رزقه بها، ولا تعلم المسكينة أن اولادها قد أخذ كل واحد منهما إلى مصيره في اتجاه غير الآخر .


والأصعب كان لمصير وهدان .


...........


لتمر بعد ذلك عدة سنوات على وهدان ليصبح عمره عشرة أعوام .


وخلال تلك الأعوام ، تعلم الكثير من والده الذي رباه  محروس ، علمه كيف تكون يده خفيفة في سرقة الناس ، والبضائع من المحلات .


وكان ذلك بداية الإنحراف والضلال الذي نشأ فيه منذ الصغر وسيتبعه بأشياء أشد ، فهو لم يجد من يعلمه الصواب من الخطأ أو الحلال من الحرام .


وكان وهدان بدوره يعلّم السرقة لـ زين صديقه المقرب في الجبل وابن منصور قائدهم .


وكان وهدان يفتعل المشاكل دوما مع يونس ابن هنادي ، لأن يونس كان شديد الغيرة من وهدان بسبب دلال منصور له لإنه يحبه ويفضله عليه .


فنهر يونس أخته جميلة حتى لا تلعب مع وهدان .


يونس غاضبا ...مش چولتلك متلعبيش مع الزفت الچطران ده تاني .


جميلة....ليه يعني ملعبش معاه ، أنت مش عايز تلعب خلاص ، لكن أنا عحب ألعب معاه ومع قمر ومع زين .


يونس ...والله لو مسمعتيش الكلام هضربك .


فأخرجت جميلة لسانها له مردفة...مش هسمع الكلام ومش هتچدر تضربني ها .


يونس بعصبية مفرطة...أكده .


فأمسكها من شعرها فتألمت وصرخت وجاء وهدان على صوت صراخها ، فقام بنزع يده من عليها قائلا...أنت مش بتچدر غير على البنات ولا إيه ؟؟


فاشتعل يونس وغضبا وأمسك به , وتبادلوا الضربات الموجعة بينهم.


واحتد صوت شجارهم وأصبح عاليا مسموع ...حتى جاء منصور على صوتهم .


فأرعبهم صوته ...بس يا ولد أنت وهو ، إيه مفيش خوف مني للدرچاتي، هتتعركوا وأنا موچود .


يونس ..هو اللي هيبدأ الأول .


وهدان ...هو اللي مش راچل وهيمد يده على أخته الصغيرة .


زين...أيوه يا بوي صوح ، وهدان عيچول الحچ .


ثم نظر لـ قمر وابتسم مردفا...صوح يا قمري.


فمطت قمر شفتيها باستهزاء مردفة...إيه قمري دي ، أنا قمر بس ، ثم تركتهم وغادرت .


منصور ...أنا چولت خلاص ، انتهينا ومعدش يحوصل ده تاني ، فاهمين كلكم .


فرددوا...فاهمين .


منصور...يلا كل واحد يروح مكانه .


فذهب وهدان واتبعه زين .


فقام منصور بالنداء عليه ...تعال يا زين عايزك .


زين بنفور...أنا عايز ألعب مع وهدان .


منصور...چولت تعالى دلوك .


زين ...حاضر يا بوي .


وفي نفس الوقت ولج وهدان عند والده الذي ابتسم له فور رؤيته وأردف قائلا ...خلاص خلصت لعب وشچاوة عايزك بچا في موضوع مهم چوي چوي وخابر أنك هتعمله كيف منا رايد وأحسن وهتبچا ليك الحلاوة الكبيرة وهچبلك كل اللي أنت عايزه .


وهدان...خير يا بوي .


محروس...چبل مچولك ،أنا رايدك متعبرش الواد يونس ده تاني ، عشان خوطري وعشان خاطر منصور هو عيحبك ،مش عايزين مشاكل.


وهدان...هو اللي هيعمل والله يا بوي.


محروس...خابر وهيغير منك كومان .


بس همله أحسن ولا تعبره .


وهدان...ماشي يا بوي عشان خوطرك بس .

بس يلا چولي بچا ،عايز مني إيه ؟


فأمسك محروس يده وأجلسه بجانبه ...بص يا ولدي، النهاردة فرح بت العمدة زهرة ، دي بته الكبيرة اللي فضلاله بعد اللي ماتوا .


وهو فرحان بيها چوي چوي وعامل لها فرح في چيننة الدوار على مستوى وعازم ناس متريشين چوي چوي .

رچالة وحريم .


ده غير ناس من الحكومة ومراتتهم .


وأنا لو دخلت بينتهم ممكن يشكوا فيه ، فأنا رايدك تدخل أنت وسطيهم ، عشان لسه عيل صغير ، مش هيحسوا بيك .

وتچلبهم بچا على قد متچدر يا ولدي .


وأنا هستناك برا ، وكل متاخد حاچة ، تطلعلي آخدها منيك وتدخل تاني تحمل ، مهو خير ربنا كتير چوي چوي اليوم ده، وأنت وشطارتك بچا يا ولدي .


ابتسم وهدان مردفا بعينين مليئتين بالمكر ...متچلچش يا بوي ، أنا هصفيهم وهتبچى ليلة فل علينا .


فضحك محروس وربت على كتفه مردفا...والله هتطلع واد ليل بصحيح وأحسن مننا كلاتنا وهيبچى ليك مستچبل كبير يا ولدي .


وهدان...طيب هاخد زين معانا .


محروس...لا زين لأ .

ده واد تجيل جوى ومهيفهمش وهيعطلك ، وأنا عايزك خفيف خفيف إكده ، من غير محد يحس بيك .


وهدان ...ماشي يا بوي اللي تشوفه .

.........


ولجت نچية إلى غرفة ابنتها حيث كانت تضع لمساتها الأخيرة من التجميل ثم وضعت التاج والطرحة على رأسها .


فقامت نچية بإطلاق الزغاريد ،ثم قبلتها وضمتها بحب مردفة...ألف مبروك يا بت چلبي ، ربنا يسعدك ويهنيكِ وأشوف عوضك .


زهرة...ربي يخليكِ ليه يمه ، وإيه رأيك فيه حلوة صوح .


نچية...چمر طبعا ، بت نچية والعمدة ، لازم تكون ست البنات .


زهرة...بس كان نفسي أروح كوافير إكده عالي ، أحسن من أنىي أعمل لنفسي وحسّاني مش حلوة چوي زي العرايس اللي هطل عليهم في التلفزيون .


نچية......لا أنتِ أحلى يا ست البنات ، وأنتِ خابرة زين أني هخاف عليك ِ من الهوا الطاير وخفت تروحي يوحصل حاچة .


وأنا بعت چبتلك مچلة كيف تعملي لحالك كل حاچة واشتريتلك أحسن ماركة .


وأهو چدامي أحسن من مية كوافير .


ويلا عشان العريس  عطية واد عمك مستني على نار .


وأبوكِ العمدة طالع ورايا عشان ينزلك هو الأول ليه .


ثم ولج والد نچية زهران إليهما  مردفا ...ماشاءالله يا بتي ، ربنا يحفظك وزين ما اخترتي واد عمك عطية ، واد مؤدب وأنا وصيته يشيلك في عنيه التنين .


زهرة ...ربنا يخليك ليه يا چدي.


زهران ...كان نفسي يكون سلسال العمودية من أبوكِ بس أمري لله هنسلمها لچوزك وأهو أحسن من أبوه شوية .


نچية...وبعدهالك يا بوي ، مخلاص بچا ، انسى وكل شيء نصيب .


زهران ...أيوه ، ربنا يسعدهم .


ثم جاء سالم ، فأقبلت إليه زهرة ، فدمعت عيناه حزنا على فراقها له إلى بيت زوجها ، فضمها إليه وبكى .


لتبكي زهرة مردفة ...هتوحشني چوي چوي يا بوي .


سالم...وأنتِ كومان يا بتي ، وخلي بالك من نفسك واسمعي كلام چوزك ولو عملك أي حاچة ، بابي مفتوح ليكِ في أي وچت .


زهرة .....ربي ما يحرمنى منك يا بوي .


.........


وبدأ الحفل بنزول العروس مع والدها ثم تسلمها عطية ابن عمها لتبدأ فقرات الحفل .


من غناء ورقص وانشغل الحاضرون بالعروس وكان المكان مليئًا بالناس .


ومن هنا تسلل وهدان في حين غفلة الناس ، وبدأ في سرقة ما تصل إليه يده .


فكان يميل  بجسده قليلا على السيدات ولأنه طفل صغير كان هذا لا يشغل لهم بال .


ومن بينهم زوجة الحكمدار كانت تردتدي عقد ألماس باهظ الثمن .


فمال عليها كأنه كان سيسقط فبادرته بقولها....حبيبي حصلك حاجة ، خلّي بالك وأنت ماشي.


وفي هذه اللحظة شد العقد بخفة من عنقها فلم تشعر بفقدانه إلا بعد ما تسلل للهروب ومعه كثيرا من الذهب الذي سرقه بتلك الحيلة .


بجانب سرقة المحافظ التى يضع بها الرجال الأموال .

بخفة متناهية من غير أن يشعروا به .


وأثناء هروبه للخارج بعد أن حظي بالكثير من المسروقات التي أخفاها بين طيات ملابسه .


اصطدم بسالم فهم الأخير أن يبطش به ولكنه عندما رأى وجهه ، لم يعلم لم سكن وزال غضبه ودق قلبه له فحدثه بقوله ...أنت ابن مين يا ولد ؟


توتر وهدان وأرتبك قائلا...أنا ابن أمي ، ثم فرّ من أمامه سريعا.


فضيّق سالم عينيه بشك...هو إيه الحكاية والواد هيچري ليه إكده ؟


أسرع وهدان لـ محروس وهو يلهث ولا يستطيع أخذ أنفاسه ليقول بصعوبة.......يلا يا أبوي بينا چبل محد ينضرنا.


محروس ...طيب خد نفسك يا ولدي، بس عفارم عليك ، ده أنت لميت اللي لو منصور نفسه إهنه مكنش هيچدر يلم كل ده .


ثم حمل محروس  وهدان على كتفيه ليريحه بعض الشيء  بعد أن أتعبه الركض ثم انطلق به سريعا نحو الجبل، وعندما أوشك حفل على الإنتهاء، وهمّ الحاضرين مغادرة المكان وبالبحث عن أغراضهم إكتشفوا فقدانها .


فصرخت زوجة الحكمدار ...العقد فين العقد ، ده ألماس ، معقول أكون اتسرقت في بيت العمدة ؟؟


لينقلب الفرح إلى مأتم من عويل النساء وتذمر الرجال ، ليقع سالم مرة أخرى في شر أعماله وشعر بالخزي في يوم زفاف ابنته .

لتقف أمامه نعيمة فرحة بما حدث وشامتة ...اشرب يا عمدة .


ليخرج سالم عن شعوره ، ويقوم بطردها .


أخرچي برا الدار ، أنا زهچت منك يا وش الشوم أنتِ .


فضحكت نعيمة بسخرية...هخرچ دلوك ، بس هرچع تاني بأمر حبيبتي نچية .


ثم غادرت من أمامه خوفا من بطشه .


ليستدعيه بعدها الحكمدار ، فذهب إليه وعينيه تفترش الأرض خجلا .


الحكمدار بنزق ....معقول يا عمدة ، نتسرق في بيتك يا عمدة .

يعني إزاي ؟


يعني كده محدش عملك حساب ولا حد بيخاف منك .


 امتعض سالم وحاول الدفاع عن نفسه ...يا حضرة الحكمدار ، ده فرح والناس كتير چوي ، فأكيد حد غريب استغل اللمة ودخل بنتنا ، فغصبا عني .


بس إن شاء الله هنچيبه من تحت سابع أرض .


الحكمدار ...ولو مچبتهوش ؟


ابتلع سالم ريقه بصعوبه قائلا ...أكيد هنچببه ، وأكيد هو واحد من الچبل ، الچبل يا باشا لامم ناس عفشة كتير وعايز حملة تنضيف .


الحكمدار ...أكيد وأنا بعد حملة لكدا فعلا .


بس ده آخر إنذار ليك يا عمدة ، لو حصل حاچة تانية من عندك تخص الأمن هتشال فيها .


سالم مسترجيا له ...ربك يكملها بالستر يا بيه .


بكت زهرة لما حدث في ليلة زفافها ولكن نچية نهرتها بقولها ..ليه إكده يا بتي هتبكي في ليلة فرحك ، ده حتى يبچى فال وحش .


زهرة...ما أنتِ شايفة اللي حوصل وحاسة إني أنا اللي فال وحش على چوزي .


نجية ...إياكِ تچولي إكده ، أنتِ بت العمدة والكل تحت رچليكِ وإيه يعني سرچة مبتحصل في أيّ مكان .


وهما ليه مهيخدوش بالهم من حچتهم .


زهرة...صوح يمه  بس هو فين الكردان بتاعك ، أنا كنت نضراكِ لبساه من شوية .


فوضعت نچية يدها على صدرها فلم تچده فصرخت...يا مصبتي كرداني اللي كنت هورثه عن أمّي وأمي عن أمها راح .


زهرة بحزن شديد...شوفتي بچا نصيبي .


نچية......فداكِ يا بتّي ،ويلا چوزك چي يخدك أهو .

 واوعي تبيني أنك زعلانة أو منكسرة وخليكِ إكده چامدة ولا يهمك حاچة واصل .


.........


في الچبل ..أخفى وهدان بين طيات ملابسه العقد الألماس وكردان نچية .


وحدّث نفسه ...دول ليه آني بعيد عن أبوي ومنصور ، أنا اللي تعبت وشچيت مش هما ، هخليهم ليه لما أكبر، وأتصرف لحالي .


أنا نفسي يكون عندي دوّار كبير ٱكده  زي بيت العمدة،

وعندي خدم وحشم ، بدل مقضي عمري كله مستخبي في الچبل ده .


ثم سمع صوت والدته 


هانم ...واد يا وهدان ، هتعمل إيه عندك ؟


توتر وهدان وأخفى ما كان معه سريعا .


وهدان...مفيش يمّه .


هانم ...طيّب تعال أبوك ومنصور عايزك برا .


حاضر چي.


فخرج وهدان ...فأمسك منصور يده وقبلها .


فتعجب وهدان قائلا ...سي منصور هيبوس يدي آني معچول!؟؟


منصور ...طبعا لأن اليد اللي هتچيب كل ده في ليلة واحدة مش يد عادية ، وتستاهل إكده.


وأنا حاسس أنك هتكون راچل الچبل من بعدي .


محروس...ربنا يطول في عمرك يا سي منصور .


منصور...على الله الأعمار ، وإحنا بالذات عمرنا على كف عفريت .


بس عايزك يا وهدان تخلي بالك زين من زين ولدي أنا خابر إنك هتحبه ، بس خليه كيف أخوك بالظبط ، لچمته مع لچمتك وخطوته مع خطوتك .

فهمني يا ولدي ؟؟


وهدان ...زين أخوي فعلا وحاضر هعمل كل اللي تؤمر بيه يا سي منصور.


منصور...طيب ودلوك أنا عايزك مع أبوك نروح مأورية على السريع إكده، وهنرچع طوالي ، وعايزك تعرف الناس دول زين ، عشان تتعامل معاهم لما تشد حيلك كومان .


لمعت عينا وهدان قائلا بحماس ...أنا جدها من دلوك .

مش چصدك الناس اللي خدت منك الآثار النوبة اللي فاتت!؟


فشهق منصور ...وكيف عرفتهم؟

أنا مكنش حد معايا غير أبوك وچتها .


وهدان ...أنا اتسحبت وراكم وچولت خليني أراقب المكان وأشوف وأسمع وأتعلم الشغل صوح .


فضحك منصور ...مش چولت أنك هيكون ليك شأن كبير چوي .


طيب يلا بينا عشان نسلمهم دفعة تانية وهيكون ليك لحالك ألفين جنيه بحالهم .


فقفز وهدان فرحا ...ألفين چنيه !!


كما فرح محروس له فأردف ...مش چولتلك يا ولدي إن منصور عيحبك .


منصور...طيب يلا بينا .


وبالفعل توجه وهدان مع محروس ومنصور وحفظ ملامح الرجال وأسماءهم ، كما وصاهم منصور للتعامل معه في المستقبل إذا حدث له أي شىء يعوقه في الإستمرار معهم .


الرجل بضحك...هنتعامل مع عيل ، على آخر الزمن يا منصور .


منصور بنزق...العيل ده اللي أنت شايفه ده ، هيفهم أكتر منينا ، وهيچيب الديب من ديله كومان .


الرچل...العيل ده ؟؟


فهدر وهدان في وجهه......متچولش عيل ، أنا راجل .


فضحك الرچل ...ماشي يا سيد الرچال، چبتلنا المعلوم .


وهدان بغلظة...چبته بس فين الفلوس الأول ؟؟


ففتح الرچل الحقيبة ..فلمعت عينا وهدان وحدث نفسه ...كل دي فلوس ؟؟


أكيد هيچي يوم يكون كل دا ليا آني.


ثم تبادلوا الحقائب وتمت الصفقة والتهنئة من الطرفين .

ليعودوا بعدها للچبل .


حدّث وهدان والده محروس...إلا يا بوي ،منصور هيودي الفلوس دي كلها فين ؟


محروس...هيهربها بلاد برا ، عشان مع الوچت يهرب هناك ويعيش حياته .


عچبلنا إكده يا ولدي وأنا حاسس على يدك هيكون ده .


وهدان ...بس أنا مش عايش اعيش برا 

أنا عايز أعيش أهنه بس دوار كبير زي العمدة .


فضحك محروس ...كيف العمدة ؟؟


وهدان ...أيوه .


محروس...وأحسن من العمدة كومان ،بس دلوك نام بچا عشان مش چادر خلاص أصلب طولي .


فخلد الجميع للنوم ، ليستيقظوا بعدها على فاجعة هزت قلوبهم مع صوت إطلاق الرصاص فى كل مكان...

فما حدث ؟؟؟

من سينجوا ومن سيفقد في حادث إطلاق النار؟ 

هل سيتحقق حلم وهدان بالقصر والمال؟

وهل سيكون عقد زوجة الحكمدار وكردان نچية مفتاح ثروة وهدان لاحقا أو حبلا يلف في رقبة وهدان!؟ 

ونختم الحلقة بالدعاء الجميل ده


«اللهم إن همومنا قد كثرت، وليس لها إلا أنت، فاكشفها، يا مفرج الهموم، لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، اللهم اكفني ما أهمني، اللهم إني ضعيف فقوني، وإني ذليل فأعزني، وإني فقير فارزقني وأسألك خير الأمور كلها وخواتم الخير وجوامعه».

 الحلقة السابعة عشر

نار_وهدان 

.............

🌹 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 

الإنسان يخلق على الأرض يعيش على الأرض، لكن حين يموت يدفن تحت الأرض، ولن يأخذ معه لآخرته

 إلا أعماله، فإن كان أعماله صالحة فقد كسب دنياه

 وآخرته، وإن كانت أعماله طالحة فقد خسر نفسه أولا والدارين معا.


نام جميع من في الجبل ليستيقظوا على فاجعة إطلاق النار من قبل قوات الأمن .


فقفزوا جميعا من أماكنهم وحصنوا أنفسهم بالسلاح .

وسمعوا صياح منصور ...كله يچف فى المكان اللي بحدده كل مرة لما بتيچي تعمل علينا الحكومة غارة .


ثم صاح في محروس ...شهل بالقنابل المسيلة للدموع ، خليهم يمشوا بدري بدري من غير دم كتير .


محروس ...أمرك يا سي منصور .


ارتجفت قمر وبكت من صوت إطلاق النار ، فأسرع لها وهدان وضمها لصدره مردفا...متخفيش جمدي چلبك إكده ، وهنمشيهم چفاهم يچمر عيش دلوك .


قمر...أنا خايفة چوي ، ونفسي نعيش في حتة تانية غير الچبل ده .


نعيش زي الناس في البلد ، هيناموا من غير چلچ وخوف زينا .


وهدان ...بكرة تشوفي وهدان هيعمل إيه ؟

وهيحچچلك أمنيتك الغالية دي.


قمر...ياريت يا أخوي.


ثم تركها وانطلق مع الرجال وهم يتصدون لقوات الشرطة 

كما ساعد أباه في إطلاق القنابل .


ليحتدم القتال بين رجال الشرطة والچبل .


العقيد أدهم للعساكر...اضربوا النار في كل إتجاه ، هما متعششين في كل مكان .


العسكري رضا...أنا مش شايف حاچة يا فندم ، وهضرب عشوائي.


أدهم بخيبة أمل ...مش عارف مين بيوصلهم السلاح والقنابل دي؟؟

كده مش هنعرف نسيطر عليهم ونفضي المكان .


رضا...أهو هنحاول يا فندم وربنا كريم عشان نقضي على سلسلة الإجرام بتعهم اللي مش عايز ينتهي ده .


أدهم ...ياريت ،عشان شكلنا قدام الحكمدار وحش جدا .


ثم أمر أدهم بالهجوم وتبادلوا إطلاق النار .


حتى أصيب منصور بطلقة طائشة فوقع مكانه ، فتجمع حوله الرجال وأسرع إليه زين يبكي ...ابوي ابوي ...لا متموتش أنا مليش غيرك في الدنيا .


محروس باكيا...سلامتك يا سي منصور .


شد حيلك بس عچبال ميمشوا ولود الغبرة دول ، وهبعت عچيب الواد سلامة الحلاق هيطلع الرصاصة وهتبقى فل الفل .


منصور وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة...إظاهر خلاص ، وراح عمري على إكده ، وياريت راح على حاچة كويسة ، راح على الفاضي.


وعارف إنّ ربنا هيحاسبني واعر چوي .


ثم نظر لوهدان قائلا بصوت ضعيف ...خلّي بالك من زين.


 ليسلم الروح لبارئها بعد نطقه تلك الكلمة .


فبكى الرجال وبكى زين .


أما وهدان فانسحب سريعا لغرفة منصور ، وأخذ حقيبة أمواله جراء صفقة المخدرات ، التي لم يسعفه الوقت في تهريبها .


ثم أسرع بها وهدان لمكان نائيّ خلف الجبل وحفرة حفرة عميقة وضع بها الحقيبة مع عقد الألماس والكردان الذهبي وبعض الأموال التي كان يخبئها من قبل .


فهو رغم صغر سنه الأول أنه كان يتمتع بذكاء خارق .


ثم عاد ليجد رجال الجبل قد تصدوا لقوات الشرطة ، فتراجعوا وفشلت مهمتهم في تطهير الجبل .


تبدلت تعابير محروس من الحزن للفرحة عندما تراجعت قولت الشرطة فأردف...الحمد لله خلصنا منهم بسلام ، بس للأسف راح فيها الكبير بتعنا .


ثم جثى على ركبتيه مواسيا زين...متچلچش واصل يا ولدي طول ما أنا عايش ، أنا كيف أبوك ووهدان أخوك .


عطوة والد يونس وجميلة...لا چلبك حنين چوي، أنا خابرك كويس هتعمل إكده عشان عايز تعمل فيها ريس علينا .


لكن لا عمره مهيوحصل ، وأنا اللي هكون كبير مطرح منصور .


تلون وجه محروس وضم شفتيه بغضب ثم هدر في وجهه ...أنا كبير غصبا عنك يا عطوة ، سواء خدت مكان منصور أو لا .


ومحدش أصلا هيكون الكبير إلا لما نشاور بقية الرچالة.


عطوة...ماشي أنا موافج، يلا يا رچالة چولوا رأيكم .


محروس بنفور ...خلي في عينك حصوة ملح الأول وخلينا ندفن منصور  الأول ده الراجل اللي كنا عايشين في رعايته .


وبالفعل تم دفن منصور واجتمع الرجال ليختاروا بالفعل محروس لأنه طيب القلب ولن يأخذ منهم الكثير جراء قيامهم بأعمالهم الخارجة عن القانون .

............


تكرر نزول وهدان إلى القرية للعب مع الأطفال ولرؤية حبيبته الصغيرة التي دوما تشفق عليه ، عند نبذ الأطفال له ، لأنهم لا يعرفون هويته .


كذلك لم يحب وهدان أيًّا من الأطفال  في النچع إلا  وردة وهيام  وطفل آخر معهم من النچع يدعى مجدي .


ثم قامت وردة بالنداء على هيام ( أخت وهدان التوأم ) ...تعالي يا هيومة إلعبي معانا استغامية.


وعندما جاءت هيام للعب معهم  ، أطال لها النظر وهدان وكأن قلبه حن لها ، فهي توأمه التي  لا يعرفها بوجودها بعد .

فمتى سيعرف وهدان أنها أخته ؟؟


ولكن ذلك أثار غيرة وردة فنهرت  وهدان بقولها ...أنت چي عشان تبحلچ ولا تلعب ؟.


فابتسم وهدان ثم التفت لها وأطال النظر إليها ولكن بنظرة مختلفة مردفا بمكر...چي ابحلچ .


فضربته وردة بكفها الصغير على كتفه مردفة...أكده عيب ولو ولت أكده تاني ، مش هلعب معاك.


وهدان...لا خلاص ، أنا مچدرش ، ده أنتوا النسمة الحلوة اللي في حياتي.


وردة والفضول يسيطر عليها ...لساك مش عايز تچولي أنت بتيچي من وين ؟وابن مين ؟


أغمض وهدان عينه حزنا ثم أردف بخفوت ...مسيرك تعرفي ، وساعتها مش خابر هترضي تكلميني تاني ولا هتهمليني؟؟


وردة...ليه عتچول أكده ؟


وأنا مش ههملك واصل .


وهدان........وعد ؟


وردة ..........وعد .


ولكن هل ستفي وردة بهذا الوعد الذي قطعته على نفسها ؟؟؟؟

ثم بدؤوا باللعب لبعض الوقت لتستأذن هيام بعد ذلك معللة ذلك بقولها ....طيب أنا هروح عشان أمي بعافية شوية وابوي لوحده يمكن يحتاچني أعمله حاچة .


وردة...ألف سلامة عليها  ، هي لساها تعبانة ؟


هيام وقد تملكها الحزن ...أيوه ، وخايفة يچرلها حاجة ، ابوي يموت وراها وأنا ابچا وحيدة ومليش حد زي أبوي وأمي الحچيچيين .


وهدان مندهشا ...كيف ده ، أنتِ عندك اتنين أبو واتنين أمو؟


هيام...أيوه الأوليين ماتوا ورباني ابوي عزيز وأمي سميحة.


وهما حنيين عليه چوي چوي وخايفة يهملوني لحالي .


فربتت وردة على كتفها بحنو مردفة .......لا إن شاء الله ، هتخف وتبچا زي الفل .


هيام ...يارب .

أنا ماشية سلام .


أسرعت هيام في طريقها للمنزل ، فاصطدمت بطفل آخر ( يونس ) الذي جاء من الجبل ليضيق الخناق على وهدان كعادته .


هيام بتذمر ....مش تحاسب يا أنت ؟


يونس بتكبر......إيه أنت دي ؟.

 وأنتِ اللي ماشية كيف العامية .

ثم تابع بلسان حاله المعجب بملامحها البريئة...بس تصوري أحلى عامية شوفتها في حياتي .


أطبقت هيام على شفتيها بغيظ مردفة ...أنت چليل الأدب .


ثم تركته وفرت من أمامه .


يونس ...أنا چليل الأدب ، طيب ، هتشوفي مني الأدب صوح ، بعدين لما أفضالك مش دلوك .


ثم سار إلى وهدان الذي رآه فاشتعل غضبا وأمسكه من يده بقوة ثم ابتعد خطوات عن وردة والأطفال مردفا ...إيه اللي چابك أهنه يا يونس ؟


يونس بسخرية...چي أشوفك هتعلب يا كبير الناس .

ثم ضحك بسخرية .


تلون وجه وهدان غضبا قائلا ...والله أما غورت من چدامي دلوك ، هوريك مين هو وهدان ؟؟


يونس بتحدى ...طيب جربلى أكده وأنا هچول للعيال الحلوة دي، أنت مين وچي منين ؟؟


فوضع يده على فمه هامسا...أسكت خلاص .


يونس...هسكت ، بس تسربلي ورجة بعشرة اشتري شوية بمب افرچعهم وحلويات .


وهدان بغيظ...طيب بس تروح على طول .


يونس ... ماشي ، يلا هات .


فأعطاه وهدان ورقة بفئة عشرة جنيه ، ففرح يونس ولكن عندما تقدمت إليهم ورده زاغ بعينيه إليها وأردف...إيه بنات النچع كلهم چمرات ولا إيه ؟؟


فضربه على صدره مردفا بحنق...والله لو ممشتيش ، لهرچعك جثة ومش هيهمني حد .


يونس بذعر...لا على إيه أنا ماشي، ثم أردف بمكر سلام يا حلوة .


غضبت وردة من طريقة حديثة فتساءلت ...مين الواد العفش ده يا وهدان أنت تعرفه ؟


وهدان...لا ، چصدي، ده عيل مش متربي وعايزني ألعب معاه وأنا مش رايد .


وردة ...أيوه مهتلعبش معاه تاني .


ثم سمعوا صراخا وعويلا يأتي من بيت عزيز .

فتجمع الناس ، ليعلموا أن سميحة قد انتقلت إلى رحمة الله بعد صراعها الطويل مع المرض .


وكان عزيز يحتضن هيام بقوة مردفا...ماتت الغالية بس سبتلي الأغلى أنتِ يا بتي .


متخفيش ومتچلچيش واصل طول منا عايش .


..........


بينما كانت تراعي بدور أولادها من عبد الجواد ، شعرت بنغصة في قلبها ، فوضعت يدها على قلبها .


بدور...خير يارب .

ثم جاء بمخيلتها أولادها الصغار من سالم .

ياترى عاملين كيف دلوك ؟؟.


رأى عبد الجواد على وجهها الألم فتقدم منها قائلا...إيه مالك يا چلبي ؟


فوضعت بدور يدها على فمه برفق مردفة ...متچولش أكده وإحنا في صحن الدار إلا ست سامية تسمعك .


 متچولش أكده إلا لما نكون لحالنا في أوضتنا ومچفول علينا الباب .


فابتسم عبدالجواد لتلك الدرة المصونة التي رزقه الله بها ، فكم تحافظ على مشاعر زوجته الأولى منذ أن تزوجته ، لذا كلما مر يوم أحبها هو أكثر ، كما زاد إحترام زوجته الأولى لها وأصبحت لها أختا .


عبدالجواد مداعبا لها ...طيب ،مالك يا چلبي لما ندخل ؟؟؟


فضحكت بدور مردفة...مفيش افتكرت بس عيالي وچالي أكده نغزة في چلبي ، ياما نفسي أطمن عليهم ولو من بعيد وعينى تشبع بيهم .


عبد الجواد ...غالى والطلب رخيص ، ألبسي دلوك آخدك هناك تشوفيهم .


شعرت بدور برجفة شديدة عند قول عبد الجواد هذا فبادرته سريعا .........لا لا أخاف ، يموتوهم ويموتوني ويموتوا ابوي اللي وحشني چوي ، ويعالم حاله كيف دلوك ؟؟


عبد الجواد...طيب أنا عندي فكرة ،أنا هروح لحالي أسأل من اللي مدري كده  وأطمن على والدك .

وأهو أنا محدش يعرفني هناك .


وهاخد معايا كاميرا أصورلهم ليكي ، ويمكن ألاقي ربنا هداهم وآخدك معايا النوبة الچية. 


تنفست بدور الصعداء قائلة ...ياريت ، يارب أنت عالم بحالي .


وبالفعل ذهب عبد الجواد للسؤال .

وكانت صدمته الأولى في والداها الذي توفاه الله منذ سنوات حزنا عليها .


أما الصدمة الثانية حين أبلغوه أن ليس للعمدة سوى ابنة واحدة .


وأنّ زوجته الثانية قد هربت بإبنتها منذ زمن بعيد .


حدث نفسه عبد الجواد ...إيه التخاريف دي ؟

هربت كيف وبنت ازاي؟ وهي عتجول مخلفة بنت وواد .

الموضوع ده غريب ، أنا حاسس إن مرت العمدة وراه ، تكونش عملت حاچة في العيال من كتر الغيرة .


بس دلوك أعمل إيه وأروح أقولها إيه بس ؟؟


يارتنى ما كنت جيت ، على الأچل كان عندها أمل أنهم عايشين مرتاحين ، لكن أكده چلبها هيولع نار .

عچول إيه دبرني يارب ؟؟


ثم عاد منكسرا إلى البيت .

فأسرعت إليه والقلق على وجهها ...ها إيه الأخبار طمني؟.


فصمت عبدالجواد للحظة ثم نطق...البقاء لله في أبوكِ الله يرحمه .


فانهارت بدور وافترشت الأرض تولول وتبكي بمرارة ، فجلس عبد الجواد بجانبها وربت عليها بحنو...عارف أنها واعرة عليكى چوي ، بس افتكري قول الله سبحانه وتعالى{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} 


فرددت بدور بقهر ....إنا لله وإنا اليه راجعون .


ثم تساءلت ...طيب وعيالي شوفتهم اطمنت عليهم ، كبروا صوح ، حلوين مش إكده ؟

فصمت عبدالجواد ولم يدري ما يقول فنهرته بدور...متكلم ساكت ليه ؟؟

اوعى تچول أنهم حصلهم حاچة !


عبد الجواد...والله ما عارف حاچة ولا شوفتهم ، يمكن مهيطلعهمش من البيت .


ثم حدث نفسه قائلا...سامحني يارب ، مش خابر كنت هچولها إيه بس ؟

يكفي صدمتها في أبوها.


....................


ثم توالت السنون سنة تلو الأخرى كبر فيها وهدان وهيام وقمر ويونس وزين وجميلة ووردة ..

وطعن في السن سالم ونچية ونعيمة .


وقد سلم العمودية لزوج ابنته مثلما فعل معه والد نچية واكتفى بمصاحبة أحفاده من ابنته زهرة وقد رزقها الله طفلين أحمد ومحمد .


فغضبت نچية من فعله هذا فهدرت في وجهه...كيف يعني تتنازل عن العمودية ، وأكده مبچتش مرت العمدة وليه أسمي وشأني كيف الأول ؟؟


والناس كانت  هتهاب مني وهيچوا عندي يتوسطولي ليك .


دلوك مبچاش حد هيعبرني وهيروحوا لبتك .


وأنا إيه إكده مت يعني بالحيا ؟

لا ده لا عاش ولا مات اللي يعاملني أكده .


نظر لها سالم بإنكسار مرددا ...كفياكِ بچه غرور يا نچية ، العمر مبچاش فيه ، ويلا حسن الختام .


عملنا كتير لدنيتنا ، خلينا نعمل لآخرتنا شوية .


نچية بزمجرة ...أنت هتموتني وأنا لسه حية ولا إيه ؟

ومن ميتى الإستشياخ ده ، ده أحنا دفيننه سوا .


سالم...ربك غفور رحيم. 

وأنا طمعان في عشمه .


نچية ...لا أنت خلاص العيشة معاك بچت صعبة ، معندكش غير اللوم والندم وأنا مش ناچصة، أنا هروح لبتي أچعد معها يومين في العظمة اللي بچت فيها ، بعد ما راحت عليه .


حرك سالم رأسه بلا مبالاة مردفا  ...براحتك ، بس اوعي تچسي چلبها زيك إكده ، وخليها زي مهي چلبها طيب هي وچوزها .


نچية...والله هتوصيني على بتي ، مش بچولك ، أنتَ شكلك كبرت وخرفت .


ابتلع سالم ريقه بمرارة ...إكده يا نچية ،هي دي أخرتها كتر خيرك .


لتنظر له نچية بلا مبالاة ثم تتركه بمفرده .


عندما تأكدت نعيمة أنّ خروج نجية من البيت ، ذهبت لغرفة سالم .


وولجت إليه لتجد الدموع قد حفرت نفقا على وجنتيه ، فشعرت بالشفقة عليه ، فمهما دار الزمن ورغبة الإنتقام كانت مسيطرة عليها ، إلا إنها مازلت تنظر له بعين المحبة .


فاقتربت منه وجلست على ركبتيها أمامه مردفة ...سي سالم ،معچول هتبكي؟؟


نظر لها سالم بعدم إكتراث ثم دار بوجهه عنها ، لتستشيط  غضبا مردفة...لساك برده زعلان مني؟؟


سالم...هو اللي عملتيه شوية يا نعيمة ، إن كنت غلطت أنا مرة ، وأنتِ غلطتي مية مرة .


وبچيتي زي الشبح ، لما أچي أبص ليك هخاف.


نعيمة...ما أنت عارف غصبا عني من اللي شوفته ، وچلة الجيمة ، بس اتصور كل السنين دي واللي عملته ، لساني عحبك يا سالم .


اندهش سالم من قولها فوقف هاتفا ...أنتِ عتچولي إيه بس يا نعيمة ؟


أظن خلاص كبرنا على الحچات دي، وأنا معايزش خلاص من الدنيا غير رضا ربنا عشان يغفر لي اللي عملته معاكِ ومع بدور .


شعرت نعيمة بالغيرة فأردفت ...لساك هتفكر في بنت السايس مغارت وغار معها ...؟


فقاطعها سالم ...أيوه مين اللي غار  معاها ؟


سنين وأنا بتحايل عليكِ تچوليلي إيه حوصل وچولتي أنها مش بنت بس ، وفيه تاني ؟


صارحينى يا نعيمة ، أبوس يدك .


نعيمة بمكر...هصارحك بس ليه شرط ؟


سالم ...إيه الشرط ؟

اقتربت منه نجية بدلال حتى كادت تلتصق به ولكنه تراجع للوراء ، فهمست ....ليه هتبعد عني؟


أنا عحبك وريداك ، ورايدة نچوز .


شهق سالم ...إيه نچوز ؟


في السن ده ، ده خلاص حسن الختام .


وأنا مش ناچص مشاكل تاني مع نچية ، أنا عايز أعيش اللي فاضل من عمري بسلام .


نعيمة ...مشاكل ليه ، مش لازم تعرف ، وهي دلوك مش زي زمان وهتسيبك لحالك كتير .


سالم ...چصدك نچوز في السر؟


لمعت عينا نجية حين شعرت ببصيص أمل يعوض ما فاتها.


نچية...أيون .


عبث سالم بخصلات شعره البيضاء ثم نظر لها مرة أخرى فهي مازالت تحتفظ بجسد متناسق رغم تقدم عمرها بالعكس من نچية التي ترامى وزنها وأصبحت تمشي بثقل ، ومع الوقت امتنعت عنه كزوجة .

فابتلع سالم ريقه ببعض التوتر والخوف لو علمت نچية بالأمر .


ولكنه كأي رجل مهما بلغ به العمر يحتاج للإهتمام والارتواء .


نعيمة بتغنج ...ها يا سالم لسّاك هتفكر كتير ؟


ولا مش رايد ، ثم اصطنعت الحزن وأدرات له وجهها وهمت بالخروج بخطوات متثاقلة .


وهي تحدث نفسها ...هيتكلم أكيد ، أنا ضربت على الحديد وهو سخن .


وبالفعل سمعت صوته...استني يا بت ، أدينا بنتحدت .


فابتسمت نعيمة ابتسامة النصر .

واستدارت له 


سالم مبتسما ...موافچ بس هتچولي الحچيچة ؟؟؟


نعيمة هچول ، بس نچوز الأول .


سالم ...نچوز .


روحى يلا بيتك وأنا هاچي وراكِ بس عرفي لأن المأذون هيسرب الخبر ويوصل لنچية .


ترددت نعيمة قبل أن تقول...عرفي وإيه هيضمن حچي ؟


سالم ...هكتبلك ورچة بمية ألف ، وهچبلك دوار بعيد عن النچع .


كادت تقفز نعيمة من الفرحة وزينت الإبتسامة ثغرها مردفة ...ماشي ، متغيبش عليا .


وبالفعل تزوج سالم من نعيمة .

وبعد جلسة صفا .


ها يا نعنع _ چوليلي اللي حوصل عاد .


 توترت نعيمة بعض الشيء ، وحاولت إلهاءه لكنه صمم  معرفة ما حدث .


فآثرت أن تقول له ما حدث ولكن بتلفيق ما فعلت لـ نچية ولن يستطيع هو مواجهتها بالحقيقة ، حتى لا أكشف لها زواجه مني .


تصنعت نعيمة دموع التماسيح وهي تشرح له ما حدث وتبدي الندم المختلق ، كما طلبت منه السماح والرضا وألا يغضب لأنه لم يكن برضاها .


نعيمة بتلعثم وتوتر ....الصراحة يا سالم بدور مخلفتش بت بس ، چابت معاها واد كومان .


فانتفض سالم من الصدمة وجحظت عينيه وفتح فاه ثم أردف ...إيه عتچولي إيه ؟

واد ؟ 

نعيمة ...أيوه .


سالم ...يعني أنا عندي ولد معچول ، وهو دلوك مع أمه ، هربت بيه ؟


نعيمة بلعثمة...لا مش مع أمهم ، خدتهم نچية وسربتهم في مكان وسبتهم ويعالم حد غاتهم ولا ماتوا .


فكاد قلب سالم أن يقف من هول الصدمة...نچية خدت ولدي ورمته للديابة ، ولدي اللي كنت هنتظره من سنين .

ليه وعشان إيه ؟


ثم وضع كفيه على وجهه وبكى بكاءً شديدًا .


حاولت نعيمة التخفيف عنه ولكنه دفعها  قائلا بغلظة...وأنتِ كنتِ خابرة ومچولتيش ،مكنتيش عايزة ليه ولد زيها بالظبط صوح .


أنتِ وهي زرع شيطاني.

...................


يونس في الجبل ...معدتش چادر يا رجالة الحريم في النچع عاملين زي حتة السكر ، عايزين يتاكلوا.


وهدان ...متلم نفسك شوية يا يونس .


زين........سيبك يا وهدان بس اتصور عنده حچ.

حاچة أكده ، عسل بصحيح .


مبچولك ما تيچي نخطف منهم وحدة عندينا إهنه .


وهدان ...خلاص يعني هتموتوا على النسوان ؟.


يونس ...آه صراحة بدل عيشة الچشف دي .


وهدان ...ماشي بس بلاش النچع بتعنا ، برده خليكوا عندكوا نظر .


نچيب من نچع تاني .


فسقف يونس بيديه قائلا ...ماشي الكلام .


هغطس أنا وزين وأچبلك موزة أكده زي حتة الچشطة ؟


                        الفصل الثامن عشر من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-