رواية طفلة في ثوب انثي
الفصل الثامن8
بقلم غادة عبد الرحمن
كلما شعرت بأني اقتربت، ابتعد عني كل شيء، لم أعد أشعر بالحياة، ولا أحفل بأي حدث فيها، وحيدة حتى مع نفسي، وغريبة أينما كنت
لا تعلم لم أصبحت معاملة زوجة خالها مختلفة لم تعد تتحدث معها وإن تحدثت جرحتها بالكلمات وقد لاحظ الجميع ذلك
- ثريا تعالي عاوزك
- نعم يا هاشم خير؟
- فكرتي في كلامي
- كلام ؟!! اه قصدك الهبل اللي قلته من كام يوم؟
- هبل ؟ أنا بقول هبل يا ثريا؟
- امال تسمي كلامك ده ايه إن كنت بحب بنت
أختك فأنا بحب ابني اكتر منها أنت شكلك
ناسي ابنك يبقي ايه ده دكتور جامعة قد الدنيا عايزة تجوزه واحدة جاهلة وكمان أرملة ليه ده لا يمكن يحصل أبدًا وده اخر كلام عندي
- طب ناخد رأيه حتي اهو دور لها علي مدرسة وهيدخلها امتحانات ثانوية عامة وبكره يبقي لها مستقبل
- يبقي لها أو ميبقاش بعيد عن ابني يا هاشم واكتر من كده هرميها برا في الشارع
- ده بيت خالها ولا نسيتي
- خلاص يا هاشم أنا هاخد ابني ونروح في أي حته وخليك أنت مع بنت أختك
تركته وغادرت الغرفة غاضبة
جلس علي الفراش و رأسه بين يديه لا يعلم ماذا
يفعل وسمعها وهي تصب غضبها علي
دهب دون سبب يذكر
كُل فترة هايحصل موقف يخليك تعيد ترتيب كُل الناس حواليك ناس غلاوتها هاتزيد حبه وناس غيرهم هتقل غلاوتهم فى قلبك، وكُل واحد بياخُد مكانته بأفعاله
- الو ا. فايز
- ايوه مين معايا؟
- مش مهم تعرف دهب بنتك
- مالها وأنتِ علاقتك بيها ايه؟
- بنتك في القاهرة والعنوان ........... تعالى خد بنتك وخليها عندك مع السلامة
اغلق الهاتف وحدث نفسه قائلا: العنوان ده مش غريب عليا
ثم انتقض وذهب لغرفة زوجته الأولي، جذبها من
السرير إلى الأرض: مش ده برده عنوان
اخوكي يا زبا له؟
- ا اخويا وأنت عرفته منين؟
- اديني عرفت اهو وهروح اجيب بنتك واحزنك عليها صبرك عليا بس
وتركها تبكي وتولول علي ابنتها وما علي وشك أن يحدث لها
ارتدت عبائتها وأسرعت إلى منزل قمر ابنتها لتحادث هاشم وتحذره الذي طمئنها ووعدها أنه لن يتخلى عن ابنتها أبدًا
في صباح اليوم التالي
استيقظت ثريا من النوم ولم تجد أحد في المنزل حاولت الاتصال بهم ولكن دون رد
وبعد عدة ساعات
فتح باب المنزل وأطل عليها الثلاثة معًا
- انتوا كنتوا مع بعض ولا اتقابلتوا علي السلم؟
- لا يا ماما كنا مع بعض
- وكنتوا فين أن شاء الله علي الصبح كده
و من غير ما تقولولي
وجه انس الحديث إلى دهب: ادخلي علي اوضتك يا دهب
ثم وجه حديثه إلى والدته: أنا ودهب اتجوزنا يا ماما
اتسعت حدقتيها مما سمعت: ايه انت بتخرف بتقول ايه؟
- ايوه يا ماما اتجوزنا ومش هنطلع القسيمة دي إلا إذا احتاجناها
- نفذت اللي في دماغك يا هاشم ومن ورايا مش مسمحاك ولا هسامحك طول ما أنا عايشة
- بابا ملوش ذنب أنا راجل وعاقل ووافقت
- لا أنا الكلام ده ميدخلش دماغي والله ما قاعدلكم فيها
- يا ثريا
- بلا ثريا بلا زفت
تركتهم ودخلت حجرتها تضب حقيبتها تنوي
الرحيل عندما سمعت صوت دقات عالية
علي الباب
لتخرج وتجد من يمسك بابنها من قميصه ويهزه بعنف: بنتي فين يا عصابة؟
- سيب الولد يا فايز
- وماله تعالى أنت يا شايخ يا عايب بتخبي البنت من أبوها؟
- البنت في بيت خالها مش في الشارع عيب كلامك ده
تدخلت ثريا في الحديث: بنتك هجبهالك وخدها واتفضلوا من غير مطرود
- ايوه عرفتك من صوتك كتر خيرك كده تكملي جميلك
هتف هاشم بعدم فهم: جميل ايه؟
- أنت ما تعرفش ما الهانم اللي كلمتني وقالت لي علي العنوان شكل البت دهب مزعلاها بس وماله كتر خيرها
نظر لها هاشم ولم يتحدث بل اكتفى بنظرة
عتاب طويلة
- مش وقت نظرات أنا عايز بنتي وإلا هدفنكم مكانكم أنا والرجالة دول
خرجت دهب و تقدمت من والدها وساقيها تتخبطان من الخوف والرهبة: اانننا أنا مممحدش خطفني
هجم عليها والدها ليفتك بها وهو يردد: اه يا بنت الك لب أنا هربيكي
أغمضت عيناها تنتظر الشعور بالألم الذي تعودت عليه جراء صفعات والدها ولكن مرت الثانية تلو الأخرى دون حدوث شئ لتفتح عينيها وتري يد والدها معلقة في الهواء يمسك بها أنس وهو يردف: اقسم بالله اقسم بالله لولا أنك راجل كبير وفي سن والدي أنا كنت كسرت لك ايدك اللي يمد ايه علي واحدة ست ميبقاش راجل
- وانت بقي اللي هتعلمني ازاي اربي بنتي
ابعد كده بدل ما اطلب لك البوليس
- وماله اطلب وأنا قاعد مستني اهو لتكون فاكر اني خائف من شوية الرجالة اللي معاك ولا من البوليس لا يبقي أنت فهمتني غلط وغلط اوي كمان
اقترب منه وهو يتحداه نظراته ليكمل: اوعي تكون فاكر اني دكتور بقي ومتعلم فمش هعرف اقفلك لا خالص أنا بس محترم وجود والدي وكله بالقانون
بدأت شرارات الخوف والريبة تدب بداخله: قصدك ايه؟
- قصدي أن دهب مراتي ولا انت ولا عشرة زيك يقدروا ياخدوها من هنا من غير اذني
- ايه مراتك؟
- ايوه علي سنة الله ورسوله ورينا بقي عرض كتفاك ومع السلامة
- اوعي تكون فاكر اني هسكت لك لا هرجعلك وهتشوف أنا هعمل ايه
غادر وهو يتوعدهم بعقاب شديد علي فعلتهم لتنفجر دهب باكية من كم المشاعر المختلطة بداخلها لا تعرف هل هي فرحة بدافع أحد ما عنها ام أنها خائفة من والدها
- بقي كده يا ثريا دي اخرتها تخوني ثقتي
- أنا كنت بدور علي مصلحة ابني
- بالشكل ده أنتِ تعرفي عملتي ايه خونتيني خنتي عشرة العمر ده كله مش كنتي ماشية اتفضلي مع الف سلامة
شهقت باكية ثم اردفت: بتطردني يا هاشم كتر خيرك
اخذت حقيبتها وتوجهت إلى الخارج ولكن اوقفتها يد
انس وهو يردف: يا ماما استني هو مش قصده
نفضت يده عن ذراعها واردفت: المكان
اللي هي فيه ميسعنيش معاها
لتهرول خارجة وتنزل الدرج شبه راكضة ولكن بسبب دموعها أصبحت الرؤية غير واضحة لتنزلق قدمها وتسقط من أعلي الدرج لاسفله وهي تصرخ
عاد إلى المنزل كالأسد الجريح يؤذي كل من يقترب منه
ولكنها وبالرغم من غضبه ونهره لها إلا أنها كانت في غاية السعادة من الداخل لانه لم يعد بدهب معه لتعلم أنها في أمان حتي ولو كان مؤقت
واستمعت لحديثه مع زوجته الثانية بسبب علو أصواتهم
- خلاص بقى يا فايز
- ابعدي عني يا وش الفقر
- الله وأنا مالي مش كفاية من ساعة ما اتجوزنا وأنا
محبوسة في الخرابة دي
- خرابه يا بنت الك لب وأنتِ كنتي تطولي
يا بتاعت ليلة ومع السلامة
- نعم يا حبيبي مش أنت اللي بوست الأيادي عشان ارضي بيك بص بقولك ايه أنا الحوارات دي مليش فيها
- خليك كده حلو معايا ولا تحب أعرف الكل والحكومة أن أنت اللي دبرت حادثة مجدي ومراته عشان بنتك تورث كل حاجة
- بس اسكتي الله يخرب بيتك هتودينا في داهية
- لايا حبيبي أنت اللي هتروح في داهية
- طب بس بس عايزة ايه م الاخر
- تكتبلي الأرض والبيت
- بس دول مش بتوعي
- ما أنا عارفة يا عنيه أنا عايزة بقي بتوعك القدام مش دول لتكون فاكرني هبلة
- بس كده كتير
- مش كتير عليا أولًا و علي كتم سرك ثانيًا وبعدين ما أنت عندك الورث كله بتاع بنتك اشبع بيه ها قولت ايه؟
- هقول ايه بس؟
- الصبح نروح الشهر العقاري يا عنيا عشان نفضل حبايب وصحاب
عادوا من المشفى بعد أن قام الطبيب بعمل جبيرة لقدم ثريا التي تأذت بشدة بسبب السقوط: مرتاحة كده يا ماما ولا اضبط المخدات؟
- لا يا حبيبي كويسة
- ابوك فين؟
- بابا برا في الصاله اندهله
- لا سيبه براحته الاهتمام مبيطلبش
- هههههه اه مرسال الغرام بقي وكده
- بس يا ولد عيب
قبل يدها و أردف: يا ماما هو له حق يزعل بصراحة حضرتك غلطتي
- مش هنكر واكابر أنا فعلًا غلطانه بس أنا عمري ما هتقبل جوازك من دهب
- ليه يا أمي أنتِ كنتي بتحبيها وتقولي عليها زي بنتك
- منكرش أنها حبيبتي وبنتي بس أنت ابني ابن بطني محدش أهم منك عندي ومش دي الجوازة اللي اتمنهالك
- حتي لو عرفتي اني ميال ليها؟
- وأنت لحقت؟
- مش بالوقت يا أمي أنا حاسس اني عوض ربنا ليها حاسس اني مسؤل عنها وأنها في حمايتي
- حتي لو ...
لم تكمل حديثها بسبب دخول دهب وهي تحمل صينية محملة بالطعام
- عملت لك بقي شوربة وفراخ ورز زي الدكتور ما قال عشان العضم يلم بسرعة
نظر انس لوالدته ثم لدهب: طب اسيبكم بقي تأكلوا وأنا هشوف بابا
جلست دهب بجوار ثريا تطعمها في صمت حتي توقفت ثريا عن الطعام لتلتفت لها دهب متسائلة: شبعتي ولا الأكل مش عجبك؟
- كل اللي بتعمليه ده مش هيغير حاجة من رأي في جوازك من انس
- وأنا مش بعمل كده عشان خاطر انس
- امال ليه شفقة؟
- ولا ده كمان أنا بعمل كده عشان أنتِ في مقام أمي وعوضتيني غيابها وعملتيني كبني ادمة سيبك من موضوع الجواز ده لانه علي الورق بس
- ليه هو انس وحش؟
- انس ده عامل زي النور اللي في آخر طريق طويل مهما سعيت واجتهدت كل ما هقرب منه هلاقيه ابعد وابعد
انتبهت علي حديثها لتغير مجري الحديث مردفة: دلوقتي ميعاد دواكي هروح اجيبه واجي
في منزل فضة
- حرام عليك كفاية الواد هيموت في ايدك
- اخرسي أنتِ أنا بربيه عشان يبقي راجل مش
عيل خرع
- طب خلاص كفاية هو اتعلم
ومش هيعيدها تاني
لم يستمع إلى توسلاتها وصراخات ابنه ولكنه توقف عندما توقفت معافرة ابنه وصراخه
لينطلق صراخ وعويل فضة
********
