أخر الاخبار

رواية ليدي نور )الفصل التاسع9بقلم داليا السيد

رواية ليدي نور 
الفصل التاسع9
بقلم داليا السيد


حفل.. ذكريات مفاجئة
دخل عز إلى غرفة رائد وقال "الجمهور بالخارج يشتعل بالحماس رائد" 
كان يمسك الهاتف وهو يقول بغضب "نور لا تجيب عز، والآن الهاتف مغلق، هل يمكن أن يصيبها شيء؟" 



تحرك عز تجاهه وقال "لو حدث شيء لعرفت يا صديقي، بدون أخبار فهذا يعني أنه لا توجد أخبار لا تقلق هيا الجميع ينتظر، تلك الحفل كمثيلاتها هامة جدا" 
تملكه القلق ولكن سرعان ما رن الهاتف باسمها فأجاب بعصبية "أين كنت نور؟" 





قالت "موجودة رائد، فقط لم أسمع الهاتف ما أخبار الحفل؟" 
نفخ براحة وقال "لم أبدأ بعد، أردت سماع صوتك قبل أن أفعل" 
قالت "ولم ترد رؤيتي؟" 
رفع رأسه ونظر لعز الذي تعجله بينما قال "بالتأكيد أرغب أميرتي ولكن" 
قالت "فقط اذهب وقم بعملك وابهرهم يا فنان" 
قال "سأفعل أميرتي طالما صوتك يعيش بوجداني لنهاية العمر" 
ابتسم عز وتحرك رائد للخارج بثقته المعتادة إلى القاعة الفاخرة وما أن صعد على خشبة المسرح حتى تهافتت الجماهير تهتف باسمه ولكن تلك العيون فقط هي من خطفته فلم يسمع أو يرى سواها وهي تجلس بأول صف وتمنحه ابتسامتها ولكنه تحرك وهو يحيي الجميع ثم نزل ليتجه إليها والأضواء تتبعه فوقفت للقاؤه، أمسك يدها وقال بسعادة "كنت بحاجة لوجودك ليدي" 
ابتسمت وقالت "وأنا معك لآخر العمر فناني المفضل" 
طبع قبلة رقيقة على وجنتها وابتسم لها ثم عاد بحماس أكثر للمسرح حيث اشتعل الحفل بأغانيه وألحانه وقد فك ذراعه واستمتع بالعزف حتى وصل للنهاية فقال "منذ سبع سنوات لم يكن قد عاد لي بصري، وقتها عرفت فتاة غيرت كل حياتي منحتها لحنا خاصا لم أفكر أن أخرجه بأي وقت لكن اليوم استأذنكم بأن أعزفه لها ولأشكرها على وجودها بحياتي" 
وابتسم لها كما فعلت وهي تستمع للحنه الرائع وأخذتها الكلمات التي حكت قصته القصيرة معها وظلت ملامحها هادئة رغم مشاعرها التي كانت تعلن عن أن ذلك الرجل يعني لها الكثير والكثير ولن يمكنها أن تكمل حياتها بدونه.. 
بالطبع نجح الحفل نجاح باهر وطار به الجمهور واختفى وسط معجبيه واتخذت هي ركن بعيد بانتظاره حتى لحق بها عز وقال "لم أراه بمثل ذلك الحماس من قبل ليدي، وجودك أمر رائع حقا"
ابتسمت وقالت "هذا من دواعي سروري مستر عز فرائد فناني المفضل وأنت تعلم" 
هز رأسه وقال "نعم وقتها كانت السعادة تفر من عيونك عندما دعوتك لحفلته ولم أعرف أن باستطاعتك الحضور بسهولة ليدي" 
ابتسمت وقالت "كنت قد حصلت على البطاقات بالفعل مستر عز" 
قال "أعلم فقد كان مكانك بالقاعة غير ما حجزته لك ولكني لم أهتم وقتها سوى بوجودك" 
لم ترد فعاد يقول "رائد لم يتمسك بامرأة مثلك ليدي، بحث عنك كثيرا وظننت أنه سينتقم منك ولكنه تبدل بيوم واتخذ قرار لم يفكر به يوما، الزواج" 
احمر وجهها ولم ترد وهو يتقدم تجاهها بابتسامة رائعة حتى وقف أمامها وقال "لم أفكر بأنك ستأتين، لن أنسى لك وجودك هنا نور" 
زادت ابتسامتها وقالت "أردت أن أكون معك بأول حفل لنا سويا" 
أخذ يدها وقبلها وقال "إنه أفضل حفل بحياتي نور، لم أغني بتلك الطريقة من قبل كل أغنية كنت أغنيها من أجلك" 





سمع عز يقترب ويقول "ألن نذهب يا فنان! حفل التكريم بانتظارنا" 
أسرعت تقول "سأعود للفندق بانتظارك" 
قبض على يدها ووضعها بذراعه وقال "لن يكون هناك تكريم بدونك ليدي" 
ابتسمت وتحركت بجواره وقد قابلتهم الكاميرات من كل مكان وهما يركبان السيارة وسط الزحام الشديد من الصحافة والمعجبين.. 
بالتأكيد جمالها أخذ العيون وهي تتقدم بجواره بقاعة الفندق الذي يقام به الحفل ولم يمكنها الاختفاء عن الشخصيات التي عرفتها وقامت بتحيتهم بأدب وهي بجواره حتى تم منحه هدية التكريم وانضم الجميع لتناول العشاء وأخيرا انفرد بها بعيدا عن الجميع فقال 
“كانت أجمل مفاجأة نور"
قالت "وأنا سعيدة أنها أسعدتك" 
قال بصدق "وجودك معي هو أكثر شيء يسعدني" 
لم يمكنهم الانفراد حيث لحقت بهم الصحافة وسأله أحدهم "الليدي كانت تصحبك؟" 
أحاطها بذراعه وقال "الليدي شريكة حياتي" 
قال أحدهم "متى الزواج يا فنان؟" 
ابتسم وهو يضمها إليه وقال "بنهاية الاسبوع" 
قال آخر "الليدي فضلت الفنان على الأمير جوان؟" 
ظلت ابتسامتها هادئة وقالت "الأمير جوان أخ وصديق وسيظل للأبد لكن رائد خطيبي وسيكون زوجي وشريك حياتي" 
زادت قبضته عليها وسأل آخر "الحادث الأخير كان من معجبيك؟" 
أجاب باختصار "ربما، الشرطة تجيب" 
وأخير جذبها بعيدا وهو يهمس "لن يتركونا" 
انتهى الحفل مع الساعات الأولى للفجر عندما ركبا سيارة الزوار لتعيدهم للفندق وأمام باب غرفتها وقفت أمامه فقال "وجودك يمنح كل شيء جمال غير طبيعي ليدي" 
كانت سعيدة وقد أرادت أن تكون معه تشعر بنجاحه وتشاركه إياه تحقق الحلم الذي كانت تحلم به بالصغر
لأول مرة ترفع يدها لوجنته وتلمس وجهه وهي تنظر بعيونه وقالت "كان حلم رائد، حلم حلمت به وأنا فتاة صغيرة أن أكون بجوارك، معك، معك أنت فقط رائد، أشاركك لحظات نجاحك أضع يدي بذراعك أمام الجميع وأتفاخر بأني أعرف ذلك الفنان الرائع، كنت وما زلت فناني المفضل رائد" 
قبل راحة يدها ثم جذبها إليه وانحنى ليشعر بأحضانها الدافئة وهمس "ليتني عرفتك منذ ذلك الوقت نور وما أضعت لحظة واحدة بعيدا عنك" 
أبعدها قليلا ونظر بعيونها وقال "أنت الحياة نور، قمر أضاء بحياتي منذ عرفتك، كنت النور الذي أضاء ظلمة أيامي وظللت أبحث عنه ليستقر بقلبي، نور أنت أصبحت جزء مني كالدم بشرياني" 





اندفع قلبها يدق بجنون ووجدته يعود لشفتيها بقبلة قوية بادلته إياها بسعادة وذلك الحديث الرقيق الذي يتحدث عنه يجعلها كالتائه بصحراء لا نهاية لها، لماذا لا تعرف إلا أنها سعيدة معه تريده تشتاق للمساته وتحب قبلته بل وتنتظرها، تشعر بأنها تملك العالم كله وقت أن تأخذه بأحضانها وبأنها بأمان عندما يجذبها بين ذراعيه، ربما أخطأ جدها لأنها ليست حزينة بقرب رجلها بل سعيدة وسعادة لم تعرفها من قبل، نست أنها نشأت كاليتيمة بلا أم ونصف أب تكاد لا تعرفه وعاشت تحاول أن تلبي أمنية جدها لأن تكون الحفيد وليس الحفيدة بقوتها وذكائها لكن مع رائد أرادت أن تكون الأنثى التي بداخلها، تشعر وتستجيب، تحلم وتتمنى
أبعدها قليلا فتنفست الهواء المعطر برائحة رجولته التي تأخذها، لم يخرجها من أحضانه وهو يقول "لو بيدي ما تركتك لحظة واحدة نور فوجودك يكملني عزيزتي" 
ابتسمت بسعادة فعاد وقبل شفتيها برقة وقال "يمكنني توصيلك للفراش والتأكد من أنك تنامين كالملاك" 
ابتعدت عنه وقالت "تأكد من ذلك دون أن تصحبني رائد، طابت ليلتك" 
ضحك من نظراتها الزائغة بخجل وهي تفتح الباب وظل واقفا وهي تدخل فقالت "هيا رائد، لن تبقى الليل كله واقفا" 
استند إلى حافة الباب بكتفه وعقد ذراعيه أمام صدره وابتسم قائلا "ولم لا؟ إلا لو نلت دعوة لتناول مشروب قبل النوم وقتها ربما أذهب" 
لم تتراجع وهي تقول بقوة مازحة "لن أفعل وستذهب الآن لتنام، هيا اذهب" 
لم تذهب ابتسامته وقال "تكسرين قلبي بقسوتك ليدي؟ كيف تفعلين ذلك مع مطربك المفضل؟" 
لم تستطع أن توقفه وهو يتحرك للداخل ويخرج السجائر ويشعل واحدة فقالت "رائد؟" 
جلس على الأريكة وهو ينفخ الدخان وقال "اهدي نور أخبرتك أن تثقي بي" 
أغلقت الباب بعد برهة وتحركت لتجلس لكنه جذبها لتسقط بجواره وهي تستنكر ما فعل وهو يحبسها بين ذراعيه ويجول بخضراء عيونها المفزوعة وهتف برقة "لن يمكنني أن أمس رقتك ليدي بأي سوء" 
اعتدلت وهي تبعد ذراعه وقالت "كف عن المزاح رائد" 
نهضت وأحضرت كوبين من العصير ومنحته واحد وقالت "لم تخبرني كيف بدأت الغناء؟" 
نفخ الدخان ثم رفع السيجارة أمامه يتأمل احتراقها ثم قال "كنت بالعشرينات عندما رحلت إلى أمريكا مع رجل اسمه موران عرفته أنقذت حياته هنا بلندن لكن هناك تركني وتبعثرت مرة أخرى بالحارات والحانات وبيوم كنت بأحد الحانات أترنح من الشراب حتى سقطت قيثارة بيدي فوجدتني أعزف على أوتارها بدون وعي وقد ظننت أن المكان خالي فعزفت لحن كنت قد كتبته وأنا عند موران وغنيت بكلمات قصيرة وقتها كان عز موجود فأدرك موهبتي وأخذني وصنع مني ذلك الملحن والمطرب الذي عرفته" 
ابتعدت قليلا وترددت قبل أن تقول "تقول رحلت؟ من أين؟ مصر؟" 
نهض مبتعدا ووضع الكأس بعيدا وقال "لا ليدي، مصر تركتها وأنا أصغر بكثير كنت ما زلت بنور عيوني، أذكر أني أخبرتك أني تمردت على عمتي، كنت شاب فاسد" 
اقتربت منه وبداخلها مشاعر لا تعترف بأنها خوف مما ستسمعه وقالت "وكيف فقدت بصرك؟" 
كانت تقف بجواره وترفع رأسها لتصل لعيونه التي امتلأت بألم وهو يقول "لا تحبين أن تعرفي ليدي، أنت أرق من أن تسمعي معاناتي" 






تولاها الصمت لحظة ولكنها قالت "أحب أن أسمعك" 
أبعد وجهه وقال "حياتي مرت بمراحل متنوعة نور، بالصغر عانيت بمصر من الفقر وتصرفات أمي ثم رحيل أبي" 
قاطعته بفضول لاحظه "رحل لأين؟" 
التفت إليها وواجهة عيونها وقال "هنا نور لندن، لم أعرف أي قرية بالضبط ولكنه عمل بها بأحد المصانع أو كفلاح لم أعرف بالضبط لم يكتمل بحثي ولكن ما وصلني أنه أحب امرأة غنية ابنة رجل ذا مكانة مرموقة هنا ولكن الرجل لم يتركه وحاول إبعاده عنها بشتى الطرق وقتها ولكنها أبت وصلت أنا لندن وكنت أعمل بالحانات وبصراحة كنت غير مستقيم بتلك المرحلة عبثت كثيرا بحياتي ورغم ذلك كنت أصر أن أعرف أي شيء عن والدي وأثرت ضجة كبيرة حول هذا الموضوع حتى أتت ليلة واعدني أحدهم أن يأخذني لأبي ووجدت نفسي محاصر بين رجال قوية قالوا كلمات غريبة عن أني أطمع بأموال تلك المرأة وأني أهدد حياتها وحياة والدها، بالطبع أنكرت ولكنهم لم يسمعوا وبدأوا المعركة معي، صارعتهم كثيرا بضراوة ولكن يقولون بمصر الكثرة تغلب الشجاعة فقد تكاتفوا علي حتى أصابني أحدهم إصابة بالغة برأسي فقدت بصري على إثرها، بعدها الشرطة جعلتني أشعر بنوع من التهديد كي أتوقف عن البحث وبصراحة فقدان البصر لم يكن يمكنني من أن أفعل معه أي شيء وتملكني اليأس وكدت أعود من حيث أتيت" 
طرفت عيونها وتراجعت مبتعدة من أمامه وجف حلقها من تلك الذكريات المفاجئة وهو يكمل "ولكني لم أفعل وضعت بين أصحاب السوء حتى قابلت ذلك الرجل موران بإحدى الحارات أنقذته من بعض المشردين فأخذني معه وساعدني وهو من تعلمت منه العزف على القيثارة" 
شعرت بجسدها يزداد حرارة ولم يمكنها إلا أن تجلس بينما قال هو "لا داعي للحزن ليدي فقد تجاوزت الأمر" 
حاولت أن تعيد نفسها وهي تبلل شفتيها بلسانها وقالت "ووالدتك؟" 
جلس هو الآخر وقال "عرفت أنها ماتت بعد رحيلي بثلاث سنوات" 
عادت تسأل "ومع ذلك عدت إلى هنا!" 
قال بهدوء "العمل، النجاح، الشهرة كلها دوافع تجعلني أتعايش والآن وجودك أميرتي يجعلني أتمسك بها" 
لم ترد وقد شحب وجهها فنهض وقد لاحظ ذلك، طبع قبلة على جبينها وقال "تحتاجين للراحة أميرتي طابت ليلتك" 
لم ترد وتابعته بعيونها حتى ذهب وظلت مكانها وهي تتنفس بقوة 





وكأنها كانت تحبس أنفاسها وأحاطت رأسها براحتيها وأغمضت عيونها وهتفت "لا، لماذا أنا؟ لا أصدق أن الأقدار تفعل بي ذلك، لطفك بي يا رب"

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-