أخر الاخبار

رواية حب تحت الصراع الفصل السادس6بقلم حبيبه محمد



رواية حب تحت الصراع الفصل السادس6بقلم حبيبه محمد





أطــرق قـلـبـي ولـا تـخـف.
فـ أنـا هُـنـا أسـكـن فـي دُروب عِـشـقـي لـك.
أنــا هـنـا أمُــد إلـيـكي يـدي لـترسـوا إلـي.
أطــرق قــلـبي ولـا تَـرتعـد.
فـ غيومـي تـنتـظر ريـحـك ،ونـهـاري يـنتظر لـيلـك.
سـمـائي تـنظر مَـوعـد إحتـضانـها لـأرضـك.
وعـيـنـاي تُـجـاهد أن تُـشـرق فـقـط لـكي تـراكـ.
كـفـاي لـا يكفـيهـما إمسـاكـك بِهـما، وقـلـبي يُطـالب بِك أكـثر.
فـ أطــرق قــلـبي ولـا تـهـب ما يـنتظرك خلـفه.
لـا حــب سوا لـك، ولا عـين ترا سِواك ،ولا شمس سـتنير غيـرك.
انـت عـتـمتي التـي تُضـيئني ،وسـفينتي الـمثقوبه التي سَتنقذنـي.
أنـا المـرسَـى الـذي ينتـظر قدومــك.
أطــرق قـلـبـي وأقــترب.
فـ أنـا أنـتـظرك ،احمل بين يدي قصائدي لـأنشدها فوق مـسمعيك.
احـمـل بـين يـدي فُراشـتي لـرسمك.
يـا لــيــل أنـقـشع وأنْــر فـضـيائـي لـا يُريد غـيرك.

_شــمــس.
___________________________________________

"خليني معاك إوعى تسبني حبيبي أنا نفسي أرتاح".
"أنا شوقي إليك بيعذبني أنا عمري إبتدى بلقاك".
"أنا نفسي أعيش عمري بحاله ولا يشغلني حبيبي لا".
"أنا عشت سنين وأنا بستنى أشوف لهفتي في عينيك".
"وفضلت كتير وأنا بتمنى وكل منايا ألاقيك".
"جوايا أنا ليك حب الدنيا وشوق العالم كله إليك".
لـقَـد أدُركـ أن لـا أحـد مِنا يَـعلـم متـى سَوف يـقع في الحب!.
متى سوف يطرق قلبه كـ صاحب مَـنزل ينوى الإقامه ولـيس كـضيف سـيذهب في القَريب العاجل.
لـا أحـد مِنا يدرك ما الذي قد تًُخـبأه اقدارنا لنا ،ولـا أحـد مِنا يـعلم ما الذي قَد كُـتِب في صَحِيفته.
جَميعنا ولِدنا والمجهول حبـلاً سُرياً لـنا لـا احد يعلم ما بداخله ،ولـا أحـد يعلم ما قد يـنتظره مِنه ،فـ جميعنا ضُـيوف في تلك الحياه إما أن تُحسن إستضافتنا وإما لـا!.






لـا احد يتوقع نتيجة المُباره قـبل مُشاهدتها حتى الحكم الذي بيده بدأ اللعبه وإنهائها لا يعلم ماذا تكون النتيجه ،وهكذا نحن حُكام لـ حياتنا نحمل صَافره للبدايه وللنهايه ولكن لا نعلم إن كنا فائزين في تلك الحياه أم خَاسرين.
نـحـن لـا نَعلم شئ نَسير في طِرق المجهول بِلا هواده إما أن نَسر في تلك الطرق صحيحاً وإما أن تبتلعنا المَتاهات.
نـحـن زائـرين لـلحـياه نـستحق أن يُـرحب بِنا.

الــقـلـق.
الــخـوف.
الــرعــب.
ثلاث أوجهه لـعمله واحده ،فـ كانت قلوبهم تضج بالـفوضى وهـم يجسلون في قاعة الإنتظار ينتظرون نِـداء المـمرضه بإسـم" شــمــس صــالح" ولـأول مَره تكن هيا الاكثر كراهيه في العالم لإسمها ،لـأول مـره تـنفر مِـن ذاتها لـيس كَرهاً ولكن خوفاً ،خوفاً مما سوف تسمعه أذنيها بعد بضع ثواني من الآن ،خوفاً من شبح الصِراع الذي يقف على بابها ويخبرها أن لا حـب لها ،خوفاً مِن سقوطها هوياً من فوق هاوية الأمل فـ النتيجه تلك المره لن تحدد مَصـير واحد ،بل ستحدد مصيرهم هـم الأربعه.

ريــحــان التـي يـرتعد قلبها قـلقاً على اختها.
فـ نـهش الخوف قـلبها وبات كأنيس غير مُرحب بِه لـ روحها ،فـ إن كـانت شَـــمـــس تخاف ثـمانون بالـمئه فهيا تـخاف أكثر مِنها ،تـخاف أن يكون ذلك الأمل أملا زائفاً يُزين قُلوبهم ،تخشى أن يكون الأمل كـ البومه لا يـرفرف في النور ويبقى سيداً لـ الظلام ،تلك المره لن تسقط شَـــمـــس وحدها بل سيسقط جميعهم ،سـوف تنهار جَدرهم وتتشقق قـلوبهم ،تلـك المـره سوف تكون السقطه قويه للغايه ومؤلمه.

فـهل تــعلم معنى أن تـكن حـياتك مُـعلقه علـى شَفى خـيط فـالت!.

وأما عن لــيــل الـذي كـان يـحاول طرد شبح الفِقدان الذي يتراقص أمامه.
فـ كـان يـجـلس إلى جِـوارها ويـضمها إلـيه لتتوسـد صـدره بتوجس ،كـان الترقـب هو الحاله الأشد سَيطره على قـلبه ،وكان التفكـير يجمع جنوداً ليـغزو بها عقله ،كان عقله يطرح عليه مائات الاسئله فـ ماذا أن كانت فُرصة رؤيتها شِبه معدومه!.
ماذا لو بقيت شَـــمـــس كـفـيـفه هل سيتقبلها حقاً!.
هل سيكون حافظاً على عهداً قد قطعه على نفسه بأن تبقى روحه فداء لـ قلبها!.
ماذا لو ابتعدت هيا عنه بعد أن يقتل الأمل الأخير!.
ماذا لو لم تتحمل وهو لم يستطع أن يتحمل!.
ماذا لو كان البـعد هو الصِراع الذي سوف ينتصر عليهم!.
مـاذا لو دُفن حَبهما اسفـل رمـاد الظلام!.

عِند تلك النقطه أشد من ضمه إلى شَـــمـــس برهبة محب خائف من فِقدان حبيبه ،بينما هيا توجست في خيفه وقـلبها كالطبول يستعد لخوض حرباً لا يعلم عن أطرافها أحد ،الرهبه تحتلها ،والعجز يضع اعلام إنتصاره فوق أرضها ،لـأول مره تكن خائفه هكذا ،لـأول مره تنتظر نتيجة شئ وكأنها شهادة نَجَاتها ،لـأول مره تـفقد الأمل في الحياه وينل مفروغ الصَـبر مِنها.

شَـــمـــس الــتي غشاها الغروب وأغرق ضوئها.
كـان قـلبها فـي حالة الوعي والـاوعي فـقط ترا جـميع آمالها، واحلامها تتجسد أمامها في هيئة شـخـص عَزم على الرحيل ،تراه يطوي صَفح الهوى بين يديه ،تـشـعر بالحب الذي يـختزل بداخلها ويخبرها أنه سوف يغادر ،هو ليس بـعجوز عاشق للظلام ،بل هو في ريعان العمر يعشق الضَياء وهيا مظلمه ،مظلمه للغايه ،مظلمه لـدرجه أنه لا يستطيع أن يراى حبيبه ويمعن النظر به ،لا يستطيع النظر إلى عينيه والوقوع في غرامهم ،لا يستطيع أن يحـب أسفل الظلام.

وبــيــن بـراثــيـن الضــيـاع ،تـبـعـثرت دَفـاتر الـحـب ،وأنــطــوت صَفح الهــوى ،لـيـعلن الحكم عن نــتـيجة هدف التعادل التـي أحرزتها الصِــراعــات وبــجـداره.

يــعــقـوب الذي كـانت جميع طُرقه تميل إلى الإنحناءات ولا تسر في طريق واحد.
كـان في حالة صِراع بين قلبه وعقله ،قلبه الذي يخشى أن تكن تلك المحاوله الاخير فـيكسر قلب صديقه وتتحطم روحه ،قلبه الذي كانت تضربه صاعقة الخوف من أن تعد ريـحـان عازمه البقاء إلى جانب شَـــمـــس وترفضه ،وترفض حبه ،تضع عينيها بين يدي شمس لتبصر بها وتعمى باصريها عنه ،بينما كان عقله يجلد قلبه بكرباج الغضب وهو ينهره في التفكير بأنانيه بتلك الطريقه ،لما لا يتفائل؟ 
الم يكن هو من يخبر ريحان أن تتفائل، أن تتمسك بالأمل داما الله موجود ،ام أنه يقول حديث ويفعل غيره!.
وما بين تشتت قلبه وعقله فاز عقله فأطلق زفير هادر يخرج به شبح الخوف من داخله مُقترباً صوب ريـحـان التي كانت تـفرك أصابعها بقوه وتهز قدميها في توتر.

إقترب وجثى أمامها وهيا تجلس أمام نصب عينيه يلتمع الدمع بين بؤرتيها ليمسك بكف يدها ويمسد فوقهما بحنو قائلاً برفق:

_اهدي يا ريحان موتره نفسك ليه!.

نظرت صوب عينيه واردفت في صوت خافت وهيا تخطف نظرات صوب شمس بعينيها:

_خايفه يا يعقوب ،خايفه اوي ،المره دي مش زي كل مره ،المره دي شمس بتحب ،المره دي شمس متمسكه بكل أمل ،يمكن قبل كده مكنش في حاجه شمس تستحق أنها تشوفها لكن دلوقت فيه ليل، دلوقت فيه ليل اللي بيحبها وزي ما هو بيحبها هيا كمان محتاجه تحبه لكن طول ما هيا كفيفه مش هتعرف ،حتى لو ليل عرف يخليها تحبه هيا مش هتقدر انا عارفه شمس ،شمس طول عمرها لما كانت تشوف حاجه صعبه عليها كانت بتهرب منها ،مكانتش بتحارب ،هيا اتعودت على السهل وحبها المره دي صعب ،اصعب من اي حاجه ،عشات كده خايفه ،خايفه على قلبها من الكسره المره دي.

تبسم ثغر يعقوب في حنو شديد ومن ثم رفع كفي يديه مُحتضناً وجه ريحان بين راحتي كفه هاتفاً بهدوء وإبتسامة أمل:






_وانا مش عاوزك تخافي يا ريحان انا واثق في ربنا المره دي ،عارف أنه على قد ما ابتلى شمس وشاف صبرها ورضاها عارف أنه هيعوضها ،انا معرفش شمس من يوم ولا اتنين عشان كده متأكد أن ربنا هيعوضها وعشان كده برضه مش خايف ،ومهما حصل حتى لو شمس فضلت بعد الشر كفيفه ليل هيفضل جنبها ،مش شمس بتحب السهل! ،ليل بقى بيموت في الصعب ،بيعشق حاجه اسمها معافره ،والمعافره في الحب جايزه يا ريحان .

كان حديثه يشبه الندى رطباً يهدأ من توهج قلبها ،كان يـشبه الغصن الذي تختبئ به الطيور ،كان يـعـقوب أمانها الدائم الذي لم يزل حتى الأن ،ولن يزل ،هو باقي حتى آخر انفاسها، سيبقى إلى جوارها ،هكذا عاهدا بعضهم البعض ،لا للفراق او للبعد ،لا للألم ولا للفقدان ،فـ تبسم ثغرها في رفق وهيا تميل برأسها تمسح وجهه في يده كـهره مُطيعه بطريقه جعلت يعقوب يبتسم في حب لها.

_تفتكر هشوف؟.

خرج صوتها قاطعاً السكون الذي دام بينهم لفتره وجَيزه ،خرج صوتها شاقاً هدوء الليل وقد كان كـ نسيم هواء بارد اثار من جذوع أغصانه الساكنه ،كان صوتها فاقداً للأمل وقد خرج سؤاله بغيه أن يطمئنها ،ان يمتص الخوف الذي يسكن قلبها ويخبرها أنها سوف ترا من جديد وخاصه أنها سوف تراه!.

اخرج لـيـل زفير هادئ وهتف وهو ينظر صوب شـمس المُستكينه فوق كتفه:

_صَدقيني يا شـمس انا مش فارق معايا حاجه غيرك ،مش فارق معايا غير إنك تكوني جَنبي مش اكتر ،ايدك في إيدي طول الوقت ،صَدقني انا مش عاوز اكتر مِن إنك تكوني مرتاحه ومطمنه ،انا لو عاوز حاجه فـ عاوز امتص كل الخوف اللي جواكي ،عاوز ادخل جوا قلبك واخطف الخوف مِن جواه واقوله يطمن ،يطمن اني جنبه ومعاه مهما كانت النتيجه ،يـطمن إني بحبه وبس وإي نتيجه مش هتكون غير عامل هيزيد من حبي ليكي فـ تعرفي تطمني!.

_أطمن!.

كـلمه كانت غريبه على قاموسها ،دخيله على قلبها ،كلمه وضعت العديد من علامات الإستفهام في عقلها وهيا تتساءل ماذا يكون الاطمئنان؟.
اهو ذلك الشعور الغريب الذي يجعلها تتوسد كتف رجل لا تراه بلا خوف!.
اهو ذلك الشعور الذي يجعلها تفتح له قلبها بلا ريب!.
اهو ذلك الشعور الذي يخبرها إنه إلى جوارها ولو صعدت للسـماء السابعه أو اختطفها خندق مارينا إلى داخله!.
اهو ذلك الشعور الذي يجبرها على إبقاء كفها بين راحتي كفيه القويان وكأنها تخشى أن تسلك سبيل اخر غيره؟.
اهو ذلك الشعور الذي يجعل قلبها يـنشد في غِناء عذب كلما شعر بـقربه مِنها!.
هل ذلك الاطمئنان هو مفهوم الراحه التي لا تشعر بها سوا إلى جواره!.

تبسم ثغر لـيـل في خفوت وقد شعر أنها كـ الأطفال ما أن تقع كلمه غريبه على عاتقهم لا يكف عقلهم عن التفكير حتى الوصول إلى معنى مبطن لها ليهتف وهو مازال يتأملها وهيا تستند برأسها على كتفه ،تجول عينيها في الفراغ فلا تراه ،وتذم شفتيها في صمت ليهتف قائلاً:

_ايوا تطمني يا شمس ،واعرفي أن لو العالم كله اتأمر ضدك انا الوحيد اللي هكون في صفك ومش هخذلك ،انا الوحيد اللي عمري ما هجرحك يا شمس ،جرحك هيضعفني قبل ما يضعفك ، وزعلك قادر يهد سعادتي في لحظه ،فرحك قادر يخليني اسعد راجل في الدنيا .

تأثر قلبها كثيراً بحديثه العذب لتغمض عينيها وهيا تمنع دموعها من أن تهبط قائله:

_للدرجه دي يا ليل بتحبني!.

_انا معرفتش الحب غير لما شوفتك يا شمس ،وقعتي فيكي كانت أكبر وقعه في حياتي واجملها ،معرفتش معنى أنك تكون متلخبط او خايف من حاجه انت لسه مش متأكد منها غير لما قابلتك عرفت وقتها إن الشمس مش بس قادره تنور العالم كله لا دي كمان قادره تنور اي شخص زي ما نورتني ،نورتني وانا ليل كان ماشي بلا سبيل مش عارف بكره مخبي ليه ايه ،ورغم كل الطرق اللي مشيتها وتوهت فيها كلها كانت بتوصل ليكي ،كانت بتوصل لطريقي الصح وانا مخدتش بالي من ده ،تعرفي إني من اول مره شوفتك وانا سميتك النداهه حتى من قبل ما اعرف اسمك!.

عقدت حاجبيها في غرابه وهيا تبتعد برأسها عن مسند كتفه وهيا تردد اللقب بداخلها بتعجب وهيا لا تعلم لما ذاك اللقب ذاتاً قد اختاره لها! 
ليبتسم لـيـل وهو يستدير بجسده كاملاً صوبها يتأمل وجهها الذي يشبه الغروب ،لا يصيب عينيه بألم ،يستطيع النظر له كيفما شاء وكيفما اراد ليهتف بحب :

_زمان قالولي إن النداهه بتظهر لناس معينه وبتخطفهم وبتاخد منهم روحهم وتمشي بس انا عمري ما آمنت بالخرافات دي ولا صدقتها لحد ما قابلتك ،ظهرتي ليا فجأه من العدم ،خوفت، اتبرجلت ،قلقت، كل قصص الناس عن النداهه بقيت بتعدي قدام عيني زي شريط السينما قولت معقوله ،معقوله اخرتها تكون على إيد نداهه تخطف روحك! ،بس لما سمعت صوتك وشوفت عينيك اللي كانت بتبص لمكان تاني اطمنت ،خوفي اتبخر ،حسيت إني في أمان ،لكن وقتها انتي فعلا كنتي نداهه خطفت روحي من اول وقعه ،نداهه رفضت ترجع قلبي وخدته وطلعت بيه جري ،وقتها صدقت كل اللي قالوا إنهم شافوا النداهه عشان انا شوفتك ،قتلتيني برفضك ليا في الاول ،وسرقتي روحي في وقعتي بيكي ،وعذبتيني في حبي ليكي ،وعرفت وقتها إن النداهه ممكن تكون إي حد ،وممكن تكون انتي!.

وفجــأه يتضح لك أن الحــب ليس كذبه!.
فجــأه يتجسد أمام عينيك الحب الذي لم تراه سوا في الشاشات.
لـتشعر بـقلبها يـزهر فجـأه ودون درايه مِنها طارحاً ثِمار مِن الحب.
شـعرت بأنها قد أحببتهُ لأنه ثمينٌ جدًا لا يشبهُ تفاصيل هذا العالم المزدحم بالتكرار والنسخ البالية؛ لأنه يشبهُ كل الجمال الذي يلون الأرض؛ لأنه يشبهُ السماء المُزهره بالغيوم؛ لأنه يشبه الشمس في فلك الكواكب؛ لأنه يشبهُ الأشياء التي لا يمكن أن تُرى أو تُلمس؛ و الأحلام و المُنى؛ والغاية والشوق؛ والأمل والالم؛ لأنه يفوق العادة و المقصد و الإرادة.
شعرت أنها قد أحببتهُ لأنه الوَحيد الذي تَخطى جِدار عتمتها وقفز مُحتضناً توهجها.
شعرت أن قلبها قد وقع في صِراع حـبه وهي لا تملك سوا أن تجعله يقودها إليه.
يقودها إلى متاهتها الوحيده، وسبيلها الاخير ،وضَرب قلبها الأول.

_لــيــل.

هتفت بها بنبره ناعمه مُـحبه وإبتسامه رقيقه مِثلها ارتسمت فوق ثغرها الوردي ليتنهد وهو يضع كف يده فوق قلبه يهدأ من طربه مردفاً كـ السكير:

_لو تعرفي بس انتي بتعملي إيه في ليل هتقولي ربنا يسامحني.

_هو هيسامحني فعلا عشان هحبك.

رمش بعينيه بضع مرات وهو ينظر صوبها في صدمه لتنطلق مِنها ضحكه جميله خافته جعلته يبتسم دون درايه مِنه وهو يتأملها كأنها المرأه الاخيره في العالم وهنا لم يغفل ذلك على عيني يـعـقوب الذي أخرج هاتفه سريعا وقام بإلتقاط صوره سريع لهما وهما في تلك الوضعية الجميله التي سوف تتكرر دائما داما الحب بين كِلاهما.

_شـمـس صـالح فين!.

انتقلت أعين ثلاثتهم صوب بعضهم البعض بينما طافت عينيها في الفضاء الشاسع حولها لينهض ليـل منتصباً في وقفته نافضاً عنه القلق ممسكاً بكف شمس وهتف برفق:

_افتكري اني جنبك اوعي تخافي.

_دلوقت طول ما انت جنبي عمري ما هخاف.

دلفا اربعتهم إلى غـرفة "الكشف" بالرغم من أعتراض الممرضه على دخولهم جميعاً ولكن لم يستمع إليها أحد وعقدا العزم أن يكونا حزباً واحداً لا يتفرق.

اغلق باب الغرفه فور دخولهم فجالت أعين ليل ويعقوب وريحان تتفحص الإرجاء وهم ينظرون إلى جدران الغرفه البيضاء الناصعه وسقفها المعلق الازرق والمعدات الطبيه العاليه التقنيه تحيط بهم فلم تكن كـ غرف الكشف العاديه بل كانت لها رهبه جعلت بدنهم يرتعش ،ومن خلف المكتب الاسود الأنتيكي الذي بدأ عليه التراث العربي القديم من تلك الزخرافات التي تحيط بجوانبه باللون الفضي اقترب الطبيب صاحب الثالثه والاربعون من العمر ولم تكن سنوات العمر تظهر فوق وجهه الباسم وعينيه الزرقاء التي تشبه الموج الساكن ،كان بسم الوجه، بشوش الملامح إستطاع أن يهدأ من قلق قلوبهم.

إقترب" فـــريــد" واقفاً صوب كِلاً من ليل الذي لازال يمسك شـمس في توجس وعينيه تهتزان من موضعهما وكف شمس يمسك به بقوه ليبتسم هو بدوره مردفاً في هدوء:

_مالكم كلكم متوترين كده!.

سبق الجميع ثغر ريحان الذي نطق في عفويه وفضول:

_هو مش انت دكتور امريكي بتتكلم عربي ازاي!.

ضحك فـريـد بخفه وهو يشاهد وجهه ريحان الذي تجعدت ملامحه في ألم بعدما وكزها يعقوب بأن تصمت ليهتف في بشاشه:

_انا من اب مصري وام امريكيه عشت عمري ما بين مصر وامريكا فعرفت اتكلم اللغتين ببساطه!.

_اه قولتلي.

هتفت بها ريحان من جديد ليرمقها يعقوب بشراز هاتفاً في غيظ:

_هو مفيش حد هنا هيتكلم غيرك!.

_الله هو انا ماسكه لسانك ما تتكلم!.

ضحك فـريـد في خفه على هذان المشاكسان ومن ثم نقل نظره صوب شـمـس الصامته والتي كانت تشعر بالقلق وهيا تقف كما يقال المثل "زي الأطرش في الزفه" لا تستطيع أن تبصر شئ ولا أن تشاركهم في ضحكاتهم ومزاحهم ليتفهم فـريـد قلقها ليهتف برفق:

_إنتي شمس صح!.

_ا.....اه أنا.

_ومالك خايفه ليه وساكته كده هما قالوا بره إني بعض!.

تبسم ثغر شمس في رفق على مداعبة الطبيب اللطيف لها ليرتاح قلب ليل بعض الشئ له وهتف هو بدوره في هدوء:

_دكتور انت اخر امل لينا بعد املنا في ربنا إحنا جينا مخصوص وكل عشمنا فيك.

ربت فـريـد فوق كتف ليل بحنان ابوي وقد لمح الحب والخوف ينبض بين عينيه ليهتف:

_صدقني كل اللي هقدر اعمله هعمله تتوكل على ربنا انت بس ومتشلش هم.

_ونعم بالله.

_تسمحلي اخدها منك شويه!.

لم تغادر البسمه شفتيه وهذا ما جعل جميعهم في حالة سكون وهدوء أفلت ليل كفي شمس لينتفض بدن شمس وهيا تنظر حولها بلا هوادة ليطمئنها ليل سريعاً مردفاً بحب:






_انا جنبك متخافيش الدكتور بس هيكشف عليكي.

_متمشيش!.

_مش همشي انا جنبك .

سارت إلى جوار الطبيب الذي امسك بـمرفقها حتى وصلا صوب إحدى المعدات الطبيه التي كانت تقبع جانباً واجلسها فوق أحد الكراسي القطنيه الناعمه وقد كانت تلك الأداه هيا "مجهر المصباح الشقي" وهو اداه تستخدم لفحص شبكية العيون مع جلوس المريض بشكل مستقيم ويستخدم الضوء الساطع لإلقاء الضوء على الجزء الداخلي للعين بإستخدام عدسه مكبره بلإضافه إلى استخدام الطبيب لـ مصباح شقي لرؤية البقعه والعصب العصبي بتفاصيل كبيره.

كان نبض قلبها يتزايد رغم أنها ليست المره الأول التي تجلس بها في تلك الوضعية ولكنها لم تستطع أن تطرد الخوف من قلبها ،بينما جلس فريد على الطرف المقابل لها ليبدأ في آداء عمله في هدوء وهو يتحدث بصوت خافت لا يسمعه سوا كلاهما يحاول به فصل الخوف عنها:

_تعرفي إنك شبه بنتي الصغيره اوي.

_أنا!.

_ايوا اسمها لارينا ربنا رزقني ببنت واحده بس وبعدها مراتي أصابت بسرطان في الرحم ومقدرتش تخلف تاني ،من ساعة ما شوفتك وانا شايف برائتها فيكي ،وشايل حيرتها وخوفها وهيا لوحدها أو وهيا لتختار حاجه ومهما حاولت اطمنها واني اشيل الخوف عنها هو معاها معاها لكن بدأت تستجيب واحده واحده وبدأت تسيطر على مخاوفها دلوقت.

_إزاي!.

_بأنها تطمن طول ما في ناس حواليها بتحبها سواء انا او مامتها أو صحابها في المدرسه ،هيا بدأت تطمن طول ما حواليها ناس بتحبها وخايفه عليها فبدأت تنسى الخوف واحده واحده ،لكن انتي غير رغم أن حواليك ناس بتحبك إلا أنك خايفه ،وكأن وجودهم مخوفك!.

_تخيل إن الناس اللي انت بتحبهم دول انت مش قادر تشوفهم يا دكتور!، مش قادر تشوف ضحكتهم ولا فرحتهم ،مش قادر تشاركهم في حاجه لمجرد إنك كفيف! ،كفيف مش قادر تشاركهم في أدق تفاصيل حياتهم ،مش قادره اشارك ريحان وهيا بتختار حاجات لشقتها ،مش قادره اشارك يعقوب وهو بيسألني إي لون احلى! ،مش قادره اشوف الشخص اللي بحبه عشان كده وجودهم مخوفني من إني اخسرهم!

_سمعتي عن هيلين كيلر!.

_لا.

_هيلين كيلر فقدت بصرها وسمعها وهيا عندها بس ١٨ شهر !.
لكنها مستسلمتش وبقيت من اشهر كتباء امريكا ،فازت بجوايز كتير بسبب أعمالها الخيريه التي لا تعد ،واوسمه عديده لإشتراكها في أحزاب كتير تدعم فيها رأيها وتشارك فيها بصوتها ،تخيلي معايا كده طفله لا بتسمع ولا بتشوف بس مستسلمتش ،كتبها اترجمت لاكتر من خمسين لغه ومحركات جوجل كلها بتتكلم عنها ،العجز يا شمس مش إننا مش بنشوف أو مش بنسمع ،العجز فينا إحنا ،العجز في إستسلامنا بدري وفقدان شغف المحاربه ،الكفيف قدر يبقي عالم ،والأصم كذلك مفيش حاجه بتوقف البني ادم وتعوق طريقه غير نفسه.

كـان حديثه ناعماً كإبتسامته التي لم تزح ،شئ ما خطف الخوف من قلبها وحلق به بعيداً عنها وجعل الراحه تتسلل إلى داخل قلبها لتهتف والأمل يتجدد بداخلها من جديد:

_يعني تفتكر هشوف تاني.

_افتكر اوي.







هتف بها وهو ينهض من أمام الجِهاز متجهاً صوب شـمـس التي شعرت بالصدمه من حديثه الذي خرج واثقاً ليقترب ليل سريعاً صوبهما ويساعدها على الوقوف وكذلك ريحان الذي اقتربت تحتضنها في حنان وتربت فوق ظهرها ليبتسم فريد ويهتف في بشاشه:

_نسبة إن بصرك ترجع تاني يا شمس لا تتخطى الخمسه والأربعين في الميه.

_يعني ده شئ كويس ولا لا!.

هتف بها يعقوب متعجلاً ليبتسم فريد في هدوء قائلاً:

_ده شئ ممتاز نسبة الرجوع لا تتعدا الخمسين في المئه وحالة شمس مش نادره ومش اول حاله تعدي عليا ،في عمليه هنقوم بيها ووارد إن نسبة نجاحها تكون أربعين في الميه وكل شئ بأمر الله.

رمشت شمس بأهدابها في حالة عدم إستوعاب وهيا تستمع إلى حديث الطبيب الذي اخلف توقعاتها وتوقعات الجميع لينهمر الدمع سبلاً من بين عيني ريحان التي لم تستطع تحمل فرط سعادتها وانهمرت دموع الفرح تتراقص فوق خديها بينما ارتفعت ضحكات يعقوب بسعاده وهو يركض صوب ليل يحتضنه في فرحه حقيقيه يشعر بها وكان ليل يناظر فقط للحياه التي تبتسم أمامه .

_انا هشوف تاني!.

هتفت بها وهيا تتذوق جمال الكلمات ولا تستطيع التصديق أنه بعد مرور ثلاث سنوات سوف تستطيع أن تبصر من جديد ،سوف ترا الحياه من جديد ،الشمس ،السماء، القمر ،النجوم ،كل شئ قد نسته ذاكرتها سوف تستطيع أن تراه من جديد بكـت.
تساقطت دموع الدعاء والشكر والإمتنان إلى الله فوق وجنتيها تزيل عنها ايام الظلام والحزن والخواء.
ضحكت وهيا تبكي في حالة عدم تصديق وهيا تهتف كالناجي من الغرق:

_انا هشوف تاني يا ريحان هشوف تاني!.

_هتشوفي يا قلب أختك هتشوفي.

ضحكت بسعاده وهيا تحتضنها بقوه ،تحتضن رفيقة الدرب وانيسة الروح ،احتضنتها ريحان بقوه وهيا تشاركها البكاء والسعاده كما اعتادت كِلتاهما ،احضنتها كما اعتادتَ دائماً على إحتضان بعضهم البعض ،تشبثت شمس بريحان وهيا تبكي بقوه وتهتف في عدم تصديق:

_انا مش مصدقه! انا مش مصدقه! انا هشوفك يا ريحان ،هشوفك وانتي عروسه!.

_ربنا كريم يا شمس كريم اووي!.

تلألأت دمعه بين عيني الطبيب فريد وهو يناظر ذلك المشهد متأثراً بتلك الحميمه التي تجمع بين كِلتاهما وكأنهما أختان من صَلب واحد ،ومن ثم ناظر ليل الذي لم يكف ثغريه عن حمد الله وشكره ويعقوب الذي كان يبتسم في سعاده خالصه وهو يشكر الله على أنه لم يضيع أمالهم سداء.

إقترب الطبيب فريد صوب مكتبه وقام بإلتقاط نظارته وإرتدائها وهتف في هدوء:

_العمليه مش هتتعمل هنا بل هتتعمل في المستشفى الخاصه بيا في القاهره ولحد ما معاد العمليه ده يتحدد شمس هتتحجز في المستشفى علشان هتخضع لشوية فوحصات وتفضل تحت العنايه لحد ما نتأكد أن كل حاجه بخير.

هنا تدخل يـعـقوب مُتحمحماً في حرج وهو يقول :

_والعمليه دي هتكلف كتير يا دكتور؟.

كان ذلك السؤال هو الذي قطع فرحتهم وسعادتهم وقد اوجس قلبهم خيفه من جديد لينظر لهم الطبيب فريد في رفق وهتف وهو يحاول أن يكن هيناً رقيقاً بهم بعدما تدارك وضعهم المادي:

_بص يا ابني الطاقم اللي هيعمل معايا العمليه هيكون جاي من بره بالإضافه إن المعدات والأجهزة اللي هنعمل بيها العمليه مش موجوده هنا فـ لسه هبعت اجيبها من مستشفى خاصه بيا في امريكا ومن غير دخول في تفاصيل اكتر العملية هتكلف ٣٥٠ ألف جنيه.

هبط الرقم فوق أذنيهم كـ الصاعقه فـمن إين لهم بمبلغ مثل هذا!.
من اين سوف يعثرو على ثُلثي مليون جنيه!.
صاعقه إصابتهم وافجعت فرحتهم واختطفتها فأنهارت جميع أمالهم سبلاً وزحف اليأس صوب قلوبهم من جديد.

دمعت عيني ريحان سريعاً وهيا تشعر بالعجز قد تملك مِنها فرياح سفنهم اغرقتهم ولم تسري بهم كما أرادوا!.

رق قلب الطبيب فريد وهو يرا الحزن يرتسم فوق وجههم ليهتف بقلب رقيق وبسمه هادئه:

_بص يا ابني متشيلوش هم المصاريف انا هحاول على قد ما اقدر انزل منها اللي يناسب مقدوركم وهيكون في كلام بيني وبين الحسابات المهم عندي وعندكم أن شمس ترجع تشوف تاني ولا اي!.

تغضن وجهه لـيـل بالحزن وهتف بـ يأس:

_بس يا دكتور....







إقترب الطبيب فريد صوبه ووقف أمامه وربت على كتفه بحنان ابوي مردفاً:

_ربنا يعلم إنتوا دخلتم قلبي ازاي وانا ميمهنيش دلوقت لا فلوس ولا غيره كل اللي يهمني أن القمر ده يرجع يشوف تاني ولا حد عنده كلام تاني!.

شخصاً واحداً كان قادر على إعطائهم الأمل وسلبه مِنهم وهو الطبيب فـريد.
رغم بشاشة وجهه ورفقه بهم إلا أن اليأس تسرب إلى داخل قلوبهم وبدأت عناكبه تنتشر بداخلهم وهيا تنصب شِباكها فوق افئدتهم وقد شعر بعضهم بتحطم آماله.
والأخر شعر بأنه بأكمله يتحطم.

___________________________________________

‏عيونها أجمَل من السماء بنجوَمها .

عِند قطعك لـ طريق طويل وتخطيك لجميع الصعاب ،ومحاربة الصِراعات ومـن ثَم يتضح لـك أن ذلـك الطريق قد أستنزف مِنك كل شئ وجعلك تفقد كل ما كنت تملكه ،تشعر بالحزن واليأس يتسرب إلى داخلك كـ عدو لدود يُـحارب يُحارب للثائر بك ومن ثم تخسر.
وتنهزم.
وتنل الصِراعات مِنك وتنتصر على كل شئ.
تنتصر على الحب وتقتله وتدعس فوقه بأقدامها.
تنتصر على ذاتك التي حاولة أن تبقيها واقفه ولكنها قامت بزهقها كـ الطيور التي تُجرح بلا سبب.
تنتصر عليك الصِراعات وتجعلك بائس حزين كاره للحياه.

لم يكن أحداً بهم في حالة ذهن يقظه جميعهم شاردون في ملكوت الخالق وقد طغى الحزن فوق ملامحهم وأخذ اربعتهم يقفون فوق رأس جُثة الأمل الممده أسفل أقدامهم يتسائلون عن من يكون القاتل؟.
من الذي قتل آمالهم وحطمها؟.
من الذي آتى مُبيداً كل مظاهر الحياه من فوق قلوبهم!.

جلس واضعاً رأسه بين راحتي كفه وهو لأول مره يشعر أن يديه مُكبلتان ولا يقدر على فَعل شئ.
يشعر بأنه يراقب حياته من خلف الكواليس ولا يقدر على التدخل والتغيير من السيناريوهات الظالمه التي تحدث أمامه.






طغى اليأس فوق وجهه فأصبح وجهه البشوش اسود كـظيم من الحزن الذي أصاب قلبه وبات يفكر من أين لهم بالحصول على مبلغ كبير كهذا؟.
كيف سوف يعثرون عليه!.
هم لا يملكون مفتاح مغارة علي بابا وليس بيدهم مصباح علاء الدين لا يملكون شئ يفعلونه لأجلها!.
رفعه وجهه صوب شَرفتها التي باتت تأنس الجلوس بها في الآوان الاخيره فوجدها تجلس بلا هوادة تنظر إلى الشئ واللاشئ.
كانت جميله كالنجوم تستطيع أن تراقبها وتنظر لها من بعيد ولكن لا تقدر على لمسها.
كانت تشبه الملكه التي يعشقها الجاري ولا يملك الحق بأن يبوح بحبه لها.
وهنا شعر أنهما يشبهان السماء والأرض لا يتعانقا إلا عند الغروب والشروق وغير ذلك لا يجمعهما جامع.

_مالك يا اسطا ليل من ساعة ما جيت وانت شايل الهم!.

كان ذلك هو صوت مُـــسعد وهو يقترب صوب لـيـل الذي يجلس في سكينه على غير عادته لا يحادث الماره ولا يلاطف الاطفال كما اعتاد عليه ،فأقترب جالساً إلى جواره مربتاً فوق كتفه بحنان اخوي ليرفع ليل عينيه الحمراوتان كـ الجمر من شده التفكير وعصره لـ ذهنه ليقلق مُـــسعد عليه بشده ويهتف :

_اسطا ليل انت كويس !.

_ياريتني كويس يا مسعد ياريتني!.

_ايه بس اللي حصل قولي يمكن يكون في أيدي اساعدك؟.

_وهو انت في ايدك ٣٥٠ ألف جنيه يا مسعد!.

صمت مُـــسعد وهو يحاول الفهم إلى ما يرمي بحديثه ولكنه لم يفهم ولم يستطع أن يدرك بعقله الصغير ما الذي يجعل رب عمله في حاجه إلى مبلغ كبير كهذا! .
هل واقع في ورطه؟.
هل اقترض دينناً ويطالب به الآن!.
ليهتف وهو يحاول أن يدرك ما يرمي إليه بحديثه مردفاً:

_لو معايا مش هتأخر عليك بجنيه يا اسطا ليل بس خير! ،مش فاهم انت محتاج المبلغ ده كله ليه؟.

_مش انا اللي محتاجه شمس اللي محتاجه.

_والست شمس هتحتاج لمبلغ كبير زي ده ليه ناويه هيا والست ريحان يغيروا عربية المرحوم!.

تبسم ثغر لــيـل في خفوت على كلمات الصغير مسعد ليهتف مسعد بأمل بعدما رأى إبتسامه ليل الهادئه ليهتف برزانه عقل:

_ما تقولي يا اسطا ليل في ايه!.

تنهد ليل في رفق وقام بقص عليه ما حدث من حديث الطبيب فريد والمبلغ المطلوب للعمليه والأمل الزائف الذي بعثر شتات قلوبهم ،افرغ ما بعجبعته ما آلام وهو لا يعلم ماذا يفعل!.

عبست ملامح مسعد حزنناً عليه وعلى ما قد وصلوا إليه هو وتلك المرأه الطيبه ،رفع رأسه يناظرها وهيا تجلس في إستكانه كما عهدها الجميع هادئه كالنسيم ،جميله كـ الفراشات ،تـشبه الآلوان الورديه حين تُزين إحدى اللوح ،هيا شَــمـس ومهما كانت خافته فـ لا حياه بدونها.
لا حياه بدون إشراقتها.
لا نهار بدون أشعتها.
ولا قلب هادئ بدون وهجها.

اخذ مسعد شهيقاً طويلاً ومن ثم قال في سن حكمه فتى صغير:

_بص يا اسطى ليل من اول ما قولتلي انك بتحب الست شمس وانا قولتلك انك لازم تستحمل اللي هيحصل ،لازم تتتحمل اي حاجه ممكن تقف حاجز بينك وبينها ،قولتلك أنها زي النار لكن انت مسمعتش كلامي واديها بتحرق في جناحك واحده واحده لحد ما تحرقك كلك بس انت مكمل ،وطالما انت مكمل يبقي متأكد أن النار ممكن تتحول لجنه زي معجزه سيدنا إبراهيم عشان كده بقولك متستسلمش ،الصعب لسه جاي ،وطالما الدكتور ده طمنكم شايل الهم ليه! زي ما ربك فرجها وحكم أن بصرها يرجع ليها هيفرجها صدقني المره دي بس انت قوم كده خد الست شمس وأخرجوا سوا ،خليها تحب الدنيا اكتر يا اسطا ليل دي بقالها سنين مشافتش الحياه وانت خلاص جيت ،طوق النجاه اللي بينقذ الغريق ومينفعش بعد ما تكون امل ليه تخذله ،قوم يا اسطا ليل وعيش اليوم بيومه والساعه بساعتها محدش واخد منها حاجه ،قوم وربك هيفرجها.







بـكل مره يجلس بها رِفقة ذاك الشاب الصغير يدرك أنه لا يفقه شيئا في الحياه ،في كل مره يطمئن قلبه بحديثه الهادئ الحكيم وينزع عنه لباث البؤس ،فتى يصغره بأعوام قادر على جعله يشعر بالإطمئنان دوماً ،تبسم في وجهه مسعد وربت فوق كتفه الصغير الذي لا يقارن بكتفه وهتف وهو يبتسم:

_ربنا يبارك فيك يا مسعد ويحفظك لـ شبابك.

_ربنا يريح قلبك يا اسطا ليل قوم اعمل زي ما قولتلك ومتخافش الورشه في امانتي.

_وانت قدها يا مسعد.

نهض واقفاً نافضاً عن ملابسه نِشارة الخشب ليقترب ويقف أسفل الشرفه التي تجلس بها شـمس ويهتف بصوت عالى صارخ افزعها:

_يــا شــــــمــس.

كانت تسبح في ملكوت اخر تفكر لما لا يكتمل كل شئ تريده!.
لما سعادتها دائماً ناقصه؟.
هيا لا تملك حتى رزمه واحده من تلك الأموال التي يطلبها الطبيب الذي أنقذها ومن ثم تركها تغرق .
تنهدت وهيا تشعر بنسيم الهواء البارد يُلاطفها بل ويلاعبها ولكنها لا تملك القدره على فعل شئ.
انتفض بدنها وهيا تستمع إلى ذلك الصوت التي حفظته جيداً وفي نفس الوقت كانت تدلف ريحان تمسك بين يديها كوبي من شاي النعناع لتستمع إلى صوت ليـل الصارخ لتهتف وهيا تهز رأسها بآسى: 

_انا قولت يعقوب ميقعدش معاه كتير محدش سمع مني.

ضحكت شمس في خفوت وهيا تستمع إلى حديث ريحان اليائس من أفعال يـعـقوب الذي تاره يكن عاقلاً إلى حد كبير واخر كالأطفال في أفعاله إقتربت ريحان من السور الحديدي مستنده فوقه بجذعها لتنظر صوب ليل الذي كان يرفع وجهه عالياً منتظراً جواب إحداهما لتهتف في حنق وهيا ترمقه بشرار:

_الحاره كلها عرفت إن العماره دي قاعد فيها واحده اسمها شمس ايه يا ليل ايه يا بابا!.

ضحك لـيـل بقوه اثر كلمات ريحان الحانقه وذلك التمرد والعفويه الذي لا تتحكم به ليهتف وهو يتلاعب بحاجبيه بمرح :

_عاوز حبيبتي ابعتيلي حــبـيبتي!.

توردت وجنتي شمس خجلاً من حديثه لتلوي ريحان ثغرها في حنق وحركه شعبيه وهيا تقول:

_ودي انزلها ليك في السبت يعني ولا ايه! ما تطلع تاخدها يا اذكى اخواتك!.

_انتي رخمه ليه ما تنزليها انتي يا ستي انتي هتتعبي يعني دول سلمتين!.

_اتذلل ليا شويه كمان وانا هفكر!.

ضحكت شـمـس على مـناقرتهم إلى بعضهم البعض لتمسك بالسور الحديد وتنهض من فوق الكرسي الذي كانت تجلس فوقه وهيا تهتف بمرح:

_تعالي نزليني يا ست ريحان حرام نسيبه واقف كده!.

_ده انتي نحنوحه يا بت والله!.

ضحك ليل من الاسفل وهتف بصوت عالي مرتفع وهو يقم بالغناء:

_غيري مني وولعي صعب جداً تلمعي!.

كانت ضحكه قويه تشق ثغر شـمـس وهيا لا تصدق في إي روضه قد سقطت!.
الجميع من حولها يتحولون إلى اطفال في دقائق ،الجميع بما فيهم هيا مازالوا يعيشون الحياه بقلب طفل لم يلوث بعد.
هبطت من فوق درجات السلم وإلى جانبها ريحان التي تمسك بكف يدها تبتسم لها وهيا تطالع تلك البسمه العذبه التي ترتسم فوق ثغرها ،كم تمنت أن يأتي ذلك اليوم وترا به شمس وهيا تحب ،شمس التي كانت ترا أن الحب مسرحيه لا يفضل أحدهم مشاهدتها ها هيا الوحيده التي تشاهد المسرحيه بقلب فرح.

كانت تكفر بالحب وآياته ،تسخر من تفاصيله ومعجزاته ،كانت تراه مشاعر فارغه لا وجود لها سـوى في الأساطير والحكايات ،ولـكن ها هيا تقف على شَرفة باب الحـب تسـتقبله بـ كوب قهوه وتحسن مِن إستقباله وكأنه ضَــيف غَالي على قَـلبها.

_بتبصيلي اوي كده ليه يا ريحان!.

صعقت ريحان اثر كلمات شمس لترمش بعينيها بضع مرات وهيا تناظر عيني شمس بقوه لتضحك شمس بدورها قائله:

_لسه مشوفتش يا ريحان بس نفسك ضارب في وشي بتبصيلي ليه؟.

_حد يطول الشمس تبقى قدامه طول الوقت وميبصش ليها!.

ضحكت شمس على غزل ريحان بها الذي اعتادت عليه فـ ريحان لا تعطي فرصه للحزن أن يسكن قلبها بل تنتشله من داخلها سريعاً وكم تحمد الله أنه قد أعطاها افضل وأعظم نعمه وهيا ريحان ،الصديقه، والاخت، والام ،وعالم بداخل حياه ،لتهتف وهو تربت فوق كف يدها الذي يمسك بها:

_انتي نصيبي الحلو اللي عمره ما هيتعوض يا ريحان.

تبسم ثغرها في حنو ووصلت كِلتاهما أخيراً صوب بوابة العِماره التي كان يستند عليها لـيـل ينتظر هبوطهم ليتبسم وهو يُطالع شـمس التي هبطت وهيا ترتدي بـجامه كارتونيه الشكل ليقهقه ضاحكاً مردفاً:

_منزلهالي بالبجامه يا ريحان البجامه!.








_ومالها البجامه ما عليها روبانزل اهو وزي الفل.

ضحك ليـل في إستسلام وهو ينظر إلى ضحكت شمس التي تجاهد على عدم خروجها ولكنها لم تفلح وضحكت ،ضحكت وكأنها الشمس في ثغر الصباح الباسم ليتبسم هو بدوره ويقترب صوبهم يمسك بكف يديها ويسير بها ناحية الخارج مردفاً:

_الحمد لله انك نزلتيها لابسه شبشب بدل ما كنت هشيلها على ضهري.

_استنى!

هتفت بها ريحان وهيا تقترب صوبهم راكضه وتضع فوق كتفي شمس شالها الصوفي وتدثرها بداخله بإحكام مردفه بتوصيه امويه:

_اوعي تقلعي الشال الجو برد يجيلك لسعة هوا .

تبسم ثغر ليل وهو يراقب تصرفات ريحان الامويه والتي تعامل شمس وكأنها صغيره لها ،وشمس تتقن ذلك الدور وتلتزم بقواعد والدتها ريحان ،سار بها خارجاً أسفل ناظري عيني ريحان التي سرعان ما تبخرت بسمتها وارتسم الحزن وصعدت درجات السلم راكضاً صوب شقتها وما أن دلفت من باب شقتها حتى انطلقت تعدو صوب غرفتها لتقترب صوب خِزانة ملابسها في خطى سريعه وتفتحها على متسعها تبحث بداخلها عن شئ حتى وصلت إلى غايتها لتمسك بين يديها عُلبه قـطيفه من اللون الاحمر لتعدو بها صوب فراشها وتجلس على طرفه واضعه إياها فوق قدميها تتأمل ما بداخلها في قلب يتمزق إرباً ،وروح تدمع حزناً ولكنها كانت تعلم أن ما تفعله هو الصواب.

كانت تعلم أن ما سوف تفعله سوف يقدم الكثير والكثير لها ولشمس.
فلا بئس بمحاوله اخيره لا بئس بشئ اخير تقدمه فداء لـهـا.
لا بئس أن تضع احلامها، وآمالها، وكل ما تملك بين يدي شمس.
كل شئ يـهون لأجلها.
كل شئ يهون لأجل اختها.

__________________________________________________

أحببتُ عيناه رغمَ اني أخاف الحُب.

_انا عاوزه اعرف انت واخدني فين بس!.

كان ذلك هو صوت شمس الذي يطرح ذاك السؤال للمره الخمسون وهيا تسير كالشاه لا تعلم إلى أين يجذبها، أو إن صح التعبير إلى أين يختطفها ،بينما هو لم يكن يتحدث كان يبتسم فقط ،كانت تعلو الإبتسامه ثغرها كلما تساءلت في فضول لا خوف منه ،كان يخطف بضع نظرات صوبها وهيا تبعد بضع الخُصلات المتمرده والذي زاحمها الهواء فوق جبينها وهيا تتأفف ،تتغضن ملامحها بغيظ منه ومن صمته فتنفلت مِنه ضحكه تجعلها تشتعل غيظاً.

_لو صبر القاتل على المقتول كان قال يا سيدي اصبري!.

_طب عرفني بس انت واخدني على فين عمال تنزلني سلالم وتطلعني سلالم عاوزه افهم!.

_مفاجأه مفاجأه.

هتف بها وهو يضحك في خفوت لتبتسم وهيا تتنهد في إستسلام وتسير معه بهواده ،تجاريه كما تجاري الرياح السفن، تهاوده كما تهاود الأمواج القِبطان ،كانت تعلم أنه حين يطرق الحب قلبها سوف تتعرف على نوع خاص من الحياه ،حين كانت ترفضه كان بداخلها شئ يبحث عنه، حتى عندما شعرت أنها تحب اول مره لم تكن تدرك أن ذلك ليس سوا محض إعجاب اختلط بالصدفه ،لقد اعجبت برجل كانت تتهاتف النساء عليه ،وسامته جذبتها ولكن قلبه كان مشوهاً للغايه أما لــيــل.

هو مـن ينجذب صوبها لا تعلم ما الذي قد رآه به حتي يُفتن بها ولكنها تعلم أن الحب لا ينتظر اسباب ،وليست لأسبابه نتائج.

شعرت بنسيم بارد يلاطف وجنتيها وصوت نسيج غريب يحوم من حولها وفجأه شعرت أنها ترتفع في الهواء وتحملها يديه للمره الثانيه على التوالي لتشعر بالخجل يتسرب نحو وجنتيها قائله:

_قولتلك مليون مره اني بعرف امشي!.

_المره دي مش هتعرفي تمشي الطريق ده لوحدك لازم اشيلك.

لم تكن تفهم ما هو الطريق الذي لن تستطيع أن تسير به!.
ولكن ذلك الصوت الذي تستمع إليه طبلتي أذنيها كان يجعل عقلها يفكر سريعاً إين هما؟.
بينما هو سار بها من فوق الصخور في رفق وحذر خشيه السقوط بها ،سار بها نحو مجلسه المفضل الذي لم يشارك أحد به من قبل ولكن ها هيا تشاطره كل شئ.
قلبه.






حياته.
ومكانه المفضل.

توقف أخيراً حينما وصل إلى صخرته وقام بإنزالها برفق فأيقنت أخيرا أن صوت النشيج ما هو إلا صوت غناء البحر لتضحك في خفوت وتهتف برقه:

_جبتني للمكان اللي هربت مني ليه!.

_انتي من ضمن الحاجات اللي مينفعش اهرب منها يا شمس.

تبسم ثغرها في حب وقد لاطفت كلماتها قلبه ليساعدها بالجلوس فوق الصخور ومن ثم جلس هو إلى جوارها ممسكاً ببضع من الحجاره بين يديه يراقب الشمس التي شارفت على الغروب والتي تتوسط ثغر السماء والموج الذي يرتفع ومن ثم يهبط والطيور التي تهاجر من مكان إلى آخر ليأخذ نفساً طويلاً ويخرجه في سكينه .

_تعرفي يا شمس إنك شبه الغروب!.

هتف بها ليل وهو يميل بظهره إلى الخلف يناظر شمس التي كانت تبتسم وهيا تشعر بأشعه الشمس تنعكس فوق وجنتيها والهواء يرفرف بأغصانها هنا وهناك ،كانت جميله ببسمتها الدافئه واغداق عينيها التي اظهر الشعاع لونهما بوضوح ،كانت جميله حد الفتنه لـ يُفتن بها أمسكت شمس بخصلاتها بإحكام وهتفت في إبتسامه متعجبه:

_إزاي!.

_الشمس في الوقت ده بتبقى دافيه ،شعاعها هادي، تقدري تبصي عليها براحتك ،ملامحها واضحه وجميله إي حد يقدر يقع في غرامها ،كل ما أبص ليكي بشوفك شبه الغروب في هدوئه وجماله ،كل مره ببص ليكي فيها بكتشف فيكي حاجه جديده اول مره اشوفها زي ما اكون برسمك، وكل ما افكر إني خلاص خلصت بشوف تفصيله جديده نسيت ارسمها ،كل مره ببص ليكي فيها بقع في غرامك ،انا عمري ما حبيت الغروب كنت دايما اقول إنه غدار اول ما تبص ليه وتحس انك كشفت كل أسراره فجأه بيسود ويختفي لكن لما شوفتك وقابلتك حبيته ،عرفت أن كل مره بشوفك فيها بكتشف




 فيكي حاجه انا مكنتش هكتشفها لو مغربتيش ،مكدبش اللي سماكي شمس ،كأنه كان عارف إنك هتكوني نور لـشخص ينور حياته وطريقه وقلبه.

_انت بتجيب الكلام ده منين بجد!.

هتفت بها وقد لفح قلبها بنسيم حبه الذي يحاوطها دثرتها ريحان خوفاً عليها من نسيم الهواء ولكن نسيمه هو اقوى واستطاع إجتياح قَلبها بجداره ،تبسمت في تأثر وهيا تتمنى لو تملك ما بجعته من حروف تعبر بها عن ما تشعر به مِثلما هو يفعل!.

ابتسم ليل وهو يراقب التخبط الذي أثارته كلماته على قلبها ليقترب ويمسك بكف يدها ويضعه فوق قلبه مردفاً بحب:

_بجيبه من هنا ،بجيبه من قلبي اللي عشانك عرف يكتب شعر وقصايد وكمان يغني!.

لم تكن تملك شئ تقدمه له سوا ان تقترب وتمنحه الفرصه أن يضمها إليه ولم يمانع ليل في ذلك وقام بإحتضانها وضمها إلى قلبه حيث موضعها الأصلي.

_اوصفلي المشهد كده يا ليل.

عقد حاجبيه في تعجب وهتف قائلا:

_مش فاهم!.

_بقالي سنين مشوفتيش الغروب لما نسيت شكله عاوزاك توصفلي شكله.

ناعمه.
هادئه.
رقيقه.
هكذا كانت شمس وهيا تطلب منه أن يصف لها ابسط الاشياء التي حرمت من رؤيتها تبسم ليل في حنو وقام بإحتضانها وإسناد رأسه على رأسها هاتفاً بهدوء:

_الشمس بتستعد للغروب وبتقرب من البحر لحد ما تغرق فيه واحده واحده، تغرق فيه زي ما انا غرقان فيكي،الموج بيرسى بهداوه كل ما تقرب منه الشمس ،السما لونها ليتحول من ازرق لأصفر ناعم ،هادي، قاعد جوز عصافير زينا بالظبط على الصخره اللي قصادنا بيتابعوا الغروب ،متأكدين أن كل مره الشمس فيها بتختفي بترجع تاني تظهر بحكايه جديده وروايه عمرها تتنسى ،العصفور مايل على العصفوره زيي بالظبط ومحاوطها بـجناحه وبيطمنها إنها متخافش ،إنه جنبها ،مكان ما هتطير هيطير وراها .

أغمضت عينيها تنعم بقربه وبرائحته التي باتت تعشقها فـي كل مره تقترب بها مِنه تبسم ليل ما أن أنهى حديثه وهو يراها مُغلقه عينيها في أمان جعله يشعر أنه عالم وهيا الفلك الذي لن يدور سوا به.

_لــيـل.

خرج صوتها مُتهدجاً في رقه ونعومه ليخرج منه صوتاً دليلاً على دفعها لإكمال لحديثها لتهتف وهيا تأخذ نفساً طويلاً قائله:







_أنا بحبـك يمكن كنت واخده وعد على نفسي إني مش هقولنا ليك دلوقت بس مقدرتش احتفظ بيها كل الوقت ده جوا قلبي ومقولهاش ،انا بـحـبك وعندي إستعداد افضل العمر كله جنبك ومش هكون عاوزه حاجه تانيه من الدنيا غيرك.

أطلق زفيراً حار وهتف وهو يضربها فوق رأسها برفق وهتف بمرح وحب:

_اخيراً يا شيخه قلبك حن على الغلبان!.

_عشان انت غلبان مرضتش اكسر بخاطرك.

ضحك ليل وضحكت شمس وتعانقت سمائهم ،واحتضنت أرضهم ،وتصافحت اقدارهم ،وابتسمت قلوبهم لـ بعضهم البعض.

صافره اخيره أطلقتها الحياه تعلن عن فوز الحب بأثنين مقابل واحد للصراعات لتخر الصراعات في إستياء لخسارتها ،بينما بورك الحب وعانقه الجميع واقترب من خلف الكواليس شبح النهايه وهو يحمل بين يديه لوحه بيضاء يقم برسم هذان العصفوران الذان يراقبان الغروب وقد استطاعا تجاوز نِصف الحكايه بشجاعه.






الحــب هو القوه التي تخلق من رحم الضعف والابجديه التي تتعارض بها القلوب .
الحــب يحول الحياه من العدم إلى الوجود ويرتب ملامحك وكل اعضائك الداخليه 
الحــب هو شئ اقرب لـ نفخ الروح بالروح.



                  الفصل السابع من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close