رواية طفلة في ثوب انثي الفصل الخامس5بقلم غادة عبد الرحمن


رواية طفلة في ثوب انثي
 الفصل الخامس5
بقلم غادة عبد الرحمن



في الحقيقة في ناس مستحيل تتعوّض ومبتتكررش في حياتنا مرة تانية  فيه صاحب لو خسرناه عُمرنا ما بنطمن مع غيره، فيه ناس فعلًا ملهاش بديل ومبتتعوضش
كان هذا لسان حال نورا وهي تجلس شاردة مهمومة وهي تتذكر آخر لقاء مع صديقة عمرها دهب
-  أهلًا يا دهب اتفضلي
-  ازيك يا نورا عاملة ايه؟
- علي حطت ايدك مستنية النتيجة تظهر
-  هي قربت ولا ايه
- يعني اسبوع كده
-  طيب خدي الحاجات دول
دي كتبك وده كشكول بتاع الرسم فاكره لما كنتي
تقعدي ترسمي فيه بعدين تخبيه لحد يشوفه
-  ايوه هو ده بصي أنا جبتهم ليكي خفت يترموا قلت أنتِ أولي بيهم واهي تبقي ذكرى مني ليكي
-  أنتِ بتتكلمي كده ليه في ايه يا دهب؟
اجابتها بحزن وحسرة:-  خلاص يا نورا أنا فرحي كمان يومين والحاجات دي مبقتش تلزمني
- أنا ليه حاسة انك بتودعيني؟
-  الله اعلم هنتقابل تاني ولا لا
وكان هذا هو اللقاء الاخير وتزوجت دهب بالأمس وودعتها بدموع حارقة
مازالت في حالة تشتت وعدم تركيز تشعر فقط وكان كل عظمة في جسدها تأن من شدة الألم لا تقوي حتى علي تحريك ذراعيها
ولكنها شعرت بمن يلكذها في كتفها بقسوة
عدة مرات متتالية : قومي قومي يا سنيورة 
صباحية مباركة
فتحت عينها بصعوبة وفوجئت عندما وجدت سيدة تقف عند رأسها وأدركت أن جسدها شبه عاري فحاولت أن تستر نفسها بأي شئ
- مالك يا عروسة ما خلاص كله اتشاف واتعرف
- أنتِ مين وازاي دخلتي؟
-  لا فوقيلي كده أنتِ فاكرة نفسك برنسيسة البيت هنا له ست واحدة ودي أنا الست توحيدة مرات سي الأستاذ مجدي جوزك
- ايه مراته؟
-  يوه هنقعد نرغي بقي قومي فزي يلا غيري وانزليلي تحت
تركتها و غادرت لتتخبط في زوايا عقلها تستوعب المفاجأة الجديدة في حياتها

اسوء شئ في الدنيا إنَّك تدفع ثمن اختيارك دون
أن يصدر منك أي صوت، لأنك اخترته
بمحض إرادته دون أي ضغط
كان يتجهز للخروج كعادته كل يوم ولكن استوقفه صوت زوجته مردفة:  فايز بقولك ايه؟
-  نعم؟
- مش هنروح نطمن علي دهب؟
-  وهي مالها دهب؟
- يعني كانت ليلة دخلتها وممكن تحتاجني
-  أنتِ بتروحي لفضة أو قمر؟
- لا
-  يبقي خلاص ولا دهب كله زي بعضه
- بس أنا قلبي واكلني علي البت
دون أن يلتفت لها أعطاها صفعة بظهر يده اخرستها
ارتدت عبائة منزلية وهبطت إلى الأسفل 
لاتعلم ما ينتظرها
وقفت أمام زوجة زوجها الأولي
- ايوه يا ست توحيدة
عاينتها توحيد من أخمص قدمها وحتي شعر رأسها وظلت تحركها يمينًا و يسارًا وكأنها تعاين بضاعة ترغب في شرائها
لتمسك بقماش عبائتها في اشمئزاز وهي تردف
- بقي ده لبس عروسة ده ولا لبس السكاند هاند؟
لتمصمص بشفتيها ثم تكمل: امال فين فلوس المهر اللي دفعناه؟ يلا بلا هم
شعرت بقهر ينهش داخلها وارادت أن تشعرها بنفس شعورها فأسكتتها مردفة بكذب:  بكره جوزي يجيبلي وأحسن من لبسك
كانت تعتقد أنها تستطيع مواجهتها بل خيل لها 
عقلها أنها ندٌ لها ولكنها كانت مخطئة
في لحظات كان شعرها يتطاير بين يدي توحيدة وأصبحت رأسها تحت قدمها وهي تكيل لها الضربات:- فاكرة نفسك هتتساوي بيا يا زبا لة أنا هعرفك مقامك
ظلت تسحبها من شعرها مرورًا بدرجات السلم نزولًا حتي القت بها في غرفة ضيقة مظلمة:  خليكي هنا لحد ما تتربي
لتبصق عليها وتتركها وتغادر بعد أن أغلقت الباب بالمفتاح
ظلت تصرخ وتنادي لأي شخص بأن يساعدها وعندما سمعت صوت زوجها وسؤاله عنها بعد عدة ساعات من حبستها إلا أنها فوجئت بردها وردة فعل زوجها
-  في أوضة الخزين البت دي عايزة تتربي
- ربيها براحتك يا توتو المهم راحتك
لتسمع بعدها ضحكة خليعة من زوجته لتتأكد بأن
ليس لها مكان في هذا المنزل وأنه سيكون 
مقبرتها كما كان مقبرة لطفولتها
مر يومان تركتها فيهم في غرفة القبو دون طعام أو شراب ليفتح الباب وتظهر توحيدة بجبروتها: اتعلمتي الدرس ولا لسه؟
-  لا خلاص ابوس ايدك خرجيني من هنا أنا اتعلمت ربنا يخليكي هنا في حاجات بتمشي بليل وأصوات غريبة
- بس بس بلاش شغل الشحاته ده تعالي ورايا، اعرفي أنتِ هنا ليه حاجتين ملهومش تالت
كانت تستمع إليها بانتباه رغم تعبها
- الخدمة والأهم تجيبي الولد
- ولد ولد ايه مش فاهمة؟
-  الولد العيال يا روح. امك اوعي تفكري كده ولا كده أنا صاغ سليم اه بس نقول ايه ع النفس الدونة لما ترمرم
- كتر خيرك يا ست توحيدة
-  هيكتره يا ختي مادام مستحملاكي اطلعي غيري والبسي عشان سي مجدي زمانه على وصول ومن بكره ابداي شغل البيت ما هو البيت ده مش هينضف نفسه
في مكان آخر ندخله لأول مرة منزل متوسط المعيشة لكنه مؤثث بذوق هادئ وراقي 
سيدة في أواخر الأربعينات تجلس بحزن واسي وهي تردف 
- يعني ايه لازمته السفر ده
-  اتكلمنا في الكلام ده يا ماما ألف مرة قبل كده ارجوكي بلاش دموع
جاء والده علي أصواتهم:- مالك يا أنس مزعل مامتك ليه؟
-  وأنا اقدر برده يا بابا هي اللي زعلانة علي سفري
- وبعدين يا ثريا ده وقت زعل الطيارة كمان ساعتين؟
-  ابني الوحيد يا هاشم اسيبه يسافر كده مش قادرة
- يا أمي دى منحة المفروض تفرحي أن ابنك 





الاول علي دفعته وبيكافؤه
- ربنا يحفظك ويحميك يا حبيبي وخلي بالك من بنات بلاد برا اوعي واحدة فيهم تضحك عليك
انفجر هو وأبيه في الضحك علي والدته
قام بتوديع ولده في المطار وبعد أن عاد إلى المنزل جلس يواسي زوجته: احمدي ربنا ابنك متفوق و يرفع الراس
- الحمد لله ربنا يحفظه و يوصل بالسلامة قولي صحيح يا هاشم كلمت اختك تاني؟
- لا والله يا ثريا وقلبي واجعني عليها
- طب ما تتصل ونطمن عليها
- تعالي مع اني والله مش عايز اكلمها بسبب جوزها
اخذ الهاتف يرن عدة مرات بدون اجابة حتي انتاب 
القلق هاشم و زوجته
عند قمر كانت مازالت تقوم بأعمال المنزل 
منذ أن استيقظت في الصباح الباكر
كانت والدة زوجها تلقي عليها بنظرات كلها شماته لا تعلم سببها ولكنها تعلم أنها لا تبشر بأي خير
ما أن ولج زوجها إلى المنزل حتي بادرته والدته بالحديث: مكنتش اعرف اني مش مخلفة راجل؟
- ليه بس يا حجة حصل ايه؟
- خد يا ابن بطني بقاله يجي اربع ساعات بيرن
- طب ما تديه لقمر ده بتاعها
- ما أنا عارفة بس مش تشوف مين اللي بيكلم مراتك؟
- هيكون مين يعني؟
- شوف انت أنا يادوب بفك الخط
أراد أن ينهي تلميحات والدته وما أن كاد يبحث في 
الهاتف حتي صدح رنينه بين يديه واسم 
هاشم يضئ الشاشة لتشتعل نيران الغيرة 
داخله ولكنه كان يثق في زوجته فأجاب دون أن يصدر صوت ليبادر من في الجانب الآخر
- ايه يا حبيبتي مش بتردي ليه قلقت عليكي؟
اغلق الهاتف وقذفه بعرض الحائط ثم صرخ مناديا باسمها لتحضر مهرولة وكأن العفاريت تطاردها
- خير يا اسماعيل في ايه
لم يمهلها فرصة لتكمل حديثها فقد جذبها من شعرها و اتبعها بالعديد من الصفعات لتسقط علي أثرها ارضا ووالدة زوجها تحدجها بنظرات السماعه و التشفي
- قولي يا زب الة مين هاشم اللي بيتل بيكي... قصرت معاكي في ايه عشان يبقي لك عشيق؟
- والله ما عملت حاجة و الله ما اعرف حد
جاءت ابنته تحاول أن تدافع عنها: يا ابويا 
اسمعها قمر متعملش كده
نالت نصيبها من الضرب وهي تدافع عنها: بالله عليك اسمع بس يا بابا حرام عليك
- مين هاشم ده يا فا جرة؟
سمعت قمر الاسم وكأن تيار كهربي مر في جسدها
لتنتفض من أسفل ابنة زوجها: هاشم ؟!
لأول مرة تتدخل والدة زوجها منذ بداية المواجهة: ايوه هاشم واحنا اللي فاكرينك قطة مغمضة طلعتي ابليس
- حسبي الله ونعم الوكيل أنا خصيمتكم يوم الدين حسبي الله فيكم هات التليفون بقولك هاته
أمسكت الهاتف وأجرت مكالمة لنفس الرقم
- الو... مش بتردي ليه؟
- ايوه يا خال أنا قمر
- أزيك يا قمر يا بنتي هو ده مش 
رقم فتحيه أمك؟
- لا يا خال امي مش معاها تليفون الصبح اروح لها واكلمك
- ماشي يا بنتي انتو بخير
- الحمد لله
- طيب يا بنتي بالسلامة
أغلقت الهاتف وألقت نظرة علي زوجها لتجده يوجه نظراته إلى الأرض لا يعلم ماذا يفعل بعد أن أساء الظن بزوجته و اتهمها في شرفها
- أنا استحملت كل حاجة اهانه وضرب وقلة قيمة وكمان حرمتني من الخلفة ومقولتش لا لكن لحد شرفي ولا
أول ما النهار يطلع هرجع بيت أهلي وكتر خيرك لحد كده
اخذتها ابنة زوجها إلى غرفتها بعيدًا عن والدها
- بصي أنا عارفة انك مش هينفع ترجعي بيت 





أهلك
- يعني عايزاني اتذل واتهان؟
- لا أنا صحيح مش عايزة حد مكان أمي بس بعتبرك أختي ومش هنسي إنك وقفتي لجدتي وخلتيني اكمل في المدرسة
- ده مفتاح بيتنا القديم روحي واقعدي فيه وخلينا بقي نحسس ابويا بقيمتك
توالت الأيام والشهور حتي أتمت عامها الثاني في منزل العذاب كما أطلقت عليه
عامان كاملان لم تري فيه امها وأخواتها إلا قليلًا
رأت فيهما كافة أنواع العذاب التي لا يتخيلها عقل من زوجها و زوجته
أصبح زوجها أكثر عنفًا مرة بعد مرة حتي اعتاد أن يضربها حتي الإغماء لكي يستطيع الحصول على حقوقه الشرعية التي لم تستطع أن تهبه إياها وهي في وعيها
بعد أن حاولت أن تهرب عدة مرات 
أصبحوا يغلقوا عليها الأبواب إذا تصادف 
خروجهما معًا
كانت تجلس في المنزل بمفردها بعد أن خرج زوجها البغيض وزوجته الأولي لقضاء بعض الأعمال في المركز ولكن انتظارها طال حتي اليوم التالي ولم يأتيا بعد
وعلي الظهيرة سمعت أصوات تدق علي الباب: مين علي الباب؟
- أنا جارتك ام سالم افتحي يا دهب
- مش هينفع
- يا بت افتحي خايفة علي نفسك مني عندي خبر ليكي
- مش القصد يا خالة بس مجدي قافل بالباب استني لما يرجع
اجابتها وهي تمصمص شفتيها: يرجع اه لا يا بنتي البقية في حياتك الحاج مجدي و مراته وقعوا بالعربية في الترعة وماتوا
********





تعليقات



<>