أخر الاخبار

رواية حب تحت الصراع الفصل الثالث3بقلم حبيبه محمد



رواية حب تحت الصراع
 الفصل الثالث3
بقلم حبيبه محمد




أقـتَـرب.
دَعـني أشعر بـقَلـبك ،دَعـني أسَـتـمع إلـى صَوت أنْفاسـك.
أتـرك گفـي يَـرسَم جُـغرافـية وجـهـك.
إنـني هُـنا أراك أنظـر إلـيگ بـروحـي.
أقـتَـرب.
أمْـسك بَگف يدِي وأخرجـني مِن عَتـمـتي، كُنْ أنـتَ مُنقذي ولـَيلي الذي أنُـيره.
دَعـني أگون لكَ شمساً لـا تَنطفئ ،دَعـني أرى گـيفَ تَكون عَـتمتي بِـك.
أقـتَـرب.
وأحَـبـني.
فأنـا صِراعك الذي لـن يـنتهـي.

_شَــمــسـ.
___________________________________________

"حبيبي لو تخاصمني، أنا مين يقاسمني".
"أيامي الجاية وجنبه هعيش".
"مين هيكلمني، مين يتحملني".
"في الدنيا أكيد غيرك إنت مفيش".

أسَدل الليل ستائره السوداء مُنيراً قَمره جدائله العتماء ،تُزين سمائه النجوم والغيوم، فـ غادرت الشمس أخيراً بعد يوم طويلاً شَاق وأخذ الليل دوره ،ووقف يُتابع في حُزن غروب الشمس وكم تمنى لو تشرق بِه وتبقى ،لا تنطفئ، لا تغادر، تُنيره دائماً ،وابداً ،وإلى الأبد ،ولكن هل تتضَمن مُعجزات الكون لِقاء الشمس الدافئه ببرودة الليل الدامسه!.

يَجلس أمام ورشته واضعاً كرسيين وطاوله مُمتلئه بأكواب الشاي يشعر بأن هُنالك صِداع نَصفي قد أصاب مُنتصف رأسه من ذلك الثرثار الذي يجلس قُبالته ،رفع كفي يده يحاول تهدأت ذلك الصخب الذي أصاب عقله وقد كان يكفيه لقائه مع ذلك الرجل الذي لم يتوقف ثغره عن الحديث ،فـ خَلق من الحروف الابجديه الثمانية وعشرون مئتان ألف حرف يتحدث بهما ،اغمض عينيه مُحاولاً التحلي بالصبر والثبات كي لا يكن قاتلاً ملوثاً كفي يده بدم ذلك الثرثار.

_تزعق فيا قدام الناس وتمشي!.
لا وكمان تقولي انا اسيبك عادي عشان خاطر شمس طب والله ما أنا معبرها وخليها بقى تتجوز شمس.

كان ذلك هو القسم الخامس والعشرون الذي يقسم به "يــعقوب" بعدما أنتهى من سَرد مُشاجرته هو وتلك الصباره القاسيه للمره التي لا يعلم عددها فوق مسمعي ذلك المسكين الذي شعر أنه على وشك قتله وقتل صديقة شمسه ودفنهما سوياً ولن يكن مُذنباً إن فعل ذلك ،فما الذي يردعه من أن يقوم بقتله الأن!.

بينما كانت أنفاس "يــعقوب" تتعالى في غِضب وآسى يحاول تمالك شتات نفسه من الإنهيار فالألم يقسم قَلبه إلى أشلاء فهو مهما كان رجلاً لا يحب أن يقوم أحد بمقارنته بأي شئ وهيا لم تكتفي بـ ذلك فقط بل هددته أنها سوف تخسره لأجل صديقتها ،تلك التي أحبها حُباً جما تصرخ في وجهه بتحذير لأول مره لفراق قريب ،وإن كان مُخطئاً بقدر فهيا مُخطئه في كُل شئ.

فـما أسوأ من أن يتم إستبدالك بـشخص أخر ،ما أسوأ أن يَتم وضعك في خَانة المُقارنه مِنْ أقرب أحد إليكَ ،ما أسوأ أن تشعر أنك ولا شئ.
أنك سئ لا تستحق الحـب.

اخذا "لـيـل" نفساً عميقاً محاولاً التماسك وعدم النهوض وإحضار إحدى مطارقه من داخل ورشته وتلقين صديقه درساً لن ينساه فهو يعلم كم أن صديقه مخطأ بل وأن خطائه كبير ولكن عِند رؤيته حزين بتلك الطريقه يحزن ،كم ودا لو يقم بتكسير رأس يـعـقوب الآن ويقم بإعادت تدويرها لتعمل بشكل صحيح ولكن بالرغم مما يحمله صديقه من مساوئ لا تحتمل إلا أنه يبقي صديقه وعليه أن يتحمله ويصبر عليه حتى لو كان مخطأ بقدراً ليهتف في صوت هادئ ورزين يحاول فصل الأمور بحكمه:

_من حقها تعمل أكتر من كده يا يعقوب انت واحد بتشتم واحده في مكانة اختها لا وكمان بتدعي عليها مستني منها تقولك إيه أمين! ،انت تحمد ربنا أن ده كان رد فعل ريحان وأنها مكسرتش الكافيه فوق دماغك وانا وانت عارفين إنها ممكن تعمل كده عادي ،حط نفسك مكانها يا يعقوب وحطني انا مكان شمس كنت هتقبل إنها تقول عني كلمه بس واحده وحشه!، ده انت كنت قومت كلتها ومتقوليش لا مكنتش هعمل كده ،قولتلك مليون مره اوزن الكلام قبل ما تقوله يا يعقوب مش معنى إنها بتحبك أنها تسكت وتأخد على خاطرها منك، لا زي ما انا غالي عندك ومتقبلش أن حاجه تمسني هيا برضه شمس غاليه عليها ومتقدرش تستحمل كلمه عليها بطل تقارن نفسك طول الوقت بشمس ،انت عارف انت إيه وهيا إيه فـ ليه تعكنن على نفسك وعليها اعقل شويه يا يعقوب مش هفضل اقولك كده كتير!.

حديثه صحيح.
بل هو يعلم أنه لا يوجد خطأ به بتاتاً ولكنه لا يُريد أن يعترف بأنه مخطأ ،الرجال لا يخطئون أبداً وإن اخطئوا لا يعتذروا ،لقد ترعرع على ذلك وكبر عليه وهو يرا أنه حتى لو كان مخطأ لا يجب عليها أن تتجاهله بتلك الطريقه ،لا أن تعذبه ابدا على مشاعره التي لا يقدر أن يسيطر عليها ،لقد ارسل لها العديد من الرسائل لكي تُجيب عليه ولكنها لم تُجب، لم يكف عن الاتصال بها وفي النهايه أغلقت هاتفها ،وها هو أخيرا يجلس أسفل منزلها ألا يكفي ذلك أن يعبر عن مدى أسفه!
ايتوجب عليه أن يقول تلك الجمله التي تجعله يشعر بالنقص وأنه أسف!.

فَكر لوهله إن كانت "ريـحان" حبيبته تتحدث عن صديقه بتلك الطريقه كيف سوف تكون رد فعله!.
تجمدت عروقه وهو يتخيل لوهله أنها تقم بِهجاء صديقه فنفرت الدماء في عروقه وشعر بالغضب يزاوله ،إن كان يشعر هكذا من مجرد تخيل فما بالها هيا وهو لا يكف عن الحديث عن صديقتها بتلك الطريقه المُشينه!.
فتضاربت مشاعره ولم يعد يفهم ما الذي يوجب عليه فعله!.

تَنهد "لـيـل" من جديد وهو يعلم إن كانت "ريـحان" تملك رأساً صلباً فـ "يــعقوب" يملك رأساً أصلب مِنها ،كِلاهما مُخطئان ولكنهما يأبى الإعتراف بذلك ،لا يستطيعوا أن يرو أن الأمر أسهل من ذلك ،لا يستطيعوا أن يرو أن كلمه واحده قد تُنهي كل ذلك الخلاف كَلمه واحده قادره على أن تُعيد المياه إلى مَجاريها.
إعتذار بسيط قادر على إعادة كل شئ إلى موضعه الصحيح.

الأمر ابسط من ذلك بكثير.
الحَب ليس مُعقداً بتلك الطريقه التي يرونها ،هو يرا أن الحب لا يوجد به خاطئ ومُصيب، الحُب رقيق ،يكره المُنازعات ،دائماً يحاول الفرار مِنها ،الحب لا يجتمع مع الخِصام ،الحب لا يفرق ،الحب لا يوجد بِه صِراعات مثلما يظهر أمامه الأن ،الحب نهراً يتقبل الجميع ،لا يغضب، ولا يهيج، لو أن كِلاهما إستطاعا فهم بعضهما البعض بدون شِجار لَما آلت بهما الأمور إلى هنا ،لو أن كلاهما تنازلا عن ما يزعجهما لَما أنزعج قلبيهما، الحب يلين بكلمه، يُصهر بحركه ،يتلألأ بهمسه ،الحب أبسط مما يُعقدانه.

أبتسم "لـيـل" في رِفق وهتف وهو ينظر إلى وجهه "يــعقوب" الحزين قائلا:

_ريحان بتحبك يا يعقوب فوق ما تتخيل وتهديدها ده كان في لحظة طيش منها لكن هيا متقدرش تتخيل حياتها من غيرك ،انت الأمان اللي في حياتها ولازم تفهم إن مش زي ما انت مش متواجد في حياة ريحان اربعه وعشرين ساعه هيا مش لازم تفضل برضه موجوده في حياتك اربعه وعشرين ساعه ،ريحان شايله حمل تقيل على كتافها انت مش راضي تشاركها فيه ،تخيل لو انا مكان شمس اعمى كنت هتبقى عامل إزاي! لازم تفهم يا يعقوب وتكبر على تصرفاتك دي لازم تعرف أن مش كل هموم الحياه بدور حوالين شقتكم وعزالكم وفرحكم ،الهموم اكبر من كده بكتير وحط نفسك دايما يا يعقوب مكان غيرك وبطل تكون أناني ،ريحان زي ما هيا طالبه منك تشاركها في كل حاجه محتاجاك تشاركها كمان في كل حاجه تخصها!.

اخذ "لـيـل" نفساً عميقاً وهو يلحظ تأثير گلماته فوق اذني صديقه وقد بدت ملامحه ترتخي وتهدأ وتستكين وباتت ملامح الندم وحدها من ترتسم فوق وجهه ليكمل من حديثه برفق بـحاله:

_الست محتاجه يا يعقوب تحس إنها مُهمه في حياة حَبيبها طول الوقت متحسش إنها عامله زي المخدر أول ما مفعوله يروح ملهاش لزمه! ،لا الست اكبر من كده يا يعقوب زي ما هيا قادره تفرحك وتشيل عنك حمولتك انت برضه لازم تشيل حمولتها وتفرحها ،تشاركها زي ما هيا بتشاركك مش اول ما تخلص اللي عندك تقفل وتنام زي ما انت محتاج لوجود ريحان في حياتك اربعه وعشرين ساعه هيا محتاجاك تمانين وأربعين ساعه ،هيا ست احتياجها بيكون اكبر من الراجل ،ولازم تفهم إن مش دايما الست بتكون قاصده الكلام اللي بتقوله ،هيا عندها المشاعر بتتقلب ساعة الغضب ممكن تقولك بكرهك لكن هيا اصلا بتحبك ومستنياك تصالحها ،ممكن تقولك امشي مش عاوزه اشوفك ويبقي قصدها متمشيش خليك معايا، وريحان مقصدتش إنها تسيبك ،اللي بيحب مش بيبيع يا يعقوب ،وريحان مش بياعه، ريحان محتاجه ليك بس كبريائها مانعها إنها تطلب منك تقرب ،الست مبتطلبش القرب ،لازم يجي منك انت ،اعقل يا يعقوب ومدمرش اللي قعدت تبنيه في سنين بطل تخلي الصراعات تنتصر عليكم دايما!.

كان حديث "لـيـل" بِـمثابة البُن الذي يوضوع على الجرح ،لقد جعله يشعر بخطأه دون أن يدرك ،جعله يشعر كم كان أناني في حَبه وتملكه لها ،جعله يشعر بـ كم أنه مخطأ ،إنفجارها به لم يكن نابعاً سوا من إنهيارها الذي لم يلاحظه ،لقد عَلم طيلة الوقت أنها قويه ،إمرأه مثلها تجاوزت كل مصاعب الحياه ووصلت إلى ما هيا عليه الآن يجب أن تكن قويه، ولكنه لم يعلم أن الزَبد لا ينتج سوا عن إنصهار الزُبد ،وكما أن الصخور تتحطم وتتحول إلى طَين ،هيا أيضاً من الممكن أن تنهار ولكنه لم يرا ذلك.

هيا كانت تحتاجه طيلة الوقت ولكنه لم يفهم!.
لم يدرك أن الحَب بينهم يجب أن يقوم على المشاركه من الطرفين وليس من طرف واحد فقط!.

تنهد ملياً وقد تأكله الندم ليشعر بطبطبه خفيفه من كفي "لـيـل" فوق كفيه الموضوعان فوق الطاوله وهو يهتف بإبتسامه صادقه:

_زمانها دلوقت قاعده على نار مستنيه أنت هتعمل إيه عشانها ،الست بكلمه بتروق وبتنسى وبحركه واحده بتسامح، قوم معايا نشتري ليها شوكولاته أو اي حاجه من اللي بتحبهم البنات واطلع صالحها واعقل ها اعقل!.

تبسم "يــعقوب" وهو ينهض من فوق كرسيه مقترباً من "لـيـل" ومحتضنه بقوه وإمتنان ليقهقه "لـيـل" بقوه وهو يحتضنه هو الأخر ليهتف "يــعقوب" بشكر وحب اخوي صادق:

_انا مش عارف من غيرك هعمل إيه يا صاحبي!.

ضحك "لـيـل" وهو يضربه على ظهره بقوه هاتفاً بمرح:

_مكنتش هتطلب كل كوبايات الشاي دي على حسابي إيه فاتح قهوه في بطنك!.

تعالت صوت ضَحكاتهما شاقه سكون الليل وقاطعه ذلك الظلام الحالك وتعانقا كِلاهما في حب اخوي قوي.

وُهنا قفزت الصداقه تُعانق الحب وأخذا يتراقصا في سعاده لإنتصارهما الجديد بينما تبسم القدر في وجهه الحياه ملوحاً لها بكفه مُعلناً عن فوزه بالجوله الثانيه لتشتعل الحياه غضباً وقد علمت أن ما كان يجمع هؤلاء الأربع ليس القدر،او الصدفه، أو النصيب ، بل هو رابط الصداقه الخالص الذي لا يحطمه شئ ، خيط متين لا يقطعه قاطع ،انها الصداقه التي تنتصر دائماً على الصراعات وتُبيدها أرضاً.

الصداقه اگـبر مِنْ گل شئ ،هيا الشئ الوحيد الذي لا ينتهي.

___________________________________________

- عّجائِبُ الدُنيّا السِبعَ ، ثَامنُها عيّناكِ.

تحتضن بين گفي يديها كوب القهوه الساخنه الذي يقيها مِن برودة أگتوبر فـ حِينما تَتدلا ستائر الليل السوداء يُصيب بدنها السَقيع القارس ،إرتسمت بَسمه خَفيفه فوق ثغرها الوردي وهيا تشعر بحركات قدمي "ريـحـان" التي تهتز بجانبها بطريقه تَدل على غيظها وغضبها هزت رأسها في آسى فـتلك ليست المره الأولى التي تَشهد بها شِجار بينها وبين "يـعـقوب".

الشَجار إحدى الوسائل التي لا تزيد من مَتانة القلوب وثبات الحَب بل هو إحدى العوامل التي تؤدي إلى هزالة الأفئده وضعف وصال الحب بين الطرفين ،الشَجار يَبني بين القلوب صِراعات لا تَزال ،فـ هو ينبت صَباراً في أرض مُلئت بالورد ،فـ يتشرب هو كَل المياه ويترك الورد يَجُف ،الحَب ليس بَخِصام يطول لأيام وساعات ،الحب مُسامحه تُعانق القلوب.








_عاوزن افهم لما انتي عاوزه تكلميه كدا!.
قافله فونك ليه وفارضه على نفسك وعلى قلبك حصار! 
معَقده الأمور ليه يا ريحان!.

تَشعر بروحها تَزهق من الحزن هيا تَعلم أن وقع كَلِماتها فوق أذنيه لابد من أنه قد جعله الآن في حالة صِراع ،هيا لم تكن قاسيه يوماً ولكنه هو من دفعها لذلك، هو من دفعها بأن تشهر أسلحة القسوه في وجهه .

إلتفتت صَوب "شَـمـس" التي كانت تنظر أمامها في اللاشيء وبين يديها كوب القهوه التي تحتسيه في هدوء لتهتف بصوت حزين:

_إنتي مش شايفه أفعاله يا شمس!.
يعقوب مبيفكرش قبل ما يتكلم على طول شايفيني مُهمله في حقه، على طول شايفيني مش مُهتمه بيه هو انا عندي مين غيره في حياتي يعني اديله كل الحب والإهتمام اللي عندي ،هو ليه مش قادر يفهم أن لـصبري حدود ليه عاوز مخزون حُبه اللي جوايا يخلص ،شايف أن كل مشاكل الدنيا تتلخص في الفلوس والفرح والشقه والعفش ميعرفش أن ده كله مش مهم عندي قد ما هو يهتم بيا شويه اشمعنا انا بسمعه وهو لا! انا ببقى محتاجه اقوله يومي عامل ازاي ! إيه ضايقني! إيه زعلني! لكنه مبيسمعش ومبيسألش واخرتها يغلط فيا وفيكي! يبقى في داهيه هو وحُبه اللي واجعين قَلبي بالشكل ده!.

آلمتها كَلمات "ريـحـان" وشعرت بكم أن صديقتها مضغوطه ولكنها لا تتحدث ،ريـحـان إعتادت على كِتمان مشاعرها وآلامها مُنذ أن كانا صِغار ومعنى أنها تفتح قلبها لها الآن إي أن الأمر قد بلغ زُروته بداخلها ،مَدت كفي يدها متحسسه الطاوله التي أمامها وواضعه كوب القهوه عليه ومُلتفته بعينيها المُظلمه صوب وجهه ريـحـان التي كانت تُجاهد في الثبات لتنظر لها ولا تراها قائله:

_انتوا الأتنين غلطانين يا ريحان!.
كان لازم تقوليله إيه اللي مضايقك منه وتعاتبيه مش تشيلي منه وتعبي وتختاري الوقت الغلط اللي تنفجري فيه، متبقيش عامله زي الكوبايه اللي مبتقولش إنها اتملت غير لما توقع ،العتاب على قد الحب يا ريحان وانتي كان لازم تعاتبيه وانا متاكده مش أن يعقوب هو اللي يعمل حاجه تزعلك مرتين، هو شافك راضيه باللي بينك وبينه ،الراجل مبيعرفش اللي في الست غير لما يحس بتغيرها وانتي متغيرتيش معاه انتي كملتي على نفس نمطه لحد ما حس أن ده شئ عادي! ،بطلي تحسسي نفسك إنك جَبل قادر يتحمل كل حاجه حتى الجبل بيجي في يوم ويتهد ،بطلوا انتوا الإتنين تتخانقوا على كل حاجه ،اتفقوا لو لمره،امال هتتجوزوا ازاي لما كل واحد فيكم مش فاهم التاني!.

نَـظـرت لها ريـحـان وهيا لا تصدق أنها بعدما أخبرتها بكَل ما حدث ما تزال تُدافع عن يعقوب بل ولم تحزن مِنه!.
هيا حَزنت وجزعت لأجلها بينما شَمس هادئه تبتسم في صفاء كما عهدتها دوماً تُقابل كل شئ بِرحابة صدر ولا تغضب أو تحزن.
في مَنظورها شـمس اقوى مِنها بكثير بل هيا يتوجب عليها أن تَستمد قوتها مِنها هيا!.

صمتت مُدركه صدق حديثها وهيا تعلم أنه كان يوجب عليها منذ البدايه أن تُحادث يَـعـقوب فيما يُضايقها مِنه لا أن تسير على نمطه، لقد أصبحت كمن يرا السفينه تغرق ولكنه يغرق معها ولا ينقذ روحه ،تنهدت بحراره شديد وهيا لا تعلم ماذا تفعل!.

هل تَقم بفتح هاتفها والإجابه عليه؟.
الرد على رسائله العديده!.
هل تصغي لنصيحة شَمس الآن وتتصل عليه تُحادثه بما يُحزنها.

تزحزحت شَمس مِن جَلستها قليلاً مُقتربه صوب ريـحان ممسكه بكف يديها وممسده فوقهم بحنو شديد تمتص به حزنها وآلمها:

_انا ميهمنيش في الدنيا دي يا ريحان قد إنك تبقي مبسوطه وانا لو شايفه خمسه في الميه أن يعقوب مش هيخليكي مبسوطه كنت زماني مخلياكي تقطعي علاقتك بيه نهائي بس هو بيحبك وانت كمان بتحبيه بطلوا إنتوا بس تحطوا بينكم خِلافات ولو عليا أنا مش زعلانه منه خالص عشان عارفه أن يعقوب بيعزني زي أخته واللي قاله ده كان لحظة غضب منه وبكره او بعده هيجي وهيعتذر ليا المهم انتوا الاتنين تكونوا كويسين سوا ،بطلوا تخلوني انا الصراع اللي مانعكم انتوا الاتنين عن بعض قابليه ،اخرجي معاه، شوفيه ،اختاري فرش شقتك والوانها، افرحي يا ريحان انتي فرحتك هتخليني اسعد واحده في الدنيا.

تزاحمت الدموع في عيني "ريـحـان" وهيا تتذوق عُذوبه حديثها وحب شَـمس لها الكبير ،لا تدري كيف كانت ستمضي في دربها بدونها! .
هيا عضداً يقويها ،وظهراً يحميها، وحضنناً يسعها هيا وحدها.
إحتضنتها بقوه ودموعها تَنساب فوق وجنتيها لتبتسم شَمس في حبَ وهيا تُربت فوق ظهرها قائله:

_الحب يا ريحان زي ملك الموت بيزورك مره واحده وانتِ وحظك لـ تبقي مُستعده للقاء ده او لأ ،ملك الموت بيجي ياخد روحك مَنْ الدنيا والحب بياخد روحك للدنيا ،اتمسكي بحبك يا ريحان ومتخليش حاجه تضعفه أو تاخده منك.

طبعت قبله بها أسف العالم أجمعه على رأسها لتبتعد ريـحـان في رفق وتهتف وهيا تحتضن وجه شمس بين يديها مردفه بدموع:

_انا عاوزه اعرف لو مكنتيش انتي في حياتي انا كُنت عملت ايه!.

ضحكت شَمس في مرح وهيا ترفع كفي يدها تُزيحان بهما دموعها بـ شغب:

_كنتي هتاكلي طبق الكباب لوحدك من غير ما حد يشاركك فيه.

ضحكت "ريـحـان" بقوه وهيا تهز رأسها في إستسلام من أن تتغير شَمس أو أن تتغير روحها ،هيا شمساً بالرغم من عتمتها ألا أنها تُضيئ ما هو حولها، تُرشد التائهه ،هيا سبيل لعابر طريق، هيا مأوى يَحتضن الجميع ، هيا الكنز الوحيد الذي حصلت عليه في الحياه.

دق.
دق.
دق.

ثلاث طرقات فوق الباب جعلت كِلتاهما تتعجبان من الطارق في ذلك الوقت من ساعات الليل الاخيره!.
نهضت ريـحـان سائره في رِفق صوب الباب واقفه خلفه وناظره صوب شمس بقلق ومردفه :

_مـيـن!.






_أفتـحـي يا نوســه أفتحي انا الـحب يا بت!.

انطلقت ضحكه قويه من بين ثغر شَـمس بعدما تعرفت على مصدر الصوت ،ضحكه دوت في إرجاء المنزل وسلبت لُباب قلب ذلك الواقف خلف الباب هو الآخر بينما رمشت ريـحـان بضع مرات في عدم فهم وفهاوه وهيا تشير صوب الباب وتنظر ناحية شَمـس:

_هو الحب بيخبط يا بت يا شمس هيا المشاعر بقيت بتمشي!.

وكان نصيب الضحك تلك المره مِن "لـيل" الذي قهقه بقوه وهو لا يصدق حقاً ما يحدث وأن الحب قد صنع هذان المجنونان فعلاً ،بينما تحمحم "يـعـقوب" وهتف وهو يطرق الباب مجددا مردفاً بمرح:

_انا الحـب يا نوسه ومقدرش أزعلك ابدا ولا أنساكي!.

_كداب في اصل وشك والله!.

_طب والله سَرحت بالغنم لِكي أنساكي لكن في وجهه كُل مِعزه اراكي ،افتـحـي يا نوســه بقى !.

_ينهار ابيض انا مِعزه يا يعقوب!.

كادت روحهما تهزق من فرط الضحك وأذنيهما لا تصدقان ما يحدث فتحت ريـحـان الباب كـ الزوربعه ليُباغتها وجهه لـيـل الذي أصبح كما حبات التُفاح مِن فرط الضحـك ويعـقوب الذي يقف إلى جواره يبتسم في مرح لتهتف ريحان بصدمه وهيا تنظر له:

_معزه يا يعقوب معزه!.

_ما هو ده بيت الشعر الوحيد اللي انا حافظه قولت مش خساره في نوسه العشق!.

_ياريتك ما نطقت يا شيخ يا ريتك ما نطقت!.

كادت تسقط داخلاً من فوق الأريكه من فرط الضحك وقد أصبح وجهها كما حبات الفراوله لتنهض في رفق وهيا تتحسس الجدران من حولها وقد حفظتها كما إسمها حتى وصلت صوب باب الشقه فوقع قَلب ليـل في قَدمه وهو يُبصر تلك النداهه الفاتنه لتهتف شَـمس في مرح وضحك:

_ما خلاص بقى يا ريحان هتندمي الراجل على بيت شعر قاله!.

ضحك يعـقـوب وشاركه ليـل الضحك ومازالت ريحان تحت تأثير الصدمه ليهتف يعـقـوب وهو يقوم بمد كفي يده لها ومردفاً بفخر مزيف:

_عشان تعرفي إنك مهونتيش عليا جبتلك نص كيلو برتقال اخضر من الي بتحبيه ونص كيلو تاني مش اخضر ونص كيلو تفاح عشان تعرفي إنك اللي في القلب يا نوسه!.

_كل دي إنصاص!.
ما كنت جبت نص كيلو حلبه بالمره اصلي والده!.

انقشعت الشمس وليلها يضحكان في قوه على حال هذان المجنونان الذان تاره يعشقان بعضهما وتاره يتصارعان مع بعضهما وتاره أخرى يتناقران كما الأطفال ،وبالنهايه ملجئ كِلاهما هو الآخر ،مهما اشتدت الخلاف وطالت ساعات الخِصام ،كِلاهما يكملان الأخر.

أفسحت ريـحـان لهما المجال للدخول إلى داخل الشقه فكاد لـيـل أن يتعثر في إحدى "العتبات" الموضوعه على باب الشقه لتهتف شَمس مُنبهه:

_حاسب عندك عتبه!.

_بعد إيه بقى خلاص اتكعبلت!.

ضحكت شمس في خفه جعلت ليـل يُدرك أنه حقاً قد تعثر مُنذ أمد وسقط في حبها .

دلفا أربعتهم إلى الداخل لتجلس ريحان رامقه يعقوب بنظرات ناريه تكاد تحرقه لـيضحك يعقوب في خِفه قبل أن يخرج من أحد الاكياس عُلبه من الشوكلاته "الكيت كات" التي تعشقها ريحان وهو يقترب ويجثو أمامها وهيا تجلس على الأريكة تُدير رأسها بعيدا عنه:

_حقك عليا يا ريحان مكانش قصدي ازعلك مني وأن شاء الله دي تكون اخر خِناقه بينا، انتي العشق يا نوسه والله!.

ضَحك ثغر ريحان أخيراً وهيا تَهُز رأسها في إستسلام وكلمات شمس تتردد في صدا أذنيها بأن تتمسك بـحبها وأن لا تُفلته أبتسمت في وجه يعقوب الذي شعر بأن الحياه أصبحت الآن على خير ما يرام حينما شعر بعفوها عنه لتمد ريحان كف يدها ممسكه بكف يدي يعقوب ومردفه بعفو:

_حقك عليا انت كمان مكانش لازم ازعق فيك كده بس انت عصبتني يعني!.

_ولا يهمك يا نوسه انتي الحب يا بت!.

_قصدك معزه يا يعقوب مش لاقي غير المعزه!.

ضحكا بقوه وقد امتلئ المنزل بصدا ضحكاتهم المُطمئنه أقترب لـيل صوب شمس التي كانت تبتسم في سعاده لفرحه صديقتها أخيراً ليهتف بهمس :

_تعالي نطلع البلكونه ونسيبهم براحتهم.

امآت له شمس برأسها مُوافقه فأستغل هو الفرصه وقام بإمساك كف يدها لتتيبس قدمي شمس مكانهما ويتضارب قلبها بقوه فشعر بها ليل ليهتف بتبرير كاذب:

_عشان بس متخبطيش في العتبه تاني وتقعي.

_مش انت قولت مش هتسيبني اقع!.

كان حديثهم، وهمسهم، وامساكهم لكفي يديهم لا يقعان أسفل ناظري يعقوب وريحان فقط بل كان القدر يهيم بما كتبته يديه ،والحب يبتسم في سعاده بعدما ضرب قلبيهما وآذنا له بالدخول، والصدفه تجلس واضعه قدم فوق الأخرى فلولاها لما كانا يتهامسان بتلك الطريقه الآن، وعلى غير العاده انقشع وجه الحياه يبتسم في خفوت.

_وانا لسه على وعدي ليكي يا شمس ،عمري ما هسيبك تقعي أبدا.

تبسم وجهه شمس في خجل شديد وتبسم وجه ليل في راحه كبيره وهو يسير إلى جُنابتها صوب تلك الشُرفه التي شهدت على ميلاد مشاعر جديده في قلبيهما.

لم يكن يؤمن هو من قبل بالحب من أول نظره ،ولكن مُنذ أن تعثر بها وسقط ،شعر بأنه قد سقط مِثلما لم يسقط من قبل، قَلبه لأول مره يعرف معنى الشعور بتلك المشاعر الجميله ،يعرف معنى الأرتياح والإطمئنان، وهو الذي لا يعتد على البقاء في وطن ،واعتاد على التراحل دوماً ،لأول مره يشعور بذلك الشعور بالانتماء ،الإنتماء إلى وطنه بين عينيها التي كُلما ناظرهما سقط بداخلهم دون أن ينهض ،والحب الذي يجعل قلبه يقفز كما أخبره مُسعد وتبدأ" مزيكة حسب الله" في الغِناء ،فَعلم لأول مره معنى أن يعش الأنسان الأمان بين أكناف الحب.

تَبسم ثغر ريحان والتفتت بأوراق عينيها الخضراء ناظره صوب عيني يعقوب الزرقاء السكيره وهاتفه بأمل:

_تفتكر هيكون في حاجه بينهم؟.

اقترب وجلس إلى جوارها ووضع ذراعيه حول رقبتها واحتضنها ضاماً لها إليه:

_أفتكر اوي.

_انا لسه مخصماك على فكره!.

ضحك يعــقوب في حب وطبع قَبلها ناعمه فوق جبينها مُسنداً رأسه فوق رأسها هاتفاً:

_كدابه انا عارف ان قلبك ميقدرش يشيل مني اكتر من تلات دقايق.

ضحكت ريــحان هيا الأخرى في خفوت على كلماته وهيا تدرك مدى مصدقيتهم لتتنهد وهيا تستند فوق صدره ناعمه بقربه الدافئ ومغمغه بصوت ناعم:

_ابقى فكرني اعاتبك على اللي مزعلني منك.

تبسم ثغر يعقوب في حـل شديد وقـد أدرك لوهله أن حياته لا يمكن أن تخلو من ريـحان تلك المرأه التي جعلته يتنازل عن كل شئ لأجلها.
حتى مبادئه حطمها لأجل رضاها عنه.






___________________________________________

- أنتَ الوضِوح لعَين رأتّ كُِل الأشِيّاء مُرتَبكةَ .

جَلسا كِلاهما حول تلك الطاوله الصغيره التي تُشبه تلك الطاوله التي يجلس عليها الرِجال في القهوه يضيعون وقت فراغهم في لعب "الضُمنه" كانت صغيره للغايه وحولها كِرسيان آخران صغيران أيضاً كانت قد وضعتها هيا و"ريـحـان" سابقاً للجلوس عليها في ذات ليله يحتسيان القهوه ويُطالعان القمر ونجومه الطاغيه كان كُل ذلك قبل تلك الحادثه ،قبل ثلاث سنوات من الآن.

كانت هيا والليل والقمر ثالثهم ،ليل هادئ يكتفي بتأمل الشمس بإنبهار ،ليل يحاول حفظ تلك التفاصيل الجميله التي تُزين ملامحها بدأ مِن تلك الأعين التي تُشبهان غدق العسل المُستخلص وأنفها الصغير وشفتيها الورديه الصغيره وتلك الغمازه التي يُبهر كلما رأها تظهر حينما تبتسم، أو تضحك، تشبه الشمس كثيراً حينما تكن هادئه، تُشبه الشمس حين الغروب يمكنه النظر لها كيفما يريد دون أن يتأذى ناظريه ،تُشبه الشروق الذي ينبعج ضوئه بعد ساعات الليل الطويله ،هيا شمساً تُنير ظُلمته دون درايه مِنها.

كم تمنت لو تستطيع أن تراه ،كم تمنت لو تستطيع أن تُبصر مُنقذها، تلك العصا التي تُساعدها في السير دون خوف ،تمنت ملياً لو تستطيع أن تُطالع ملامحه دون كلل أو ملل، تمنت لو تستطيع رسمه كما كانت تُحب ماضياً رسم كُل ما تحبه، عينيها تخونانها في النظر صوبه كأنها تشعر به ولكن عقلها لا يعكس لها صورته ،تتلألأ عينيها بضوء غريب كلما تمنت لو تراه، ترا ذلك الليل الذي يجعلها تُحب عتمته، تأمن هدوئه، لا تخشى زواله، كم تمنت لو تملك الحق في ترك كفي يديها يتحسسان وجهه لرسم ملامحه بداخلها.

أمُنيه، وقمر، ونجوم ، وليل، ونسيم بارد هادئ ،وصمت يُشاركهم ليلتهم الساكنه.

إستمعت أذنيها إلى صوت فرقعت أصابعه والتي تدرك ما هو معناها جيداً ، فـ حينما تُريد ريــحان إن تقصُ عليها شئ ولا تدرك كيف تتحدث تبدأ في فرقعة أصابعها ،إبتسمت في خفوت وهيا تشدد من أزر الشال الصوفي فوق كتفيها مُستمتعه بـمداعبة الهواء العليل لخُصلات شعرها البُنيه الطويله لتهتف قائله:

_عاوز تقول حاجه يا ليل!.

توقف عن طرقعت أصابعه بصدمه وهو ينظر صوبها فـ كيف علمت أنه يود إن يكتشفها أكثر ويعلم عنها كُل شئ ،كل شئ يُشبع فضول قلبه صوبها!.
ظن لوهله أنها تُبصره وهيا تنظر صوبه مُباشره وتبتسم ليرفع كف يده ويلوح به أمام عينيها ولكنه وجدها كما هيا تبتسم ولا يرف لها جفن ولكنها هتفت مجددا وهيا تطمئنه وقاطعه باليقين أنها لا تُبصر:

_انا اه مش بشوف بس بحس وبسمع وفرقعت صوابعك عرفتني إنك عاوز تقول حاجه يا ليل .

أهُ من قلبه الذي يقع في غرام أسمه في كل مره تنطقه به بتلك العذوبه رفع كف يده يقم بحك جُنابة أنفه في توتر وهو يخشى أن يكون بسؤاله عن مراده يتدخل فيما لا يُعنيه ليهتف قائلاً:

_انا عرفت إنك كنتي مخطوبه قبل كده .

_اه وفركشت.

كانت نبرة صوتها هادئه ومازالت إبتسامتها فوق ثغرها وكأنها دعوه صريحه مِنها أن يتشجع ويسأل عن ما يُريده فهتف مطلقاً زفيراً حار:

_هو اللي سابك ولا انتي؟.

_انا اللي سيبته.

_ليه!
بيقولوا إنك كنتي بتحبيه!.

نطقها وقلبه يتقلب على جمر من أن يكون قلبها مازال يحنوا إلى الماضي لتهتف ببسمه هادئه بينما هو أخذ يناظر خصلاتها التي تتحركان حولها بانسيابية:

_عشان عرفت إنه بيخوني.

صُعق لـيـل وهو لا يصدق ما تَنطق به!.
من ذاك الذي يخونها!.
تلك لا يخونها رجلا سوا إن كان لا يبصر حقاً!.
رمش بعينه بضع مرات وهو ينظر لها جامدا كالصخر وفمه يكاد يُلامس الأرض من صدمته لتكمل شَمـس وهيا تبتسم شاعره بصدمته قائله:







_يوم ما عملت الحادثه كُنت راحه أوجهه إنه بيخوني وبعد ما واجهته مأنكرش بل أكد على كده وقالي إنه خطبني تسليه، منظره، إنما هو ميتشرفش إنه يتجوز واحده تربية ملاجئ الله واعلم هيا بنت حلال ولا حرام وقتها خدت الكلام على قلبي زي النار المغليه وسيبته ومشيت ،سوقت العربيه زي المجانين وانا بسأل نفسي هو انا حبيته؟ اصل خيانته ليا موجعتنيش على قد مُعايرته ليا اصل انا عارفه اني بنت حلال ،امي اتجوزت صغيره من راجل قد ابوها ولما مات كانت حامل فيا ومقدرتش تراعيني فسابتني ومشيت كنت وقتها بنت تلات سنين معرفش حاجه، مديرة الملجئ قالت ليا كده ،وقتها محستش بنفسي غير وانا بخبط في عربيه ظهرت قدامي فجأه وفوقت لقيتني مبشوفش.

تأثر كثيراً بحكايتها ولعن ذلك الرجل الذي كان سبباً في إصابتها.
تمنى لو كان أول رجل تُبصره عيناها لم يكن ليجعلها تحزن!.
لم يكن سبباً في جعلها عاجزه بتلك الطريقه!.

اكملت شَمـس مِن رشفة حديثها راضيه بقضاء الله وقدره مُردفه:

_بس عارف يا ليل العمى مش وحش!.
ساعات وأحنا مفتحين برضه مش بنشوف ،عيونا بتكون عاميه عن الحقيقه ،بنشوف اللي احنا عاوزين نشوفه وبس ،ساعات وأحنا مفتحين بنشوف حاجات بندعي ربنا لو مكناش بنشوف احسن ،وانا كنت عاميه وانا مفتحه لما صدقت أن ممكن واحد زي ده يحبني ،كانت عيني عاميه لدرجه وإني راحه أوجهه كنت بقول اكيد في حاجه غلط، رغم إن ريحان قالتلي قبل كده اني افتح عيني واشوف كويس لكن انا ما صدقتش ،ناس كتير وهيا مفتحه بتكون عاميه مبتشوفش الحب اللي مستنيها، مبتشوفش الغدر اللي بيجري وراها ،مبتشوفش الحقيقه كامله ،عشان كده العمى مش وحش يا ليل ،العمى ارحم بكتير من اللي بتشوفه وانت مفتح ،يمكن ربنا لما خد عيني خدها عشان يديني درس قاسي في الحياه ،وإن مش كل اللي عيونا بتشوفه بيكون صح ،في حاجات انت محتاج تفتح فيها جامد وتتاكد إذا كانت صح ولا مُزيفه.

قَناعتها.
رِضاها.
تَسليم أمرها إلى الله.
لم يكنَ سوا دوافع أزادت من تَعلقه بها تلك النداهه الحسناء الجميله الفاتنه صاحبت الكفان النازفان الكفيفه الراضيه، لم يكن حديثها سوا سببا كان له نتيجه وهو إرتباط قلبه بها أكثر فأكثر.

إمرأه واحده قادره على جعله يرا الحياه من ناحيه آخره ،جاعله إياه يشعر بالراحه الإطمئنان، إمرأه واحده قادره على جعله لا يمل من أن يجلس هكذا طيلة الليل يتأملها ،لا راسم يستطيع رسمها، ولا شاعر يستطيع كتابة قصائد عنها.

تنهد ملياً مُردفاً ببسمه جميله مثله وهادئه:

_أنتي جميله اوي يا شَمس.

إحمرت وجنتيها خجلاً من غزله بها الصريح لتهتف بضحكه رقيقه:

_بتعاكسني ولا إيه يا اسطا ليل؟.

ضحك لـيـل في خفوت وأردف مُحدثاً روحه وقلبه الذي يتراقص بداخله:

_إنتي خليتي فيها أسطا ليل يا شمس!.
ده انتي عملتي اللي مقدرش الشاكوش يعمله في لوح الخشب ،ضربتي قلبي ولا المِنشار اللي ملهوش شُغلانه غير إنه يقطع الخشب ،رشقتي مساميرك في قلبي وعلقتي روحي عليها وخليتي كل عدتي أمر نظره من عنيكي ،اسطا إيه بقى ده انتي اللي اسطا ،خليتي قلبي زي الورشه بيتكركب اول ما يشوفك.

_روحت فين يا اسطا!.

هتفت بها شـمـس بنبره مرحه وهيا تشعر بأن هناك حمامة سلام قد سرقته من جوارها ليهتف قائلاً ببسمه:

_معاكي يا ست شمس غريبه مش سامع صوت ليعقوب وريحان!.

_شكلهم خلصوا على بعض!.

ضحك بخفه وهو يصدق على حديثها لتهز رأسها بإستسلام من هذان المتناقران قائله:

_ربنا يهدي سرهم.

_إنتي مش زعلانه من الي يعقوب قاله؟.

هتف بتلك الكلمات بحذر لتبتسم شمس قائله:

_ابدا يعقوب زي اخويا وانا عارفه إنه مكنش يقصد يقول كده تصرفات ريحان هيا إلى جننته مش اكتر ومهما يلفوا هما الاتنين مصيرهم لبعض.

سماحة قلبها تلك تجعله يتأكد أنها إمرأه كالمعجزه لا تتكرر مرتان وهنا نطق ثغرها هيا تلك المره في فضول تسئله:

_انت دلوقت بقيت تعرف كل حاجه عني بس انا معرفش عنك غير اسمك!.

وقد كانت تلك الكلمه بدايه لتنهيده قويه ملئت قلبه قبل أن يهتف وهو يراقب القمر الذي تزاحمه الغيوم:

_ابويا وامي ماتوا في حادثه وانا عندي خمستاشر سنه وقتها عمي عمران هو اللي اخدني ورباني وصرف عليا لحد ما كبرتي ودخلني كليه تجاره وبعد ما خلصت قررت إني اكمل طريقي لوحدي بعت شقة امي وابويا واخدت حب النجاره من عمي عمران قعدت ادور على ورشه لحد ما لقيت واحده بسعر حلو واشتريتها وباقي الفلوس حطيتها في الشقه دي وبدأت اشوف طريقي من وقتها.

_باباك ومامتك كانوا حنينين معاك!.







واحده مثلها لا تعرف كيف تكون الحياه مع اب او ام ،لم تتسائل قط عن من تكون عائلتها أو أين والدتها هيا لم تريدهم مثلما لم يريدونها ،كان صوت حديثها ونطقها بذلك الحديث بائن به الحزن ليتبسم لـيـل في رفق ويهتف وهو يضع يده حول عنقه ينزع عنه ذلك السلسال الفضي الذي يضع به خاتمي زواج كِلاً من والديه الشيئ الأخير الذي بقى له ولم يفكر يوم في الاستغناء عنه:

_طنت طفل شقي جدا كانت امي على طول تدافع عني كل ما اعمل مصيبه هيا وعمي عمران كانوا دايما في صفي لما اغلط بس بابا كان شايف إني لازم لما اغلط اتعلم من غلطي فكان يعاتبني دايما خوف كل واحد فيهم كان مختلف عن التاني بس هما الاتنين كانوا بيحبوني ربنا يبارك ليا في عمي عمران بعد موتهم مخلانيش احس احساس اليتم ده ابدا.

تبسم ثغرها وقد شعرت بالحب لذلك الرجل الذي اعتنى بـ لــيل كأنه أبنناً لن لتأخذ نفساً طويلاً وتهتف بدعاء حاني لوالديه:

_ربنا يرحمهم ويجعل نصيبهم في الجنه.

حقاً إنها قادره على أن تسرق قلبه بـكل كلمه وكل حركه مِنها آمن على دعائها ومن ثم نظر إلى ساعة مِعصمه فوجد الساعه تُشير إلى الثانيه عشر منتصف الليل فنهض هاتفاً ببسمه:

_يلا ندخل أحنا اتأخرنا هنا اوي!.

هزت رأسها موافقه ليقترب صوبها مساعداً إياها على الوقوف وممسكاً بكف يدها لتقهقه بخفه مردفه بمرح:

_على فكره انا بعرف امشي مبشوفش بس!.

ابتسم بحرج على گلماتها ليهتف في هدوء وهو يسير بها إلى الداخل:

_بساعدك يا ستي اعتبري مُساعدتي دي حق التفاح والبرتقال اللي وقعوا مني!.

ضحكت بقوه غير مصدقه أنه مازال يتذكر تلك الليله التي خُلقت بها الصدفه خصيصاً لهم لتهتف بمرح:

_اعتبر ده تلميح انك عاوزني اجيب ليك الكيلو تفاح والبرتقال!.

ضحك هو بدوره وهو يقم بإغلاق شراع الشرفه خلفه مردفاً بنبره هائمه:

_انا كسبت اللي احلى من البرتقال والتفاح يا شمس.

ابتسمت بدورها على كلماته التي تعلم أنه يقصدها بها ولكن قلبها يجزع.
تلك السعاده المُفرطه التي تشعر بها لا تُريحها.
من ذاك الذي قد يتحمل كفيفه مِثلها!.
هيا مثلها مثل السفينه الغارقه لا يُفضل الركاب ركوبها فهل سيضحي هو بروحه لأجلها!.
علقت قلبها بقشه تخشى أن تَقسم ظهرها.
وهيا تدرك أنه بينها وبينه صِراعات لن تزول ولن تنتهي.

قفزت الصراعات مُعانقه الحياه التي عبست ملامحها في حزن دفين فكم كانت قاسيه على تلك الفتاه ،كم كانت الاعيبها مؤذيه لدرجه كبيره دفعت عنها الصِراعات سريعاً وانطلقت راكضه تاركه خلفها القدر يتأملها ،والخوف يحتضن الحب ،واللقاء والصدفه والنصيب يُشاهدان في صمت.

كان قَلب شـمس خائف من تلك المشاعر الجديده التي تَضربه تاره يميل ويستميل ،وتاره يعود وينتصب ،بينما صاحبة القلب تتقلب على جمر وهيا لا تعلم ما الذي تملكه يديها لفعله!.

كانت ريـحـان شِبه غافيه فوق كتفي يـعـقوب الذي كان يتثائب بقوه ولكنه لم يكن يريد أن يقطع الحوار الدائر بين صديقه وشمس وما أن رأهما يلجان حتى تبسم ثغره في رفق وقام بضرب ريحان بخفه على ذراعها مردفاً بهمس:

_شكلهم حلو وهما مع بعض.

تثائبت ريــحان بقوه وهيا تهز رأسها موافقه على حديثه ومن ثم هتفت بتلائم:

_انا شايفه انك طولت اوي يا يعقوب وانا عاوزه أنام بصراحه!.







نظر صوبها يـعقوب وهو يضيق حاجبيه في غيظ ويلكزها في ذراعها بعنف:

_ده انا جايب ليكي علبة شوكلاته كيت كات بميه وأربعين جنيه وفي الاخر بتطرديني ،بتطردي الحب يا نوسه!.

ضحكت ريـحان بخِفه وهيا تهز برأسها قائله:

_معلش يا حب بس السرير بيناديني.

_يعني انا ولا السرير!.

_هيا دي محتاجه يعني اكيد السرير!.

كان قد تقدما كلاً من شمس وليل فأنفجرا ضاحكين على مناقرة هذان الأثنان لبعضهم البعض ليهتف يعقوب في تأثر مزيف وهو يعلم كيف يقم بإغضابها:

_بقى كده يا نوسه ده انا كنت حافظ بيت شعر قولت مش خساره فيكي ابدا!.

_زي المعزه كده!.

هتفت بها بسخريه ليضحك ثلاثتهم بقوه ليهز يعقوب رأسه نافياً قائلا بفخر مصطنع وخبث:

_اسمعي بس واتعلمي اصول الشعر،للدموع أسرار وللحب آثار وبفرقاك نار وشوفتك بتذكرني بأكبر صرصار.

رمشت بعينيها بعدم إستوعاب وهيا تنظر صوبه بينما كان لـيـل يمسك شَـمس بقوه التي كادت أن تسقط في فرط الضحك وهو إلى جوارها يضحك بقوه ليبتسم يعقوب بفهاوه وهو يقول:

_إيه رأيك يا صرصارة قلبي!.

_يا شيخ روح ادعي عليك بإيه وانت فيك كل العبر!.

_انتي معجبكيش الشعر يا نوسه أخص عليكي!.

أمسكت خُفها المنزلي سريعاً في كف يدها مُستعده للإنقضاض عليه لينهض سريعاً راكضاً في أرجاء المنزل وهيا خلفه تصرخ به في غيظ :

_طب معزه وقولنا ماشي لكن صرصار انا صرصار يا يعقوب ،ده انا اللي هعملك دلوقت صرصار من غير شنبات!.

ضحك شديد لا يتوقف وكأنهما يستمعان إلى إحدى المسارح الكوميديه وقفت ريحان في مُنتصف المنزل تأخذ أنفاسها التي قطعت من الركض خلفه وهيا تهتف بغيظ فاعله بكفي يدها حركات شعبيه شهيره وقد كانت طاولة السفره حائل بينها وبين الوصول ليعقوب:

_اللي يشوفك يفتكرك فارس في ساحته ميعرفوش انك حتي الشراب شاحته!.

_اه والله واخده من ليل امبارح!.

_حسبي الله ونعم الوكيل.






_نوسه استني يابت ،استني يا نوسه ، ده انا من غيرك
زي الشارع من غير اناره ،زي التقاطع من غير اشارة ،زي السواق من غير  سيارة ،زي السلطة من غير خياره ،زي العربجي من غير حماره.

سقطا كِلاهما أرضا وانفاسهم تكاد تُزهق من فرط الضحك على هذان المجنونان لتقفز ريحان بغته فوق يعـقوب وهيا تكيل له الضربات المتكرره فوق رأسه صارخه بحنق:

_هو انت شايفيني فاتحه حديقة حيوان مره حماره ومره معزه انا هوريك يا يعقوب!.

_خد صاحبك وامشي بسرعه ريحان هتاكله!.

هتفت بها شَـمس وهيا لا تستطيع التوقف عن الضحك رغم أنها لا تستطيع أن تراه ما يحدث ولكن يكفيها ما تستمع إليه نهض ليـل مسرعاً جاذباً يعقوب الذي كان يضحك بقوه وإستفزاز لريحان التي كانت تتوعد له فارين من المنزل وما أن هرع كلاهما حتى سقطت ريحان إلى جوار شمس أرضا يضحكان في قوه.

الحب جنون وكذبا من قال غير هذا وقد كان الجنون هو سيدا لقلبي هذان المجنونان الذان يعلمان كيف يصلحا الأمور بينهم.

_هيموتني ابن نعمان!.

هتفت بها ريحان وهيا تقم بالإستلقاء أرضاً وقبل أن تتحدث شمس إستمعا إلى صوت نِداء يعقوب بأسم ريحان من الشارع وهو يقول بمرح غير مبالي بمن حوله ولا تلك الساعه المتاخره من الليل:

_يـا نــوســه يــا نــوســه.

ضربت ريحان كف فوق الأخر وهيا تنهض وإلى جوارها شمس سائرتان صوب الشرفه لتضحك شمس وهيا تستمع الى ضحكات ليل التي لم تتوقف لتهتف ريحان وهيا تستند بجذعها فوق السور بمرح :

_عاوز إيه يا لمبي!.

_ ياريتني قطره من دمك ،واستقر في قلبك ،واعملك جلطه يا روح الروح!.







ضحكات عاليه ملئت الأرجاء ،ضحكات صافيه خارجه من قلوب مُحبه، ضحكت ريحان في إستسلام مُرسله قُبله ليـعقوب في الهواء قفز لإلتقاطها ومن ثم سار هو وليل إلى جُنابات بعضهم البعض يكيلون الضربات إلى بعض البعض .

إنه الحب بنكهة الجنون ،هو ما يجعل للحياه عِنوان، لا يتخلله صِراعات، ينبت، ويكبر، كشجره غُرست في باطن الأرض ، الحب شمساً لا تزول، قمراً لا يفنى، وروحاً تتعلق بمن يُشبهها.

إحتضنت الفتاتان بعضهما البعض مُراقبتان القمر الذي يحتضن السماء وعلى ثغر كِلتاهما إبتسامه صافيه.


                  الفصل الرابع من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close