أخر الاخبار

رواية حب تحت الصراع الفصل الثاني2بقلم حبيبه محمد



رواية حب تحت الصراع
 الفصل الثاني2
بقلم حبيبه محمد





أنـتـظـركَ.
أنا هُـنـا علـي حافـة سـقوطي فـي هـاويـة حُـبـي لـك أنـتـظـركَ.
لـا أهـتـم إلى أمـر تِـلك الصـراعات الـتي تَـمنعـني عنك فـ قلـبي يـكتفـي بـضَحِكه مِنك تُنـسِيه شَـقائِه.
يـكفـيني لقـائك، ونَظره مِـن عَينيكِ، وإسـناد رأسي إلى جوارك.
أنـتـظـركَ ولو كـان بيني وبينك أخدود تملـئه نـارك.
أنـا هـنا أحُبـك كـصراعي الأبدي الذي لا اخاف مـماته.
أنـا هـنا أحُبـك كـصراع إن زال كان انــتي أمـانه.
أنـتـظـركَ والـصـراع لأجلكِ سَـلامَ.

_لـيــل.

___________________________________________

"اللي مصبرني عليك إن انا شايف في عينيك".
"حب العالم ده بحاله ،خليك على كده خليك".
"حرمت عليا النوم، شيلت لقلبي هموم".
"وانت ولا حتى في بالك ،طولت عليا اللوم".

يقولون أن الحب يجعل صاحبه يـصاب بـ الجنون ،وهو لم يـعرف معنى الجنون سوا معها ،لم يعرف معنى أن يضع الأنسان مشاعره كُلها في شئ واحد ولا يَشعر أنها تُقدر سوا عِندما وجدها ،لم يتبخر عَقله من رأسه سوا عِندما وَقع قلبه في صِراع حَبها، لم تترك به عقل يُفكر ،تبخرت أخر ذرات صَبره ،ونفر الأمل منه ،وجزع قلبه من أمر ذلك اللقاء الذي لا يود الإقتراب هو أحبها كما لم يحَب أحد من قبل ،لقد حارب العالم لأجلها ،وعبر الأنهار ،وسار بشراعه المُحطم بين أفواج الموج، لأجلها انبت من التُربه المالحه وروداً تليق بها ،وروداً تليق بريحانته العنيده ،المتمرده، المُشتته التي تخلق بينه وبينها حرباً لا يوجد بها هُدنة سلام.
بينه وبين قلبها صِراعات لن تزول.
هيا إمرأه خُلقت لتجعل من السلام حرباً.
فـ تقتل قَلبه بِرصاصتها وبنادقها.

فـ أصبح هو الآخر مُشتتاً بين هل تُحبه وتريده حقاً أم أنها لا ترغب به!.
هل تُحبه مثلما يحبها أم أن قلبها مازال يرفض أن يخضع له!.
أمازال قَلبها هَزيل حتى في حُبها له!.
"ريـحان" إمرأة خُلقت كـ فصول العام الاربعه تتقلب ولا يستطيع هو التأقلم مع أحدهم ،تُشبه الصيف في حرارته ،والشتاء فى برودته ،وهو لا يستطيع أن يضع يداً هنا وقدماً هنا ،نصف يفهمها ويفهم ما تريده ،ونصف يجهلها ويجهل من تكون تلك الشعله الملتهبه التي تجذبك صوبها وما أن تقترب للمسها حتى تحترق.
مِثلما احترق هو جيداً في حبها وأصبح قلبه كجذع الشجره التي تلتهمه النيران ببطء.
لا تحرقه كاملاً ،ولا تسرع في تأكلها له سريعاً.

لا يعلم لماذا يجب أن يكون الحَب دائماً مليئ بالصراعات!.
لما لا يكون حباً هادئ لا يشوبه شائبه!.
لـما يجب أن تحارب الحياه دائماً من يحب؟.

وضع رأسه بين راحتي كفه وهو يطلق زفير حاد وها هو يلاحظ تأخيرها المعهود عن الموعد المقام بينهم هكذا هيا ،عشوائيه، غجريه، متمرده، لا تلتزم بشئ ترا العالم من ناحيه وهو يراه من منظور آخر الإختلافات بينهم كثيره وكبيره وبالرغم من ذلك تقلبها.
تقبل عشوائيتها في الحديث عن أشياء كثيرة لا يفهمها.
غجريتها في إختيار حياتها ومن يكن بها ومن يخرج.
ولكنه لم يستطع التأقلم على تمردها والذي يتمرد على حبه!.

ما تفعله به يَقتله وهيا لا تشعر!.
ريــحـان وجدت في حياته لـ عذابه لا غير.
هيا تُشبه كثيراً الشوك لا الريحان ،قاسيه مثله، لا تضم بل تجرح ،لا يقترب مِنها أحد حتى تجرحه.
ولكنه هُنا حتى لو جُرح، ودمى، قَلبه لا يريد سواها.
لا يريد سوا ريــحان .
ريــحان التي تبخل بـحبها عليه.

نظرا مَره أخرى إلى ساعة معصمه وقد أشارت الساعه إلى الثانيه والنصف ظهراً وقد كان موعدهم الثانيه ظهراً بالدقيقه ولكن أتكون ريــحان إن وصلت في موعدها المحدد؟.
هيا إمرأه خُلقت لتتمرد على اجمع قوانين الحياه.
الوقت.
المكان.
والحب.
هيا إمرأه خُلقت من الصراعات.







لا يقصد فيما عنته مشاعره أن ريـحان لا تحبه!.
بل هيا تعشقه فوق عشقه لها عشقين ولكنه يشعر أن ذاك لا يكفيه.
يريدها أن لا تهتم لأحد سواه ،أن لا ترا عينيها احد غيره.
ريحان تحبه كثيراً وتتحمل الكثير والعديد لأجله ولكن ذاك لا يكفيه.
هو يريدها أن تحبه أكثر!.
تحبه وحده ولا يشاطر قلبها شخص غيره.

أخيراً اهتز جرس باب المقهى مُعلناً عن وصول غجريته، ومُعذبة قلبه ،ودامية فؤاده، رفع عينيه ينظر إلى أثرها الدالف وكالعادة نجحت بإبتسامتها الهادئه ولمعة عينيها، ووجهها البشوش، في بَعثرت اجمع الغضب الذي خلق داخله ،هيا قادره على سَلب لُباب قلبه بحركه واحده فقط ،تأمل ثوبها الوردي المليئ بالورود البيضاء العديد وقد كانت هي الورده الاجمل بينهم لا شك.

إقتربت "ريـحان" في خِطى سريعه صوب "يـعقوب" الذي كان يستعد كالعاده في نهره لها ولكنها اقتربت مباغته له بَقبله شقيه على إحدى وجنتيه جعلت إبتسامه خافته تخلق على شفتيه ،والوعيد الذي توعد لها به قام بدفنه بداخله كـكل مره تنجح هيا بها في جعله يسقط في حُبها أكثر.

راقبها وهيا تلتفت وتجلس قُبالته ترجع أغصان خصلاتها البنيه القصيره إلى الخلف لتهتف بإبتسامه عذبه واعتذار صادق:

_معلش يا يعقوب اتأخرت عليك بس شمس كان عندها معاد مع الدكتور انهارده ومقدرتش أسيبها.

عبست ملامحه وامتلئت عينيه بمشاعر العتاب وهتف:

_أمال لو مكنتش مأكد عليكي يا ريحان!. 
انتي هتفضلي على طول كده حاطه شمس اهم حاجه في حياتك!.

كانت نبرته غاضبه ومعاتبه لتنظر له "ريـحان" وهيا تدرك أنها تُهمل في حَقه كثيراً، تنشغل في مئة ألف شئ بعيداً عنه ،لا تعطيه اهميه كبيره وتعلم أن ذلك ذو تأثير سئ عليه ولكن ماذا تفعل!.
لا تستطيع أن توازن بين حياتها الشخصيه وهو وشمس!.
تشعر أن الحمل ثقيل عليها فـتخشى أن تسقط من بين يديها إحدى الـأكفف التي تحاول موازنتها.
ويـعقوب لا يفهم ذلك ، كَل ما يريده مِنها أن تصغي له ليل نهار.
ولا يدرك أنها لا تحتاج إلى حديثه إليها طيلة ساعات الليل وهو يقص عليها التجهيزات الجديده في بيتهم الجديد!.
ومشاكل عمله ،وطبيعة الحياه القاسيه معه.
نعم هيا تُحب أن يشاركها كَل تفاصيله ولكن لا أن يهملها هيا نفسها!.
مِثلما تستمع له تريده أن يستمع لها ولكنه يرا دائما أن مشاكلها محض تراهات لا تكاد ترا من الأصل!.
يرا حديثها تافه فيتجاهله!.
هيا تريد رجل يفهمها!.
يحتضنها!.
لا تريد حديثاً بلا نفع، وغزل بلا فائده، تريد منه أن يشعر بها ويفهمها!.

تريده أن يسمعها ،تريده أن يستمع إلى تلك الصراعات التي تُقام بداخلها كل يوم ،تريده أن يشاركها ذلك الحَمل الثقيل الذي لا تشعره أنها تقدر عليه، فـ بالرغم من قربه منها الشديد الأن إلا أنه ابعد ما يكون عنها!.
يعقوب يراها دائماً مذنبه، يراها لا تحبه، يراها دائماً من المنظور السلبي ،ولا يرا ما تخوضه ،لا يرا روحها المُقسمه ،وهو حتى لا يكلف روحه أن يستمع إليها!.
ما أن ينتهي من قص مغامرات يومه العظيم حتى يتثائب سريعاً وينم ولا يستمع فتصمت ولا تتحدث وتتحامل ولكنه لا يرا ذلك!.

اخذت نفساً طويلاً وقامت بـمد كف يدها ممسكه بكف يده وهاتفه بحنو تحاول تَجنب ما هو قادم:

_ما انت عارف يا يعقوب شمس ملهاش حد غيري!.

صرخ بها وقد طفح به الكيل من كل تلك الإهتمامات التي توليها لـشمس ،لا تستطيع الخروج معه لأن شمس مريضه، لا تستطيع مقابلته لأن شمس لديها مِعاد لدى الطبيب، هيا دائماً مع شـمس ولا تهتم به!، نفض كف يده من بين كفي يدها وهتف بنبره عاليه وغضب:

_شمس شمس شمس!.
كل حاجه شمس انا حاسس اني لما اتجوزك هتجوز شمس كمان معاكي! ،ياريتك بتهتمي بيا شويه زي ما بتهتمي بشمس ،حافظه مواعيد علاجها، كل شويه ترني تطمني عليها، تفكريها بالحاجات اللي وراها، انتي متعرفيش عني نص اللي تعرفيه عن شمس ،انا كل عقدتي في الحياه دي بسبب شمس ،آجلت الجواز اكتر من تلات مرات وده لمجرد إنك رافضه تسيبي شمس انا مالي انا ومالي شمس ومالي استحمل إنها واحده عاميه!.

حاولت تهدئة ذاتها أن لا تنفجر به وتنهره عن حديثه بتلك الطريقه الفجه عن صديقتها، واختها، ورفيقة دربها، كل ما بقي لها في ذلك العالم ،هيا تُحارب لأجلها ،هو لا يستطيع فهم معنى أن تكن صديقتها عاجزه وهيا عينيها التي ترا بها!
هو يرى ،يبصر، يسمع ،يتكلم، لا ينقصه شئ بينما شـمس التي يغار منها تفقد اغلى ما يمكن أن يملكه إنسان!.
حديثه بتلك الطريقه عن شَـمـس جعلها تُغلق عينيها وهيا تحاول الصبر وعدم الصراخ في وجهه ووضع حد لذلك الشجار الذي يحدث بـ كل مره يلتقيا بها سوياً:

_يـعقوب انا عارفه إني مقصره في حقك لكن مش معنى كده إنك تغلط في شمس ،شمس في كفه وانت في كفه تانيه خالص وانتوا الاتنين كل حياتي فـ بلاش الأسلوب بتاعك ده عشان منتخانقش!.






شــمــس.
لعنه أصابت حياته تُدعى بـ شـمس ،لا يعلم ما يشعر به ناحيتها ولكنه لا يَحبها، يشعر بالضيق لأنها تستطيع سرقت ريـحان مِنه طيلت الوقت ،رؤيتها أكثر منه، بقائها معها طيلة الساعات ،هو يشعر بالغضب كونها تملك ما لا يستطيع هو أن يملكه وهو ريــحـان.

ضَرب بقبضته القويه فوق الطاوله مما أدى إلى إنتفاض بدنها وإنتباه جميع من حولهم لهم ليهتف "يعقوب" وقد تملك الغضب منه قائلاً:

_وانا كفتي طبت يا ريحان ،كفتي انتي بتسقطيها يوم عن يوم ،انا مش مجبر استحمل كل الضغوطات اللي انتي حطاني فيها دي انا حاسس إني بجري في سباق لوحدي وانت واقفه تتفرجي عليا وبس! ،حتى شقتك اللي انتي هتقعدي فيها مخلياني انا اختار كل حاجه فيها عشان سعادتك مش لاقيه وقت تنزلي تشوفي اللي انتي عاوزاه ،انا بيني وبين الوصول ليكي شمس ،انا كرهت شمس بسببك ياريتها كانت راحت في الحادثه دي واستريحنا!.

_يـــعــقــــوب!!!!!.

خرجت منها صرخه قويه وهيا تضرب بكلتا كفيها فوق الطاوله بغضب يُناهز غضبه وقد اعمى الشرار عينيها ،غضب هو لأول مره يراه منها ،لطالما كانت هادئه تمرر كل شئ مرور الكِرام ولكن تلك المره ها هيا تشبه القُنبله التي على وشك الإنفجار، إبتلع باقي كلماته وهو يلمح ذلك التحول الظاهر على محيا وجهها وعينيها التي اصبحتا باللون العسلي القاتم ،ريـحان تُشبه الزوبعه حينما يمس الأمر شـمس.

نهضت "ريحان" في غضب وهيا لا تستطيع الصمود أكثر من ذلك أمامه فلو بقيت لقتلته، وفتكت به وجعلته يستمع جيداً لما ينطق فمه من حديث لاذع اشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بصوت غاضب وتحذير قوي يدل على أن حديثه تلك المره لن يمر ولن تدعه هيا يمر:

_شمس خط احمر يا يعقوب مش معنى إني بحبك إني اسمحلك ابدا تغلط في اختي ،اللي بتتكلم عنها بالطريقه دي عاشت معايا اللي انت عمرك ما عشته ،على الأقل بتحس بيا من قبل ما اتكلم، سمعت همي وخففت منه وشاركتني حزني ووجعي حاجات انت عمرك ما عملتها ولا فكرت إنك تعملها المهم عندك إني أكون متواجده






 اربعه وعشرين ساعه اسمعك، يومي ميكونش فيه حاجه غيرك ،وده مش حب دي أنانيه انا مش مخلوقه عشانك وبس ،شمس اختي يا يعقوب ولو اتحتم عليا اختار بينك وبينها هختارها هيا ومش هتردد لحظه واحده في ده ،انا لو في إيدي اديها عيني تشوف بيها مش هستخسرها فيها أبدا بس هيا توافق ،شمس خسرت عينيها بس انا موجوده وعمري ما هسمح ابدا ان حاجه تكسرها وخليك فاكر الكلام ده كويس واعرف ان الكلام اللي انت قولته دي مش هيعدي بالساهل ابدا يا يــعــقوب!.

ختمت حديثها وهيا تخرج من حقيبتها رزمه من الأموال ثمن كوب القهوه الذي طلبه لها وتقم بوضعها بإهمال فوق الطاوله منطلقه كالزوبعه مخلفه خلفها وجهه المصدوم والباهت الذي لا يصدق ما حدث الآن وأنها على وشك خسارته فقط لأنه قام بهجاء شمس!.

ريـحان تخسره مقابل ألا شئ!.
انكس رأسه في غضب من ذاته لعلمه بمكانة شمس الغاليه بقلب حبيبته ولكنه لم يستطع تمالك نفسه ،وصرخ وهاج وماج وبالنهايه الخاسر هو!.
تباً لعقله ولذاعة جوفه وها هو لا يدري ما الذي عليه فعله الآن.

هرعت صوب سيارتها العتيقه مسرعه وهيا تحاول السيطره على دموعها من الهبوط ،هيا لا تستطيع تخيل حياتها دونه ،لا تستطيع تخيل أنها من الممكن أن تتركه، ولكنه أفرغ مخزون صبرها ،اي شئ قد تتحمله أي شيء ماعدا أن يمسه سوء هو وشمس ولكنه غـبـي لا يـفهم!.

منذ أن قابلته وتعرفت عليه في عملها في أحد الشركات الصغيره التي تعمل بها وهيا لا تهتم لأحد سواه ،ولكن بعد ما حدث من ثلاث سنوات من حادث لـشـمـس ولا يمر يوماً سوا وهما يتشاجران يعاتبها على إهمالها الذي لا تراه ،هيا تهتم به أكثر من روحها ،انها تزهق روحه لأجلها وهو لا يرا ما الذي تفعله أكثر هل تصبح جاريه له!.

النيران تلك المره تأكل روحها كامله وتحرقها ليس كـ جذع شجره بل كـغصن بان صَغير.

جزع القدر وهو يرا أن ما كتبه قلمه لا يسير كما يريد فوجد الحياه تقف أمامه تبتسم في إنتصار وهيا تلوح بيدها له بالنصر وكأنها تخبره أن جوله له وجوله لها ،بينما وقف الحب بين الأثنين ينظر في أثر هذان الحزينان وقد شعر بالضعف لكونه لا يستطيع التدخل الآن.

__________________________________________
وإن صَـوتك لـشئ گـاف لـينـير لـي عَـتـمـتي.

يجلس بلا هواده يتابع الماره ويَقع أسيراً بين صـراع قـلبه وعـقله فـ أحدهم يـريد شئ والأخر يـريد شئ اخر وهو لا يـعلم إيهما هو الصحيح ،يشعر بأنه كره تتلاقفها كفوفهم ،ولكنه يدرك جيداً أن ذاك الصـراع الذي بداخله لن ينتهي حتى يقم هو بإختيار أحد الطريقين وهما ،إما أن يسير خلف قلبه ويصعد إلى تلك النـداهه الكَفـيفه ويطمئن عليها بـحكم جيرتهم الجديده!.
يتأمل وجهها وجمال عينيها الهادئه ويهدأ من ذلك من صراع قلبه.
وأما أن يسير خلف عقله ويجلس وينتبه إلى عمله الذي سعى إليه ملياً ووضع به كل ما يملك من مال ويشرف عليه ويجعل قلبه يكف عن التفكير بها.
أصبح على يقين تام بأن تلك الفتاه هيا النـداهه بحق فـ هيا قد سرقت قلبه راكضه ،وعقله بلا إستئذان فـ لم تُبارح هيا أحلامه طيلة الليل وها هو الصباح ينقشع ويطَلع وما تزال تتراقص بداخل أفكاره.

تنهد في ضيق وهو يشعر بالتخبط بداخله ولا يعلم ما الذي عليه أن يفعله!.
تلك المشاعر جديده عليه بتاً فهو يوماً لم يُقابل إمرأه كانت قادره على سرقت قَلبه بتلك الطريقه ابداً.
لقد دفن روحه وسط كومات الاخشاب والنجاره والنشاره!.






لم يكن يوماً مدركاً بأنه لديه قلب قد يدق يوماً لأحدهم وعليه أن يعد العده لذلك اليوم!.
هو يشعر أن مثله كمثل الطفل الصغير الذي تفاجئ بأن لديه إمتحان مفاجئ وليس لديه سوا إختيارين إما النجاح أو السقوط وهو يشعر أن إي الطريقين الذي سوف يسلكه لن يكن سوا مُعدل لسقوطه .
سقوطه صريعاً في صِراع تلك النداهه الكفيفه.

_الشاي يا اسطا لـيل.

إنتبه إلى المصدر الصوت بعدما أزاح عينيه عن شُرفة منزلها مُجبراً والتي كانت تطل مباشره على ورشة عمله وقد كان لديه أمل أن تخرج فـ يراها ،أن يُبصر إبتسامتها، ولكنها تغيم، لا تشرق في السماء ،هيا شمساً تتوارى خلف الغيوم تخشى الظهور، شعاع طفيف لا يغني شئ ولكنه بحاجه ماسه إليه، بحاجه ماسه إلى ذلك الشعاع الخافت البسيط.
ماذا داها قلبه هو لا يعلم ولكنه ينبض بشده، ينبض كما لم يكن ينبض من قبل.

إلتفت "لـيل" صوب ذلك الفتى ذو ملامح الشباب الذي وضع له كوب الشاي وكان على وشك الإنصراف ولكنه أوقفه منادياً له فتوقف الفتى ذو الخمس عشر عام ناظراً له إلى رب عمله الجديد بتعجب وقائلاً :

_تأمر بحاجه تانيه يا اسطا ليل؟.

تحمحم ليل بحرج وهيا لا يعلم كيف يبدأ في ذلك ولكنه هتف وهو يعيد النظر إلى شرفة منزلها بهدوء:

_تعرف الانسه اللي ساكنه في الشقه دي؟.

ضيق "مسعد" حاجبيه وهو يتلفت ناظراً إلى مقصد "لـيل" ليبتسم سريعاً وهو يهتف بعفويه:

_وهو حد ميعرفش الست شمس يا اسطا ليل دي خيرها على المنطقه دي كلها.

تبسم وهو لا يعلم لِماذا ولكن قلب تلك الفتاه الطيب يبهره بل هيا كامله تجعله يشعر بأنها گمعجزه لا تتكرر مرتان في الحياه ليهتف بفضول وهو يحاول إشباع قلبه بالعديد من المعلومات عنها:

_هو إيه اللي حصل ليها قصدي بصرها راح إزاي!.

تنهد "مسعد" في آسى وهو يهز رأسه بحزن شديد متذكراً ما قد مضى:

_الست شمس عمر الدنيا ما ضحكت في وشها يا اسطا ليل ،اهلها سابوها زمان قدام باب ملجئ واتربت من غير أم ولا أب هيا والست ريحان ، هما الاتنين روحهم في روح بعض حتى بعد ما طلعوا من الملجئ كل واحده جريت ورا حلمها واتعلموا ودخلوا كليات وفضلوا جنب بعض، وجودهم من غير عيله مأثرش فيهم، هما كانوا عيله لبعض ،الست شمس حبت واحد زميلها في الجامعه وعملوا خطوبه على الضيق بس بيني وبينك الست ريحان كانت رافضه الموضوع ده وكأنها كانت حاسه ان في حاجه هتحصل وبعدها بشهر بالظبط لقيناها عملت حادثه بالعربيه وضربت الخطوبه اللي كانت بينها وبين الواد إياه ومن يومها وهيا على الحال ده ،الست ريحان الله يكرمها مسابتهاش عرضتها على دكاتره كتير لكن كلهم قالوا إن فرصه إنها تشوف تاني ضعيفه وبقى الحال زي ما الكل شايف ،الست شمس والست ريحان مفيش في طيبة قلبهم عشان كده تلاقي أهل الحاره كلهم شايلينهم في عنيهم ومش مخلينهم محتاجين حاجه خالص ،خيرهم مغرق الكل واللي في ايدهم لغيرهم مش ليهم ،كل أهالي الحاره بيدعو للست شمس إنها تشوف تاني اصلك متعرفش هيا طيبه ازاي!.






صمت وقد شعر بالحزن لما عاشته كل تلك الفتاه وحدها.
كم هيا قويه بالرغم من كَل ما خاضته من صِراعات ناحية الحياه إلا إنها لم تستلم.
عاشت بدون أب أو أم بل وكبرت وترعرعت في بيئه لا يعلم إن كانت قد ناسبتها ام لا!.
وأخيراً فقدت عينيها، اغلى ما يملكه بشر ،ولكنها لا تزال مبتسمه، ورده وان قُطفت من بُستان مازال رحيقها يفوح ويملئ الأرجاء.
لم يخطئ أحدهم حينما أطلق عليها أسم شـمـس فها هو يراها قويه مثلها، لا تمنعها ظواهر الكون من الإشراق ،هيا شمس الصِراعات.
ونـداهه رقيقة القلب سرقت قلبه أيضاً.

_بس أنت بتسأل ليه يا اسطا لـيل!.

هتف بها "مسعد" وهو يضيق حدقتيه الخضراء في شك وفضول توقفت رشفة الشاي في حلق "ليل" اثر ذلك السؤال المباغت له ولكنه التفت وهتف في غيظ :

_حرام اسأل يعني وبعدين أحنا جيران وطبيعي أسأل!.

_لا مؤخذه يا اسطا ليل مش قصدي اضايقك انا بسأل عادي.

_خلاص يلا روح شوف شغلك.

هرع الصبي من أمامه راكضاً ناحية عمله لـ ترتسم إبتسامه خافته فوق شفتيه وهو يطيل النظر إلى شرفة منزلها من جديد ،إستمع إلى صوت مُحركات سياره تُجاهد على البقاء والسير ليلتفت سريعاً صوبها وقد علم لمن تعود وكالعاده كانت سياره حمراء قديمه تُعاند الحياه وتسير بلا هواده توقفت السياره وترجلت مِنها "ريـحان" التي ما أن هبطت حتى حاولت أن تهدأ من وتيرة أنفاسها المرتفعه حتى لا تشعر شـمس بأن هناك خطباً ما بها.

تأملها قليلاً وعلم أن هناك شئ ما قد حدث قد عكر صفوها فـ نهض سائرا فظهرت قوامه الطويله واكتافه المتهدجه وبشرته القمحاويه التي عكست حين ملامسة الشمس له اقترب متحمحماً في هدوء جعل "ريحان" تنظر في أثره قبل أن تبتسم في خفوت:

_إزيك يا اسطا ليل!.

كانت عينيها حمراوتان ومنتفختان بشكل يدل على أن شئ كبير قد حدث رفع كف يده محكاً جانب أنفه في توتر وهتف في تسائل:

_الحمد لله إنتي كويسه!.

لم يكن يقصد بسؤاله السؤال عن صحتها بل هيا حقاً على ما يرام لاحظ كف يدها الذي يهتز محاولاً الثبات فشعر بالقلق أكثر هو يعلم ريـحان ،لقد كان هو أو شاهداً على قصة حبها هيا ويـعقوب وكان دوماً الوسيط بينهما حتى استطاعا الإجتماع فأستطاع هو وبكل سهوله الآن أن يعلم أن بها خطب هيا في حالتها العاديه تكن فواحه ،مليئه بالنشاط، ولكن الآن هيا ليست كذلك .

تنهدت "ريحان "وهيا تحاول التماسك:

_كويسه يا اسطا ليل متقلقش.

_إنتي قابلتي يعقوب انهارده!.

_مش عاوزه اسمع سيرته لو سمحت!.

كانت نبرتها غاضبه،حزينه،منكسره ،جعلته يعلم أن صديقه قد أخطئ في شيئ ما وقبل أن ينطق أو يتحدث إستمع كلاهما إلى صوت صراخ كاد يصم الاذن، وتقشر له الأبدان ،صوت صراخ كان كافي أن يجعل اعصاب كلاهما تنهار.

انتفض بدنهما وهما يعلمان من تكون صاحبة ذلك الصوت جيداً وهنا رأى كلاهما تجمهر الجميع حولهم وهم يصرخون في خوف وقد أخذت النساء تتوافد وتزيد من الطين بله رفع كلاهما بصرهما غاره فوجدا ما لم يكن في حسبانهما.

شـمـس تكاد تسقط من شرفة منزلها ولكنها تتمسك بقوه في تلك الاعمده الحديديه وهيا تصرخ بقوه أن ينقذها أحد ،صرخت ريحـان بخوف حتى تقطعت أحبالها وهيا تشعر بقلبها يهوا منها أرضا وقدميها تُشل ولا تستطيع أن تتحملها فخرت صريعه على الأرض بينما لم يكن هناك وقت أن يستوعب لـيل شئ فقد دفع الجمع الواقف أمام باب العماره الاسود وقد أخذ يصارع الدراجات في الصعود.

_ريـــحــان الـحقـيـني حد يـلحـقني!.

كانت خائفه حد الموت ينتفض قلبها بمئه الف صاعقه من الرعب ،تشعر بالعجز الشديد ،تشعر بأن تلك هيا نهايتها لا محال ،لا تدرك متى سقطت ومتى تعثرت ولكنها شعرت بروحها فجأه تتهاوى في الهواء ،نبح صوتها من كثرت الصراخ والبكاء ،وقد بدأت عينيها تكن كالغيوم الممطره، تتناثر دموعها فوق وجنتيها وينزف كف يديها الذان يتمسكان في ذلك الحديد القاسي بغلظه ترفضان ترك الحياه ،صرخت،وبكت، ولكن دون فائده .

ريـحان أين هيا!.
لما تركتها وذهبت!.
اجهشت في البكاء بقوه وقد شعرت أن تلك هيا النهايه لا حتم فأخذت تصرخ مجدداً بأن ينقذها احد، أن يتلافى أحد من بين يدي الموت.

وقف الموت يشاهد ما يحدث ينقض فوقه القدر صارخاً بوجهه أن يتراجع بينما الحياه تبتسم، تضحك ،تتغنى في سعاده ،والخوف يحاول فض الشجار بين كلاهما ولكن القدر كان غاضب ،هائج، لقد قام أحدهم بكسر سن قلمه فلم يستطع ملئ سطوره وقد كانت تلك الفعله من ألاعيب الحياه اللعينه.

_انتوا بتتفرجوا على إيــه حـد يطـلع ينقذها!.

جهرت صارخه شاعره بالعجز كونها لا تستطيع الوقوف وإنقاذ صديقتها التي تتلاعب قدميها في الهواء أسفل ناظريها ضربت فوق قدميها بألم وهيا لا تستطيع الوقوف فوقهم فأتاها صوت "مسعد "الذي اقترب منها سريعاً محاول مساعدتها على الوقوف:






_الاسطا ليل بيحاول يكسر الباب عشان يدخل ليها إهدي يا ست ريحان!.

كان كالثور الهائج يحاول تحطيم ذلك الباب الخشبي المتين ساعده أحد الجيران الذين صعدوا خلفه مسرعين على كسره حتى طار إلى الداخل مسافة خمس عشر سنتي متر ساقطاً أرضاً ،ليأخذ نفساً قويا يهدأ به هوادج قلبه المنفعله قبل أن يركض إلى داخل المنزل يحاول العثور على تلك الشرفة اللعينه.
تلك الشرفه التي تحاول إطفاء شمسه.

وقفت "ريحان" أسفل الشرفه تماماً بمساندة "مسعد" الذي كانت الدموع تملئ عينيه في خوف كبير لتجاهر بصوت عال تحاول تهدأت "شمـس" التي لم تكف عن الصراخ:

_شــمــس اهدي يا حبيبتي اهدي امسكي في الحديد جامد وانتي مش هتقعي!.

انتشالها صوت تلك الخائفه، المهزوز، الذي لا تصدق حديثها ،لتصرخ باكيه بعنف:

_انا خايفه اوي يا ريــحان خايفه اقع!.

اختنق صوتها بالبكاء لتهتف محاوله التماسك لأجلها:

_متخافيش يا شمس متخافيش انا هنا حتى لو وقعتي همسكك متخافيش امسكي بس في الحديد جامد ليل هينقذك.

لم تكد تكمل حديثها حتى وجدت لـيـل يقتحم الشرفة كـ الإعصار ينحني بجذعه القوي من فوق السور المنخفض قليلا يحاول الوصول إلى كف شـمـس التي إصابتها حالة إنهيار وهيا لا تستمع إلى صوت صراخ الجميع من حولها ،ولا صوت ريحان الذي يصرخ في ليل ويزيد من توتره لإنقاذ اختها سريعاً.

_شــمس شــمس انت سمعاني!.

خرج صوته مرتعباً عليها وهو يجدها تحيد بأنظارها في الهواء بلا سبيل وقد شعرت هيا أن الظلام بات يسيطر عليها رفع نفسه أكثر يحاول الإمساك بكف يدها ليهتف بصوت هادئ يحاول إنتشالها من دائرة الظلام التي سقطت بها:

_شمس عشان خاطري اسمعيني انا هنا هنقذك، متسيبيش نفسك للضلمه عشان خاطري ،انا مش هسيبك بس حاولي معايا عشان اعرف اشدك.

_انا خايفه!.

خرج صوتها مهزوزاً، مكسوراً ،ليبتسم في رفق وهو يمد كلتا ذراعيه صوبها ويهتف وهو يقم بلف قدميه حول اعمدة الحديد والتشبث بها بقوه هاتفاً بعزم وإصرار على أن لا يتركها:

_متخافيش يا شمس مدي بس كف إيدك وأمسكي في دراعي وانا هشدك على طول ،مش هسيبك تقعي ابدا متخافيش!.

كان وعداً حراً بأن لا يتركها أبداً وهنا رفعت هيا رأسها صوب وجهه سريعاً فشعر أنها تراه ،شعر أنها تناظر وجهه، ولكن عدم إنعكاس صورته في عينيها جعله يدرك أنه يتوهم خرج صوت "شمـس" مرتعباً هاتفه:

_لو سيبت ايدي من الحديد هقع ريحان قالتلي امسك في الحديد!.

_انا دراعي امتن من الحديد مدي بس كف إيدك وانا هشدك بسرعه ،عشان خاطري يا شمس مدي بس كف إيدك وأوعدك حتى لو وقعتي هقع وراكي وهمسكك.

وعود كثيره يقطعها على نفسه ولكنه يشعر أنه فعلا لن يتركها وإن سقطت سوف يسقط خلفها نبرته لا تكذب ،لقد أنقذها مره حينما كانت غارقه في الظلام وها هو يحاول مجدداً أن يقم بإنقاذها لما لا تثق به!.
لما لا تأمنه على حياتها وها هو يحاول أن ينقذ حياتها!.
اخذت نفساً عميقاً وهيا تقم بالتمسك بكف يدها الأيسر بسور الحديد بشده ومد كف يدها الأيمن إلى الأعلى صوبه بخوف وقد أصبحت حياتها معلقه على كف واحد فقط.

انحنى بجذعه أكثر فأكثر حتى وصل صوب ذراعها وقام بالإمساك به وإنتشالها سريعاً فشهق الجميع وهم يرون بدن شمس يرتفع سريعاً بين ذراعي لـيـل ويسقطا كلاهما فوق أرضية شرفة المنزل الغبيه.

سمحت لروحها بأن تنهار فجلست أرضا تشهق في البكاء ولا تصدق انها عاشت تلك اللحظه!.
لا تصدق بأن اختها قد كانت لتضيع منها سريعاً في هباء الرياح!.
جلدت روحها بكرباك الندم أنها تركتها وحدها وذهبت.
ليذهب قلبها، ليذهب حبها، ليذهب يعقوب ،ولكن لا تذهب شمسها!.

احتضنها بقوه ،وتمسكت هيا به بعنف ،تمسكت به كما يتمسك الغريق بقشه للنجاه، تمسكت به وكأنه منقذها وأمانها الوحيد في وسط ظلمتها، وعتامة عينيها، تمسكت به بأمل أن يكن هو سبيلها الوحيد في الخروج من الظلام إلى ليله، ليله الهادئ الذي يحتضنها، ليلاً يضيئها.

علت صيحات الجيران في سعاده وفرحه وقد شهدوا جميعهم ذلك الإنقاذ المبهر ،شهدو جميعهم تمسك الليل بشمسه .

_إنتي كويسه!.






كانت تتوسط أحضانه كطفله صغيره تخشى الفقد ،بينما هو كان يشعر بأن روحه الذي فقدها وهو يصعد السُلم قد عادت إليه الأن ،إعتدل من أثر سقوطه يحاول النظر إليها والتأكد من سلامتها ليهتف مجدداً بحنو:

_شمس إنتي كويسه!.

هزه صغيره من رأسها جعلته يطمئن رفع كف يده ممسداً فوق خصلاتها المبعثره محاولا بث الأمان إلى داخلها :

_متخافيش خلاص انتي بقيتي في أمان!.

ازفرت أنفاسها في إرتياح وهيا تجاهد في تنظيم ضربات قلبها التي تدخل موسوعه غينيس كأسرع ضربات قلب في العالم ،بينما هو نظر حوله محاولا العثور على سبب سقوطها وهنا وجد تلك "العتبه" التي توجد كـ فاصل بين الشرفه وداخل المنزل ولابد من أن ذلك هو سبب تعثرها وسقوطها.

_شكرا يا ليل.

خرج صوتها مبحوحاً وهيا تبتعد عنه برتيبه بعدما اخذت ما يكفيها من الأمان إلى جواره تنهد "ليـل" مبستماً في رفق قبل أن يلمح كفي يديها المجروحان فتختفي إبتسامته في ألم لأجلها.

_شـــمــــس.

صرخت بإسمها في خوف وهيا تركض سريعاً صوبها لتمد "شمس" ذراعيها للأمام وهيا تحاول الوصول إليها لتجهش "ريحان" في البكاء وهيا تندفع صوبها تحتضنها بخوف شديد وهيا تطبع قِبل متفرقه فوق وجنتيها وتعتذر إليها كأنها هيا من دفعتها ودموعها تتساقط بلا توقف.

_إهدي يا ريحان انا كويسه!.

هتفت بها" شمس" وهيا تحاول تهدأت "ريحان" التي انهارت كل احصنها، وخسرت قواها، وباتت ضعيفه للغايه ،هيا إلى جانب ضعف شمس فهيا ضعيفه للغايه ،مسدت "شمس" بحنو فوق خصلات "ريحان" المبعثره وهيا تطبع قبله هادئه على رأسها:

_خلاص بقى بطلي عياط!.

_انا اسفه يا شمس، انا اسفه إني سيبتك ومشيت ومكنتش جنبك انا اسفه!.

ضحك وجه القدر أخيراً وهو يُطالع ما يحدث أمامه وقد تبخر الموت وانفر الخوف وبقيا هو والحياه والحب، ينظران، يتأملان، تعجبت الحياه كثيراً فهيا مهما تفعل، مهما تضع من ألاعيب ،مهما تضع من خطط ،هناك من ينتصر عليها ،هناك رابط يعيد تجميع ما تبعثره هيا ،ليس القدر ،وليس الحب، بل هو رابط غريب لا تستطيع وصفه!.

لقد تحالفت هيا والصراعات سوياً على ردع هاتان الفتاتان بعيداً عن بعض ولكنها يعودان دائما.
يتعانقان.
يضحكان.
ويبكيان سوياً.
وكأن الصراعات تزيدهم تشبثاً ببعضهم البعض لا تنفرهم.

نهض "لـيل" مقرراً المغادره وتاركاً لهم مِساحه كافيه دون أن يشعر أنه يقتحم حياتهم ،شعرت به وهو ينهض مقرراً المغادره فهتفت بلا تردد وكأنها تخشى رحيله:

_ليل!.






توقفت قدميه عن الخطى قدماً وهو يستمع إلى عذوبة اسمه وكيف تقم بتهجأت حروفه رفع كف يده وهو يضعه فوق موضع قلبه يحاول تهدأت ما يحدث بداخله من طبول ملتفتاً صوبها حيث يراها وهيا لا تراه:

_نعم.

_شكراً يا ليل إنك لتاني مره تنقذني.

ابتسمت في وجهه برقه وصفاء لم يقدر هو عليهما فخرج سريعاً يتعثر في خطاه وقد شعر أنه على وشك سقوط غريب، سقوط في صِراع حب تلك النداهه الكفيفه الحسناء صاحبة الكفان النازفان.

اكتفت ريحان من البكاء ونهضت مُسانده لـ شمس حتى دلفا إلى الداخل لتركض ريحان سريعاً إلى المطبخ محضره علبة الإسعافات الاوليه تقم بتضميد جروح يدي شمس وهيا تشعر بأنها وحدها المذنبه.

جلست إلى جوار شمس تمسك بكفيها وتقم بلف شاش بسيط فوقهما بعدما قامت بتطهيرهم وتعقيمهم وهيا تجاهد أن لا تبكي ،شعرت شمس بأن ريحان بها خطب ،لطالما سقطت، وتعثرت، وتألمت ،وجرحت، ولكن لم تكن ريحان هكذا تحمل روحها ذنب ما حدث رفعت كف يدها المضمد متحسسه وجه ريحان التي صدق حدسها بهبوط دموعها لتهتف بحنو وهيا تجفف دموعها:

_المفروض انا اللي اعيط مش انتي يا ريحان بتعيطي لي!.

_لو مكنتش سيبتك ومشيت مكنش زمان حصل كده!.

_انا اللي غلطانه طلعت جري زي الدبابه عشان انده عليكي من البلكونه زي كل يوم بس نسيت العتبه واتكعبلت فيها، متزعليش نفسك يا ريحانه انا كويسه اهو وزي القرد!.

بينما من الموجب عليها هيا أن تهدأها انقلبت الأدوار وشرعت هيا في تهدأتها أخذت نفساً عميقاً وهتفت في رفق:

_بعد كده متجريش هو انا هطفش منك يعني!.

ضحكت شمس في مرح وهيا تحاول أن تزيح ذاك التوتر الذي حدث نظرت ريحان صوب الباب المكسور والذي خُلع من مفاصله تماماً لتهتف بخبث ومكر وهيا تنظر صوبها:

_بس واضح أن الأسطا ليل بيعزك اووي يا بت يا شمس!.

ابتسمت وهيا تعيد على مسمعيها حديثه وهو يحاول طمئنتها وذاك الوعد الذي قطعه بغته دون أن يشعر"مش هسيبك تقعي ابدا متخافيش"أكان ذلك حديث عادي لكي يجعلها تأمن له!.
أم أنه قطع ذلك الوعد على درايه كبيره منه.
تبسمت وهيا تتذكر كيف تمسك بها حتى أنقذها ،لقد أصبح كـ ملاك حارس لها كُلما سقطت وجدته ،كلما تعثرت امسكها، كلما خافت ظهر لها، ليل يجتمع مع شمساً لا تضيئ ضارباً بقواعد الكون عرض الحائط.

راقبت إبتسامتها التي ظهرت على محياها فوق ذكرها لأسم ليـل لتنطلق منها ضحكه عاليه مهلهله بعبث:

_لا لا لا انا مش مطمنه الضحكه دي ابدا!.

انقشعت البسمه من فوق ثغرها لتهتف وهيا تلكزها في كفها بغيظ:






_بتلمحي لإيه يا بت انتي!.

_هيا بتبدأ بضحكه وهميه وغمزه وبعدين بتقلب لمزيكة حسب الله.

احمرت وجنتيها وصرخت في وجهها محاوله جعلها تصمت عن ذلك الحديث:

_اتلمي يا ريحان بدل ما اعمل من شعرك شعريه محمره.

ضحكت ريحان بقوه وهيا ترا معالم الخجل ترتسم فوق وجنتيها لتمد كف يدها قارصه وجنتيها وتهتف بمرح:

_يا روحي انا على الناس اللي بتتكسف!.

_اطولك بس يا ريحان وبصي هعملك بطاطس مقليه.

نهضت ريحان مبتعده عنها وهيا تهز خصرها بحركات عابثه وتقم بالغناء بمرح متناسيه كلتاهما ما قد حدث منذ قليل:

_يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا ون.....

_ريــحــان!.

صرخت بها بغيظ وهيا تقف وتحاول الركض خلفها بيننا تعالت ضحكات ريحان أكثر واكثر وهيا تدعو الله أن يكن ذلك الليل عوضاً لشمسها عن حياتها القاسيه وما خاضته بها من معارك.

ساعدت ريحــان شــمس على الدخول إلى غرفتها وخرجت لإعداد الطعام لـكِلتاهما وما أن خرجت حتى بدأت شــمس تتحسس الفِراش حتى وصلت إلى وسادتها القطنيه لتقم بمد كف يدها أسفلها وممسكه بمنديل قماشي لترتسم بسمه غزال شارده فوق ثغرها وهيا تتحسس تلك النقوش المطرزه فوقه وقلبها يتضارب بـمشاعر غريبه تشعر بها تطرق قلبها للمره الاولى.

تسلل الحب إلى قلوب كلاهما متلبثاً في ثوب مشاعر مختلفه فـ هل سينجح في جمع قلبيهما سوياً أم أن الصراعات.
والحياه .
والقدر .
لهما نصيب اخر!.

___________________________________________

أعطِيني يدِكي وإختاري أنتِي الطَريق .

جلس فوق مقعده الخشبي بإنهاك بعدما تلقى العديد من كلمات الشكر على ما فعله من موقف بطولي اثبت به جدارته رفع كف يده يقم بفرك جبينه بتعب متسائلاً.

هل الوصول إليها سوف يكون شاقاً هكذا؟.
إن احبها قلبه هل سيتحتم عليه محاربة كل تلك الصراعات التي بينه وبينها!.
هل سوف يفوز أم سوف يخسر!.
لما هيا صَعبة المنال هكذا!.

_انت كويس يا اسطا ليل!.

هتف بها "مسعد" مبدياً قلقه البالغ على رب عمله وقد شعر بأن به خطب ما ،ليس إجهاد لما فعله من مرحلة إنقاذ، بل هو خطب اخر ،تنهد "ليل" وهو ينظر صوب "مسعد "مردفاً بتنهيده حاره:

_حاسس بحاجه غريبه بتحصل جوايا يا مسعد!.

_يبقى بتحب يا اسطا!.







هتف بها "مسعد" بكل بساطه وكأنها كلمه عاديه تلك التي قالها تعجب من بساطة حديثه وهتف بسخريه وهو يضيق حاجبيه الكثيفان:

_يا راجل ومالك واثق اوي كده!.

_اصل مفيش حاجه في الدنيا دي قادره إنها تشقلب البني ادم غير الحب ،الحب الحاجه الوحيده الي بتخليك حاسس ان فيه حرب جواك ،مشاعر غريبه بتحسها فجأه ما هو اصل الحب مبيخبطش على باب حد ويقوله ادخل ولا لا ،هو بيدخل على طول ،من غير لا احم ولا دستور ،يلغبط،يشقلب كيانك، يخلي مزيكة حسب الله تشتغل جواك ،وطالما انت حاسس انك مش قادر تحدد إيه اللي بيحصل معاك يبقى بتحب وقلبك دق ،والحب مش هيسيبك غير لما يفوز.

نظر له ملياً وقد ارتاح قلبه لكلمات ذاك الصبي المراهق ليهتف وهو ينظر له بهدوء:

_وانت عارف الكلام ده كله منين يا مسعد!.

تبسم ثغر "مسعد" عابثاً في خصلات شعره البنيه:

_انا صغير أه يا اسطا بس الدنيا علمتني كتير ،انا اتولدت بين اب وام الحب تالتهم عشت وسطهم وعرفت يعني إيه حب ،يمكن تكون شايف إني صغير على الكلام ده بس الحب مبيعرفش لا صغير ولا كبير ،عجوز ولا شاب، هو الحب ملوش كبير ،شوفت من الدنيا دي كتير وعرفت يعني إيه حب ،مش بس اللي بين راجل وست لا ،اللي بين الاخوات وبين العيله وبين الصحاب ،الحب حلو يا





 اسطا ليل بس محتاج حد قده ،مش كل الاخوات هتلاقيهم بيحبوا بعض ،ولا كل الصحاب، عشان كده هما بيصعبوا الحب على نفسهم ،الست شمس والست ريحان عرفوني أن الاخوات مش من لحم ودم بس لا الاخوات سند ،ومهما الدنيا تعمل عشان تفرقهم هما مع بعض.

أعجبه حديثه وبهر به ،شاب صغير يمسك بكف يده ويقم بتعريفه على الحب ابتسم له ملتمساً الأمل من حديثه وحدث نفسه.
هل حقاً ما يشعر به بداخله هو الحب؟.
وإن كان حباً فلما يأتيه على هيئة صراع!.
أم أنه حب تحت صراع!.


                    الفصل الثالث من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close