CMP: AIE: رواية الخبيئة الفصل الثالث والرابع 3بقلم ميمي عوالي
أخر الاخبار

رواية الخبيئة الفصل الثالث والرابع 3بقلم ميمي عوالي



رواية الخبيئة
بقلم ميمي عوالى 

الفصل الثالث

بات رءووف ليلته على اريكته المفضلة كعادته وهو يراقب أصدقائه المقربون…. قمره والنجوم من يراه يظنه عاشق يناجى محبوبته ويستدعى وجههاعلى وجه القمر، بينما كان رءووف على العكس تماما، فكان يفكر فى حاله وما آل اليه، فبالرغم من ارتياحه الشديد لبعد سارة عنه وعن المنزل باكمله، وسعيد برد فعل والده وعقابه لها بالنفى، ولكنه يعلم تمام العلم ان هذا الوضع لن يدوم، فمن غير اللائق على الإطلاق ان تظل امرأة  بمنزل نائى وحيدة دون رجل، فتزداد الاقاويل، وهو يخشى ان يضغط عليه والده فى ردها إلى عصمته، فوقتها سوف تكون المرة الأولى التى يقف فيها ضد رغبة والده، فيجب ان يجد شئ ما يمنع والده من أن يطلب شيئا كهذا مستقبلا 

وكعادته سيطر عليه التفكير حتى أخذه النعاس إلى ان سمع آذان الفجر، فقام من مرقده وتوضأ وقرر ان يذهب للصلاة فى المسجد، وعند عودته من الصلاة اصطدم بعبدالله وهو يستعد للخروج

رءووف بابتسامة : ايه حيلك.. صباح الخير، رايح على فين من الفجرية كده

عبدالله : صباح الخير يا رءووف…… معلش.. عندى كام مصلحة كده عاوز اقضيها على السريع

رءووف : وفين المصلحة دى

عبدالله : فى القاهرة 

رءووف : طب ماتستنانى انزل معاك بدل ماتروح وتيجى لوحدك






عبدالله : كان نفسى، بس وجودك هنا اهم….. محتاجلك مع حليمة عشان تعرفها الدنيا فيها ايه

رءووف : عينى ياحبيبى… ماتقلقش

ليتجه عبدالله إلى الخارج ولكنه عاد وهو ينادى أخيه قائلا : رءووف  انت طلقت سارة ليه، هى حقيقى ماتتعاشرش، بس اشمعنى يعنى على وصولى.. حسيت انى فى نص هدومى وقدمى عليكم زفت

رءووف ضاحكا : يا آخى ياريتك جيت من زمان وخلصنا

عبدالله : لا صحيح عاوز اعرف

رءووف : لما تيجى بالسلامة ان شاء الله نبقى نقعد ونحكى سوا

عبدالله وهو يتجه الى الخارج مرة أخرى : ماشى.. لنا لقاء.. سلام

ليتجه رءووف الى الداخل ليجد والده قد فرغ من صلاته وورده كذلك

رءووف : صباح الخير يا بابا 

نور الدين : صباح الخير ياحبيبى، تعالى اقعد. عاوز اتكلم معاك شوية

رءووف وهو يجلس بجواره : خير ياحاج

نور الدين : ليه خبيت عليا يا رءووف، ليه ماصارحتنيش وقلتلى من اول يوم، كان هيبقى لى تصرف تانى

رءووف : كنت هتعمل ايه يا حاج، هتنصحها بكلمتين، واللا هتجبرها عليا، واللا هتخلينى أطلقها من اولها

نور الدين : ابقى كداب يابنى لو قلتلك انى عارف كنت هعمل ايه بالظبط، بس على الاقل كنت شاركتنى معاك، من امتى بتخبى عليا حاجة، ده انا طول عمرى واخدك صاحب وسند

رءووف : عارف ومتأكد من ده بس كانت هتبقى كبيرة عليك وقتها

نور الدين بأسى  : و دلوقتى مش كبيرة يابنى

رءووف : كل تفكيرى وقتها انك ماتتعبش ولا تتضايق، قلت سنة وتعدى، وبعدها نقول ماتفقناش وخلاص 

نور الدين ساخرا : كنت وقتها هظلمكم تانى واقول خدوا فرصة ورا فرصة وكنتم هتفضلوا كده العمر كله

رءووف : انت شايف ان احنا الاتنين مظلومين

نور الدين : احيانا البنى آدم بيظلم نفسه ظلم أعظم من ظلم غيره يابنى، وهى ظلمت نفسها مرتين…. مرة لما استمرت فى موافقتها على الجواز بعد ماعرفت ان انت العريس مش اخوك، ومرة تانية لما عيشت نفسها على وهم كداب عمره ماهيتحقق وجنت على نفسها وعليك

رءووف : ماحسبتهاش كده







ليربت نور الدين على قدمه مواسيا اياه قائلا : نصيب يابنى… ربنا يعوضك خير ويديك على قد نيتك

لينهض رءووف مقبلا راس ابيه ويتجه إلى الأعلى حتى يستعد للذهاب إلى العمل 

…………………….. 

على مائدة الافطار

كريمة : بقى هو يعنى عبدالله ماكانش قادر يصبر على الخروج يوم واحد، ده انا خليتهم يعملوا فطير سخن مخصوص عشانه

علياء مازحة : ده نصيب هراس يا ماما، كان نفسه فى الفطير

رءووف : الا انتى هتفقسى امتى يا ام هراس، انا متهيألى دخلتى على العاشر

حليمة ضاحكة : خدى بالك ياعلياء ده كده يعتبر سب علنى

رءووف وهو يزوى مابين حاجبيه : ليه بقى

حليمة بمرح : شوف انت مين اللى حمله بيبقى عشرشهور

لترفع علياء حاجباها بشهقة عالية : بقى كده يارءووف 

رءووف ضاحكا : انتى بتتلككى… هو انا قلت حاجة، حليمة اللى قالت

حليمة ببراءة : انا مجرد انى قريت اللى بين السطور ياعلياء

لتضحك كريمة وهى تنظر لحليمة وهى تقول : ده انتى باينك هتطلعى مصيبة ياحليمة، ربنا يستر

رءووف : ها هتستلمى شغلك على طول واللا تاخدى جولة الاول

لترفع حليمة اصبعها الوسطى والابهام وهى تقول : الاتنين، تعمللى جولة سياحية وانت بتعرفنى هشتغل ايه

رءووف : طب بعد الفطار ننطلق

لينهض صالح من مقعده وهو يشير لرءووف الذى يتجاهله منذ رآه : رءووف انا عاوزك فى كلمتين قبل ما تمشى

رءووف دون أن ينظر اليه : خليها بعدين ياصالح 

صالح بتصميم : دلوقتى يارءووف 

نور الدين : قوم شوف اخوك عاوزك ليه على ما حليمة تخلص فطارها

ليتنهد رءووف وهو يقف متجها إلى حجرة المكتب ومن وراءه صالح حتى اغلقا الباب دونهما

ليلتفت صالح بحدة إلى رءووف وهو يقول : انت متجاهلنى ليه من ساعة ماصحيت، ايه……… هتشيلنى الليلة 

رءووف باستغراب : اشيلك الليلة

صالح بحزم : اسمع يارءووف… لو شايف انى اذنبت لما ماقلتلكش من البداية، فياريت تفتكر برضة انى ماكنتش موافق على جوازكم ده من الاول، قولتلك بلاش تتجوز من غير حب، وانت اللى خفت ان عمى يزعل منك، فاكر واللا نسيت

رءووف بغضب : دلوقتى بقيت انا الجانى ياصالح، انا اللى خنت ثقتك فيا… انا اللى خبيت عليك حاجة ماكانش ينفع ابدا تستخبى مهما كان السبب 

صالح بحدة : اعدل الميزان يارءووف، كنت عاوزنى اقوللك ايه، ازااى، حط نفسك مكانى، ماقدرتش اجرحك.. رغم انى عارف انك مابتحبهاش، بس برضة كنت هتنجرح

رءووف بغضب : وانا دلوقتى مانجرحتش

صالح : ماتحملنيش الذنب يارءووف، انت عارف ان دايما  كان توترعلاقتى بسارة بسببك وانى دايما كنت واقفلها وبنصحها 

رءووف : خلصت ياصالح

صالح : لا ياصاحبى ماخلصتش، لما تبقى من جواك حاسس انى غدرت بيك تبقى ماخلصتش، لما تبقى لاول مرة من ساعة ما وعينا ع الدنيا ما انتش عاوز تبص ف وشى.. تبقى ماخلصتش






اسمع يارءووف… لو عاوزنى اسيب البيت على ماتهدى انا ماعنديش مانع، ولو عاوزنى أمشى خالص برضة ماعنديش مانع، لكن الحاجة الوحيدة اللى همانع فيها انك تشيل منى يارءووف………. مش هقدر

ليربت صالح على كتف رءووف وهو يقول : احنا طول عمرنا كتفنا فى كتف بعض يا رءووف، بلاش نفترق بعد العمر ده كله

ليتجه صالح إلى الخارج ولكن يد رءووف منعته من الخروج واحتضنه قائلا : عمرنا ماهنفترق ياصالح.. عمرنا، متزعلش منى، انا بس كنت محتاج اطلع الثورة اللى جوايا قبل مااتعامل معاك

ليربت صالح على يده ويتجها معا إلى الخارج ليجدا حليمة بانتظارهما وهى تحتسى فنجانا من القهوة، وما ان رأتهما حتى نهضت ووقفت مستعدة للمغادرة بصحبتهما

…………………. 

فى مزرعة الخيل تقف حليمة وهى مشدوهة من اعداد الخيول الأصيلة والوانها وطريقة العناية بها لتقول : انا مش متخيلة ان اللى شايفاه ده على أرض مصر 

رءووف : الحقيقة الفضل يرجع بعد ربنا لبابا، هو اللى عاشق للخيول الأصيلة وكان لما يشوف فرس أصيل يقع فى غرامه فورا ومايهداش غير لما يشتريه وبيتعامل مع الخيل بتاعه زى ما بيتعامل معانا بالظبط

حليمة ضاحكة: ازاى بقى

رءووف : بيهتم بيهم وباحتياجاتهم جدا، عاوز اقوللك ان المروضين بتوعهم بيختارهم بعناية فائقة، وعامل كمان مستشفى بيطرى مخصوص عشانهم فيها أمهر البيطريين فى مصر، وطبعا انا بستفيد من المستشفى دى فى مزرعة المواشى اللى عاملينها ع الارض الغربية، لكن الاولوية طبعا للاسطبلات، وكمان فى عندنا خيل كتير بيشارك فى السباقات وخدنا مراكز أولى اكتر من مرة

حليمة : بسم الله ماشاء الله، ربنا يباركلك فيهم أن شاء الله 

رءووف : إنما انتى ماقلتيليش، البحث بتاعك اللى جننهم لدرجة محاولة قتلك كان عن ايه بالظبط

لترفع رأسها اليه بصدمة ولكن رءووف اكمل حديثه قائلا : ماكانش ينفع ماعرفش…. لازم افهم عشان اقدر احميكى ولازم تثقى فيا

لتأخذ حليمة نفسا طويلا وتخرجه دفعة واحدة ثم تقول : انا قدرت اطور تركيبة معينة للعلف الحيوانى اللى بمقتضاها زادت نسبة إنتاج الألبان ونسبة الدسم 20 ٪ ودى الاعلاف الصيقية اللى بتقولوا عليها هنا كوسب، طبعا المربين كانت مشكلتهم ان الإنتاج بيقل فى فترة الصيف وبيقل معاه جودة الألبان ودسامتها، وانا بالتركيبة دى قدرت اعوض الفاقد ده بنسبة تتفوق كمان حوالى 5٪ عن المواصفات والمقاييس اللى بتبقى فى الشتاء 

وكمان لو الأنثى حامل العلف بالتوليفة والتركيبة دى بتساعد الام انها تبقى قوية هى والمولود 

رءووف : هايل

حليمة : المشكلة انهم عاوزين ياخدوا كل الأسرار تبقى ليهم هم وبس، مش عاوزين حد يقومله قومة جنبهم، لازم يبقوا رقم واحد حتى لو كان بايدنا احنا مش هم

رءووف وهو يدرس رد فعلها : ماخفتيش

حليمة : على روحى…… لا

رءووف : يعنى… 






حليمة : الرب واحد والعمر واحد، لكن خفت على حنين، مش هتحمل انى ابقى سبب فى اذيتها ابدا، وعشان كده بعدت، انا كنت عاوزة اروح إنجلترا بس عبد الله اللى رفض، وقاللى لازم تبقى فى امان على الاقل اختك ماتعيشش فى قلق باستمرار

رءووف : بس ده ميمنعش انك تحافظى على نفسك لنفسك

حليمة بابتسامة حزينة : صدقنى ماتفرقش، ويدرككم الموت ولو فى بروچ مشيدة

رءووف : ليه الياس ده

حليمة ضاحكة : أعوذ بالله، مين جاب سيرة الياس بس ياعمنا، كل الحكاية انى مسلمة امرى لله ومؤمنة جدا انه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، يبقى ليه اعيش فى خوف وقلق يخرب عليا حياتى ويدايقنى واقضى عمرى سواء قصير او طويل من غير مااتمتع بيه بما يرضى الله

رءووف بابتسامة : تصدقى عندك حق، اقنعتينى، طب قوليلى بقى، تعبتى، واللا نروح مزرعة المواشى

حليمة : نروح طبعا،، بس رجلى وجعتنى

رءووف : متخافيش… هركبك مش همشيكى

ليتجه إلى عربة خشبية يجرها زوج من الخيول ويشير اليها بالصعود

حليمة وهى تصفق بيديها : الله……. كاريتة، كان نفسى من زمان اركبها 

رءووف مداعبا : عشان تعرفى اننا مش حارمينك من حاجة

حليمة بطفولة اخاذة : طب ماتدينى اسوقها

رءووف ضاحكا : وهو انتى يابنتى عارفة السكة عشان تسوقى

حليمة : ما انت معايا اهوه، وبعدين اكيد هم عارفين السكة

رءووف ضاحكا : ماشى ياستى اتفضلى، واعطاها اللجام بيدها، لتقف بسعادة وهى تهز اللجام  بيدها لتتحرك الخيل وكادت تسقط لولا أن رءووف كان يتوقع ذلك وكان متأهبا لنجدتها وهو يضحك بشدة

حليمة بتبرم : انت بتضحك على ايه

رءووف مداعبا : عليكى طبعا، مش عملتيلى فيها كلينت استوود… قابلى بقى

لتنظر له بتوعد وهى تجلس بجواره وتعطيه اللجام بيده مرة أخرى : فتتهالك ياسى زورو، اتفضل ورينا






وما ان قالت ماقالته حتى اخرج صوتا من فمه وهو يهز اللجام بيده فانطلقت الخيل مرة أخرى فى طريقها إلى مزرعة المواشى وهى تراقب الطريق وكل ماحوله بسعادة وانبهار

وبعد جولة طويلة بين العنابر والمامها بالكثير من احتياجات العمل نظر لها رءووف سائلا اياها : "تحبى تبتدى تنفذى مشروعك امتى

حليمة : مشروعى

رءووف : اقصد تطبقى البحث بتاعك

حليمة : انت بتتكلم جد 

رءووف : وجد الجد كمان

حليمة : ايوة، بس لسه البحث ما اتعملش عليه تجارب كفاية عشان يتطبق

رءووف : تفتكرى لو هم مش واثقين فى النتيجة كانوا حاولوا يخلصوا منك بعد مارفضتى تتعاون معاهم

حليمة : وجهة نظرك مظبوطة، بس برضة تعتبر مجازفة، بص احنا ممكن نبتدى براسين بس منهم واحدة حامل





ليضحك رءووف بشدة وهو يقول : يابنتى… عشر…. عشر مش حامل، حامل دى للبنى ادمين إنما البهايم بيتقال عشر، لازم تحفظى الكلام ده عشان ماحدش من العمال او اللى شغالين هنا يركز معاكى 

حليمة : تمام عندك حق… المهم على مانا اعمل التركيبة تكون انت عملت مسطرة للمتابعة عشان نعرف بعد كده التطورات

رءووف : ماشى، بس عنبر مش مجرد راسين. خلى قلبك جامد

حليمة : ايوة بس عمى ممكن يعترض

رءووف : من الناحية دى ماتقلقيش، مزرعة المواشى دى تحت تصرفى الكامل، لأن انا اللى عملتها من الألف للياء.. اى نعم بفلوس ابويا، لكن كانت فكرتى وتنفيذى، زى الأرض كده فكرة صالح عشان يبقى عندنا اكتفاء ذاتى

حليمة : بس انا ملاحظة انكم نسيتوا الفراخ، ليه ماعملتوش كمان مزرعة فراخ

رءووف : الحقيقة علياء اقترحت علينا الكلام ده بس الحقيقة انا مش فاضى انى اعمل ده واتابعه

حليمة بحماس : طب ايه رايك انا اعمله واتابعه وابقى شريكة فيه كمان 

رءووف : انتى ناوية تقعدى فى مصر على طول

حليمة : لسه مش عارفة





رءووف : يبقى بلاش نسبق الاحداث

………………… 

على مائدة العشاء، يجلس الجميع بألفة وهم يتناولون الطعام وكل منهم يقص على نور الدين احداث يومه حتى قال نور الدين : وانت ياعبدالله عملت ايه

عبدالله وهو يزدرد طعامه : شفت سمسار واتفقت معاه على المواصفات اللى محتاجينها للفرع هنا وفرجنى على كذا حاجة، عجبنى منهم مكانين ولسه هشوف بقى لما اقعد مع اصحابهم بكرة ان شاء الله 

نور الدين : بالتوفيق بإذن الله، يعنى نازل تانى بكرة القاهرة

عبدالله : ان شاء الله بس بعد الضهر مش بدرى

كريمة : يعنى اخليهم يعملولك فطير تانى بدل بتاع النهاردة

عبدالله ضاحكا : وماله بتاع النهاردة ياكوكو، يتسخن فى الميكرويف ويبقى زى الفل، احنا ماعندناش الرفاهية دى هناك فبلاش تفسدى اخلاقى فى اليومين اللى قاعدهم






صالح بمرح : يابنى دى خطة استراتيجية عشان لما تسافر ماتقدرش تستحمل وترجع جرى

ووسط ضحكتهم يعلو صوت هاتف عبدالله  ليجد ان زوجته هى من تقوم بالاتصال لينظر لحليمة بتوجس وينهض متجها إلى المكتب وسط قلق حليمة ورءووف ويغيب عبدالله مالا يقل عن الخمسة عشر دقيقة ليعود والوجوم يعلو وجهه وهو يستدعى رءووف وحليمة ليذهبا وراءه وما ان أغلق الباب حتى استدار إليهم وهو يوجه حديثه لحليمة قائلا : عرفوا انك اختفيتى

حليمة بخوف : وحنين ضايقوها… اوعى تخبى عليا

عبدالله : راحولها البيت وسألوها عنك وقالتلهم زى مااتفقنا انك اختفيتى بعد ماسرقتى مجوهراتها ولما اتأكدوا فعلا انها قدمت بلاغ فيكى بالسرقة من ثلاثة ايام وطبعا مراقبين البيت وعارفين انك مش موجودة من وقتها، قالوالها ان كده مصلحتهم واحدة وهددوها طبعا لو عرفت حاجة عنك وخبت عليهم

رءووف : وسألوا عنك

عبدالله : لا… بس اعتقد لانى مسافر من امريكا من قبل ما حليمة تختفى باسبوعين بحالهم، وسفرى ده كان معلن للجميع

رءووف : طب ماهم ممكن يكونوا مراقبين التليفون

عبدالله : لا ماتقلقش، كلمتنى من تليفون تانى ماحدش يعرف عنه حاجة





حليمة بتصميم : انا لازم ارجع ياعبدالله، مش هايسيبوكم فى حالكم وممكن يأذوكم

عبدالله بحزم : مش بعد كل ده ترجعيلهم بالسهولة دى

رءووف : تسمحولى اتدخل

عبدالله : اومال ندهتلك ليه، انت الوحيد اللى عارف كل حاجة

رءووفة: انا شايف انك ترجع لمراتك باقصى سرعة، وشايف انك ماترجعش من مصر

عبدالله : انا فعلا لسه هطلع ع المغرب ومن المغرب على هناك

رءووف : تمام، احجز من بكرة وخلص اللى وراك بسرعة وارجع عشان تبقى جنب مراتك 

ثم نظر لحليمة واكمل قائلا : وانتى هنا فى حمايتى ماتقلقيش

حليمة : انا قلقانة على اختى مش عليا

عبدالله : انتى عارفة ان اختك فى امان على الاقل لغاية ما ارجع ولما ارجع انا كفيل بحمايتها

حليمة وهى تومئ برأسها : فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹







الخبيئة

(الفصل الرابع)🌹🌹

بعد مرور ثلاثة أيام يقف الجميع أمام بوابة المنزل يودعون عبد الله بعد إجازته القصيرة معهم ويتجه معه رءووف وحليمة التى أصرت على مرافقتهم لتوصيله إلى المطار

كريمة ببكاء : مالحقتش اشبع منك ياعبدالله، مش كنت تفضل معانا كام يوم كمان يابنى

عبدالله : وبعدين بقى ياكوكو، لازم تاخدوا على كده، ممكن تلاقونى جيت قضيت معاكم كام ساعة ومشيت، اصبرى بس لحد الدنيا ماتتظبط معايا وهتزهقى منى

كريمة : عمرى يابنى  ماازهق منك ابدا ده انت قلبى من جوه

نور الدين : خلاص ياكريمة، سيبيه عشان ماتأخريهوش، ثم وهو يوجه كلامه لعبدالله : تروح وترجع بالسلامة ياحبيبى، و طمننا عليك اول باول

عبدالله وهو يقبل يده : حاضر يابابا ادعيلى

ثم يقبل علياء ويحتضنها ويبادل صالح الاحضان مداعبا اياه وهو يقول : خليك انت كده لازق للمزة، خليك فاكرها

ليضحك صالح قائلا : اعمل ايه واختك معاد ولادتها بدأ من امبارح ولو عملتها وانا بعيد.. عمى وماما هيحتاسوا بيها

عبدالله : ربنا يقومهالك بالسلامة ياعم 

ثم يعود لاحتضان والدته وتقبيلها مرة أخرى ويتجه إلى السيارة حيث رءووف وحليمة بانتظاره وما ان أغلق الباب حتى انطلق رءووف فى طريقهم

حليمة : انا قلقانة مش عارفة ليه

رءووف : ايه اللى قالقك بالظبط

حليمة : مش عارفة، حاسة انى مش متطمنة، انا عاوزة اكلم حنين ياعبدالله 






عبدالله وهو يخرج الهاتف من جيب بنطاله : انتى هتقلقينى ليه، خدى كلميها ياستى واتطمنى وطمنينا

لتحدث حليمة شقيقته وأخذت توصيها بنفسها ثم اخذت تذكر لها بعض ذكرياتهما وهما مازالتا طفلتان وكيف كانتا تخبئان مدخراتهما باماكن سرية لم يكن يعلم عنها احد غيرهما ثم اخذت توصيها بنفسها مرة بعد مرة، ثم أعادت الهاتف لعبدالله وهى واجمة 

عبدالله : مالك يابنتى، فيكى ايه، مانتى كنتى كويسة امبارح

حليمة بجمود: مش عارفة ياعبدالله، بس انا مش محتاجة أوصيك على حنين، حنين مالهاش حد فى الدنيا غيرى، اوعى تسيبها لوحدها

وفجأة قطع حديثهم صوت طلقات نارية تتجه إليهم من كل اتجاه لتدور السيارة حول نفسها عدة مرات قبل انقلابها مع اختفاء المهاجمين تماما

……………………… 

فى المستشفى

تجرى كريمة مهرولة  وهى تحاول اللحاق بخطوات صالح وزوجها وبالخلف علياء تحاول الاستناد بيدها على الجدران وهى لا تستوعب بعد ماحدث، فقد جاءتهم مكالمة تليفونية تخبرهم بأن حادث ما وقع لهم بالطريق وان حالة الجميع خطيرة 

وما ان وصلوا إلى غرفة العمليات، لم يستطع احد منهم معرفة مجريات الأمور، حتى خرجت إليهم إحدى الممرضات 

كريمة بلهفة : طمنينا يابنتى الله يسترك

الممرضة : شدوا حيلكم ياجماعة، الحادثة شديدة 

صالح : ايوة، يعنى حالتهم ايه بالظبط

الممرضة : الحقيقة البنت ماتت الطلقة جت فى رأسها، والاتنين التانيين الدكاترة بيحاولوا معاهم بكل مجهودهم،، لكن فى واحد حالته خطيرة اوى، واخد طلقة قريبة اوى من القلب، دعواتكم






لتتهاوى كريمة على مقعدها وهى تبتهل إلى الله وسط نحيبها، وفجأة علا صراخ علياء التى فاجأها المخاض لينقلوها على الفور هى الأخرى لغرفة الولادة

وكأن المصائب تأتى تاترى فهاهى الطبيبة تخبرهم بأن الولادة متعثرة وستضطر إلى إجراء جراحة قيصرية لنجدة الام والجنين معا 

ان شاء الله خير ياكريمة، كان هذا صوت نور الدين وهو يحاول طمئنة شريكة حياته، برغم دقات قلبه التى تنبئه انه ليس خير بالمرة، فهذه الأحداث الجسام لم يمروا بمثلها قبلا

صالح وهو يكاد يصل لحد الجنون : مين بس اللى ممكن يعمل كده، وليه… احنا اكيد لينا أعداء فى السوق، بس ماتوصلش ابدا للقتل، ليه… ليه

كريمة ببكاء شديد : والمسكينة اللى جت من آخر الدنيا لقضاها، ياعينى عليها وعلى شبابها، والله حبيتها زى علياء بالظبط، كانت جميلة ياحبيبتى وروحها حلوة، ااه يابنتى، ياترى اختك هتعمل ايه لما تعرف







لتنفتح غرفة العمليات ويخرج بعض الممرضين ومعهم السرير النقال يرقد عليه رءووف وهو مضمد الصدر والرأس ويتجهوا به إلى غرفة الرعاية الفائقة مانعين الجميع عن الدخول اليه، لينتبهوا وللمرة الأولى لرجل يعرف نفسه إليهم بأنه وكيل للنيابة العامة 

وكيل النيابة وهو يحيى نور الدين: انا هشام محمود وكيل النيابة العامة

نور الدين : اهلا وسهلا

وكيل النيابة : كنت عاوز أسألك لو بتتهم حد معين او لو ليكم اعداء

نور الدين : احنا مالناش أعداء، طول عمرنا مالناش اعداء

وكيل النيابة : ايوة بس ناس ليها حجم شغلكم وتجارتكم اكيد ليهم أعداء فى السوق على الاقل

صالح بغضب : بس ماتوصلش للقتل ابدا، احنا عمرنا ما اذينا حد

وكيل النيابة ينظر بتمعن لصالح : مين حضرتك

نور الدين : ده صالح ابن اخويا وشريكنا وجوز بنتى فى نفس الوقت

وكيل النيابة : تشرفنا ، ثم ينظر لنور الدين وهو يشير إلى أحد رجال الأمن… احنا هنحط حراسة على الأوضة لغاية مانتطمن على عبدالله كمان و…….. 

ليقطع حديثهم صراخ كريمة وانهيارها التام وسقوطها أرضا وهى بين صراخ وعويل وعند وصولهم اليها يتفاجئوا بالطبيب وهو يواسيهم لوفاة عبدالله، ليسقط نور الدين جالسا أرضا






 بجوار زوجته وهو يحتضنها والدموع تغسل وجهه بينما أسند صالح ظهره إلى الحائط وهو يبكى ابن عمه كبكاء الأطفال ليجد من تربت على كتفه بمواساه وعند التفاته يجد إحدى الممرضات تحمل طفلا وليدا بين يديها وتعطيه اياه قائلة مبروك ماجالك، ربنا يجعله لكم عوض عن اللى راح

ليأخذ ابنه من بين يديها ليقبله ويبتسم من بين دموعه وهو يردد : عبدالله 

………………………… 

بعد ثلاثة ايام

يجلس الجميع بغرفة علياء بالمستشفى يظللهم الحزن مع صوت بكاء عبدالله الصغير، كان صالح يحاول إطعام زوجته الا انها دائمة الاعتراض والبكاء

علياء ببكاء : مش قادرة ياصالح، مش عاوزة

صالح : ياحبيبتى كده غلط عليكى وعلى الولد، ليه تأذى روحك وتأذيه معاكى

كريمة وهى تربت على كتف علياء : كلى واشربى اللبن ياعلياء، عشان خاطر عبدالله، ثم وهى تحاول كبت بكائها : ده ربنا عوضنا بيه عن اخوكى وطبطب على قلبى بيه 

علياء ببكاء: مش قادرة ياماما، مش قادرة






نور الدين : خلاص ياكريمة، خلاص ياصالح، سيبوها شوية، وحد فيكم يأكل عبدالله أو شوفوا حد من التمريض يتصرف

لينهض صالح حاملا عبدالله الصغير وهو يتجه للخارج 

نور الدين : استنى اما اجى معاك اتطمن على رءووف، لعل وعسى يكون فى جديد 

……………………. 

أمام غرفة رءووف بالرعاية الفائقة كان يجلس رجل الحراسة بمكانه المعتاد ولكن نور الدين تفاجئ بوجود سارة تقف أمام الغرفة وهى تستند بيدها ورأسها على الزجاج باكية منتحبة

نور الدين ببعض الهدوء : انا مش منبه عليكى ماتعتبيش باب البيت من غير اذنى





لتلتفت سارة لعمها وتقول من بين دموعها : ازاى ياعمى…. ازاى كل ده يحصل وماحدش يفكر انه حتى يبلغنى، مهما كانت غلطتى…. دول ولاد عمى، اللى اتربيت طول عمرى وسطهم، فجأة كده يضيعوا الاتنين ….. ازاى ياعمى ازاى، لتنخرط مرة أخرى فى البكاء

نور الدين بصبر وهدوء : ماحدش بيختار نصيبه ولا بيعرف أجله امتى، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، اللهم لا اعتراض

سارة ببكاء طفل ملهوف على ابويه : هو رءووف حالته ايه

نور الدين : فى غيبوبة، رغم ان الطلقة جتله فى كتفه لكن لما العربية اتقلبت انصاب فى دماغه وادينا مستنيين فرج ربنا علينا






لتمسك سارة بيد عمها مستجدية اياه ببكائها: سامحنى ياعمى، ارجوك تسامحنى، انا كنت غبية، والله ماكنت اقصد ابدا، كنت معمية، كنت لاغية عقلى، سامحنى ياعمى وخلى رءووف لما يقوم بالسلامة يسامحنى، انا ماليش غيركم ياعمى، لما رجعت بيت بابا الكام يوم اللى فاتوا اكتشفت انى من غيركم ولا حاجة

لتنخرط مرة أخرى فى البكاء

نور الدين ببعض الحنان : خلاص ياسارة، كل شئ نصيب يابنتى، روحى شوفى عبدالله الصغير موجودين فى 507 

لتومئ برأسها وهى تقبل يده و تتجه إليهم، بينما وقف نور الدين يراقب ابنه من وراء الزجاج وهو يذكر الله ويدعو له ان ينجيه ويعود إليهم من جديد وقبل ان يلتفت للعودة إليهم لمح





 اصبع ابنه السبابة يتحرك وعندما دقق النظر وجد ان رءووف يفتح عينيه ويغمضهما ببطء ليسرع إلى استدعاء الطبيب الذى هرع اليه واخذ يتابع وظائفه الحيوية وخرج اليه مطمئنا اياه بأن رءووف فى طريقه للعوده إلى الحياة وعندما طلب الدخول اليه اخبره الطبيب بأنه عاد للنوم مرة أخرى ولكنهم ينتظرون ان يفيق فى اى لحظة 





وعاد نور الدين إلى غرفة ابنته يبشرهم بتحسن رءووف وانه فى طريقه للافاقة لتصر كريمة على الجلوس أمام غرفته فى انتظار عودته للحياه من جديد

وبعد مرور مايقارب الثلاث ساعات يسمعوا  صوت الأجهزة يعلو فجأة ليجدوا الطبيب يهرع إلى داخل الغرفة وهو يتابع حالة رءووف وتفاجئوا به يتحدث معه بعض الكلمات ليربت الطبيب على كتفيه مهنئا اياه بسلامته، ويسمح لهم بالدخول اليه واحدا تلو الاخر لدقائق معدودة

……………….. 

 فى صباح اليوم التالى ينتقل رءووف إلى غرفة اخرى بعيدا عن الرعاية الفائقة، لتمتلئ الغرفة بالزوار الذين وفدوا إليهم مابين معزيين ومهننئين بسلامته، وبعد أن هدأت الأمور إلى حد ما

رءووف بحزن : هنعمل الجنازة امتى يابابا 

نور الدين : تصريح الدفن طلع يابنى، بس كنت مستنى اتطمن عليك

رءووف وهو ينظر لصالح : حد كلم مراة عبدالله 

لتضرب كريمة على صدرها باكية : ومين اللى يقدر يابنى يوصللها خبر زى ده.. جوزها واختها مرة واحدة، ياضنايا يابنتى.. ازاى هتتحمل الخبر ده وهى بطولها فى الغربة 

رءووف : صالح… عاوزك  تحجزلها تذكرة وتبلغنى بمعادها عشان ابلغها وعاوز شنطتى اللى فى دولابى فى البيت، الشنطة الزيتى ياصالح، دى اللى فيها ارقامها واسمها بالكامل عشان الحجز

نور الدين بشفقة: هتقدر تبلغها يابنى

رءووف باسى: مافيش فى ايدنا حل تانى يابابا، حنين لازم تيجى تودع جوزها واختها





لينصرف صالح لتنفيذ ما طلبه رءووف، بينما التفت رءووف إلى علياء التى يبدو عليها الإرهاق الشديد ويقول : روحى ياعلياء….. انتى محتاجة راحة وهدوء… كده غلط عليكى وعلى عبدالله الصغير

لترتمى علياء باحضانه وسط دموعها قائلة : مش هقدر افضل فى البيت من غيركم

رءووف وهو يحتويها بين ذراعيه ويقبل راسها: خلاص متزعليش انا هطلب من الدكتور يكتبلى على خروج، ونمشى كلنا مع بعض





ليدق الباب ويدخل وكيل النيابة طالبا من الجميع الأنفراد برءووف

ليخرج الجميع تاركين رءووف يقص على وكيل النيابة الأحداث بالكامل وكان حريصا على عدم ذكر مايخص بحث حليمة حتى لا يعرض باقى عائلته للخطر، واخبر وكيل النيابة انه لا يوجد لديهم اى أعداء وانه يشك بانهم ليسوا المقصودين بالهجوم من الأساس ولكنه امر الله، لينصرف وكيل النيابة دون





 أن يصل لشئ قد يجعله يمسك باى طرف من أطراف القضية، بينما كان رءووف يفكر فى حنين ويخشى عليها من الاذى فهى مابقيت لهم من أخيه وقد وعد أخيه بحمايتها، فهل سيستطيع الوفاء بوعده ام انه سيكون للقدر شأن اخر ويفشل بحمايتها كما حليمة وعبدالله...



                        الفصل الرابع من هنا 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-