CMP: AIE: رواية عندما يعشق الرجل الفصل الخامس والعشرون 25بقلم شيماء محمد
أخر الاخبار

رواية عندما يعشق الرجل الفصل الخامس والعشرون 25بقلم شيماء محمد


 رواية عندما يعشق الرجل 

الفصل الخامس والعشرون

بقلم شيماء محمد 

ظل يركضان وهو ممسك بكف يدها بإحكام خائفا من ان تفلت منه وهما يتجاوزان العديد من المارة والأشخاص الواقفون أمام أحد المحلات ....التفت وليد برأسه للخلف يحاول أن يعرف ان كانوا هؤلاء الملثمين على وشك الاقتراب منهما ام لا لكنه و أثناء تقديره للمسافة اصطدم جسده بجسد شخصا ما لكنه أعتذر له وركض مرة أخرى لكن هذا كله لم يوقف الرجل عن نعته ببعض الصفات البذيئة وهو يصرخ به ....لم يأبى لصراخ الرجل واستمر فى الركض وهو ما زال يمسك بكفها....وجد زقاق صغير فى أحد الشوارع الجانبية فركضا إليه ....حتى وصلا ....وما ان وقفا حتى بدأ كلا منهما بأخذ أنفاسه ....نظر اليها بتمعن وصدره يعلو وينخفض بسرعة ...ووجهها الذى أصبح محمرا من كثرة الركض زادها جمالا واغراء لو يقترب منها ويأخذ أنفاسها بقبلة تحرقها فضغط على شفتاه بقوة يحاول ان يبعد تلك الأفكار عن رأسه.....

فقال بهدوء ووجهه يتصبب عرقا

" هل تاذيتى "

مالت ايملى بجسدها ووضعت يديها على ركبتها وهى تفكر لولا مجيئه فى الوقت المناسب واخذها فالله وحده يعلم ما كان سيحدث لها ....أغلقت عيناها بشدة وردت بتعب وهى تهز راسها ب لا

" قدماى فقط تؤلماننى "

" هل تعرفين هؤلاء الرجال ...ما الذى كانوا يريدونه منك "سألها

" لا أعرف لم ارهم يوما ...لا أعرف ما الذى كانوا يريدونه منى ...حقا لا أعرف "

قالتها تدافع عن نفسها ومن دون ان تشعر لفة ذراعيها حول كتفيها ومقلتيها تتحركان من الخوف ....

ضغط على شفتاه باسنانه بشدة وهو يقترب منها قائلا بنبرة محتقنة

" تبا ...سيكون الأمر خطيرا ربما يحاولون اللحاق بك فيما بعد يجب ان أتصرف "

" وما الذى جعلهم يحاولون فعل هذا معى ...يجب ان نبلغ الشرطة "

ما ان حاول فتح شفتاه حتى أستمع لخطوات تقترب منهما نظر إليها فوجدها تبحلق وراءه كالصنم ...وما ان التفت برأسه حتى وجد أحد الرجال الملثمين يصوب نحو رأسه مسدس ....

" أرفع ذراعيك وإياك ان تتحرك "

قالها الرجل بتحذير وأشار برأسه لأحد الرجال الذين كانوا معه ...إلى اتجاه ايملى فاصتك وليد على اسنانه يحاول كبت غضبه. ...عندما رأى الرجل الآخر يصوب بالمسدس ناحية ايملى

" لقد اتعبتمونا ....كنت ستاتين معنا فقط دون أية مشاكل "

قالها الرجل الممسك بايملى وابتسامة واسعة تزين ثغره

" من أنتم ...وما الذى تريدونه منى " قالتها ايملى بغضب مكتوم

" ستعرفين عندما تاتين معنا أيتها الجميلة " رد الرجل وعيناه تنزل على جسدها ببط و إغراء

احتقن وجه وليد غضبا من نظرات ذلك الرجل ...ففكر فى سحب نفسه ببط من أمامه ومحاولة أخذ ذلك المسدس من بين يدى الرجل ويخلص نفسه وبذلك يستطيع تخليصها هى أيضا .....نظر إليها فبادلته النظر بعدم فهم ...فأشار بعيناه إلى الرجل ....استوعبت القليل فبدأت الحديث مع الرجلان محاولة منها لمساعدته ....وعندما نظرت إليه ووجدته يحرك رموشه دليلا على موافقته على ما تفعله تابعت

" ما الذى يجعلكما تحاولان اختطافى. ..ما الذى فعلته " سالتهما ايملى بهدوء

فأجاب أحد الرجلان وهو يقول بابتسامة فاترة " قلنا ستعلمين أيتها الجميلة ...هيا تحركى أمامى " قالها وهو يضربها على ظهرها بطرف مسدسه .....فظهر الغضب أكثر على وجه وليد قائلا بزمجرة

"أنت ...إياك أن تتعامل معها هكذا ...أفعلها مرة أخرى وحينها ساريك العرق الصعيدى ما الذى يفعله عند الغضب "

ضحك الرجل الآخر بقوة وهو يضرب وليد على ظهره

" ما الذى تتفوه به أيها الأحمق وأنت فى هذا الموقف ...هيا سر أمامى بهدوء وإلا لن تعرف حينها ما سافعله بك انا ...ثم تابع وهو ينظر للرجل الآخر الذى معه ....وأنت تعامل معها جيدا ..فالزعيم قال لا يجب ان تمس بسوء ...هل فهمت "

لوى الرجل شفتاه بضجر واؤما بقنوط ....

" إياك ان تتصرف اى تصرف أحمق أيها الابله وإلا لن ترى الجميلة ابدا " قالها الرجل محذرا وهو يضع مسدسه فى حزام بنطاله وبعد ذلك كبل وليد بيده يمنعه من الهرب وقال قرب اذناه

" إياك ...ثم إياك ..والتصرف بحماقة "

ثم تبعه الرجل الآخر وأمسك ايملى جيدا وهو يصوب المسدس بخفاء نحو جنبهاوخرجوا من الزقاق بعد ان خلع كلا منهما ذلك القناع الذى يخفى وجوههم ووضعوا بدلا منه نظارة سوداء .... بلع وليد ريقه وهو يلعن فى نفسه فهو لأول مرة لا يعرف كيف يتصرف .....ظل يراقب المسدس المصوب نحو ايملى ....التمعت عيناه وهو يرى عدد من رجال الشرطة ...ففكر وليد انه يستطيع تخليص نفسه لكن ايملى من الممكن أن يحدث لها شئ ....نظر إليها بتركيز يحاول أن يفمهما ان تفعل اى شئ ليلهلى الرجلان عنه ....ضغطت ايملى على شفتها العلى بانزعاج. ...تفهم نظراته لكنها لا تعلم ما الذى يجب ان تفعله ....

" حسنا " قالتها فى نفسها مصممة

وضعت يدها على جبهتها مدعية التعب وبدأت فى أخذ أنفاسها بطريقة ملحوظة ...فنظر إليها الرجل بتمعن هاتفا بضجر

" انتى ...كفى عن ما تقومين بفعله "

فقال وليد بسرعة وقلق

" يا الله انها مريضة ...يمكن أن تصاب بأزمة ان لم تأخذ الدواء حالا "

" ماذا " هتف بها الرجل مستنكرا

فقال وليد بقلق وتوضيح أكثر " انها مريضة وإن لم تأخذ دواءها يمكن أن تموت "

" ماذا ..دواء وأين ذلك الدواء " سأله الرجل

" انه معى انا فى جيب بنطالى " قالها وليد بسرعة

نظر إليه الرجل الممسك به والتفت إليه حتى يخرج الدواء ....فبدأ وليد بوضع يده فى جيبه الامامى فنظر إليهم بابتسامة ثم وضعها فى جيبه الخلفى .... فنظر إليه الرجل بضجر قائلا بغضب " هيا أيها الأحمق بسرعة "

" حسنا " قالها وليد وعلى وجهه تعلوه ابتسامة جانبية ....أخرج مديته من جيبه بسرعة ...ثم قام بضرب الرجل بقدمه فى بطنه على حين غرة....و بسرعة وضع مديته اتجاه الرجل وهو يقول بصوتا عالى " هيا تحرك وتوقف أمامى "

وكبل الرجل بيد على عنقه واليد الاخرى أمسك بها المدية وصوبها نحو رقبة الرجل

متحدثا مع الرجل الآخر " أتركها وإلا ساقطع رأس سيدك "

علم وليد من حديث الرجلان ان الرجل الذى كان يمسك به هو من يصدر الأوامر بمعنى انه هو الزعيم ...وإن الآخر لا يوجد من هو أغبى منه ...

"أتركها قلت لك " هتف بها وليد محذرا وهو يقرب سن مديته أكثر بالقرب من عنق الرجل وعندما شعر الرجل بأن وليد لا يمزح وبقرب أجله هتف به أمرا " أتركها أيها الأحمق "

تجمع القليل لمشاهدة ما يحدث ....

تحركت ايملى قليلا ....وما زال وليد يمسك بالرجل ...وما ان تحرك قليلا ...حتى ألقى به على الأرض ...وركضا الاثنان مرة أخرى ....رأى وليد ان الرجلان ما يزالا يتتبعهما ويركضان خلفهما

فتوقف وهو يقول لايملى " اذهبى انتى إلى اى قسم للشرطة وابلغيهم ..وأنا سأحاول منعهم والتصدى لهم قليلا "

" ماذا ..لا لا لن اتركك " قالتها بارتجافة وخوف

" لا تخافى ...اذهبى ...هيا ...ارجوكى " هتف بها وهو يرى أن الرجلان يقتربان منهما ....ركضت كما طلب .... وبعد ركضها لدقائق وجدت مركزا للشرطة ...دلفت إليه وهى تستنجد بمن يقابلها بهستيرية ...جلست بعد ان حاولت تهدئة نفسها ...كما ان من فى القسم بداو فى فهم ما تقصده ...وسرعان ما خرجوا وهى معهم إلى حيث المجرمين ....ما ان وصلوا حتى ترجت من السيارة ...شهقت بقوة وادمعت عيناها وهى تراه غارقا بدماءه والرجلان يمسكان به ...ما ان رأى الرجلان رجال الشرطة حتى حاولا الهرب لكنهما فشلا ... وبداوء الاشتباك مع الشرطة وانتهى الأمر بهما مكبلان بالاساور الحديدية .... جثت نحوه وهى تبكى بحرقة عندما رأته هكذا ...لقد ضحى بنفسه من أجلها ...لقد مات .....

"وليييييييييييييييد " صرخت بها ايملى وهى تبكى بحرقة ومررة وألم عليه .....وتضمه نحو صدرها ....


 


استيقظت وهى تشعر بذراعيه العاريان وهما يحاوطان خصرها مقربا إياها نحوه بتملك حتى شعرت ببشرة صدره العارى خلف ظهرها ....مررت لسانها على شفتاها محاولة منها لترطيب شفتاها من هذا الوضع المخجل ....حاولت إبعاد ذراعه عنها لكنها فشلت .....هل توجد اى وسيلة مهذبة يمكنها بها انتزاع نفسها منه ؟سألت ريم نفسها باحراج. ....لكن كيف تستطيع التملص منه من دون ان يشعر بها ويستيقظ....أغمضت عيناها بقوة وهى تحارب رغبة قوية بداخلها تدعوها للبكاء. ...ما كان يجب ان تستسلم لكلماته ولا لهمساته ولمساته لها التى تشعر بأنها مغيبة ما ان ينظر اليها او يقترب منها تشعر بأنها فى عالم آخر. ...عالم بعيد عن ظنونها وخوفها الذى يؤرق نومها .....لكن ماذا تفعل هى ...هل تترك نفسها لتقع بحبه ....ام انه لم يحن الوقت بعد ....يجب أن يثبت لها ولو على الأقل انه سيتمسك بها مهما كان الثمن وأنه لن يتركها مثلما تركها من هم قبله ....والديها تركاها الن يفعل هو هذا ....يا الله ياليتها تظل نائمة طيلة عمرها ولا تترك لعقلها العنان للتفكير .... بعد عناء استطاعت إبعاد ذراعه عنها وجلست على طرف السرير وهى تغطى جزء من جسدها العارى بملاءة السرير وسحبت قميصها الأسود من جانب السرير الذى سقط عن جسدها ليلة أمس ....ارتدته وتوجهت نحو الخزانة أخرجت ملابسا لها وما كادت تغلق الخزانة حتى فتحتها مرة أخرى و سحبت من بين ملابسها علبة الدواء و وضعتها بين الملابس وتحركت ببط وحذر نحو الحمام ....أخذت حماما ساخنا ارتدت ملابسها .... مدت يدها وحملت تلك الأقراص ...أمسكت واحدة بين اصبعيها وما كادت تقربها نحو فمها حتى سمعت صوته من الخارج

" ريم هل انتى فى الداخل ؟!" سألها مالك وهو يدق دقات خفيفة على الباب

" نعم ...نعم " قالتها بارتباك

ثم سمعت صوت اقدامه مبتعدة عن الباب ....أخرجت نفسا مطولا وهى تضغط على حافة الحوض العالى .....نظرت إلى العلبة التى بين يديها مرة أخرى ....وهى تتساءل فى نفسها ...هل حقا تريد هذا ...هل حقا ستحرم نفسها مما تمنته طويلا فقط من أجل بعض الخوف الذى يدور فى رأسها ....مررت يديها على وجهها بقوة ....وهى تفكر انها بحاجة للحديث بحاجة ان تتحدث مع أحد .... وضعت القرص فى العلبة ثم اغلقتها .....بعد ان حسمت أمرها انها لن تفعل هذا ستترك كل الأمور بيد الله ....وضعت العلبة بين محتوياتها الشخصية الموجودة فى الحمام فى تلك الخزانة الصغيرة ....بعيدا عن اى شى يخص مالك ....

خرجت من الحمام وجدته نائما على السرير وواضعا ذراعيه خلف رأسه مستندا عليهما ....لا يرتدى شيئا غير بنطال قصير ....

"هل نمتى جيدا " قالها مالك وهو ينظر اليها بهيام بشعرها الأحمر وعيناها المتلالة ...

" نعم جيد ...وانت "

هل يخبرها انه لم يستطع أن يغمض له جفن وهى بين يديه بعد استجابتها له و تلك المشاعر المتاججة التى كادت أن تحرقهما معا ....هل يخبرها أنه فى كل مرة كان يفكر فى ان ييقظها بقبلاته حتى يجعلها تسهر معه ليله ....لكنه فى كل مرة كان يمنع نفسه فهو يعلم جيدا انها قد تعبت فى الآونة الأخيرة غير انه أيضا يعلم انها لم تسلم من لسان والدته يعلم أن والدته امرأة شديدة صارمة ...لكن ماذا يفعل لا يستطيع الوقوف أمامها او ان يخبرها بميله الشديد نحو ريم واهتمامه بها لأن ذلك سيجعلها تعتقد أن ريم تاخذه منها وتزداد غيرة نحوها خاصة وانه ابنها الوحيد و حينها ستكون معاملتها لها أكثر سوء ...لذلك هو فضل عدم التدخل ...وهو على يقين بأن ريم تستطيع أن تأخذ حقها سواء بالكلام او بالتجاهل....

أبتسم لها باغراء وهو يبتعد عن السرير واضعا يديه فى جيب بنطاله ...مقتربا منها بخطوات بطيئة مترنحة ....حتى وقف أمامها ...وجدها تخفض رأسها محاولة ألا تنظر لصدره العارى ... مال برأسه وطبع قبلة على ارنبة أنفها ثم رفع رأسها إليه باصابعه وطبع قبلة قرب فمها وما كاد يلتقط شفتاها ....حتى وجدها تقول له برجاء وقد ازداد وجهها الأبيض احمرارا

" أرجوك ..أن هذا يسبب لى مزيد من الإحراج "

" إحراج " تشدق وجهه بتعجب

ثم تابع وهو يلف ذراعيه حول خصرها مقربا إياها إليه قائلا " لماذا ...لماذا ريم تشعرين بالاحراج الستى زوجتى ...هل فى كل مرة تبتعدين فيها عن احضانى ستكونين بهذا الوجه ...أريد ان أبعد عنك حمرة الخجل تلك ...أريدك ان تشعرى بى وإن تحترقى مثلما احترق ما ان اقترب منك ...أريدك ان تفكرى بى وقبل كل هذا ان تحبينى " نطقها بانفاس ملتهبة جعلتها تشعر بسخونة أنفاسه قرب صفحة وجهها ...

" مهما طالت مدة بقاءك بين ذراعى سأظل دائما أشعر بالشوق إليك ....ثم تابع وهو يبتسم لها ...أفكر فى ان نذهب إلى رحلة شهر عسل قريبا "

" لا لا أستطيع " قالتها بسرعة وغضب

" لماذا " سألها وهو يرفع أحد حاجبيه بحزم

بلعت ريقها وهى تلعن لسانها على نطقه وقالت بهدوء " لأننى أخذت مدة اجازتى ولن أستطيع أن أخذ مدة أخرى إلا بعد فترة طويلة بعض الشئ "

" حسنا " ثم تابع وهو يلتقط شفتيها بشفتاه ....وهو يمرر يده على شعرها مرورا إلى ظهرها وما ان وصل إلى ...حتى اتسعت عيناها وضربته بخفة على كتفه وابعدته عنها ...وهى تقول بانفاس متسارعة وتمسح على شفتاها ..." وقح " قالتها وخرجت من الغرفة بخطى سريعة ....ضحك من تصرفها وقال من بين أسنانه ..." انا لست راهبا....كيف أمنع يدى عن لمسك و واضعهما جانبا ...صدقينى قطتى لم أتعلم الوقاحة إلا على يديك "


دلفت إلى المطبخ و تفاجأت بوجود الخدم يعدون الطعام ...ابتسمتم لهم وهى تقول بسعادة " صباح الخير "

ردوا عليها التحية ثم اقتربت منهم لتساعدهم. ..حاولت إحدى الخادمات منعها ولكنها أصرت ....فهى ستقوم بأعداد الفطور ثم بعد ذلك ستذهب إلى عملها ..... انضمت إلى الجمع بعد ان أعدت الفطور على طاولة السفرة وتناولوا الطعام فى هدوء تام ...تناولت طعامها ثم تحركت متوجهة نحو غرفتها ....بدلت ملابسها ولفت حجابها وتناولت حقيبتها ...وما كادت تخرج من الغرفة حتى اصطدمت بجسد مالك الذى سألها " إلى أين ؟!"

" الى المشفى " اجابته

ضيق عيناه قائلا بهدوء منافى تماما للعاصفة المتاججة فى صدره " انتظرى ساغير ملابسى وسأقوم بايصالك " قالها ثم دلف إلى الغرفة

فضلت الصمت بعد ان رأت ملامح وجهه التى لا تعبر إلا عن غضبه فهى لا تريد اى جدال معه فى هذا الصباح.....بدل ملابسه ونزلا درجات السلم سويا ....أمسك بيديها وعندما حاولت انتزاعهما من قبضته فشلت ....فاستكانت حتى وصلا إلى السيارة صعداها. ....وانطلقا بها ....الطريق من المنزل إلى المشفى يأخذ وقتا لذا فضلت استغلاله والاتصال ب أروى فهى تحتاج إلى الحديث معها وكذلك تحتاج إلى الاطمئنان على نور فهى لم تتصل بها منذ أكثر من خمسة ايام لا تعرف عنها شيئا....

أمسكت هاتفها وضغطت على زر الاتصال ....تحدثت معها بعد ان حيا كل منهما الأخرى ...و تفاجات ريم عندما علمت بوجود اروى فى المشفى وأنها كانت على وشك فقد جنينها ....واخبرتها بأنها ستاتى إلى منزلها اليوم ما ان تنتهى من عملها عندما علمت انه سيسمح لها بالخروج اليوم من المشفى ... تنهدت بقوة وعلامات الضيق ترتسم على وجهها .... كان يراقبها مالك بين اللحظة والأخرى وما كاد يتكلم معها ...حتى وجدها تضع الهاتف على اذنيها ....فصمت حتى تنتهى من اتصالها الثانى ...لكن ما من مجيب ...زفرت بغضب وهى تحاول الاتصال بالسيدة هيام مرة واثنان لكن لا يوجد رد ....وصلا أمام بوابة المشفى ....ترجلت من السيارة بهدوء وصمت تام ... راقب خروجها من السيارة هو الآخر بصمت وما أن ابتعدت عن السيارة قليلا حتى وجدته ينطلق بسيارته بسرعة ...زمت شفتاها بملل ..وبعدها تنهدت بقوة ... "تصرفاته لا تدل إلا على طفل صغير مدلل ...ويبدو إننى ساعانى فى التعامل معه "...قالتها ريم فى نفسها بتافف ودلفت إلى المشفى


 


جلست على طرف السرير و انزلت قدميها على الأرضية فارتجفت ما ان شعرت ببرودتها.... بحثت عن حذاءها والدوار يجتاحها و أعينها غائمة .....

" ما زلت أشعر بالتعب " قالتها اروى فى نفسها وهى تضع أطراف أصابعها على جبهتها .... جلست والدتها بجوارها تساعدها فى ارتداء سترة صوفية على فستانها حتى يحميها من البرد ....قربت الحذاء من قدميها وساعدتها فى ارتداءه أيضا

" أرى انك ما زلتى مريضة ...أروى ما رأيك ان تأتى معى ...لكى أهتم بك صغيرتى " قالتها فريدة بهدوء وهى تراقب وجه ابنتها الشاحب

" لماذا لا تاتين انتى معى "عرضت عليها اروى

" وماذا عن والدك واخاك ....لا أستطيع تركهما....ولا أعتقد انك ستقومين بفعل اى شئ لمدة طويلة ...لذلك ان اتيتى معى ساهتم انا بك جيدا ..حتى تمرى من هذه المرحلة وتصبحين انتى والجنين بخير " قالتها والدتها بحزن وقلق عليها

" انتى قلتى لن أفعل شئ إذا لا تقلقى. ..ثم تابعت وهى تحاول عدم اغضاب والدتها وهى ترى حزنها وقلقها عليها واضح وقالت وهى تزم شفتاها بدلال

" انتى لا تريدين ترك زوجك ...وتطلبين منى ترك زوجى حتى يقول ان زوجته ما زالت طفلة و تريد الذهاب إلى والدتها ...آسفة سيدة فريدة انا أيضا لا أستطيع ترك زوجى " هتفت بكلماتها الأخيرة وهى تعقد ذراعيها أمامها بطفولية

ضحكت والدتها بشدة وقالت مقترحة وهى تبتسم

" ما رأيك ان ياتى سيف معنا أيضا "

" ماذا ...لا أعتقد انه سيوافق"

" ولماذا لن يوافق "

" أمى ...ألا تعرفين طبيعة ابن أخيك ..حتى الآن "

نظرت إليها فريدة بتفحص ....هناك شعور بداخلها ان ابنتها ليست بخير و أن هناك شئ بينها وبين سيف ....هناك شئ متوتر بينهما ... كما ان ابنتها أصبحت أكثر شرودا عن ذى قبل

"أروى "

اجفلت اروى عندما سمعت صوت والدتها و رفعت رأسها إليها متسائلة

" هل هناك شئ بينكما..انتى وسيف " سألتها والدتها

فهزت رأسها نفيا وهى موكدة ب لا

" متأكدة "

" نعم " ردت اروى وهى تنظر إلى والدتها محاولة رسم ابتسامة على ثغرها

" حسنا يا أروى لن اضغط عليك ..ولكن اعلمى إننى موجودة " قالتها فريدة بابتسامة متشككة لابنتها

راقبت دخول سيف إلى الغرفة صامتا أخذ الحقيبة

وهو يقول ببرود " هيا "

أغلقت عيناها بشدة تمنع سقوط دموعها ....منذ اليوم الأول لدخولها إلى المشفى وهو لم يتحدث معها ...منذ ان ضمها إليه وهو لم يتحدث معها وكأنه يعاقبها لفعلتها....تعلم انها أخطأت لكن صمته و ابتعاده عنها لهذه الدرجة يجعلها تشعر بالتعب اكثر واكثر ...انها حقا تحتاج إليه ...حتى تستطيع الخروج من مما هى به وطفلها بخير ... لقد كانت شعورها بأنها ستفقد طفلها فى ذلك اليوم كاد أن يحطمها إلى أشلاء ....انها تحتاجه تحتاج ان يربت على يدها وشعرها تحتاج ان يضمها إليه ويخبرها انه هنا معها ......

" هل أحضر كرسيا متحركا صغيرتى " سألتها والدتها " لا ...لا أحتاجه ...انا بخير " هتفت بهدوء

اشتد بقبضته على يد الحقيبة قائلا بصوت خافت " عنيدة "

ثم خرج من الغرفة تتبعانه.....

نظر إليها بطرف عيناه ...ما زال وجهها شاحبا ...ما زالت متعبة ... يعلم انها تحاول رسم القوة على وجهها ...عقد حاجبيه بقوة وهو يراها تترنح قليلا رغم إمساك والدتها و اسنادها لها ....زفر بقوة وغضب واقترب منهما

"أروى هل انتى بخير " سألتها والدتها بقلق

" نع...." وما كادت تنطق حتى وجدت نفسها مرفوعة بين يديه ....و قبل أن تطلق كلمة اعتراض

قال مزمجرا " اخرسى....أيتها العنيدة "

" واو أيها الفارس ...رائع. .رائع...انا لم اخطى عندما زوجتك ابنتى " ظلت ترددها فريدة بسعادة وهى تنظر إلى سيف بانبهار وكأنه فارس همام .... و أروى تزداد حمرة وجهها وهى ترى كل من فى المشفى يراقبهما ...منهم بحسد. ..ومنهم بانبهار لا يقل عن انبهار والدتها ...التى تمشى معهم وهى تكاد تصل إلى السماء من سعادتها .....

فتح السائق باب السيارة لها ما ان راى سيف ....وما ان راى سيده يحمل زوجته حتى فرغ فاها فهذه اول مرة يرى سيده هكذا .... وضعها داخل السيارة بهدوء و رفق فى المقعد الخلفى ...وجلست والدتها بجوارها...والسائق ما زال واقفا وهو يبحلق فى سيف ...فرمقه سيف بقوة فتنحنح الرجل وصعد الى مكانه ...وركب هو فى المقعد الامامى بجانب السائق ....انطلق السائق بسيارته نحو المنزل .....وصلوا إلى المنزل وما ان فتح الباب حتى وجدت نفسها بين ذراعيه مرة أخرى ...اخفضت جفنيها والتوتر والخجل يجتاحناها .... ظهرت شبه ابتسامة على وجهه ..وبتعمد قربها إليه أكثر مجبرا إياها على وضع رأسها فوق صدره ....و بتلقائية طوقت ذراعيه حول رقبته ....وما ان دلفا إلى الغرفة حتى طبع قبلة على شفتاها ...

فشهقت بقوة وهى تنظر خلفها قائلة بهلع

" والدتى "

ضحك بقوة لدرجة ان راسه رجعت للخلف" هل هذا كل ما يهمك. ..ثم قال وهو يغمز لها ....هل تعلمين ما هو أجمل شئ بعمتى"

نظرت إليه ببلاهة. ...فابتسم وقال وهو يقترب من شفتاها وهو ما زال يحملها بين يديه " انها تحبنى. ...لذا هى تفهمنى جيدا ...جدا ...جدا "

قالها و التقط شفتاها بشفتاه وهو يدور بها فى الغرفة ومشاعرهما تجعلهما كالمغيبين ...لم يبتعد عنها إلا عندما وجد أصوات أنفاسها تخرج مضطربة ....نظر إلى وجهها و جده محمر ...." هل انتى بخير ....آسف ما كان يجب ان ....انتى متعبة "

قالها وابتعد عنها ....وضعها على السرير برفق

ارجعت شعرها للخلف ... وهى تنظر نحو موضع يديها ....عندما وجدها صامتة ....

" يجب ان أبدل ملابسى ...وأذهب إلى الشركة " قالها وتوجه نحو الحمام ....خرج وهو يرتدى بذلة عملية زرقاء ....ووجد عمته تجلس بجوار أروى على السرير وصنية الطعام أمامها ....

" حسنا ...سأذهب انا وقبل أن تذهبى عمتى اتصلى بى لكى أتى " قالها وهو يرتدى سترة بذلته أمام المرآة التى فى الغرفة ...

اؤمات عمته ب نعم ...وقالت بارتباك " ما رأيك ان. ..

فضغطت اروى على يدها بشدة وهى تنظر إليها تمنعها من إكمال كلامها ....فصمتت والدتها مجبرة ...

فنظر إليهما سيف باهتمام " ماذا ...هل تريدان شئ"

" لا ..لا شئ " هتفت بها اروى بسرعة

"حسنا إلى اللقاء زوجتى العزيزة " قالها وهو يخرج من الغرفة غامزا لها ومرسلا لها قبلة فى الهواء ...تنحنحت من جرأته ومن حسن حظها والدتها لم تنتبه لما فعله او ربما حاولت إظهار عدم انتباهها لهما ....

" حقا لم تعد تفهم هذا الرجل ...هل هو يحبها ام يكرهها ام يعقبها ام ماذا ...لم تعد تفهم " ظلت تبرتم بها اروى بصوتا خافت ووجهها يكسوه الغضب ولكنها سرعان ما بدأ غضبها يختفى وهى تتذكر قبلته له ...فتنهدت بقوة وهى تقول بانزعاج

" تبا انه وسيم بهذه البذلة "

" أروى هل جننتى " سألتها والدتها بابتسامة وهى تراقب تعابير وجهها المتغيرة

" نعم أظن إننى ساجن قريبا بسبب هذا الرجل " قالتها بصوتا خافت ...


 


ترجلت دينا من سيارتها تبحث عن العنوان والمبنى المقصود ....لم ترى شيئا فاغلقت سيارتها فى موقف للسيارات وفضلت المشى حتى تستطيع البحث جيدا والوصول أسرع ....فبسيارتها لن تستطيع البحث ....ابتعدت عن سيارتها ووضعت نظارتها السوداء فوق عيناها ...وبدأت فى المشى على رصيف جانبى تصتطف عليه عدد من المحلات الكبيرة للأزياء وأخرى لأدوات الزينة ....توقفت فجأة عندما جذبها أحد فساتين الزفاف خلف زجاج المحل ....نظرت إليه بانبهار وهى تضع أصابع يدها على فمها التمعت عيناها سعادة ....كان الفستان انيقا وبسيطا فى نفس الوقت مثل اى فستان للزفاف ....ضيق من فوق حتى الخصر ومن الخصر حتى النهاية واسع كفساتين الأميرات ....لا يختلف عن اى فستان زفاف آخر لكنه كان له ذيل طويل من الخلف رغم انه كان طويلا ويوجد به تطريزات على حافة الفستان من أسفل ...ومن عند الصدر مطعم بحبات الياقوت بطريقة مبهرة ....وقفت مشدوهة ولم يخرجها من تاملها إلا صوت الباءعة تنظر إليها بابتسامة قائلة برسمية ولباقة "هل تبحثين عن شئ خاص سيدتى ...يمكنك الدخول واختيار وتجربة أكثر من فستان "

هزت دينا رأسها نفيا بسرعة وقالت بارتباك خفيف " لا ...لا شكرا لقد جذبنى شكله فقط" قالتها و ركضت مسرعة ...وهى تفكر انها وضعت نفسها فى موقف محرج ...وما كان يجب عليها ان تقف و تشاهد ...فهى لن ترتدى مثل هذا الثوب يوما ....قاطع تفكيرها صوت رنين الهاتف ...ضغطت على زر الإجابة واتاها الصوت الرقيق قائلا

" أين انتى ...هل ضللتى الطريق "

" لا ...ولكنى لم أصل إلى المكان الذى وصفتيه لى بعد "

أغلقت معها الهاتف ....وهى تفكر ان السيدة نوال ...سيدة عطوفة ...احبتها وكأنها والدتها ....

وصلت إلى المبنى المطلوب ...وصعدت درجات السلم حتى وصلت الى الشقة ...فوجدت السيدة نوال تنتظرها أمامها وهى تقترب منها قائلة بفرح " ها قد اتيتى ...تعالى لاريك المكان "

دلفت إلى الشقة وانبهرت من اتساعها الكبير ...

" ما رأيك " سألتها السيدة نوال بابتسامة

"جميلة من أين حصلتى عليها " سألتها مستغربة

" لقد كانت مكتبا لأحد المحاميين ولكنه انتقل وكان من حسن حظنا أننا استطعنا شرائها ....لذلك علينا أن نعدها بشكل متقن وجميل حتى نستطيع افتتاح المعرض بسرعة "

" لكن .." تشدقت بهدوء

" لا يوجد لكن ...هيا تعالى معى لاريكى باقى أرجاء الشقة " قالتها نوال وهى تضع يديها على كتفى دينا تدفعها ببط بطريقة محمسة. ...فاتسعت ابتسامة دينا وسارت معها بقلة حيلة ....


 


دلفت بثقة وغرور يتتبعانها وهالة مثيرة وهى ترتدى بنطال من الجينز وقميص وردى من الحرير مفتوح عند الصدر مظهرا مفاتنها ....جميلة ومثيرة وفوق هذا ذكية ...ذكاءها هذا هو الذى جعلها تستطيع الوصول إلى تلك المكانة وتلك الطبقة الاجتماعية بعدما كانت مجرد امرأة تكافح فقط من أجل لقمة العيش من محاسبة صغيرة كانت تعمل فى أحد مكاتب المحاسبة ما ان أنهت تعليمها المتوسط و دبلوم التجارة ... ومن هذا المكتب استطاعت أن تجعل صاحب العمل يقع فى غرامها وتمنيه بالكثير والكثير حتى تزوجها ... كان الرجل أكبر من ان يحتمل جمال و إغراء إمرأة أقل ما يقال عليها كتلة من الأنوثة تتحرك على الأرض فمات بعد ان تذوق القليل من عسلها....لم تكن ترحم الرجل استطاعت فى كل ليلة جعله يعطيها أكثر مما تريده ...حتى استطاعت فى ليلة ما جعله يكتب لها نصف مكتبه الصغير وجعلها شريكة له به ....ومبلغ من المال أودعه لها فى حسابها ...بعد ان ملأت رأسه انها مجرد امرأة منكسرة الجناح ولا يوجد لها سند ....و ان ما يقوم به الآن سيجعلها تعيش بعد ذلك فى أمان بعيد عن اى طامع بجمالها ....وفعلا مات الرجل ....ولأن أولاده لم يكونوا يريدون اى فضائح ...بالاضافة إلى عدم حاجتهم إلى مكتب والدهم الصغير تركوا لها المكتب .....ومن يومها بدأت عملها وأصبحت لها علاقات وروابط مع شركات كبيرة ....وهنا قابلها سيف ....فى البداية أكثر ما جذبه بها هو جمالها وإظهارها لمدى حبها لعملها والاهتمام والعناية به ....أظهرت كم هى إمرأة تستطيع الاعتماد عليها ومع مرور الأيام أصبحا صديقين ....و كاد أن يقع فى علاقة معها لولا انه علم فى الوقت المناسب علاقتها مع احد رجال الأعمال تزوجته وسافرت معه .... ومن يومها خرجت علا من حياة سيف نهائيا ....


جلست قبالته وعيناها تنظر إليه بثقة وابتسامة واسعة تزين ثغرها ....رمقها ببرود وهو يضع إحدى يديه على مكتبه ويستند بظهره على ظهر الكرسى بشموخ وكأنه ملك يتربع على عرش مملكته ....لمعت عيناها بانجذاب مهما يفعل بها سيظل هو فارس أحلامها الرجل الوحيد الذى قال لها" لا " عندما قدمت له حبها ونفسها له من دون مقابل ...الرجل الوحيد الذى تعلم انها عندما ستكون بين يديه وفى احضانه فهى ستكون فى أكثر الأماكن أمانا و دفءا....لكنه رفضها ...نعم رفضها بكل تفاخر وجبروت ....ظلا الاثنان يتبادلان النظرات لدقيقة ....

" كيف حالك " قالتها بصوت ناعم وهى تقطع ذلك الصمت بينهما

حدق بها بقوة وهو يرفع إحدى حاجبيه بتهكم .... أطلقت ضحكة رنانة ما ان رأت نظراته وسألت بصوت متهدج وابتسامتها المعتادة تزين ثغرها المغطى بطبقة من احمر الشفاه باللون الوردى ...

" هل يمكن ان أعلم سبب تلك النظرة " سألته بدلال

" لا أعتقد انك اتيتى لتسالى عن حالى " قالها بصوت اجش ....جعلتها تتوقف عن الابتسام ....

بلعت ريقها رغم أنها تعلم سبب نظراته وتحديقه بها إلا أنها شعرت ببعض الارتباك وربما الكثير وهى تجلس هكذا قبالته ....

ظلت لثوانى صامتة حتى قالت بهدوء وهى تنقر باصابعها على سطح المكتب تنظر إلى حيث أصابعها..

" سمعت ان جدك سافر ....رفعت عيناها إليه ثم تابعت وشبه ابتسامة على فمها ....وأيضا ولى مساعده أمور الشركة الكبيرة ....فنظر إليها نظرة باردة و كأنه يخبرها أن تتابع حتى تكشف عن مقصدها فهو لم يكن يوما محبا ل اللف ولا الدوران .....

أدارت رأسها إلى أحد جوانب الغرفة وتابعت و هى تحاول الابتعاد عن نظراته فلطالما اخافتها تلك النظرات و تسرى فى جسدها قشعريرة غريبة ما ان ينظر اليها ....."ألم يكن جدك خائفا من ان يتمرد عليه أحد الشركاء ...كيف يذهب هكذا من دون ان يخبر أحد او حتى يخبرك ...لم أعرف عن سليمان الحسينى الإهمال يوما " قالتها باهتمام وهى ترفع اكتافها ظهرت ابتسامة تهكمية على وجهه ثم قال بهدوء

" هكذا هو جدى يفعل ما هو غير متوقع ....ثم تابع وهو ينظر اليها باعين ثاقبة " لكن لا اعتقد انك اتيت من اجل هذا ...اخبرينى ما لديك "

" يا الله لماذا دائما تأخذ عنى سوء الظن هذا ...تعلم أننا أصدقاء حتى وإن لم نعد كما كنا ...لكننا سنظل أصدقاء ...كلا منا يهتم بالآخر ...وأنا أردت فقط ان احذرك "

صمتت وهى تراقب صوت ضحكاته يعلو ....قهقه بصوت عالى حتى كادت أنفاسه تقطع ....وقال و هو ما زال يضحك بتهكم " حقا "

بلعت ريقها وقال بتلقائية تحاول أن تخفى ارتباكها

"بالطبع "

توقف عن الضحك ....ثم قال بهدوء

"حسنا ...شكرا على التحذير "

ابتعدت عن كرسيها واتجهت نحوه ومالت بجسدها نحوه وهى تقول باغراء

" لا داعى للشكر حبى ..فلطالما ستجدنى بجوارك احذرك ...وبجانبك دائما "

نظر إليها بوجه خالى من التعبير وهو يمرر عيناه على جسدها يعلم انها تحاول اغراءه لكن كما يقولون أصبح القلب والعقل مشغولان ومهما فعلت لن تحرك به شعرة من رأسه ....ابتعدت عنه وهى تلاحظ نظراته ...فعقدت ذراعيها أمامها وهى تقول بحزن كاذب واعين دامعة وهى تضع يدها على قلبها

" حقا ...حقا لقد حزنت لما حدث ...ليس من أجل أحد بل من أجلك فقط ...لقد تألم قلبى لحزنك والمك. ...لقد كنت أصرخ لاتى إليك واضمك"

ضحك بتهكم ثم قال بقلة صبر وتحذير

" علا ...قولى ما عندك بسرعة ما الذى تقصيدينه بكلامك هذا "

اهتز داخلها من نبرته تلك لكنها حافظت على رباطة جاشها وهى تقول بنفس النبرة ونفس الحزن

" جدك و سفره ...ثم نظرت إليه بنصف عين وهى تتابع ...و زوجتك وطفلك ...لقد حزنت حقا عندما علمت بما حدث وانك كدت تفقد الطفل ....حقا لقد حزنت ...ليس من أجل أحد ...ولكن من أجلك أنت فقط ....فأنا أعلم كم انت تنتظر هذا الطفل وفى شوق كبير لضمه. ...فهو من سيجعلك تصل إلى أسهم الشركة الكبيرة " نطقت كلماتها الأخيرة بخبث و ابتسامتها تظهر لكنها سرعان ما حاولت اخفاءها ورسمت تعبير الحزن على وجهها

اشتد على قبضة يديه و أخذ نفسا عميقا ثم زفره بقوة يحاول عدم الانقضاض عليها وخنقها بيديه هاتان ....وعيناه اشتعلت غضبا وظهر على وجهه تعابير الضيق والعبوس. ...

وقال وهو يصتك على اسنانه " شكرا على اهتمامك...لكن كما قولتى زوجتى وطفلى بأفضل حال ولن يمسهما سوء طالما انا على قيد الحياة ....يمكنك الخروج الآن ...انتهت المقابلة "

كلماته كانت كدلو الماء الذى سقط فوق رأسها ...انه يخرجها من مكتبه بطريقة لبقة ...

لم يجد منها ردة فعل وهى متسمرة فى مكانها ...فاعاد كلماته مرة أخرى بحدة " قلت يمكنك الخروج "

بلعت ريقها ...وبخطى بطيئة اقتربت منه وأخذت حقيبتها وخرجت من الغرفة وهى تقسم انها ستقوم بهد المعبد على رأسه ...و هى من فكرت ان تتراجع عن خططها ....لكن لا وألف لا ......ستجعله ياتى إليها شاء او أبى


ما ان خرجت من الغرفة حتى أمسك بقبضة شديدة أول ما قابلته يده على المكتب والقاها بغضب وهو يصرخ بالسكرتيرة ان تتصل ب ماجد ...ويأتى إليه فورا ....ضرب بيد فولاذية على المكتب وهو يصرخ بهياج ....أتى ماجد مسرعا و دلف إلى الغرفة ينظر بتمعن إلى سيف وإلى حالته تلك .....

وجد الغرفة فى فوضى شديدة وكل ما قابلته يد سيف تم كسره

هتف بغضب و عيناه تكاد تخرجان من مكانهما من حدة غضبه " كيف علمت علا بسفر جدى ...وما حدث لزوجتى. ..يا ماجد ...هل تنام فى العسل ...وتلك الأفعى تلتف بجسدها حولى انا و زوجتى ...أين ما أخبرتك أن تفعله ....أين .."

بلع ماجد ريقه بتوتر واقترب من سيف يحاول تهدءته

" لا أعلم كيف علمت كل هذا ....لكن لا تقلق انا اضعها تحت عينى ....اليومان فقط ما غبت أنت بهما انا فقط ربما نسيت الاهتمام بما يدور حولها "

جز على اسنانه و صدره يعلو ويهبط من شدة انفعاله وقال بحدة " لا يوجد شئ اسمه قد نسيت هل فهمت ...أريد أن أعلم كل تحركاتها "

" حسنا لا تقلق ....لكن كيف علمت بما حدث لزوجتك ...جدك وانتشر أمر سفره ...لكن ما حدث لزوجتك ..."

قاطعة بحدة " لا أعلم .... لقد حرصت ألا يعلم أحد وأنا لم أخبرك غير اليوم بما حدث كيف علمت ما حدث ...تبا لتلك الافعى ...أقسم أن مست زوجتى سيكون حينها وقت دمارها وموتها " هتف بكلماته وهو يضرب بيديه على سطح مكتبه بقوة ....

اجفل عندما دخل أسامة غاضبا وهو يهتف بنبرة حادة

" أين هى دينا "

" تبا هل هذا وقتك " هتف بها سيف فى نفسه فأكثر ما هو ليس بحاجة إليه الآن هو أسامة وبحثه عن دينا وكأنه هو من يخفيها عنه ...فنظر إليه بنصف عين ...شعر ماجد بحدة الموضوع ...وأن سيف فى غنى عن مجى أسامة فى هذا الوقت بالذات لذا قال بهدوء وهو يحاول سحبه خلفه بهدوء وإخراجه من الغرفة

" تعالى معى سأخبرك انا "


وما ان خرجا حتى تهاوى بجسده على كرسى مكتبه وهو يلعن بخفوت ..


 


وقفت كعادتها أمام النافذة الزجاجية لغرفة حضانة الأطفال بمعطفها الأبيض ....تراقب الزائرين الجدد لهذه الغرفة ...فكل مرة ياتى عدد من الأطفال يبقون قصيرا وبعضهم طويلا وبعد ذلك ياتى غيرهم بعد ان يرحلوا مع والديهما ....

ابتسمت لهم وكأنها طفلة صغيرة وهى ترسل القبلات الهوائية لكلا منهم .....راقبت دخول إحدى الآباء وهما يحملان طفلهما بحب وشوق وكلا منهما يقبلانه بحرارة .....

ابتسمت ريم والتمعت عيناها بالدموع وهى تراقب ذلك المشهد المؤثر ....ومن دون ان تشعر وجدت نفسها تبتسم وهى تتخيل نفسها تحمل طفلها بين يديها وبجوارها مالك يحتضنها هى وطفلها ويقبلها. ...لكنها سرعان ما نفضت تلك الأفكار عن رأسها ....

"هل حقا سياتى يوما وتحمل بين يديها قطعة منهما ....ام أن السعادة لن تدق بابها يوما "

اجفلت عندما سمعت صوت ماهر يقول ببرود

" بالطبع السيدة ريم تأخذ اجازة كما تشاء وتجلس فى المشفى الوقت الذى تريده ...وتقف وهى تراقب للأطفال ...وكأن المشفى كانت باسم والدها "

تنهدت بضعف ونظرت إليه وهى تبتسم ببرود وهى ترفع إحدى حاجبيها بتكبر وعنفوان

" ما الذى تريده يا سيد ماهر "

عدل من وضع نظارته على عيناه وقال باسف " آسفة ..ولكن انتى من تدفعينى إلى هذا ...اخذتى اجازة وبعد ذلك يخبروننى فى مكتب التمريض بأن الطبيبة ريم ستخرج بعد قليل ...وكان المشفى ..." نظرت إليه بقوة قبل أن يكمل كلامه وقالت بهدوء

" نعم سأذهب اليوم مبكرا ...أولا لكى اذهب إلى أروى وثانيا لأنى أشعر بالقلق على نور لذا يجب ان اذهب ان بقيت لن أكون بعقلى هنا "

تنهد بقوة وهو يقول بتساءل " ريم ماذا بك ..."

وما كاد يسألها حتى اجهشت بالبكاء وهى تقول بحزن وبكاء

"لا أعلم ...لا أعلم ما بى ...


 


...لكنى أحتاج إلى التكلم مع أحدا ما أرجوك يا ماهر "

" يا الله لماذا تبكين الآن ...هل تعاملك زوجة خالى كوثر معاملة سيئة " قالها وهو يناولها منديلا

مسحت دموعها بالمنديل وهى تهز رأسها ب لا ...رغم أن أحد سبب ضيقها هو السيدة كوثر فعلا ...لكن ليس هذا فقط

" حسنا ...حسنا يمكنك الذهاب "

رفعت اهدابها إليه وهى تبتسم بخجل

" شكرا لك "

نظر إلى ساعته وقال بتنهيدة

" لا داعى للشكر ...لطالما اعتبرتك مثل أروى يا ريم" قالها وابتعد عنها قاءلا " سأذهب انا الآن لدى عمل ...فأنا ليس لدى أحد لينوب عنى "

ابتسمت وهى تراقب ابتعاده

وابتعدت هى الأخرى بدلت ملابسها ....وصعدت سيارتها وانطلقت بها إلى أروى ....

.....................................................................

ما ان دلفت إلى منزل سيف حتى تفاجأت بذلك الضيف الجالس فى الصالون الكبير ....

" كاسر " قالتها ريم باستغراب

ضحك كاسر على تعابير وجهها وقال بهدوء

" ماذا ..لماذا تفاجاتى هكذا "

هزت رأسها وهى تقول " لم أقصد ولكنى علمت انك قد سافرت "

حرك يديه وهو يقول " سافرت وها انا قد عدت ...وقبل أن تسالى لماذا انا هنا ...سأخبرك اتيت من أجل سؤال سيف بعض الأشياء "

حركت كتفيها بقلة اهتمام ....ثم راقبت دنو سيف منهما وهو يحمل كوبان من الشاى بين يديه ناول كاسر واحدا ثم جلس على أحد الاراءك ناظرا إلى ريم و قبل أن تنبس ببنت شفه. ..

قال بسرعة " أروى فوق ومعها عمتى ...هل اصنع لك كوب شاى قبل ان تصعدى " سألها وهو يرتشف من كوبه

نظرت إليه ببلاهة. ..

ضحك كاسر بقوة وقال بمكر " لا تقلقى يجيد صنعه ...أظن انه تحسن فى صنع الشاى "

فنظر إليه سيف بطرف عيناه ...فابتسمت بهدوء قائلة

" كاسر ..يا الله أما زلت تتذكر ..حقا قلبك اسود "

أصدر كاسر ضحكة عالية قائلا " ومن هذا الذى ينسى مذاق أول كوب شاى صنعه سيف كاد يصيبنا بالغثيان ....فنظر إلى سيف وهو يقول ....ولا يعلم احد حتى الان كيف قام بصنعه "

بادله سيف النظرات وهو يقول ببرود " ولا تسألني حتى الان كيف صنعته ...لأنى انا الآخر لا أعلم كيف صنعته "

" لا أعتقد انه كان شايا " قالتها ريم

تنهد سيف بضعف وهو يقول بتحذير " تبا لكما هل سأكون سخريتكما لهذا اليوم ...ريم اصعدى إلى فوق هيا بسرعة ...قبل ان اطرد كلا منكما الآن "

لوت فمها بامتعاض وصعدت درجات السلم ....

فالتفت كاسر إلى سيف قائلا

" آسف ان كنت أتيت فى هذا الوقت ...لكن أردت مقابلة جدك وأعلم انك تستطيع الحديث معه ...لكى يقابلنى "

" ألا تعلم ما حدث...متى اتيت من سفرك "

رفع كاسر عيناه إليه باستفهام فقال بهدوء " اتيت اليوم صباحا ....فهز رأسه قائلا. ..ولكن ما الذى لا أعرفه "

"جدى سافر منذ عدة ايام ولا أعلم أين هو "

" ماذا " هتف بها كاسر بغضب وهو يهم واقفا

تنهد سيف ....فتابع كاسر بصوتا اجش

" سافر ...هكذا ...أين ...هل يمكن أن يكون قد ذهب إلى أخيه عزت ...هل تعتقد انه يعلم أين هو عزت الحسينى "

هز سيف كتفيه بجهل " حقا لا أعلم ...ولكن سفره جعلنى تاءها "

"تبا" قالها كاسر وهو يمرر يده على وجهه بغضب

" أما زلت لم تستطع الوصول إليها حتى الان " سأله سيف

لاحظ الحزن جلى على وجه كاسر فقال بألم

" لا لم اجدها ...بحثت ..وبحثت ولكنى لم اجدها ...لا أعلم أين هى... تركتنى وذهبت ك الطائر الوحيد "

" كاسر ...سياتى يوما ويعود الجميع ...لن تبقى طيلة عمرها مختفية ...هى ستعود ..بنفسها فى يوما ما "

" يوما ما ...متى ...لطالما سألت نفسى إلى متى ...ولم أجد جوابا حتى الان له " نطق بكلماته بضعف

" سأذهب " قالها كاسر وهو يبتعد عن كرسيه

فنهره سيف بسرعة قائلا

" لا ..لا أبقى ...فلتجلس معى قليلا لم نجلس مع بعضنا منذ فترة طويلة "

جلس بقنوط ...وهو يحاول سيف جذبه للحديث معه رغم شروده وحزنه الظاهر على وجهه .....

اجفلا الاثنان عندما سمعا صوت جرس الباب ....فتحرك سيف مبتعدا عن كرسيه ....وضيق عيناه وهو ينظر إلى ذلك الزائر الذى لم يعتقد يوما انه سيدق بابه

" لقد حان وقت تسديد الديون "

                     الفصل السادس والعشرون من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-