رواية اقبلنى كما انا الفصل السادس والعشرون26 بقلم فاطمة الزهراء عرفات

رواية اقبلنى كما انا الفصل السادس والعشرون


اقبلني كما انا

بقلم فاطمة الزهراء عرفات


 (الفصل السادس والعشرون) 

........................

اللحظة الحاسمة هى التي سيقص السكندر على جميع أبناءه الحقيقية التي اخفاها هو وزوجته جلس چايدن بعيد عنهم ومستمر برمقهم بغضب

تنهد السكندر على مهل ونطق بنبرة هادئة مستمر بالتحديق ببدر: انا ابويا وامي متوفيين وعمي هو اللي كان بياخد باله مني قدام الناس بس هو عمره ماحبني سافرت اسبانيا عشان اكمل تعليمي وابعد عنه وهناك اتعرفت على ڤيكتوريا وحبيتها جدا بس اهلها رفضوني عشان عربي حاولت بكل الطرق انهم يقبلوني بس مافيش فايدة

وطبعا كدولة اوربية العادات والتقاليد تختلف عن مصر فـ اني الولد والبنت عادي يسكنوا في بيت واحد زي اصحاب هى سابت بيت اهلها وجات قعدت معايا وحصل بينا تجاوزات من غير جواز

لما اهلها عرفوا انها حامل حاولوا يقتلوني كذا مرة وكنت بهرب منهم حجزت على طيارة لمصر وخدتها معايا ولما رجعت مصر عند عمي رفض وخصوصاً من غير جواز وبطنها كبرت كنت ديما على خناق معاهم وجه اليوم اللي عمي طردني من البيت

ماكنتش عارف اروح فين انا لسة مامعيش بيت ولا فلوس تكفيني وفي اليوم اللي اطردت فيه مشيت انا وڤيكتوريا في الشوارع بالليل وهى بتتوجع كانت بتولد.. انا مش عارف اعمل ايه ولا اخدها لأي مستشفى فلوسي مش كافية

قعدت امشي بيها بالليل كنت بحاول اجيب حد يساعدها بس كانت الحتة مقطوعة هى ولدت لوحدها من غير مساعدة حد وسط صريخها وعياطها من الآلم

شوفت خيمة قش بعيدة جريت عليها بس الحظ وحش اوي كان فيها شوية عيال شمامين بلطجية بقولهم محتاج مساعدة مراتي ولدت واحد منهم طلع مطوة والتاني قال نقلبه شكله معاه فلوس الدنيا كانت ضلمة بالليل 

واحد مسكني والتاني نور بشعلة نار الطريق ورجعوا بيا للحتة ولما شافوا منظر ڤيكتوريا وانت مرمين فى الارض

اللي معاه الشعلة مسك السلسلة من رقبتها وهى رفضت بكل وجعها كانت بتصرخ وبتبعده وانا مش قادر اعمل حاجة واحدة مكتفني واحطط المطوة على رقبتي ضربته وقربت من مراتي في اللحظة دي السلسلة وقعت على الارض وانا بحاول ابعد الراجل الشعلة وقعت عليك يدوب بنبعدها عنك جه التاني وضرب ڤيكتوريا في بطنها 

ماعرفتش اعمل ايه غير اني اخرج المطوة من بطنها  واجري من هنا احاول اجيب مساعدة وهما ورايا عاوزين يقتلوني، ڤيكتوريا من الوجع كانت بتزحف على بطنها

لقيت كشك جريت عليه بس الكلاب اللي ورايا قالوا ان انا اللي قتلتها وهو ماعرفش يصدق مين؟ اتصل بالشرطة ولما جات كانت ڤيكتوريا بعدت عنك وأغمى عليها خدونا احنا التلاتة على القسم وهى على المستشفى قعدت في غيبوبة لمدة شهرين ونص ولما فاقت واتحسنت تمت التلت شهور وأنا 

محبوس في السجن بقولهم دي مراتي مافيش حاجة بتثبت انها مراتي لا قسيمة جواز ولا بطاقة وخصوصا شكلها اجنبية مش من هنا محدش صدقني ولا صدقوا ان في ابن مرمي والمطوة بصمات ايدي عليها والاتنين شهدوا اني قتلتها بدافع السرقة يعني لبساني وش

تخيل وضعي انا في السجن ومراتي في المستشفى ومالحقتش اعرف ابني ولا بنتي اللي في الشارع ومحدش مصدقني.. لما فاقت ڤيكتوريا قالت على الحقيقية وخرجت منها بس ابني فين؟ رجعنا للمكان من تاني وسألنا راجل عجوز اتخانق معانا

وقالنا العيل الصغير مات ومحدش يفتح الموضوع ده تاني الحارة معروفة بسمعتها النضيفة مش هتيجي على اخر الزمن وتتوسخ على غلطة واحد وواحدة حاولت افهموا لكن رفض لدرجة انه اتخانق معانا وهددنا لو جينا تاني هيلم علينا رجالة الحارة ويضربونا

لفينا الاقسام كلها عشان حد يدلنا على عيل تايه بس الحكومة حبالها طويلة اوي ماخدناش منهم حاجة صدقنا انك مُت بس كان في احساس انك عايش ابتدينا نشتغل واتجوزنا وسكنا في بيت ايجار وجبنا چايدن ورفاييل وماريا كنا بنقولهم معاكم اخ اسمه استيڤن

ومات وهو عنده سنتين عشان انا جبان مش قادر  اقولهم ابني ضاع مني ولا قادر افتكر اللي حصل واستمرينا لأكتر من ١٥ سنة نروح المكان على اساس انه قبرك واحيانا بنروح المقابر معاهم بس عشان يصدقوا

انا غلطت لما ماقولتش الحقيقة ليهم لسببين الاول شكيت انك ممكن تكون مُت من كلام الراجل والسبب التاني جبن مني ومنها نواجهم بالحقيقة ازاي ابني يضيع مني

أنهى السكندر روايته الطويلة الحزينة وعبراته تنهمر من مقلتيه ثم تابع بحزن ناظراً له: هى دي الحقيقة يا بدر.. لما شوفت صورتك مع رفاييل استغربت من الشبه اللي بينك وبين ڤيكتوريا ملامحك وعيونك كلها منها.. أتأكدت انك عايش لما جبت ماريا البيت وشوفتك قدامي

جفف عبراته بحدة ثم أشار بأصبعه على صدر أبنه ناطق بتأكيد: الحرق ده

ليفك ثلاثة أزرار من قميص أبنه فظهر اثار حرق نار وتابع بكرب: من الراجل اللي كان عاوز يسرق السلسلة.. مش عشان نحرقك ونداري الفضيحة

أحتضنت ڤيكتوريا أبنها بحزن وآسى ثم لمست بطرف أصابعها على الحرق وهى تردد بنحيب: بيردونامي (سامحني).. انا بحبك اوي واحساسي كان صح.. ياريت الحرق كان فيا مش فيك






نظر بدر لوالده بصدمة كبيرة فتابع السكندر قوله بعبراته المنسابة على وجنتيه: ازاي السلسلة الصليب كانت معاك وانت مسلم؟

عض بدر على شفاه السفلية وأجاب بنبرة غافلة عن الواقع: مديرة الدار سرقتها وفي اخر ايامها عرفت من الحقيقة

واصل رمق والديه بغموض وعدم اهتداء، الصدمات تأتي اولاً عاش حياته في خدعة كبيرة مديرة الدار التي كذبت من أجل المال وهو أخذها حقيقة مسلم بها وقعت عيناه على شقيقته ماريا التي تبكي من بشاعة المنظر الذي مروا به والدها ووالدتها واخيراً اخيها







أغلق ازرار قميصه ونهض من جوارهم ولكن أسرعت ڤيكتوريا بالامساك برسغه وهى تترجاه: انت مش مصدقنا لسة؟ بور فاڤور (من فضلك) خليك انا ماقدرش اكمل حياتي وانت مش فيها.. كفاية السنين اللي اتسرقت مني

دقق النظر بعيونها الملونة التي تغطيها العبرات نفس عينيه ونفس الشبه، تنهد بثقل وقام بتجفيف مقلتيها وهم بالمغادرة ولكن تشبثت به أكثر مستمرة بالهتاف: لا ماتمشيش.. مش هسمحلك بكده.. اتكلم السكندر






نهض بيأس وهمس بصوت أقرب للخفوت: لو مش مصدقنا.. بص دي اوضتك فيها هدوم من سنة لحد سنك ده.. كل يوم بنروح المكان.. برا قدام البيت في ٣ بيوت جنب بعض اللي على اليمين بتاعك.. احنا يمكن غلطنا في اسبانيا وانا رفضت اسيبها هناك خدتها ورجعت بيكم لمصر عشان نستقر ونكون اسرة

العبرات متحجرة بمقلتيه تأبى النزول وجهه خالي من المشاعر وسار مكمل لطريقه في المغادرة أقتربت ماريا وهى تبكي وتنظر له قام بفتح الباب وربت على وجنتها وهو يقول بنبرة منخفضة جدا: حقك عليا.. ماتزعليش مني على أخر مرة زعقتلك فيها

لم ينتظر منها رد وخرج من الشقة نظر للشارع بشرود مسح بكفيه على وجه ويزيل الدموع العالقة بأهدابه وسار على قدميه حيث تقوده

........................

شعر رفائيل وشقيقته ماريا بالصدمة والحزن عليهم، جلست ڤيكتوريا على المقعد محطمة كلياًّ بداخلها وخارجه صاحت بببكاء وجزع: مشى يا السكندر.. بور فاڤور (من فضلك) سامحني يا ابني.. آآآه

أحتضنتها ماريا لتهدئها ورفائيل ايضاً الذي قال بشرود: هيرجعلك يا ماما.. انا متأكد

وتلك كانت القشة التي قسمت ظهر البعير لچايدن فهتف بعصبية شنعاء: يرجع؟ بقا انتوا تستغفلونا السنين دي كلها وفي الأخر يطلع معاكم ابن تاني ومفهمينا انه ميت








وضعت ڤيكتوريا كفيها على رأسها بحزن وظلت تربت عليها دون ان تبدي له اعتراض حتى السكندر تابع خروج ابنه ولم يهتم بچايدن، نطق رفائيل بنبرة غاضبة: ماكفياك تقطيم فيهم وفينا

.........................

بمنزل (عكاشة الأديب)
مجددا تشاجر يوسف مع والدته بعد ان تركها ليوم بمفردها تنتظره والقلق يأكل فتات قلبها

هتفت ميسرة بحدة في وجه ابنها: انت كنت صايع برا بقالك يوم وقافل الزفت بتاعك وانا هموت عليك من القلق

جلس على الاريكة بملل ورد بنبرة باردة جافة: انا مش عيل صغير عشان تقلقي عليا.. عندك سيف ابنك  اشغلي وقتك بيه

أقتربت منه بغضب فاض بها الكيل من تعده استفزازها ومعاندتها لم تشعر بنفسها وهى تصفعه على وجنته بغضب كبير الأمر الذي أغضب يوسف جز على اسنانه ودفعها وقد كانت غمامة سوداء على عينيه طرحت ميسرة ارضا وفقدت وعيهاأفاق من 







غضبه وتحولت قسمات وجهه لقلق أنحنى منها وهزها بخوف: ماما..  فوقي انا والله ماحستش بنفسي ابوس ايدك قومي..  يا ماما

أمسك بكوب الماء الموضوع على الطاولة ليرش على وحهها ولكن لم يجد افاقتها شحب وجهه الى الذعر الكبير ليحتضنها بهلع: بالله عليكي لتفوقي انا مسواش حاجة من غيرك.. يا ماما فوقي

بحث يوسف بأعينه في ارجاء الشقة تذكر امر اخيه بالتبني ليهتف بتعلثم: سيف.. ده انا حتى مامعيش رقمه

هرول سريعاً للخارج متوجهاً الى منزله والقلق على والدته قاد سيارته بأضعاف السرعة وعند وصوله طرق على الباب بعنف كبير








فتح سيف بملابسه المنزلية تعجب لرؤية يوسف امامه وقبل ان ينطق بحرف صاح به بهلع: الحقني يا سيف ماما اغمى عليها ومابتنطقش.. ابوس ايدك تعالى معايا

أومأ سيف رأسه بقلق ولم ينتظر منه رد ليخرج معه مستقلين السيارة عائدين لها

ترجل سيف من السيارة بسرعة كبيرة وكان الباب مفتوح نسبياً اقترب من والدته وبدأ في انعاشها بعدة فترة أفاقت اونها للجلوس مجددا وهى متعبة قليلاً

أسرع يوسف بأحتضانها مكمل لأعتذاره: انا اسف يا ماما حقك عليا والله ماهعمل حاجة تزعلك من تاني.. ابوس ايديكي سامحيني

دلف سيف للمطبخ ليعد لها كوب من الماء المختلط بالملح أعطاه لها وقال بتريث: اشربي ده يا ماما الضغط هبط فجأة

أخذتها منه بتريث وبادلته ابتسامة خفيفة متعبة: شكرا يا ابني

لم يتركها يوسف تبعد عن حضنه واصل اعتذاره: انا اسف يا ماما سامحيني ابوس ايدك.. يارب كانت ايدي اتشلت قبل ما ازوقك

قاطعته بنبرة مقتضبة: ماتدعيش على نفسك يا غبي

قبل وجنتها بحزن: سامحيني والنبي ماقصد.. حقك عليا.. لولا سيف هو اللي ساعدني.. حقك عليا انت كمان يا سيف







اخيرا ابتعد عنها وأقترب من أخيه ونظر له بأسف وحرج على كل كلمة قالها له مسبب شرخ بقلبه ونطق بتنهيدة حزينة: انا دلوقتي اللي عرفت ليه بابا وماما أتبنوك؟ عشان نكون ضهر بعض.. لو ماما كان حصلها حاجة كنت هفضل لوحدي وآ

بتر جملته بحديث سيف الجاد: بعد الشر.. ربنا يخليكي لينا يا ماما

بادلته ابتسامة لطيفة ممتنة وقالت بتذكر: روح
لمراتك ولبدر يا سيف.. انا هبقا كويسة يا حبيبي







جلس بجوارها وشدد من أحتضانها وأردف بنبرة اعتراض: يا ماما المهم انتي دلوقتي.. لو تعبانة ممكن اوديكي المستشفى

أرتشفت القليل من الكوب بأشمئزاز ثم اردفت بنفي: انا كويسة يا حبيبي ماتشغلش بالك

قبل يوسف رأسها بلهفة وتاسف بصدق: انا اسف يا ماما.. اللي هتقولي عليه هنفذه واي حكم تقولي انا راضي بيه.. بس ماتزعليش وماتغضبيش عليا

رمقته بحنق وحزن متناقضين فاسرع بالكلام بجدية: اضربيني تاني.. انا استاهل بس ماتزعليش مني انا عارف اني زعلتك كتير.. أبوس رجلك يا ماما

وهم فعلا بتقبيل قدمها ولكن أمسك راسه وقالت بحزن: ماقدرش ازعل منك يا يوسف

قبل يديها واعتذر لها كثيراً ثم نهض ونظر لسيف بأسف: سامحيني يا سيف كنت معمي من كلام اصحابي.. انت اخويا الكبير وعمري ماقدر اقولك ماتجيش بيتك.. انا اسف






أجاب سيف بابتسامة هادئة: ماتتأسفش يا يوسف انا مش زعلان منك بس عارف لو كررت اللي عملته هضربك تاني وتالت

أحتضن أخيه وقال بأبتسامة فرحة: مش هكرره وأوعدكم هبعد عنهم بس ماحدش يزعل مني انا خدت الدرس وفهمته.. انتوا عيلتي

.........................

امام قبر "عاصم القاضي"
جالس بدر عجانب القبر يتحدث مع والده وعبراته تنساب على وجنته غير مكترث بها: انت أبويا الحقيقي اللي ربيتني انا من غيرك أتكسرت.. ندمت على كل لحظة ضيعتها وانا بعيد عنك

جفف عبراته بعنف وواصل حديثه الناقم: بس والله اللي مابحلف بيه كدب لجيب حقك من لطفي.. انا ماحضرتش غسلك ودفنتك ولا حتى خدت عزاك
وكل ده بسبب طمعه في فلوسك ومزارعك

كان نفسي انت اللي تكون معايا لما اطلب ايد مكية من ابوها

نهض بدر وقرأ له سورة الفاتحة وغادر توجه الى المكان الذي وجد به كان يبحث عن الرجل حتى يسأله عن باقي الحقيقة تفاجأ به جالس على المقعد

الخشبي كأنه ينتظره عند رؤيته لبدر أبتسم وقال: تعالى أقعد انا لسة ماخلصتش كلامي وانت عاوز تسمع مني الكتير

جلس بدر بجواره وأنتظره ليتحدث الرجل بتأكيد: انت الطفل اللي انا لقيته والراجل والست اللي بيجوا هما ابوك وامك الحقيقيين صح؟

أومأ بدر برأسه عدة مرات فتابع الرجل بابتسامة: طب وانت زعلان ليه؟ مش باين انك فرحان؟

أردف بدر بنبرة جادة: انت اللي قولتلهم اني مُت؟








هز راسه بنفي وتعجب من حديثه ثم قال بتذكر: لأ مش انا.. عم كمال شيخ الجامع الله يرحمه.. كان مايحبش الحال المايل لما لقيتك الناس كلها ابتدت تتكلم وكلمة من هنا لهنا بقت حكاية تانية خالص

وخصوصا الناس بتلت وتعجن في المواضيع اللي زي كده المهم انا سافرت بعد ماسلمتك للشرطة بعشرين يوم وقبل ما اسافر عم كمال كان كل ماحد يجيب سيرة العيل يقول عليه مات كنت بقعد ٢٣ يوم وارجع

اقضيلي اسبوع وامشي ماكنتش بخرج برا البيت البيت عشان عارف الناس هتسألني وبعدين الناس نسيت الموضوع وعم كمال مات بعدها بسبع سنين







والراجل والست ابتدوا ييجوا بس ماكنوش بيتكلموا والناس نسيت الموضع وزي ماقولتلك اول مرة شوفتك ان المكان ده الستات اللي مابتخلفش بتيجي تزوروا عشان تخلف افتكرتهم جايين عشان

الخلفة لحد ما انت ظهرت بس ماكنتش بقدر اسألك عشان بتكون في عربيتك ومابطولش عن ساعة وقبل كده أتخانقت مع واحد سألك بتيجي ليه هنا.. دي الحكاية كلها







علم الأن بدر ان ماحدث له ولوالديه خارج عن ارادتهم زفر هواء رئتيه بتعب وكان سيمشي سوى صوت الرجل أوقفه بنبرة جادة: أنت زعلان ليه؟ انا صحيح ماعرفش انت جيت بالحلال ولا الحرام بس والله الراجل والست كنت لما بشوفهم قلبي بيتقطع عليهم احمد ربنا انكم لقيته بعض.. هما دول اهلك.. انت ربنا بيحبك أوي

أمعن بدر النظر به بسخرية وسأله: ازاي ربنا بيحبني وانا أتبهدلت في حياتي

أبتسم الرجل وأجابه بهدوء ونبرة طمائنية: انا لما شوفتك كان في حرق على صدرك وكانت حالتك متبهدلة وفي البرد ربنا بعتلك الكلاب تحميك.. والكلاب دي معروفة عندنا بأنها






 مسعورة انت صحيح روحت ملجأ زمان بس انا شايفك دلوقتي معاك عربية ومستورة معاك.. اخر حاجة ربنا كتبلك تعرف اهلك والحقيقة كل ده وربنا مابيحبكش.. بلاش الجحود على كرم ربنا 

غمغم بدر بتفهم على حديثه ثم ابتعد عنه وغادر من امامه يفكر بحيدث الرجل والحقيقة التي كان معصوب العينين عليها تنهد بثقل ثم توجه الى منزله

..............................

فتح بدر باب شقته كانت مظلمة تذكر اليومين الذي قضى رفائيل معه رغم انهم قصار ولكن أحس معه بالونس والدفء ها هو الأن عاد وحيد بعد معرفة الحقيقة مؤكد سيعود لأهله






أضاء المصابح ثم أغلق الباب خلفه فتفاجأ به ممدد على الأريكة نائم أبتسم بدر له وأقترب منه يهزه برفق: رفاييل.. اصحى

تململ رفائيل في نومه ثم فرك عينيه ونظر لساعة الحائط قد قارب الواحدة والنصف صباحاً نطق بصوت متحشرج: أنت أتأخرت ليه؟

جلس بجواره وحدثه بتفكير: انا افتكرت انك مش هتيجي بعد ماسمعت الحقيقة

أعتدل ورد عليه بنفي: ما انا قولتلك انا في بيت اخويا مش في بيت حد غريب.. أستنيتك كتير ورنيت عليك ماردتش راحت عليا نومة بقا

ثم أستطرد بتوجس وهو ينظر له بحذر: بعد كلام ماما وبابا انت صدقتهم ولا لأ؟

أومأ بدر رأسه ونطق بصوت رزين: صدقتهم.. وعرفت اني ضعت غصب عنهم

أبتهج وجه رفائيل بفرح فأكمل فرحته بصوته السعيد: بجد؟؟.. طب وأنت مستني ايه؟ يلا نروحلهم دول هيفرحوا فرحة.. يلا يا بدر







نظر بدر لساعة الحائط وعاود ينظر له بدهشة ثم قال بتعجب: دلوقتي؟ انت عارف الساعة كام؟

نهض رفائيل بسعادة ليمسكه من ذراعه وتابع بعزم: مش مهم الساعة كام.. المهم انك هترجعلهم وتفرحهم يلا يا بدر دلوقتي

لم يسمح له بالكلام فجذبه للخروج من الشقة ثم أغلق خلفه الباب وتوجهوا للذهاب لهم قادر رفائيل السيارة فتحدث بدر بضيق: طب والواد التاني ده رخم بشكل وعليه كمية استفزاز








أبتسم رفائيل وأجابه بنبرة مرحة: چايدن ده حتة سكرة وقلبه زي البفتة البيضة هو بس عصبي شويتين تلاتة ده بقي أخوك الصغير مش اخويا انا بس

صف السيارة وترجل منها بدر ورفائيل قبل ان يطرق على الباب أشار لأخيه على مبنى وهو يردد: ده بيتك وده بيتي وده بتاع چايدن

طرق رفائيل على الباب وفتح له چايدن عند رؤيته صاح به بغضب: جاي ليه مش معاك أخ تاني

لم يتحمل بدر صوته العالي ليظهر من الجانب ويقول بصوت عالي: لا بقا ده انت عاوز تتربى على طولة لسانك

أمسكه من ياقته وأسرع رفائيل بأبعاده وهو يهتف بضيق: بس بقا انتوا فاكرين نفسكم عيال في كي چي تو.. احنا جاين عشان نتصالح.. هما فين بابا وماما وماريا








جلس چايدن على المقعد وأردف بضيق: ماما محجوزة في المستشفى وبابا وماريا معاهم

قلق رفائيل وهتف به: انت بارد كده ليه؟ مستشفى ايه؟ وكويسة ولا لأ.. ماترد

رد چايدن بأنزعاج وهو يحدج بدر شذراً: كويسة طمنتني ماريا من شويه.. هى بس ماستحملتش جفاء وقسوة الأخ اللي وراك

بادله بدر نظرات وعيد وأوشك ان يمسكه مجددا ولكن منعه رفائيل بقول: اللي ورايا ده أخوك وأخويا الكبير

نهض چايدن بعنف ورد عليه بسخرية: لا مش أخويا شوف بابا وماما جابوه ازاي؟ وجابونا احنا ازاي؟

فهم بدر قوله الغير مباشر ظهرت امام عينيه ذكرياته المريرة ترنح قليلا فلحق رفائيل بأمساكه وسأله بقلق: انت كويس؟

أومأ رأسه بتعب وهمس بجدية: انا همشي وهبقا اجي بكره







لم يتركه رفائيل فوضع بدر يده على وجهه ليكمل أخيه الكلام بقلق اكبر: لأ انت مش هتمشي تعالى ريح شكلك تعبان

هز بدر رأسه بأعتراض وهو يردد بتأكيد: انا كويس مش تعبان بس عاوز امشي

دخل رفائيل به الى غرفة والديه الأقرب وهو يهدأه ويسأله بتعلثم مجارياً لقوله: أهدى ماتقولش حاجة تعالى ريح شوية وبعدين أمشي

جلس بدر على الفراش بقلق وتعب ظن رفائيل بأن النوبة ستأتي له ولكن تابع الحديث بتوتر: انا كويس يا رفاييل.. النوبة مش هتجيلي بس انا عاوز امشي

دفعه برفق ليستقل على الفراش وقام بخلع حذائه وأمسك يده يهدأه: ريح وبعدين اعمل اللي عاوز تعمله.. بس أرتاح دلوقتي








نظر بدر للسقف بجمود وعاود نظره لأخيه يردد بجدية: انا كويس صدقني

أومأ رأسه له وظلوا ساعة لا يتحدثون حتى غفا كل منهم بدر على الفراش ورفائيل أسفله واضع رأسه على الفراش بجانب أخيه

دلف چايدن لهم وتحرك بحرص شديد ثم أوقظ أخيه بهدوء وسأله بهمس: هو حصله ايه؟

أجابه رفائيل بحرص كي لا يستيقظ: عنده صرع كل مابيفتكر اللي حصله زمان يتشنج ويغمى عليه.. وأنت لسانك بيكب شلالات سم.. انت بتعايره بحاجة مش هو السبب.. بابا وماما






 هما اللي عملوا كده.. كفاياك يا چايدن ده شاف في حياته كتير.. تخيل اتربى في دار ايتام لغاية ما الراجل اتكفل بيه

أنهى حديثه وجلس على المقعد بجوار أخيه النائم تردد چايدن هل يغادر من الغرفة؟ حسم امره بالجلوس بجانب بدر على الفراش

رمقه رفائيل بدهشة فرد عليه بجدية مصطنعة: ماهو مش أخوك لوحدك

أبتسم رفائيل فتابع چايدن أمساك يد أخيه النائم يربت عليها

.............................

في صباح اليوم التالي أستيقظ بدر فتفاجأ بأخيه نائم بجواره ذهل ليعتدل ويتفاجأ اكثر برفائيل النائم على المقعد متقوقع به، أستيقظ چايدن ونظر له بدون حديث قطع الصمت صوت بدر بفضول: امبارح بعد مادوخت عملت حاجة؟








أجابه چايدن بتأكيد: لأ.. غير نُمت.. انا كنت عاوز اقولك انا اسف

فرك بدر في عينيه وردد مثله: وانا برضو أسف

تابع چايدن حديثه بأسف ممزوج بتعلثم وهو يبتعد قليلا: كونك مسلم مايمنعش انك اخويا من لحم ودم واحد

أبتسم بدر فرد عليه بتنهيدة خفيفة: وأنت برضو كونك مسيحي مايمنعش أنك اخويا ومن لحم ودم واحد

أبتسم چايدن على تكرار حديثه فتابع بسخرية: انت هتكرر كلامي كتير زي الأراجوز






جز بدر على أسنانه بغيظ فأمسكه من ياقته يحدثه بوعيد: تصدق ان الكلام معاك خسارة فيك.. انت شكلك عاوز تضرب

أنتفض رفائيل بهلع: في ايه؟ هو الواحد مايعرفش يريح شوية في البيت ده

ثم رمقهم بصدمة وهتف بعدم فهم: انتوا بتتخانقوا؟

رمقه چايدن بنفاذ صبر وقال بسخرية: لأ طبعا.. احنا كنا بنتصالح.. مش صح يا بدر

حدجه بدر نظرات مبتسمة اصطناعية ونهض من الفراش وأمسك بحذائه ليرتديه ولكن توقف عند سماع ضجة بالخارج توقف بأرتباك لاحظه رفائيل فهدئه بأبتسامة: مال وشك اتغير ليه.. هما هيكلوك تعالى

تحدثت ماريا بهدوء: الحمد لله جت سليمة.. قلقتينا عليكي يا ڤيڤو

جلست ڤيكتوريا على الأريكة بحزن ولكن لم تتحدث فجلس رفائيل بجوارها  يربت على كفها

خرج چايدن بتساؤل: ايه يا ماما عاملة ايه دلوقتي؟

أصطنعت الأبتسامة وهى تردد: بِين (كويسة)

أبتسم چايدن بشدة وتحدث معها بمرح: لا اتكلمي عربي في واحد جوا مابيعرفش اسباني

عقدت حاجبيها بدهشة ونظرت لزوجها فخرج رفائيل وخلفه بدر عند رؤيته هرولت ڤيكتوريا وكأنها في صحة جيدة: ابني بدر.. انت صدقتني.. سي (بلى)

أومأ رأسه ولكن لا يعرف ماذا يفعل، نهض السكندر وأقترب منه يحتضنه بأبمتنان ممزوج بفرحة كبيرة وظل يردد بسعادة: انا مش مصدق نفسي.. ابني رجعلي لحضني

ثم أمسك بزوجته يقول لها بمرح خفيف: انتي كده هتخنقيه يا ڤيكتوريا.. مش هيمشي هو.. انت صدقت كلامنا؟

أبتعدت ڤيكتوريا من امامه وأمسكت بيده لتجلس بجواره أردف بدر بمشاعر مختلطة: الراجل قالي كل حاجة.. انا عرفت الحقيقة

قبلت ڤيكتوريا وجنته وتشبثت به أكثر فأستطردت: اتكلم يا بدر صوتك جميل ماتحرمنيش منه

أردف رفائيل بأبتسامة واضع كوعه فوق كتف چايدن: احنا كده هنغير منه

شعر بدر بمشاعر مختلطة بينه وبين عائلته الجديدة مازال لديه احساس انه غريب ويتيم عنهم لأنه لم يتربى معهم أشارت ڤيكتوريا بسعادة: دي أوضتك.. دورمير (نام) فيها

ثم تذكرت انه لا يتحدث اللغة الاسبانية همست بأبتسامة: اسفة.. اقصد اوضتك اللي هتنام فيها وتأيش جنبي انا وباباك وأخواتك

الجملة التي يريد ان يعب عليها ولكنه لا يستطيع كيف يخبرهم بطريقة لطيفة فهمس بنبرة هادئة: انا.. انا مش هعيش هنا

الأبتسامة أختفت من جميع وجوهم خاصتاً السكندر فقال بتريث: ليه مش هتعيش معانا.. احنا اهلك وده بيتك

أجاب بدر والده بنبرة حذرة هادئة: انا عندي بيت.. هبقا اجي ازوركم كل فترة

نفضت ڤيكتوريا رأسها بعنف وصاحت بأنكار: بور فاڤور بدر خليك جنبي.. انا ماصدقت انك سامحتنا

أبتعد عن والدته بصعوبة ووقف ثم نطق بجدية ممزوجة بصدق: انا مسامحكم بس مش هقدر أعيش هنا 

تعليقات



<>