رواية وقت الذروة
الفصل السابع
الحياة كالأرجوحة ، تارة ترفعك عالياً ، واخرى تنزلك بقسوة حتى يكاد قلبك أن يفقد نبضاته ، وبين الإرتفاع والسقوط نتشبث جيداً بأيدينا بها ، نحن فقط نعشق لذة الشعور 🖤
♧ بعد مرور شهرين
الهاتف موضوع بجانب زجاجات الدواء وقد أضاء شاشته للمرة التاسعة
مكالمة فيديو فائتة ، التوقيت الثالثة عصراً
تجاهلت الهاتف تماماً وهي تضع شريط الدواء بجانب الزجاجات بعد أن تناولت قرصين كالمعتاد ، وتوصل في عروق يدها أسلاك ضئيلة تمد جسدها بالفيتامينات حتى تستطيع الوقوف على قدميها
أضاء الهاتف مجدداً لتنظر له بأعين الجثث ولم تكلف نفسها عناء الرد
رسائل مكررة من أصدقاؤها ولم ترد عليهم منذ عودتها من أرض كوابيس موتيل ، منذ أن خلعت القلادة الذهبية من عنقها وألقتها أرضاً تاركة خلفها كل حلم نسجته في عقلها وكل مرة وضعت رأسها على الوسادة تتخيل أنها نالت من تحب أخيراً ولكنها إستيقظت من حُلمها الوردي بعدما علمت أنه يحب سديم ولن يتركها ، وعندما تركها واقفة خلفهم وذهب ليحتضن سديم بقوة
حتى عندما يأتي إلى القصر تظل جالسة في غرفتها إلى أن يذهب حتى لا تلتقي به ولو بمحض الصدفة ! كما أنها طلبت من والدها ألا يتحدث عنها أمامه أو يجبرها على النزول أثناء حضوره ولم يناقشها لإجل حالتها الصحية المتدهورة
رفعت خصلات شعرها بقلم فرنسي وأحضرت علبتها المفضلة وقامت بإرهاق لتجلس بجانب النافذة من جهة اليسار حتى إن مر أحدهم أسفل غرفتها لا يراها ، كانت يدها النحيفة التي أنتشرت بها أسلاك المشفى أخرجت بعض الخيوط البيضاء
ووضعتها في الإبرة الكبيرة ، لتجلس على الكرسي أمام المجسم الواقف أمامها وتكمل خياطة الفستان ، خلال الشهرين كانت يومياً ولعدد ساعات طويلة تجلس أمام شاشة الحاسب الألي الخاص بها وتشاهد مقاطع تعليميه عن التطريز والخياطة
، بدأت في البداية بفساتين لدمى الباربي الخاصة بها ثم قررت أخيراً أن تخط فستان زفاف بنفسها وتحاول إكماله ولكن حالتها الصحية لا تسمح لها بإن تنتهي منه بسرعة
بينما هي تجلس وتطرز ذلك الرداء الأبيض سمعت للمرة الألف صوت سيارة ريان الحاكم وهو يديرها ليذهب ، تجاهلت الصوت لتركز بنظرها في الرداء وعندما ابتعدت السيارة بصوتها شكت إصبعها عن طريق الخطأ ، لتضعه بين شفتيها وهي تغلق عينيها بألم
♧ في سيارة " ريان الحاكم "
يا حبيبتي البعد نار .. قلبي داب من الإنتظار .. الشمس تطلع كل يوم .. وإنتي غايبة ليل نهار
صوت منير والأغنية التي يستمع لها ريان يومياً ، في كل مرة يخرج من قصر والد صبا السيد سليمان ولا يعلم لما يظل منتظراً عشر دقائق في سيارته يتأمل ناقذة غرفتها علها تطل ولو لمرة واحدة ! تشبث بالمقود بقسوة لينظر لإصبع يده وخاصة لخاتم الخطبة الخاص ب سديم
لقد قاموا بالإتصال بصبا ألاف المرات ولكنها لم تجب ، وما علمه أن والدها ذهب للجامعة وقدم لها إعتذار هذا العام
لظؤوف صحية وعندما كان يطمئن عليها من والدها كان الرد واحد مقتضب لا يتغير " هي بخير ، لنكمل عملنا "
ناهيك عن ما حصلوا عليه من سخرية المحيطين بهم عند عودتهم وهناك من وصفهم بذوي العقول المجنونة وهنلك من نصحهم بمراجعة طبيب نفسي ، والأخرون هم من أقسموا أن ليس هناك منطقة بهذا الإسم ، لربما تأثرت صبا بكل ما حدث ! ما سبب غيابها ؟
أفاق من تساؤلاته التي تنهش عقله على صوت هاتفه ليرد قائلاً : أيوه يا حبيبتي ؟
سديم بحزن : هتتأخر ولا إيه أنا قاعدة مع زوزاا " والدته " ومستنيينك
ريان بهدوء : جاي في الطريق أهو ، أجبلك حاجة معايا ؟
سديم بضحك : لا تجيب إيه تعالى بس أنا من ساعة ما قعدت وكل اللي بعمله إني باكل ، وعاوزين بكرة تاخد أجازة من شغلك عشان مهندس الديكور نقعد معاه نفهمه عاوزين أوضة النوم عاملة إزاي
ريان بتركيز : طيب يا حبيبتي أنا جاي في الطريق ممكن التفاصيل دي نتكلم فيها لما أوصل عشان أنا سايق بس
سديم : أوك حبيبي مستنيينك
أغلق الهاتف معها وهو يتنهد ثم نظر للطريق أمامه ، بينما كان يقود وجد السيدة ذات خصلات الشعر السوداء الطويلة تعترض طريقه ف أحاد بسيارته جانباً وهو يحاول التحكم بالمقود
زفر بعمق وعيناه متسعتين ثم صرخ بغضب : الله يلعن أبو كدا !!
♧ في غرفة فارس
صوت صفير في اذنه جعله يعتدل في فراشه وهو يضع يده على اذنه ويفتح أحد الأدراج ليبحث عن علكة
بحث جيداً ولكنه لم يجد ، شعر بسائل لزج على كف يديه ليبعد يده عن اذنه وينظر ليجد دماء تسيل من اذنه
وقع أرضاً وهو يصرخ بقوة حتى دخلت والدته مذعورة لتقول : في إيييه !! حصل إيه ؟؟
فارس برعب وهو يريها يده ويقول : وداني بتنزل دم فين اللباان
نظرت له والدته ببرود وهو ينظر لها بذعر لتقول له : فين الدم دا ؟ إنت إيه حكايتك عاوز توقف قلبي أنا وأبوك ؟ وبعدين ما اللبان جمبك اهو ليه الصوت العالي والهبل دا
نظر للعلك الموضوع بجانب فراشه ثم نظر لوالدته بعضف لتقترب منه وتساعده في النهوض
جلس على الفراش وهو يتنفس بعمق لتقول والدته : صدقني يا حبيبي انا معرفش اليومين اللي غبتهم كنت فين وحصلك إيه ، بس لازم نروح لدكتور نفسي يمكن يساعدك
فارس بغضب : أنا مش مجنون ! لو سمحتي يا ماما إخرجي وسيبيني
قامت والدته وهي تنظر له بحزن ثم أغلقت الباب خلفها