رواية طفلة في ثوب انثي الفصل السابع7بقلم غادة عبد الرحمن


رواية طفلة في ثوب انثي 
الفصل السابع7
بقلم غادة عبد الرحمن



‏ما تمنيت يومًا المستحيل بل تمنيت حياة بلا قلق ولا وندم ولا حسرة على أمور ذهبت ولن تعود
وصل القطار إلى (محطة مصر) . هاتفت خالها قبل الوصول ليعلمها أنه سينتظرها في المحطة ولكنها ساذجة فهي لاتعرف شكله حتي ولم تراه من قبل
حاولت أن تبحث بين الجمع لربما تعثر عليه ولكن الزحام كان شديدًا فاتخذت جانبًا بعيدًا وهاتفته مرة أخرى
ليشرح كلا منهما ألوان ملابسه للآخر
وبعد عدة محاولات وجدها وهي على وشك البكاء من الخوف
- نورتي القاهرة يا دهب
- شكرًا لحضرتك
- في واحدة تقول لخالها حضرتك تعالي 
يلا علي عربيتي
ثم التفت لها وسألها: معاكي شنط غيرها
اجابته بهز رأسها نفيًا ليشقا طريقهما وسط الزحام خروجًا
وصلا إلى المنزل لتجد زوجة خالها في انتظارها
- اهلا اهلا يا حبيبتي
- اهلا بحضرتك
ضحك خالها مازحًا واردف: برده حضرتك هههههه لا واضح أن فتحيه تعبت في تربيتكم
علي ذكر والدتها امتلئت عينيها بالدموع  لينال هاشم نظرة عتاب من زوجته التي حولت مجرى الحديث
- تعالوا ناكل الأول بس لحسن  الأكل يبرد ويبقي ملوش طعم
- بصي بقي دي اوضتك
فتحت حقيبة ملابس دهب لتساعدها في ترتيبها ولكنها حزنت لما رأت في ملابسها من تمزق وبقع وشعرت بخجل دهب منها
- أنا عايزاكي تعتبري ده بيتك دي أوضة الضيوف والأوضة اللي قصدها دي أوضة انس ابني هيرجع من السفر بأمر الله كمان اسبوع
أمسكت بيد دهب وأكملت: تعرفي أنه واحشني اوي بقإلى سنة ونص مشفتوش
-  هو بيشتغل في بلاد بره؟
- لا ده كان بيدرس والحمد لله اخد الشهادة وراجع
-  ماشاء الله ربنا يبارك لك فيه
- طب يلا اسيبك تنامي وترتاحي من السفر
غادرت غرفة دهب لتجد زوجها ينتظرها:- 
طمنيني البنت عاملة ايه؟
-  اسكت يا هاشم أنا قلبي اتقطع علشانها ده انت لو شفت هدومها هتصعب عليك
- أنا عايزك تاخديها معاكي واشتري لها اللي نفسها فيه ولو رفضت اغصبي عليها
واردف لها بنبره شبه تحذيرية: دي فلوسها يا ثريا اوعي تفكري أنه صدقة مننا وأنتِ شاهدة علي كل حاجة
-  و حتي لو مش فلوسها أنا برده هتكلم في حاجة زي كده
- أصيلة يا ثريا
عاد إلى منزله ولكنه لم يكن خالي الوفاض كما اعتادوا بل جاء بصحبته من سيطرت علي عقله وتحكمت في أفعاله
- ودي مين اللي سحبها في ايدك وداخل علينا بيها
-  استني يا ماما نفهم
- اسكتي أنتِ يا فضة أنا قلبي كان حاسس

تقدم فايز عن مرافقته وأردف:- ها خلصتوا كلام فارغ
-  والله ما في حاجة فارغة غير عقلك
هنا لم يجيبها بالحديث فقد انقض عليها يكيل لها الصفعات وهو يسبها
ولكنه توقف عندما سمعها تنادي من خلفه: فيزو رجلي وجعتني من الوقفة مش يلا بقي
التفت لها وكأنه لم يكن كالوحش الكاسر منذ لحظات: يلا حبيبة فيزو دول عالم هم سيبك منهم





- طب مش هتعرفنا يا بابا؟
مع أن ميخصكيش يا فضة بس دي مراتي الجديدة يعني مرات ابوكي اتفضلي بقي مع السلامة علي بيت جوزك
- طب وأمي
-  امك خلاص راحت عليها هي هتاخد 
زمنها وزمن غيرها
ليتأبط ذراع زوجته الجديدة و يتوجه إلى غرفته
حاولت أن تساعد والدتها علي النهوض: قومي يا ماما قومي
نهضت وهي تبكي وتتحسر علي حالها: يا مصيبتك يا فتحيه يعني بعد العمر ده كله و خدمته واستحملته تبقي دي جزاتي ليه كده يا فايز؟
- الرجالة صنف واحد يا امي المهم عندهم المتعة
نفضت يدها عنها وصاحت بها: يلا علي بيتك يلا بدل ما ينزل يتسلى عليكي
مر يومان لم يفارق فيهما فايز غرفته وفي كل يوم تحمد الله أنه لم يسأل علي دهب أو يلاحظ غيابها فالرعب يدب في أوصالها إذا ما تخيلت ردة فعله
عادوا من السوق ودهب تكاد ترقص من الفرحة
فلأول مرة تبتاع ملابس جديدة تليق بمن
في سنها وما زاد سعادتها تحركها بحرية
دون خوف أو قيود
قابلهم خالها علي الباب: شكلكم كده خربتوها وصرفتوا كل الفلوس
- والله أبلة ثريا هي اللي قالت نشتري والله 
- مالك يا دهب أنا بهزر يا حبيبتي تعيشوا وتشتروا وتجيبوا اللي نفسكم فيه
- طيب احنا وعرفنا مبسوطين ليه طب أنت بقي مبسوط ليه؟
- مبسوط يا ستي عشان ابني حبيبي راجع بكره وحجز تذكرة الطيارة
تركت ثريا كل الشنط من يديها وأسرعت لزوجها: بجد يا هاشم أنس خلاص راجع
- ودي فيها هزار بكره هروح اجيبه من المطار
- وأنا هاجي معاك
- لا أنتِ اقعدي مع دهب واطبخوا أكل حلو
- لا لا يا خال خدها معاك وأنا هعمل لكم سفرة تاكلوا صوابعكم وراها
-  أنتِ بتعرفي تطبخي يا دهب؟
- امال ايه روحوا انتوا بس وأنا عليا الطبيخ
في اليوم التالي توجهت مع زوجها لاستقبال فلذة كبدها وقرة عينها ولدها الوحيد الذي ما أن رأته مقبلًا مع حقائبه حتي هرولت إليه تحتضنه وهي تبكي
- ايه يا ماما معقولة برده بتعيطي تودعيني وتستقبليني بالدموع هههههههه
- أمك مصرية أصيلة يا ابني الحمد لله على السلامة
- الله يسلمك يا بابا وأنا قلت هلاقيكي بتستقبليني بحلة محشي أو بطاية محشية أنا معدتي نشفت من التيك اواي
- متقلقش كل ده اتعمل وزيادة
- الله ازاي طيب جبتو طباخ
- طباخ ايه ليه شايفني وزير بنت عمتك دهب هتقوم بالواجب
- دهب وعمتي هو أنا سافرت كتير ولا ايه؟
- تعالى بس في العربية وأنا هحكيلك حكايتها في الطريق
وجدها تجلس علي أحد الكراسي وبيدها المصحف تقرأ فيه
- قومي اندهيلي دهب عايزها تمضي علي شوية ورق
- ورق ايه؟
- بتفهمي اوي يعني ورق عن الشغل خلاص ارتاحتي قومي اندهيها بقي
- اصل دهب مش هنا
- نعم بتقولي ايه مش هنا يعني ايه عند واحدة من اخواتها نهارها مش فايت ازاي تخرج من غير ما تقولي أنا هروح 
أجيبها وأربيها الظاهر أنا سكت لها وهي اتفرعنت
كاد أن يخرج من باب المنزل عندما استوقفته مردفة: دهب مش عند أخواتها دهب طفشت
عاد إليها بسرعة البرق يمسكها من تلابيبها: طفشت يعني ايه وامتي وأنتِ كنتي فين؟
- سيبني يا فايز ابعد عني
- اسيبك ايه البت فين يا فتحية؟
- معرفش أنا صحيت الصبح بعد ما سافرت دورت عليها ملقتهاش
- ومكلمتنيش ليه؟
- ما أنا كنت قافل تليفونك ومرضتش اعرف حد بدل الفضيحة
- فضيحة !! ده أنا هدور عليها واجيبها تحت رجلي هنا 
وهوريها أيام أسود من شعرها

هبطت زوجته الأخري وأسرعت لتهدئته: اهدى يا فايز سيبها هتموت في ايدك يا فايز هتضيع نفسك
استعاد رباطة جأشه بعد أن كان الغضب مسيطر عليه ليذهب مع زوجته بعيدًا عن فتحيه
- مالك يا راجل في ايه؟
- البت المفعوصة هربت
- وماله ما تهرب يا اخويا
- وماله ايه  أنتِ كمان اتجننتي ولا ايه؟
- اسمعني بس ما أنت هنا والأراضي والفلوس تحت تصرفك عايز منها ايه ما تهرب ولا تولع
- بس هي كده هتبلغ السن القانوني وتطالب بورثها
- وهي لو جريئة كده كانت هربت من خوف





منك انساها واتمتع بفلوسها

اقنعته بحديثها الماكر ليتناسي ابنته حتي لم يهتم بمكان وجودها
أنهوا طعامهم الذي كان شديد اللذة واستمتعوا به
- بجد تسلم ايدك يا دهب الاكل تحفففة
ابتسمت في حياء ولم تجب أنس
- فعلًا يا دهب أكلك طعمه حلو اوي
- الله يكرمك يا ست ثريا
- ست تاني مش كنا بطلناها
- ههههه خلاص متزعليش يا طنط ثريا
- ايوه كده
- من هنا ورايح الطبيخ علي دهب
- بقي كده يا هاشم قصدك أن طبيخي وحش
- لا طبعًا وأنا اقدر بس حبيت أريحك شوية 
يا جميل عشان تفضالي
- إن كان كده ماشي
ليضحكوا جميعًا في سعادة لم تعتد عليها دهب من قبل لتنظر لوجوههم في استغراب علي استحياء
بعد مرور أسبوع
- الو ايوه يا هاشم
- فتحيه خير مال صوتك
- كل عضمة فيا مكسرة يا اخويا بس مش مهم
- عمل فيكي ايه الكلب ده وليه؟
- محتاج امضة دهب علي ورق عشان المواشي وبيدور عليها شرق وغرب
صمتت تلتقط أنفاسها ثم أكملت: اوعي ياخدها يا هاشم 
المرة دي أنا سمعته بوداني ناوي علي موتها 
عشان ياخد كل حاجة
- علي رقبتي يا فتحيه ولا هيطول طرفها
- لو كلمك أنت عارف هتتصرف ازاي وأنا وعيتك علي نيته
اغلق الهاتف مع أخته وجلس يفكر في حل يواجه به فايز الجشع
- مالك يا هاشم؟
- تعالي يا ثريا
- خير شكل في مصيبة
- دهب في خطر ولازم نحميها
- خطر ايه هو ابوها عرف مكانها
- لسه بس قرب اوي
- وهو يقدر ياخدها من وسطنا
- يقدر لو جاب البوليس يقدر البت لسه مجبتش 
السن وممكن يسجنا كمان لو حب
- يا لهوي سجن ليه هو احنا خطفنها؟
- مفيش غير حل واحد
- حل ايه ده؟
- نجوزها أنس


تعليقات



<>