رواية طفلة في ثوب انثي
الفصل الاول1
بقلم غادة عبد الرحمن
منزل في احدى القرى لا يقال عنه منزل للفقراء ولكنه متهالك نوعًا ما يتكون من دورين ومن حوله أرض زراعية تفيض بخيرات الله
- يا مّا والنبي عايزة أكمل علامي اقنعي ابويا ميقعدنيش
- يا بنتي هو بأيدي وبعدين اطمني طول ما أنتِ لساتك عيلة مهيقربش منك ولا يجوزك زي اخواتك
- اوف هفضل عايشة كده
- اكتمي يا بت بدل ما يسمعك ويطين عيشتك وتاخدي علقة من إياهم
وضعت يدها على فمها بطريقة تمثيلية ثم أردفت:
خلاص اهو كتمت
لم يكد حديثهم ينتهي حتي وجدت أختها قادمة عليهم وفي كل يد أحد أولادها وهي تكاد تجرهم خلفها
ما أن رأتها والدتها حتي لطمت علي صدرها بقوة وهي تردف: يا مرارك يا فتحية ايه اللي صابك يا فضة وشك مزرق كده ليه؟
لتحل يدها من أولادها بعنف وهي تقذف بجسدها على أقرب مقعد:- أنا خلاص طهقت ومعتش حمل العيشة دي حرام عليكم هو أنا مش بنتكم رميني كده لكلاب السكك.
- دي جوازة الكفر كله يحلف بيها مالك جرا ايه؟
- بتعومي علي عومه يا ما مبصعبش عليكي وأنا كل يوم متهانه ومضروبة والزراق في جسمي مبيروحش
وأخذت تكيل اللطمات لوجهها وهي تندب حظها وتلعن في زوجها
اقتربت منها دهب لتحاول تهدئتها: خلاص
يا فضة وحدي الله اهدي يا حبيبتي
تمسكت فضة بيد أختها بقوة وأردفت: اوعي يا دهب اوعي تخليه يعمل فيكي زي ما عمل فيا أنا وأختك اوعي
ليسمعوا من خلفهم سباب ووعيد: بقي كده يا بنت الكـلب بتعصي اختك عليا
وهم عليها ليكمل ما بدأه زوجها من تعنيف وضرب: أنتِ فاكره اني سيبها بمزاجها لا .. هي بس يحصل المراد ويأذن ربك وتجيها كيف كل البنات وأنا هجوزها من تاني يوم والعريس منتظر
لكزها بقوة في كتفها ثم أردف: له حق جوزك يعمل فيكي كده ما أنتِ لسانك طويل عايز قطعه غوري يلا ارجعي علي بيتك بلا هم
أخذت أولادها كما جاءت والدموع تتساقط علي
وجنتيها ورحلت نظر لهم والدها ثم رحل هو
الآخر بعد أن طالهم سبابه ولعناته
في منزل آخر يتسم بالغني والثراء
- أنتِ يا قمر يا زفته يا قمر
جاءت تهرول والعجين يملئ يديها: ايوه يا أمٓا
- مو في عينك مش قلتلك متقوليش يا ما دي
- حاضر يا مرات عمي خير
- عمم دبب هو أنتِ تطولي أن زوجي الحاج وهدان يبقى عمك
- طب اقول ايه طيب
- تقولي يا ست حفيظة أنتِ هتنسي نفسك ولا ايه
لتهمس وكأنها تحادث نفسها لا ازاي وهو أنتِ هتخليني انسي
- بتقولي ايه يا بت؟
- منطقتش ولا فتحت بقي يا ست حفظيه
- عملتي الغدا
- لا
لتهجم عليها حفيظة وتجذبها من شعرها
- ليه يا بنت الكلب ها والرجالة اللي هتيجي من الغيط دي تاكل ايه؟؟
اجابتها قمر وهي تتألم: اي اي ما أنا بعمل الخبيز هلحق ازاي بس يا عالم؟
- وكمان بتردي ده أنا هقطع لسانك
- طب خلاص كفاية ضرب هروح اعمله حاضر حاضر
- لا تكوني فاكرة يا بت انك مرات ابني بصحيح لا فوقي ، ده جايبك خدامه ليا ولعياله من ست ستك الله يرحمها
أرخت قبضتها وتركتها وهي تلعن نفسها في سرها وتدعو علي والدها في سرها فهو من رمي بها في هذا الزواج حالها كحال اختها مقابل منزل وحديقة فاكهة لم يهتم السن
والفارق بينها وبين زوجها
والدها أناني من الدرجة الأولي لم يهتم بها قبل أو بعد الزواج وكأنها لا تهمه في شيء
استيقظت دهب مبكرا لتذهب إلى مدرستها وحاولت بقدر المستطاع ألا يصدر عنها أي صوت حتي لا يستيقظ والدها و يمنعها من الذهاب
كانت متفوقة في دراستها حتي أن بعض زميلاتها يطلبون منها أن تدرسهم حتي يصلوا إلى مستواها لم تبخل عليهم أبدًا وكانت دائمًا ما تساعدهم
فتاة واحدة فقط في المدرسة أو قد تكون في القرية كلها كانت تبغضها بغضًا شديدًا وذلك بسبب تفوقها وطيبتها وهي أمل ابنة العمدة التي تري أن الجميع دون مستواها وأنها أفضل من الجميع
بدأت مناوشات أمل ما أن دخلت دهب إلى الفصل
لتسمع أمل تردف بصوت عالي: سمعتوا
يابنات مش الدهب رخص في السوق
وبقي ببلاش
لتضحك عدد من الفتيات
نظرت لها دهب ولم ترد عليها بل جلست علي مقعدها في هدوء
اتجهت لها والنيران تاكلها بسبب تجاهلها: أنتِ بتبصيلي يا دهب
- أنا لا بصيت ولا حاجة
- ايه ده أنتِ خفتي يا كتكوته؟
- وأنا اخاف من ايه؟
- لتكوني خايفة اضربك زي اختك فضة كده، اصل يا حرام بيتها جنب بيتنا اللي هو بيت العمدة وليل نهار بسمع صريخها واللي بيحصل لها
- أنتِ قليلة الادب ابعدي من هنا بقي
لم تتاح لأمل فرصة الرد عليها فقد دخلت المعلمة
وتفرقوا البنات واستمرت النظرات كلها شماته واستهزاء
ولجت فضة الي داخل منزلها وهي تجر اذيال الخيبة وكل امانيها الا تتقابل مع زوجها ولكنها حظها عثر ايصدق معها بعد ان رماها في هذه الزيجة
- رجعتي زي ما روحتي يا ام العيال
- تجصد ايه
- رايحة تتحامي في مين يا ام عقل ناقص انتي فاكرة ان ابوكي ده هيقفلي ولا يكونش زي باقي الاهالي هيخدك في حضنه ولا يقف لك قصادي ده بعدك كل السنين دي مبتتعلميش ابدا يا ام العيال
لم تستطع ان تدحر كلماته القاسية اللاذعة فكل ما قاله حقيقة تعيش فيها منذ ان تزوجته انزلت ابنتها الرضيعة ارضا وتوجهت الي المطبخ لتبدأمهامها اليومية بكل انصياع و خضوع وهي تتذكر حياتها قبل الزواج فهي الابنه الكبري و قدر رأت من والدها مالم تراه أي من اخواتها
لم تكن تهوي الدراسة لطالما ارادت ان ترتدي الفستان الابيض وتكون زوجة في
منزل خاص بها لتتخلص من تسلط والدها و قسوته وتتفادي رؤية والدتها تعاني من ذل و إهانة والدها المستمرة منذ ان انفقت ورثها كله و اصبحت بلا مال لتظهر حقيقة والدها ويتغير الي النقيض التام وتبدأ لياليهم الحزينة التي استمرت وتزايدت مع الايام .
بالعودة الي دهب ووالدتها مساءا
كانتا تجلسا بجوار النافذة لتنتفضا عند سماع صوت والدها قادما لتسترق والدتها النظر له و لتشعر بما هو قادم
قومي يا دهب ادخلي اوضتك
ليه يا ماما انا جعانه
قومي بقولك ابوكي عينه بطق شرار حساه ناوي علي الشر
ارتعدت اوصال دهب خوفا لتجذب والدتها من يدها
طب تعالي معايا انا خايفة
متخافيش وادخلي يلا
طب وانتي
انا خلاص اتعودت يا بنتي مهما حصل متخرجيش اوعي يا دهب
تركت والدتها وهرولت الي حجرتها ولكن الفضول قاتل لم توصد باب حجرتها وظلت تراقب من خلفه
ركل باب المنزل بقدمه ليتقدم الي داخل المنزل
- الواحد يشوف برا الن سوان ويجي علي بيته يلاقي غفير العمدة مستنيه
- تأمر بحاجة ؟ احضرلك الاكل
- يغور من خلقتك الس*م الها*ري
تنهدت بقلة حيلة وجلست
قومي فزي من مكانك
اعمل ايه قولي
عملتي اكل ايه
مفيش غير عيش و جبنة و طماطم
ازاي وانا اكل ايه
ده اللي موجود اجيب منين
من الفلوس اللي بيبعتها اخوكي المحروس
ما خلاص انت قطعتني عن الكل و اخدت كل فلوسي
اقترب منها ليعتصر يدها بين يديه
بتقولي ايه سمعيني كده
ولا حاجة ولاحاجة
انا بقي هدفعك تمن ال ولا حاجة
بنهال عليها ضربا و صرخاتها تتعالي ... ظلت خلف الباب وهي تحاول ان تصم اذنها عن صريخ والدتها ولكنها لم تتحمل طويلا لتهرول خارجة تحاول انقاذ والدتها
لتتعلق بقدمه توقفه عن ركل والدتها و هي تترجاه
خلاص يا بابا بالله عليك كفاية خلاص كفاية
خلصت روحك انتي وهي ابعدي عني
لا مش هبعد كفاية والنبي مش هتعمل كده تاني
ليركلها مبعدا اياها حتي التفت لها منقضا عليها لتهرب من امامه الي غرفتها تحتمي بها و لكنه ظل يطرق الباب متوعدا اياها
ادارت نظرها في غرفتها بحثا عن مكان للاختباء لم تجد سوي فراشها لتندس اسفله لعله يحول بينها و بين والدها الذي لم يهدأ حتي كسر باب غرفتها وماهي الا ثواني حتي وجدت من يمسك بقدمها بقوة و يسحبها خارجا من تحت الفراش لتعلم انها ستنال مصير والدتها لا محال
