أخر الاخبار

رواية حب تحت الصراع الفصل الرابع4بقلم حبيبه محمد



رواية حب تحت الصراع
 الفصل الرابع4
بقلم حبيبه محمد




إنّـي رحَلـتُ إلـى عَيـنْيـكِ.
أطَلـبها إمّــا الـمـماتِ وإمٌــا العَودَ مُـنـتصراً.
گــل القَـصائَّـدِ مِنْ عَـيـنـيكِ أقْـبَـسهـا.
مـا كُـنت دُونـهـما فيِ الـشَـعر مُـقـتدراً.
صَـارت عُـيـونـكِ ألـحـاناً لـأغنـيَـتي.
والـقـلبَ صـار لـألحانِ الـهـوى وتـراً.

_يَــعـقُـوب.
___________________________________________

"صدقيني أنا عايز أعمل أي حاجة عشان أرضيكي".
"عايز أبقى حد يستاهل بجد يبقى ليكي".
"كنت تايه وأما شفتك ابتديت أحلامي بيكي".
"واللي فات بقى ذكريات ده أنا ابتديت عمري بهواكي".

أتَـعـلـم ما هـو الحَـب؟.
هـو ذاگ الـذِي يُنـقـذ قَلـبك حِينما يَنفذ الـأمل مِنك، هَـو گلمه عِند نُطقهـا تُـعطي بِها وعـداً ،ويَـلتف حَول رقبَـتك طَـوق الـعـهد، الـحَب حَياة تُـخلق بداخـل دُنـياگ، فـ تَعيشها ،تَـحيي بِـداخلها ،هَـو يـد تُنقذك مِن الغرق، الـحَب هو الوحـيد القادر على جَعل قَلبك إما حَزين أو سَعيد ،الـحُب هو الوحـيد القادر على جَـعلك تُبـصر في عَـتمتك، ترا الـضـوء وسَط الظلام ،الـحُب بالـنـسبه لـليـل شَمــساً ،تُضـيئه وتُرشده ،وبـالنسبه لها هو الـظـلام الوحيد الذي لا تَخـشـاه .

مَضَت الأيام تتوالى ،والساعات تفنى ،والثواني عَامل يَختزل الحَب في قلبـيهما ،إبتسمت الحياه لـهم أخيراً وشرعت تُساعد القدر في گـتابة حِكايـته ،كانت عَقارب الساعه تَدور سريعاً كعداد زَمني وَهم إلى جوار بَعضهم البعض ،لـم يشعرا بالـوقت وهم إلى جُنابات بعضهم كما لم يشعروا أيضاً بتلك الزهره التي أثمرت وترعرعت بداخل افئدتهم مُثـمره بـ ثِمار الحـب ،حَب لا يتكـرر مَرتان.
حَـب يـزور الحـياه مره واحده.

حَب جعلهم يدركون كم أن الحياه فقط تكون جميله حين وجود من نُحبهم ،الحياه تكون جميله بدون صِراعات، بدون حواجز تمنعهم عن بعضهم.

يَسيرا إلى جِوار بعضهم البعض يـنـتقيان أثاث مَنزلهم بِعنايه شـديده تتبسم وجوههم في فِرحه كبيره ،فرحة مُحب بإلتقائه بمن يحبه أخيراً ،يُـمسك بكف يدها الصغير الرقيق ويحتضنه في كَف يده الكبير ،كانت تَنتَقي كُل شئ بإتقان يتشارك هو معها في الضحك والإبتسام من حين إلى آخر وكم شعر أنها طفله صغيره تقم بشراء اغراض مدرستها للمره الأول وليست بإمرأه ناضجه ستتزوج بعد شهر من الآن ولكنه سعيد ،سعيد للغايه إنها إلى جانبه وتُشاركه تلك التفاصيل التي سوف يحيون بها سوياً نظر "يــعقوب" إلى عربة التسوق المليئه بالعديد من الأشياء التي يكون بعضها أنتيكات ومزهريات وبعض الاشياء الفرعيه لـلمطبخ ودورة المياه وما إلى غيره كان يدفع العربه وهو يراقبها تركض أمامه تحضر شئ وتضعه في العربه ومن ثم تركض مجددا ليضحك ثغره وهو لا يصدق تلك الفتاه الطفله التي يصطحبها معه!.

ولِكنها إليست طفلته حقاً ؟.
بلى هيا طِفلته التي سوف يخشى عليها من أن تُخدش خدشاً واحداً.
سوف يكـون لها الآب الذي حُرمت مِنه ،ذلك البيت الذي لن تخشى أن تَسكنه أبداً.
سوف يكون لها ذلك الضِماد الذي يُعالج جُروحها ،سوف يكون لها الحصن الوحيد الذي تلجئ إليه دوماً دون خوفاً.
سوف يكن لها العائله التي حُرم مِنها هو الآخر ،سوف يكون لها عالم بداخل الدُنيا.
وهيا سوف تكون المرأة الوحيده التي تسكن قلبه .
المرأه الوحيده التي جعلته يتنازل عن مبادئه لأجلها .
لأجلها يُحرق روحه لكي تدفـئ ،يكفي أن تكن بخير ،يكفي أن تكن إلى جواره ،تضحك بغنج، تبتسم بِـ مُشاكسه ،تشاركه مرحه ،حزنه، يكفي أن تكن ريـحـان سعيده دائما وهو سوف يكون اسعد رجل بالعالم.

إنه الحَب هكذا يَحرق المبادئ ويفتتها فـ الحب بلا مبادئ گورق بـلا أغصان ،گشجره لا فائده لها كونها لا تُثمر ثِمار .

ضحك وهو يراها تقدم مُهروله صوبه تحمل العديد من الأشياء تجاهد بالوصول بهم إلى العربه دون سقوط شئ، ليضحك وهو يعقد ساعديه أمام صدره ويقهقه بقوه:

_يا ريحان يا حبيبتي بالطريقه دي هنشتري المول كله!.

هتف بها بنبره مرحه جعلتها تتوقف مكانها وتدور بسعاده بـ فستانها الأحمر الطويل ذو الفراشات السوداء وهيا تهتف بسعاده بالغه وتصفق بيدها كما الأطفال بعدما وضعت الاشياء في العربه التي لم تعد تسع شئ اخر:

_فرحانه اوي يا يـعقوب حاسه إني هطير من الفرحه مكنتش متوقعه إني لما انزل بنفسي اشتري حاجات بيتي هكون مبسوطه كده!.

ابتسم في حب وهو يرا كم السعاده التي تعيش بها فـ اقترب صوبها واحتضنها وهو يطبع قُبله رقيقه فوق رأسها مردفاً بعشق بالغ:

_وانا مش عاوز من الدنيا دي لا فلوس ولا شقه ولا اي حاجه غير إني اشوفك مبسوطه يا ريحان ولو هتكوني مبسوطه كده على طول عندي إستعداد اشتري الدنيا وما فيها عشانك!.

ابتسمت بـحب شديد وهيا تستند برأسها فوق صدره وهيا تشعر أن هُنا يَكمن أمانها، هُنا تكمن سعادتها وتشعر بالراحه تتغلغل إلى داخلها ، هو الوطن الذي لا تستطيع أنه تهجره وإن هجرته لـ زُهقت روحها مش شِدة غُربتها ،هو الوحيد القادر على جعلها تكن فراشه لا تخشى الحياه ،تُرفرف بدون خوف ،ومهما اشتد بينهما الخلاف ،وكبرت الصراعات ،هُنا يقف حبهم ينتصر دائماً ،هُنا يقف الحب يجمع بينهم ويذيقهم من نعيمه ورخائه ،حُـب لا تشتته الصراعات.

بعدما قامت بقص عليه ما احزنها وآلمها منه قام بتقبل حديثها بصدر رحب فهدئت وتيره الغضب بينهم وأخذا هُدنه مِن الخصام وتعلقا ببعضهم البعض أكثر فأكثر.

فـ يــعـقوب .
الرجل الوحيد الذي سمحت له بأن يـگن في حياتها ،الرجل الوحيد الذي لم تخشى وجوده يوماً!.
الرجل الوحيد الذي تركته يُجفف دمعها دون خجل.
الرجل الوحيد الذي على إستعداد أن تقف أمام العالم بأجمعه وتصرخ بأنها تُحبه.
الرجل الوحيد الذي إصتدمت به وسقطت.
يــعـقوب .
هو العالم بأكمله بالنسبه لها.
هو الفلك الذي تدور بـه دون أن تخشى الخروج عن مدراه.
فـ الخوف ويـعقوب لا يجتمعان في جُمله واحده!.

_اقولك حاجه يا ريحان!.

هتف بها "يــعقوب" وهو يبعد "ريحان" عنه قليلاً ولكنه مايزال مُتشبثاً بها ،رفعت وجهها تنظر بأوراق عينيها الخضراء صوب زُرقت عينيه ليرفع كف يده وأخذ يبعد بعض الخُصلات الحره من جدائل أغصانها مُردفاً بحب:

_زمان قبل ما اشوفك كنت شايف أن الحب ده ملوش لازمه إيه يعني تحب ! هيحصل إيه يعني ! وهو احنا لازم نحب! ، هو احنا من غير حب منقدرش نعيش! ،مكنتش لاقي إي أجابه لأي سؤال من دول لحد ما قابلتك وقربت منك وعرفت وقتها يعني إيه حب ،أحساس انك تفضل تحارب طول العمر من غير ما تستريح وفجأه تجيلك هُدنة سلام من الحرب دي ،وانا فضلت احارب في الدنيا دي كتير ،لحد ما قابلتك وكنتي انتي الهُدنه اللي اخدتها ،لقيت حياتي جنبك سَلام مفيهوش خراب، قولت جرا إيه يا يعقوب مش كنت بتقول ايه الحب ده! ، كنت بتقول مين الاهبل اللي ميقدرش يعيش بس عشان محبش!، وعرفت وقتها إن انا الأهبل ،لما كنت اشوفك على طول احط ايدي على قلبي احاول اخفف من الطبل اللي يحصل جواه بس لاقيتني بقول لـنفسي هو انت فاكر لما تحط ايدك على قلبك كده مزيكة حسب الله مش هتشتغل دي هتعمل فرح وكف إيدك ده مش هيمنعه! ، وطلع يعقوب مكنش يعرف إي حاجه في إي حاجه بس الحب عَرفه كل حاجه واحلى حاجه عرفه بيها هو أنتي يا ريحان ،أنا بحبك يا ريحان عشان أنتي سلامي الوحيد في دُنيتي اللي مليانه حروب ،بحبك عشان انتي الوحيده اللي خلتيني أتنازل عن مبادئ كتير كنت فاكرها صح وطلعت غلط ،بحبك عشان انتي الوحيده اللي صلحتي من يعقوب وخليتيه يحب نفسه .

_يــعــقــوب!.

هتفت بها مُتأثره بـحديثه الحُلو والذي أصب فوق قلبها رحيق من السعاده وملئ فؤادها بعشق له فوق عشقها ألقت بروحها بين أحضانه مُتعلقه في رقبته وقد هبطت دموعها حامده الله على أنه قد أعطاها إحدى أفضل الاشياء في الدُنيا وهيا الحب ،دمعت وهيا تحتضنه بقوه تشاركه مشاعرها الهائجه التي بداخلها ،احتضنها هو الآخر في حنو فـهو يعلم أن ريـحـان ليست من النوع الذي يبوح بمشاعره ولكن يكفيه قُربها ،يكفيه أنها إلى جواره وإلى جانبه سالمه وهل يطمع فيما هو أكثر من ذلك!.
نعم هو يطمع أنه تحبه ريـحان أكثر فأكثر وأكثر.

أخذت ريـحان نفساً عميقاً جاهدت على إبقائه بداخلها ولكنها هتفت وهيا لا تزال تتوسد صدره وتنعم بدفأه ضاربه بالعامه،والقوانين،والمكان، عرض الحائط فلم تُخلق قوه على وجهه الأرض بعد قادره على إبعادها عن أمانها:

_عارف زمان قرأت مقوله بتقول أخِتر لـ قَلبُك مَّايُليَق بّه ،وقفت قدام الجمله دي كتير وسألت نفسي هو انا في أيدي انا وقلبي إننا نختار شخص يليق بيه! ،مكنتش اعرف يعني ايه حب غير من أفلام ابيض واسود كنت أتمناه بس كنت عارفه إن عمري ما هطوله، اصل انا فين والحب فين، وفضلت كده رافضه مشاعر الحب وكرست حياتي لـنفسي بس ،لحد ما جه اليوم وخبطت فيك .

_كان يوم تمانيه تمانيه فاكره عشان متنكديش!.

هتف بها بمرح قاطعاً حديثها ليتلقى لكمه قويه من كفيها جعلته يقهقه بقوه لتبتسم هيا الأخرى فتوقف عن الضحك وانتظر أن تبدأ ما قطعه لتكمل حديثها قائله وهيا تبعد عينيها عن عينيه التي تربكها تنظر إلى كل شئ ولكن لا تستطيع أن تنظر إليه:

_قلبي اتقلب جوا ،عيونك كانت دوامه وخطفتني جواها عملت زي البحر يخوف من بعيد ويخوف اكتر لما تنزل فيه وانا نزلت فيه من غير إرادتي ،بيني وبينك خوفت من ربكت قلبي مكنتش اعرف ان دي بدايه السحر وان عيونك كانت أكبر من أي سحر بيتكلم عنه الدجالين وغرقت فيك ،بس المره دي غرقت وانا موفقه ،غرقت وانا مختاره إني اغرق ،لقيت البحر ميخوفش ،لقيت جواه حاجات كتير تطمن وانت كنت أولهم ،واخترتك، قلبي اتحالف معايا وخلاني اختارك وساعتها لقيت نفسي الشط وانت البحر ،مهما يلف موجك، ومهما يعلى ،مصيرك ليه ،ولقيتني انا من غير بحر مليش لازمه ،وعرفت وقتها إن الواحد فينا بإيده يختار يا يغرق يا يعيش ،بس بيني وبينك الغرق فيك كان ارحم.

ضحك بقوه وهو يحتضنها بسعاده شديده كونها لأول مره تُفصح عما تشعر به إتجاهه لتشاركه هيا الأخرى الضحك وقد شعرت فقط الأن أن الحياه حقاً تبتسم لهم.

عانق القدر الحياه بسعاده غير مُصدقاً ما تحدثه من تغيرات بينما راقبتهم الصِراعات كـ عادتها تود النيل مِنهم ،هم لا يضعونها في عين الإعتبار ،يعتبرونها لا شئ ولكن هيا كُل شئ وسوف يرون ،سوف يرون كيف تقفز وتعكر ماء الجير الرائق .

_انا بقول يلا احسن يتعمل لينا محضر فعل فاضح!.

ضحكت بقوه وهيا تبتعد عنه مجففه دموعها المتساقطه من جديد ليقبل هو وجنتيها بحب ويمسك بكف يدها من جديد وشرعا يُنهيان ما بدأه.

تنفست ريـحان براحه أخيراً عَرفت طريق قلبها فـهي لم تعد تخشى على قلبها بعد الآن وقد أصبح سُلطانه يعقوب وكذلك شـمس لم تعد تخف عليها بعد الآن وذاك الـليل إلى جوارها ولا يتركها تبسمت وهيا تتذكر تلك العلاقه الوطيئه التي جمعت بين كلاهما فأصبح لـيل دائم الزياره لهم تاره ،وتاره أخرى يأخذ بـيد شمس ويجلسا في الورشه الخاصه به يتبادلان أطراف الحديث كلاهما وقعا في الحب ولكنهم لا ينطقون ولا يتحدثون ،ولكن أعينهم وأفعالهم تخبرها أن هناك قصة حب سوف تشهد عليها الصراعات.

ضرب يــعقوب رأسه بغته وكأنه تذكر شئ مهم وهتف وهو ينظر صوب ريحان سريعاً:

_صحيح يا ريحان نسيت اقولك ،يونس صاحبي قالي إن في دكتور عيون شاطر اوي من امريكا هيجي بكره إيه رأيك نعرض عليه شمس!.

لقد إمتنعت شمس عن زيارة الأطباء منذ المره الاخيره التي أخبرت بها أن نسبة إبصارها لا تتخطى العشرون بالمئه فعقدت عزمها على أن لا تتعلق بأمال زائفه مره اخرى وان ترضى بما كتبه الله لها ،ولكنها أكثر من يعلم أن صديقتها تتألم ،خلف إبتسامتها بالنهار دموع أودعتها باليل سراً ،وخلف ضحكاتها آهات تستمع لها خِلسه ،شـمس ليست سَعيده بحالها كثيراً ولكنها تخشى أن تفقد الأمل من جديد أن تتعلق بأحبال زائفه تنقطع وتتركها فتسقط.

لقد نست شـمس آلوان الحياه كما گرهت فُرشات الرسم الخاصه بها التي كانت تعشقها ماضياً ،لم يعد لديها آلوان تهتم بها وتمزجها سوياً لقد بقى لديها لون اسود واحد لا يختلط بشئ ،شـمس تحاول أن تظهر أنها على ما يرام ولكن هيا تعلم ما بالأمر من أوجاع ،وعجز تشعر به شمس في كل خطوة تتعثر بها.

البعض مِنا لا يُدرك مدى قيم النعم العاديه التي أمنها الله عليه سوا بعد فوات الآوان.

تنهدت ريـحـان بحزن وقد تَبخرت سعادتها مردفه:

_شمس رافضه تشوف اي دكاتره يا يعقوب من اخر مره!.

_ده مش اي دكتور يا ريحان ده دكتور امريكي معاه ماجستير ودكتوراه الفرصه بتيجي مره واحده والله واعلم ربنا مخبي ليها إيه مش يمكن تشوف علي إيده!.

تخيلت .
تخيلت شمـس وهيا تركض أمامها من جديد دون أن تسقط أو يُعيقها حاجز ،تخيلتها وهيا تبتسم بلا شوائب وتعود إلى رسم لوحاتها الجميله من جديد.
مُجرد تخيل جعل الأمل يتجسد أمام عينيها كشخص لتنظر صوب يعقـوب سريعاً الذي كان ينتظر منها جواب لتهتف:

_تفتكر شمس ممكن تشوف تاني!.

ابتسم يعقوب في رفق وهتف بيقين ورضا:

_طول ما ربنا موجود انا واثق من كل حاجه وان شاء الله شمس هترجع تشوف احسن من الاول كمان.

_يارب يا يعقوب يارب انت مش عارف انا مستنيه اللحظه دي قد إيه !.

تبسم وجهه يعقوب في أمل وأمسك بكف ريحان بقوه وهتف بعزم وثقه:

_قولي يارب وهو هيحلها.

نظرت صوب كف يده الذي يمد لها القوه دائماً ويجعلها تشعر بأن إختيارها له لم يكن خاطئاً أبداً ،لقد اختارت حقاً ما يناسب قلبها ولا يرهقه، من يسكن دروبها المحطمه، لتتنهد في رفق وقد إستمعت إلى صوت قلبها وهو يهتف:
"وأنـتَ الأمان الذي لٱ أريده أن يفارقني أبداً"..

__________________________________________

- ‏إنتَهت كُل الحِلول ، أُريّدُ إحِتضانَك.

يَجلسا أمام الورشه الخاصه به يتجاذبان العديد من أطراف الحديث المُختلفه ،كان هائماً بها وبكل تَفصيله صغيره هيا تمتلكها ،يتوقف العالم والبشر والإناس من حوله وحتى العداد الزمني







 حين وجودها يتباطئ،لا يرا سواها هيا ونسيم الهواء ،بسمتها تجعله طيراً حراً يُحلق في سمائها ،فـ حقاً هيا تُشبه النيران وهو كـ الفراشه يَنجذب صوبها غير عابئاً بأنه يَجب أن يخاف ،يجب أن يضع في عين الإعتبار أنه من المحتمل أن تحرقه النيران وتحول أجنحته الرقيقه الهشه إلى رماد ،ولكنه لم يكن يهتم بـكل ذلك ،هو لم يهتم يوماً بشئ في حياته سوا عِندما رأها ،لم يكن يهتم بُحسن منظره يوماً وبالرغم أنها لا تراه تنظر صوبه ولكن لا تُبصره إلا أنه يهتم بُحسنه لأجلها ،ولأجل أغداق العسل تلك التي يسقط بها صريعاً كَلما رأها.

مِن بَعيد كان يَقف "مُسعد" وهو يراقبهم يَشعر بـ مشاعر مُتناقضه بداخله فـ بالرغم مِن صِغر سِنه إلا أنه كان على يقين أن الجماع بين هذان الأثنان لن يكون سهلاً كما يرون ،النيران لا تقترب من الورد إلا وتحرقه .

وضـع "مُسعد" تَلك الـ"العده" التي كان يحملها بين راحتي كفيه القويين أرضاً وبات مراقباً لـ نيران الصِراعات التي تلتهم القلوب ،وتفقع آفئدة الحـب ،تنهد متذكراً كيف اكفله ليل بالصعود إلى شقة شمس وإزالة كل "العتبات" التي من الممكن أن تكون سبباً في سقوط شمس لم يسأل لماذا لأنه يعلم السبب،يعلم أن رب عمله قد سقط في صراع الحب .

كانت تتحدث بلا تـعب ،تَنحل عُقدة جوفها حينما تجلس إلى جُناباته ،تأنس بـ مشاركته عـتمتها وظلامها الأبدي ،لم تكن لـ تتخيل يوماً أنها بعدما كانت تغرق وسط الموج في ليل عاصف قام أحدهم بإنقاذها ،احدهم أعاد الروح إلى قلبها من جديد قَبل جسدها ،لم تكن تُصدق أن القشه القادره على قَسم ظهر البعير تُـصبح أيضاً قادره على إنقاذ أحدهم ،كانت تَظن سابقآ أن لا أحد سـيقترب صوب سَفينتها المثقوبه ولكنه آتى ،آتى مُحتلاً لـسفينتها كـ القراصنه ،لم يخشى الغرق ،لم يخف البحر، لم يسمح لها أن تكن لُـقمه سائغه لـظُلمات القاع ،آنارها وهو المظلم ،ارشدها وهو التائه ،آسندها وهو الذي لديه جزء مبتور ،ولكن لم يمنعه شئ من أن يتركها .

_وبس يا سيدي خرجنا من الملجئ بعد ما كملنا ١٨ سنه وكل واحده شافت فينا طريق ،ريـحان طول عمرها بتحب الشغل والجري فأختارت كلية إدارة أعمال إنما أنا اتعودت على الراحه والهدوء فأخترت فنون جميله ،ريحان دورت على أهلها كتير لما طلعت لحد ما لقيت ابوها وكان لا حول ليه ولا قوه أم ريحان طلعت كانت بتشتغل رقاصه وحملت فيها من والد ريحان من غير جواز بس بعدين أصرت يكتب عليها وبعد ما كتب عليها طلقها بعد ما خلفتها وهيا خدت ريحان ورميتها وقالت إن شغلها اولى بيها ومردتش تعرف رجب ابو ريحان بمكانها وقالت ليه أنها ماتت وهيا بتولدها ،ابو ريحان مكانش حيلته غير الشقه





 اللي احنا قاعدين فيها دي والعربيه ودول الحاجتين اللي أم ريحان مخدتهمش منه بعد ما مضته على كل اللي كان معاه ووراه وعشان هو كان تعبان وفي أيامه الاخيره ورثهم لـيها ومات ،ريـحان زعلت أيامها جامد وشبه كانت اكتئبت وزاد كرهها ناحية امها دورت عليها كتير عشان تعاتبها بس كأنها فض ملح ودابت ،حتى الكباريه اللي كانت شغاله فيه قالوها إنا مشت منه ،وبقينا انا وريحان عيله لبعض.

أنهت من قَص حِكايتهم كامله فوق مسمعيه لتنعكص ملامحه في آلم دفين فـ هل هُناك أم من المحتمل أن تكن بتلك القسوه!.
تبتر جزءاً منها مُقابل الا شئ!.
هل هنالك إمرأة تكن بـكل تلك القسوه حتى لا تكلف نفسها عنان النظر إلى وجه صغيرتها مره أخيره!.
لِماذا يَنجبون إذا!.
لماذا تحمل ارحامهم وتلد إن كانوا غير قادرين على رعايتهم!.
أن كانوا لا يصلحوا أن يكونوا عائله لماذا يحضرونهم إلى الحياه!.
لـ تعذيبهم!.

تنهد في عدم تصديق وهو ينظر صوبها يتأملها وهيا ترفع كوب الشاي صوب شفتيها وترتشف مِنه رشفه هادئه بملامحه مستكينه ليهتف بترقب وفضول:

_وإنتي يا شمس مجربتيش تدوري على أهلك!.

أهـلـها!.
لم تكن تدرك أن تلك الكلمه موجوده في قاموسها قط!.
هيا لا تعرف اهلاً لها سوا ريـحـان ،لقد كبرت إلى جوارها ،كبرت معها ،تعانقا حينما كانا بحاجه إلى عِناق دافئ يحميهم من البرد ،لم تدع إحداهما دمع الأخرى يتساقط ،دافعا عن بعضهما البعض ضد قـساوة الدنيا.
خافا على بعضهم البعض وكأنهم الوحيدتان في العالم.
تعانقت كفوفهم، وتشاركت أحلامهم ،وعليت طموحهم.
لم تشعر يوماً أنها بحاجه إلى البحث عن أهلها، لقد اكفاها ما علمته من مديرة الملجئ واشبعت فضولها بذلك.
أما ريحان فقد كانت تضع لعائلتها مائة عذر كانت تتخيل تاره أنها قد خُطفت منهم والقاها أحدهم أمام الدار، أو أن والديها قد ماتا في حادث ،لقد وضعت لهم اجمع الأعذار ولكن جميعها ذهبت سُدى.
حينما وجدت والدها الذي أخبرها بحقيقة كراهية والدتها لها.
فتحطمت.
وتبخرت أعذارها.
وعادت تَجر آذاليل خَيباتها.

لم تكن كِلتاهما تعلمان معنى كَلمة أهل سوا من تلك القصاصات المصوره في الكتب والمجلات كانتا تبتسمان إلى بعضهم البعض ويمضيان قدماً بلا حاجه إلى وجود عائله لا تريدهم فـهم عائله لبعضهم.

راقب صمتها مليا وتوقف بؤبؤ عينيها عِند نقطه ما في الفراغ فـشعر بأن سؤاله لم يكن في الموضوع الصحيح ولكن حديثها وكلماتها التي خرجت في رتيبه وهدوء:

_مـفكرتش عمري ادور على حد فيهم أصل هما لو كانوا عاوزني كانوا خَدوني بعد سنه او اتنين أو حتى عشره لكن أمي حبت تعيش سنها اللي اتحرمت منه بـ جوازها من راجل قد ابوها ،محدش بيدفع الأخطاء غيرنا يا لـيل يعملوها الكبار ويدفعوا تمنها الصغار ،وبالرغم من كده مسامحه في حقي ،انا عمر ما وحشني شعور أن يكون ليا عيله ريـحان كانت جنبي






 طول الوقت ،رغم أن فرق السن بينا مش كبير هما سنتين بس إلا أنها قدرت تكون ام ليا، هيا الوحيده اللي حبتني في الدنيا دي من غير مقابل ،هيا الوحيده إلى متاكده أن لو النار ماسكه فيا من كل حته هيا هتحضني ،ريـحان هيا عيلتي يا لـيل ممكن تشوفني مأفوره الموضوع اوي بس انا معرفتش الحب غير من ريحان ، عرفت يعني إيه حب لما كانت تيجي التبرعات للدار وتختار ليا احلى حاجه من وسط الهدوم وتجيبها ،لما كانت تسرق الاكل ليا من ورا المشرفه عشان عارفه إني بجوع بليل، لما عَرفت إني بخاف من الضلمه حضنتني ،حكتلي حواديت كتير خلتني نسيت الخوف ،ولما وقعت هيا اللى وقفتني على رجلي من تاني عشان كده عمري ما حسيت إني ممكن اكون محتاجه لعيله طول ما هيا موجوده.

تأثر كثيراً بـحديثها وتَـبسم ثغره على تلك العلاقه الجميله التي تجمع بين كِلتاهما فـهل توجد صداقه في الوقت الحالي من المحتمل أن تكن بـمثل هذا النقاء!.
بالطبع مازال يوجد أصدقاء هكذا ،اصدقاء يقفون إلى جُنابات حزنك ينقشون عليه رسومات السعاده ،هنالك أصدقاء تهرب إليهم، تأنس معهم ،تحزن، تضحك، تبكي، ولكنهم لا يتركونك وحدك ، بعض الأصدقاء عائله تُنجبها رحم الصِراعات، علاقه وثيقه لا تُمزق ،بعض الاصدقاء كنز ثمين لا يقدر.

_لـ الدرجه دي بتحبي ريحان!.

هتف بها وكم تمنى لو يصل في قلب تلك النداهه التي سلبت عقله وجعلته يهيم في طيفها إلى نفس مِقدار حبها لـصديقتها ،لتبتسم شــمس بسمه لا تحمل شوائب الغيوم ،بسمه صافيه تُشبه الإشراقه الجميله مردده:

_الصاحب يا لـيل هو اللي لو قاسمت معاه حزنك يقل ،ولو قاسمت معاه فرحك يزيد ،عشان كده في صاحب بيكون هو صداع جميل الي مش محتاج تاخد ليه إسبرين .

_يـبختها والله!.

_على إيه!.

_إنك بتحبيها الحب ده كله.

تبسم ثغرها في رفق وهيا تعلم إلى ما يقصده بحديثه الذي أصبح في الآوان الاخيره يَكثر مِنه وقد علمت أن هذا اللـيل يتمرد على قلبها ويجعله يسقط صريعاً به لا محل.

أقترب "مُسعد" صوب كِلاهما لينظر إلى "لـيل" الذي لم تبرح عينيه النظر صوب "شمس" التي تنظر صوبه ولكن لا تراه تحمحم بصوت خافت جاذباً إنتباهه ليلتفت صوبه لـيـل سريعاً ليهتف "مُسعد" بصوت خافت لم يسمعه احد سوا لـيل:

_إيه يا اسطا ليل هتاكلها بعينك مش كده!.

_انت مالك انت يا رخم حد إشتكالك!.

هتف بها وهو يكز فوق أسنانه بغيظ ليهتف "مُسعد" متنهداً في آسى مردفاً:

_والله حاسس إنك في الأخر هتتحرق من نارها وهترجع زي جذع الشجره اللي ماسكه فيه النار لا هيا بتاكله كله ولا بتخلص عليه مره واحده!.

_وانت بتقول كده ليه يا بومه انت!.

_عشان الحب يا اسطا ليل مش سهل انت ناسي الحاجز اللي بينك وبينها ودايس في حبك ليها عامل زي اللي شايف اخر الوادي قدامه بس لسه مكمل لحد ما يقع منه واول ما يقع يندم وانت شايف الطريق يا اسطا ليل من الاول ،هيا شـمس اه بس مبتنورش وهيا اللمبه فايدتها إيه من غير نور! ، وبيني وبينك انا خايف تشدك معاها للضلمه، مش قصدي اكسر مجاديفك واغرق مركبك يا اسطا ليل بس عاوز افتح عينك على اللي انت غافل عنه بكيفك .

يَعلم علم اليقين أن حديث ذلك الصبي صحيح ولكن أيملك المرأ الحكم على قلبه!.
ايخبر قلبه أن يتوقف عن حبها فيتوقف!.
ايخبرها أن يجعلها تخرج منه ويعود كما كان من دونها من قبل فـ يُلبي ندائه!.
القلب ليس عليه سُلطان هو كـ غجريه ترفض العبوديه وتستحب الحُريه.

تنهد "مُسعد" وقد لاحظ تبدل معالم وجهه لـيل والتي مالت إلى الحزن ليراقب بعينيه شــمـس التي تستمتع بنسيم الهواء البارد الذي يرفرف بأغصانها الحُره ،لم يكن ربَ عمله مخطأ حينما أطلق عليها لـقب "الـنداهه" فهيا تُشبهها كثيراً في سرقت العقول قبل القلوب ،في التلاعب بالآفئده بلا قيود ،لقد سرقت الروح عن الجسد منذ أول لقاء وآبت أن تُعيدها.

تغافل عن حديث "مُسعد" بـ محض إردته وهتف وهو لا ينظر صوبه:

_عملت اللي قولتلك عليه!.

_كله تمام.

_شوف شغلك انت دلوقت.

غادر "مُسعد"على مضض ليعود لـيـل إلى ما كان عليه من مُشاهدت غروب الشمس ليتحمحم وهو يراها تجلس ساكنه ويرتسم فوق ثغرها بسمه هادئه:

_انا هوصلك للبيت عشان ورايا مشوار سريع.

_تمام.

وقف سريعاً منتصباً بِجذعه واقفاً مقترباً صوبها ليساعدها على الوقوف ويسرع في إشباك كف يده في كف يدها لتبتسم شَـمس في رفق وهيا تهتف وهما يسيران ببطئ:

_قولتلك قبل كده إني بعرف أمشي يا ليل!.

_يا ستي خديني على قد عقلي انا بحب أساعد كده!.

_بتحب تمسك إيدي قصدك!.

_لو عليا انا احب امسكها طول العمر.

بعفوية.
بتلقائية.
لم ينطق جوفه بتلك الكلمات بل قلبه الذي قفز بغته وصرح بأنه يود الإعتراف لها الآن ،هو لا يعتاد على نيران الحب تلك ،نيران تـكُ دخيله عليه وعلى حياته العِباره عن حُزمه مِن الأخشاب ولكنه يحترق ولا يتألم.
لا يخشى نيرانها التي تخبرها أنها تأكله، تحرقه، ستحوله إلى رماد بسبب شعلة حب صغيره ،ولكنه لا يآبه ،فـ الخشب لا يحترق بِسهوله.

بينما هيا كان الصمت حليفاً لها ،كانت تقع أسيره بين عقل يرفض تصديق ما يعيشه وقلبها الذي يتقبل ما يحدث ،كانت تشعر أنها مُسيره كالشاه لا تعلم أي الطرق قد تسلك!.
جميع الطرق مُظلمه ،معتمه ،هيا لا تستطيع أن تراها ولا تستطيع أن تختار .
أصبحت في حيره مِن أمرها ما الذي يتوجب عليها فعله!.
تتقبل تقبل قلبها إلى ذلك الفارس الذي يحاول بكافه الطرق إنقاذها من الظلام المحيط بها!.
ام عقلها الذي يفكر بلا هوادة لا تقوده مشاعر ولا تغلغل رِقابه أطواق الحـب!.

_سَرحتي في إي؟.






هتف بها لـيـل وهو لازال يمسك بكف يدها يساعدها صعود درجات عِمارتها برفق ولكنه لاحظ شرودها فجأه إستفاقت وحينها كم تمنت لو تراه! لو تشبع قلبها من رؤياه! لا تعلم لماذا هيا على يقين إن رأته سوف يهدأ كل شئ ،قلبها،عقلها، وهي، ولكنها تبقى أمنيه معلقه كـغيرها من الأماني .

تدلل الحزن وهو يضرب جِدار قلبها كما تـتدلل الافعى حين لـدغ أحدهم فـ گسفت شمـسها وذهبت.

سحبت كفها في رفق من بين راحتي كفه للمره الأولي ليشعر بضرب عنيف يضرب جِدران قلبه ينبئه بـخطر ما قادم أمسكت بترانز السلم مكمله الصعود وحدها لتهتف بصوت مختنق:

_انا عارفه الطريق لوحدي يا ليل.

رمش بعينه بضع مرات يحاول فهم ما ترمي إليه كَلماتها المبهمه ليركض واقفاً أمامها يمنعها من الصعود مردداً:

_في إيه يا شمس!.

_ليل سيبني أطلع الشقه لو سمحت.

_انا عاوز افهم فيه إيه!.

_اللي انت عاوزه يا ليل عمره ما هيحصل عــمــره!.

إرتفعت نبرة صوتها للمره الأولي عليه منذ أن التقى بها وتجمدت الدموع في عينيها تآبى السقوط بينما هو سقط سهم من الله فوق رأسه ليهتف محاولا إستعاب حديثها:

_انا مش فاهم إنتي قصدك إيه!.

_قصدي على اللي انت حاسس بيه نحيتي يا ليل انسى أن ممكن حاجه تجمعنا انسى .

_ليه!.

هتف بها وهو لا يزال يناظرها ولكنها لا تناظره أدرات رأسها بعيداً وهتفت بما بها من ضعف:

_عشان انا عاجزه يا ليل عرفت ليه!.
عشان انا مش كامله وعمري ما هبقى كده ،عشان لو انت بتحبني انا مش هقدر احبك، مش هقدر اسعدك ،مش هقدر اكون ليك حاجه ،انا مبشوفش عارف يعني إيه مبشوفش! ،يعني محتاجه مساعده اربعه وعشرين ساعه مقدرش اعمل حاجه لوحدي! مقدرش اقوم اجيب كوباية مايه لنفسي لإني ببساطه معرفش مكانها فين! مهما حاولت احفظ مكانها بتتغير ،كل حاجه بتتغير يا ليل ،مش انا يا ليل اللي تحبها!.

سقطت دموعها ومن ثم حاولت تخطيه ولكنه كان كالحائط المانع بينها وبين الهروب ليهتف وقد أصابت كلماتها قلبه بحزن شديد وقد شعر ببوادر أحلامه تنهار:

_كفايه إنك هتبقي جنبي يا شمس انا مش عاوز اكتر من كده!.

_كلام يا ليل كلام انت عندك إستعداد تعيش مع واحده متعرفكش واحده عمرها ما شافتك!.

أمسك بكفي يديها بكل قوه يمتلكها ووضع وجهه بين راحتيهم وهتف بتمسك ورفض لحديثها :

_مش مهم تشوفيني يا شمس المهم انا شايفك ،انا هكون عينك اللي خسرتيها ،هكون ليكي كل حاجه انتي عاوزاها، ارسمي ملامحي بإيدك مش انتي بتحبي الرسم! ،اتخيلي ملامحي وارسميها ابيض اسود مشوه ،مش هيفرق معايا انتي هترسميني إزاي بس حسي بيا!.

تساقطت الدموع من بين عينيها بقوه وخرجت الشهقات تتسارع من بين شفتيها لتهتف وهيا تهز رأسها برفض:

_مش هينفع يا ليل مش هينفع!.






نزعت كفي يديها من كفي يده وأنزاحت من أمامه تتعثر في خِطاها الصاعده الى منزلها هاربه منه ،هاربه وتاركه قلبها يقف إلى جانبه يبكي من الآلم ،تاركه طيفها يختفي من أمام عينيه ولازال كفيه مُعلقان في الهواء يراقبها وهيا تختفي ،إنها تغرب ولكن تلك المره يؤلمه غروبها ،يوجع عينيه، ويدمي قلبه، أنها تغرب وتتركه وسط عَتمته من جديد.

نـظر إلى كف يده الذي برد وراقب طيفها المُختفي وشعر بأن الـنـداهه تـسلب روحه تلك المره إلى مـلك الموت.

_________________________________________

-سيكون اللقاء حب وسأحتضنك .

_افتــحــي البـاب ده يا شـــمـس بدل ما اكسره فوق دماغك!.

خرجت الكلمات كاللـهب المحترق من بين ثغريها وهيا تضرب فوق الباب بقوه وتحاول بشتى الطرق فتحه ولكن لم يفتح ،لقد اغلقته بإحكام مانعه اي احد من الدخول وإقتحام عزلتها التي تأنسها الآن ،وتحاول التأقلم عليها.

ثـارت ،وهـاجت ،ومـاجت ولكن لم يـجدي ذاك نـفعاً ،كان الدمع ينصب اوديه تجري فوق يابسة وجنتيها تضم ركبتيها إلى صدرها تستند فوقها بثغرها المُرتعش لـقد أدركت الآن أنها لأول مَره لا تبكي آلماً وعجزاً بل تبكي حباً وقهراً ،قلبها العذري يضرب بابه لأول مَره الحب وهيا ترفض قَبوله ،لقد سقطت سهواً في عتمته دون درايه مِنها لم تكن تدرك أن قُربه مِنها كان فخاً يوجب عليها الإبتعاد عنه ،ولكنه سَحبها صوبه جعلها تُحبه مرتان مره لأنه ضوئها ومره لأنه عتمتها ولـكن هل خُـلق الحب للكفافاء ؟.

هل احب أحدهم سابقاً عمياء لا تبصر سوا الظلام؟.
هل اقترب أحدهم من النيران وآلقى روحه بداخلها ولم يحترق!.
هل لمس أحدهم الشمس من قبل!.
هيا المستحيل بعينه ،المستحيل الذي لا يستطيع أحدهم تحويل إلى فعل أكيد.

كـالثور الهائج كانت ريـحـان تنفث أنفاسها بغضب كالتانين المنقرضه مهما حاول يــعـقوب أن يهدأ من توهج غضبها لا تهدأ وكيف تهدأ وهيا تستمع إلى صوت نحيب اختها يكاد يصم الآذان لا تعلم ماذا حدث منذ أن عادت من الخارج وهيا على ذلك الحال شمس تبكي وهيا تثور!.

_ريحان اهدي طريقتك دي مش هتخليها تفتح الباب ابدا!.

لم يكن يتوقع يوماً بأن يرا شـمس تبكي ،لطالما عهدها قويه ولكنه نسى أن لا شئ يبقى على الحال ،الموج الهادئ يتحول في ثانيه إلى تسونامي ،والشـمس الدافئه كانت سبباً كبيرا في إماتت العالم سابقاً.

إقترب هو بدوره وطرق الباب برفق وهو لا يعلم ما حدث ولكن إختفاء صديقه يقلقه وإنهيار شمس يرعبه هتف بصوت حاني ورقيق عكس كرة الجمر الواقعه إلى جواره:

_شـمس انا يعقوب إفتحي الباب وخلينا نتكلم شويه ومهما كانت المشكله هنحلها!.

_انت لسه هتحايل فيها اكسر الباب ده!.

رمقها بنظره حارقه جعلتها تشتعل وهيا واقفه لتعض على شفتيها بغضب وتلكم الطاوله بعنف ،نهضت في خفه تتجه صوب الباب البني المحترق تتحسس الجدران حتى وصلت صوبه وقامت بإدارة المُفتاح وفتح الباب .

أغداق العسل مُنتفخه وتبدو كالخلايا المُفقعه ،الوجنتين تكتنزان بتوهج حبات الفراوله، بدنها ينتفض وكأنه خارج من الموت ،كُل ما بها من حطام جعله يتأكد من صحة ظنونه وان هناك خطأ كبير قد حدث دفعه قويه جعلته يلتصق بالباب وإندفاع قوي من ريحان التي تبخر غضبها كالزُبد واضحى الخوف واضحاً فوق وجهها لتحيط بوجهه شمس بين راحتي كفها هاتفه بلهفه:

_حصل إيه يا شمس ! حصل إيه يا قلب أختك!.

_براحه يا ريحان عليها تعالى ندخل جوا ونعرف فيه إيه.

هزت رأسها موافقه محتضنه شمس وسائره بها إلى الداخل الغرفه الزهريه رفعت شمس قدميها مُتنبئه بأن هنالك "عتبه" على مقدمة بابها ولكن قدمها لم تصتدم بشئ توقفت عن السير قدماً وهيا تعيد الكره مجدداً ولكن لم تصتدم قدمها بشئ افلتت من بين يدي ريحان وهرعت خارجاً بطريقه افزعت كِلاهما .

إصدمت بكرسي السفره وسقطت فصرخت ريحان بفزع ولكنها نهضت مجدداً غير متأثره ،تعثرت قدميها في ثني مُقدمة السِجاد ولكن نهضت من جديد وخلفها ريحان لا تفهم ماذا حدث !.

وقفت أمام باب الشرفه تتحسسه فعلمت أنها قد وصلت إلى وجهتها جلست أرضاً متحسسه الأرض بكفي يديها المُرتعشان تبحث عن شئ ولكنها لم تجده تلك العتبه التي تعثرت بها سابقا وكادت تمت بسببها غير موجوده!.

_شمس فهميني في إيه!.

_العتبه إلي هنا راحت فين!.

رمش كلاً من ريحان ويعقوب بعينيهم بعدم إستوعاب هاتفان في صدمه:

_نـعم؟.

_كان فيه عتبه هنا وعلى بابا اوضتي انا متأكده راحوا فين!.

جثت ريـحـان إلى جوارها أرضاً شاعره بالقلق عليها لتهتف :

_شـمس فيه إيه انا مش فاهمه حاجه!.

جلست أرضاً ولم يسعها وسع العالم كانت تائهه كـ سمكه قُطعت زعانفها لقد فعلها ،لقد وعدها أن لا يتركها تسقط وأوفى بوعده، لقد أخذ يزيل كل ما قد يقع عقبه أمامها وهيا....هيا تردعه، تحرقه، تمنعه، تألمه، بينما هو يسعى لأجلها فقط!.

إقترب يعقوب وجلس أمامها ونظر لها وهيا لا تراه وهتف برفق:

_مالك يا شمس!.

_ليل بيحبني يا يعقوب ،بيحبني بس...بس انا مش هقدر ،مش هقدر احبه!.

إنهارت احصنها وبكيت على كتفي ريحان التي استوعبت الآن فقط ما يحدث ،شمس خائفه ،شمس تخاف من الحب ،شمس ترتعب من أن تفقد شئ جديد فتبتعد هيا ،احتضنتها مُربته فوق كتفيها مردفه بحنو:

_اول مره اشوف حد بيعيط عشان حد بيحبه!.







_عشان انا كمان بحبه يا ريحان بس مش هقدر ،مش هقدر اكون معاه انا بكده هكون أنانيه، انا مش هشوف تاني يا ريحان ،مش هقدر اشوفه ،مش هقدر اعرف شكله، متخيله اني ممكن ابقى ام مش قادره تشوف شكل حته منها عامله إزاي، انا هبقى لوحه فاضيه محدش راضي يقرب يحط فيها فرشه ، انا هكون انانيه لو حبيت ليل يا ريحان ،انا مبشوفش ،مـبــشوفــش!.

احترق حلقها وهيا تصرخ بـ تلك الكلمه واحترق قلب كلاهما آلماً عليها تجمعت الدموع في عيني ريحان ولم تقدر على النطق بينما هتف يعقوب في هدوء وهو يحاول تهدأتها:

_اهدي يا شمس بس وبطلي عياط ،عياطك ده مش هيحل حاجه!.

خرج صوتها مُتهدج في حزن وآسى على قلبها:

_وهو انا في إيدي إيه يا يعقوب غير إني اعيط!.
ياريت كان في إيدي حاجه ،ياريت كان في إيدي اتربس على قَلبي واقوله اسكت متحبش ،ضخ دم وانت ساكت ملكش دعوه بحد ،بس قلبي دايماً السبب في كل حاجه ،خلاني مشوفش مره ودلوقتي بيحرق في روحي ،من يوم ما ليل ظهر في حياتي وانا عارفه إن في حاجه هتتغير بس مجاش في بالي إني احبه! ،انا مش زعلانه إني بحبه ،انا زعلانه إني مش هقدر احبه زي ما هو هيعوز ،انت عارف يعني إيه تربط شخص جنبك وتسيبه يموت من غير اكل او شرب ،اهو انا لو قولت لـ ليا إني بحبه هيبقى بموته جنبي ،انا منفعش يا يعقوب ،منفعش ،انا مـبــشوفــش!.

ربتت ريحان فوق ظهرها برفق تحاول أن تهدأ من حالها ولكنها لم تقدر وشاركتها البكاء في آسى شديد ليهتف يعقوب برزانه وحكمه:






_عارفه كان في حدودته قرآتها زمانها بتقول إن الشمس والقمر كانوا بيحبوا بعض بس مكانوش يقدرو يبقوا سوا كل حاجه كانت منعاهم عن بعض ،إختلاف التوقيت، وطبيعة الكون ،كل حاجه منعت بينهم فـ خلق ربنا الكسوف عشان يبين أن مفيش في الحب مستحيل يبعدو عن بعض عمر وبعدين يتقابلوا ساعتين ببعد السنين كلها ويرتاحوا ،مفيش حاجه إسمها مستحيل يا شمس إنك كفيفه ده مش حاجز، كام من واحده كفيفه فتحت بيت وعمرته وعاشت فيه وكونت عيله، انتي اللي خايفه يا شمس ،خايفه تتجرحي من ليل زي ما زياد جرحك ،خايفه يكون هو كمان سبب في خساره ليكي ،بس انا متأكد أن ليل عمره ما يآذي ليل ميعرفش آذيه، اديله فرصه! 
آدي لقلبك فرصه كمان ،قلبك ميستحقش فرصه !.

إرتاح قلبها.
وتوقف بدنها عن الإنتفاض.
وجفت أغداق العسل.
وشردت هيا في حديثه .
مـن يُزيل العقبات من أمامها لكي لا تسقط هل يكون قادراً على أن يجرح أحدهم!.
من ينقذها من السقوط مرتان يكون قادراً على إيذائها!.
من يمسك بكف يدها دائماً هل يكون قادراً على جعلها تخاف!.
لكنه بالنهايه لـيـل سوف يغشيها!.
ولكن أليس ذلك الليل هو من اضاء طُرقات حياتها!.
أليس ذلك من أخبرها أنه لن يتركها ابداً!.
فرصه أخرى لـقلبها هل تُعطي!.

راقب كِلاهما الشرود الذي صاحبها ليبتسم يعقوب في هدوء ويهتف محاولاً بث الآمان في قلبها:

_لـيل عمره ما هيأذيكي يا شمس ،ده صاحبي وانا عارفه .

_ولو آذاني يا يعقوب! لو كسرني اعمل إيه!.

إنفلت لِسان ريحان مُردفه بشر وهيا تتخيل فقط أن أحدهم يقم بإيذائها:

_والله اقطعه حتت حتت واعبيه في أكياس ومقرأش عليه الفتحه حتى قال يأذيكي قال سايبه هيا ولا سايبه!.

_ده انا اللي هقطعك على طولت لسانك دي!.

هتف بها رامقاً إياها بشرار لتضحك بإستهزاء بحديثه مردفه:

_كان غيرك نفع يا عسل!.

_عسل!.

_عسل اسود كمان.

ضحك ثغر شـمـس في رفق لتنتقل عدوى الإبتسامه صوب كِلاهما لتنظر ريحان إلى يعقوب تشكره بعينيها ليمد كف يده ويربت فوق كفها بحنو ومن ثم أقترب من شمس ومسد فوق كتفيها وهتف بحنان اخوي:

_صدقيني لو ليل عمل بس حاجه واحده وحشه ليكي انا اللي هاكله مش ريحان.







ضحكت بـخفه وإمتنان شديد حمله قلبها له لتهتف بصوت خافت متذكره شيئ:

_بس....ليل فين دلوقت!.

ابتسم يعقوب في رفق وهو يعلم أن صديقه الذي أعتاد الهرب دائماً مما يحزنه ويجعله يقلق ،صديقه الذي لأول مره يقع في الحب ولا يدرك ماذا يفعل ،يعلم جيداً إين يكون .

ركلت الحياه الصِراعات بقدميها وقفز القدر فوقها يُذيقها من الألم ما لا يُذيق به أحد وقد تألم كِلاهما بما فعلته بينما هيا كانت تضحك ،تتلذذ بما فعلته وما إصابة به القلوب ،ضحك الحب باستخفاف بها وارتفع صوته جاهراً أنه من سوف يفوز لتتحداه الصراعات فأصبحت المعركه صفر صفر تنتظر أن تتغير النتيجه.

 

                  الفصل الخامس من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close