رواية الخبيئة الفصل السابع والثامن 8,7بقلم ميمي عوالي


رواية لخبيئة

بقلم ميمي عوالى 

الفصل السابع


يخرج رءووف متجها الى سيارته ليلفت نظره جلوس سارة تحت شجرة الكافور ارضا وهى تمسك بيدها مصحفا تقرأ فيه بصمت ،وكانت منفصلة به عن العالم تماما ،ليقترب منها بهدوء شديد ويناديها و لكنها لم تنتبه اليه ليكرر النداء مرة تلو الاخرى حتى انتبهت اخيرا اليه عندما اقترب ظله الى كتاب الله بين يديها لترفع رأسها فى هدوء حذر لم يعتاده رءووف منها من قبل ،وعندما رفعت عينيها وجدها مليئة بالدموع والانكسار حتى ان رءووف قد رق قلبه لهيئتها


رءووف بهدوء: ليه قاعدة كده ياسارة ،الدنيا حر عليكى


سارة بانكسار : مش هتبقى حر اكتر من نار جهنم


رءووف: اللهم اجرنا من النار ومن حر النار ،ليه يابنتىى كده ، قومى ادخلى جوة من الحر


لترفع سارة عيونها المليئة بالدموع : دعيت عليا يا رءووف


رءووف باستنكار : وهدعى عليكى ليه ياسارة


سارة : كنت بتنام بالليل غضبان عليا 


ليستوعب رءووف ماترمى اليه بحديثها ،فنظر ارضا ،فاكملت : عمرك ماهتسامحنى مش كده ،


ماطلبتهاش منك قبل كده ،بس كانت الدنيا واخدانى ،بس دلوقتى هطلبها منك يارءووف ،ماتسيبنيش لعقاب الاخرة ،سامحنى فى الدنيا وشيل عن كتافى شوية ابوس ايديك 


لتنخرط فى بكاء شديد يذهل له رءووف ،فبحياته كلها لم يرى تلك المخلوقة التى امامه ،فاين هى من سارة ابنة عمه المتعجرفة المتكبرة ،لقد تبدلت تماما ،اكانت تحب عبدالله لهذه الدرجة ،احزنت عليه حتى زهدت الدنيا بما فيها ،ام ان موته قد اعاد الى عقلها كل ما فعلته من قبل وعادت الى رشدها عندما وجدت ان  الموت قريب من الجميع بلا استثناء 


اخذته افكاره بعيدا حتى انه نسى انها مازالت امامه تنشج بالبكاء ارصا  ،حتى انتبه الى شهقة عالية من حنين وهى ترتمى بجانب سارة ارضا قائلة : مالها ،مالها ياباسمهندس بتعيط اوى كده ليه ،وعندما رفعت سارة وجهها الى حنين ،مدت حنين يدها اليها قائلة : انتى فى حاجة بتوجعك 


سارة وهى تومئ برأسها : قلبى 


لتتبادل حنين النظرات بينها وبين رءووف وهى تشعر انها لا تفهم شئ ،ولكنها قالت ببراءة : سلامتك ...قومى معايا ندخل جوة ،واعملك حاجة مسكرة تشربيها يمكن هبطتى من الحر


لتنظر اليها سارة بهدوء قائلة : كان له حق يحبك


حنين بعدم فهم : هو مين ده


لتنظر سارة الى رءووف مرة اخرى قائلة وهى لازالت تعانى من اثر البكاء : وغلاوته فى قلبك تنسى وتسامح ،مابقتش مستاهلة يارءووف 


رءووف بجمود : قومى ياسارة ،ادخلى جوة مع حنين ، ولو سمحتى ياحنين خلى ماما تشوفها وتخلى حد من الشغالين يعمللها حاجة تشربها واللا تاكلها ،ليستدير ناويا الانصراف ليعلو صوت سارة قليلا حتى يسمعها : بالله عليك تسامح وتنسى يارءووف ورحمة عبدالله تسامح وتنسى 


ليقف رءووف لبرهة ثم استدار ناظرا اليها ببعض الشفقة : خلاص ياسارة ...ادخلى ياللا


سارة باستجاء : يعنى سامحت


ليتنهد رءووف : سامحت ياسارة ...سامحت 


سارة : طب ادعيلى يارءووف ..ادعيلى  ان ربنا يسامحنى ،انا عارفة انى بضغط عليك بزيادة بس اوعدك ان دى اخر مرة هطلب منك اى حاجة


رءووف بقلة حيلة: ربنا يسامحك ياسارة ،ويربط على قلبك ،ثم التفت الى حنين قائلا : ياللا دخليها جوة


لتومئ حنين برأسها وهى تساعد سارة على النهوض ،وعندما راقبهم رءووف من  سياراته اثناء مغادرته وجد ان حنين تحتضن سارة بكل قوتها حتى تستطيع اسنادها ،ولاحظ ان عرجة قدمها قد زادت من هذا المجهود ، وكم هى ضعيفة تحتاج الى من يمد يده اليها ،ولاحظ ايضا تحول سارة من قمة





 الشراسة الى قمة الاستكانة وان استطعنا القول قمة الانكسار وانها تبادل حنبن الاحتضان دون كلفة او كبر ،وهذا مازاده اندهاشا ،ولكنه عاد ونفض كل تلك الافكار من راسه واتجه الى اشغاله


………………….


فى سيارة سليمان ،يجلس سليمان بجبروت شديد الى جوار محمود الذى يتولى القيادة بصمت حتى قال سليمان : هو انت ليه ساكت كده من الصبح ومانطقتش ولا كلمة


محمود : هقوللك ايه بس يا ابويا


سليمان وهو يدعى الدعابة : ايه يا واد ،العروسة ماعجبتكش واللا ايه


محمود بامتعاض : عروسة ايه بس ،دى عيلة ،ماشفتهاش عاملة ازاى ،دى ممكن تموت فى ايدى لو …….. . 


سليمان : وهو انا بقولك حبها ،انت هتتجوزها واللى انت عاوزة بعد كده اعمله ،وبعدين انت عاوزنا نسيبها واللا ايه ،ده انا معتمد على الفلوس دى عشان اكبر المعارض واعمللنا كام فرع زيادة 


محمود بتردد : ايوة ياحاج ،بس احنا الحمدلله مستورة بالقوى ،ماحناش محتاجين الكلام ده 


سليمان بغضب : انت هترجع تانى للنغمة القديمة واللا ايه ،ده انا قلت انك اتعدلت ورجعت لعقلك ، ايه ...ناوى تخيب من تانى


محمود بقلة حيلة : خلاص ياحاج ،اهدى ،انا بس بقوللك على اللى فى ضميرى ،لكن مش عاوزك تزعل منى


سليمان بحزم : ايوة كده ،حط عقلك فى راسك ،هو انا بعمل ده كله عشان مين ...ماهو عشانك ،هو حد هيورثنى غيرك ،كله ليك انت وبس فى الاخر


محمود : ربنا يديك طولة العمر ،طب انت ناوى على ايه


سليمان بمكر : ناوى اصبر على مانجمع الزبدة كلها مع بعضها وبعد كده ناكلها مرة واحدة 


…………………….


فى غرفة سارة التى نقلتها زوجة عمها اليها ،تجلس حنين بجوارها تواسيها وهى لا تعلم سبب بكائها الحقيقى ،فكل ماتظنه انه حزنا على موت عبدالله وحليمة ،ولكنها لا تعلم ان بكاءها كان حزنا على ضياع عمرها وندما على ما اقترفت يداها فى حق نفسها وحق رءووف بعد اكتشافها بان الموت اقرب مايكون ومما كانت تظن 


حنين : وحدى الله ياسارة واهدى شوية ،قومى اشربى الليمون اللى ماما جابته


لتحاول سارة الاعتدال بوهن شديد بمساعدة حنين ،ليدخل عليهم صالح بعد استئذانه وهو يحمحم بصوته


صالح : السلام عليكم


لترد حنين السلام بصوت هادئ بينما سارة تومئ براسها وهى خجلة من اخيها 


صالح لحنين : معلش يا حنين ،،ممكن تسيبينى شوية مع سارة 


لتنهض حنين فورا قائلة بحرج : ااه طبعا ياباشمهندس ،عن اذنكم ،لتتجه من فورها الى الباب مغلقة الباب وراءها ،ليلتفت صالح الى اخته قائلا بجمود


صالح : وبعدهالك ، ناوية على ايه


لترفع سارة رأسها بأنكسار: اللى انت عاوزه انا هعمله ياصالح


ليتفاجئ صالح من لهجتها ،فقد كان يظن انها تفعل ماتفعله لكى تجذب تعاطف عمها وزوجته لتعود للعيش معهم مرة اخرى ،ولكنه يرى الان صدق انكسارها بعينيه


صالح ببعض اللين : طب وانتى عاوزة ايه يا سارة،قوليلى على اللى يريحك


سارة : هتصدقنى لو قلتلك انى مش عاوزة حاجة خلاص ،فانا تحت امركم ياصالح اللى هتقولوا عليه هنفذه من سكات ومن غير اى اعتراض


صالح وهو يحاول ثبر اغوارها : يعنى هترجعى بيت ابونا تانى


سارة بلا مبالاة : شوف عاوزنى ارجع امتى وانا هرجع ، انا عارفة ان قعادى هنا اصلا مابقاش مناسب


صالح : ولا قعادك لوحدك هناك برضة مناسب ياسارة


سارة بابتسامة امل : يعنى هتيجى تقعد معايا انت وعلياء


صالح بعبوس : انا ماقلتش كده ،وكمان مش هقدر احرم مراة عمى من عبدالله الصغير ،ده هو اللى بيسرى عنها اللى حصل


سارة بحيرة : طب والحل ياصالح ، انا قلتلك اللى انت عاوزة  ..اناهعمله ،شوف عاوز تحطنى فين وانا زى مانت هتقول هعمل من غير نقاش


صالح بدهشة : انتى اتغيرتى بجد واللا دى بس حالة طارئة وهترجعى زى ماكنتى لعنجهيتك من تانى


سارة وقد عادت الدموع لعينيها : سامحنى انى كنت سادة ودانى ياصالح ،انا خسرت عمى ،وخسرت رءووف على الاقل كأخ ،وخسرت عبدالله من زمان اوى وانا ماكنتش عاوزة اصدق ،لكن انت اخويا ومابقاليش غيرك ،بلاش اخسرك انت كمان ،اى حاجة واى حد ممكن يتعوض ..الا انت 


ليجلس صالح بجوارها ويأخذها تحت جناحه ليجدها خسرت الكثير من وزنها وانطفأت روحها ،ليربت على ظهرها وهو يهدهدها باحضانه قائلا : انتى اللى باقيالى من ريحة ابويا وامى ياسارة ،لو كنت بقسى عليكى فده كان عشان مصلحتك انتى قبل اى خد تانى


سارة ببكاء : فهمت متاخر اوى ياصالح ،سامحنى 


صالح بحب : مسامحك يابنت ابويا ،وربنا يهديلك الحال ويصلحلك دنيتك


سارة : واخرتى ياصالح ،ادعيلى ربنا يسامحنى


صالح : ربنا يعفو عنك ياحبيبتى





سارة بخجل : هو انا ممكن اطلب منك طلب ياصالح


صالح وهو يخرجها من احضانه : اطلبى ياحبيبتى


سارة : انا عاوزة اشتغل ياصالح


صالخ بدهشة : تشتغلى ،ومن امتى عندنا الستات بتشتغل ياسارة


سارة : عشان خاطرى ياصالح ،شغلنى معاك فى اى حاجة ،اقوللك ... انا ممكن امسكلك الحسابات هنا فى البيت مش هروح فى حتة، بس عاوزة ابقى مشغولة بحاجة مفيدة  


صالح بحيرة : مش عارف ياسارة ،بس اوعدك انى هكلم عمك و رءووف فى الموضوع ده واشوف رايهم ايه وهرد عليكى


سارة بسرعة : لو لقيت الموضوع ده هيضايق عمى بلاش منه ،انا ماصدقت ان عمى ابتدى يصفى من ناحيتى


صالح بحنان : ماتقلقيش ،اتعشمى خير ،وعموما انا ماعنديش مانع ،هكلمهم واقوللك ،بس عاوزك تاكلى ،انت وشك اصفر وبتترعشى من قلة الاكل ،هخليهم يطلعولك اكل واما اعرف انك اكلتى هكلم عمك بنفسى


لتومئ برأسها ،ليتركها صالح متجها الى الاسفل


………………….. . 


فى غرفة صالح ،تجلس كريمة وهى تحتضن عبدالله الصغير وتهدهده حتى ينام 


علياء بهمس : خلاص ياماما نام اهوه ،هاتيه اما احطه فى سريره


كريمة برجاء : سيبيه فى حضنى شوية 


علياء : لا ...هاتيه عشان عاوزاكى برة


لتاخذه من يديها وتضعه فى فراشه بهدوء حتى اطمأنت عليه وجذبت والدتها من يدها واتجهوا الى الخارج ،لتجلسها وتجلس امامها قائلة : ماما ،انا تربيتك ،والكلام اللى هقولهولك ده انتى اللى معلمهولى ومربيانى عليه


كريمة : عاوزة ايه ياعلياء اتكلمى على طول


علياء بخجل : ياماما ،عبدالله خلاص الله يرحمه ،من حقك ومن حقنا كلنا نحزن عليه العمر كله ،بس مش بالشكل ده 


كريمة ببكاء : اخوكى انخطف من حضنى ياعلياء


علياء بمواساة : ارادة ربنا ياحبيبتى ،اللهم لا اعتراض ،لكن كده ..انتى كمان هتروحى ،وكمان انتى مش شايفة بابا بقى عامل ازاى ،بابا تايه من غيرك ،انتى دايما الكتف الحنين اللى بيرمى





 عليه همومه ،وهو دلوقتى لوحده ،كاتم حزنه فى قلبه عشان خاطرك وخاطرنا كلنا ،انا خايفة عليه اوى ،والبيت وكل الناس اللى فيه ،انتى اللى مسئولة عنهم كلهم ،وكمان انتى رحبتى بحنين جامد ورجعتى نسيتيها تانى ،والبنت صغيرة وغريبة محتاجة اللى يحتوبها ،عشان حتى ماتبقاش محرجة ومكسوفة من وجودها هنا ،عشان خاطر عبدالله حاولى ترجعى  زى ماكنتى ،عبدالله وحليمة الله يرحمهم دلوقتى بقالهم عشر ايام محتاجين دعانا ياماما مش بكانا ابدا 


لتربت كريمة على قدم ابنتها وتنهض تاركة اياها متجهه الى شريك عمرها لتواسي قلبه 


………………….


يعود رءووف من الخارج وما ان جلس ليستريح الا ووجد احدى الخادمات تخبره بان هناك ضيفا يريد مقابلة حنين وعندما نهض لاستقبال الضيف يجد انه الضابط المكلف بقضية اخيه وحليمة ،ليرحب به ويدعوه للدلوف الى غرفة المكتب واستاذنه فى الذهاب لاستدعاء حنين 


ليذهب مسرعا باحثا عن حنين حتى وجدها بحديقة المنزل الخلفية ليناديها بلهفة 


رءووف : حنين ...تعالى بسرعة عاوزك


لتذهب اليه مسرعة حتى كادت تنكفئ من هرولتها بسبب قدمها ،ولكن كانت يدى رءووف مانعة لسقوطها ولكنها سرعان ما اعتدلت وابتعدت عن مرمى يديه بخجل بينما قال رءووف : خدى بالك ،حصل خير…. المهم دلوقتى الظابط اللى بيحقق فى الحادثة عاوزك


حنين بخوف : عاوزنى ليه


رءووف: ماتقلقيش ..دى اسئلة روتينية بصفتك ارملة عبدالله واخت حليمة ،وماتنسيش انهم اتقتلوا الاتنين ،بس مش عاوزك تجيبى سيرة البحث بتاع حليمة ،مش عاوزين نعمل قلق وشوشرة


لتومئ حنين برأسها وتتجه خلفه برهبة حتى وصلت الى غرفة المكتب الموجود بها الضابط ولكن استوقفها رءووف قائلا بحزم : مش عاوز كلمة من اللى حكيتيهولى تتقال جوة


لتومئ برأسها مرة اخرى وهى تتجه للداخل ،ولكنها التفتت فجأة وهى تقول : اوعى تسيبنى معاه لوحدى

🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻🌻

8


الخبيئة


🌻الفصل الثامن🌻


بغرفة المكتب ، رحب الضابط هشام بحنين بعد ان قدم لها نفسه وطلب ان يجلس معها على انفراد


حنين برهبة : انا اسفة ،بس مابحبش اقعد مع حد لوحدى ،فياريت لو الباشمهندس يوافق انه يفضل معانا


ليتنحنح رءووف قائلا : متهيالى حضرة الظابط مش هيمانع وجودى ، خصوصا ان ده مش تحقيق رسمى 


ليومئ هشام برأسه وهو يشير بيده علامة الموافقة ثم يقول : ممكن اعرف حضرتك عندك كام سنة


حنين : هكمل 20 سنة بعد ثلاث شهور


هشام : وليه جوز حضرتك لما نزل مصر مانزلتيش معاه ،فى حين ان اختك جت معاه ونزلت فى بيت عيلته عادى


لتنظر حنين لرءووف ثم اعادت النظر لهشام وقالت : انا لسه طالبة فى الجامعة فى امريكا ،ولسه دراستى ماخلصتش ،وعشان كده مانزلتش معاهم ،انما اختى كانت عاوزة تشتغل فى مصر فالمرحوم اقترح انها تيجى معاه وتشتغل  هنا عشان تخصصها كان فى الزراعة والانتاج الحيوانى


هشام وهو يومئ برأسه علامة الاقتناع : اومال انتى بتدرسى ايه


حنين : بدرس علاج طبيعى فى اخر سنة


هشام وهو ينظر لعينيها : جوزك كان له اعداء






حنين بدموع : اللى يعرف عبدالله لا يمكن يعاديه


هشام : بس ده انقتل ،يعنى اللى قتله ده مش حب فيه ابدا


حنين : انا عمرى ماعرفت ان له اى اعداء


هشام : واختك


حنين : مالها


هشام : كان ليها اى اعداء


حنين باضطراب : اختى طول عمرها عايشة برة ،ولسه واصلة مصر من عشر ايام بس ،مين اللى ممكن انه يعرفها فى مصر ويحاول يقتلها وليه


هشام بمراوغة : بسبب مشاكل ميراث مثلا


حنين بصدمة : انت بتقول ايه ،ميراث ايه اللى ممكن الناس تموت بعضها عشانه


هشام وهو ينهض فجاة ويقف امامها : معاكى اثبات انك كنتى لسه فى امريكا وقت الحادثة 


حنين وهى لا تصدق ما تسمعه : اثبات لايه ،انى ماقتلتش اختى ، ثم وهى تصرخ ، ده جنان رسمى انت بتضيع وقتك على الفاضى 


ليتدخل رءووف قائلا : ياهشام بيه ،انا عارف ان شغلك انك ماتستثنيش حد من اتهاماتك ،لكن بالعقل كده ..ازاى يعنى ،وعموما الاثباتات دى شغلكم انتم ،انتم اللى تقدروا تثبتوا ده او العكس


حنين : انا قبل وقت الحادثة بخمس دقايق كانت حنين بتكلمنى من فون عبدالله 


رءووف : ايوة ،ده حقيقى ،كنا وقتها فى العربية ،واعتقد ان تليفون عبدالله انتو لسه متحفظين عليه


هشام : عموما انا اسف على الازعاح واتمنى ان مدام حنين ماتكونش اتضايقت منى ،بس ياريت لو افتكرتى اى حاجة تبلغينى بيها فورا 


لتومئ حنين رأسها بموافقة وترك لهم  هشام ارقام هاتفه واتجه الى الخارح بمرافقة رءووف حتى تركه عند باب سيارته ولكن هشام سال رءووف : انا لغاية دلوقتى مش عارف اقعد مع والدك ولا والدتك ، ومش حابب اعمللهم استدعاء رسمى فى الظروف دى ،فياريت اول ماحالتهم تسمح انى اتكلم معاهم من غير مايبقى فيها ضغط على اعصابهم تبلغنى


رءووف بشكر : انا ممنون جدا لتقديرك للظروف ،وحاضر. ..ان شاء الله قريب جدا هبلغ حضرتك بمعاد تقابلهم فيه


لينصرف هشام ويعود رءووف لغرفة المكتب ليجد حنين تجلس مرة اخرى بمكانه المفضل ليقترب  ويجلس بالقرب منها ليجدها تلتفت اليه متسعة العينين وهى تسأله برعب : تفتكر عمى ممكن يبقى له ايد فى اللى حصل ده


رءووف : ما اعتقدش ان عمك بالجبروت ده ياحنين ،دول كانوا تلات عربيات حوالينا والرصاص نازل علينا زى الرز ،الا اذا عمك ده زعيم عصابة واحنا مانعرفش


حنين : طب ايه الكلام اللى قاله عن الورث ده


رءووف : هو بس عاوز يوصللك اننا كلنا فى دايرة الاتهام من غير استثناء حتى انتى ،وبعدين هو ماجابش سيرة عمك اصلا ،وغالبا مايعرفش عنه حاجة





حنين بوجل : بما انى فى بيتك فانا لازم اصارحك بحاجة مهمة جدا


رءووف بانتباه : خير


حنين: البحث بتاع حليمة …..معايا


ليعتدل رءووف بجلسته ناظرا اليه باستفسار : معاكى ازاى


حنين : معايا ،قالتلى على مكانه لما كلمتنى يوم الحادثة 


رءووف بفضول : بس انا كنت سامع  المكالمة كلها ،ماجابتش سيرة البحث نهائى


حنين : واحنا صغيرين ….لما كنا بنحب نخبى حاحة من بابا وماما كنا بنخبيها فى البوت بتاعى ، لما بلبس الجهاز بتاع رجلى بلبسه على شكل جزمة بوت بتوصل لفوق ركبتى،فكنا بنخبى اللى احنا عاوزينه فى اى بوت من البوتات بتاعتى ،وحليمة فكرتنى بالموضوع ده وهى بتكلمنى ، ولما حصلت الحادثة وافتكرت مكالمتها ،فهمت انها كانت عاوزة توصللى رسالة معينة ،وفعلا ….لما جيت طلبت انام فى اوضتها ،واول حاجة عملتها انى دورت فى البوتات بتاعتها لحد مالقيت الفلاشة اللى عليها البحث كله




رءووف : كنت فاكرك اخترتى اوضيتها عشان تبكى على حاجتها وعلى ذكرياتكم سوا


حنين : احنا مالناش ذكريات هنا ،كل ذكرياتنا فى بيتنا فى امريكا


رءووف : طب وناوية على ايه


حنين : ناوية اسجل البحث باسمها هنا فى مصر


رءووف بصدمة : انتى اتجننتى ،تبقى انتى كمان بتحفرى قبرك بايدك  ،انتى ماتعلمتيش من اللى حصل


حنين : ده انت بنفسك قلتهالى


رءووف بتعجب : هى ابه دى


فيها : ان ده نصيب ، ان لكل اجل كتاب


رءووف : بس برضة لازم ناخد عظة من اللى حصل  ،ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة


حنين باعتراض: بعنى هنسيبهم يغلبونا كلنا كده 


رءووف : سيبينى افكر ممكن نعمل ايه وهبلغك


حنين : طب على الاقل بحثها يطلع للنور


رءووف : تقصدى ايه 


حنين : خد انت البحث وطبقه عندك هنا ،انت اكيد هتفهمه لانه مجالك





رءووف : انا وحليمة الله يرحمها كنا اتفقنا فعلا اننا نطبق البحث على عنبر من العنابر ،بس مالحقناش ،يادوب اشتريتلها الحاجات اللى طلبتها ،لكن ماركبتهاش


لتمد حنين يدها الى عنقها وتخرج دلاية معلق بها الفلاشة لتفصلها عن الدلاية وتعطبها لرءووف قائلة : طالما حليمة وثقت فيك انا كمان واثقة فيك اتفضل


ليمد رءووف يده الى حنين لتضع بها الفلاشة وهى تتمتم بشئ لم يسمعه رءووف ليسألها بفضول ،: انتى بتقولى ايه 


حنين بخجل : بحصنك من كل سؤ وشر 


ليضحك رءووف بشدة قائلا : يابنتى انتى عاوزة اللى يحصنك


حنين بخجل : يوضع سره فى اضعف خلقه


رءووف مترددا : كنت عاوز اسالك على حاجة بس ماتتضايقيش منى


حنين : اتفضل 


رءووف : انتى ليه صغيرة كده ،اللى يشوفك لايمكن يديكى عمرك الحقيقى انتى كبيرك خمستاشر سنة وابقى كارمك كمان


حنين : انا طالعة لماما ،هى كمان كانت كده ….حتى رجلها


رءووف بذهول : معقولة


حنين وهى تنظر للخارج : بابا لما اتعرف عليها لاول مرة برضة افتكرها طفلة لكن اتفاجئ انها زميلته فى الجامعة ،وقعوا فى حب بعض وقبل انه يفضل فى تركيا عشان مايحرمهاش من امها ،لكن لما ماتت وحليمة تعبت قرر انه يسيب تركيا لما لقى ان اهلها هيعملوا معاه مشاكل على ميراثها فسابلهم الجمل بما حمل وخدنا وسيبنالهم البلد باللى فيها


رءووف بمرح : بس الموضوع ده اكيد بيعمللك مشاكل كتير





حنين بابتسامة : وبرضة بيخرجنى من مشاكل كتير


رءووف : ازاى بقى


حنين : يعنى مثلا مرة كنت فى سوبر ماركيت وغصب عنى وقعت استاند كامل مليان شيكولاته ولما جه المسئول وكان هيعنفنى فكرنى طفلة قام سكت وخصوصا لما لقانى واقفة خايفة ومكسوفة من اللى حصل وبدل مايزعقلى ،لقيته بيقوللى انتى هنا مع مين


ليضحك رءووف  ضحكا شديدا لم يضحكه منذ وفاة شقيقه ليتفاجئ بدخول نور الدين وهو يستطلع مايضحك ابنه هكذا ليتفاجئ بجلوسه مع حنين وهى تبتسم بهدوء


نور الدين : السلام عليكم


ليردوا السلام بينما نهضت حنين وهى تحيى نور الدين وتقبل يده ليربت على رأسها بحنان قائلا : ازيك يابنتى ...عاملة ابه ...اعذرينى انى مش بسأل عنك كتير


حنين بشفقة : ولا يهمك يابابا ، انا عائلة حضرتك ، ربنا يقويك


نور الدين: الا هو انتى واختك اتعلمتوا لغتنا فين وانتى بتقولى عمركم ماجيتوا مصر


حنين : بابا الله يرحمه كان دايما وسط الجالية المصرية ،اللى كل ستاتهم كانوا امهات لينا الحقيقة


نور الدين: الله يرحمه ويرحم ابنى واختك ،وانتى قررتى ايه يابنتى ،لازم ترجعى تعيشى وسطنا وسيبك من امريكا دى





حنين : انا لسه ماخلصتش دراستى يا بابا ،كان المفروض انى فى اخر سنة ،بس الله اعلم هترسى على ايه


رءووف : على فكرة احنا ممكن نراسل الجامعة بتاعتك وتكملى السنة دى هنا بدل ماتضيع عليكى ،فكرى وقوليلى


حنين بحماس : تفتكر ممكن 


رءووف : كل شئ ممكن ، وخصوصا ان فى ناس شغلتها تخلص الاجراءات دى وانتى فى مكانك


فكرى و ردى عليا ووقت ماتقولى اه نبدأ الاجراءات فورا


حنين : طب وحاجتى هناك وبيتى وفلوسى وهدومى وكل حاجة


رءووف: كل حاجة ليها صرفة ،لكن الاول لازم تكونى واخدة القرار عن اقتناع تام و دارسة لكل الجوانب عشان ماترجعيش تقولى استعجلت


نور الدين : انا اتمنى انك تفضلى فى حضننا العمر كله يابنتى ،ماتتصوريش احنا حبناكى انتى والمرحومة قد ابه ،وانتى دلوقتى من العيلة وشايلة اسمنا ،لكن مصلحتك اولا ،فلازم تفكرى كويس زى ماقاللك رءووف ،واحنا معاكى فى كل خطوة هتخطيها 


ليأتى رءووف اتصال من اسطبل الخيل تخبره بان هناك ولادة متعثرة لفرسة اصيلة  ليتاهب للذهاب من فوره بعد ان ابلغ البيطرى الذى وجده بالفعل يحاول مساعدة الفرسة 


حنين : ممكن اجى معاك


رءووف : هيبقى تعب عليكى 


نور الدين : خدها معاك يابنى ،من ساعة ماجت مافارقتش البيت


رءووف : زى ماتحبى ...تعالى 


                      الفصل  التاسع من هنا

تعليقات



<>