أخر الاخبار

رواية حب تحت الصراع الفصل الثامن8 بقلم حبيبه محمد



رواية حب تحت الصراع
 الفصل الثامن
بقلم حبيبه محمد




أحبـك أحبـك أحبـك والبقيـة تأتـي.
يـُعلمني الحــبُّ ما لستُ أعلــمُ 
يكشفُ لي الغيبَ ، ويجترحُ المعجزاتْ.
ويفتحُ بابي ويدخلُ .
مثلَ دخول القصيدةِ.
مثلَ دخول الصلاةْ.
وينثرني كعبير المانوليا بكلِّ الجهاتْ.
ويشرحُ لي كيف تجري الجداولُ.
كيف تموجُ السنابلُ.
كيف تـُغني البلابلُ والقبراتْ.
ويأخذ مني الكلامَ القديمَ.
ويكتبني في عِشقك بجميع اللغاتْ.

_لــيــل.

___________________________________________

"الحب كله حبيته فيك الحب كله".
"وزماني كله انا عشتوا ليك زماني كله".
"حبيبي قول للدنيا معايا ولكل قلب بدقته حس".
"يا دنيا حبي وحبي وحبي ده العمر هو الحب وبس".

_في إيــه يا لــيــل إيه اللي حــصــل!!.

لم يكن لـيـل حـين إذن يستطيع سماع أحدهم فقد كان غاضباً حد الجحيم ونيران السعير تلفح عينيه وتحرق قلبه ،كانت أنفاسه تُلهث وتُهدر عُنفاً وهو يزمجر كـ أسد جائع سقطت فـريسته أسفل يديه ،كان ينظر إلى ذاك الواقع على الأرض تجتمع الممرضات من حوله يحاولن إسعاف جروحه البالغه التي أحدثتها قبضة يده القويه ،لم يكن يكفيه ما أحدثه في وجهه من انف نازف وفك قد كُسر وعيني قد تلونت بالكدامات الزرقاء فقد كان يسعى للخلاص من بين يدي يعقوب التي تجمحه من الإنقضاض فوقه من جديد وإذاقته ما آذاق به شمس من ويلات.

ذاك الذي تجرأ ونظر إلى شمس بنظره لم ترق إليه.
ذاك الذي كان سبب في خوف شمس الذي لأول مره يراه وهيا تسمع هدير صوته الغير مُحبب لقلبها.
ليقترب ويقف ويحدثها بل ويستهزأ بعينيها التي غادرهما الضوء.







حينها فقط لم يستطع كبح لجام غضبه وانقض فوقه يكاد يتقله وبداخله خلايا الألم تنشطر بـ كثره وها قد وقع اخيرا بين قبضتي يده سارق نور شمسه.

وعِند وقوف عقله في تلك النقطه تلفت حوله بـلهفة مُحب يبحث عنها بين الجميع بقلق حتى وجدها متكومه بين أحضان ريـحـان تتمسك بها بـ خوف شديد وعينيها شاخصة البصر تنظران نحو اللاشيء والدموع تحتضن وجنتيها والخوف يصرخ فوق ملامح وجهها الشاحبه فألقى نظره مُحتقنه بالوعيد على ذلك الشاب الذي لم تكن عينيه تلمعان بشر أقل من شر ليل هائج بالغضب والسعير.

اقترب الطبيب رحــيم سريعاً وقد استمع الى هوجاء الشجار التي نـشُبت أمام باب مكتبه وما أن خرج حتى فوجئ بما رأته عينيه من جمع من الممرضات والأطباء فأقترب في خِطى سريعه يقف كـ حائل منيع بين ليل والساقط أرضاً هاتفاً بهدوء لا يُناسب الجو المشتعل:

_في اي يا بني ايه اللي حصل!.

ولم يكن الجواب حينئذاً من ليل بل كان من ذاك الذي ساعدته الممرضات على الوقوف ليهتف بنبره متعاليه وغضب شديد:

_انت إزاي تدخل شوية هجع زي دول المستشفى يا عمي رحيم!.

إلتفت الطبيب رحيم سريعاً صوب المتحدث لتشخص عينيه في صدمه من حالة وجهه التي لا يوجد بها إنشاً واحداً سليماً وقد علم أنه قام بإحداث الشغب كـ عادته ولم يلبث في مكان حتى وآزر على أرضه الفساد .

_انت تعرف الحيوان ده يا دكتور رحيم!.

كان حينها دور ليل وهو يلفظ أنفاسه بغضب وينظر بشر لـ ذلك الذي يقف أمامه وتمنى لو بإمكانه أن يكسر قدميه فاغمض الطبيب رحيم عينيه في آسف وهو ينظر إلى آبن أخيه بـ عتاب على وضعه في تلك المواقف الحرجه ولكن لم يهتم هو بنظرات عمه أو ما يفعله من أفاعيل يُلطخ بها سُمعة عمله وشرف مكانته الكبيره ،ألتفت الطبيب رحيم صوب ليل الذي افلته يعقوب ولم يكن حاله يقل غضباً عن صديقه فهو يعلم ليل ويعلم أنه لا يمس أحد بسوء سوا أن اصابه هو بآذى .

هتف الطبيب رحيم بخزي وآسف وهو ينظر إلى ليل:

_ايوا يا ابني ده ابن اخويا إيه اللي حصل فهمني!.

_الحيوان اللي واقف وراك ده هو السبب في إن شمس تبقى عاميه ومش مكفيه كده وبس ده جه قال ليها كلام وسخ زيه بالظبط وبيعايرها بعجزها ،أعذرني يا دكتور بس انا مش هقدر اقعد في مستشفي أتهنت فيها انا ومراتــي.

حـينما أستمعت إلى صوته كادت تُكذب أذنيها وتهجوانهما بأنهما أصبحتا صُم ولكن رائحة عطره التي تحفظها لم يستطع أنفها أن يُكذبها وأخبرها أن من يقف أمامها هو زيـــاد ذاك الذي سرق النور من بين عينيها ،والحياه من قلبها ،توجس قلبها خِيفه عندما عملت بوجوده وتزاحم الخوف في عقر ديارها وأصبحت أمام ظُلمت عينيها تراه وهو يقف أمامها وتتردد صدا كلماته المسمومه كـ الخناجر تُصيب قلبها :

"أنا كنت واخدك رهان يا شمس ،يعني تسليه إنما أنا عمري ما كنت أأمان نفسي مع واحده مش عارف هيا بنت حلال ولا بنت حرام ،مش ذنبي إنك حبتيني بس مش انتي الست اللي انا احبها يا شمس وكويس إنك جيتي دلوقت عشان انا كده كده كنتش هفسخ خطوبتي".

حين تأتيك الطامه الكُبرى من جوف الثقه ،تُمسك عليك عبراتك ،وتصُب أملاحها في  خدُوش قلبك ،فـ تزيد من لـهيبه ،وترديه متألماً مدحورا ،يمت جـزء من روحك حينها.

لم يكن يملك قلبه حينها الرحمه على قلبها ،حينها أظلمت الدنيا في عينيها حتى قبل خروجها من عِنده أدركت فقد حينها أنها حقاً كانت فاقدة البصر حينما كانت تنظر إليه وتراه ولكنه لم يكن يراها ،ادركت أنها وقلبها كانا عُمياء حينما كانا يظنان أنهم يرون الحب بين عينيه ولم تكن عينيه سوا أعين تمكران كـ الذئاب ،وهو كان كـ أفعى تقترب في تريث حتى تَلدغُك بـ سمها وتقتلك.

التفت الطبيب رحيم سريعاً وفي عدم تصديق ناظراً نحو زياد في صدمه قائلاً:

_إيه الكلام إلي انا بسمعه دي يا زياد!.

صمت زياد ولم يتحدث أو ينطق ببنت كلمه وقد علم أنه تلك المره واقعاً في مأزق لا محال للخروج منه ،لمعت عيني ريحان بـ الغضب وهيا ترا سارق النور من بين عيني أختها يقف أمامها بل ويملك من الجراءه ما يجعله يقف ويتحدث معها من جديد ،وإن كانت قبضة يدي ليل انزفت من دمائه قليل فـ هيا لن يكفيها أن تشرب دمائه بأكملها وهنا أبعدت شمس عنها برفق فهلعت شمس وتشبثت بكفي يديها بقلق وخوف قائله:

_راحه فين يا ريحان!.

_متخافيش يا قلب ريحان هجيب ليكي بوق مايه يهديكي.

كاذبه .
كانت ريحان كاذبه وشمس تعلم ذلك ولكنها لم تكن تملك حق الأعتراض على ما سوف تفعله ريحان.

اقتربت ريحان في خطاً تحرقان اليابس من أسفل قدميها واقفه أمام زياد الذي شعر بوقوف أحدهم أمامه وما أن رفع عينيه حتى سرت رعشة خوف في بدنه وهو ينظر إلى تلك المرأه التي لا تحمل في قلبها له سوا الكره والغل وبات عقله الفارغ يتذكر ما احدثته له من مصائب لا يعلمها أحد سواهما بعد حادثة شمس وكيف أنها دمرت سيارته ،وارسلت له عصابه قاموا بتخريب منزله ،كيف أمسكت عليه شرائط لأعماله الزانيه التي يقوم بها وهددته أنه ما أن يظهر في حياتهم أنها سوف تخفيه في واد الويل ابتلع ما في جوفه هلعاً وهو يدرك أن من تقف أمامه إمرأه تحرق من يمسس طرفاً منها.

وهنا رفعت ريحان كف يدها وهبطت به بقوه فوق وجنتي زياد وقد كانت صفعتها تحمل أكاليل من الغضب والحسره والكسره ،كانت صفعه قادره على جعله يسقط أرضاً مجدداً ،صفعه جعلت أعين الجميع تُذهل وتصدم.

لتهتف ريحان بصوت غاضب كـ سعير النار وقوي لا يخاف :

_سبق وحذرتك وقولتلك لو لمحتك بطرف عيني في طريقي صدفه أو في طريق شمس مش هتعرف هعمل فيك إي لكن واضح انك نسيت يا سبع الرجال بس انا مبنساش.

ركض يعقوب سريعاً صوب ريحان التي كانت تلك هيا مُقدمة حديثها ولم تكن خاتمته جيده أبدا فجذبها سريعاً وهو ينظر لها بغضب ولكنها لم تهتم وكانت تود فقط أن تحرق ذاك الرجل.

بصق زياد الدماء المتجمعه داخل جوفه واردف في غضب شديد :

_انا مضربتش صاحبتك على أيديها إنها تتخطب ليا أو تحبني انا طلبت وهيا وافقت وانا مليش ذنب أنها كانت عاميه من زمان ومخادتش بالها إن عمري ما افكر فيها ولا افكر إنها ممكن تبقى زوجه ليا انا خدتها تسليه ،بنت جديده ونوع جديد عليا واللي حصل ليها وأنها مبقتش تشوف ده مش ذنبي هيا اللي عملت الحادثه مش انا!.

_امال ذنب مين يا روح خالتك ذنب مين!.
لما انت مش عاوزها قربت منها ليه من أصله! لما انت هترميها في الأخر دخلت البيت من بابه ليه من اساسه! انت السبب انها تخرج من عندك مش شايفه حاجه وتعمل حادثه تخليها متشوفش تاني ،لو مكنتش ظهرت في حياتها مكانتش عرفتك ولا شافتك ولا حصل ليها اللي حصل لكن اللي زيك يعرفوا يعني إيه رحمه وحب منين! اللي زيك اللي واخدين بنات الناس لعبه يعرفوا يعني إيه كسره منين! بسببك انت وبسبب دخولك لحياتها ضيعت تلات سنين من عمرها مبتشوفش! بسببك وبسبب البجاحه اللي اتولدت فيك والقسوه اللي ماليه قلبك كسرتها وضيعت حياتها من إيديها وبوظت حياتنا كلنا حسبي الله ونعم الوكيل فيك انت وكل واحد واخد بنات الناس لعبه.

_كــــفـــــايـــــــــه!. 

صرخه قويه خرجت من بين حنجرتها كانت قادره على إصمات الجميع ،صرخه أحرقت روحها وهيا تخرج منها ،صرخه صاحبتها دموعها التي لم تتوقف عن الإنهمار ،صرخه أخبرتهم بروحها التي تُقتل بحديثهم ،صرخه أخبرتهم أن يرحموها ،صرخه أخبرتهم أن من يتحدثون عنها تقف إلى جوارهم ،تستمع إليهم وهم يخوضون في حقها ويتقاسمون ايهم المُذنب!.
ايهم من سرق نور عينيها!.
صرخه كانت كافيه أن تخبرهم أن روحها أصبحت محطمه.

اقترب ليل سريعاً منها وقد كانت صرختها بـ مثابة رصاصه او سهم ثقبوا قلبه فأحتضرت روحه للموت ،ركض سريعاً وانتشلها من عتمة ظلامها واحتضنها بقوه ،فـ بكيت وهيا بين يديه وقد أضحت قواها الزائفه تتهشم فخرجت الكلمات من بين ثغرها منتحبه وهيا تقول:

_كفايه يا زياد كفايه ،كفايه تجريح فيا ،كفايه تقول إني كنت عاميه ،حرام عليك ارحم قلبي شويه ،انا فعلا كنت عاميه يوم ما شوفتك وقلبي حبك بس منين كنت هقدر اعرف افرق بين الحب والخبث اللي مالي عينك؟ مين كان قادر يقولي ده حب ولا خبث! انا عشت عمري كله من غير حب ومعرفتش هو معناه ايه فكرت لما شوفتك أن ده هو الحب! ده الحب اللي سمعت عنه ومكنش في إيدي ورقه أو دليل يقولوا ليا إنك كدابه وغشاش ومخادع! انا مزعلتش لما اتعميت يا زياد على قد زعلت اني اتغفلت فيك ،انت الصراع الوحيد يا زياد في حياتي ،انت الصراع الوحيد اللي خد مني نور عيني وحياتي عاوز إيه مني بعد كل السنين دي! المره دي عاوز تخليني صمه عشان مسمعش كلامك اللي بيقطع في روحي زي السكين! المره دي عايزني ابقى بكماء عشان امشي من غير ما ارد على قسوة كلامك ،كفايه يا زياد كفايه ،انا مسامحه في اللي انت عملته فيا وعشان خاطري كفايه كده.

إن لم تكن تعرف معنى الحب فـ لا تُحب.

صمت هبط كـ سهم من الله فوق رؤسهم اصمتهم وجعلهم يبتلعون ما بقيا من كلمات في أفواههم ،نظر زياد إلى شمس التي تكورت بين احضان ليل وهيا تبكي في صمت ولأول مره يشعر أنه كان مخطئ في حقها ،لأول مره على مر تلك السنوات الثلاث يشعر بفداحة ما فعله بها وتخيل لو أنه كان مكانها وكسر قلبه وفقد بصره في ليله واحده ماذا سوف يكون حاله!.
سيمت.
نعم سيموت لن يتحمل تلك الحياه التي تُقاسي عليه ولكن ما يراه الان أمامه أن أمام عينيه اقوى إمرأه في الحياه ،لم يستطع هو كسرها ،ولم يستطع الظلام إحتضانها ،وبالرغم من عتمتها وجد النور حولها.

تنهد يعقوب في آلم وهو ينظر إلى ريحان التي تساقطت دموعها فهتف في عتاب وحزن على حال شمس:

_عاجبك الي عملتيه ده يا ريحان مكنش ليه لزمه الكلمتين اللي قولتيهم؟.

_كنت عاوزني اسكت واهدى ازاي وانا شايفاه واقف قدام عيني سالم مُعافى ،ماشي من غير عصايه بيحسس بيها حواليه ،وشايف الدنيا اللي اتحرمت منها اختي! كنت عاوزني ازاي اهدي روحي وانا شايفه النور في عينه اللي سرقه منها وبكل بجاحه واقف قدامها! لو فاكر أن القلم اللي انا اديته ليه ده هدى قلبي تبقى غلطان يا يعقوب انا زياد ده مش هسامحه لا دنيا ولا أخره حتى لو شمس سامحته ، مش هسامح في حقها وحق كسرتها ابدا.

زفير حاد أخرجه في إستسلام ومن ثم احتضنها مُربتاً على رأسها في رفق وقد جهل ما سوف يحدث بعد الآن.

_انت عملت كل ده يا زياد!.

هتف بها الطبيب رحيم وهو ينظر إلى زياد الذي يُنكس رأسه أرضاً في خجل بالغ ولم يكن يصدق ما اقترفه آبن اخاه في حق تلك العائله التي يراها تُدافع عن حقها الذي سُلب منها بالقوه!.

_يا عمي....

_اخرس يا زياد اخرس انا تعبت منك ومن عمايلك اعمل فيك إيه قولي! وصلت بيك البجاحه تعمل كل ده! انت السبب في إنها متشوفش انت عارف ان من حقها تخليك متشوفش زيها بالظبط!.

_بس انا والله مكنتش اعرف ان كل ده هيحصل!.

_امال كنت فاكر إيه يا زياد؟.
كنت فاكر إيه وانت بتضحك عليها وبتوهمها انك بتحبها لو انت فاكر اللي انت عملته ده هين فهو عند الله عظيم وقصاص شمس منك كبير اوي يا زياد كبير .

آصابته كلمات عمه في مقتله وشعر بالخوف يتسلل إلى داخل قلبه ويتوجسه خيفه اقترب الطبيب رحــيم من شمس التي توسطت احضان مأمنها تختبئ به من قسوة العالم عليها بينما كان ليل ما بين حيرة ناران تنهشان قلبه وتحرقانه.

أمازال بداخل قلبها مشاعر تحملها إلى ذلك المتعجرف؟.
أم ما بداخلها من مشاعر تُنصب عليه فقط؟.
وما بين ناران تحرقانه كانت دموعها تؤلمه .

اقترب الطبيب رحــيم في هدوء ونظر إلى ليل الذي لم يحيد باصريه عن زياد فتنهد في آسى وهتف في صوت رقيق مثل قلبه:

_شمس يا بنتي اسمعيني انا راجل عارف ربنا كويس وعارف أن حقك عند زياد كبير من اول ما لعب بيكي لأخر نور عينك وانا بقولك اهو انا المسؤول عن زياد وعن كل أفعاله وبطلب منك يا تاخدي حقك منه بما يرضي الله أو أنك تحتسبي حقك عند ربنا وربنا يقدرني وارجع الحياه لعينك من تاني يا شمس.

وهنا خرج صوت ريحان متهدج في غضب وهيا تقول بسخريه:

_وهيا تاخد حقها منه إزاي بقى يا دكتور؟.

تبسم ثغر الطبيب رحــيم في هدوء وهو ينظر إلى زوبعة غضب ريحان قائلاً:

_تاخد منه عينه زي ما هو كان سبب في إنها تروح.

_نــعـــم؟ .
انت بتقول إيه يا عمي رحيم!.

خرج صوت زياد غاضب وخائف ومتوجس من عمه الذي يعلمه علم اليقين فهتف الطبيب رحيم وهو ينظر له في هدوء قائلاً:

_ده شرع ربنا وربنا مبيضيعش حقوق حد عشان كده قال في كتابه الكريم (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قِصَاصٌ) صدق الله العظيم.

أثارت آيات الله الرهبه في قلبه ولم يكن يصدق أن خطأ واحد فقط قد ارتكبه سوف يُكلفه أغلى ما يملكه إنسان هو عـيـنيه وهنا فقط أدرك أن ما حَسبه هين كان عِند الله عظيم وأن القصاص مِنه حقاً وسوف يُرد إلى أصحابه ،تكونت دمعه صاحبها الندم في عينيه فأنكس رأسه خزياً من نفسه وما ساقته إليه قدميه من أفعال فاحشه.

هدأت شمس عن البكاء بعدما استمعت إلى كلمات الطبيب الذي كان ارحم الراحمين بها وبقلبها بعد الله عز وجل فخرجت من بين كنفي ليل الذي هدأت براثين غضبه هو الآخر مُستغفراً الله في نفسه ونظر إلى جموع الممرضات والأطباء الذين سارعوا في الانصراف من حولهم بعدما اتخذ كلا منهم عظى في شئ واحد وأن النفس لا تميل عن الهوى وها هو شاب في مكتمل عمره أضاع عمر فتاه هدراً بغياً في اللعب واللهو.

_مش قولتلك يا ريحان أن ربنا مبيضيعش حق حد !.

هدر يعقوب بكلماته في هدوء وهو ينظر إلى ريحان التي أراح حكم الله وشرعه قلبها فنظرت إلى يعقوب وهتف في هدوء وكأنها لم تكن تلك الزوبعه منذ دقائق:







_ونعم بالله يا يعقوب.

_لـيـل انا عاوزه اروح اوضتي لو سمحت.

هتفت بها شمس في صوت مبحوح حزين وهيا تبتعد عنه وترفع كف يدها تُجفف دموعها المنهمره كـ سيل النهر فأقتربت ريحان سريعاً صوبها وامسكت بكفها وعلى الجانب الآخر أحاط ليل كف يدها هو الآخر وسار بها صوب غرفتها وقلبه يتقلب على جُنابات الألم.

تابع رحيلهم الطبيب رحــيم وقلبه ينفرط حُزنناً على ما أصاب تلك الصغيره من ألم وضرر فأغمض عينيه بألم وهو لا يصدق ما قام به إبن أخيه وبقى يسأل نفسه إلى متى سوف يستمر هو في التخريب وهو في إصلاح ما يقوم به!.

أما عن زياد فصمت وكتم بداخله خوفه من ذلك القصاص الذي ينتظره وبات يتخيل نفسه اعجزاً يساعده أحد في السير ،بات يتخيل سقوطه على التوالي أرضاً والظلام الذي سوف يعيش فيه وهنا فقط أدرك أنه كان عليه وضع كل شئ في عين الإعتبار.

تقدم زياد في خطى رتيبه خائفه ووقف أمام نصب عيني عمه فنظر له الطبيب رحـيم بغضب مكتوم وقبل أن يتحدث جهر الطبيب رحيم في وجهه بصرامه:

_مش عاوز اسمع منك كلمه واحده يا زياد وإن كان اخويا الله يرحمه معرفش يربيك وامك مش قادره تمسك حبلك الفالت فأنا موجود واعمل حسابك اللي البنت هتقوله عليه انا هنفذه بالحرف الواحد انت فاهم!.

_هتعمي ابن اخوك يا عمي عشان بنت متعرفهاش من يومين!.

_وانت كنت تعرفها من قرون القرون عشان تعميها! مين انت عشان تعمل في روح زيك كده! لو فاكر أن مفيش رقيب على أفعالك يبقى انت غلطان بس الحق مش عليك الحق على اللي بقى مُستباح الحرام حلال ونسى يطبق شرع ربنا ولو شايف أن اللي هعمله ظلم فأنا شايفه حق وهيرجع لـ صاحبه عشان تعرف أن اللي انت فاكره سهل مش سهل ابدا يا ابن اخويا وانا ليا كلام مع والدتك تاني .

_يا عمي رحيم....

رفع الطبيب رحيم سبابته في وجه زياد قاطعا حديثه وهتف بأمر وصرامه:

_اللي عندي انا قولتله وجهز نفسك من دلوقت للي هيحصل يا زياد.

فـ صمت الكلام وانتهت الاحرف وعلم زياد أن عمه قد عزم على قرار لا رجعه فيه وهنا سمح لـ دموع عجزه أن تهبط وقد أدرك أن نوائب الحياه تدور وسوف يُجازى على كل شئ.
واحده واحده.

__________________________________________

المَجِدُ لعَينيّكِ و لِتسقُط أمجادُهِن أجمَع .

وحــيــن جَــنْ الليل عليهم وغادر غَسق الدُجي السماء وظهر مُحاق القمر وأرسل الهواء نسماته البارده كانت نائمه فوق فراشها تُغلق عينيها هرباً من حقيقه كانت قد ظنت أنها سوف تستطيع تناسيها بـ محض إرادتها.

ولـكن ظهور زياد وعودته جعل عينيها تُبصران من جديد وتتذكران أيام الألم التي عاشتها بسببه.
من كسرة قلب وظلام أبدي.
عودت زياد أعادت الرهبه، والخوف، والهلع إلى قلبها من جديد.

كانت صامته ولم تتحدث بكلمه مُنذ أن دلفت إلى غرفتها فقد نفذت طاقتها في الحديث وعن إي شئ قد تتحدث؟.
كانت على يقين بـأن كلمات زيــاد صادقه وكيف لا وهيا من اختارت من تُحب ومن تكره ومن تُعاشر ومن تُفارق.
لقد كانت صغيره في الحب حينما ظنته نجاه وهو مَنصة إعدام.
كانت خاويه للدرجه التي تدفعها أن تبحث عن الحب في كل من حولها ولم تعلم أن صغيرها مثلها فريسه سهله للصيد والإيقاع.
لقد كانت ذات بصيره مُعتمه حينما ظنته ملجئ وهو داراً للخراب.
والآن اضحى بداخلها خوف وصراع من جديد.

لـيـل الذي يُحبه قلبها وتهجرها روحها إليه هل يحبها فعلا أم أنه لا يوجد على قيد الحياه حب؟.
ذاك الرجل الذي تسلل إلى ظُلمتها واضاء طُرقها هل هو محطتها الأخيره؟.

وحين بدأت بالتفكير به وبالحقيقه التي تجهلها فُتح باب غرفتها وشعرت بوقع خطواته داخلها فأغلقت عينيها هاربه وهيا لا تريد أن تُشاركه ما بداخلها من صراعات تآبى الزوال.

اقترب ليل في خطاً هادئه ليقف فوق رأس الفراش ينظر لها وهيا تغمض عينيها بهرب وكأن تلك الصغيره تظن أن حيلتها قد نفعت ولكن اهتزاز عينيها وتحركها أخبرته أنها تهرب وهو ليس رجل يحب الهرب ابدا.






_عامله نفسك نايمه يا شمس وفاكره انك هتعرفي تضحكي عليا!.

بسمه صغيره قد زينة ثغره وهو يهتف بـ حديثه ذاك بنبره هادئه وعلى أثرها فتحت شمس عينيها تنظران صوبه ولكنها لا تراه لتهتف بصوت أجش ضعيف يرفض الحديث:

_لو سمحت يا ليل انا عاوزه افضل لوحدي شويه.

_وانا سيبتك الوقت الكافي اللي تفضلي فيه لوحدك ودلوقت جه دوري إني ابقى جنبك.

_وبعدين تمشي صح!.

لم تخطئ ريحان حينما أخبرته أن شمس لـا تزال خائفه وقلبها لم يطمئن بعد.
لقد أخبرته أن جرح قلبها الغائر لن يضمد بسهوله ولن تجف حناياها مهما مر من الوقت أدهر فـ الجرح الوحيد الذي لا يجف عن النزيف ،ولا يوقف آلمه ضِماد ،ولا تحكم خلاياه الإنغلاق ،ويبقى يؤلمك حتى الممات ،هو جرح القلوب ،جرح ليس له علاج ، هو داء ودواء لـ ذاته .
وهو كان يعلم أن إمرأه مثلها أن اعتادت على الخوف ارتعدت من الإطمئنان ،إمرأه مثلها اعتادت على الخساره تسقط الغنائم من بين يديها عند الفوز ،كان يعلم أن حبه لن يكن وحده من سوف يساعده في الفوز بقلبها ،أن لم يصبر وأن لم يكن بـ مأمن لها لن تقترب مِنه ابدا ،حتى ولو احبه قلبها وأعلنه كـ سلطان لـ قلبها يعلم بأن الصراع سوف يقف بينهم كـ السد ،وقد كان يعلم أن السؤال الوحيد الذي سوف تسأله لذاتها دوماً حينما تستشعر قلبه وهو ينبض لها آهو حــب تــحــت صــراع؟.

_انا قولتلك إني همشي؟.

_محدش بيقول إنه هيمشي يا ليل اللي عاوز يمشي بـ يمشي واللي عاوز يرجع بيرجع.

_واللي شاري وراضي بيفضل يا شمس وانا شاريكي وراضي وعارف إني عمري ما هقدر الاقي واحده احبها قدك ،رفضتي، قبلتي، خوفتي، ده مش هيمنعني ،خوفك مني يا شمس وبعدك عني ده مش هيقلل من مشاعري ناحيتك في حاجه بالعكس ده بيديني دافع اني اقرب منك اكتر ،شمس انا كنت رافض الحب بس من ساعة ما عرفتك سكنت انا والحب في دار واحده وعرفت إن اللي فات من حياتي كوم وانتي كوم تاني خالص.

وهنا مد كف يده وساعدها في الجلوس أمامه وهيا على الفراش وهو يقف أمامها وبالرغم من إنها كانت لا تراه ولكنها نظرت بعيداً عنه فأبتسم في هدوء وأكمل من حديثه:

_تفتكري يا شمس العمر لسه فيه كام سنه عشان اقدر الاقي واحده زيك!.







تنهدت في صوت خافت وأردفت بشرود:

_وهو انا عملت ليك إيه يا ليل مخليك متمسك بيا كده؟ ده انا لحد الآن لسه مشوفتكش ولا عرفتك!.

ضحك في خفوت واردف بصوت مرح هادئ:

_قولي إنك خايفه اطلع وحش وتغيري رأيك فيا!.

وأخيراً اشرق ثغرها ببسمه خفيفه جعلته يبتسم في إنتصار وكأنه فاز في حرباً ما لتهتف وقد التفتت برأسها صوبه فغرق هو في غـسق الدُجي الذي تحمله بؤرتيها لتهتف شمس بهدوء:

_الجمال مش مقياس يا ليل عشان احبك ،انا حبيتك من غير ما شوفك ،جناحتك اللي فاردها حواليا طول الوقت ومحاوطني بيهم وعايز تحسسني بالأمان دايما هما اللي خلوني احبـك ،يوم ما كنت هقع وانت انقذتني وقتها قلبي حبك ،لما وقفت بين حبي وقلبي ليك لقيت نفسي خسرانه ،لقيت نفسي هخسر لو بعدت راجل زيك عني ،راجل بيجي في العمر مره واحده ،اكتر حاجه متأكده منها ومش مخلياني خايفه من العمليه يا ليل عارف هيا إيه؟.

خرج صوته مبحوح اثر سقوطه صريعاً في عذوبة كلماتها قائلاً:

_إيه؟.

_إني حتى لو مشوفتش فأنت عيني اللي هشوف بيها دايما.

_براحه على قلبي معدش حملك يا شمس والله!.

ضحكت شمس بنعومه كانت قادره على إذابته وجعله يسقط بها ألف مره فهتف وهو يهز رأسه بإستسلام :

_لا ده مينفعش كده انا لازم اكتب عليكي حالا!.

_يا مجنون!.

_كنت عاقل من قبل ما اشوفك والله.

_وبعد ما شوفتني!.

_بقيت مجنون بيكي ونسيت العقل وحياتك.

ضحك ضحكه عاليه كانت قادره على جعله يبتسم ألف ساعه دون أن يتعب ثغره ،كانت تسأله ما الذي فعلته حتى جعله يتعلق بها ويرفض تركها فـ لتكن الإجابه هيا ضـحكتها ،لتكن إجابة سؤالها لما وقع في غرامها هيا عينيها ،لـتكن إجابة لماذا لا يستطيع الإبتعاد عنها هو أنه قد كُبل بأصفاد حبها ولا يرغب بغيرها له.

فـ حينما ينظر إليها يشعر بأن وقته لا يضيع مهما طالت المُده.
غارقاً في عينيها.
مُنبهراً بـ ملامحها.
سارحاً في جمالها.
يشعر أن الوقت يتوقف وحركة الكون وكل شئ حوله.
ولا شئ يتحرك ولا يتمدد إلـا الـــحـــب.
حينما يتأملها فـ أنه بالمعنى الدقيق الحرفي يأخذ عينيهُ في نُزهه.

طرقات على الباب منعته من تأملها وقطعت صوت ضحكاتها وجعلها تصمت وابتسامه جميله فقط ما تزين ثغرها ليأذن للطارق بالدخول فوجده الطبيب رحــيم فـ سرعان ما انقشعت ساعدته وتذكر ما حدث صباحاً.






تقدم الطبيب رحــيم إلى داخل الغرفه وعلى وجهه بسمه هادئه ليهتف مُتحمحماً في صوت هادئ:

_إزيك يا شمس يا بنتي.

_انا مبقتش طايق الراجل ده ولا المستشفى دي!.

هتف بها ليل بصوت هامس وحانق استمعت له شمس فـ صفعته على يده في رفق وهتفت بصوت هامس لا يسمعه سواه:

_لـيـل اتلم الراجل واقف!.

نظر لها ليل وتذمر كما الأطفال في حنق وقال بصوت هامس:

_انتي بتضربيني عشان الدكتور ده!.

ضحكت شمس في خفوت وهتفت وهيا تربت فوق كف يده برفق:

_معلش معلش حقك عليا بس اسكت الراجل معملش حاجه غلط.

تبسم وجهه ليل برضا ليتقدم الطبيب رحــيم في هدوء ويقف أمام كِلاهما ويهتف في هدوء وندم :

_بصي يا بنتي انا عارف إن كلامي لا هيقدم ولا هيأخر ولا هيصلح حاجه من اللي زياد عمله بس صدقيني أنا لو كنت بس اعرف ان ابن اخويا عمل حاجه زي دي من زمان كنت جيت وحطيت رأسه تحت رجلك بس للأسف انا اتلهيت عنه وسبته لأمه تدلع فيه عشان كده جاي والأسف راكبني وبقولك حقك عليا ،وانا عند كلامي اللي قولتله ليكي الصبح واللي تقولي عليه انا راضي بيه.

تبسم ثغر شمس في هدوء وهيا تستمع إلى كلمات ذاك الرجل الطيب لتهتف بصوت هادئ جميل :

_وانت ذنبك ايه يا دكتور رحيم عشان تعتذر؟.
انا مسامحه في حقي يا دكتور رحيم ومن زمان كمان ،مسامحه زياد على اللي عمله ووكلت امري لـ ربنا ،رب عادل مبيتظلمش عنده حد وهو خد عنيا الأتنين واداني اللي احسن منهم بكتير ،ريحان اختي اللي من غيرها مكنتش هعرف ليا طريق وكنت هتوه في ملكوت ربنا الكبير وهيا كانت عنيا طول الوقت وعمرها ما حسستني بالعجز ،والعين التانيه هيا ليل.

كان يستمع إلى حديثها في بداية الأمر في غيظ فكيف صفحت بطل بساطه عن ذلك الرجل ولكن ما أن استمع إلى باقي حديثها حتى تبخر غيظه وانكظم بداخله وتبدلت ملامحه إلي أخرى هادئه مبتسمه بحب ليبتسم الطبيب رحيم وقد رأى وقع كلمات الشمس فوق الليل وكيف آضائته لتهتف شمس مكمله من حديثها:

_ربنا عوضني بـ الحب اللي كنت بتمناه يا دكتور رحيم ،عوضني بـ ليل الراجل اللي جه وعرفني يعني ايه حب ،حبني تحت صراع ومشافش أن عيني سد منيع تمنع بيني وبين حبه ليا ورغم اني منعته مره واتنين إلا أنه اتمسك بيا ورفض يسبني وانا لو اعيد عمري من تاني هدور على ليل وهحبه ،هدور عليه وانا بشوف واملى عيني منه واقوله اني بحب ،ودلوقت وحتى وانا مش شايفاه بقوله إني بحبه ،بحبه لإني صراعي الوحيد اللي مش خايفه إني اخسره.

تبسم قلبه قبل أن تَـنبلج شِفاه ضحكاً ،وتلألأت روحه قبل أن تلمع عينيه بـ حب قد بلغ ذروته لها ،وهوت روحه في حبها قبل أن يسقط في هواها.

أطلق الطبيب رحــيم زفير حاد وقد اطمئنت روحه وهدأت هوادج خوفه وشكر ربه على قلب تلك الفتاه الطيبه الذي بـ الرغم من كل ما حدث صفحت عن أبن أخيه المخطئ في حقها.






تبسم ثغر الطبيب رحيم كما تبسم ليل في إستسلام وقد كان يعلم أن شمس أرقى من أن تأخذ بقصاصها من ذلك الرجل ،كان يعلم أن قوة شمس تكمن في طيبة قلبها ونقائه وقد حمد ربه أنه لم يفز بإمرأه كـ ريحان صفعه منها ارقدت الرجل أرضاً.

_معقوله يا شمس يا بنتي مسامحه زياد بعد كل الي عمله؟

تبسم ثغر شمس وهتفت بطيبة قلب وعفو عند المقدره:

_قصاصي منه يا دكتور رحيم أن ربنا يهديه ويسامحه على عدد الناس اللي كسر قلوبهم ،انا عرفت وجربت حياة العجز يا دكتور رحيم ومرضتهاش لـ نفسي واللي مرضهوش على نفسي مرضهوش على غيري وانا كده كده سواء كنت قابلت زياد او لا فكنت موكله امري لله ،كسرت قلبي منه مكانتش هينه بس ربنا عوضني ويمكن زياد كان درس واتعملت منه إن مش كل اللي عيني تشوفه هو الحقيقه ،في حقايق بتتزيف والعيون متقدرش تشوفها ،كان درس قاسي بس على قد قساوته اتعلمت منه وربنا أداني على قد صبري وعوضني بـ اللي ملى عليا قلبي وحياتي .

اقترب الطبيب رحــيم في خِطاً رتيبه حتى اقترب منها ووقف ينظر لها وهيا لا تراه وتعهد بينه وبين نفسه عهداً لا يبطله أحد أن يُعيد الضوء إلى عينيها عاجلاً ليقترب ويمسك رأسها ويطبع فوق جبينها قِبلة اباً حاني على ابنته هاتفاً بحب ابوي:







_ربنا يريح قلبك يا بنتي ويسعدك على قد طيبة قلبك ويبعد عنك كل شر ،من اول ما شوفتك وانا عرفت إنك ملاك على الأرض ،يبخت الناس اللي بتحبيهم بيكي يا بنتي ،يا بخت الي انتي من نصيبه يا شمس.

_يعني اتجوز وانا مطمن يا دكتور رحيم!.

هتف بها ليل بنبره مرحه لتتورد وجنتي شمس خجلاً ليضحك الطبيب رحــيم في حب لهما ويهتف وهو يمسك كف ليل ويربت فوقه:

_وتبقى حمار لو متجوزتهاش يا بني اللي زي شمس بيجي في العمر مره واحده ومغلطش اللي سماكي شمس.

ضحكت شمـس على حديث ذلك الطبيب الطيب وعلى حين غره فُتح بابهم ودلفت ريحان كـ الزوبعه وخلفها يعقوب الذي يهز رأسه بآسى وما أن دلفت حتى ووجدتهم جميعهم لتهتف بتعجب وهيا ترفع أحد حاجبيها:

_دكتور رحيم؟ شمس تعبانه ولا إي؟.

_يا ستير يارب العلماء اخترعوا الباب ده على فكره عشان تخبطي عليه قبل ما تدخلي.

ضحك كلا من يعقوب وشمس على مشاكسة ليل لـ ريحان التي هتفت ببرود وهيا تقترب من اختها وتدفعه بعيداً عنها وقد لمعت عينيها بخبث:

_اهو ده نفس الباب بالظبط اللي هسيبك تخبط عليه للصبح عشان تدخل ومش هدخلك.

فهم تلميحاتها ليبتسم ببرود ويعقد ساعديه أمام صدره قائلاً:

_هيا العضلات اللي في دراعي انا مربيها عشان اتفشخر بيها يا ريحان؟ هكسر الباب وهدخل غضب عنك وريني بقى هتمنعيني إزاي؟.

ضحك جميعهم على مُناقرة هذان الآثنان إلى بعضهم البعض ليهتف الطبيب رحــيم بمرح وهو ينظر إلى ريحان التي اغتاظت من حديث ليل المستفز ليقول:

_دي ام العروسه يا ابني يعني حماتك جر معاها ناعم وعلى رأي المثل يا بخت من حبته حماته.

ضحك يعقوب بمرح وهتف قائلا:

_ده انت هيطلع عينك يا حبيبي!.

تلاعبت ريحان بحاجبيها بمرح فهتف ليل ببسمه واثقه وهو يقول:

_لا عاش ولا كان اللي يطلع عيني يا حبيبي ده انا الاسطا ليل على سنه ورمح.

ضحكت شمس تلك المره وشاركتهم مرحهم هاتفه :

_بلاش الثقه دي يا اسطا ليل انت لسه متعرفش حماتك!.

_ولا يهزني يا حبيبتي هبقى اخلي يعقوب يثبتها بكلمتين.

_ده انت ويعقوب هيطلع عينكم!.

هتفت بها ريحان بمرح ومشاكسه ليصطنع يعقوب الصدمه ويهتف وهو ينظر صوبها:







_هو يعقوب لسه مطلعش عينه! ده انتي ربيتي ليا الشعر الابيض وانا لسه مدخلتش التلاتين يا قادره!.

ضحك الطبيب رحــيم وهتف في تأثر مصطنع:

_يا حبيبي يا ضنايا!.

ضحك جميعهم وتبتسم قلوبهم في سعاده اخيرا استقرت بداخلهم ولم يستطع أحدهم رؤية زيــاد الذي يقف على يتوارى خلف الجدران هو والصراعات ينظران إلى البسمه التي تنقشع عن الليل والنهار الذي ينير الآفاق ،ينظران إلى القمر الذي يمسك بكف الشمس ويسير معها في سراج السحاب وهنا سأل زياد الصراعات هل خسرت؟.
هل تلك هيا نهاية الصراع أن يفز الحب؟.






وحين تبسم ثغر زياد وهو يرا بسمة شمس تُنير من وسط عتمتها كانت الصراعات تتبسم اخيراً لها ولهم وقد عقدت العزم أن تكن تلك هيا المحطه الاخيره في الصراع بينهم.

وحين صرح الطبيب رحــيم أن صباح الغد سوف تكن العمليه صمتت الافوه عن الكلام وباتت في قلوبهم الاحرف وقد بات جميعهم يفكرون هل سوف تكون النهايه مُنصفه لهم؟.
هل سينقشع الظلام على الشمس؟.
أم سيبقى جميعهم تحت صراع؟.
هل ستبقى قلوبهم تعشق وتحب تحت صراع أم هل من منتصر؟.

 
                   

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close