#بنت_المعلم
صلوا على النبي 💖
الفصل التاسع
والعاشر
بقلم حسناء محمد
(9) :
: مش بمزاجك يا أحمد
تعجب أحمد من نبرة صوتها المعارضة ليسألها بترقب :
أخيراً سمعت صوتك وياتري بمزاجك أنتِ
نهضت هند بغضب من بروده لتقف أمامه قائله بضيق :
أنت هتفضل لحد أمته واخد كل حاجه ببرود ولامبالاه
رفع أحمد حاجبيه ليسألها بسخريه :
وحضرتك تحبي اخد الموضوع ازاي
في ذلك الوقت وقف مرتضي ليستأذن من المعلم سالم بالخروج لأن النقاش أصبح عائلي بين أحمد وهند، أشار إليه سالم
في صمت مكتفي بتسليط نظره علي الثنائي الغافلين عن وجوده،
في ذلك الوقت علمت صباح أن الأمر لن يمر عليهم بخير بعد أن ارتفعت أصواتهم في وجود سالم فحاولت التدخل ولكن مانعها سالم بإشارة من يده لينتظر أين سيقف بهم الحال في النقاش الغير سوي من وجهة نظره،
ارتفع صوت هند لأول مره أمام والدها تقول بشراسه:
طول عمرك مستهتر بعلاقتنا وجي دلوقتي تقولي لا مش هطلق، ليه هو احنا أصلا نتحسب متجوزين
ضحك أحمد بسخريه :
طيب ما تعرفني المتجوزين بيعملوا ايه عشان اعمل زيهم
نفذ صبر هند من استفزازاه، وصيغته الساخرة منها :
طلقني يا احمد عشان العيشه بينا مستحيله
رد أحمد ببرود :
مش هطلقك يا هند
رمقته لبرهه لتهدر بحده :
يعني هتعيش مع واحده غصب عنها
شعر بغصة من ذكرها انها تعيش معه عنوه، فـ لم يريد أن يصل بهم الحال لتلك المرحلة، نظر إليها ليجبيها بهدوء عكس حاله :
طلاق مش هطلق ويومين وترجعي بيتك
إجابته هند بعناد :
مش هرجع يا أحمد
نظر إليها بحده باتر حديثه حتي لا يفقد أعصابه ويتفوه بحديث يصعب الأمر أكثر، دار ليتجه للخارج، ولكن أوقفه صوته الحاد يأمره بصرامه:
أنت قولت الـ عندك لكن انا لسا مقولتش
وقف سالم بعد أن ألقي جملته ليمسك عصاه وسار ليقف في بينهم، زفر أحمد محاولا اخراج كتله غضبه علي هيئة زفيره، ثم لف بجسده ليطلع الي سالم قائلا بهدوء وهو يشير علي هند:
كلامك علي راسي من فوق يا معلم ويسير علي رقبتي، لكن الـ هند بتعمله دا غلط
ضرب سالم بعصاه أرضاً بعنف اعتراضاً علي حديثه وأسلوبه الغير لائق أمامه، فـ بتر أحمد بقيه حديثه صامتاً إنصاع لأمره، انتفضت هند لترجع للخلف خوفاً من صوت والدها الغاضب الذي زلزل في أرجاء المنزل :
بس أنتو الاتنين لا عاملين احترام لوجودي ولا احترام للبيت الانتو فيه، ايه صوتكم هيعلي وانا موجود ولا اي
تحدث أحمد بأسف ليبرر أمره :
مقصدش أعلي صوتي يا معلم لكن الـ هند بتطلبه مش هيحصل وحضرتك لازم ترجعها علي الـ في دماغها
رمق سالم هند بحده لتهبط بنظرها للأسفل، فسألها بجمود:
عايزه تطلقي ولا ترجعي
تعلثمت هند لتردف بتوتر :
الـ حضرتك شايفه
أجابها سالم بسخرية :
ليه هو حضرتي الـ هيعيش معاه
ثم أكمل هو يشير عليهم قبل أن يخرج قائلا :
مشكلتكم أنكم مش عارفين عايزين ايه
وقبل أن يخرج رماهم بنظراته الجامدة عكس شعوره بالشفقة علي حالهم، في داخل الاثنين مشاعر اتجاه الآخر ولكن سوف يهدموها بـ عُمي قلوبهم والعند ، ثم خرج ليذهب للاطمئنان علي سعد ويعقوب الذي علم للتو أنه أصر علي خروجه من المشفى، حتي لا يتخذ قرار ينهي تلك اللعبة السخيفة
؛**********
في منزل عبده كانت تقف علي أحر من الجمر منتظره خروجه من المرحاض، فقد طفح كيلها من بروده منذ دلوف ابنها للمشفى الذي مانعها من زيارته ومع إصرارها حلف عليها بالطلاق أن خرجت من المنزل لن تدخله مره ثانية، خرج ينشف وجهه بالمنشفة مغمض العينين، غافلاً عنها
: ايه يا عبده دا كله
انتفض موبخ إياه بحده ليرمي المنشفة في وجهها :
يقطع مطنك يا بعيده، ايه موقفك كدا يا وليه
وضعت رحاب يدها في جانبيها لتردف بحنق:
عايزه أروح اشوف ابني يا عبده
اتجه الي الطاولة ليأخذ مفاتيحه وعلبه التبغ، قائلا بملل :
طيب ما تروحي وانا مانعك بس ابقي تعالي علي بيت أهلك
صاحت رحاب بغضب :
اهو متعملش راجل غير عليا إنما علي أخوك تعمل كتكوت يا عنيا
كور عبده قبضته ليدفعها بحده :
طيب غوري من وشي عشان مطلعهمش عليكي
رمقته رحاب من أعلي وأسفل بسخريه ثم رحلت من أمامه تتمتم بحديث غير مفهوم
نظر إليها وهي ترحل من أمامه ليخرج من المنزل متجه إلي أخيه المعلم سالم المنتظر في السيارة ليذهبوا الي المشفى وقبل أن يخطوا من الباب الحديدي حدث نفسه وهو يعدل من وضع جلبابه :
وليه بومه ببوز اخص بصحيح، صبرك بس الواد يقوم واعرفك مين المعلم عبده
(ايه يابا بتكلم نفسك ليه )
انتفض عبده أثر الصوت الآتي من خلفه، وما كانت سوي ابنته سمر، تطلع إليها بحده ثم قال :
يقطع مطنك أنتِ وأمك يا شيخه
رفعت سمر حاجبيها باستنكار مردفه :
يوه وأنا وعملت ايه
نظر إليها بتهكم :
دا انا نفسي تعملي حاجه عدل في حياتك غير الاكل والنوم وانك عايزه فلوس
زفرت سمر بملل وأشارت بيدها وهي تقول :
والله عيب عليك تكون معلم كبير كدا وتقعد تعد عليا دا أنا حتي بنتك الوحيدة
أبعدها عبده من أمامه ثم خرج من المنزل وهو يصيح بصوت مرتفع :
هقول ايه ما أمك رحاب لازم تكوني زيها، عكروتي دمي يا بُعده
قلدت سمر جملته بسخرية ثم خرجت متجها إلي صديقتها كي تسلي وقتها قليلاً بعيداً
؛*************
تجلس علي الفراش ضمه ركبتها إليها، ناكسه رأسها بينهم تبكي في صمت من وقت رحيله، نظرته قبل أن يخرج لا تفارق عقلها، ذادت في بكائها لتعلو صوت شهقاتها عندما تذكرت حديث والدها بأنها لا تعرف ما تريد، فـ بالفعل هي كذلك وهذا سبب حيرتها وتشتت عقلها، تشعر اتجاهه بحنين، واشتياق وكأنها تغيب عنها من أعوام وليس أقل من أسبوع ومع ذلك تشعر بالغضب والنفور من معاملته الباردة معاها
مسحت بأناملها دموعها عندما استمعت لصوت طرق علي باب غرفتها لتأذن بالطارق بالدخول بصوت مبحوح :
أدخل
دلفت مها علي ثغرها ابتسامه لتغلق الباب خلفها، ثم اتجهت لتجلس بجانب هند علي حافه الفراش، تأملت تورم عينيها وجهها الأحمر من كثره بكائها :
لحد أمته يا هند هتعملي في نفسك كدا
نظرت إليها هند لتردف بكسره :
لحد ما ارتاح
ثم دخلت في نوبة بكاء مره اخري حزن علي حالها التي لا تعرف ماذا سينتهي، نهضت مها لتأخذها في أحضانها تلمس علي شعرها بحنان :
بس اهدي حبيبتي أن شاء الله هتتحل
أمأت هند رأسها بالرفض داخل أحضانها، لتعاتبها مها بهدوء:
ليه لا وليه بتتعبي نفسك
ابتعد هند لتتحدث من وسط بكائها :
عشان لو متعتبش دلوقتي هفضل طول عمري تعبانه
جلست مها بعد أن قدمت الي هند محرمه، ثم سألتها بابتسامه :
بتحبيه
إجابتها هند بتوتر :
مش عارفه
تعجبت مها من ردها لتسألها بعدم فهم :
يعني ايه مش عارفه طيب مين يعرف
رمقتها هند بنفاذ صبر:
مش عارفه وخلاص يا مها
نظرت مها إليها ثم تحدثت بهدوء :
هند اعترفي أنك بتحبيه وبلاش تعندي نفسك، ما يمكن كل دا بسبب أنه مش حاسس بمشاعرك ليه مفكرتيش تصرحيله بحبك وتقنعيه وتسبكم من تأجيل الخلفه دا يمكن الطفل يكون خيط تمسكوا فيه بعد حبكم وتكملوا في راحه بال
نهضت هند ترد عليها بكسره ملئت صوتها :
اعترف ليمن هو اصلا حاسس بيا، أنتِ عارفه انا عايشه مع أحمد في فندق يجي يأكل وينام ويغير هدومه وينزل يروح الشغل، يا بره مع صحابه، يا قاعد تحت مع ريهام وعمتي،
ثم أكملت بشهيق وألم يغزو قلبها :
أنتِ عارفه بيكون بيضحك ويهزر مع أهله واول ما نطلع لشقتنا يبوز ويقلب ويختلق اي مشكله، دايما انا غلطانه دايما انا وحشه بيحاول دايما يقلل مني يا مها والله العظيم بيكسرني كل دقيقه بتعدي بينا وكل دا وبحبه مش عارفه إزاي
نهضت مها لتمسح دموعها قائله بصوت مهزوز محاوله التماسك أمامها :
ليه شلتي كل دا لوحدك يا حبيبتي اهدي انا جمبك وكلنا معاكي
اراحت هند رأسها داخل أحضان مها لتبدأ تهدأ حتي غلبها النوم هاربه من الواقع إلي أحلامها الوردية التي تمنت أن لو أصبحت حقيقه،
؛****************
في الخارج كانت تقف مستنده علي الباب واضعه يدها علي فمها حتي لا يستمعوا إلي صوت بكائها، فـ لأول مره تعرف حقيقه حياة ابنتها، كل ما تعرفه عندما صرحتها بالخلاف بينها وبين وأحمد ولكن لم تعلمها بكل هذا،
خرجت مها بعد أن تأكدت من ثبات هند في نومها لتفاجئ بـ لوالدتها تقف أمامها
: ماما ايه الموقفك كدا
سألتها صباح وهي تسمح دموعها :
نامت
أمأت مها رأسها لتجلس علي المعقد تتنهد بحزن :
ايوا بعد ما تعبت من العياط
جلست صباح ممسكه رأسها بـ كلتا يديها، داعيه الله أن يصلح حالها ويسير الأمر، فشعورها بالذنب وتأنيب ضميرها في سكوتها منذ أن علمت يجلدها من الدخل عندما تستمع لصوت بكائها،
؛*****************
في إحدى شوارع القرية وقفت سيارة سوداء فارهه موديل العام، ارتجل منها شخص طويل القامه، ذو جسد متوسط ممشوق، يملك طله سحريه ببشرته السمراء وشعره الكثيف، لا تخلو أناقته من حليته السوداء، خلع نظارته الشمسية لتظهر أعينه العسلية المحاطة بأهداب كثيفه يتجول بنظره متأمل المكان، أمر السائق بأن يرحل ليسترح قليلاً من مسافة السفر التي طالت ثلاث ساعات
ثم سار في شوارع القرية تحت أنظار الجميع فـ هيئته الغريبة تلفت الأنظار، وخاصه أنهم لا يعرفون من هو أو ماذا يفعل في قريتهم، ظل يمشي وكأنه يمكث في القرية منذ صغره ويعرف شوارعها بأتقان، حتي وقف أمام منزل العمدة عباس ليقف متأمله بازدراء ليبتسم بسخرية من قصص عباس لوالدته عن منزلهم الفاره، وحياتهم الثرية، وكأنه وزير الوزراء وليس بمسؤول عن قريه صغيره
: أنت مين
سأله الغفير بتعجب من وقوفه
نظر إليه بتكبر ليجيبه :
أدخل قول للعمده بتاعك أن عامر الخولي بره
استنكر الغفير أسلوبه، لينصاع إليه بلا مبالاة :
طيب خاليك هنا لحد ما قوله
أشار عامر إليه ثم وقف يتذكر طفولته التي حضرها في تلك القرية لأعوام قليله، ولكنها حفرت في ذاكرته جيداً، خرج من شروده لسيارة وقفت أمام المنزل ارتجل منها ثلاث رجال من مظهرهم أنهم كبراء القرية فـ هيئتهم واضحه، تقابلت
النظرات بينه وبينهم ولكن قطعت سريعاً ليدلفوا للداخل بغضب واضح علي وجههم، لم بتعجب ولم يبالي لأنه يعلم طريقة وأسلوب عباس المتدني، وبالتأكيد عدوته تتخطي تلك القرية
؛*************
في منزل المعلم عزيز
وضعت حسنيه الاطباق المملوءة باللحوم والحساء أمام يعقوب لتطعمه بإصرار علي تغذيته حتي تلتأم جروحه سريعاً :
كل يا عين أمك عشان تعوض الدم الراح ياضنايا
بلع يعقوب الطعام بصعوبة من كثرته :
خلاص يا أمي دا أنتِ لو بتعلفي بقره مش هتوكليها كدا
عتابته حسينه بحده :
بقره دا أنت سيد الرجاله ولا هو في زي المعلم يعقوب
قهقه يعقوب بخفه قائلاً :
معلم مره واحده والله دا أنا يا بختي بقا
جاء صوت من خلفهم قائلا بسخرية :
والله يا بختك صحيح يا عم ما انت الـ في القلب لكن احنا ولاد البطه السودا
التف يعقوب ليري عبدالله يقف مستند علي باب الغرفة مكتف يديه أمام صدره
وبخته حسينه بحنق :
انا بطه سودا، صحيح زي القطط بتاكل وتنكر
ابتسم يعقوب وفتح ذراعه ليتقدم عبدالله منه يجلس بجانبه :
عامل ايه
أجابه عبدالله بابتسامة عريضة :
طول ما أنت كويس انا كويس
ضربه يعقوب بخفه في كتفه قائلاً :
يا سلام عليك لما تاكل بعقلي حلاوه
غمز إليه مردف بتسليه:
أصل من يوم ما تعبت والشغل كتر عليا ومش عارف افضه للحته
نظرت حسينه إليه بحده :
اختشي يا قليل الحيا
قهقه عبدالله بتسليه، ثم قال :
هو انا قولت ايه يا حجه
قاطعهم يعقوب بتذكر :
امي فين ابويا من ساعة ما جيت مشفتوش
احتدت ملامح حسينه لتردف بغل :
راح لـ عباس مع المعلم سالم وشيخ البلد عشان يعملوه الادب
انتفض يعقوب بغضب :
ليه يا أمي ممكن عباس يغدر بيهم
ثم حاول النهوض ولكن عبدالله أوقفه قائلا بضيق :
خاليك أنت وأنا وعلي هنروح مع الرجاله متقلقش
وافق يعقوب بعقل شارد من لقدر الله يصيب والده مكروه من غدر عباس واولاده، حاول تهدأت روحه ووقف يستند علي
الحائط ليدلف للمرحاض يتوضأ ويصلي فما طريقه تريحه وهو مكتوف اليدين بسبب مرضه وجروحه غير سجادته بالقرب من الله
؛***************
دفع المعلم سالم الباب الحديدي الخاص بمنزل عباس بعصاه، ليدلف ومعه المعلم عزيز وشيخ القرية ولحقهم عبده وجابر وشيخ الغفر،
صاح بصوت مرتفع :
اطلع يا عباس وخاليك راجل مره في حياتك
خرج عباس علي صوته ممسك ببندقية هادر بغضب :
جاي تتهجم عليا وفي بيتي يا سالم ايه مكفكش الحصل في ابن اخوك
ابتسم سالم بهدوء وهو يقترب منه بخطوات بطيئة، جعلت عباس يتوتر من قربه فحذره بوعيد :
لو قربت يا سالم هفرغ خزنه البندقيه في دماغك
قهقه سالم أثر حديثه، مما جعل عباس يتعجب من ضحكه الغير طبيعي في ذلك الوقت، صعد سالم الدرج ليقف أمامه قائلا بأمر صارم لا يحتمل النقاش :
هي كلمه تسيب بيتك أنت وعيالك وتطلع من البلد كلها يا عباس الا وقسما بالله ما هيطلع لا عليك ولا علي عيالك صبح
ابتسم عباس بسخريه غير مستوعب ما يتفوه به سالم وكأنه متفاجئ :
لا يا شيخ انت شكلك اتهبلت علي كبر
ضرب سالم بعصاه أرضاً وما هي إلا ثوانٍ حتي ظهر رجاله محاطين للمنزل حاملين الأسلحة النارية، جال عباس بنظره ليري نفسه محاوط بعدد كبير من رجاله فصاح بغضب :
مش طالع يا سالم الا علي جثتي يا جثتك
رد عليه تلك المرة عزيز بحده :
بلاش تتكلم كلام اكبر منك يا عباس والله لولا أن سالم صمم بلاش دم ما كان حد فيكم استني يوم حي
صاح عباس في رجاله بكبر :
يا غفير جمع الرجاله وخاليه دم يا عزيز ...
ولكن بتر حديثه عندما رأي غفيره يظهر خلف رجال سالم وبقيت رجاله يقفون في الخلف ليوبخهم بحده :
واقفين كدا ليه يا شويه بهايم
أجابه سالم بغموض :
لا ما هما مش رجالتك دلوقتي
صدم عباس لما يرمي إليه سالم فتطلع إليهم بعدم تصديق قائلا :
بعتوني يا شويه كلاب دا خيري مغرقكم
رد عليه سالم بهدوء :
لو كان خير لدام يا عباس، علي العموم انا مش بحب الظلم افصل بيتك، وارضيك وهتاخد فلوسهم لكن قعاد هنا لا
ظهر صوت اتي من أمامهم :
أنا أشتري وانا أولي بأملاك خالي
التف سالم ليري نفس الشخص الذي التقي به في الخارج
اقترب عامر منهم واضع يده في جيب سرواله يتمخطر بهدوء :
انا أولي ولا ايه يا خالي
نظر عباس إليه بحقد، غامره التعجب من وجوده في ذلك الوقت:
عامر
أشار إليه عامر بتأكد مبتسم :
ايوا عامر يا عمده
قرأ سالم أعين عامر المملوءة بحقد وكره أثناء حديثه مع عباس فوجد أنها خير وسيلة ليقهره بها
تحدث سالم بـ لامبالاة :
مش هتفرق معايا لو العفريت الازرق جه مكانه، لكن مش هيطلع عليه نهار تاني هنا
نظر إليهم عباس ليصيح بنفاذ صبر من إصرار سالم المبالغ فيه في قراره وكأنه سوف ينفذ بصدر رحب :
انتو عمالين تبعوا وتشتروا وكأني موافق يلا اطلعوا بره
سحب سالم مقعد من داخل المنزل ليخرجه يجلس عليه مستند علي عصاه، رد عليه بهدوء أصاب عباس بالريبة والقلق :
وعلي ايه أنت كدا كدا هتسمع الكلام عشان عيالك
سأله عباس بتوتر :
وعيالي مالهم يا سالم
أجابه سالم بـ لامبالاة :
هو أنت متعرفش أن داين تدان ولا ايه،
ثم هب واقف ليصيح بغضب متحول من شخص هادئ إلي عاصفه جلجلت المكان :
والعين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم يا عباس، لتكون مفكر أن هزيل عشان مردتش عليك يوم عملتك السودا أنت وعيالك،
بس مش المعلم سالم سويلم اليوسخ أيده بناس غداره، لا تعرف اصول ولا احترام
لم يفهم عزيز وجابر مقصد سالم فهم اتو معه بعد أن قرروا كبراء البلدة بإخراج
عباس وأولاده من البلدة، حتي لا يدخلوا في سيل دماء لن ينتهي، وأيضاً لأن عباس من تعدي أولاً برجاله
علي يعقوب وسعد وهم بمفردهم، وغير ذلك هو من أمر رجاله بإطلاق الأعرية النارية،
أعجب عامر بـ شخصية سالم الذي سمع عنها الكثير قبل أن يأتي الي القرية،
ولكن لم يتوقع صرامته وجموده، وبالرغم من عدم معرفة الشجار بينهم إلا أنه تقدم لطلب شراء أملاك عباس ليكيده فقط
تحدث عباس مبرر فعلته :
ابن عزيز هو الجاي في بيتي ويتهجم علي ابني وعليا وعايزني اسكت وابن
أخوك هو البدأ لما ضرب علي ابني الرصاص عايزني اقف ياعالم ساكت وهما جايين يقتلوني انا وعيالي
بدأ عباس في الصياح ليجمع أهل القرية فصور له عقله أن تلك الحيلة سوف تخرجه من مازقه أمام سالم ورجاله
ولكن خاب أمله عندما رأي نظرات الشماتة والفرح في أعينهم، فهو لم يقدم الخير
لهم بل وجدوا تكبر وغرور منه هو وأولاده كانوا دائما يلجؤوا الي سالم لحل مشكالهم والمساعدة بدل منه
حذره سالم بهدوء لآخر مره :
قدامك لحد الساعه 6 المغرب تكون حضرت نفسك، وهكون حضرت العقود عشان تبيع ويا الجدع دا اشتري يا أنا، اه وانت خارج ابقا فكرني اطلعلك عيالك من المخزن عشان منساش
انهي حديثه مبتسم بدهاء، عكس عباس الذي صدم من إمساكه بـ أولاده فـ اقترب بوحشيه من سالم ليمسك به ولكن منعه رجاله واقفين عائل بينهم، فرجع للوراء عندما رأي أحد الرجال يتحدث بصوته الغليظ :
ارجع يا عمده وبلاش أنت راجل كبير ومش هتستحمل
اشار اليه عباس بسخريه :
وانتو خاليتوا فيها عمده ولا غيره،
ثم نظر الي سالم قائلا بتهديد:
صدقني يا سالم لو عيالي مجوش دلوقتي لأحسرك علي بناتك طول عمرك
علم عزيز وأخوي المعلم أن لن يمر حديث عباس بسلام، حتي عامر الواقف يشاهد الأحداث وكأنه يشاهد فيلم سينمائي تعجب من ملامح سالم التي احتدت بغضب وعينيه القاتمة
نظر سالم إلي عباس لبرهه مسلط عليه بهدوء، عكس العاصفة النارية التي اشتعلت بـ فتيل أوقده عباس عندما تفوه باسم بناته
، فتحرك منه ببطيء أصابه بالخوف من أن يضربه بعصاه مره اخري
امسك سالم برأسه ليسأله :
شكلك العصا المعلمه علي راسك متعلمتش منها
ثم أكمل وهو يتجه للخارج :
بس عادي اعلمك تاني هو وأنا ورايا غيرك
رحل سالم تحت انظار التعجب من الجميع فأشار جابر الي عبده وعزيز ان يلحقوا بـ سالم حتي يعرفوا قراره وما ينوي اليه،
بينما صعد عامر الدرج مبتسم بشفقه :
قولي يا خالي حصل ايه لكل دا وأنا أحاول أساعدك
دفعه عباس بحقد مردف بغضب :
جاي تشمت فيا يا ابن الخولي امشي، ومش هيحصل يا عامر مش هيحصل
ابتسم عامر بخبث :
ما هو حصل يا عمده ولا اقول يا حج بما أنهم زالوك من البلد كلها
مع أن موقف عباس لا يتحمل ولكن شيطانه مسيطر علي عقله ولسانه فقال باحتقار:
مش فاضل غير ابن بياع الخضار الـ يتكلم مع أسياده يا عامر ولا نسيت
رمقه عامر بكره :
لا منستش يا خالي بس أنت الـ نسيت ابن بياع الخضار حالياً ايه
ثم تركه ورحل ليقابل سالم ليتفاوض معه في أمر شراء الأملاك فـ لن يفوت فرصه في رد الصاع إلي عباس
بعد أن رحلوا تنهد بضيق ثم قرر تنفيذ خطة شريكه المجهول، حتي يساعده في الانتقام من سالم،
#بنت_المعلم
الفصل العاشر (10):
صلوا على النبي 💖
؛*********
في يوم جديد طلت شمسه كعروس تزين السماء الصافية، بعد ليل يحمل خبايا مجهولة،
بعد أن تناولت فطورها في غرفتها الخاصة لأن والدها لم يحضر الفطور اليوم، جاءها اتصال من أختها بأن تخرج لمقابلتها في أحد
محلاتهم الخاصة بالتوزيع لوجود مشكله ما، كانت ترتدي عباءة من الحرير باللون الازرق الداكن مطرزه
يدوياً باللون الفضي، ذات أكمام واسعه، واختارت حجاب باللون الفضي وحذاء نفس اللون، وهرولت بعجله بسبب تأخرها في اختيار العباءة فعددهم واشكالهم
المختلفة ليس بقليل لأن زيهم موحد هي واخواتها السبع، ليصبحوا مميزين عن باقي فتيات البلدة من أناقتهم وجاذبيه اختيار ثيابهم،
كانت تسير بعجله، ولكن وقفت لوجود والدها في أحدي الشوارع، اتجهت إليه مبتسمه لتقول بتسليه :
ايه يا معلم الحلاوه دي، دا أنا بفكر أشوفلك الرابعه
ابتسم المعلم سالم بصفاء عكس حاله منذ دقيقه قبل رؤيتها، فسألها بفضول:
بعيداً عن أنك بكاشه، ونشوف موضوع الرابعه مع أمك في البيت، رايحه فين
إجابته مروه وهي تنظر إلي اعمامها والمعلم عزيز الآتين خلف والدها :
هند رنت عليا بتقول في غلط في توزيع في المحل الـ عند أول الشارع الرئيسي
امأ سالم إليها قائلا بحذر:
متتأخريش أنتِ واختك وكلمي حد من ولاد عمك عشان يكون معاكم ويوصلكم
انصاعت إليه مروه لتسأله بفضول :
حاضر، بس يعني هو انتو كلكم بوزكم مترين ليه
ردد سالم كلمتها :
بوزكم، الله يصبرني عليكِ
أمسكت مروه يده بمزاح قائله بحده :
قولي بس مين مزعلك وأنا أولع في البلد بالـ فيها صدقني
ابتسم سالم إليها مردف بسخرية :
لا هو بصراحه مفيش عقاب اكتر من أن يعقد معاكي، يلا امشي
تحركت مروه بعد أن ألقت التحية علي عبده وعزيز، ثم اتجهت الي الطريق الرئيسي فـ الهاتف سوف ينفجر من رنين هند عليها بسبب تأخيرها،
من يري صرامة المعلم سالم في حديثه وجديته الحاده يشفق علي عائلته من أسلوبه الجامد، ولكن عندما يروا معاملته معهم، وابتسامته التي لا تفارق وجهه، والهدوء المغمور بالحنان في نبره صوته يجزم أنه شخص آخر غير ذاك الذي يهابه الجميع
هذا ما أصاب عزيز عندما تغيرت ملامح سالم عند رؤيته لابنته من الغضب إلي اللين والهدوء، استعجب من أسلوبه المتناقض في ثوانٍ، بينما لم بتعجب عبده فهو يعلم مدي حب أخيه الي بناته ومعاملته الهينه معهم
؛************
" ليتك تعرف مدي حزن قلبي علي فراقك، وكيف بهتت روحي في غياب ظلك، أصاب عقلي بالتشتت من آلام روحي بقربك وبعدك، فـ ليتك تعرف مدي جروحي من فتور قلبك اتجاهي، ولكن أوعدك يا عزيزي بأن اتحمل قسوة غيابك بدلاً من موتي المحتوم في حبك " –
بقلم حسناء محمد
انتهت هند من مراجعة الأوراق للمرة العاشرة ولا يوجد ملاحظات، أرجعت بظهرها للخلف منهكه في إيجاد المشكلة التي أدت إلي نقص المخزون في المحل دون إيجاد فواتير ببيعها، رفعت نظرها منتبه للواقف يتأملها مستند علي الحائط
رمقته هند بتعجب :
أنت واقف كدا ليه
اقترب سالم ابن عمها جابر ليجلس علي المقعد المقابل للمكتب التي تمكث عليه :
بشوفك وأنتِ محتاسه كدا
نظرت إليه هند بغرور مردفه بثقه:
مش بنت المعلم الـ تحتاس يا سالم
تطلع سالم إلي الأوراق أمامها بسخريه، فسألته هند بضيق عندما فهمت نظرته الساخرة منها :
أنت ايه جابك هنا وسايب محلك
أجابها سالم وهو يخرج علبه التبغ من جيب جلبابه المميز بلونه الابيض الناصع :
مروه كلمتي وقالت استناكم تخلصوا عشان اوصلكم
وبختها هند بحده:
وتكلمك قبل ما نخلص ليه وبعدين هي فين الكلحه دي
ابتسم سالم بعد أن أشعل التبغ وضعها بين شفتيه :
اه لو سمعتك كانت فرجت علينا البلد
ابتسمت هند علي حديثه فهو محق فتذكرت آخر مره اجتمع المارين في الطريق علي صوتها المرتفع اثر وصفها سعد بالغباء ولولا وجود عمها جابر في ذلك اليوم لم تنتهي من وصله التوبيخ خاصتها خوفاً من علوم والدها
( : طبعا أنا اسف أن هقطع عليكم الجو الرومانسي دا لكن كنت جاي اسال الاستاذه علي حاجه )
قبض قلب هند عندما استعمت لصوت أحمد الساخر فرفعت نظرها لتجده يقف مكتوف اليدين ونظراته لا تبشر بالخير، بينما لم يتحرك سالم من مكانه بل ظل يزفر هواء تبغه وكأنه لم يستمع إلي شيء، جعل هذا التصرف المتجاهل اليه أن يغضب من بروده، فاقترب ليقف أمامه قائلا بحده:
ممكن تخرج بره عشان عايز مراتي في كلمتين
ضغط أحمد علي أحرف وصف هند بزوجته ليؤكد لـ سالم رسالته، نظر سالم إليه ببرود :
مراتك في البيت مش هنا دا محل أكل عيش
رد عليه أحمد بسخريه لينقل بنظره في آخر حديثه الي هند المتوترة :
وأنت جاي تاكل عيش بقا
وقفت هند بتوتر لتتحدث بتعلثم فلا تريد أن يصل الأمر بالشجار بينهم بسبب طريقه احمد الساخرة:
أحمد لو سمحت اتفضل قول عايز ايه لان ورايا شغل كتير
لف أحمد إليها يمسكها من مرفقها بعنف قائلا بغضب :
كلامنا مش هنا لما نروح لينا كلام تاني
وقف سالم أمامه ليقطع عليه طريقه مشير علي يده الممسكة إلي هند :
سيبها
ابتسم أحمد بتهكم :
ابعد عني وشي ومتتدخلش بين واحد ومراته
صاحت هند بغضب :
أحمد سبني وبلاش فضايح قول الانت عايزه هنا وامشي
غضب أحمد من تقليلها إليه أمام سالم فشدد علي مرفقها بعنف جعلها تتأوه بألم :
مش هسيبك يا هند وهتمشي معايا من سكات احسلك
جاء صوت سالم الغاضب :
تروح تقول الكلام دا للمعلم سالم ولو وافق انتو حورين إنما طول ما هو مأمني عليها مش هتمشي معاك يا أحمد وسيبها عشان انا خلقي ضيق
دلفت في ذلك الوقت مروه التي تعجبت منهم، لتسأل بفضول:
في ايه
سحبت هند يدها عنوه، لتردف بترجي :
امشي يا أحمد بالله عليك وبلاش مشاكل
تطلع إليها أحمد بكسره من ترجيها من رحيله، فود أن يخبرها بحبها الموقد داخل قلبه بل عشقها الساكن لروحه، فلم يذق طعم النوم منذ رحيلها بعيداً عنه، ولكن أحيانا تكن نهاية المرء علي كبريائه، وتعجرف مشاعره، وجد أحمد الحل الأمثل بأن يشوش ثقة هند في ذاتها حتي ترجع عن طلب الطلاق، لا يعرف أنه يقطع الخيط الرفيع بينهم بهذه الطريقة، فقد اختار طريق بلا رجعه بينهم باعتقاده الخاطئ وغروره سيؤدي إلي دفن حبها للابد
: انا همشي كدا كدا هو أنتِ مفكره أنك حلوه مثلا وانا ميت في دباديبك يكون في علمك انا صممت أن مخلفش منك عشان خايف اظلم ابني ويطلع شبهك، لولا أنك بنت خالي ومشفق عليكي انك تفضلي لوحدك طول عمرك من بعدي كنت طلقتك من زمان
دفعه سالم بعنف ليقطع حديثه قائلا بغضب :
طيب متشكرين لكرم أخلاقك اطلع بره بقا بدل اقسم بالله ما ادفنك هنا
وقفت مروه بينهم لتفصل سالم عنه، ثم صاحت بضيق من حديث أحمد:
امشي يا ملك زمانك من هنا، روح شوف ملكه جمال تليق بخلقتك العره بعيد عننا
نظر أحمد إلي هند ليري نظره غريبه لم يرها من قبل هزت مشاعره ليشعر بغصة وقفت في منتصف صدره، فخرج هرباً من تلك الأعين التي ستؤدي بحياته، مع شعوره بالندم في اختيار تلك الطريقة،
جلست هند بهدوء علي مقعدها تشعر بدوار أصاب كيانها، رمشت بأهدابها بتوتر ثم قالت بتعلثم :
تـ تعالي يا مروه عشان نخلص و. وبعدين نروح
تبادلت مروه النظرات مع سالم بخوف علي حالها الهادئ، فأشار إليها سالم بالانصياع إليها دون أن تتحدث
؛**************
في منزل عبده دلفت سمر حامله طبق فواكه وكوبين عصير لتضعهم علي الطاولة أمام خلود ومي مرحبة :
والله منورين يا بنات يعني هو لازم حد يتعب عشان نشفوكم
إجابتها خلود بابتسامه :
معلش يا سموره بس عشان الفرح قرب مش فاضيين خالص
أشارت سمر علي مي قائله :
طيب أنتِ وعرفنا أنك مشغولة في ترتيب للفرح، وأنتِ يا ست مي
اخذت مي كوب العصير لتردف متصنعة الحزن :
والله مش هكدب عليكي يا سمر من ساعة ما سبت مصطفي وأنا مش بخرج خالص
رمقتها خلود بضيق من سيره ذاك المدعو بخطيبها السابق، بينما رتبت سمر علي يدها لتقول :
يا حبيبتي بكرا ربنا يعوضك
رسمت مي الحزن ببراعة لتردف بصوت منكسر :
منها لله الـ كانت السبب
تعجب سمر لتسألها بفضول :
مين
نظرت إليها سمر بفضول لتعرف المقصودة من حديثها، فالجميع يعرف سبب فسخ خطبتها من مصطفي، وما كان ينوي صديقه فعله بعلمه مع رحمه ابنة عمهم
بينما تعجبت خلود من حديث أختها التي أول مره تسمعه، فنظرت إليها بشك فما تفعله، أخفت مي ابتسامتها بحرفيه لنجاح لما بدأت به اتباع لخطوات رسمها إليها مصطفي خوفاً منه حتي لا تفضح كما هددها،
نفذ صبري سمر لتسألها بضيق :
هو في ايه ما تنجزي يا بنتي وتقولي مين دي
تعلثمت مي بتوتر :
رحمه
سألتها سمر بصدمه :
رحمه مين، بنت عمنا
إجابتها مي بتأكيد :
ايوا
تطلعت خلود الي مي بصدمه، فهي تعلم مدي كرهها وما تكمن من مشاعر حقد وغيره اتجاه بنات عمهم إلا أن حياتها لا ينقصها شيء بالإضافة إلي طبع والدهم الهين بعكس عمهم سالم وصارمته المعهودة، ولكن لم تتوقع أن تفكر في تشويه سمعة أحدهن،
فوقفت بضيق مردفه بحده:
يلا يامي عشان اتأخرنا
أمسكت سمر يد خلود لتجلسها مره اخري مضيفه بفضول :
لا تمشوا ايه مش قبل ما اعرف كل حاجه بالتفاصيل
نهضت خلود مره أخري ممسكه بيد مي بغضب تسحبها خلفها وهي تبتسم إلي سمر بمجامله:
مفيش تفاصيل ولا حاجه دا كلام فاضي
لم تضيف مي حديث اخر مستسلمة الي خلود، مستعدة لخوض معركة حاسمه معاها، ومؤهله نفسها لسماع موشح تهذيب عن احترام أولاد عمها التي تتمني اختفائهن من الحياه لتسترح،
بينما ظهرت ابتسامة عريضة علي ثغر سمر بتسليه، متنهدة براحه :
وأخيراً حد فيكم طلع عن قاموس سالم يا بنات المعلم
أنهت حديثها لتتجه الي والدتها لتخبرها بما علمت من اخبار جديدة تخص بنات عمها لتروي عطش حقدها هي الأخرى بسعادة
؛**********
دفعتها خلود بعنف داخل غرفتها بعد أن دلفوا الي منزلهم قائله بحده :
ايه الهبل الانتِ بتقوليه دا أنتِ اتجننتي عشان تتكلمي كدا قدام سمر
اعتدلت مي في جلستها واضعه قدم فوق الأخرى مردفه بـ بخبث:
وانا قولت ايه
استفزتها ببرودها واللامبالاة علي ملامح وجهها، وكأنها لم تفعل شيء، فنطقت من بين أسنانها :
متستعبطيش وتسوقي الهبل عليا أنتِ قصده أنك تقولي كدا عشان عارفه أن سمر هتروح تقول لأمها وميصدقوا يمسكوا في كلام أهبل عشان يوقعوا الدنيا
رفعت مي كتفيها ببراءة:
طيب وأنا مالي
نفذ صبر خلود من أسلوبها الاستفزازي، فنظرت إليها وهي تقول بحديث متأكدة منه :
بطلي برود واستفزاز، علي العموم أنا عارفه أنك بتغيري من بنات عمي وبتكرهي..
وقفت مي بعنف مقاطعة سمر بحده لترد عليها بصوت مرتفع :
مين دي أنا أغير منهم ليه أن شاء الله ناقصه أيد ولا رجل، يكون في علمك أنا أحسن منهم كلهم ومش بنت المعلم جابر الـ تتقارن بحد تاني
ابتسمت خلود بسخرية مشفقة علي تفكيرها المغرور، ثم تركتها لتغادر الغرفة وقبل أن تخطو خارج الباب دارت بجسدها لتكن مقابل لها مردفه :
نظرتك ليهم، والحقد الـ باين في عينيكي بيقول غير كدا يا بنت المعلم، علي
العموم انا مش هقف اتفرج عليكي وأنتِ بتوقعي في دايره الغيره العاميه وتسحبي رحمه معاكي، ويكون في علمك أنا شاهده لما كنتي بتتحيلي علي
رحمه عشان تروح معاكي، وشوفي عمك هيعمل ايه لما يعرف أنك بتشوهي سمعة بنته
بعد أن أنهت تهديدها تركت الغرفة ورحلت تدعي إليها بالهدايا فتصرفاتها غير طبيعية في آخر فتره
؛****
خلعت مي حجابها بعنف وأخذت هاتفها تسير اتجاه الشرفة تجري اتصالا به حتي تخبره بالمستجدات،
: الو
لوت فمها بتهكم من فتوره في الحديث معها، لتلعب بسلاحها الأنثوي لعله يلين معها قليلاً، سألته بغنج وهي تلوي خصلات شعرها :
ازيك يا مصطفي
أجابها الآخر مقتصر :
كويس، ها ايه الجديد
وضعت مي الهاتف أمامها تبصق بصوت منخفض حتي لا يسمعها، ثم وضعته مره اخري لتجيبه بملل:
مفيش جديد
احتد صوته لينهرها بغضب :
لا بقولك ايه اتعدلي كدا بدل أقسم بالله ابعت صورك علي تلفونات البلد كلها واقولهم معايا الاوسخ وشوفي ابوكي وعمك هيعملوا فيكي ايه
بلعت مي لعابها بتوتر، مردفه بصوت مهتز :
في ايه يا مصطفي هو دا جزاتي عشان حبيتك ووثقت فيك......
تهللت أسرارها عندما استعمت لصوته الحنون، مقاطعها بهيام:
وأنا كمان بحبك يا مي
نسيت أمر تهديده إليها المستمر، لتكن كـ الكفيفة بحب مسموم، ربما أن كان مختل عقلياً لكان فهم ما يرمي إليه، والفخ المنصوب بقواعد حب وهمي، سألته بسعادة بلهاء:
بجد يا مصطفى
أكد إليها الآخر باستماته قائلاً :
بجد يا قلب مصطفي من جوه
شعرت بسعادة غمرت قلبها اثر حديثه، جعلتها كفراشة تحلق في حقول الأزهار في منتصف فصل الربيع، ولكن نزلت الي أرض الواقع عندما تذكرت أمر تهديده فسألته بحيره :
طيب لما أنتِ بتحبني ليه بتهددني كل شوية
تصنع بنبره حزينة قائلاً :
مقدرش اهددك بس أنتِ مش بتساعدني اخد حقي وحقك من الـ فرقنا وكان هضيع حبنا يا قلبي
وكـ المغفلة تصدقه وتطلق العنان لعقلها البائس ليرسم أحلام ورديه مع ذلك اللعين، غير مهتمة بأمر سوي ان تسمع كلام معسول وغزل يروي أنوثتها :
يعني كل دا بتعمله عشاني
جاءها الرد سريعاً :
اكيد حبيبتي، وعشان نرجع لبعض علي طول
ابتسمت ببلاهة، مردفه بسعادة مأمنه عليه :
يارب امين يا حبيبي
ظهرت ابتسامه خبيثة علي ثغره ثقه بنفسه في كل مره يتحدث معاها ويجعلها تحت طوعه، أخرج علبه التبغ خاصته ليشعل واحده واضعه بين شفتيه، فسألها بمكر :
ها قوليلي لابسه ايه اصلك وحشتني
ضحكت مي بميوعة قائله بدلال:
بجد وحشتك
زفر هواء التبغ بشراهة وبدأ في تشغيل جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) الموضوع أمامه، ثم ضغط علي ملفاته الخاصة ليظهر أكثر من 30 ألبوم صور خاص بفتيات، بحث عن اسمها وضغط عليه لتملأ الشاشة بصورها العديدة بملابس منزلية وبدون حجاب، ابتسم بمكر وهو يشاهد الصور بوقاحه مجيبها بشوق :
وحشتني بس، أنتِ شكلك متعرفيش غلاوتك جوه قلبي قد اي،
ثم أكمل بـ لهفه :
ابعتلي صوره بقا عشان أملي عينا بمراتي
خفق قلبها عن سماع وصفه بزوجته لتذهب كـ المغيبة أمام المرأة :
طيب شويه كدا وهبعتلك
أرسل إليها قبله مودع بحرارة :
مستني علي نار يا روحي
أغلقت الهاتف محتضنها وهي تدور بسعادة في أرجاء الغرفة، ثم اتجهت إلي الخزانه لتخرج سروال ضيق ويعتليه بلوز بأكمام شيفون لتبدل ثيابها مصفصفه شعرها تاركته بحريه، ثم اتجهت إلي المرأة ممسكه بقلم أحمر شفاه صارخ ترسم به شفتيها بحرفيه، وبعد أن نظرت إلي انعكاسها برضا، أمسكت الهاتف تفتح الكاميرا تلتقط عدة صور لترسلها إليه منتظر رده بفضول من كلمات جريئة ووقحه بتغزل،
؛**************
كانت تسير مع أختها مغيبة كانسان آلي ينفذ أمر عقلها بالرحيل عن أرض الواقع من شدة كسرتها من حديثه المميت، صوب
كلماته كـ سهم يخترق ضلوعها ليصب فؤاد قبلها، ليعلن الآخر نزيفه مستسلم لقسوة ما مر به من معشوقه،
تطلعت إليها مروه بحزن علي حالها منذ رحيل أحمد، فهي تعلم مدي قسوة
ما وقع علي أذنها وكيف جرح كبريائها، نقلت بنظرها إلي سالم الذي يسير بجانبهم كي يوصلهم المنزل بحيره
هل تتحدث معاها أم تتركها، فأشار إليها بالصمت تارك إياه لبعض الوقت بمفردها حتي تكن جاهزة للحديث، أو البوح بما تشعر به،
قبل أن يدلفوا من البوابة الحديدية الخاصة بالمنزل وقفوا لمقاطعة أحدهم
( لو سمحت )
نظر سالم لصاحب الصوت ليجد شاب غريب عن القريه فهو يعرف جيداً أهلها، فسأله باستفهام:
نعم
أجابه عامر وهو يتفحص مروه وهند الواقفتين خلفه :
هو دا بيت المعلم سالم
غضب سالم من نظراته فوجه حديثه لبنات عمه ليأمرهم بضيق استطاع عامر فمهمه:
ادخلوا أنتوا
ثم رجع بنظره الي عامر مردف بحده:
نعم
رمقه عامر ببرود :
دا بيت المعلم سالم
ود سالم أن يلكمه بقوه من بروده، ولكن تذكر أنه ربما يقرب للمعلم فأشار اليه بالدخول قائلا بجمود:
اتفضل ميصحش ضيف المعلم يقف بره
دلف معه يجلس في مجلس الضيوف، وبدأ في فك زر الحلية ليكن بأريحية قائلا بامتنان :
شكراً، ممكن تبلغه أن عامر الخولي موجود
أشار إليه في صمت وخرج يبلغ المعلم بوجوده، ثم اتجه ليعطي لنساء المنزل
بوجود ضيف ليقوموا بتحضير الضيافة بناءً علي أمر عمه، فـ يعرف منزل المعلم سالم بالكرم دائماً،
؛*********
: مروه
ألتفت مروه لتجد محمود ابن عمها عبده يقف في بهو منزلهم، تعجبت من نظرته الحاده ثم قالت باستفهام :
محمود، ايه موقفك هنا مدخلتش ليه
تجاهل حديثها ليقول بضيق واضح :
كنتي مع سالم فين
كادت مروه بإجابته، ولكن استنكرت لهجته معاها فقالت بحده طفيفة :
نعم، وأنت مالك
اقترب محمود منها يقف أمامها ثم قال من بين أسنانه بغضب:
مالي ازاي ولما أسألك رودي علي طول
رفعت مروه حاجبيها بتعجب :
والله وأرد عليك بناءً على ايه مثلاً
امسك كفها ثم قال بصوت حزين يكسوه الحنين، فقد طفح كيله، من صمته وهو يراها تضيع من بين يديه، وأعمي القلب بالغيرة :
بناءً علي أن بحبك يا مروه
؛**********
دخلت الي غرفتها متجها الي المرأة تتأمل انعكاس صورتها في صمت، هدوء يغمر عقلها، وسكون حل علي قلبها، تستطع سماع
أنفاسها بوضوح وكأنها منفصله عن العالم، ظلت لبعض دقائق محلها، تتأمل ملامح وجهها تارة، وتاره
منحنيات جسدها وتاره أخري تتمعن في لون بشرتها، رفعت يدها تخلع حجابها محرره شعرها الطويل،
بدأت ترجع بخطواتها للخلف حتي وصلت لمنتصف الغرفة، تتفحص هيئتها من بعيد وكأنها تنفي حديث أحمد عنها وتعكس لعلقها
ما وصفها به، ربما تشعر بتشتت وعدم اتزان ذهني، وربما بكسره وآلام علي حالها ولكن ما تحتاج إليه
الآن هو الخلود للنوم لتنعم بقسط من الراحة لأنها لم تستطع الصمود اكثر من ذلك،
اخذت المنشفة متجها إلي المرحاض تاركه خلفها كل هموم العالم حتي لا تصاب
بمرض يؤدي بموتها من الغصة والحصرة التي تشعر بها.