أخر الاخبار

رواية رحيق الهلالي الفصل الثامن عشر18بقلم داليا السيد

رواية رحيق الهلالي 
الفصل الثامن عشر18
بقلم داليا السيد
صلح.. موت
جذبها مهاب من شعرها بقوة ولكنها تداركت نفسها واستبعدت ضعفها ويأسها وعادت تدفعه بقوة بكلتا يديها دون فائدة ولكن بالتأكيد لم تسأل سوى الله أن ينقذها وكانت أكيدة من أنه عند حسن ظنها به وتأكدت عندما تعثر الاثنان بتلك السجادة الصغيرة من نعومة الأرضية تحتها ليسقط هو جاذبا إياها معه لتسقط على الأرض بقوة تألمت لها بينما اصطدمت رأس مهاب بطرف المائدة الرخامية وهو يسقط ليصرخ من الألم ويفلتها فتنتفض ناهضة بصعوبة من ألم ظهرها وقد أصابها دوار ولكنها قاومت وترنحت وهي تتجه إلى باب الشقة وقد لملم مهاب نفسه رغم جرح رأسه وترنح وهو يحاول أن يتبعها ولكنها كانت قد وصلت إلى الباب وفتحته لتجد فراس أمامها فتصرخ باسمه
“فراس أنقذني"
أسرع إليها من بين فزعه يتلقاها بين ذراعيه وهو يرى وجهها ملطخ بالدماء ومن خلفها مهاب وبالطبع أدرك ما كان
تراجع مهاب بخوف عندما رأى فراس يضع رحيق على الأرض برفق ويلتفت إليه بغضب سنوات عمره كله وصرخ مهاب به
“لم أفعل بها شيء أقسم أني لم أفعل، هي التي.." 
ولكن لم يكن فراس ليسمعه وهو يلكمه بقوة بوجهه وهو يصرخ به "أيها الندل الجبان تركتك مرة من أجل فايزة ولكن الآن لن أرحمك إنها زوجتي يا خسيس زوجتي" 
توالت لكماته لمهاب الذي حاول أن يرد لكمات فراس ولكنه سقط وفراس فوقه يريد أن يكيل له ولكن مهاب فقد الوعي قبل أن يفعل ثم سمع صراخ من خلفه ورأى دنيا تنحني لتفصل بينه وبين مهاب، بينما سمع كوثر تصرخ باسم رحيق فاستعاد نفسه ونهض ليسرع إلى رحيق التي انسابت الدماء من وجهها وكوثر ترفع رأسها على صدرها وقالت 
“فراس اتصل بالإسعاف الفتاة تنزف انظر"
كانت الدماء تسيل من بين ساقيها ووجهها ففزع وتلاعبت به الشياطين ولو كان ما فكر به صحيح فسيقتل مهاب ولن يرحمه
خرج الطبيب من غرفة الطوارئ فالتف الجميع حوله وصرخت دنيا قبل أن ينطق أحد "أخي يا دكتور كيف حاله؟" 
قال الرجل "جرح رأسه غائر ونحن نجري أشعة على المخ ولا ندري هل أثرت على أي عصب لديه أم لا لكن من الواضح أن هناك نزيف بالمخ وهو أخطر ما بالأمر، أما باقي الكدمات فلا خوف منها" 
تراجعت دنيا بفزع على أخيها الذي منحه الله جزائه على أفعاله بينما قال فراس بقلق واضح "وزوجتي؟" 
قال الطبيب "لم تفق بعد، لقد أوقفنا النزيف والحمد لله ما زال الحمل بخير رغم كل شيء وجرح بسيط بوجهها" 
تراجع فراس وهو يردد "الحمل؟" 
هز الطبيب رأسه وقال "نعم المدام حامل بأول شهورها ولكن بفضل الله لم تفقد حملها" 
صمت فراس وشعر بيد والدته على ذراعه وتحرك الطبيب ولكنه تبعه وقال "سؤال يا دكتور، هل تعرضت زوجتي للاغتصاب، أقصد" 
فهم الطبيب وقال "لا يا فندم ليس هناك أي أعرض للاعتداء اطمئن النزيف من أثر الإجهاد أو سقوط" 
تنفس بارتياح بينما تبعته كوثر وقالت "حبيبي الحمد لله على سلامتها وسلامة ما ببطنها" 
نظر فراس لأمه وهو يحاول استيعاب كل ما يحدث وقال بغضب "ماذا حدث يا أمي؟ وكيف اجتمع مهاب مع رحيق بمكان واحد؟" 
أسرعت دنيا تبث سمها وتقول "بالتأكيد هي أحضرته ألم أخبرك أنها تعمل لحساب أحدهم هل عرفت الحقيقة الآن؟" 
لم يتردد وهو يصفع دنيا على وجهها بقوة وهو يقول "اخرسي، لا تتحدثي عنها كلمة واحدة هل تفهمين؟" 
تراجعت دنيا بخوف بينما أمسكته كوثر وقالت "زوجتك لم تفعل شيء فراس دنيا سكبت الشاي على ملابسها فعادت إلى المنزل لتبدلها، زوجتك بريئة من ذلك الجبان يا فراس" 
هز رأسه وقال "أعلم أمي، أعلم لقد كانت عند الباب وقت أن رأيتها أي كانت تحاول الفرار من ذلك الكلب، الجبان" 
عادت دنيا تقول "لن أتركها يا فراس ولن أرحمها، لن تهنأ بحياتها معك هل تفهم؟ وإن لم يحقق مهاب انتقامي سيفعله سواه، لن أتركك لها" 
التفتت إليها وقد أدرك أنها من خطط لكل شيء، كاد يعود إليها بغضب ولكن كوثر جذبته وقالت "كفى فراس نحن بالمشفى ولا يجوز أن يحدث ذلك هنا" 
تراجع وهو يضم قبضته بقوة من الغضب بينما قالت كوثر "الحمد لله أنك أتيت بالوقت المناسب" 
نظر إليها ولم يرد عندما خرجت الممرضة وقالت "المدام أفاقت وستنقل إلى غرفة هل حجزت واحدة يا فندم؟" 
قال "نعم رقم.." 
وأخيرا استقرت بالفراش وما زالت بين النوم واليقظة وربما زالت آلام ظهرها، فتحت عيونها بصعوبة من ثقل رموشها لترى عيون كوثر تنظر إليها بخوف وقلق وسمعتها تقول 
“رحيق أنت بخير؟"
هزت رأسها وشعرت بجفاف بحلقها ثم أغمضت عيونها مرة أخرى فاقترب منها بقلق عندما فتحتها مرة أخرى  لتراه أمامها فهتفت بضعف
“فراس"
جلس أمامها وقد أضعفه أنها نطقت باسمه وقال وهو يتأمل ملامحها المتعبة وقال "نعم رحيق أنا هنا" 
قالت بنفس الضعف "لا تتركني" 
أمسك يدها بقوة وقد أغمضت عيونها مرة أخرى وعادت للنوم فنادها بقوة "رحيق، رحيق هل تسمعيني؟" 
دق الباب ودخل الطبيب فنهض فراس وقال "دكتور إنها لا تستجيب" 
فحصها الطبيب بسهولة وقال "هي نائمة من أثر المسكنات والمهدئات وهي بحاجة للراحة ولا تقلق أخبرتك أنها بخير ويمكنكم الرحيل بالصباح" 
ارتاح قلبه قليلا وخرج الطبيب وعاد إلى جوارها فقالت كوثر "اطمئن فراس هي بخير" 
نظر إليها وقال "ماما اذهبي أنت من أجل جواد كانت حالته صعبة عندما رآنا بالبيت" 
هزت رأسها وقالت "نعم، فراس ماذا سنخبر فايزة؟" 
تعصب وقال "لا يهمني لأن حسابه لم ينتهي بعد" 
نظرت إليه وقالت "كفى فراس انتهينا لن تقتل زوج أختك ولن تدخل السجن وتترك زوجتك وأولادك لم يعد جواد وحيدا هناك طفل آخر بالطريق وهو بحاجة لك" 
حاول أن يهدأ وهو يحدق بوجه أمه قبل أن يقول "وأتركه يدنس شرفي" 
قالت "لن يقوى على فعلها مرة أخرى فراس ثم نحن لا نعلم ماذا حدث له بالتأكيد لن يخرج سليما أنت سمعت الطبيب إنه نزيف بالمخ" 
قال بغضب "بلى يا أمي هو سليم ومعافي وأنا لو رأيته أمامي سأقتله" 
تعصبت الأم وقالت "لا تجعل غضبك يعميك لقد نال جزاؤه فلا داع لكل ذلك فكر بزوجتك فهي بحاجة إليك" 
وتحركت خارجة وتحرك هو إلى فراشها وجذب المقعد وجلس أمامها قبل أن يمسك يدها ثم قال "أنا سبب كل ما أصابك رحيق، منذ دخلت حياتك ولم تنالي يوما سعيدا، غصب عني رحيق صدقيني غصب عني، ولكن أعدك أن أعوضك عن كل شيء فقط استعيدي نفسك وعودي إلي" 
لم يتركها وتمدد عل كرسيه حتى شعر بها تتحرك بالفراش فاعتدل وفتح عيونه ليراها تفتح عيونها وتنادي باسمه "فراس" 
ظنت أنها كانت تحلم عندما رأته بجوار كوثر لذا نادته لتعرف ما إذا كان حلم أم حقيقة، ولكنها شعرت بيده تلمس يدها وتحتضنها بين يده فالتفتت إليه لتجده ينظر إليها نظرة لأول مرة تراها وهو قريب منها وأجاب
“أنا هنا رحيق"
قالت "أنا لم أفعل شيء فراس هو الذي تهجم علي و.." 
لمس اصبعه فمها وقال "لا تكملي، لستِ بحاجة للدفاع عن نفسك أنا أعرف مهاب جيدا، كما أعرفك أنت أيضا" 
تأملت عيونه الصادقة وقالت "حقا؟" 
ابتسم وقال "حقا، كيف تشعرين الآن؟" 
قالت "بخير، أنا سعيدة أنك أتيت لا أعلم ماذا كان سيحدث لي بدونك" 
مرر يده على شعرها وقال "ولكني أتيت" 
سبحت بزرقة عينيه وقالت "لماذا؟" 
ابتسم وقال "لقد أخبرتك" 
ضاقت عيونها وقالت "لا لم تفعل" 
لمست أصابعه وجنتها وقال "ألم أخبرك أني افتقدتك؟ أتيت لأراك رحيق" 
دمعت عيونها وقالت بسعادة لم يقدرها "حقا؟ حقا أتيت من أجلي؟" 
مسح دمعتها وما زال يطبق على يدها وقال "كلماتك أثارت حيرتي رحيق ولم أفهم ما إذا كنت تريدين رؤيتي أم لا ولكن صمتك بآخر حديثنا هو الذي أحضرني رحيق أنا نسيت تلك الكلمات التي كنت أكتبها بفيض من المشاعر لا نهاية له وتحولت لرجل فلاح لا يعرف إلا قسوة وجفاف الأرض وجفت عندي كل المعاني ليس فقط لأني أصبحت فلاح ولكن لأن من حولي هم من فعلوا بي ذلك لذا ربما لا يمكنني أن أسمعك تلك الكلمات" 
قالت "يمكنك أن تعود" 
ظل ينظر بعيونها قبل أن يقول "صعب، صدقيني صعب وقد حاولت وفشلت" 
قالت "هل أساعدك؟ تعلم أن لساني بصحة جيدة" 
ابتسم وقال "هذا أمر لا نزاع عليه، لا تفكري بذلك الآن فأنت بحاجة للراحة ولن يمكننا العودة للبيت الآن" 
قالت "لماذا؟ أنا بخير، وقد اشتقت للبيت والحديقة وكل شيء أنا لا أحتاج للراحة أحتاج للعودة لبيتي" 
وضع يده على بطنها وقال "ولكن هو بحاجة للراحة رحيق وأنا أريده بصحة جيدة" 
توقفت عن الابتسام وهي تحاول أن تفهم كلماته قبل أن ترددها "هو؟ من هو؟" 
قبل يدها لأول مرة وقال بحنان صادق "ابننا رحيق ألا تعرفين أنك حامل؟" 
عادت الدموع إليها وارتبكت مشاعرها وهي لا تستوعب ما قال وما حدث وهتفت "أنا حامل؟" 
أكد برأسه وقال "نعم رحيق، الطبيب أخبرني وطمأنني أنه بخير ولم يتأثر بما حدث، لذا لابد أن تحافظي على نفسك أنا أريده رحيق، أريده بشدة" 
هزت رأسها من بين دموعها وقالت "وأنا أيضا فراس أريده فأنا تصورت أني لن أكون أم إلا لجواد" 
ضحك وقال "هو ابنك البكر" 
صدقت على كلماته وقالت "وأول من رأت عيونك فراس، هل كنت تتمناه مثل ابننا؟" 
أخفض وجهه لحظة قبل أن يقول "ربما، هيا أخبريني لو فتاة ماذا سنطلق عليها؟" 
قالت بدون تردد "فريدة" 
نظر إليها نظرة ذات معنى وترك يدها ونهض مبتعدا فقالت "ماذا؟ ألا ترغب بالاسم؟" 
قال بحزن "بل لم أرغب إلا به، فقط تمنيت لو كانت معنا" 
قالت "هي معنا بروحها وذكرياتها، هي معنا فراس بقلوبنا" 
حاول أن يبتسم وهو يقول "نعم" 
قالت "ولو ولد؟" 
قال "بل هي فريدة بإذن الله فأنا أتمنى بنت تشبهك رحيق حياتي" 
لم تجد ما ترد به عليه إلا أنها قالت "وأخ لجواد وعلى فكرة أنا أخبرت دنيا أني سأكون أم لأولادك الستة فما رأيك؟" 
تحركت عضلات وجهه وهو يتأملها ثم وجد نفسه يعود إليها ويمسك يدها ويقول "هذا يعني أنك ستكملين معي للنهاية رحيق؟" 
قالت "هل تريد ذلك؟" 
وضع يده على وجهها وقال "بل أتمناه رحيق، أخبرتك ذلك من قبل فالحياة لا معني لها بدونك" 
وقبل يدها مرة أخرى وقد نبتت بذرة صغيرة بأرض جديدة بينهما وكلا منهما يريد لها أن تنمو وتكبر وكيف لا وبذرة الحب تنبت أغصان كثيفة وقوية من الود والرحمة وتثمر ثمار محبة وحنان تدوم العمر كله.. 
انهارت فايزة أمام غرفة العناية حيث زوجها راقد بين الحياة والموت عندما رأت فراس يتجه إليها والدموع تنهار من عيونها ودنيا ما زالت تقف بلا تراجع 
توقف أمام أخته وقال "هل من أخبار؟" 
نظرت فايزة إليه وقالت "لا فراس، ليس هناك أخبار هل أنت سعيد الآن؟" 
ضاقت عيونه وهو ينظر إلى دنيا بطرف عيونه ثم عاد إلى أخته وقال "لا أفهمك فايزة" 
قالت بقهرة وألم "ألم تفعل به ذلك أنت وزوجتك التي كانت تطارده وأنا التي ظننت أنها صديقتي و" 
قاطعها بقوة وقال "كفى فايزة، كفى، لم يحدث شيء مما تقوليه، رحيق لم تفعل ذلك بأي يوم وأنت تعرفين ذلك لأنك أيضا تعرفين زوجك ومغامراته مع النساء، كفاك كذب على نفسك مهاب ليس ذلك الرجل الذي يستحق حبك" 
تدخلت دنيا "إنها زوجتك التي قتلت أخي" 
التفت إليها وقال "أنت من قتل أخيك أنت من دبر كل شيء أليس كذلك؟ سكبت الشاي على ملابس رحيق حتى تعود إلى البيت ويكون مهاب بانتظارها وينال من شرفي لتصبح هي المرأة الخائنة، ولكن الله خيب ظنك وانقلب الأمر عليك بأخيك الذي أصيب وبدلا من أن تدعي له ما زلت تمارسين أكاذيبك وألاعيبك متى ستكتفين؟" 
قالت بقوة وحقد واضحين "لن أكتفي فراس، إذا كان هو غبي ولم يمكنه أن ينتصر على امرأة فأنا من سيفعل أنا من سيدمرها ولن أجعلها تهنأ يوما واحدا بعد الآن"
أمسكها بقوة من ذراعها وامتلأت نظراته بالغضب وهو يواجها ويقول بنبرة نارية "لن أسمح لك أن تمسيها بشيء ولو فعلت فلا تحاولي تخيل ما سأفعله بك" 
قالت بنفس الحقد "لم أعرف أنها تملكت قلبك أو أن ما زال لديك قلب، ولكن قلبك هذا إن لم يكن لي فلن يكون لأحد وأنا حذرتك فراس" 
وأبعدت يده عنها وابتعدت من أمامه وهو يتابعها بغضب بينما أمسكته فايزة من ذراعه لتعيده لها وقالت "فراس أنا لا أفهم ماذا حدث ألم تكن رحيق؟" 
نظر إليها وقال "اهدي فايزة وأنا سأخبرك بكل شيء" 
 تحسنت رحيق بعد عدة ساعات وأصرت أن تنهض لترى فايزة التي كانت تجلس أمام باب العناية دون أي تحسن لحالة زوجها وقد أخبرهم الأطباء أن احتمال الشفاء ضئيل جدا وأن نزيف المخ عادة ما يؤدي إلى سكتة دماغية تنهي حياة المريض، فلم تجد فايزة غير الدعاء والدموع رفيق حتى ميادة ابنتها التي وصلت المشفى لم تفعل سوى أنها شاركت أمها بعض الدموع فمهاب لم يكن بالنسبة لها الأب الذي يستحق الحزن من أجله.. 
نظرت فايزة إلى رحيق وهي تتحرك تجاهها بجوار فراس حتى توقفت أمامها ثم ركعت أمامها وقالت "أنا آسفة فايزة والله لم أفعل به شيء صدقيني لقد سقط كلانا بسبب السجادة واصطدم رأسه بالمائدة، أقسم أني لم أفعل به أي شيء بل هو" 
ثم صمتت وأخفضت وجهها، ولكن فايزة قالت "عرفت رحيق، عرفت من أول يوم ما يريده مهاب منك، ليس فقط كرهه لأخي وإنما نظرات رجل لامرأة أعجبته وأرادها، ربما شككت بك بالبداية وتقربت منك لأعرف نواياكِ ولكن كلما اقتربت منكِ كنت أعرف أنكِ لست تلك المرأة التي تقتلع رجل من زوجته أو امرأة تخون زوجها وصديقتها، ولكن هو زوجي يا رحيق ووالد ابنتي" 
ربتت على يدها وقالت "أعلم يا فايزة وأقدر حالتك وأتمنى من الله أن يزيح الغمة ويكتب له الشفاء" 
واحتضنت المرأتان بعضهما البعض وتعرفت رحيق على ميادة البنت التي بدت شبيهه بأمها وظلت معهم رغم اعتراض فراس ولكنها تمكنت من اقناعه خاصة عندما استطاعت أن تهدأ من ميادة وربما ارتاحت الفتاة لها لقرب عمرها منها وظلت تتحدث معها ولكن فجأة تغيرت الحالة من حولهم ورأت الممرضات في حالة من الهرج والمرج وأسرع فراس يستوقف إحدى الممرضات ويسألها فقالت
“حالة المريض تتدهور أنا آسفة، دعواتكم" 
انهارت فايزة وارتمت ميادة بأحضان رحيق وهي تنتحب بشدة وتراجعت دنيا تكاد تلتصق بالحائط وظل فراس واقفا ينظر لزوجته التي بادلته النظرة بحزن من أجل فايزة وابنتها رغم أن مهاب لا يستحق.. 
وبالنهاية صدر الخبر الحزين وانتقلت روح مهاب إلى خالقها لتفقد فايزة الوعي وتنقل إلى غرفة ليتابعها الأطباء وتنهار ميادة حزنا على والدها وخوفا على أمها وانهارت دنيا بالبكاء واختفى فراس لينهي الإجراءات 
كان الأمر شاق ومؤلم وبنهاية العزاء وانتهاء اليوم لم توافق كوثر على أن يرحل فراس ويترك أخته وحيدة بابنتها  لذا أقام الجميع بفيلا فايزة وأرشدتها كوثر على غرفتها هي وزوجها وتابعتها وهي تخرج وكلها تساؤلات عن وجوده وهل سيبيت هنا معها بنفس المكان؟ 
صحيح ما كان بينهم بالمشفى من صلح وذلك الحمل بدل الكثير في علاقتهم، كلماته جعلتها تدرك أنه يطلب بداية جديدة فهل هنا البداية؟ 
دق الباب فالتفتت بحدة لتراه أمامها يدخل ويغلق الباب خلفه، لم تتحرك وهي تنظر إليه بنظرات فهم معناها فقال وهو يجلس بإرهاق واضح
“سنبيت اليوم فقط وغدا سنعود لا يمكنني ترك الأرض كل ذلك"
هزت رأسها وما زالت تخفي مخاوفها نهض وخلع قميصه وتحرك إلى الحمام وقال "لو أمكنك وضع وسادة وغطاء على الأريكة فأنا متعب جدا" 
احمر وجهها وشعرت بالخجل من أنه فهم نظراتها وأفكارها، أعدت الملابس التي أحضرتها لها كوثر وجهزت له المكان وجلست على طرف الفراش تنتظره وهي تسمع صوت المياه وسرعان ما رأته خارجا يجفف شعره بالمنشفة بعد أن ارتدى بنطلونه كالعادة بدون القميص واتجه إلى الأريكة وقال 
“بقدر ما كنت أكره مهاب إلا أن موته صدمني" 
قالت "أنا فقط حزينة من أجل فايزة فهي كانت تحبه" 
أشعل سيجارة ونظر إليها وقال "لكنه لا يستحق قلبها الطيب فكم جرحها وأهانها بأفعاله وكم كانت صبورة خاصة من أجل ميادة" 
نهضت فقال "إلى أين؟" 
قالت "أحتاج إلى حمام دافئ، أشعر ببعض التعب" 
نهض واتجه إليها ووقف أمامها وقال "متعبة؟ هل أطلب طبيب؟" 
أخفضت وجهها وقالت "لا، اطمئن ليس هكذا أنا فقط أريد حمام دافئ لأستعيد نشاطي" 
مرر يده على وجنتها وقال "نعم، كنت أندهش من نشاطك وقدرتك على ذلك المجهود الذي كنت تبذليه بالبيت" 
لم ترفع عيونها إليه وتمنى لو جذبها لأحضانه كما كان يفعل ولكنه لم يشأ أن يفعل كي لا تظن أنه يضغط عليها فابتعد وقال 
“ولكن يبدو أنك فتاة قوية لا تناسب اسمها الرقيق"
نظرت إليه وهو يبتعد وقالت "كيف ذلك ومن فوائد الرحيق منح الجسم الطاقة اللازمة للنشاط اليومي ومنع الإحساس بالإرهاق كما أنه يمنع.." 
التفت إليها وقال "حسنا رحيق إنه مناسب لا يمكنني بعد هذا اليوم أن أحصل على محاضرة في أهمية رحيقك عزيزتي" 
قالت بضيق "لا تناديني بذلك" 
ابتسم وهو يتذكر موقفها من دنيا، جلس وقال "أحب تلك الكلمة" 
قالت بغيظ وهي تتحرك إلى الحمام "أحبها ولكن بعيدا عني" 
لم تذهب ابتسامته وهو سعيد بعودتهم بعد كل ما كان وتمنى لو أصبحا زوجين بحق وليس فقط من أجل جواد



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-