رواية حب خلق بداية
الفصل الثالث3
بقلم مروة محمد
بعقل يشغله التفكير، وقف يتابع شقيقه من خلال نافذة المكتب، وهو يحاول إنهاك نفسه في العمل حتى لا ينشغل تفكيره بتلك المرأة، لدرجة أنه لم ينتبه لزياد وهو يطلب منه التوقيع على وصول مواد الطعام التي يستخدمونها في المصنع، ولكن عادة زياد المرحة أخرجته من شروده عندما قال:
- لو قلتلك إني هروح أكل في المطعم تاني هتاخد بالك إني بتكلم ولا لأ؟
انتبه ونظر إلى زياد جيدًا، ليرتجف زياد قائلًا بخفة:
- ولا كأني قلت حاجة، أنا بس لاقيتك سرحان، قلت أنكشك علشان تمضي على الأكل اللي جالنا.
نظر إلى الأوراق الموضوعة على سطح المكتب، ثم أخرج القلم من جيبه ودون النظر إلى الأوراق قام بالتوقيع عليها، ثم عاود الشرود من جديد في شقيقه وما يمر به، وفي وسط شروده انتبه إلى زياد الذي لم يرحل فنظر إليه، ليتحدث زياد قائلًا:
- فيه حاجة يا نور؟ يمكن أنا ماليش الحق أتدخل في خصوصياتك، بس ماينفعش أسيبك كدا.
نظر إليه نور قائلًا:
- ماشي هقولك، بس توعدني انت كمان لو تعرف حاجه تقولها.
حاول أن يسأله عن ماضي والدة حليم الحقيقية، فرفع زياد أكتافه بعدم معرفة ليزفر نور بحنق قائلًا:
- انت والدتك ووالدك يعرفوا كل حاجة.
تذكر زياد عندما سأل والده خطاب يومًا ما عن تلك المرأة فكان رده:
- ماعرفش غير إنها سابت أولادها وهربت.
ثم استطرد زياد يسأل نور بتوجس:
- انت عايز منها إيه؟ هي مش طلعت أم حليم مش أمك؟
زفر نور بغيظ قائلًا:
- أنا سألتك تعرف إيه عنها، ما تفتحش معايا تحقيق، ويا ريت ماتروحش تحكي إني سألتك، انت اللي عليك حاول تجيبلي معلومات عنها.
تنهد زياد قائلًا:
- والله قُلتلك أبويا نفسه مايعرفش، حتى قال لي إنه فضل مايعرفش حاجة عن أبوكم طول فترة حملها .
هز نور رأسه بإصرار قائلًا:
- لا، هو يعرف، بس أكيد ماما ثريا مأكدة عليه مايقولناش حاجة.
انتبه زياد لتحذير ثريا، فهو يتذكر بعض الشيء فردد قائلًا:
- في بيتنا، تقريبًا قالت إنها سافرت.
وضع نور يده على وجهه بيأس قائلًا:
- يا حبيبي ما احنا عارفين إنها سافرت، المهم سافرت فين ومع مين؟
مط زياد شفتيه بعدم معرفة قائلًا:
- الله أعلم.
شدد نور على شعره بعصبية قائلًا:
- طيب بلاش أبوك، اسأل أمك، اعرف منها كمان إيه اللي خلى أبويا يتجوز على أمي ما دام هي بتخلف ومخلفانا قبل إخواتنا.
ثم هدأ من عصبيته قائلًا:
- ولو ماما ثريا عارفة مكانها ليه مابعتتش الأولاد ليها؟
خرج زياد عن أعصابه قائلًا:
- نعم! كنت عايز إخواتك يفتحوا عينهم على واحدة زي دي ويبقوا أولادها؟!
ثم انتبه لما يقوله وقال:
- أنا إيه اللي بقوله دا؟!
ابتسم نور بخبث وأجلسه قائلًا:
- يلا يا زياد قول كل اللي تعرفه.
عاد زياد إلى والدته وسرد لها ما دار بينه وبين نور، لتشهق وهي تشرب قهوتها مفزوعة، فيحاول تهدءتها قائلًا:
- ماكنش قصدي أقسم بالله يا ماما.
عاتبته ذكرى قائلة:
- انت عارف أبوك لو عرف اللي قلته دا هيعمل فينا إيه؟نور نفسه تفتكر هيرضى يجوزك ميارا بعد اللي انت حكيته؟! ولا لو عرف حليم.
زفر زياد بحنق قائلًا:
- عارف، بس كله حصل بدون قصد.
هزت ذكرى رأسها بيأس قائلة:
- مش قادرة أطلعك على حق يا زياد، ومش عارفة ردة فعل ثريا لما تعرف إنك حكيت.
ابتلع زياد ريقه وسألها بتوجس قائلًا:
- تفتكري ممكن ترفض تجوزني ميارا؟
أشفقت عليه ذكرى، ولكنها ردت بحزم:
- انت لازم تقول لأبوك.
(فلاش باك)
شهقت فزعًا عندما علمت أن غريمتها هربت مع عشيقها، ثم نظرت إلى الطفلين غير مستوعبة أمر أنهما سيصبحان أبناء لها، وتحدثت بخوف قائلة:
- أولادها، أولادها يا سراج، دول أولادها.
تنهد سراج قائلًا:
- فاهم قصدك، للدرجة دي اتضايقتي يا ثريا عليهم؟
حزنت لكونهما أولاد ضرتها، فرددت قائلة:
- طبعا يا سراج أولادي كمان هيكونوا إخوات ليهم، عندي إحساس إنهم هيكبروا وهي هتيجي، وانت هتقلب وتاخدهم مني وتلوث حياتهم.
ثم شردت قائلة:
- أنا دايمًا عندي خيال للمستقبل، أولادي كمان هيزعلوا كتير لو ماقولتش الحقيقة يا سراج.
نظر لها ييأس قائلًا:
- خلاص يا ثريا أنا هبعدهم عنك، خليكي مع أولادك، لأن لو أحساسك إنهم هيعروا أولادك يبقى كدا بلاش.
واستطرد قائلًا:
- أنا بس مش هقدر أربيهم، هبعتهم بقى لذكرى مرات خطاب تاخدهم.
ثم تنهد بتعب قائلًا:
- آه يا وجع قلبي، يا مين يجيبها ليَّ.
بعد خروجه من عند ثريا أتاه اتصال من رقم مجهول، استشعر أن تكون أم صغيريه ولم يشأ الرد عليها، هو توقف بحياته معها إلى هذا الحد، ولكن تعددت الاتصالات ليرد بغضب:
- أنا عارف إن دي انتي يا ولاء، ومش عايز أشوف خلقتك تاني.
ضحكت بخلاعة قائلة:
- دا إيه الثقة دي؟ هي السنيورة رضيت عليك؟
رد عليها بثقة زائفة:
- طبعًا، دي حب عمري.
ابتسمت ولاء بخبث قائلة:
- والفلوس اللي أخدتها ماتسواش حاجة جمب حب عمرك يا عمري.
تنفس سراج بصعوبة قائلًا:
- طيب والضنا يا ولاء؟ إيه رأيك فيه؟ يستاهل يترمي بالساهل علشان فلوس؟
زفرت ولاء بحنق قائلة:
- دول ملايين يا سراج، وبعدين أنا سبتهم ليها وليك، انت فهمتها كدا من الأول، إني مجرد رحم، خلينا بقى نعيشها بنفس التفكير، ومين عارف يمكن أرجع أخدهم.
عليك أن تختار أن تقول الحقيقة وتكسر بها قلوب، أو تكبتها وتعتبرها مخفية في قلبك حتى لا تؤلم أحدهم، أهذا يعتبر نفاق؟ عند قول أي شيء مُنافٍ للواقع بهدف الرأفة بحال أحدهم، في الواقع أنا أعتبره ليس نفاقًا، لأن هدفه الرحمة، ماذا سأجني بإيلام الناس بالأشياء الواقعية؟ ما سيفرحني وأنا أقذف بمن أمامي في بحر الطغيان؟
سرد زياد لوالده خطاب ما حدث بينه وبين نور، لينظر خطاب أمامه بحقد دفين لسنين مضت قائلًا:
- كل اللي حصل دا بسبب سراج، إنه كان نفسه في حتة عيل وماقدرش يصبر.
عقد زياد ما بين حاجبيه قائلًا:
- ازاي ونور وهاجر اتولدوا وكان لسه حليم وميارا ماجوش الدنيا؟
ثم استكمل حديثه بحسرة قائلًا:
- أول ما ميارا طلعت رخصة العربية عرفت إنها مش بنت ثريا، فثارت وهاجمت الكل لغاية ما حليم هداها وطمنها إنه كمان معاها في نفس القصة.
جز خطاب على أسنانه قائلًا:
- يا مين يلايمني عليها الواطية، أقسم بالله لأدفعها تمن اللي عملته في ثريا وفيَّ وفي سراج، المفروض ترجع بأي وسيلة.
ثم زاد غضبه قائلًا:
- علشان تدفع تمن القديم والجديد.
اندهش زياد لحقد والده عليها فسأله قائلًا:
- وهي عملت فيك إيه لدا كله؟ الموضوع مايخصكش خالص.
ابتسم خطاب بمرارة قائلًا:
- دي اتبلت عليًّ، اللي زعلني إن سراج صاحب عمري متأكد إني ماعملتهاش، كان نفسي ينصرني عليها، ومن يوم ما اتبلت عليَّ وأنا في طريق وهو في طريق.
وتابع وهو يتباهى بمساعدته قائلًا:
- وبالرغم من اللي حصل، لما رجع منهزم صممت أساعده لغاية ما مات، ويومها صممت إنه يخرج من بيته في جنازة وأكرمته ودفنته بإيدي.
واستطردت بألم زائف قائلًا:
- بس اللي قهرني أولاده، ومع إن الأربعة مش أولاده من التانية إلا إن كلهم بقوا زي بعض، كنت بسمع صرختهم زي ما يكون قلبهم حاسس بموت أبوهم.
جحظ زياد بعينيه قائلًا:
- أنا كدا فهمت انتم ليه مش عايزين تقولوا حقيقتها لأولادها.
جاءتهم ذكرى تنظر إلى خطاب بلوم وعتاب قائلة:
- خطاب ليه كدا بس؟
ابتسم خطاب بسخرية قائلًا:
- إيه يا ذكرى؟ ماكنتيش عايزة حتى ابنك يعرف؟
زفرت ذكرى بحنق قائلة:
- ابنك أهبل يا خطاب، ممكن يروح يقول لميارا، والبنت حساسة ممكن تنجرح.
تنهد خطاب قائلًا:
- ما هو ابنك وتربيته زينا، مابيقدرش يمسك نفسه زيك، مش انتي قُلتي زمان لثريا على اللي عملته فيَّ التانية؟
ثم نظر إلى زياد يحذره قائلًا:
- زياد، انت لو عملتها بجد هتخليهم بكدا يكرهوني ويكرهوك، كفاية إنك قلت لنور إن أم حليم هربت مع واحد.
هز زياد رأسه بانصياع لما طلبه منه والده.
فجأة رن جرس الباب ليأتيهم حليم مبتسمًا، زيارة تبدو عادية، ولكن يبدو أن بداخله أسئلة، لذلك طلب من زياد أن يتركهم، نظر خطاب إلى حليم بتوجس قائلًا:
- يا ريت ماتكونش جاي علشان تسأل على الماضي يا حليم.
تنهد حليم ونظر إلى الفراغ أمامه، فيربت خطاب على ركبتيه قائلًا:
- انت بتتعصب قوي ليه كدا يا حليم؟
التفت حليم بوجهه إلى خطاب وتحدث قائلًا:
- دا أصلي يا عم خطاب، مش يمكن يطلع زبالة وماكنش لا أنا ولا أختي أولاد الراجل اللي مات دا.
واستطرد باشمئزاز قائلًا:
- دي ست سابتنا ومشيت وماحترمتش الراجل اللي كانت متجوزاه، لو احنا أولاده أكيد ماكنتش هربت.
ابتسم خطاب ببهوت قائلًا:
- كلامك ممكن يكون صح، هو ممكن تدعبس في الموضوع دا لو انت لوحدك، لكن انت معاك ميارا، حرام تتبهدل في المواضيع دي.
زفر حليم بحنق قائلًا:
- أنا دلوقتي متأكد إنها أمنا لكن مش متأكد إنه أبونا، آه واضح من ملامحها إنها بنته، وأنا كمان شخصيتي فيها كتير منه.
هز خطاب رأسه بتفهم قائلًا:
- أنا عارف إن كل كلامك صح، بس والله العظيم لو أقدر أقولك حاجة كنت قُلتها.
نظر إليه حليم بغيظ قائلًا:
- وأنا عارف إنك تقدر، بس ماما ثريا موصياك ماتقولش حاجة.
ابتسم خطاب بسخرية قائلًا:
- بخاف منها يعني؟ لا، أنا مش بخاف يا حليم، بطل تدور عليها، دي مش أمك، أمك هي ثريا.
رد عليه حليم بقوة:
- أنا فعلًا ماليش غير أم واحدة هي ثريا، بس حابب أعرف ثريا نفسها مكسورة ليه، علشان لو بسبب الست التانية أجبلها حقها.
واستطرد بحقد:
- هندمها الندم اللي أكيد أبويا كان نفسه يندمه ليها، علشان كدا نفسي أطلع ابن سراج الخشاب، ساعتها هوريها ألوان من العذاب.
رد عليه خطاب قائلًا:
- انت ابنه فعلًا، نفس قوته وشجاعته، ماينفعش تكون ابن حد تاني.
واستطرد ليريحه قائلًا:
- بس أنا عندي حل لكل الحيرة دي، اعمل تحليل d.n.a وانت تعرف.
جحظ حليم بعينيه قائلًا:
- ودا نعمله ازاي وأبويا ميت، استحالة هفتح قبره، أنا مش ناقص وجع قلب.
رد عليه خطاب بكل ثقة:
- استنى، زياد كان فرجني على حاجة على النت، مشكلة بنت وماذكرش اسمها، وربنا حسيت إنها ميارا، هخليه يفرجها ليك، يا زياد.
آتاهما زياد في لهفة قلقًا ألا يكون علم حليم بماضي والدته، وسأل والده بتوجس قائلًا:
- أيوه يا بابا فيه حاجة؟
نظر خطاب إلى الهاتف الذي بيد زياد قائلًا بلهفة:
- هات يا زياد مشكلة البنت اللي كانت عايزة تعمل تحليل اثبات النسب.
عقد زياد ما بين حاجبيه ليذكره خطاب قائلًا:
- البت دي اللي كانت عايزة تعمل التحليل مع أخوها، لأن أبوها ميت وهي من أم تانية.
هز زياد رأسه متفهمًا، ثم فتح الهاتف وبحث عنها ووجدها قائلًا:
- أهو يا بابا، الرد أهو.
انتزع حليم الهاتف من يد زياد وتمعن النظر في المشكلة وحلها الذي كان نصه:
"أما في مثل حالتك -أختي الكريمة- فيتم أخذ عينة الحمض النووي من كليكما -أنتِ و أخيك-، فإذا تطابقت العينتان تمام التطابق يعني ذلك أنكما أخوين من الأب والأم، وإن تطابقت في شق واحد واختلفت في الشق الآخر معنى ذلك أنكما أخوين ولكن لستما أشقاء، وفي حالة عدم التطابق في أي شق معني ذلك أنكما لم تكوناا أخوة"
نظر إليهما حليم قائلًا:
- تمام.
ولكن زياد كان في حالة اندهاش، فسأل حليم:
- انت عايز تعرف الليلة فيها إيه؟ صح؟
ابتسم حليم بسخرية قائلًا:
- ها يا زياد؟ مستغرب إني عايز أتأكد من أصلي؟ بس أنا مش محرج ولا مستصعب الموضوع، لأني بدور على حقي.
انصرف حليم، ثم دلف خطاب إلى غرفته، فوجد ذكرى شاردة ولم تنم، فابتسم بخبث قائلًا:
- مش عوايدك يا ذكرى.
انتبهت ذكرى إليه قائلة:
- ليه كدبت عليه يا خطاب؟
زفر خطاب بحنق قائلًا:
- أنا قلت كل الحقيقة يا ذكرى.
هزت رأسها برفض قائلة:
- مش دي الحقيقة يا خطاب.
اقترب منها خطاب قائلًا:
- انتي ليه مش عايزة تنسي الماضي؟ إذا كانت صاحبة عمرك نسيت.
ابتسمت ذكرى بحزن وضعف قائلة:
- أصل أنا ذكرى يا خطاب، وهفضل طول عمري فاكرة كل حاجة لغاية ما ربنا يجبلي حقي منك.
عاد حليم إلى منزله، وجد الجميع نائم حتى نور، ليتنهد براحة ويذهب إلى غرفة مغلقة تفتح للتنظيف فقط، وليست ممنوعة على أحد، لأن بها يوجد ذكريات والده، دلف إليها وقام بأخذ صورة واحتضنها وغط في ثبات عميق، ليأتيه صاحب الصورة في منامه قائلًا بجمود وكأنه حزين منه:
- ارفع راسك لفوق يا حليم، مش علشان انت ابني، لكن علشان ثريا هي اللي ربتك، بص لكل الناس وانت فخور، اوعى تحط راسك في الأرض، انسى اليوم اللي اكتشفت فيه إنك مش ابنها، خليك دايمًا مركز إن ثريا هي أمك وبس.
زفر حليم بحنق ليتضايق سراج قائلًا:
- مفيش فايدة فيك يا حليم بقيت زيي، أنا لو كنت سمعت كلام ثريا وصبرنا ماكنش دا بقى حالي، بس برضو لو كان دا حصل ماكناش شوفناكم انت وأختك.
واستطرد سراج بمرارة قائلًا:
- أنا ضعفت قدام رغبة، وأنا مفكر إني متجوزها علشان....
ثم صمت وأضاف قائلًا:
- يلا اللي حصل حصل، أنا عايزك قوي، اتعامل مع الكل عادي على إنك ابن ثريا، وهترتاح صدقني.
ثم ابتسم بمرارة وأكمل:
- طبعًا انتم شايفين إني وحش، بس زي أي راجل مش بيعجبني اللي في إيدي.
عقد حليم ما بين حاجبيه قائلًا:
- هو انت اتجوزتها علشان تخلفنا؟
أغمض سراج عينيه قائلًا:
- أيوه.
عقد حليم ما بين حاجبيه قائلًا:
- بس أنا وأختي أصغر من نور وهاجر، يعني انت ماكنتش محتاج للخلفة.
ابتسم سراج بمرارة قائلًا:
- لا كنت محتاج، أنا اتجوزتها بعد محاولات كتيرة لثريا للخلف بس ربنا ماكنش رايد، لكن إرادة ربنا فوق كل شيء.
سأله حليم قائلًا:
- هو انت ماكنتش تعرف إن ماما ثريا حامل في إخواتي؟ أصل بصراحة جدي اللي هو بابا ماما ثريا قال لي كدا.
تنهد سراج قائلًا:
- لا ماكنتش أعرف، بس عمك خطاب كان عارف وخبى عليَّ، هو احترم رغبتها.
ابتسم حليم بمرارة قائلًا:
- وأنا اللي كنت مفكر إنه إحساس سلبي عندي، أنا كنت حاسس بدا كله مش عارف ليه؟
احتضنه والده في الحلم قائلًا:
- حليم كل إحساسك في محله ما عدا إنك مش ابني، عايزك ماتعملش التحليل، وتخلي بالك من أختك ومن نور وهاجر ومن ثريا..
واعتصره قائلًا:
- مهما حصل اثبت ووقف العيلة اللي تعبت فيها ثريا، طول عمرها كان نفسها يبقى عندها أولاد وربنا جبرها، حتى لما ظلمتها سابتني لربنا اللي أخد لها حقها.
و حذره قائلًا:
- اوعى تزعلها في يوم، خليها ترفع راسها بيكم، أي حاجة في الدنيا مش هتعوضك حضنها، هتلاقي نفسك بتلف لفتك وبترجع ليها.
وابتسم ابتسامة تقطرت فيها دموعه قائلًا:
- هي عملت ليكم بداية ووصلتكم لنهاية أجمل، بس أحلى بداية، انت حقك تفتخر إن الست دي ربتك انت وأختك.
ابتسم حليم بثقة قائلًا:
- ثريا ربت راجلين وبنتين، ما حدش يقدر يوفيها حقها.
ابتسم سراج مفتخرًا به وقال:
- دايمًا عايزك تقول الكلام دا.
هز حليم راسه قائلًا:
- حاضر، وأكيد أنا بقوله دايمًا علشان كدا كنت حابب أعمل التحليل علشان لو ماطلعتش ابنها على الأقل أبقى ابن جوزها.
ووعده قائلًا:
- وأول ما هطلع ابنك صدقني هطير من الفرحة.
ابتسم سراج بقلة حيلة قائلًا:
- كنت عارف إن زيارتي ليك دي ملهاش لازمة، انت حر، بس حاسب وانت بتعمل كدا تضرب حد في قلبه.
هز حليم رأسه خوفًا ألا يعاود زيارته مرة أخرى وانتفض قائلًا:
- طيب قول انت عايز إيه وأنا أعمله؟ بس اوعى ماتجيش تاني، مجيتك دي ريحتني.
ابتسم سراج قائلًا:
- اعمل اللي نفسك فيه، ولو حللت أول ما النتيجة تطلع اكتمها في قلبك سواء بالخير أو بالشر، دا اللي طالبه منك، وحاسب وانت بتعمل كدا تضرب حد في قلبه.
انتهى الحلم، أحلامنا جزء من الواقع الذي يحاربنا طوال يومنا، استفاق حليم من حلمه وهو ما زال محتضنًا لصورة والده، تنهد بقوة قائلًا للصورة:
- حاضر هعمل كل اللي قلت ليَّ عليه، بس ابقى تعالى تاني، انت بتوحشني قوي.
تفحص هاتفه ليجد رسائل عديدة من وئام رغم جرحه لها، فتذكر كلمة والده، تذكر أنه جرحها، ثم ودون تردد ضغط على زر الاتصال لتجيبه على الفور، كما لو كانت تنتظره، ولمَ لا؟ وهي دائمًا بانتظاره، حتى في لحظات إهماله لها، توتر عند سماع صوتها وارتبك قائلًا:
- مش قصدي، رنيت على الرقم بالغلط.
أغمضت عيناها، فهي تعلم جيدًا أنه يكذب، لأن حليم ليس بالشخص اللعوب الذي يهاتف الناس بتلك الساعات المتأخرة، ولكنها تحاملت على نفسها وسألته قائلة:
- انت بتكدب عليَّ ولا على نفسك؟
تنهد بتعب قائلًا:
- كنت بتصل بصاحبتي ونسيت أحذف رقمك.
ابتسمت وئام بمرارة قائلة:
- بلاش تحذفه يا حليم، مسيرك تحتاجه، وأهو فرصة أرد الضربة اللي في قلبي منك ليك.
دون تردد سألها قائلًا:
- لسه بتحبيني؟
شهقت بوجع قائلة:
- آه مع الأسف، انت علمت علامة كبيرة وضربتك كانت زي الحفرة، تصبح على جنة يا أحلى حب حسيته في حياتي.
كان جميع من بالمنزل نائم عدا ثريا التي شاهدته وهو يدلف إلى حجرة والده، لتذهب هي الأخرى إلى حجرتها هي وسراج، وتجلس على فراشها وتعود بذكريات هذا اليوم إلى الخلف، إلى يوم عرسه عندما تنهدت بحزن قائلة:
- خلاص يا سراج هتتجوز؟
ابتسم سراج ابتسامة مرتعشة قائلًا:
- آه يا ثريا، بس والله أنا ممكن أتراجع علشان ماتبقيش موجوعة.
حاولت إيقاف سيل الدموع، يعلم بوجع قلبها ومع ذلك يتمادى ليحتضنها قائلًا:
- احنا العمر قدامنا كتير يا ثريا وأنا ليكي، بس دا جواز لسبب مش جواز عن حب زيك، نفسي في حتة عيل، خايف أموت وأهلي ياخدوا اللي ورايا واللي قدامي.
ثم وضع يده على قلبه قائلًا:
- أنا حاسس إن أجلي قرب مش عارف ليه، نفسي أجيب ولد وأسميه حليم على اسم الفنان عبد الحليم اللي بتحبيه، علشان خاطري ماتزعليش مني.
شددت ثريا على أحضانه قائلة:
- انت راجع ليَّ يا سراج، وإن شاء الله تجيب حليم وتجيب ولاد حلوة كتير، بس اوعى هي ترفض اسم حليم، علشان خاطري.
هز سراج رأسه برفض قائلًا:
- ماتقدرش، أنا اللي هكتب اسمه، آه يا ثريا لو أطول أكتبك في خانة الأم.
ابتسمت ثريا بمرارة قائلة:
- اوعى يا سراج، أنا فاكرة حكاية الست اللي جوزها عمل كدا وقهرها، اوعى تقهر حد علشاني.
أخرجها من أحضانه ينظر إليها بافتخار قائلًا:
- أي واحدة في مكانك هتطلبها لكن انتي لا، بس أوعدك إن أولادي هيقولوا لك يا ماما، أول ما يتولدوا انتي أول حد هيشلهم..
وزاد بثقة قائلًا:
- قبل أمهم.
ثم احتضن يدها وقبلها قائلًا:
- وقبلي أنا كمان.
ابتسمت ثريا قائلة:
- كل دا يا سراج عشاني؟ هو انت هتبقى مركز ساعتها؟
تنهد سراج قائلًا:
- هركز علشانك، أنا لو أقدر أعملك يومها أكتر من كدا هعمل، بس انتي ماترفضيش تيجي زي ما انتي عاملة النهارده.
واستطرد يترجاها:
- كمان عايزك تبقي تنزلي القاهرة وتقعدي معانا، ولو حملت اعملي حسابك هتقعدي معانا طول فترة الحمل.
قامت بعدل رباطة عنقه قائلة:
- ابقى هاتها هنا يا سراج، مش بحب القاهرة، أنا بحب إسكندرية.
ثم ابتسمت قائلة:
- أنا عاملة زي السمك لو طلع من الميه يموت.
ابتسم سراج قائلًا:
- تعرفي إني زيك، ما تتصوريش أنا مش بحب أسافر هناك ازاي.
ثم ابتلع ريقه قائلًا:
- قلبي هنا معاكي يا ثريا، ربنا ما يفرقني عنك أبدًا.
هزت ثريا رأسها قائلًا:
- يا رب يا سراج، بس دا متوقف عليك انت.
نظر إليها بحزن وبإحساس أنه لم يوفِ بعهده لها وردد قائلًا:
- ماتخافيش يا ثريا، أنا هفضل على عهدي ليكي، خلي عندك ثقة إني مهما لفيت هرجع ليكي.
وأضاف قائلًا:
- حتى لو جابتلي دستة عيال، انتي الأساس مش هي.
نظرت له بلوم وعتاب قائلة:
- حرام يا سراج، أنا مش هبقى مرتاحة وانت مش بتعدل، بلاش توجع حد فينا أفضل.
تنهد سراج قائلًا:
- والله يا ثريا لولا النصيب ماكنتش عملتها، أنا زي ما يكون ماشي وسايب قلبي معاكي، اصبري عليَّ أرجوكي.
واستطرد بوجع:
- وكفاية وجع قلبي عليكي.
نظرت له ثريا برجاء قائلة:
- ينفع تاكل معايا يا سراج قبل ما تمشي؟
استصعب سراج الموقف قائلًا:
- ينفع، بس أنا كدا مش هقدر أسيبك، هفضل متبت فيكي أكتر.
وضعت يدها على صدرها تترجاه أكتر قائلة:
- علشان خاطري، نفسي أكل معاك، مش هاكل اليوم كله لو مأكلتش معاك.
هز رأسه بايجاب قائلًا:
- حاضر، بس أبوس إيدك يا ثريا اهتمي بنفسك وأنا مش موجود، علشان خاطري أنا، لو ليَّ خاطر عندك.
ثم هز رأسه بضعف قائلًا:
- ماتخلنيش أندم إني سايبك وماشي، حلفتك باللي خلقك.
فاقت من شرودها وابتسمت بمرارة تريد توقيف الزمن عند تلك اللحظة.
أتاها اتصال من خطاب فعقدت حاجبيها بقلق ثم ردت عليه، ليجيبها قائلًا:
- ماتزعليش مني يا ثريا، النهارده نور عرف جزء من حقيقة ولاء.
شهقت ثريا وقالت:
- ازاي دا حصل؟
رد عليها بشماتة قائلًا:
- نور ضغط على زياد، وزياد ماقالش غير إنها هربت مع عشيقها بس.
تنهدت ثريا براحة، ولكن ما زال يروادها القلق فحذرته قائلة:
- مش مهم، دي غلطتك انت لأنك حكيت لابنك، المهم حكايتك معاها ممنوع ابنك يعرفها.
ضيق عينيه يسألها قائلًا:
- ولو عرفها إيه اللي هيحصل؟ انتي ناسية الموضوع في صالح مين؟
زفرت بحنق قائلة:
- فاكرة، بس العيار اللي مايصيبش يدوش يا خطاب.
أغلقت هاتفها في وجهه بغضب، فقد حذرته مرارًا وتكرارًا من الاتصال بها في أوقات متأخرة، لأنها لن تنسى يومًا أنه كان يريدها وبشدة.
في الصباح استيقظت هاجر ونظرت إلى ميارا تتأملها قائلة:
- مش عارفة لما تتجوزي هفتح عيني على مين؟ ياريتك ترضي تتجوزي عندنا هنا في البيت، ولا بلاش لأحسن زياد ياكلنا.
ثم ضحكت قائلة:
- يا خوفي لترجعي لينا ناقصة دراع.
استيقظت ميارا ونظرت إليها بنصف عين وقامت بقذف الوسادة عليها قائلة بمرح:
- خدي بالك من كلامك يا بايرة، دا زياد دا هيزودني حتة مش هينقص، كفاية إني أصحى على شكله الحليوة المسمسم.
طارت هاجر من فراشها ووقعت فوق شقيقتها ميارا تكيل لها الضربات بمرح قائلة:
- ربنا على المفتري، إلهي يا رب أتجوز قبلك، وواحد أحلى منه كمان.
قامت ميارا بدغدغتها قائلة:
- وربنا ما هسيبك إلا لما تفطسي في إيدي يا هاجر وتقولي حقي برقبتي.
أخذت تتعالى ضحكات هاجر وميارا تدغدغها، ولكن فجأة ميارا تركتها، لتعقد هاجر ما بين حاجبيها قائلة:
- مالك يا ميارا وقفتي ليه؟
نظرت ميارا إلى الفراغ أمامها متذكرة حلم حلمت به، لتنظر إلى هاجر قائلة:
- أنا حلمت ببابا امبارح.
ابتسمت هاجر وحثتها على الحديث قائلة:
- هااا، احكي.
قضبت ميار وجهها قائلة:
- قال لي كفاية تدوير في الماضي، ولو خلفتي ولد سميه سراج.
تعالت ضحكات هاجر قائلة:
- إيه الحلم الأهبل دا.
نظرت إليها ميارا بحزن قائلة:
- لا يا هاجر دا مش حلم أهبل، انتي مأخدتيش بالك من أول كلامه.
ثم شردت قائلة:
- بس كان بنفس شكله اللي في الصورة، هو الميتين مش بيكبروا؟ عارفة كان نفسي أسأله هي ليه سابتنا.
رفعت هاجر حاجبيها قائلة:
- ومسألتهوش ليه؟
ردت عليها ميارا وهي تحتضن نفسها قائلة:
- أول ما حضني زي ما أكون فقدت الذاكرة، ضمته وجعتني على قد ما أنا فرحت بيها، قال لي وهو بيحضني "أنا بحبك وبحب إخواتك جدًا".
ثم ضمت قلبها قائلة:
- وقال قلبي معاكم، وسلمتك لأم عظيمة، فبلاش بقى تزعلوها، وقال لي إنه آسف لينا كلنا، زي ما قالها لماما ثريا زمان.
واستطردت ببكاء قائلة:
- وقال لي إخواتك هيقدروني، بس انتي وضعك تاعبني قوي، وبعدين خرجني من حضنه وقال لي ماتتغريش في نفسك، ولازم تعرفي إن ثريا هي اللي خلقت بدايتك.
تابعت حديثها بقلق قائلة:
- وكمان قال لي إن أمي الحقيقة أكيد هتحاول ترجع تاخدني، وإنه ياما شاف منها.
ثم أغمضت عينيها قائلة:
- ربنا يسامحها على اللي عملته فينا.
كادت هاجر أن ترد عليها لولا اتصال زياد، لتتركها هاجر تنعم بالمرح، ردت عليه ليأتيها صوت المرح قائلًا:
- صباح الخيار على أحلى ميار، ما هو أنا مش لاقي أحلى من كدا نغمة على اسمك.
ابتسمت ميارا ابتسامة خافتة وقالت:
- مش وقتك خالص يا زياد، علشان خاطري خف شوية عليَّ، أنا تعبانة.
عقد زياد ما بين حاجبيه قائلًا:
- وانتي إيه اللي تعبك يا حبيبتي؟ حد ضايقك احكي وفضفضي، أنا حبيبك يا ميمو.
تنهدت ميارا قائلة:
- هحكيلك.
وبالفعل سردت عليه الحلم كاملًا وليس الجزء الذي سردته لهاجر فقط، ليرد عليها زياد قائلًا:
- ماتتضايقيش يا ميارا، وبعدين العربية اللي خلاكي تركبيها في الحلم سكة السلامة، لو طيارة يبقى هتقعي من الشباك.
ثم ضحك قائلًا:
- حبيبي يا عمو سراج حاسس بيَّ وبماديتي، أنا على قدي، كفاية عليَّ عربية ماليش في الطيارات.
تعالت ضحكات ميارا قائلة:
- ماشي يا بتاع العربية، والله لأقتلك على هزارك دا، المهم بدأت تجهز حاجتنا ولا لسه؟
ابتسم زياد قائلًا:
- طبعًا، أنا جبت المروحة امبارح، أنا بتحر بسرعة.
لم تتمالك ميارا نفسها من الضحك قائلة:
- وربنا انت مسخرة، وهتفضل طول عمرك كدا.
ابتسم زياد بسعادة وارتياح، لأنه نجح في إضفاء الضحكة على وجهها وتحدث قائلًا:
- أنا مستعد أعمل أي حاجة علشان أسمع ضحكتك يا ميارا، و عايزك تسمعي كلام أبوكي، اوعي تنبشي في الماضي.
ابتسمت ميارا قائلة:
- حاضر يا حبيبي، بس اللي مزعلني ماقاليش ليه، كان نفسي يقول لي الحقيقة اللي ماما ثريا مخبياها عننا.
واستطردت بتساؤل قائلة:
- وكمان ليه اتجوز على ماما ثريا مع إنها بتخلف، كل دي أسئلة شاغلة بالي، انت تعرف حاجة يا زياد أنا معرفهاش؟
ضحك زياد ليخبأ ما يعرفه بضحكاته وردد قائلًا:
- ماعرفش طبعًا، هعرف ازاي وأخبي عنك يا ميورة؟ ما تشغليش بالك.
دلفت والدته إليه لينهي اتصاله مع ميارا ويبتسم لوالدته قائلًا:
- بلاش تتعبي نفسك، فطرت وحليت بالسكر ميورتي.
ابتسمت ذكرى بسعادة وسألته قائلة:
- للدرجة دي بتحبها؟
تنهد زياد بسعادة قائلًا:
- فوق ما تتصوري.
ابتسمت ذكرى بشرود قائلة:
- رينا ما يحرمك منها.
عقد ما بين حاجبيه لشرودها قائلًا:
- مالك يا زوزو سرحانة في إيه؟
توترت ذكرى قائلة:
- في فرحتك انت وميارا.
ثم نهضت وخرجت من غرفته متمنية له السعادة، تخشى عليه من أن الظروف تقف عائقًا بينه وبين ارتباطه بميارا.
استيقظ نور وقطب جبينه لعدم وجود حليم معه بالغرفة، فنهض سريعًا وهبط للأسفل ولم يجده أيضًا، وجد ثريا تحتسي قهوتها وهي تشرد بحزن فأخرجها من شرودها بطبع قبلة على جبينها قائلًا:
- صباح الخير يا حبيتي.
وضعت فنجان قهوتها على المنضدة واحتضنته حضن أمومي وهي تقول:
- صباح النور يا نوري، كنت لسه هبعت هاجر تصحيك.
ربت نور على يدها بحنان قائلًا:
- وأنا صحيت من نفسي النهاردا لأول مرة، دا حليم منامش معايا امبارح.
ثم نظر إليها وغمزها قائلًا:
- وبعدين ما دام كنتي هتخلي هاجر تصحيني، يبقى عايزاني في موضوع مهم.
نظرت إليه بخبث قائلة:
- لسه بتدور انت كمان في موضوع حليم وميارا؟
ابتسم نور بخبث قائلًا:
- انتي شايفه إيه؟
ابتسمت ثريا بسخرية قائلة:
- لا أنا مش شايفة، أنا عرفت يا نور.
زفر نور بحنق قائلًا:
- كنت عارف إن زياد وأبوه هيقولوا لك، بس على فكرة ماتقلقيش خالص، أصلًا بابا جالي امبارح في الحلم ووصاني أشيل إيدي من الموضوع دا.
لترفع حاجبيها مندهشة، فيستطرد هو بحزم قائلًا:
- علشان كدا أنا هكبر دماغي، الغريبة إنه وصاني عليكي وعلى ميارا وهاجر.
في تلك اللحظة كان كلًا من حليم وميارا وهاجر يهبطون إلى الأسفل، ليجحظ حليم بعينيه بعدما سمع أن والده أتى لنور في الحلم أيضًا، حدقت ميارا في وجه هاجر لأنها هي الأخرى حلمت بوالدها، لينتاب هاجر شعور بالغيرة، لماذا هم؟ أهو يختار من كل تؤام واحد فقط أم ماذا؟ أيكون نور ابن المرأة الأخرى وحدث خطأ في التسجيل بينهما، لذلك ظهر لنور وميارا فقط؟ ولها الحق في هذا الشك لأنها لا تعلم أنه ظهر لحليم أيضًا، ولو علمت ذلك سوف يقودها الشك إلى سبل أخرى، من المحتمل عدم ظهوره لدى هاجر لأن هاجر لم تعطي للموضوع أهمية، فهي فقط تريد أن تحيا اليوم كما هو دون أفكار سوداوية، وتحلم بيوم أخر أفضل منه.
استكمل نور حديثه قائلًا:
• أنا هسمع كلامه وهحترم رغبتك، مع إني كنت قربت أوصل لبداية الخيط، بس ماعدش ينفع، لأني عطيته وعد للأسف.
