أخر الاخبار

رواية القلب الاخضر الفصل العاشر10 بقلم رباب عبد الصمد

رواية القلب الاخضر 

الفصل العاشر10

 بقلم رباب عبد الصمد

 فى صباح اليوم التالى وقد استعدت القرية كلها لذلك الفرح الكبير والاندماج بين العائلتين وشاع الخبر ان ابن الحاج صالح البكر سيتزوج من ابنه الحاج نعمان الكبرى اى ان الناس وصل اليهم ان ايوب هو من ستزوج ليلى 

 ذبح كلا البيتين كثير من الذبائح واندمجت افراد العائلتين مساعدين كلاهما 

 بينما كانت فريدة فى حجرتها تبكى لان ايوب اخيها لن يحضر عرسها وسيسافر لعمله فقد استدعوه لمهمة مستعجلة 

 الام ايضا كانت تبكى فكيف لابنها كبير العائلة من بعد ابيه لا يحضر زواج اشقاءه 

 قبل ايوب راس امه وقال بحنان / سامحينى ولكنها امور مستعجلة 

 قبلته هى ايضا وقبلته وقالت اذهب لاختك فكم هى منهارة وودت ان اجلت زفافها لحين عودتك فابتسم قائلا لا عليكى ساطيب خاطرها 

 وقف امام باب غرفتها وقبل ان يطرقه وقف قليلا وتنهد بعمق فهو حقا بين نارين فكم يود ان يحضر زفافها ويكون اول من يسلمها لزوجها وبين حزنه على ابنته فهو من اليوم لن يستمتع بمشاغبتها له حين وصوله للبيت وسيفقد طلتها التى كانت تملا الدار حيوية فهى الوحيدة التى كانت قادرة ان تقطع عليه عزلته ومن اليوم سينظر الى غرفتها فيجدها ساكنه لا روح فيها 

 لا يختلف شعور الاب عن شعور الاخ الكبير فكلاهما يحمل قلب رجل يغار على صغيرته وهذا ما شعر به ايوب ولن نكون متغالين فى الوصف ان قلنا انه اكثر غيرة وحزنا عليها من ابيه حيث انها كانت اقرب اليه من ابيه وكانت تحكى له كل ما يخصها حتى عندما دق قلبها الصغير ولكن من اليوم سيفقد كل هذا 

 اخيرا استجمع قواه وطرق باب غرفتها ودخل وما ان دخل الا وخرجت صديقاتها وتركوهم سويا 

 وقفت امامه تنظر اليه حزنا وخجلا وقد اغرورقت عيناها دون ان تتكلم 

 انقبض قلبه لاجلها ووقف هو ايضا امامها لا يستطيع الخروج من حيث دخل ولا يجروء على الخطى خطوة واحدة منها فقد اقشعر بدنه فور رؤيتها بفستان زفاقها فاخذ يجز على اسنانه وقد اختنقت انفاسه فهو غير مصدق انه من الان هو فاقدها 

 اخذ ينظر لها واخذت تنظر له 

 اغرورقت عيناه واغرورقت عيناها 

 تكلم صمته وتكلم صمتها وفجاة ركضت نحوه وركض نحوها فاحتضنها بشدة وشد عليها وقد غاصت بين احضانه من شده ضمه اياها فانهارت فى بكاءها فكتم هو بكاءه ومسح دموعه قبل ان ترى هى انهمارها ثم ابتسم باعجوبة ورفع راسها من صدره وامسك وجهها بين كفيه وقال / الان وقد كبرت ابنتى المشاكسة وستتركنى بعد ساعات قليلة وساجبر ان انظر على غرفتها اشتياقا لرؤياها وسينعم بابتساماتها غيرى 

 دفنت راسها مرة اخرى فى صدرة وقالت / لا اريد ان اتركك وكم كنت اتمنى ان تتزوج قبلى ليطمان قلبى عليك 

 ضحك بحزن ومد يده وسحبها من يدها واجلسها على طرف سريرها وجلس قبالتها واطال النظر اليها وصمت للحظات ثم بدا الكلام بصعوبة وقال لها بحنان / اليوم ستغادرين بيتى الذى ترعرعتى فيه وضمك هو بحنان جدرانه الى بيت جديد لم تالفيه ولم تعتاد جدرانه على انفاسك وستتعاملين مع رجل كان امس غريب واليوم اصبح اقرب الاقربين اليكى فاجعليه قرة عينك واجعلى من نفسك مرآتى هناك فاخلاقك وطباعك معه هى مرآة لى فاحسنى من مظهرى فى مراة بيتك ولا تجعلين زوجك واهله يرونى بمظهر لا يليق بى واحفظى هيبتى امام زوجك حتى يحفظ هو مجبرا هيبتك فقد ربيتك على العفة والشموخ فاريهم انى احسنت التربية وكونى له ام واخت وزوجه وكونى له دوما الصدر الحنون حتى يصبح لا ملجا له الا اليكى واجعلى قلبك مخزن اسراره واحفظى غيبته وراعيه فى ماله واعتنى باولادك فهم مرآتك ومرآة زوجك 

 واجعلى والديه هم والديكى وراعيه فيهم حتى تكسبين قلبه ورضا الله من قبله 

 ولا تهابى ان تجبر عليكى واعلمى انى خلفك حائط سد منيع

 قالت بدموع / كم وددت ان تسلمنى بيدك له فانت موضع هيبتى امامه

 مد يده ومسح دموعها وابتسم لها قائلا / لا تخافى فقد حفظت هيبتك نحوه واعطينى عذرى فقد اجد ان ظروف عملى جاءت نجاه لى فانا لا استطيع رؤيا خروجك من بيتى ولا اطيقها فيضيق صدرى 

 ............

 اخيرا خرج من غرفتها باعجوبة فكم ود الا يتركها والا يزوجها من الاساس لولا انها سنة الكون اجمع وخرج بسرعه متوجها لاستلام عمله دون ان ينظر خلفه حتى لا يضعف ويبدر منه ما لا يحمد عقباه 

 .....

 تم الزفاف وكانت العرائس وجميع النساء فى مكان والعرسان مع الرجال فى مكان اخر والشائع بين الناس ان ليلى قد عقد قرانها ايوب الابن الاكبر للحاج صالح ولا يعلم الحقيقة الا اقرب الاقربين جدا 

 انتهى الزفاف واخذ على فريدة على منزله بينما رحلت اختاه مع ازواجهن الى بيت الحاج صالح وسكنت نار الغل بين العائلتين

 .......

 فى منزل الحاج نعمان وبالاخص فى حجرة الزوجين الحديثين على وفريدته 

 فريدة جلست على طرف السرير وهى خجلة على الرغم ان علي ليس بغريب عنها فعشقهما كان قد سبق زواجهما 

 اقترب منها علي وجلس قبالتها واخذ ينظر لها مليا وهو مبتسما وكانه يراها لاول مرة مما وترها واخجلها فقالت بتلعثم / مالك تحدق فى هكذا كانك ترانى لاول مرة فهل صدقت ان زواجنا اجباريا فنحن الوحيدين الفائزين بهذا الصلح

 علي بهدؤ/ وكيف لا اطيل النظر اليكى وانتى جنتى ونارى 

 تنهد تنهيدة حنونة واستطرد قائلا لها / اريد ان تزداد رجولتى هيبة بزواجى منكى فان رايتى منى مكروه فتحملى منى ما كرهتى وتاكدى انك فوق اى مكروه ولكنها طوراق تطرا على حياتنا فساعدينى ان تمرريها بسلام واطلبى منى ما شئتى وقت ما شئتى وتدللى على بما يطيب لك بشرط الا تكسرى هيبتى بل اجعلى دلالك فى الاعتزاز بزواجك منى وستجدينى دوما سد منيع خلفك واياكى ان تحاولى كسرى فان كسرت منكى ساكسر عليكى فتنكسرى انتى قبلى ولكن ان وجدتك تجاهدين فى اعلائى فستجدينى خير ظلا لكى 

 فريدة ابتسامة عذبة / لا تقلق منى فى شىء فما دمت انا جنتك ونارك فاعلم انك انتى جنتى فقط دون نارى فانا لا ارى فيك الا كل جميل وانا جاريتك فاحسن العطف على 

 ........

 بينما فى بيت الحاج صالح 

 فى غرفة طارق وليلى كان الوضع مختلفا فقد امطر طارق ليلى بكلمات معسوله مما اخجلها اكثر ولكنه لم يعطى لها فرصة فاخذها على حين غرة جراء شهوانيته المشتعلة والمعتاد هو عليها 

 .....

 اما عند معتز فموقفه قريبا من موقف على الا ان الخجل كان سيد الموقف بينهما اذ انهما مختلفين عن علي وفريدة فهم لازالوا غرباء كما انهم كانوا مختلفين ايضا عن طارق وليلى اذ ان معتز لم يكن له تجارب مثل طارق 

 ........


 بينما عاد ايوب الى سفينته وظل فى غرفة القيادة شارد وهو يتذكر تلك الايام وما حدث فيها وظل عقله منشغلا باخته تارة وبطارق تارة اخرى فهو الى الان قلقا منه ومن تصرفاته الهوجائية الغير محسوبة وخائف ان يزول رونق اعجابه بامراته الجديدة الطباع ويتسبب فى حدوث مشاكل جديدة بين العائلتين لا تحمد عقباها ولكنه لم ينشغل كثيرا بمعتز فهو عاقل ورزين وعلى الرغم منة انه الاضغر سنا من طارق الا انه ليس بشهوانى للنساء وقال فى نفسه / ليتك يا طارق تمتلك قلب مثل عقلك فانت تمتلك عقل رجل حاذق فى عمله ودبلوماسى محنك وحقا انت افضل فى العمل من معتز ولكنك تملك قلب شاب مراهق طائش وكانك تحمل شخصين مختلفين داخل جسد واحد 

 ظل عدة ايام لا يستطيع الاتصال بهم حيث الشبكات يلتقطها البحارة عن طريق الاقمار الصناعية وعلى حسب بعد السفينة وقربها من مجال تلك الاقمار 

 .........

 بينما كان العرسان جميعهم يتنعمون بالسعادة الزوجيه 

 اما عن على وفريدة فلم يكن فى سعادتهم احد فهم من البادية عاشقان واعتادت ليلى على البيت واصبحت هى المساعدة الوحيدة لوالدة على 

 اما عن صفاء ومعتز فقد كانوا ايضا يتنعمون بزواجهم السعيد ولم تتوانى صفاء فى اظهار انوثتها وجمالها الذى انبهر بهم زوجها حد الهيام ولكنها تركت كل اعمال البيت على اكتاف ليلى ولم تساعد الا فى القليل النادر 

 اما عن ليلى فقد كانت فى قمة سعادتها فقد تحقق اخيرا حلمها الذى اعتقدته يوما من المستحيلات والحق يقال ان طارق خبير فى معاملة النساء فقد اشعرها بالحب والرومانسية كما اشعرها بانوثتها التى لم تشعر بها الا معه وقد اكتسبت ود كلا من والده ووالدته وكم احبوها وكم كسبت دعواتهم على العكس من صفاء التى لم يروق لهم غرورها ولا عدم مساعدة ليلى فى الاعمال المنزلية 

 اما طارق فكان سعيدا بليلى ولكن سعادته لم تقارن ابدا بسعادة ليلى لان قلبها كان اخضر لم يسبق له الحب اما طارق فقد كان شغوفا بها لانها نوعا جديدا عليه فهو اول مرة يتعامل مع امراة خام ليس لها تجارب وكم اعجب هو برجولته التى كانت ليلى ترفع منها فكانت تهتم به جدا وبكل تفاصيله لارضاءه 

 اما هو بين الحين والاخر تراوده تلك العطور النفاذة التى اعتاد عليها مع الخبيرات فى التعامل مع الرجال وكم اخت عيناه تشتاق لرؤية تلك الفاتنات ذوات الشعور الغجرية التى تخطفن لب اى رجل اشتاق لذواتى الخبرة فى التمايل والدلع ولكنه لم يستطع حتى الان نفور ليلى فاصبح بين حجرى الرحا نصفه يريد تلك صاحبة القلب الاخر ونصفه الاخر يتمنى رؤية الفاتنات التى لقبوه بطاووسهم فليس اصعب على النفس من تغيير ما اعتادت عليه فالموت نفسه لا صعوبة فيه لولا انه يغير ما تعودناه كما ان فراق الموتى لا يحزننا سوى اننا اعتدانا على رؤياهم فكان فقدانهم من الصعب لتبدد تلك العادة

 مر شهر السعادة وحان موعد سفر طارق الى سويسرا اولا لمتابعة بعض الاعمال ثم العودة الى القاهرة لمتابعة شركه اخيه والتى لم تعلم ليلى حتى الان انها شركة اخيه واعتقدتها شركة الحاج صالح 

 ولا نبالغ ان كان هو نفسه متوترا بين راغب للمكوث مع ليلى وبين راهب عنها 

 اما ليلى فنامت اخر ليلة بجواره وهى حزينه لفراقه وكم اخذت تمسح على راسة وهو غافى جوارها وكانها تحفظ ملامحة التى ستشتاق اليها من اول دقيقة 

 بينما هو كان شاعرا بها ولكنه كان يتصنع النعاس وكانه استلذ حزنها وتمسحها فيه اذ انه شعر بغروره وكونه طاووس النساء وان كان من داخله يحاول ان يرتب شعوره هل سيشتاق اليها ام ذهب بريقها مع اول لمسة منه لها ؟

 مرت ساعات ثقيلة ورحل طارق بينما ظلت ليلى حزينه مشتاقة اليه وكانت قلما دخلت حجرتها حتى لا يضيق صدرها من عدم وجوده ومع ذلك كانت تقضى الساعات القليلة لنومها وحيدة وهى تحتضن اخر ملابس قد ارتداها لبقاء عطره فيها 

 اما هو ظل يفكر فيها فى الايام الاولى من سفره خاصة وهو يتذكر كم كانت تهتم بكل تفاصيله الشخصية وكم كانت تلبى كل ما يريده قبل ان يطلبه 

 ولكن ايضا يجب ان ننوه انه اشتاق لعادات ليلى وبراءتها ولم يشتاق اليها لذاتها اشتاق للشىء الجديد والغريب فيها ولم يشتاق لقلبها 

 وما ان اتصل بها الا وردت عليه بلهفة وشوق استشعرها هو فى صوتها فبادلها الكلمات العذبة وعبارات الرومانسية التى هدات من لوعتها عليه واغلق معها وهو يبتسم لتلك التى تعشقه من زمن فى صمت فكم ارضى هذا غروره كثيرا ولهذا لم يبخل هو عليها بعبارته 

 اما هى فكم اعطتها كلماته طاقة تكفى العالم كله سعادة واصبحت ملامحها مشرقة وبالطبع كانت صفاء تلاحظ هذا وكانت تغير منها فقد كانت تستشعر تبدل ملامحها اثر مكالمته التى كانت لا تاتى الا بين الحين والخر على فترات متباعدة بحجة انشغاله 

 اما معتز فان لم يكن خبير بالعبارات الجياشة الا انه كان يملك من الحنان ما يغدق بها صفاء ويجعلها تنسى غيرتها من ليلى 

 مرت الايام على نفس الوتيرة لا جديد فيها 

 اما ايوب فظل على نفس حاله يعمل بكل جد وجهد ولا يسبقه فى مجاله اى ربان ولم يرتقى اى احد لكفاءته حتى ذاع صيته بين كبرى شركات الملاحة وشركات السياحة العربية والعالمية حتى اصبحت شركات السياحة تتهافت على التعاقد معه 

 اما هو فرغم صرامته ولكن لا يزال قلبه خالى ويتمنى ان يجد من تجعل قلبه ينبض ليستقر فى بلده فقد سام حياة الرحالة التى كلها قلق وعدم استقرار 

 مر على هذا الوضع مدة ثلاثة اشهر والكل بين سعيد وبين منتظر السعادة وبين حزين وبين من ينظر لامثاله بعين المراقبه حتى افقد نفسه الشعور بالسعادة التى بين يديه وبالطبع نقصد هنا صفاء 

           الفصل الحادي عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-