رواية بداية الرياح نسمة (حي المغربلين)
الفصل السادس6
بقلم شيماء سعيد
جاء عابد مع عائلته الكريمة لتزيد حلاوة الأجواء، جلس على مقعد بالصالون و عينيه على باب غرفة مغلقة، قلبه على يقين أنها بداخل تلك الغرفة..
متشوق و مشتاق لرؤيتها ليريح قلبه و يطمئن عقله بوجودها بجواره، على الجانب الآخر فتحت باب الغرفة بكف يد مرتجف لتظهر رويدا رويدا.
يا الله على لذة اللحظة و دقات القلب التي تقرع مثل الطبول، جميلة لا بل هي بالحقيقة أكثر من فاتنة تقوده للهفة الغرام، أشارت إليها جليلة بالاقتراب و الجلوس بالمقعد المجاور له..
بتوتر و خجل رفعت طرف عينها لتتأمل طلته بتلك البذلة مع رفرفة رائحة عطره المميزة تدغدغ مشاعرها.
أخفضت عينيها سريعاً مع تدقيقه بأدق تفصيلة صغيرة بها، اليوم يوم عمره أخذ خاتم الخطوبة من جليلة و مد لها يده ليظهر كفها الموضوع به خاتمه الأصلي، بابتسامة مشرقة:
_ دبلتي بقت في إيدك يا فريدة الحلم ده حلمنا.
ردت إليه الإبتسامة بخجل قائلة:
_ شكلك حلو أوي في البدلة يا عابد.
خرج الجميع من الغرفة و تركوا لهما بعض المساحة، اقترب بالمقعد لها أكثر لو بيده لأخذها بأحضانه مردفا:
_ عارف إني وسيم جداً لما جيت أتقدم شكلك كان مدايق و أنا كمان مكنتش مرتاح كان فيه حاجة ناقصة يا فريدة النهاردة الدنيا كلها بين ايديا.
نطقه لحروف إسم فريدة قا*سي جداً على قلبها، لطالما تمنت هذا اليوم و تخيلت حروف إسمها من بين شفتيه، ربما يكون قلة ثقتها بنفسها السبب الأكبر بهذا يكفي حديث فريدة لها..
_ أنا عارفة كل حاجة يا فتون و عارفة إنك مفهمة عابد إنك فريدة، أنتي جميلة جداً من جوا و من برا مش محتاجة تبقي زي حد أو تبقي مكانه، لعبتك كمليها بس لو جليلة كشفتك أنا ماليش دعوة.
هدفها الوحيد الآن زرع حبه لفتون مثلما زرعت حبه لفريدة:
_ عابد بصراحة أنا متلغبطة و في كلام كتير جوايا مش عارفة أعبر عنه بس متأكدة إن إحساسي واصل ليك كويس أوي زي ما أنا حاسة بيك.
بالخارج.
سندت جليلة رأسها علي الحائط سعيدة لأنها بدأت بتحقيق رسالتها، ربما لم تستطيع أخذ حبها كما تمنت إلا أنها أفنت حياتها مع توأم روحها.
تابعها الحاج منصور يعلم ما بها يود لو بيده القدرة على ضمها و إزالة كل ما بداخلها، حبيبته أمام عينيه و هو عاجز عن الحديث معها.
شجع نفسه و ذهب ليقف بجوارها مردفا بنبرة خشنة متوترة:
_ ألف مبروك يا ست البنات.
رأيتم من قبل أحد يخرج قلوب من عينيه يسحر بها من يحدق به، ها هي مثل مراهقة بأول حب لها مع زميلها بالمدرسة، تلون وجهها بحمرة الخجل رغم تصنعها للجمود قائلة:
_ الله يبارك فيك يا حاج عقبال مالك.
أخرج من فمه تنهيدة حارة و هو يقول بلوعة:
_ و إحنا يا جليلة هنفضل نتفرج على بعض من بعيد كدة، قلبك مش مشتاق لمنصور زي زمان ؟!
أجابته بهدوء:
_ إحنا كبرنا يا منصور و الدنيا أخدت مننا كتير طلعني من دماغك عشان أنا مش هكون ليك و لا لغيرك... من البداية حبي ليك كان غلط كبير، كفاية كلام في الماضي أنا معنديش استعداد افتكر حصل فيه إيه.
حمقاء و ستظل الباقي من عمرها حمقاء، تحمل الذنب بمفردها رغم أنها كانت فقط فتاة صغيرة رائعة الجمال عاشقة لرجل رآها بعدها تزوج، تحدث بتعب:
_ جليلة إللي فات انتهي لحد امتا هتفضلي كدا؟!
_ مستحيل ينتهي لا أنت هتنسي مو*ت مراتك بعد ما عرفت حبنا و لا أنا هنسى أبويا.
_ ده مكنش حب يا جليلة ده كان عشق و أنتي كنتي مراتي قبل منها.
_____ شيماء سعيد _______
علم بما حدث مع صديقه المقرب ليقرر الذهاب للمشفي ليكون بجواره، تذكر أزهار و طريقتها بالحديث حركة شفتيها الغريبة تجعلها قابلة للأكل، ربما أكثر ما شد انتباهه لها تلك العباءة السوداء الملفوفة على جسدها الصغير.
تشبه الفاكهة المحرمة رغم أنها أمامه و بينها و بينه خطوة واحدة، يريدها و سيصل إليها بأي شكل... فاروق المسيري صياد ماهر يعشق الشعور بالانتصار بعد الصبر.
فتح له الحارس باب السيارة على باب المشفى ليغلق زر بذلته و يخرج مرتديا نظارته الشمسية.... خلفه يعتبر جيش من الحراس، دلف إلى غرفة صديقه فارس المهدي تحت أنظار الصحافة و ركضهم خلفه من أجل أخذ كلمة واحدة.
اعتدل فارس بمكانه متوترا خصوصاً بعدما علم هوية فتاة ليلته المميزة، إقترب منه فاروق بإبتسامة مرحة قائلا :
_ يا أخي الصحافة دول عليهم كلام ما أنت أسد أهو فيك إيه يعني، بس غريبة يا فارس من امتا و أنت بيكون معاك بنات في البيت و ليه البنت دي عملت كدة؟!
ابتلع فارس لعابه لا يعلم كيف يرفع عينه بعين صديقه و يرد عليه، أخذ نفس عميق قائلا:
_ مش فاكر حاجة إلا إني كنت مستنيك في المكان بتاعنا و معايا المخرج و صفا علام بعدين مش عارف حصل ايه؟!
تعجب فاروق مردفا:
_ طيب و فين الحراس بتوعك و مش المفروض بنت عمك معاك في البيت؟!
يقلقه.. يضغط عليه لأقصى درجة ممكنة، بعد ما حدث لا يستحق أي شيء فشقيقته ضاعت على يديه، جذب شعره بعصبية يحاول الهروب لا يعلم أهو يهرب من فاروق ؛ أم يهرب من نفسه و من تلك المشاعر العاصفة:
_ مش فاكر حاجة تانية يا فاروق مش.. مش حابب أتكلم في الموضوع ده تاني.
تفهم حالته و حرك يده على كتف الآخر مردفا بقوته المعتادة:
_ خلاص و لا يهمك البنت دي في أقرب وقت هتكون تحت إيدى ارتاح أنت بس، أنا لقيت البنت اللي هتروح لفوزي الخولي.
انتبه إليه بكل حواسه ربما تكون نهاية فوزي الخولي أوشكت على الاقتراب، سأله بجمود:
_ حلو أوي كفاية وسا*خة اللي زي ده لازم يروح في دا*هية، بس مين البنت دي بقي يا ترى؟!
_ بنت اسمها أزهار شرسة و أنت عارف إن فوزي لازم ست قوية تقف قصاده عشان تقدر تحمي نفسها منه كويس أوي.
______شيماء سعيد_______
بحي المغربلين شقة كارم.
مثل عادتها تغلق عليها باب غرفتها تعيش على مواقع التواصل الاجتماعي دون حساب لربها أو زوجها، غار*قة ببحر من الحرام تتلذذ بالمال و الشهو*ة، أطلقت ضحكة رنانة مع سماعها لحديث صديقتها مع باقي الشلة..
منال بخبث:
_ وصلني خبر إنك كنتي إمبارح قال إيه في روم مغلق من الولد الكنج حصل ده؟!
بضحكة رقيعة أجابتها نجوى :
_ ايوة يا حبيبتي الكنج بيطلب جوجو بالإسم أمال إنتي فاكرة الموضوع إيه؟! العبي العبي عشان أقفل التارجت ده كمان بعد ما الكنج قفل ليا اتنين.
قطع حديثها صوت ضجة عالية بالخارج لتقوم بارتداء جلباب بيتي فوق قميص نومها و تخرج، كانت الحاجة صباح على الأرض و فوقها صينية الأطباق، وضعت نجوى يدها على صدرها شاهقة:
_ طقم الصيني بتاعي انك*سر أهو هو ده اللي باخده منك و من ابنك المشاكل بس، قومي يا اختي نضفي الأرض و من معاش جوزك يكون عندي طقم أغلى من ده، على رأي المثل رضينا بالهم و الهم مش راضي بينا.
______شيماء سعيد______
بالولايات المتحدة الأمريكية.
انتهت من ترتيب حقيبتها بخزانة الملابس بعقل شارد تفكر كيف يمكنها الهروب من هذا الحارس لتستطيع الذهاب إلى بناتها، خرجت من جناحها بقصر فوزي الخولي بأمريكا... الأحمق قال للحارس إنها شقيقته من الأم.
نزلت للأسفل تبحث عن مخرج دون أن يراها أحد، أخيرا خرجت من باب المطبخ لتقف متجمدة مكانها كارم يقف أمامها بإبتسامة مستفزة..
يعلم من البداية أنها تريد الهروب لسبب خفي و هذا كلام ولي عمله؛ لذلك كل خطوة تفكر بها يسبقها هو قبلها، بحركة مستفزة لعب بأحد حواجبه مردفا :
_ على فين العزم يا هاجر هانم..
ضغطت على شفتيها بغيظ تل.عن فوزي بسرها لا يكفي هو عليها ليأتي لها بهذا الحارس، عادت خطوة للخلف قائلة ببرود:
_ و أنت مالك، خليك في شغلك و بس لما أعوزك هقولك.
ابتسامته رجولية جذابة مختلفة جداً عن أي إبتسامة رأتها لديها سحرها الخاص، بنفس البرود أجابها بصوت أجش:
_ إنتي شغلي و حدود عملي إنك تبقى تحت عيني في أي مكان إلا الحمام.
اتسعت عينيها بذهول من وقا*حته ماذا يقول هذا الرجل شهقت بخجل قائلة:
_ إيه الوقاحة دي اعرف بتتكلم مع مين الأول بدل ما أقول لفوزي يعرف شغله معاك.
هز كتفيه بلا مبالاة مردفا:
_ عادي روحي قولي عشان بالمرة يعرف أخته عايزة تهرب تروح فين، اطلعي على أوضتك من غير كلمة.
_ و لو قولت مش طالعة؟!
_ أطلعك أنا في خدمتك يا حلوة الحلوين.
أنهى جملته و هو يحملها على ظهره مثل شوال البطاطا، وسط صري*خها و ذهولها من سقوط يده على خصرها بقوة:
_ آه يا قليل الأدب يا متحر*ش نزلني فوراً.
_ هنزلك على سريرك و الأفضل ليكي تفضلي في اوضتك أنا على آخرى منك.
_____شيماء سعيد_____
عند فاروق في الشركة.
أخذ يتابع أعماله و بين كل دقيقة و الثانية ينظر للهاتف ينتظر قدومها و كأنه على يقين من وجودها بعد قليل، و بالفعل دق الباب و دلفت السكرتيرة قائلة بإحترام:
_ فاروق بيه في واحدة إسمها أزهار طالبة تشوف حضرتك.
أشار إليها بإدخال الأخرى لتخطو أول خطوة إلى عرينه بقوة مثل العاصفة، غضبها واضح بعينيها الساحرة، سند بظهره على المقعد بأريحية شديدة مرحبا بها ساخرا:
_ شوكولاته هنا بنفسها سعادتي صعب وصفها، اتفضلي اقعدي.
اقتربت من مقعده و دقات قلبها ظاهرة من ارتفاع صدرها أمام عينيه بوضوح، لع*نة المسيري حلت عليها ليخ*رب حياتها:
_ أنت مصنوع من إيه يا جدع أنت مالك و مال شغلي، أنا متأكدة إنك السبب اللي خلى الناس اللي بجيب منهم الخضار يرفضوا الشغل معايا.
قام من مقعده مشيراً لنفسه ببراءة:
_ أنا يا شوكولاته أعمل فيكي كدة، ليه هو انتي مهمة لدرجة إني أضيع دقيقة من وقتي عشان أبوظ شغلك؟!
رفعت حاجبها و أخرجت من بين شفتيها الفاتنة شهقة في غاية السوقية قائلة:
_ جتك ضر*بة تاخدك يا بعيد وقت إيه يا أبو وقت إذا مكنتش حر*امي و إحنا عارفين كنت قولت إيه، على العموم قصره عرضك مرفوض مش ناوية أشتغل معاك.
في لمح البصر كانت مقيدة بين ذراعيه و صدره العريض الخبث يلمع بعينيه و هذا يخ*يفها، سحب خصلة شعرها الظاهرة من تحت الحجاب و وضعها تحت حجابها قائلا بعين مركزة على جزء معين بوجهها :
_ شعرك يظهر كله أو يبقى تحت الطرحة كله الحجاب مش لعبة إيه فايدته و أنا شايف لون شعرك و نعومته، الصبح تكوني عندي عشان نبدأ التدريب أنا واثق إنك عرفتي كل حاجة عن فوزي و عايزة تساعدي الناس ترتاح من شره، آخر حاجة بقى من أول يوم شوفتك فيه عايز أحط على الشوكولاته مكسرات و مع الوقت تعوم في العسل..
لم تفهم كلمة واحدة من حديثه إلا مع شعورها بسخونة شفتيه على شفتيها يتذوق بها طعم الشوكولاته المميزة بصك المكسرات خاصته لتعطي مذاق ساحر.
ابتعد عنها بعد فترة غائب عن العالم فقط يشعر بنشوة و اكتفاء تلك القبلة، تفاجأ من رد فعلها و حذائها المرفوع أمام وجهه تحاول الوصول إليه بكل قوتها صار*خة بجنون:
_ يا ابن ***** أنت فاكر كل الطير و الا إيه رو*حك هتخرج في أيدي دلوقتي.
