رواية حب خلق بداية الفصل السابع7بقلم مروة محمد


رواية حب خلق بداية
 الفصل السابع7
بقلم مروة محمد





ضاع عمرها في لحظة وهي تستقبل تلك المكالمة، بالرغم أنها السبب في ظهورها مرة أخرى، لفظ الضرة أثار ضغينتها، ولكن هذا ليس مهمًا، المهم هو طريقة تحدثها، الفزع عند العودة، فهي وضحت أن لا شيء يهمها حتى أولادها لا تندم على تركهما، رغم أنه إذا عُكس الموقف بينهما لكانت ثريا فضلت أن تبقى في الخفاء طيلة عمرها، صوتها الشيطاني أشعر ثريا بالاشمئزاز، أعادها إلى ذكرى أليمة بعد الزواج الثاني لسراج، حيث كانت ولاء تهاتفها بنفس تلك النبرة، وتثير غيرتها أنها نجحت في أخذ سراج منها وتمكنت من الحمل بطفلين،وأن لو حدثت بينهما مقارنة سوف يختار سراج ولاء بمميزاتها أما ثريا لا تمتلك شيء، ضئيلة الحق في كل شيء.

اضطرت ثريا أن ترد عليها واستخدمت نبره تشعرها بالثقة وقالت:

- أهلًا أهلًا، وانتي تتنسي برضو؟ عاش من سمع صوتك.

ابتسمت ولاء بخبث قائلة:

- بس انتي كنتي نسيتي صوتي؟ هو دا بيتنسي برضو؟ دا أنا كنت عاملالك شغلانة بصوتي، بس يلا انتي ارتحتي منه 23 سنة.

تنهدت ثريا بارتياح قائلة:

- فعلًا حقيقة يا ولاء.

جزت ولاء على أسنانها قائلة:

- وبتقولي كدا ببساطة؟ طيب تحبي نرجع زي زمان وأسمعه ليكي كل يوم؟

ردت عليها ثريا بلا مبالاة قائلة:

- براحتك مش فارق معايا.

اغتاظت ولاء أكثر قائلة:

- ولا أنا، بس يكفيني إني اتصلت بيكي في اليوم دا بالتحديد.

عقدت ثريا ما بين حاجبيها بسخرية قائلة:

- اشمعنا؟ هو انتي كان عندك فرصة تتصلي قبل كدا وماتصلتيش غير بمزاجك؟

ردت عليها ولاء بانتصار قائلة:

- بقالي تسع شهور بفكر أتصل، بس قلت أتصل يوم عيد ميلاد أولادي أنا.

فهمت ما ترمي إليه فردت عليها بثقة قائلة:

- اختيار مناسب وانتي طيبة يا ولاء، هبلغهم التهنئة بتاعتك، ودلوقتي مضطرة أقفل عندي شغل، سلام يا لولي.

وبالفعل أغلقت الهاتف وأسرعت بالاتصال بأبنائها، ولكن دون جدوى، يبدو أنهم منشغلين عن الهواتف، وذلك بسبب صوت الأغاني بالحفل.

أثناء اتصالها أتاها اتصال من خطاب، لترد عليه دون تردد، فيجيبها بشماتة قائلًا:

- قُلتلك بلاش تزعليني يا ثريا.

فهمت ما يرمي إليه فاستخدمت تعالي ضحكتها بسخرية قائلة:

- هو انت فاكر إني خايفة من رجوعها؟ جرى إيه يا خطاب انت نسيت؟ دا أنا اللي جبتها بنفسي.

تضايق خطاب من ثباتها ورد قائلًا:

- غبية، وتفضلي طول عمرك غبية، دي هتوقع بينك وبينهم.

رفعت أكتافها بلا مبالاة قائلة:

- ولا يهمني، أنا واثقة في تربية إيدي.

أراد أن يرعبها فسألها قائلًا:

- حليم آه، طيب وميارا؟ مش خايفة زي ما ذكرى بتقول إن يطلع العرق دساس.

انتفضت ثريا بغيظ وردت بغضب قائلة:

- اخرص قطع لسانك، على فكرة انت من النهاردا مالكش شغل عندي، زياد هيمسك مكانك وهعامله زي ابني يا بتاع العرق دساس.

وأغلقت الهاتف في وجهه ليستشيط غضبًا بسبب تخليها عنه في العمل وبكل سهولة، متناسية أنه هو السبب في كل ذلك.

في الحفل أصر حليم أن ينتهز الفرصة المزاجية لقدري ويسأله عن شيء علمه من زياد، فقد قال زياد أن قدري كان يريد الاطمئنان من ناحية هاجر، هل هي ابنة ثريا أم ابنة ولاء؟ ناداه لانشغال هاجر مع صديقاتها، خرجا إلى الحديقة ليبتسم قدري قائلًا:

- أيوه خير يا حليم؟ فيه حاجة؟

رد عليه حليم بجمود قائلًا:

- أنا عايز أعرف ليه سألت زياد عن أم هاجر؟ هو فيه مشكلة لو ماكانتش طلعت بنت ماما ثريا؟ قول لي السبب وأنا هقدره.

واستطرد بتوجس قائلًا:

- ممكن يكون والدك دا كان شرطه.

ابتلع قدري ريقه وتوقف الكلام في حنجرته، لا يدري ماذا يقول، ولكن الصمت لا يُجدي بشيء، لا بد من الرد حتى لو كان الرد صدمة، رد بصعوبة قائلًا:

- هقولك، أنا ماينفعش أتجوز بنت ولاء لأن كدا يبقى هتجوز أختي.

جحظ حليم بعينيه وشعر بدوران الأرض من حوله، حتى أنه قد اختل القليل من توازنه لدرجة تلهف لها قدري، فسنده بيده لينظر إليه حليم مستفهمًا، فتدمع عيني قدري وهو يهز رأسه قائلًا:

- انت أخويا اللي بقالي خمس سنين بتطمن عليه من بعيد.

هز حليم رأسه معارضًا وقال:

- مستحيل!

أمسكه قدري من كتفيه يهزه بقوة قائلًا:

- تحب أحكيلك انت ازاي تكون أخويا؟

شهقات تعالت في صدر حليم قائلًا:

- ماما ثريا مش معقول تكون خبت عليَّ دي كمان؟ أنا ماليش غير أخ واحد وهو نور.

تنهد قدري قائلًا:

- طنط ثريا ماتعرفش حاجة، أعتقد إنها ضحكت عليهم وقالتلهم إن أبويا طلقها وهي سقطت فيَّ بعد كدا.

تعالت النيران في صدر حليم قائلًا:

- تعتقد! اللي هو ازاي يعني؟ مش دي أمك اللي احنا ماشفنهاش في حفلة خطوبتك على هاجر؟

وأمسكه من تلابيبه قائلًا:

- وبعدين تعالى هنا، هي اللي زقتك تخطب هاجر صح؟ أقسم بالله ماما ثريا لو تعرف لتنسفك انت وهي وأبوك.

رد قدري بضيق قائلًا:

- يا حليم أمي اللي ماجتش دي تبقى الست اللي ربتني.

واستطرد بحب قائلًا:

- ست زي طنط ثريا كدا، بس ست غلبانة قوي، أبويا بعد ما رجعنا من الخارج اتجوزها من البلد. 

أغمض حليم عينيه قائلًا:

- عارف اللي بتقوله دا معناه إيه؟ معناه إنك بتستغفلني برضو، بس انت عرفت منين إننا إخواتك؟ أنا عمري ما حكيت لحد عن الموضوع دا.

واستطرد يعقد ما بين حاجبيه قائلًا:

- وحتى استغربت إنك سألت زياد السؤال دا، بس آه أنا عرفت انت عرفت منين، علشان كدا خاف على نفسه وجري يقولي.

وتابع بسخرية مريرة:

- كنت مفكره خايف على ميارا وعلى سمعتها، طلع زبالة زي أبوه.

هز قدري رأسه بالنفي قائلًا:

- انت ظلمته، اللي قال كل دا أبوه، لما أبويا من أربع سنين لمح له إني أنا عايز واحدة من إخواتك، أنا طبعًا ماقولتش ساعتها أنا عايز مين بالظبط.

واستطرد يهز رأسه قائلًا:

- وبعدين كنت عارف إن زياد هيخطب واحدة منهم، أنا كتمت في قلبي لغاية ما جات الخطوبة وارتحت إنها مش هاجر، انت....

واستكمل وهو يوصف إحساسه بسعادة قائلًا:

- انت عارف إحساسي كان عامل ازاي؟ كنت طاير من السعادة وأنا مروح وبحكي لأبويا، بس ماكملتش علشان كدا كنت مُصر إن عم خطاب هو اللي يروح يطلبها. 

وتابع بتنهيدة قائلًا:

- لغاية ما زياد ريحني وقال لي إنها بنت طنط ثريا.

ابتسم حليم بسخرية قائلًا:

- وانت طبعًا ما صدقت.

هز قدري رأسه قائلًا:

- بيتهيألك، كان فيه لسه حمل على أكتافي، يا حليم الإحساس دا صعب قوي، أبقى شايف أخويا ومش قادر أحضنه، اوعي تفكر إن دا مكر ولا خبث مني.

ثم استطرد والدموع تترقرق في عينيه قائلًا:

- أنا حاولت بس ماقدرتش، كنت محبط في الشغل، علشان ماجبش هاجر ولا أشوفك وأشوف ميارا، كنت عايز أجيب هدية لميارا النهاردا وخوفت.

وأشار نحو نفسه بحسرة قائلًا:

- حليم أنا زيي زيك ضحية، أوعى تحسبني جاني، واحضني؟

ابتسم حليم بدموع قائلًا:

- تعالى.

احتضنه حليم بقوة وأخذ يشدد في أحضانه ليرفع قدري رأسه قائلًا:

- آه أنا صحيح أكبر منك، بس حاسس إني أصغر بكتير.

لكزه حليم في كتفيه قائلًا:

- يا أخويا اتنيل انت ونور، انت تقول إنك حاسس إني أكبر وهو نفس الكلام.

تعالت ضحكات قدري قائلًا:

- هايفين، والله فعلًا ماتتصورش أنا وأنا بخطب هاجر منك كان جوايا عامل ازاي، المهم مش عايز تتأكد من كلامي ولا واثق فيَّ؟

تنهد حليم قائلًا:

- جاي بعد اللي قلته دا كله عايزني أتأكد؟ أتأكد من إيه ولا من إيه بس؟ من ساعة بس كنت بقول لنور إني مش هفكر في حاجة تخص الموضوع دا تاني بعد كدا.

واستطرد يسرد له قائلًا:

- تعرف أنا عارف بالموضوع دا من سبع سنين، يعني من وأنا عمري 16 سنة عرفت إن ثريا مش أمي، بس خفت علشان ميارا طبعًا، ومسألتش مين الست اللي مكتوب باسمها .

استكمل بمرارة قائلًا:

- وحاولت وعملت البدع علشان ميارا ماتعرفش دا لغاية ما عرفت، وهو دا اللي خلاني من بعدها أفكر كتير، ولما فكرت تعبت أكتر.

ثم مط شفتيه قائلًا:

- سواء بقى علشان راجل تاني أو علشان الفلوس لحد ذاتها، أيًا كان السبب فهي سابتنا، وأنا كنت عايز أعرف أنا ابن سراج فعلًا ولا لأ.

واستطرد بحزن وقهرة قائلًا:

- وكانت أختي بتفكر نفس تفكيري، لأن أنا السبب، لو ماكنش بان عليَّ الزعل والتفكير ماكنش دا كله حصل، بس خلاص أنا أخدت قرار النهاردا.

ثم وجه نظره إليه بحزم قائلًا:

- بفكر في إخواتي وبس، ودلوقتي بفكر فيك انت كمان، وأنا واثق إنك بتقول الحقيقة، ومش حابب أتأكد من حاجة، أنا مصدقك.

ابتسم قدري بحب قائلًا:

- وأنا مبسوط إنك مصدقني، ويا رب أفضل جمبك طول عمري، قول لي بقى هنقول لهم؟

هز حليم رأسه بالإيجاب قائلًا:

- أكيد، ويا ريت قبل كتب كتابك، أينعم أنا هدخل في صراعات معاهم، بس الحقيقة لما بتتأخر بيبقى صعب تتقال بعد كدا.

تنهد قدري قائلًا:

- وأنا تحت أمرك، انت لو حابب إن أنا اللي أحكي مفيش مانع، بس بلاش النهاردا.

لمع برأس حليم فكرة فسأله قائلًا:

- انت جبت هدية لميارا صح؟

هز قدري رأسه بحزن قائلًًا:

-لا خُفت.

أخرج حليم من جيبه سوار منقوش عليه حرفmثم مده لقدري قائلًا:

- شايف دي.

جحظ قدري بعينيه قائلًا:

- آه حلوة قوي، بس دي هديتك!

ابتسم حليم بمحبه قائلًا:

- انت أخويا وكنت ناوي تجيبلها، فبلاش تحرم نفسك من اللحظة دي.

توتر قدري قائلًا:

- بس افرض رفضتها؟ منظري هيبقى وحش، غير إن نور ممكن يتضايق وزياد كمان، وهاجر أكيد هتستغرب؟

ابتسم حليم قائلًا:

- انت تتقدم بالهدية وأنا عليَّ الباقي، بس مش  هنقول حاجة دلوقتي طبعًا، لازم ماما ثريا تعرف الوضع الأول، وهي اللي هتظبط الدنيا.

واستطرد يرفع يده بمرح قائلًا:

- وانت ما عليك غير تستنى، بس قدم الهدية دي لأنها شافتها وكانت عايزة تشتريها.

هز قدري رأسه بانصياع قائلًا:

- ماشي، يلا بقى ندخل نكمل الحفلة بدل ما ياخدوا بالهم.

دلفوا إلى الحفل وقام قدري بتقديم هديته إلى هاجر والتي سعدت بها جدًا، ولكن عقدت ما بين حاجبيها عندما فتح علبة أخرى وتقدم من ميارا قائلًا:

- ماينفعش أجيب هدية لهاجر وانتي عيد ميلادك في نفس اليوم وما أجبش ليكي.

شهقت ميارا بسعادة قائلة:

- إيه دا؟ دا ليَّ أنا؟ عرفت منين يا قدري إني نفسي أجيبها؟

توتر قدري ونظر إلى الحضور الذين وقع عليهم الاستغراب والدهشة، ليتقدم حليم قائلًا بالنيابة عنه:

- قدري كان محتار يجبلك إيه، وأنا عرفته إنك نفسك فيها.

تضايقت هاجر وهتفت في نفسها قائلة:

- ومش محتار في هديتي.

ليلتفت إليها قدري كأنه سمعها، فيبتسم بقلق خوفًا من أن تفهم خطأ، يبتلع ريقه قائلًا:

- إيه رأيك في هديتي يا هاجر؟ مش دي اللي كان نفسك تكون في الشبكة، ومارضيتيش تاخديها علشان أنا ماكنش معايا فلوس تكفي؟

تعجبت هاجر لما قاله، كيف له أن يقرأ ما بداخلها، لتبتسم قائلة:

- جميلة يا قدري، وتعيش وتجيب.

كل ذلك تحت أنظار زياد ونور، وهما غير متقلبين هذا الوضع.

سطعت شمس يوم جديد، استيقظ كلًا من حليم وقدري على صوت رسالة مضمونها:

"لو عايز تشوف أمك، تعالى على العنوان دا"

انتفض كلًا منهما ولم يخبر أحدهما الآخر برسالته، وصل حليم إلى المكان في البداية ليجد امرأة تنتظره، ولم تمهل حليم لحظة حتى يتحقق منها، بل ذهبت نحوه واحتضنته بقوة، شعر أنها تكسر عظامه، كانت مشاعره باردة حد الجمود، يريد إزالتها غير قادر على رفع يده، يحاول أن يبعدها بيده لتخرج من أحضانه قائلة:

- وحشتني قوي يا حليم، حقيقي اللي خلف ما ماتش، انت نسخة من سراج -الله يرحمه- وبجد طلعت أحلى من الصور اللي في المجلات.

ثم تلفتت حولها قائلة:

- إيه يا حبيبي؟ ماجبتش ميارا معاك ليه؟

ابتسم حليم بسخرية قائلًا:

- دا بقى اللي وصلك لينا؟ حتة صورة في مجلة مكتوب عليها أسامينا! طيب وقدري اللي قلتي إنه مات في بطنك مش نفسك تشوفيه زينا؟

واستطرد يرفع يده يتفاخر به قائلًا:

- وهو دلوقتي بقى دكتور.

ابتسمت ولاء وهزت رأسها بالإيجاب قائلة:

- لا قدري ما متش في بطني ولا حاجة، دا أبوك الله يرحمه اضطر يقول كدا لأمك علشان ترضى إني أتجوزه، فيه حاجات كتير عن الماضي ما انت تعرفش حاجة عنها.

واستطردت بخبث قائلة:

- وأنا رجعت علشان أعرفها ليك، زي ما رجعت علشان أعرف قدري أبوه عمل فيَّ إيه، وأنا اتظلمت قد إيه.

رفع حليم حاجبيه باندهاش مصطنع قائلًا:

- الست ولاء اتظلمت! مش ممكن.

ابتسمت ولاء بخبث قائلة:

- هو إيه اللي مش ممكن؟ مش مصدقين كلكم؟ أنا هثبتلك انت وميارا.

ابتسم بسخرية قائلًا:

- ميارا! هي ميارا أصلًا عايزة تعرفك؟

اغتاظت من رده، ولكنها تماسكت قائلة:

- ميارا لما تعرف كل حاجة عن حماها العزيز وابنه هتبقى عايزة تعرفني، وهتسيبكم وتسافر معايا كمان.

وتابعت بغل قائلة:

- ومفيش قوة هتقدر تمنعها.

نظر إليها باستهزاء قائلًا:

- انتي جايبة الثقة دي كلها منين؟

تنهدت براحه قائلة:

- أنا كنت ساكتة، وقلت ثريا هتاخد بالها منكم، بس ألاقيها بعد السنين دي كلها تروح تجوز بنتي لابن الراجل اللي اتحرش بيَّ، لااا، كله إلا كدا.

واستكملت بخبث قائلة:

- لا وكمان كان عينه من ثريا، ويمكن -الله أعلم- تكون عملت كدا  علشان تفضل قريبة منه ويخلصوا من ذكرى، و يجرحوا قلب بنتي.

وتابعت بغل قائلة:





- إيه رأيك؟ لسه مُصر تبقى في صفها بعد اللي عرفته؟

أغمض حليم عينيه بقوة وكور يده وتمالك نفسه من الغضب قائلًا:

- عارفة لولا إنك واحدة ست كنت ضربتك، اوعي تفكري إنك علشان أمي في البطاقة مارضتش أضربك، لاااا، المشكلة إنك واحدة ست ليس إلا.

واستطرد باشمئزاز:

- أنا عمري ما خسرت في حياتي إلا انتي، الخسارة  الحقيقية إن اسمي مربوط باسمك.

رفعت رأسها بكبرياء قائلة:

- لا دي مش خسارة دا مكسب، انت مفكر إني سيبتكم بمزاجي؟ لا، دا كان شرط ثريا قبل ما أتجوز أبوك، بس كنت عارفة إني هرجع إن شاء الله وهرجعكم ليَّ.

واستطردت بحقد قائلة:

- ومتأكدة إنكم مصدقين، بس اللي انت فيه دا مكابرة مش أكتر، ربنا يهديك يا حبيبي.

وتابعت بخبث مردفة:

- اسأل خطاب، هو الوحيد اللي هيخليك تصدقني.

أغمض حليم عينيه مرة أخرى وجز على أسنانه قائلًا:

- انتي اللي زيك يعرف ربنا؟ لو بتحبينا زي ما بتقولي ارجعي من مكان ما جيتي.

ابتسمت ولاء باستفزاز خاصة بعد ما رأت قدري يشاهد كل شيء، تقف خلفه جارته وئام، حيث كانت المقابلة بالنادي، بالصدفة وئام التي يتهرب منها حليم أصبحت حاضرة المشهد، لتنظر ولاء بخبث  قائلة:

- يا ترى كمان دقيقة هتبقى عايزني أرجع ولا هتضطر تقبلني في حياتك؟..هي مش دي حبيبتك برضو؟

التفت حليم خلفه ليحد وئام تقف مع شاب شاهده من ظهره، وشاهد نظراتها نحوه كأنها تغيظه به لاهماله لها، ولكن كان الحديث بين وئام وقدري المتخفي يشاهد الحديث بين ولاء وحليم.

الحديث كالتالي نقرت وئام على ظهر قدري قائلة:

- مين الست اللي واقفة مع حليم دي؟

انتفض قدري والتفت إليها قائلًا:

- وئام! انتي إيه اللي جابك هنا؟

ابتسمت قائلة:

- بقالي زمان ماجتش النادي، المهم مين الست دي؟ ولا أقولك أنا هروح أسأله.

ولم تمهل قدري فرصة للرد، ليخطو ة خلفها قائلًا:

- استني يا وئام.

وقبل أن تصل نحو حليم ابتسمت ولاء بخبث قائلة:

- وجايه علينا كمان، يا سلام.

وصلت وئام إليهما وابتسمت لحليم باشراق قائلة:

- ازيك يا حليم؟

ابتسم حليم لها بتوتر قائلًا:

- ازيك يا وئام، إيه جيتي النادي النهاردا؟ أنا جيت كتير قبل كدا ومش بشوفك.

لوت وئام شفتيها بسخرية ففهم أنها فهمت كذبه، فحليم لم يأتِ منذ فترة لأنه يتهرب منها، حيث كان النادي المكان المخصص لمقابلتهما قبل ما يحدث. 

تنحنح حليم قائلًا:

- شكلك مش مصدقاني، انتي اللي بتيجي كتير ومش بتلاقيني، صح كدا؟

ابتسمت وئام بسخرية قائلة:

- انت صح، أنا مش بحب أجي هنا من بعد خمس مرات جيت فيهم وانت ماجتش، بس لو هترجع تيجي تاني أنا هاجي.

رد عليها حليم بضيق قائلًا:

- بس أنا مش هاجي هنا تاني.

ثم أشاح حليم بوجهه إلى الجانب الأخر حيث وجه ولاء، التي كانت تنظر إليهما بخبث لتغضب وئام قائلة:

- لو مش عاوز تشوفني أوعدك مش جاية تاني، أنا أصلًا مش فاضية، ولو على النهاردا اعتبرها مجرد صدفة.

كادت أن تمشي ويرتاح قلب حليم، إلا أن ولاء أرادت لخطتها التي رسمتها سريعًا أن تكتمل فاستوقفتها بكل مكر قائلة:

- استني، أنا عايزة أعرفك بنفسي، أنا ولاء والدة حليم وميارا وقدري، قوليلي بقى انتي تبقي مين.

حجزت وئام ما بين عينيها وتدلت شفتاها للأسفل ونظرت إلى قدري وحليم غير مستوعبة، وحليم تتأججت النيران في صدره، تعجبت وئام لتسأل حليم بعدم استيعاب قائلة:

- حليم، إيه اللي أنا سمعته دا؟

رد عليها حليم بجمود قائلًا:

- قدري يبقى أخويا من أمي ولاء، أنا ليَّ أم تانية غير ثريا.

واستطرد للتوضيح قائلًا:

- بس قدري من أب تاني، ومن غير ما تفكري كتير، الست ولاء كانت بتتجوز كتير، إيه لسه برضو شايفاني الراجل المناسب؟

نظرت إليه مطولًا وصمتت وطال صمتها، لينصرف من أمامها وينصرف من خلفه قدري، بعد أن نظر إلى ولاء نظرة استياء تحمل في طياتها جملة:

"هكذا كان اللقاء الأول لنا بكِ، لقاءً مميتًا"

أسرع قدري خطاه خلف حليم يناديه قائلًا:

- استنى بس يا حليم، البنت انصدمت وانت بترصهم ليها.

التفت إليه حليم بكل غضب قائلًا:

- مش مشكلة، كدا أحسن ليها، نفسي تنساني وتبطل تفكر فيَّ، أنا فعلًا ماينفعش يبقى ليَّ فرصة أتجوز واحدة زيها.

هز قدري رأسه بيأس قائلًا:

- انت مفكر بعد اللي قلته دا هتنساك؟ ولا حتى مش هتحارب علشانك؟ هي بس جالها صدمة.

تنهد حليم بتعب قائلًا:

- كان لازم أصارحها بكل حاجة من الأول، بس ماقدرتش، أعمل إيه يعني؟ أعمل إيه؟

ربت قدري على كتفيه قائلًا:

- خلاص اهدا، بس لو اتصلت بيك اوعى تصدها.

هز حليم رأسه قائلًا:

- ماشي هحاول، يلا بس نمشي من هنا لأحسن الست اللي جوا دي كفيلة تحرق دم عالم بحاله.

عاد حليم ليجد اتصالًا من وئام رد عليها قائلًا:

- ماعدش عندي كلام أقوله يا وئام، انتي كدا عندك كل حاجة.

قالت وئام بحزن:

- هو دا اللي خلاك تتهرب مني الفترة اللي فاتت يا حليم؟

زفر حليم بحنق قائلًا:

- أيوه يا وئام.

تنهدت وئام براحة قائلة:

- ولا يهمني، يا شيخ دا أنا مخي راح لبعيد، أنا قلت مش بتحبني.

ضحك حليم قائلًا:

- فيه حد يعرفك يا ويمي ومش هيحبك؟

ابتسمت وئام بسعادة قائلة:

- على طول افضل حبني، واوعي تبعد عني، أنا اللي يفرقني عنك الموت، وسيبك من أي كلام، انت حبيبي وهتبقى جوزي وأبو أولادي.

مكالمة بسيطة من حبيية القلب جعلته في قمة السعادة، ليتناسى بها كل همومه وأحزانه.

عاد كلًا منها إلى عمله، دلف قدري إلى العيادة الخاصة به، ليتفاجئ بوجود زياد منتظرًا له وعلى وجهه الغضب، فرحب به وبدأ زياد حديثه قائلًا:

- قدري أنا معرفتش أنام امبارح.

عقد قدري ما بين حاجبيه قائلًا:

- ليه يا زياد؟ انت تعبان؟

رد عليه زياد بجمود:

- كنت بفكر في اللي حصل امبارح، وليه جبت لميارا  هدية؟ وهي فرحت وانبسطت بيها أكتر من هديتي، فيه إيه ما بينكم؟

وقع قدري في مأزق كان يعلم أنه سيقع به، ولكن حليم وعده أنه سيحل الأمر فرد بكذب قائلًا:

- مفيش حاجة ما بينا، أنا جبت هدية لهاجر ولميارا، ما هي أختها، إيه المشكلة؟

رد زياد بغضب قائلًا:

- أعتقد إن الهدية يا تبقى من أخوها يا جوزها يا أمها، لكن مش من خطيب أختها، ولو هي كدا هتسمح ليَّ إني أجيب هدية لهاجر؟

أغمض قدري عينيه من تخيل الموقف فقط، فما بال زياد والموقف حدث بالفعل! هنا صمت قدري أتعب زياد فرد بحزن قائلًا:

- لا يا قدري كله إلا ميارا، أنا بحبها من وهي صغيرة، بعد ما عرفت موضوع أمها كنت أول واحد أخدها في حضني، قول لي بجد انت بتحبها؟

واستطرد بعدم فهم قائلًا:

- ولو انت بتحبها ليه خطبت هاجر؟ علشان هاجر بنت ثريا صح؟

وضع قدري يده على وجهه بتعب قائلًا:

- مفيش حاجة، وأنا مسألتش على هاجر بنت مين علشان اللي في دماغك، والله صدقني.

صرخ زياد في وجهه قائلًا:

- أصدقك ازاي يا قدري؟ مش انت اللي سألت في الموضوع دا بنفسك؟ يبقى لازم أعرف إيه اللي في دماغك، وليه خطبت دي بالذات؟

واستكمل بضيق قائلًا:

- مش قادر على بعد ميارا، أنا تعبان من ساعتها، وجيت لك علشان أفهم، ليه تجبلها هدية ليه؟

نظر إليه قدري بأسف قائلًا:

- حقك عليَّ يا زياد، بس أنا مش عيني منها والله، حقك إنك تشك فيَّ، حتى حقك تغير عليها كمان، وأنا كنت عارف إنك هتعمل كدا.

وتابع بمرارة قائلًا:

- ودي هتبقى المواجهة ما بينا، بس صدقني مش هينفع أقولك ليه دلوقتي.

ضرب زياد يده بعصبية على سطح المكتب قائلًا:

- ليه؟ مش هتقول لي ليه؟

انتفض قدري قائلًا:

- هقولك بس مش دلوقتي، علشان ماينفعش، وانت بالذات ماينفعش تعرف دلوقتي.

عقد زياد ما بين حاجبيه بعدم فهم ليجيبه قدري قائلًا:

- لأنك أكيد هتبلغ أبوك، وانت مش عارف أبوك بيعمل إيه.

عقد زياد ما بين حاجبيه قائلًا:

- أبويا! وأبويا ماله؟

أشاح قدري بوجهه إلى الجانب الأخر ليتوجس منه زياد قائلًا:

- ممكن أعرف أبويا ماله بالمواضيع دي؟

وجد قدري أنه لا مفر من سرد الأمر برمته لزياد وليحدث ما يحدث.

- دا أبوك هو أُس الفساد، وأنا علشان مش عايز أخدك بذنبه هقولك أنا مين، أنا ابن ولاء مامت ميار وحليم يعني أخوهم من الأم.

صُدم زياد مما استمع له ليكمل قدري بحسرة:

- فيه مشكلة لما أخ يقدم هدية لأخته؟ لأنه مش قادر يتخيل يجي خامس أول عيد ميلاد ليها و... 

توقف وكأن الكلمات ثقلت على قلبه ثم أكمل:

- وهو عارف إنها أخته ومايجيبش ليها هدية.

جحظ زياد بعينيه قائلًا:






- مش ممكن مستحيل!

مط قدري شفتيه قائلًا:

- كدا أنا قلت ليك كل اللي عندي، دا اللي بيني وبين ميارا، دا اللي خلاني أقدم ليها هدية، أظن دلوقتي ارتحت؟ مش كدا ولا إيه؟

واستطرد باشتياق قائلًا:

- ولو عليَّ ماكنتش عايز بس أقدم الهدية أنا كنت عايز أخدها في حضني بس كنت عارف إنه مش هينفع.

ذُهل زياد مما يسمعه، وهز رأسه باندهاش قائلًا:

- والله ما متخيل! انتم التلاتة إخوات من أم واحدة؟ لولا إنك قلت اسمها اللي بسمعه دايمًا على لسان أبويا ماكنتش صدقتك.

توقف زياد ثم سأله قائلًا:

- بس انت عرفت منين إن هم إخواتك؟

ابتسم قدري بسخرية قائلًا:

- من أبوك، لما عرف إني عايز واحدة منهم قام قايل لأبويا إن فيهم بنت مش بنت ثريا بنت ولاء. 

واستطرد بمرارة قائلًا:

- وحكى حكايتها اللي طبعًا شبيهة بحكاية ولاء أمي.

وضع زياد يده على وجهه قائلًا:

- يا ربي دا حكاية فظيعة، دي كلها عذاب، أنا بصراحة كنت مفكر إن وجع ميارا دا أكبر وجع في الدنيا، بس بجد ليها حق تتوجع كل الوجع دا.

ثم تذكر قائلًا:

- أنا عرفت دلوقتي ليه دايمًا كنت تقول لي أسايسها، بصراحة انت وحليم فخر إنكم تكونوا إخواتها.

عاد زياد إلى منزله لتقلق ذكرى من مظهره وتتلهف عليه فيهدأ من روعها قائلًا:

- ماتقلقيش.

لتسأله بتوجس:

- عرفت إيه سبب الهدية؟

هز رأسه وتنهد قائلًا:

- آه هدية أخ لأخته.

عقدت ذكرى ما بين حاجبيها قائلة:

- مش فاهمة.

رد عليها زياد بسخرية:

- معقولة يكون خطاب بيه مش عارف إن قدري يبقى أخو ميارا وحليم؟

شهقت ذكرى بذهول وهتفت:

- دي مصيبة.

كاد أن يرد عليها ليتفاجئ باتصال حليم.

أخبر قدري حليم بهذه المقابلة، فاضطر حليم لاستدعاء زياد، ليحذره من الخوض في تلك التفاصيل، جاءه زياد ليجلس أمامه ويحدثه بأخوة قائلًا:

- مش عايز حد يعرف الموضوع دا لا أبوك ولا أمك ولا ميارا ولا نور ولا ماما ثريا، وعارف إنك هتكون قد ثقتي المرة دي.

ابتسم زياد ابتسامة خفيفة قائلًا:

- حاضر يا حليم.

ربت حليم على ركبتيه قائلًا:

- يحضرلك الخير.

ابتلع زياد ريقه قائلًا:

- تسلم، كان عندي سؤال، هي مامتك رجعت؟ أتمنى مايكونش الرد اللي حاسه.

عقد حليم ما بين حاجبيه قائلًا:

- كدا أنا فهمت، ولاء اتصلت بأبوك، وانت سمعتها مش صح كدا؟

جحظ زياد قائلًا:

- انت عرفت منين؟ انت بتتصنت علينا؟ لا أنا كدا هخاف على نفسي، دا انت قلت كل حاجة.

ابتسم حليم بسبب سذاجة زياد وهز رأسه يحادث نفسه، إذ كيف لزياد أن يكون ابن لهذا التعلب المكار خطاب؟ حتمًا زياد يمتلك جينات أمه ذكرى.

لو لم تتزوج تلك المرأة من رجلين لما كان لها هؤلاء الأبناء، الأبناء الذين كان من الممكن أن ينظر إليهم الجميع بتحسر، لولا الروح التي احتضنتهم كأنها أنجبتهم، ولكن رجوع تلك المرأة مهيب ومخيف، عودتها سببت فزع لأبنائها، لو كانوا صغارًا لفروا رعبًا، ولكن كيف الحال وهم كبار وتضيق أنفاسهم من احتضانها؟ وكأن وجودها وصمة عار لهم، أي امرأة في وضعها من المفترض أن تكون مديونة لمن قاموا بتربيتهم، ولكن هي مستبدة، تريد أن تأخذ كل شيء لتشعرهم أنهم لم يكن لهم فضلًا عليها.

كاد زياد أن يرحل حتى تفاجئ بوجود ميارا ليبتسم بسعادة قائلًا:

- مش معقول! سينيورتا ميارا الجميلة.

ضيقت عينيها وسألته قائلة:

- مين البنت اللي جات الحفلة ولاقيتك بترقص معاها؟

راقص لها حاجبيه قائلًا:

- عشيقة.

شهقت ميارا قائلة:

- مش معقول!

تعجب زياد قائلًا:

- ليه بقى؟ ماينفعش؟ مش انتي بتتكبري عليَّ؟ سيبيني بقى أشوف نفسي.

انقضت عليه ميارا تخنقه قائلة:






- بعينك، أنا مصرية بنت اتنين مصريين ودمي حامي، أقتلك وأشرب من دمك.

خاف زياد باصطناع وارتعش من قبضتها لتبتسم ميارا  وتأخذه وترحل. 

بعد مقابلة زياد نهض حليم وتوجه إلى نور المنهمك في عمله وتنحنح قائلًا:

- كنت عايز أتكلم معاك، أكيد استغربت الهدية اللي جابها قدري لميارا.

انتبه نور لحديثه وتذكر بالفعل وتنفس بغضب قائلًا:

- آه استغربت فعلًا، يا حليم انت ماشفتش نظراته وهو بيديها الهدية، ولا كأنها نظرات عاشق.

ابتسم حليم بتوتر قائلًا:

- عندك حق، بس النظرات مش بالمعنى اللي انت وزياد فهمتوها بيه، انت مش عارف ميارا تبقى بالنسبة لقدري إيه.

قطب نور ما بين حاجبيه قائلًا:

- ومش عايز أعرف، علشان أكيد هو كان بيحبها، بس قال لنفسه أتجوز هاجر وأبقى جمبها، الناس نفسها اللي حضرت عيد الميلاد استغربوا.

ثم استطرد وهو يضرب بيده على سطح المكتب بغضب قائلًا:

- بس خلاص خلصت، أنا هبعتله حاجته وهقول له ماعندناش بنات للجواز يا خاين، أنا كل ما أفتكر دماغي تشيط.

وتابع بتعجب قائلًا:

- أومال كان بيسأل ليه دايمًا، مين فينا أولاد ثريا؟

تنهد حليم مطولًا وكاد أن يتحدث لولا انفجار نور في وجهه قائلًا:

- عايزك تبقى في صفنا يا حليم، افتكر تعلق ميارا  وهاجر ببعض واثبت له إننا إيد واحدة، الكلام دا مش علشان هاجر دا علشان ميارا أكتر.

وذكره قائلًا:

- وماتنساش إن ماما ثريا لو عرفت هتطربق الدنيا، مهما كان لاتنين بناتها، أنا عايز أخلص الموضوع من غير شوشرة، بس ميارا نفسها اتوترت واستغربت.

وتابع بحسرة قائلًا:

- ما بالك بقى بهاجر؟ كمان زياد دا صاحبه! وقال إيه دكتور قلب!

واستكمل بضيق:

- كنت هعتبره مننا وأجيبه يعيش في وسطينا، بس اللي عمله خلاني أرجع في قراري اللي أخدته.

هز حليم رأسه بالسلب ليندهش نور قائلًا:

- للدرجة دي احنا مش مهمين؟ دا أنا كنت عايزك ساعتها انت اللي توقفه، إن كنت متعاطف معاه فدا علشان انت كمان عندك مشاعر تجاه وئام ومش هينفع ترتبط بيها.

 واستطرد بغلظة: 

- يبقى تتراجع عن تعاطفك دا، اوعي تقارن نفسك بيه.

تنهد حليم بتعب قائلًا:

- لو كان كدا كنت أول واحد هيوقفه، بس اللي حصل أقوى مني ومنك ومنه لأنه ببساطة طلع أخويا وأخو ميارا من الأم.

جحظ نور بعينيه بذهول ليتابع حليم قائلًا:

- ومحدش فينا كان يعرف إلا امبارح، لما سألته ليه سألت هاجر بنت مين.

حدق نور من المفاجأة وهتف بصدمة قائلًا:

- انت بتقول إيه؟ دي أمي نفسها استحالة تصدق، بس ازاي وهو أكبر مننا؟ دي على كدا خلفته قبل ما تتجوز بابا.

أغمض حليم عينيه بوجع قائلًا:

- آه دي وصمة عار لينا، تخلف وترمي وتهرب، علشان كدا أنا صدقته واتعاطفت معاه.

وصل حليم إلى حالة من الضياع والكآبة والحزن، فانتفض نور يهدئه قائلًا:

- اهدا يا حليم، حاول تستوعب الصدمة دي كمان، بس المشكلة مش فيك دلوقتي، المشكلة في زياد وميار  وماما ثريا.

استطرد نور بتساؤل قائلًا:






- يا ترى هيبقى حالتها إيه لما تعرف خبر زي دا؟

ثم سأله بتوجس قائلًا:

- انت هتقول لها إمتى؟

تنهد حليم قائلًا:

- مش عارف، بمعنى أصح مش قادر، أنا كمان مطلوب مني أقول لها على حاجة تانية، بس حاسس إن كفاية عليها صدمات.

عقد نور ما بين حاجبيه بعدم فهم، ليوضح له حليم قائلًا:

- أنا النهاردا جالي رسالة من الست ولاء والدتي علشان أقابلها، ولو ماكنتش رحت كانت هتيجي بنفسها، انت طبعًا عارف لو كانت جت كان ممكن تعمل إيه.

واستطرد بضعف قائلًا:

- خُفت تيجي تقول لميارا إن زياد هيتجوزها انتقام، وهاجر كمان من ضمن الانتقام، واللي حسبته لاقيته عايزة تاخد ميارا وتهج.

ثم زفر بحنق قائلًا:

- ميارا حتمًا هتصدقها خصوصًا إنها معاها إثباتات ضد خطاب، وهيعزز موقف ولاء كمان لما ميارا تعرف إن ماما ثريا رفضتنا أول ما بابا جابنا هنا.

وضع يده على رأسه وقال بتعب:

- ودا كفيل يخليها تمشي معاها.

ارتبك نور لأنه يعلم حقيقة علاقتها بخطاب، بالإضافة إلى طمع خطاب في ثريا، فرد بتوتر قائلًا:

- طيب والعمل اللي انت عملته مش هيخليها تسكت؟ خد بالك هي ممكن تيجي هنا في أي وقت.

زفر حليم بحنق قائلًا:

- ما شاء الله عليها، مش راضية تبعد، وكلمتني وقعدت تقنع فيَّ إن هي مظلومة، وإن بابا وماما ثريا وعمي خطاب ظلموها.

سخر نور قائلًا:

- ظلموها في ايه ان شاء الله! ولو حتى لو ظلموها تسيبكم 23 سنة ومن قبلكم قدري 30 سنة؟ أكيد هي اللي ظلمتهم.

ثم صمت وعبس وجهه بضيق قائلًا:

- بس ما عدا خطاب.

قطب حليم جبينه قائلًا:

- خطاب! لا معلش دي اتبلت عليه، دي راجعة تلطش في الكل وتقول لي إن ماما ثريا قصدت تجوز ميارا لزياد علشان تبقى مع خطاب ويخلصوا من ذكرى.

واستطرد بعدم تصديق قائلًا:

- ودا عمره ما يكون تفكير ماما ثريا.

أغمض نور عينيه بتعب قائلًا:

- أكيد، بس كلامها عن خطاب ونيته صح، خطاب طول عمره طمعان مش في الثروة بتاعت أبوك بس، لا، دا كان طمعان في ماما ثريا زمان.

توقف نور قليلًا ليحثه حليم على استكمال كلامه، فقال دون تردد:

- وعلاقته بولاء والدتك كانت حقيقة مش افترا.






حدق حليم في وجهه وخجل من وجود تلك المرأة في حياته، حقًا إنها وصمة عار وهتف بضعف قائلًا:

- آه أنا كنت عارف إن عينه من ماما ثريا علشان كدا كنت ببعده عنها.

استطرد حليم يتوعد لخطاب قائلًا:

- أنا هطلع القديم والجديد عليك يا خطاب الكلب، وديني لأدفعك تمن كل حاجة عملتها فينا.

ثم عزم أمره قائلًا:

- شيل الموضوع دا من إيدك يا نور، لأن الحكاية وسعت والحقايق بانت، واتضح إن خطاب رمى ولاء في سكة أبويا علشان يوصل لماما ثريا.

ونهض لينصرف قائلًا لنور:

- المهم ركز انت مع هاجر، هاجر لازم تعرف ليه قدري اتصرف كدا.

وانصرف حليم ليأخذ ثأره من خطاب وولاء من أجل السيدة التي لم تنجبه، ولكن احتضنته وقامت بتربيته بعناية ومنحته البداية لحياته ولكل شيء.


                  الفصل الثامن من هنا


تعليقات



<>