أخر الاخبار

رواية حب تحت الصراع الفصل السابع7بقلم حبيبه محمد



رواية حب تحت الصراع 
الفصل السابع7
بقلم حبيبه محمد





أحـــبــك.
أحـــبــك بـعدد احـرفـها المـكـتوبـه.
أحـــبــك بـعدد حَـركـات سـكـونها ،وعــدد فَـتـحاتها وضـمـاتها .
أحـــبــك بــكـل مشاعـر الخـوف الـتـي سَيطَرت عـلي وأنا أكتبها.
أحـــبــك بـعدد تلك المـسافـات التي قطعتها مِن أجَل أن تنشلني من ضَياع مـحتم.
كـان على أعتاب بابي يدق البـاب بـلهفه وجـنون وينتظر أن اسمح له.
أحـــبــك بـعدد كـل ليله نَمت مـطمـئنه بها أنك إلى جواري.
أحـــبــك بـعدد كل مره أشعرتني بها أنني المرأه الوحيده التي تراها في العالم.
أحـــبــك وسـأبـقى أحـــبــك وستبقى الصِراع الذي احببت سكونه.
أحـــبــك تـــحــت صِــراع.

_حــب تــحـت صِــراع.

___________________________________________

"ولا ليك عليّ حلفان ،ده أنا روحي فيك من زمان".
"ولا ليك عليّ حلفان ،أنا روحي فيك من زمان".
"وبحبك أنا، أنا بحبك أنا".
"بحبك أنا، أنا بحبك أنا".
"بحبك مهما كان".

أضيـئ نور الصباح كشمعه أوقدت في وسط عُتم الظلام فبددت ظلام ليل دامس واحيت صباح لنهار الخالق فحلق الطير مهاجراً ،وتراطم الموج اثر رسو السفن، تزحزحت غيمه حاربتها اشعه الشمس ولكن تَــكاثَـفت الـغـيوم الداگنه من جديد ،وتـساقـطـت قـطرات المـطر كـ السيول الجَارفه مِن فوق الجِبال مُـعلنه عـن بـداية أول أيـام شـهـر دَيـسـمبر القـارسـه ،كـان صَبـاح بـارد ذو مـلامح جَليديه ،كـان صـباح إعتكـف بـه الـجميـع بـداخل منازلهم بعد أن أعلنت الأرصاد عن سوء الأحوال الجويه مُنبئه الجميع بـعدم الخروج إلا في أسوء الظروف.

كـان صوت بكـاء المطر مُرتفع وصراخ الرعد أكثر إرتفاع ،ثار الموج وعلى وتراطم بالصخور التي تحيطه من كل جانب ،كان كل شئ مناقض لنصفه الأخر ،هادئ وعاصف ،مطمئن وخائف، غائم ومشمس ،وكأن ما كان بداخل قلوبهم من مشاعر تناقض كِلا منها الأخُرى قد شاركتها الأجواء من حولهم.
قلوبهم.
عقولهم.
حياتهم.
كل شيء كان عاصف ،كل شئ كان هائج ولا ينتظر الرسو.

ولكن لا شيء يحدث عبثاً في حياتنا، كل شيء يحدث لسبباً ، قد تخسر حباً فتجد حباً أعمق أصدق وأصفى مِنه ،وأبقى ،قد نخسر فرصة ونعتقد أنها الأخيرة لنجد فرصاً أكثر سحراً واستحقاقاً لقلوبنا ،قد نخسر أنفسنا أيضاً لنُعيد اكتشافها وبرمجتها ،قد تكن خسارتك مكسب لا تعلم ماهيته.

_أنتي متأكده من كلامك اللي بتقوليه ده يا ريحان!.

لم تنم منذ ليلتان، تفكر، تعصر ذِهنها ،يتألم قلبها ،لم تكن متردده في شئ كهذا من قبل ،لم تكن ريــحان من تتردد في قرار تأخذه ولكن تلك المره لم يزر جفنيها النوم ،لم تنل طعم الراحه ،بقيت مستيقظة والليل أنيساً لها تاره تقف وتسير ،وتاره تجلس ،تاره تخرج من غرفتها وتسير صوب غَرفة شــمـس تقف على باب غرفتها تتأملها وهيا نائمه في سكينه ،ينتزع الغطاء من فوقها كما عهدتها فتقترب وتشرع في تدثيرها جيداً.
آه حارقه كانت تحرق قلبها في كل مره ترا بها شمس غافيه.
كانت تمر ذكرياتهم سوياً من أمام عينيها كنسيم يربت على قلبها تتذكر ركضهما سوياً في مثل تلك الأجواء العاصفه ،نزلات البرد التي كانت تزورهم سوياً اثر تهورهم ،تتذكر كيف كانتَ تتسللا خِلسه صاعدات إلى سطح المبنى ينظرون إلى النجوم ويطلقون عليها الآسامي.
كانت تتذكر كل شئ ،تتذكر العشرون سنه التي تشاركت بها كـلتاهما كل شئ ،حين كانت شـمس بالثالثه مِن عمرها كانت هيا بالخامسه كانتا صغيرتان مشاكستان لا تكفان عن احداث الضجه ،كانتا تعاقبا سوياً ويطلق سراحهم سوياً كان كل شئ يفعلونه سوياً دون قيود.
لكن منذ ثلاث سنوات واختلف الأمر.

منذ أن فقدت شمس بصرها وباتت تشعر أنها وحيده.
تختر كل شئ وحدها ،تسير وحدها، تحارب وحدها، لتتمنى فقط لو يعود بها الزمن وتمنع شمس من الذهاب والمغادره.
تتمنى لو لم تتركها في تلك الليله المظلمه وحدها.
آه متألمه خرجت من بين جوفيها ولكن افاقت مِن شرودها على صوت يـعـقوب الذي كان ينظر إليها في هدوء.






ريحان تجعله يكتشف بها شئ جديد كل يوم ،إمراه تجعله يخوض معركه جديده كل يوم ،لم يكن يدرك أن ريحان حين تحب أحداً تكن مضحيه ،مضحيه بكل شئ فداء سعادة من تحب.
أيعقل أن يحبها أكثر من ذلك؟.
كل شئ تفعله يجعله يسقط صريع بها أكثر فأكثر.
لقد قال سابقاً أنها إمرأه خلقت من الصراعات ولكن أليست كذلك!.
هيا تنتصر دوما ولا تخسر .
الحرب التي تشنها لا تتركها بدون فوز ،ريحان لا تعرف معنى الخساره امام شئ!.

_اول مره اكون متأكده من صحة قرار هاخده يا يعقوب.

كان صوتها متهدج حزين اثار الحزن بقلبه لينهض من فوره ويقترب مِنها ويحتضنها لتتساقط دموعها وهيا بين اضلعه تبكي، تكتم صوت شهقاتها التي لم تستطع أن تتمالكها ،احتضنها وربت فوق ظهرها بحنو وهو يحاول نزع الحزن عن لباث قلبها ليهتف بحنان :

_هشش اهدي يا ريحان صدقيني أنا هعوضك عنها بدهب الدنيا كله بس متعيطيش!.

_انا مش فارق معايا الدهب ده يا يعقوب بس انا معدتش قادره اتحمل ،معدتش قادره اتحمل أن بعد كل ده شمس مترجعش تشوف تاني ونخسر احنا الاتنين ،انا تعبت إني ابقى لوحدي ،شمس طول عمرها كانت مشاركاني كل حاجه ،حتى الشبكه دي كانت مشاركاني فيها، هيا الي اختارتها معايا ،بس من ساعة ما عملت الحادثه وانا بقيت حاسه اني لوحدي ،رغم أنها جنبي بس بقيت حاسه انها معادتش قادره تشاركني اي حاجه ،انا بخاف اني افضل لوحدي يا يعقوب ،انا تعبت من إني اتحمل مسؤوليه مش قدها ،انا خايفه العمليه دي متنجحش ساعتها انا اللي هدمر يا يعقوب انا!.

شعر بالحزن الشديد لأجلها ،كان يعلم على الدوام أن ريحان ضعيفه وهشه وحزينه ،تستمد قوتها ممن هم حولها ،ولكن حين شعورها أنها على وشك خِسارة أحدهم ترتعد ،وتخف ،وتنهار سريعاً ،اول مره رآها بها كانت إمراه عمليه لا تهتم لشئ سوا عملها وكيفية التفوق به.
كان قد خسر والديه حينها وكان مهشم وضعيف إصتدم بها على حين بغته منه فأنسدل كوب القهوه فوق قميصها الابيض فصرخت بوجهه ،قامت بِهجائه ،كانت غاضبه كالنيران ،متوهجه كالجحيم وهذا ما جذبه لها انها ريـحـان ،رحيق من نيران كـالجحيم تشاجرا ،وعلى صوت صراخهم ولكن بعدها أدرك أنه من كان يسير في طريق خاطئ.
اعتذر.
احضر لها ورداً.
فقبلت.
هدئت نيرانها وأصبحت ورده ياسمينيه جميله فلم تترك له الفرصه باباً سوا وهو يسقط بها ويطرق بابها ويقترب.
فـ البدايه كان يتعجب من تلك العلاقه الوثيقه التي تجمعها بشمس وحين ظن أنها اختها فاجأته أنها صديقتها واختها الصغيره لها.
فأدرك أنهما ليستَ شقيقتان.
كانت قادره على إبهاره بها في كل يوم وكل ساعه ،كانت تشبه عُلب المفاجأه تندهش بما يوجد بداخلها دوماً.

تبسم في رفق وربت فوق خصلاتها في حب ورفق بقلبها الصغير قائلاً:

_اهدي يا ريحان شده وهتعدي وصدقيني شمس هترجع تشوف تاني ،هترجع تشاركك كل حاجه من جديد ،مينفعش تضعفي دلوقت يا ريحان مينفعش ،شمس بتاخد قوتها منك لو حست لوهله انك ضعيفه مش هتكمل في الطريق اللي انتوا بترسموه قدامها ،اهدي يا حبيبتي وانا متأكد إنها هتعدي!.

ومن داخل الغرفه كانت تتوسد فِراشها وهيا تشعر بالنعاس يغدق جفونها ولكن صوت تلك الهمهمات المرتفعه وصوت المطر والرعد وغناء الاطفال المرتفع جعلها تستيقظ ،فتحت عينيها التي بلا ضوء واعتدلت في فراشها تتثائب رمشت وهيا تشعر بالبروده تسري إلى داخل أطرافها لتتحسس الفراش تبحث عن شالها الصوفي حتى وجدته.

ادثرت نفسها بداخله جيدا ونهضت من فوق الفراش لتبتسم على حين غره مِنها وهيا تشعر بسقوط المطر من الخارج ،تتذكر كيف كانت تركض أسفله ،كيف كانت تدور أسفل منه وهيا تنشد إحدى الأغاني القديمه لـ فيروز التي حفظتها عن ظهر قلب ولكن تلك المره إستمعت إلى صوت الاطفال وهم ينشدون في سعاده وتصفق كفوف ايدهم لتقترب وتستند بجذعها فوق النافذه تستمع إلى غِنائهم هيا تعود بشرودها إلى الماضي :

الجو هيشتي.
واروح لستي.
تديني علقه بعصايه خضرا.
اشتيها اشتيها.
خلي البط يعوم فيها.
الجو هيشتي.
واروح لستي.
اكل فطيره تحت الحصيره.
وافـطـر بليله.

ضحكت في خفه وهيا تسمعهم يصفقون وكأنهم قاموا بفعل شئ عظيم ،تمنت لو تعود صغيره مره اخرى ،تمنت لو تعد تلك الفتاه الصغيره المشاكسه التي كانت تبتسم ببرائه في وجه المصاعب ،تلك الفتاه التي لم تكن تحتاج إلى شئ ،كان اكبر همومها هو الطعام والنوم الجيد ،تمنت لو عاد الزمن وبقيت به كما هيا شـمـس الصغيره.

ولكن هل يعود الزمن؟.
تنهدت ومن ثم اقتربت تتحسس الجِدران بكف يدها حتى تخرج إلى الخارج وتعلم ما هو سر تلك الهمهمات في الصباح الباكر وما أن خرجت ووقفت على مقدمة بابها تستعد للخروج حتى توقفت وهيا تستمتع إلى صوت بكاء ريحان الذي بدأ يهدأ وتأكيد يعقوب على حديث لها وهو يقول:

_متأكده يا ريحان انك عاوزه تبيعي الشبكه؟.

_هو اللي هعيده هزيده ايوا يا يعقوب عاوزه ابيع الشبكه ،دي فرصه وجات لحد عندنا أن شمس تشوف تاني لازم امسك فيها بإيدي واسناني بس اوعى حد يعرف ،شمس لو عرفت مش هتوافق ابدا على اللي عملته ده.

_وانتي هتقولي ليها إيه وقتها يا ريحان!.

نـظرت ريحان صوب وجهه يعقوب الذي كان ينظر لها بترقب شاعراً بأن هناك شئ اخر تخفيه عنه فـ ريحان لا تجيد الكذب، لتأخذ ريحان نفساً عميقاً وتخرجه مره واحده قائله وهيا تنظر بعيداً:

_هقول ليها إني بعت عربية بابا يا يعقوب.

صـعق يعقوب من جملتها كما هبط دلو من الماء البارد فوق رأس شمس.
ريحان باعت اغلى ما تملكه لأجلها!.
تلك السياره التي طلبت منها ملياً أن تقم بتغيريها إلى ما هو أحدث ولكنها رفضت وفضلت الإعتزاز بها باعتها لأجلها!.
باعتها لأجل نور عينيها!.
لم تصدق شمس ما سمعته ولا يعقوب الذي مازالت ريحان مستمره في مفاجئته وصدمه!.
تحركت شمس سريعاً من مكانها متحركه صوب الخارج وعينيها تتحدثان بلغة الدموع ولكنها تعثرت سريعاً في إحدى الإنثناءات لسجادة المنزل وسقطت لتفزع ريحان وينتفض بدن يعقوب وهما يرون جسد شمس ينبسط أمامهم.

_قــلب اختـــك!.

هتفت بها ريحان وهيا تقف سريعاً راكضه صوب شمس التي أعتدلت من سقطتها معتدله بنصف جسدها لتستمع إلى صوت هروله ريحان صوبها وهنا تساقطت دموعها في آلم.
السقوط.
التعثر.
هذا ما اعتادت عليه دائماً ،حتى حينما كانت ترا كانت تسقط وتتعثر ولم يكن يساعدها أحد على الوقوف غير ريحان!.
بكـت بشده وليس آلماً من ركبتها التي جرحت بل عجزاً على ما سوف تقدمه لريحان التي تضحي بكل شئ لأجلها.
شبكتها التي اختارتها كِلتاهما بعنايه وسعاده.
السياره التي تشاركا السير بها في جميع الطرق.
الأمان ،الحنان، الحياه.
جميعها اشياء لن تكن قادره على رد دينها لـ ريحان!.

كانت تحاول ريحان البحث عن سبب لبكاء شمس ولكن لم تجد سوا جرح صغير في ركبتها لا يستدعي كل ذلك البكاء!.
نظرت إلى يعقوب في قلق والذي شاطرها نفس المشاعر وهما لا يشعران ما سبب بكائها بتلك الطريقه!.

_انتي بتعملي كده ليه يا ريحان!.

هتفت بها شـمـس بنبره عاجزه ،حزينه، متآلمه جعلت ريحان تدرك أن شمس قد استمعت إلى حديثهم لتجلس إلى جوارها تربت فوق كفيها في حنو مردفه:

_عملت ايه يا شمس!.

_ليه بعتي العربيه وشبكتك! .
ليه بعتي اغلى حاجه عندك يا ريحان!.

_عشان انتي اغلى منهم يا شمس العربيه تتعوض ،والذهب يتعوض ،لكن أن انتي تشوفي متتعوضش يا شمس ،انا عندي إستعداد اعمل اي حاجه في مقابل انك ترجعي تشوفي تاني يا شمس ،وفي كل مره مش هكون متردده لحظه إني اعمل حاجه عشانك!.

تساقط الدمع أكثر من بين عينيها وهيا لا تصدق ما تتحدث به ريحان!.
الآن باتت فقط تدرك أنها لو أقدمت على القفز من فوق الجسر لن تقفز معها ريحان بل سوف تنتظرها أسفله لتتلاقفها يديها.
باتت تدرك أن لا شئ يعوض أن تكن لك صديقه هيا العالم أجمعه.
باتت تعلم أنها أن كانت ارض جرداء لا تصلح للعيش لا احد سوف يسكنها سوا ريحان!.
اجهشت في البكاء بكل طاقتها وهيا تتذكر كل شئ ،تتذكر التضحيات التي دائماً تضحي بها ريحان لأجلها ،تعلم أن ريحان لو سمحت لها الفرصه لأن تعطيها عينيها سوف تعطيها، أن سمحت الفرصه لريحان سوف تخبئها بداخلها خوفاً عليها.
احتضنتها ريحان سريعاً وهيا تربت فوق كتفيها في حنو وتمسح عن وجهها الدمع أما يعقوب فدمعت عينيه في تأثر ،لقد كان محظوظا حين أصاب قلبه ولعة الحب بـ ريحان.
بات يشعر أنه أكثر الرجال حظا لفوزه بـ فتاه لا تملك شئ سوا الحب.
ثروتها الحقيقيه ليست المال بـل الحــب.

تشبثت بها بقوه وكأنها المنقذ الوحيد لها لتطبع ريحان قبله فوق جبينها تهدأها بها لتهتف شـمـس بصوت هادئ يملئه نحيب البكاء:

_كل ده عشاني يا ريحان؟.

تبسم ثغر ريحان في حنان لتمسك بكفي يدي شمس وتحتضنهما بين كفي يديها وتهتف قائله وهيا تراقب بعينيها المطر الذي يتساقط من خلف الزجاج:

_انتي عيلتي الوحيده يا شمس وعشانك اعمل كل حاجه .

_تفتكري العمر ممكن يكون فيه عشرين سنه تانين يا ريحان عشان اعمل صاحبه زيك من جديد!.

تبسم ثغر ريحان في حب على كلمات شمـس التي تكفيها لتطمئن روحها ،هيا يكفيها أن تكن بخير وسعيده، لقد صدقت المقوله حين قالت فاقد الشئ يعطيه وهيا فقدت والدتها ،فقدت وجودها وآمانها ،لا تخبر احد بذلك ولكنها لازالت تبحث عن والدتها في كل مكان ،هيا فقدتها ولكن اكتسبت من الحياه اماً لها، بالرغم من هشاشة شمس إلا أنها كانت ضلعها المجبر لها هيا من قامت بتعويضها عن كل شئ وحين يأتي دورها هيا لتقم بتعويضها هل تبخل؟.
لتهز رأسها نافيه وهيا تطرد عن عقلها أفكارها التي لم تشارك بها احد من قبل وهيا تقرص وجنتيها:

_مش هسمحلك اصلا تعملي صحاب غيري انسي!.

_وانا مش عاوزه غيرك ،كفايه انتي عليا يا ريحان ،كفايه انتي وبس.

هنا طرق الباب قاطعاً حديثهم العذب وخلوتهم البريئه لينطلق يعقوب بدوره صوب الباب ويقدم على فتحه وما أن فتحه حتى وجد ليل هو من يقف أمامهم يتبسم ثغره في هدوء وبعض قطرات المطر تتصبب من ملابسه ليجزع يعقوب وهو ينظر له ويقترب سريعاً صوبه هاتفاً بقلق:

_ليل!
ايه اللي بلل هدومك بالشكل ده!.

نهضت سريعاً من سقطتها لتساعدها ريحان على الوقوف مقتربا كِلتاهما من ليل الذي جذبه يعقوب سريعاً إلى الداخل وهو ينظر له بقلق بالغ.

نظر لـيـل بـبـنيه عينيه صوب شمس التي يبدو على محيا وجهها ملامح القلق والهلع من فزع يعقوب ليبتسم في خفوت وهو يتذكر سبب إبتلاله وهبوطه في ذلك الجو العاصف .

_قــبــل ثـلاث سـاعـات_.

كان يسير في غرفته ذهاباً وأياباً وهو يفكر كيف له أن يجنى كل تلك الاموال التي سوف تساعدهم على رد نور غاليتهم.
كان كـ النحله لا تتوقف عن الحراك وهو يعصر ذهنه جيداً من إين له الحصول على تلك الأموال!.
لقد فكر في بيع ورشته ولكنها لن تأتي بنفع ،لن تكمل حتى نصف المبلغ المطلوب!.
فكر في بيع كل شئ يمتلكه ولكنه لا يمتلك شئ!.
شعر بالضياع ينتشله إلى داخله والتوتر شبحاً يتلبس بدنه.
مـال.
أموال.
مساعده.
عمران!.

توقف عقله عِند تلك تلك النقطه وهو يصـل إلى حـل معضلته وهو عمه عــمـران الذي لن يبخل عليه بماله ولا كرمه كيف لم يفكر به منذ ذلك اليوم!.
كيف لم يفكر أن من سوف ينقذهم وينتشلهم من مستنقع عتمتهم إلى نورهم هو عمه الغالي ووالده الروحي!.
ضحك ثغره في سعاده حينما توصل إلى تلك النقطه فأخذ يقفز في مكانه وهو يضحك في فرحه أن عقله الصغير توصل إلى ذلك الحل الكبير فأخذ يبحث عن هاتفه بين أكوام ملابسه المبعثره حتى عثر عليه لينطلق صوب الخارج وهو يضغط الارقام للأتصال بعمه ولم تمضي دقائق حتى أتاه صوت عمران الهادئ:

_ما هو من لقى أحبابه نسى أصحابه برضه!.

_عمي عمران عاوز منك خدمه ضروري.

اعتدل عمــران في مقعده شاعرا بالقلق يضرب قلبه اثر حديث ليل الذي يقلق اي حد ليهتف قائلاً:

_مالك يا ليل! في اي! حصل اي!.

_اهدى بس يا عمي انا عاوز منك سلفه.

تغضن جبين عمران في تعجب وهو يستنكر طلب ابن أخيه!.
ابن أخيه الذي طلب منه أن يعمل معه ويشاطره في عمله ولكنه رفض مصمماً الاعتماد على نفسه يطلب منه الأن سلفه!.
اخذ نفساً عميقاً حينما استمع إلى صوت انفاس ليل التي تعلو في قلق ليهتف في هدوء:

_محتاج كام!.

_هردهملك والله ب....

_لـــيـــل!.

صرخه حاده افزعت ليل من على القبيل الأخر وهو يستمع إلى صوت صراخ عمه الغاضب والذي لأول مره يستمع إليه فـ عمران نادراً ما يغضبه شئ ولكن يبدو أنه تلك المره قد ضغط على لغماً خاطئ وفجره ليأتيه صوت عمه الناهر له والمعاتب:

_ترد فلوس لابوك انت اتجننت!.
طب سيبتك تشتغل بعيد عني وقولت مش مشكله سيبه يعتمد على نفسه لكن توصل بيك الحال للدرجه دي انت اتجننت!.

_يا عمران مش.....

_عمي عمران يا ليل عمي عمران طالما انت معتبرني حد غريب عدي عليا خد اللي انت محتاجه وحسك عينك اسمع منك كلمه زياده سامع!.

اغلق في وجهه الخط دون الانتظار إلى جوابه فتنهد ليل في آسى وقد أدرك مدى غضب عمه منه تلك المره.
عمران لم يبخل ابدا عليه في شئ ولكنه كان عزيز النفس وذو كبرياء رفيع يرفض أن تمد له ايد المساعده بأي شئ لطالما توسل له عمه للعمل معه ولكنه رفض وفضل الاعتماد على نفسه !.
ولكن الآن كبريائه لا ينفعه.
اخذ يبحث عن الجاكت الخاص به وهو يقرر الانطلاق لمـصالحة والده ومن ثم الحصول على المال الازم.

_عـــوده_.

_ما ترد يا ليل كنت فين ومتبهدل كده؟.

هتفت بها ريحان وقد شاطرها خوف يعقوب وفزع شمس التي سارت ببطئ حتى لامست بجسدها الصغير ذراع ليل الأيمن لتتمسك به وتهتف بقلق بالغ:

_لـيـل انت كويس!.

تبسم ليل في هدوء على الصغيره القلقه عليه ليقترب ويطبع قِبله حانيه فوق رأسها مردفاً برفق:

_كويس يا شمس متخافيش.

_كنت فين يا ليل!.

_كنت بعمل مشوار سريع كده والدنيا شتت عليا.

لم يرد الإفصاح عن الأمر ولم يرد أن يخبر أحدهم بـ شئ وفضل الاعتزاز بالأمر لنفسه بينما شعر يعقوب من هروب ليل بنظراته منه أن هنالك أمر ما ليهتف ليل وهو يحيط شمس بذراعيه ويقربها إليه وينزع عنها لباس القلق ويطرقع أصابع يده الأخرى:

_دكتور فريد رن عليا وطلب مني نتحرك بكره عشان يبدأ في إجراءات العمليه .

تنهدت ريحان في هدوء ومن ثم سارعت بالسير مبتعده عنهم جالسه فوق أحد كراسي السفره تراقبهم بعيني قلقه ليتنهد يعقوب ويقترب ويجلس إلى جوارها مربتاً فوق كتفها بحنو:

_هتعدي هتعدي متخافيش!.

_كنت فين ومتكدبش عليا!.

هتفت بها شـمـس بنبره حاسمه وقد شعرت بأن ما أخبره بهم ليل هو نِصف الحقيقه فقط وليست الحقيقه كامله ليبتسم ليل وهو يشعر كم أن تلك الصغيره تملك من الذكاء مقدار ليميل برأسه على رأسها ضارباً بها برفق:

_عرفتي منين اني بكدب!.

_لما بتبقى مخبي حاجه بطرقع صوابعك انا ذاكرتي مبتنساش يا اسطى ليل!.

رمش ليل بضع مرات بعينيه بعدم تصديق ومن ثم انفلتت منه ضحكه قويه مقهقهاً على تلك التي يستخف بقدراتها وهيا تبلغه قدره وذكاء ودهاء لتبتسم بدورها وهيا تستمع إلى صوت ضحكاته الرنانه ليهتف ليل بضحك:

_حفظيتيني يا نداهه!.

_ما هو انا عشان نداهه قدرت احفظك.

تبسم ثغر ليل في رفق ومن ثم هتف بهمس لها :

_تعالي معايا اوريكي حاجه!.

ضحكت شمس بمرح خفيف وهيا تشعر به يمسك بكف يدها ويجذبها خلفه:

_توريني ايه انا مبشوفش يا اسطا!.

_امشي وانتي ساكته يا لمضه.

فتح الباب وخرج بها أسفل عيني يعقوب المتعجبه من حال رفيقه وصدمت ريحان مما فعله لتهتف وهيا تنظر صوب يعقوب بعدم تصديق:

_شايف الواد خد البت عيني عينك كده ازاي وهرب بيها!.

ضحك يعقوب بقوه ومن ثم أقترب واحتضنها وهيا يشاكسها بقرصه لوجنتيها:

_سيبي العيال تعيش سنها يا ماما ريحان!.

كانت تسير خلفه ككل مره يجذبها بها صوبه وهيا لا تعلم إلى أين تسير!.
تأمنه بروحها وبقلبها وتسير خلفه بلا حدود تمنعها عنه أو تمنعه عنها.
كانت تبتسم وهيا تشعر بها يجذبها صوبه برفق ويصعد بها الدرجات على التوالي دون توقف ،كانت دوماً تكره صعود السلالم،كانت دائمة التذمر على الصعود والهبوط ولكن منذ أن عَرِفته وهيا تصعد معه وتهبط بلا كلل أو تعب.
نفسها القصير أصبح طويلاً معه لا ينفذ ،تركض ولا تتعب، تسر طرقا طويلاً ولا تبالي إلى أي سبيل هيا.
وكأن قلبها يخبر عقلها الذي يحاول أن يتمرد على كل شيء بها، حبها وعشقها لرجل لا تراه فأصبح يقفز أمام نصب عينيه هو يتغنى بالحروف قائلا مجيباً على لذاعة اسئلته:
فمن فرط الحب يتشگل گل ما بي گي يشبهه.
لم أنويـه حــبـاً ،بل وقـعت بـه سـهواً.
حتى أصيبت روحي بـعماء من نوع خاص .
فـبات گل المارين سـراب ووحـده جنه تـخطفني بـكلي إليها.

لـم تكن تدرك الصراعات أن الحب بكل تلك القوه!.
كانت تشاهد وهيا تشعر بالصدمه ولا تصدق أنه حقاً ينتصر عليها!.






هيا الصراعات التي فرقت بين روميوا وجوليت بالموت ،اجَنت قيس ولم تجعله يقترب من ليلى، جعلت عنتره كـ العبد لـ عبله وهذان الآثنان يآتيان وينتصران!.
يتسلقا جدرها التي تضعها ،يسير فوق شوكها بلا تألم، يأكلون من صبارها المُر كأنه شَهد!.
أنهما ينتصران!.
أنهما يضعان عنوان لحكايتهم يسمينها حب تحت صراع!.

شعرت ببروده تنقر فؤدها ومن ثم استمعت إلى صوت هطول الأمطار القوي ليتجعد جبينها في تعجب وتهتف وهيا تشعر بتوقف ليل:

_احنا فين!.

_على السطح!.

_في الجو ده!.

تبسم ثغر لـيـل ومن ثم اقترب صوبها واعاد خصلاتها المتمرده إلى الخلف ناظراً إلى حُسن وجهها ،كانت لا تظهر في السماء ولكنها تشرق أمام عينيه ،شعرت به وهو ينظر صوبها وقبل أن تتحدث سمعته يقول:

_ريحان قالتلي انك من عشاق اللعب تحب المطر وان من صغرك وانتي عمرك ما فوتي مره الدنيا مطرت فيها ومطلعتيش تلعبي تحتها.

_كان كل ده قبل تلات سنين!.

_وايه اللي جد؟.

_اني مبقتش اشوف مثلا؟.

_وانا لازمتي ايه؟.

_مش فاهمه!.

_انا عينك يا شمس اللي هتشوفي بيها دلوقت وبعدين وطول العمر تسمحيلي!.

هتف بها وهو يجذبها ويصعدا درجة السطح الاخيره ليقفا كِلاهما أسفل سقوط الأمطار الشديد لتتسع إبتسامه شمس شئ فـ شئ وهيا تشعر بقطرات المطر تتزاحم ايهما تلاطف وجنتيها لتتحول بسمتها سريعاً إلى ضحكه عاليه جميله وهيا تقم بـ فرد كِلا من ذراعيها وتدور أسفل المطر في سعاده وقد عادت الذكريات القديمه تتضاخم في رأسها ليشاركها ليل في جنونها مشاركاً إياها في ذكريات جديده لن تنسى أبدا وهو يدور إلى جوارها أسفل المطر.

يضحكان بلا هموم.
يقفزان وهما ينفضان عنهما ثوب الحزن.
تتشابك إيديهم في مصير واحد.
كان يمسك بكف يدها ويدورا على شكل حلقه وهما يضحكان بجنون ،لا يهتما إلى بروده الجو، أو سقوط الأمطار العاصف ،فقط يصنعان ذكريات من نوع جديد ، يبدأن حياه جديده بـ سيناريوا جديد .
لم تمنعها عينيها من الإستمتاع تلك المره ،كانت ترا الحياه بعينه هو ،كانت تشعر بالسعادة بجواره هو، لم تكن عينيها مانعاً تلك المره بل كانت سبباً في فرحتها.

_مش قولتلك متقعدش مع صاحبك كتير يا يعقوب؟.

هتفت بها ريحان وهيا تقف على مقدمة السلم وإلى جوارها يعقوب الذي كان يضحك في خفوت وهو ينظر إلى صديقه المجنون الذي يدور أسفل المطر حتى ابتلت ملابسه هو ومجنونته ليمسك بكف يده ريحان ويجذبها هو الأخر أسفل المطر لتصرخ ريحان بـ فزع ويرتعش جسدها وهيا تشعر بالأمطار تسقط فوقها بلا توقف لتختبئ سريعاً في يعقوب وهيا تصرخ بغضب:

_يا مجنون هنتعب!.

ضحك يعقوب ومن ثم هتف وهو يمسك كف يدها ويبعدها ويدور أسفل المطر:

_العمر لحظه يا ريحان عيشيها!.

ضحكت ريحان في عدم تصديق وهو تنظر إلى يعقوب الذي يدور وهو يفرد ذراعيه كالطير الذي يستعد للطيران وهنا نقلت بصرها صوب شمس التي تضحك بصخب وليل يحتضنها بذراع واحده ويدور بها أسفل المطر بلا توقف ضحكت في سعاده وهيا تشعر أن الفرحه تطرق بابهم وبجوارها النهايه.

ومن حيث لا يدري اربعتهم ارتفع صوت فيـروز وهيا تنشد في غِناء عذب لائم قلوبهم التي تعزف على اوتار الحب فأخذت الشمس تحارب في السماء لأن تشرق والمطر يجاهد أن يتوقف :

رجعت الشتوية.
ضل افتكر في.
ضل افتكر في.
رجعت الشتوية.
يا حبيبي الهوى مشاوير.
و قصص الهوى مثل العصافير.
لاتحزن يا حبيبي اذا طارت العصافير.
و غنية منسية ع دراح السهرية.
رجعت الشتوية.
رجعت الشتوية.
ضل افتكر في.
ضل افتكر في.
رجعت الشتوية.
يا حبيبي الهوى غلاب.
عجل و تعى السنة ورا الباب.
شتوية و ضجر و ليل.
و انا عم بنطر على الباب.
ولو في يا عيني خبيك بعيني.
رجعت الشتوية.
رجعت الشتوية.
ضل افتكر في.
ضل افتكر في.
رجعت الشتوية.

_ابقي فكريني لما نتجوز نرقص على الاغنيه دي في كل مره الدنيا تشتي فيها.

ضحكت ريحان وهيا تجلس إلى جوار يعقوب فوق الارض الخاصه بالسطح تستند برأسها على كتفه لتهتف بحب:

_عارف احلى حاجه في حياتي انك فيها يا يعقوب.

_من قلبك يا نوسه!.

_من قلبي يا لمبي.







هتفت بها وانفجرا كِلاهما ضاحكان متعاهدان على صنع ذكريات جديده ،ملئ حياتهم بالذكريات التي لا تنسى، نظرت الى شمس وليل الذان لم يتوقفا عن القفز والمرح لتهتف بضحكه خافته:

_وهما دول مبيتعبوش!.

_اللي بيبحب مبيتعبش يا ريحان.

_وانت تعبت؟.

_يااااه ده انا طلع عيني على ما خليتك تحبيني يا شيخه!.

ضحكت ريحان بقوه وهيا تقم بلكمه في عنف في صدره ليضحك وينظر بعينيه إلى صديقه السعيد ويتمنى لو تدم تلك السعاده على قلوب أربعتهم.

استقبلت الصراعات الهزيمه وهيا تنظر إلى القدر الذي انتهى من كتابة حكايته والحياه التي تتحدث مع النهايه أن تتريث ،والحب الذي يتراقص مع الصدفه واللقاء أسفل غناء فيروز.
وقد بدأ أنها الدخيل الوحيد الذي يجب أن يتخلص منها جميعهم.

ومن ثم يأتي أحدهم، وكأنه يُنير في روحكَ ما كان مُظلماً .

________________________________________

"...‏ذراعاكِ هُما بر الأمان..."

لـم يكـن أحدهم على عـلم أنْ الـأحلام بـتـلك الصَعوبه!.
نَـبـتغي أمـلاً فيأتي ألمًا، نطلب سَكينة وهدوء فتنغرز سكاكين الغدر بنا، نتمني حبًا فيأتينا خذلانًا.
لـم يكـن أحدهم على عـلم أنْ مَا يريده أحدهم لا يحدث سوا بآيات من المـعجزات.

تقف أمام خِزانة الملابس الملحقه بغرفة المشفى التي حجزت بها "شـمـس" منذ لحظة وصولهم وإستقبال الطبيب "فريد" الحار بهم، تحمل بين يديها بِضع من الملابس التي اصطحبتها معها للإحتياط تقم في ثنيها ووضعها في صفوف مرتبه بداخل الخِزانه ،كان عقلها شارد ،وقلبها ساكن،وروحها تتعلق ما بين قابى قوسين، كانت تفكر في كـلمات "لــيــل" التي طرقت عقلها منذ ثلاث ساعات ومنذ موعد وصولهم إلى المشفى.
كانت تشعر بالحيره تدق أبوابها وكلماته تتردد فوق صدا أذنيها.
وعينيها لازالت تتذكران ذلك الرجاء الدفين بينهما.
"انا عـاوز اتـجـوز شـمـس".
تفاجأت بطلبه ولم تكن تتخيل أن لا الوقت ولا المكان قد يمنعان ليل من ذلك الطلب المفاجئ!.
لم تبدي له رد ولكن صدمتها كانت له بالمرصاد ،لم تكن تعلم بأي حديث قد ينطق ثغرها!.
انهم يقفون على حافة الـاشئ وبينما جميعهم يتعلقون بخيط ضعيف هو الوحيد الذي يتمسك بحبل قوي لم يمنعه من الجأر بطلبه بالزواج من غاليتها!.

تنهدت في آسى وهيا لا تعلم ماذا تفعل!.
تقبل به وتخبر شمس بحقيقة طلب ليل بالزواج منها وهم في تلك الظروف!.
ام تصمت وتنتظر إلى بعدما يحين موعد العمليه!.
كانت تعلم أن شمس سوف ترفض ،مازالت شمس ترتعد من فكرة أن تبقى عمياء تحت مسمى الحب.
نعم تقبلت ليل، تقبلت وجوده، تقبلت حبه لها ،ولكن لم تتقبل بعد أنها لا تراه!.
الشخص الذي تحبه وتحبه جميع حواسها عينيها الوحيده التي تمنعها عنه!.
تخشى أن تنحسر سعادة شمس فجأه وتتبدل أن فاتحتها في ذلك الطلب.
تلك العمليه التي يستعد لها الجميع هيا نتيجة سوف تحدد مصائرهم جميعاً.
أما أن يفوز الحب.
وأما أن تنتصر الصراعات.

وكأن الحب حينها غارٍ غاشمٌ لا يطرق الأبواب بل يداهمها دون اعتبار لشئ ،دون اعتبار لحواجز أو فوارق، يجتاحنا ببساطه دون أن يترك لنا مُهله للتفكير.






فـهل نملك الشجاعه لـ نحب؟.
فـهل نملك القوى للفوز بـمن نحب!.

شعرت بأحدهم يحيطها من خصرها ويحتضنها إليه ليبتسم ثغرها في رفق وهيا تعلم هواية الشخص الوحيد الذي يستطيع الاقتراب مِنها دون خوف وينقذها من براثين أفكارها، لتضع اخر "قـميص" كان بين يديها وتستدير صوبه لتتعلق عينيها بموجه الذي يسير بسفنها حيث أرادت لـ يبتسم "يعقوب" وهو يطبع قبله شقيه فوق وجنتيها ويهتف بمرح:

_انا عجبني جو المستشفى هنا بفكر احجز ليا اوضه جنب شمس!.

ضحكت "ريـحان" بهدوء على كلماته المرحه وهتفت وهيا ترفع كف يدها تداعب خصلات شعره البنيه وقد حصرها بين أحضانه هاتفه:

_كلها ايام ونبقى سوا اصبر.

_ده انا صبرت صبر لو صبره الجبل كان مال ،ده انا ادخل موسوعة جينيس في اكتر شخص صابر على وش الدنيا!.

ضحكت مجدداً وهيا ترا ملامح وجهه تتعكر كماء الجير ويرتسم التذمر فوق شفتيه لتهتف بحب وهيا تحاول رسم الابتسامه على وجهه من جديد:

_اصبر حبه كمان صغننين نوسه متستحقش شوية صبر كمان!.

لاطفت قلبه بنسيم كلماتها ،واحتضنت غضبه وتذمره ببسمتها الرقيقه وحديثها الذي يغنيه عن متاع الدنيا وما بها ليزفر هدير تنهيده طويله وهو يقول:

_تستحقي كل الصبر يا ريحان كل الصبر.

تبسم ثغرها له في لين ومن ثم شرعت في إسناد رأسها على صدره ومحاوطته بذراعيها الرقيقان مطلقه زفير حار وهيا تختبأ بين دفى أحضانه من مخاوفها ورعبها وخشيتها للخساره ،احاطها هو الآخر بحب وضمها إليه بقوه وحنو وأسند رأسه فوق رأسها وهو يشعر بأن حبيبته تخفي عليه شيئاً.
ماضياً كانت ريحان ترفض أن يحتضنها أو أن يمسك بكف يدها مُتعلله بـ الإناس والطرقات والشوارع ،وبينما كان الحب هو ما يجمع بين قلوبهم كانت هيا تقف له كـ الصراع بـ المرصاد.
كان يعلم أنها تخشى الفقد وتخشى التعلق ،لم يكن حبه حينها كافياً لجعلها مـطمئنه ،حين كان ينشغل بعيداً عنها بترتيبات حياتهم كانت تعاقبه هيا بـ البعد عنه كما يفعل ولكن أختلف الآن كل شئ .
منذ أن فتحت له قلبها وأخبرته بكم أنها تحبه وأصبح الإقتراب من ريحان شئ سهل.
باتت هيا من تحتضنه وتختبئ به غير عابئه لـ الإناس والعالم والطرقات.
منذ أن طمئنها أنه دائماً إلى جوارها بات هو المهرب الوحيد لها.

حـيـن تطمئن المرأه وينزع عن قلبها لِباث الخوف تعطيك كل شئ ،لا تبخل عليك بِمثقال ذرة من الحب ،حـيـن يذهب الخوف عن قلبها تـكن كـ غصن بان لا يتنزع عن شـجرته ويبقى مـشبثاً بها ،تـضم إرهاقك وهيا تكاد تسقط من فرط التعب ،تهمس لك بأن تطمئن والقلق يتلاعب بقلبها ،تعطيك ما تحتاجه ولا تـطالب بأي شـئ سوا شعورها بالأمان وعدم الخوف وهيا إلى جوارك.
جوار الشخص الوحيد الذي اختاره قلبها ليسقط في حـبه صريعاً.

_حبيبتي في حاجه إنتي مخبياها عليا؟.

كانت تعلم أن سِرها سوف يكشف سريعاً دون أن يسأل ،كان سوف يلاحظ وهيا كانت ستندفع تخرج ما بجوفها من ثقل،واحمال، وتلقيها فوق عاتقيه وسيكون هو خير حاملاً لهمومها ،تنهدت في قوه وهيا ترفع رأسها تنظر إلى عينيه التي تنتشلها من الضياع ليبتسم بوجهها بحنو لتتحدث قائله:

_ليل طلب من مني إنه يتجوز شمس.

_معقول؟.
متوقعتش كلام الواد المفعوص مسعد هيأثر فيه.

لم تفهم ما يرمي إليه بحديثه لتضيق جبينها وينعقد حاجبيها في عدم فهم ليهتف يعقوب قاصاً عليها كل شئ وهو يتذكر ما حدث في عشاء الأمس.

_عــــوده لـلـأمـــس_.

شرع كِلاهما في الجلوس فوق مقاعد القهوه الخاصه بـ "والد مسعد" والذي يعمل بها الشاب الكبير عقلاً والصغير سنناً بداخلها لمساندة والده ،فهلهل بسعاده وهو يبصر طيف رب عمله وصديقه ويقترب مِنهم سريعاً نافضاً عن ملابسه غبار الشارع مردداً:






_ده القهوه نورت بيك يا اسطا ليل والله.

هتف يعقوب في تذمر وهو يشعر بـ مسعد دائما يقم بإضطهاده:

_وانا يعني اللي كنت قاطع الكهربه عنها يا مسعد!.

ضحك مسعد في قوه مقهقهاً بضحكه رجوليه قويه:

_العفو يا اسطا يعقوب الحاره على طول منوره بوجودك.

تبسم ليل وهو يناظر كِلاهما وأفعال صديقه التي لا تتغير ليهتف في صوت هادئ:

_هاتلنا كوبيتين شاي يا مسعد.

_من العين دي قبل العين دي يا اسطا ليل.

ومن ثم ركض راكضاً من أمامه صوب الداخل تاركاً ليل ذو الذهن الشارد ويعقوب الذي ينظر إلى السماء يحاول تخمين موعد سقوط الأمطار من جديد ليهتف وهو ينظر إلى ليل:

_شكل الدنيا هتجيب شتا فلل.

لم يجد رداً بل ليل بل وجده شارداً الذهن ينظر صوب نقطه معينه بالفراغ ليتغضن جبينه وقد بات يشعر بشرود ليل الكثير في تلك الايام الماضيه ليناديه بأسمه ثلاث مرات حتى انتبه له ليتحدث في هدوء قائلاً:

_مالك يا ليل بتفكر في إي!.

_وهو انا عندي مين افكر فيها يا يعقوب بفكر في شمس.

_حصل حاجه بينك وبينها!.

_بالعكس الدنيا هادئه بيني وبينها بس...

_حاسس أن فيه حاجه غلط صح يا اسطا؟.

كان ذلك هو صوت مسعد الذي قد قدم حاملاً كوبي الشاي وواضعهم أمامهم على الطاوله ليتنهد ليل وهو يهز رأسه موافقاً على حديث مسعد ليجذب هو بدوره أحد الكراسي ويجلس بينهم تحت أنظار يعقوب المتعجبه من العلاقه الحميمه التي تجمع بين كِلاهما ليهتف مسعد في هدوء:

_تسمحلي اتكلم يا اسطا ليل ولا هتزعل من كلامي!.

_انت الوحيد اللي مبزعلش من كلامه يا مسعد اتكلم.

_بص يا اسطا ليل انا ولد وحيد على تلات بنات ابويا ربانا على المبادئ وعلمنا الصح من الغلط ،واكيد كل واحد فينا مش جاهل اي حرام وأي حلال عشان كده انا هتكلم معاك من غير لف ودوران يا اسطا ليل الحاره كلها ملهاش كلمه غير عنك انت والست شمس ،خروجكم سوا وقعدتكم قدام الورشه واخرتها الواد مصدي شافكم على البحر وجه قالي ،انا 







محترم حبك يا اسطا ليل للست شمس بس مش محترم العلاقه اللي بتجمع بينكم من غير رابط رسمي ،ممكن تزعل من كلامي بس انا اعتبرت الست ريحان والست شمس اخواتي من ساعات ما رجليهم دخلت الحاره دي يعني اخواتي كماله خمس بنات وانا محبش اسمع كلمه تعيب واحده فيهم ،الحاره عارف ان اسطا يعقوب كاتب على الست ريحان لكن انت يا اسطا ليل ميجمعش بينك وبين الست شمس غير الحب وربنا بيقول "وآتوا البيوت من أبوابها" ،ضيف على كده أن سعادتك هتقعد معاها اسبوع في المستشفى لحد ما يحين معاد العمليه وده من غير رابط بينكم يا اسطا ،عشان انت عارف الصح من الغلط حاسس ان في حلقه ناقصه بينك وبين الست شمس عشان كده تايهه وطالما ربنا نور بصيرتك يبقى خايف عليكم من الفتنه.

_فتنه؟.

_ايوا يا اسطا ليل الفتنه ،ستات الحاره مبيتبلش في بوقها فوله ولا وراهم شغله ولا مشغله شاغلين بالهم باللي طالع واللي نازل انا عايش اكتر منك في الحاره دي وعارفهم وعارف كلامهم اللي يسم البدن لو وصل للست شمس هتعمل ايه ،الحاره كلها عارفه اخلاق الست شمس والست ريحان بس الشيطان ما بيصدق يلعب في ملعب الفتنه ويقلب الطربيزه على الكل.

_وانت رأيك ايه يا مسعد اعمل اي!.

_اكتب عليها يا اسطا وسكت اللسان اللي يجيب سيرتكم بكلمه واحده وحشه وبعد ما العمليه تنجح بأذن الله اعمل فرح يليق بيك وبيها بس يكون من حقك القرب منها وانك تفضل جنبها بالشرع والدين، لو انت متهمنيش يا اسطا ليل مش هقولك كده ابدا.

كان حديث مسعد كالعاده صحيح ويصيب في المقتل دون قتل.
كان يشعر بكل كلمه يسمعها من مسعد الشاب ذو السادسه عشر الذي يرشده دوماً إلى الصواب وكأنه بوصله الحق والباطل له.
لقد رأى نظرات الخبث والمكر بين الماره وهو يسند شمساً ذات مره ولو رآتها شمس حينها لآقامت الحد بينه وبينها.
بينما يعقوب كان يعلم جواب حدوث ذلك منذ البدايه ،ليل لم يعتد على أن يكون هناك شئ يفعله في الظلام ،كان سيفاتحه في ذلك الموضوع عاجلاً أم آجلاً ولكنه لم يفصل الحديث خشيه ان يحزن من كلماته ولكن ذلك الشاب دوماً ما يبهره بعقليته ،لقد احسن والده في جعله شابا يملئ قلبه الخوف من الله والإيمان يعزز قلبه.
جعله شاب يختلفاً عن الباقيه .

نهض مسعد مربتاً فوق كتفي ليل في رفق وكأنه يآزر من شأنه ومن ثم انطلق إلى عمله لينظر له يعقوب مردفاً بصوت هادئ:

_مسعد عنده حق في كل كلمه.

_والعمل؟.

_تكتب على شمس زي ما قالك.

_تفتكر هيا هتوافق؟.

_اطلبها من ريحان وهيا هتعرف تقنعها براحه وتوصل ليها الكلام اللي مسعد قاله من غير ما تجرحها.

تنهد ليل وهو يهز رأسه موافقاً على حديثه وقد حسم الأمر بينه وبين نفسه ولكن صفعه قويه من يعقوب هبطت فوق رأسه وهو يهتف في غيظ وغيره اخويه جعلت ليل ينظر له بصدمه:

_مقولتليش أن بقى ليك أصحاب تانين هاا!.

لمح الغيظ بين عينيه تتراطم كالموج لينفجر ثغره مقهقهاً بقوه على حديث يعقوب الذي ينم على غيظه من تلك العلاقه التي باتت تجمعه مع غيره ليمد كفي يده ويقم بقرص وجنتيه مردداً بمرح:

_يختي حلوه بتغير يختي حلوه.





صفعه فوق كف يده بغيظ اكبر وهو يردد بتذمر:

_ابعد عني يا خاين.

_ده انت حبيبي يا يعقوب!.

_حبيبي يا يعقوب لا بقي مسعد عندك اهم من يعقوب.

ضحك ليل من جديد ليقترب بالكرسي الخاص منه من يعقوب الذي عقد ساعديه أمام صدره في غضب زائف ناظراً بعيداً عن ليل وهو يحاول تغير محور الأمر ليصفعه ليل بخفه على مؤخرة رقبته مردفاً بمزاح:

_وهو انا ليا غيرك يا عبيط!.

_ايوا ليك شمس ومسعد يعقوب خلاص راحت عليه.

_ياض انت اللي في القلب.

_وشمس؟.

_ما انت واخد ربع وهيا واخده التلات اربع الباقين.

ضحك يعقوب بقوه وشاركه ليل الضحك وعلى صوت ضحكاتهم تتردد في القهوه وقد نجح يعقوب في إزالة الحزن والشرود عن قلب صديقه.

_عــــوده_.

_وبس يا ستي ده كل اللي حصل.

_ده انا همسك ستات الحاره دول اقرقشهم بسناني لما ارجع وهعرفهم بيتكلموا عن مين ولاد اللي بيناموا حافيه.

ضحك في خفه وهو يستمع إلى كلماتها الحانقه ليبتعد عنها وينظر في أرجاء الغرفه التي كان يوجد بها سريران طبيان ودورة مياه ملحقه بالغرفه واريكه صغيره وقد كانت الغرفه باللون الازرق الهادئ ليبتسم في رفق مردداً:

_الدكتور فريد متوصي بينا جامد.

_راجل طيب اوي وحبيته والله.

التفت صوبها سريعاً كالمدفعيه رافعاً حاجبه في إستنكار وهاتفاً بصوت عال:

_نــعم يا اخـتي حبيـتـيه قرطاس لب انا بقى واقف!.

ضحكت في قوه ،ضحكه رنانه على صداها في الغرفه لينطلق صوبها سريعاً يكمم فمها وهو يهتف بحنق:

_بس يا ماما بس هنا مستشفى محترمه ممكن يطلبوا ليكي بوليس الاداب بالضحكه دي!.

_بتغير من راجل قد ابوك الله يرحمه يا يعقوب!.

_راجل مين اللي قد ابويا!.




ده الراجل صحه وشباب وجمال الله واكبر عليه من عيني وعينك.

ضحكت من جديد ولكن تلك المره بصوت خافت لتنظر نحو وجهه يعقوب المحتقن بالغيظ منها والغيره تلتمع بين اعينه لترتفع بجسدها واقفه على أطراف أصابعها طابعه قبله شقيه على وجنته وهابطه بقامتها القصيره من جديد مردده بمرح:

_مرضي يابا!.

_الخد التاني زعلان يرضيكي يفضل زعلان!.

_انت اكتر واحد مستغل شوفته في حياتي!.

_بس بحبك.

هتف بها غامزاً لتضحك مجدداً وشاركها هو الضحك في رفق لتهتف بمرح:

_ايوا ايوا ثبتني ثبت على العجله.

رفرف برموشه وهو يتصنع البراءه مردفاً بمرح:

_انا يا بنتي اثبتك استغفر الله دي الحقيقه.

_انك بتحبني!.

_إني بموت فيكي.

تبسم ثغرها في حب وهيا تنظر إلى عينيه التي لا تلمع بالحب سوا لها وحدها وفقط.
المرأه الوحيده التي تراها عيناه ،والاخيره التي سوف تسكن قلبه.

ومن حيث لا يدري كِلاهما إستمعا إلى صوت إرتطام حاد في الخارج تبعه صراخ قوي أفزع القلوب من مضاجعها.

وضعت ريحان يدها فوق قلبها سريعاً بحركه لا اراديه ناظره صوب وجهه يعقوب القلق وهاتفه برعب:

_شمس فين يا يعقوب!.

_المفروض أنها مع ليل عند الدكتور فريد بيعملوا فحوصات!.

هرعت سريعاً صوب الخارج وخلف مِنها يعقوب والقلق يشاطر قلب كِلاهما اندفعت صوب الطرقات تبحث عن مصدر الصوت ،وسبب الإرتطام، ونتيجة ذلك التزاحم القوي الذي يملئ الطرقه وهنا وجدتها.

شاب مُلقى أرضاً تنزف الدماء من شفتيه ومن أنفه.
ليل يقف كما الثور الهادئ يكبحه رِجال الآمن الذي يسعى الطبيب فريد في اخبارهم أن لا يتركوه وقد كانت تلك المره الاولى التي ترا بها زوبعه غضب ليل الجامحه.
أما شمس فكانت تقف جانباً وقد كانت تلك الصرخه القويه خارجه من بين شفتيها .
وبـ النظر إلى الأمر من كافة النواحي كانت تعلم ما سبب تلك الضجه.







هـنا لم تكن للصراعات يد ،لم تكن تلك الضجه هيا من تحدثها بل تلك المره كانت الصدفه ،كانت الصدفه هيا السبب لما آلت عليه الأمور ولم يكن ذلك من ترتيب أحدهم حتى القدر جهلا في أن هناك بعض الاشياء لا ترتب.
تحدث خارج عن قواعدنا ورتيبتنا.
تلك المره كانت الصراعات مجرد شخص يشاهد ما يحدث وبالنظر إلى بسمتها علم الجميع أن تلك الامر لن يمر.


                الفصل الثامن من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close