رواية طفلة في ثوب انثي
الفصل الرابع4
بقلم غادة عبد الرحمن
ولج إلى المنزل وهي خلفه لتتفاجأ زوجته من هيئة ابنتها والدموع المتساقطة من عينها
- في ايه مالك يا دهب؟
ليجاوبها زوجها ببرود: ولا حاجة زيها زي ما البنات خديها فهميها بلا قرف
اخذتها فتحيه من يدها وتوجهت بها إلى غرفتها: ايه اللي حصل يا دهب؟
قصت عليها ما حدث منذ خروجها من المدرسة إلى أن وصلت إلى المنزل برفقه والدها
اخذت والدتها تكيل اللطمات طارت لوجهها وطارت لصدرها لتندب حظ ابنتها بعد أن انكشف كل شيء
- ايه العمل يا ماما ؟
- العمل عمل ربنا يدبرنا من عنده
في منزل نورا صديقة دهب
- أنا قلقانه علي دهب اوي يا ماما
- ليه يا نورا هي محلتش ف الامتحان؟
- لا بس عمو فايز كان مستنيها وأخدها ومشي وهي كانت مرعوبة
- الله يهده راجل ربنا يحفظها من شره
- يارب يا ماما
أنهت حديثها بدخول والدها إمام مسجد القرية
- استغفر الله استغفر الله
- مالك يا بابا
- والله يا بنتي الجهل بقي مالي عقول الناس
جلس بجوارهم ثم استطرد في الحديث: بقي الراجل من دول عايز يتجوز بنت قد عياله وقال ايه عايزني أنا اكتب لهم الكتاب عرفي لحد ما تبلغ السن
- طب ما البنت آخرها تتجوز وتقعد في بيت جوزها
- تتجوز يا حجة لما تكون تقدر تشيل مسؤلية بيت وزوج وعيال مش تجيب عيال وهي أصلًا عيلة
- كلام صح يا بابا فعلًا والتعليم برده مهم مش كده ولا ايه؟
- طبعا يا بنتي التعليم نور وقوة للبنت
- أفضل أنت بس مقويها كده
ضحكت نورا وضمت والدها مردفة: ربنا يخليك ليا وتقويني كمان وكمان
جالس يحتسي الشاي وأخرج هاتفه واتصل:
الو ايوه يا مجدي باشا
- أهلاً بفايز اللي مش بيوفي بوعده
- ههههههههه طيب يا سيدي فين حلاوتي
- حلاوة علي ايه؟
- خلاص هيتم المراد شوف عايز الفرح امتي؟
- بتتكلم بجد يعني خلاص
- خلاص نتقابل ونتكلم بقي
في منزل قمر
تجلس والدة إسماعيل مع ابنتها عزة:
انهارده لازم يكون مطلقها
- ليه بس يا امي دي قمر طيبة وبنت حلال
- هو كده انهارده آخر يوم ليها في الدار أنا ما صدقت شريفة راحت وراحت أيامها وابني رجع في طوعي تيجي حتت بت أكبر من بنته بكام سنة تاخده مني تاني لا ابدا
- يا ماما احنا ما صدقنا يتجوز بعد شريفة
عشان خاطره وخاطر العيال
- اسكتي أنتِ وأنتِ هبلة
كانت تقف علي مقربه منهم واستمعت لحديثهم بغير قصد. لا تنكر أنها تغار علي والدها منها ولكنها أيضًا لا ترضي بالظلم وتعلم كم عانت والدتها من شرور جدتها في السابق. هاتفت والدها وأخبرته بما سمعت وأن يعجل بعودته خوفًا علي قمر
دخل إلى المنزل وهو يحاول أن يتجنب والدته لعلمه المسبق بما سيحدث ولكن لا مفر
- إسماعيل
- ايوه يا امي
- تعالى عايزاك
توجه إليها ووقف أمامها: خير؟
- واخرتها معاك وعمايلك؟
- أنا عملت حاجة زعلتك
- انت عارف اللي مزعلني اللي اسمها قمر مش كفاية بقي ونخلص منها؟
- عايزاني أطلقها يعني
- عليك نور مادامها ارض بور يبقي متلزمناش
- بس لزماني أنا يا أمي
- نعم لزماك لحقت تنسيك شريفة
- هو أنتِ وقت ما تحبي تضغطي عليا تقولي شريفة مش شريفة دي اللي كنتي بتشقيها وتطلعي فيها كل العيوب مع أنها بنت أختك؟
- قصدك ايه؟
- قصدي اني مش هطلق مراتي وأكتر من كده
هاخدها والعيال ونروح بيت لوحدنا
-دي كلبة فلوس زي أبوها اللي باعها
بالفلوس لو بتحبك كانت جبت لك حتة عيل
- السبب مني أنا مش منها ارتاحي
- منك ازاي وأنت عندك بنت وولد هو أي كلام وخلاص
- أنا اللي مش عايز وهي زوجة مطيعة و بتاخد مانع الحمل خلاص ارتاحتي
- انت بداري عليها طب هي مقلتش ليه؟
- عشان بنت أصول مش كلبة فلوس زي ما بتقولي وأنا اللي طلبت منها متقولش كفاية بقي واقفلي علي الموضوع ده.
تركها وصعد إلى غرفته ليجد قمر تبكي وقد استمعت إلى حديثه مع والدته وما أن رأته حتي نهضت وأسرعت باحتضانه دليل علي عرفانها وشكرها لما فعله لأجلها
بعد مرور شهر
كانت تساعد والدتها في إعداد الطعام فهي
الآن في عطلتها المدرسية
عندما دخل عليهم والدها وهو يخبرهم: انهارده جاي عريس دهب لبسيها حاجة عدلة بدل لبس العيال ده
- عريس ؟!
- اه عريس ولا كنتي فاكراها هتفضل قاعدة في حضنك
لأول مرة تحركت من خلف والدتها لتعترض وتحدد مصيرها بيدها: بس أنا مش عايزة اتجوز يا ابويا
- نعم ياختي مش عايزة؟
وأمسكها من يدها بقوة:عيدي كده بتقولي ايه؟
ازدردت ريقها بخوف وأردفت: أنا عايزة اكمل تعليمي أنا هجيب درجات حلوة وادخل الجامعة وابقي
لم تكمل حديثها فقد انهالت يد والدها علي أنحاء متفرقة
من جسدها ماعادا وجهها فقد أصبح يعرف
أين يضرب بحيث يؤلم ولا يظهر للعيان
- خلاص يا مفتري منك لله
أردف وهو ينهج بسبب مجهود ضربها:- قال تعليم قال جهزيها بلا قرف خلينا نخلص
تركهم وذهب لتسقط دهب أرضًا وهي تتأوه وتبكي حالها
حل الليل ليعم ظلامه قلبها وتساق كالماشية لذبحها
أقبلت عليهم تحمل الشاي
لتفاجئ بصديق والدها يعاينها ويناظرها بشهوة: تعالي يا عروسة تعالي
تسمرت قدماها في الأرض ليبرر والدها لضيفه: تعالي متتكسفيش ده عريسك
أخذت والدتها الشاي وقدمته نيابه عنها تحت نظرات زوجها النارية والتي تحمل كل الوعيد
- مكسوفة بقي سامحوها
وأخذت ابنتها ودخلت إلى الداخل
- يا ماما ده صاحبه يعني قده اتصرفي أنا مش عايزة مش هقدر
- عارفة خالك
لم تكمل حديثها لاقتحام زوجها الغرفة ليقوم بطرد ابنتها ومواجهة زوجته: ماله خالها يا ست فتحية؟
- ولا حاجة مين جاب سيرته؟
- عارفة لو فكرتي بس تدخليه في حياتنا أنا هعمل ايه هحسرك عليه وأنتِ عارفة اني اقدر
- عارفة عارفة
- فرح بنتك أول خميس في الشهر الجاي
وقع صدى كلماته كقنبلة فجرت كل آمالها وآمال ابنتها
لم تذق أعينها النوم وانتظرت حتي تصاعدت أشعة
الصباح لترتدي ملابسها: علي فين العزم؟.
- رايحة لنورا يا مام
- علي الصبح كده طب افطري
- معتش عندي وقت أنتِ ازاي سلبية كده ازاي تسيبي بنتك تضيع قدام عينيكي ولا أنا مستغربة ليه ما أنتِ رميتي أخواتي من قبلي بس لو ده بسبب حبك ليه فأنا عمري ما هحب ولا هخلي راجل يتحكم فيا
ذهبت إلى منزل نورا وبعد عدة طرقات
- اهلًا اهلًا يا دهب تعالي ادخلي
- ابوكي الشيخ عبد الجليل موجود
- ايوه موجود خير يا دهب عايزة ابوي في ايه
- يا عم الشيخ ياعم الشيخ
نادت دهب و نورا لا تفهم ما هي حاجاتها من والدها
أطل والدها ليرى المنادي:صباح الخير يا دهب
- الحقني يا عم الشيخ ابويا هيجوزني
كررت نورا حديثها باستغراب: يجوزك ؟! ازاي أنتِ قاصر؟
- يا عم الشيخ ده هيجوزني لصاحبه واحد أكبر منه
وهنا تحدث الشيخ عبد الجليل لأول مرة:- يعني اعتراضك علي سنه يا دهب لو كان شاب صغير كنتي وافقتي؟
انهارت دهب في البكاء وأردفت: لا كبير ولا صغير أنا مش عايزة اتجوز أنا عايزة اكمل تعليمي كلمه يا شيخنا يمكن يقتنع
- لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم حاضر يا بنتي هحاول معاه
كان يجلس يراقب العمال في عملهم في أرضه
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- وعليكم السلام يا شيخ عبد الجليل
- كيف أحوالك يا فايز
- اهي ماشية خير يا شيخ؟
- بقي أنا جاي اكلمك عشان دهب بنتك
- مالها دهب ما هي في البيت زي القردة ولا تكونش زعلت بنتك
- دهب مبتزعلش حد بس مش حرام عليك تجوزها وهي صغيرة كده
- الجواز سُترة يا عم الشيخ
- بس دي لسه صغيرة وهي مش عايزة
- واحنا عندنا بنات تعوز ولا متعوزش ده كلام فارغ
- بس بنتك قاصر
- عارف انك ملكش في العُرفي عشان كده جبت شيخ من قرية جنبنا
التفت إلى الشيخ وأكمل: بص يا شيخ ده حوار عائلي
ملكش فيه وبلاش تتكلم فيه بدل ما يقولوا
عينك من البت
- اخرس قطع لسانك أنت فعلًا راجل مفيش فايدة من الكلام معاه وتركه وهو يستغفر الله ليفرغ غضبه
في منزل دهب
- فايز هات فلوس انزل اجيب حاجات لدهب
- ليه
- مش عروسة و بعدين ده من مهرها هتتجوز من غير لبس جديد وحاجات العرايس
- خلاص مهرها خلص
- خلص ازاي يا راجل دول ١٠٠ الف جنيه؟
- اديتك منهم ١٠ والباقي دفعت مقدم عربية ولا هفضل طول عمري كده
- عربية طب هات أي حاجة شكلنا هيبقي
وحش قدام الراجل
-ولا مليم أنتِ غبية مش قلت لك خلاص بح
- منك لله ربنا يهدك
- بتقولي حاجة يا فتحية
- ولا حاجة يا اخويا تصبح علي خير
جاء اليوم المشؤوم وهي تتجهز وترتدي فستان زفاف ويشاء القدر أن يكون نفس يوم ظهور نتيجتها لتكون الأولي علي المدرسة للمرة الأولي والأخيرة فهي لن تري المدرسة بعد اليوم
شعرت وكأنها قربان يقدم للتضحية وهي تجلس علي فراش غريب عليها ترتجف وتنتظر مصيرها المحتوم
قفز قلبها من بين اضلعها عندما شعرت باقترابه منها بعد أن اوصد الباب تكاد دقات قلبها المتسارعة تخنقها
كلما اقترب منها ابتعدت عنه حتي فاض صبره
وأمسك بها بحزم لتطلق صرخة هزت جدران
المنزل:- ابعد عني
- ابعد ايه بس ده أنا مستني اليوم ده من سنين؟
- مش طيقاك أنا قرفانه منك
تحول إلى مارد غاضب في لحظات
لتتلقي منه أول صفعة في حياتهم الزوجية تليها صفعات أخرى حتي خارت قواها
ليمزق ثوب زفافها و ينتهك محرمات جسدها لتصبح طفولتها ممزقة كثوبها
