رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين) الفصل الثاني2بقلم شيماء سعيد


رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين)
 الفصل الثاني2
بقلم شيماء سعيد



 

بعد مرور ثلاثون يوما.. شهر بأكمله الأحوال أصبحت به أكثر سوءا ، بالمشفي الموضوع بها فاروق المسيري... 

جليلة و فتون و فارس و عابد لا يفارق أحد منهم المكان، أمام غرفة فاروق بعد دخوله بغيبوبة السكين كانت في منتصف صدره كادت أن تقضي عليه... 

ضمت جليلة فتون النائمة إلى صدرها و هي تضع يدها الأخرى على وجهها، شحبت هذه المرة غير كل مرة كسر ظهرها بالمعنى الحرفي.. 

سندت فتون على الحائط ثم طلبت من فارس الحديث معها قليلاً، أومأ لها و هو يعلم جيداً بماذا تريده.. 

وقف بجوارها على بعد مسافة جيدة من فتون و عابد ليقول لها بهدوء :

_ خير يا جليلة؟! 

جزت على أسنانها بغضب قائلة :

_ و الخير ده هييجي منين و أنت من يوم ما قولتلك على حكاية فريدة مجبتش ليا أي أخبار عنها يا فارس؟! 

أخذ نفس عميق قبل أن يقولها لها بكل صراحة :

_ فريدة عندي يا جليلة و يوم الكتب الكتاب أنا جيت أخدتها مش هربت زي ما أنتي فاكرة، أنا و هي بنحب بعض من يوم ما اشتغلت عندي في القناة و أول ما عرفت إنها هتتجوز خطفتها يمكن الطريقة غلط بس هي حقي من الدنيا و لازم أدافع عنه بكل قوتي... 

صاعقة أصابتها ماذا سيحدث إذا أغلقت عينيها و أعلنت انسحابها من تلك الأيام الصعب عليها تحملها؟! ذهب فارس من أمامها مسرعاً مع رؤيته لخروج طبيب فاروق، إقترب منه بلهفة مردفا :

_ خير يا دكتور الحالة اتحسنت و الا لسة زي ما هي... 

ابتسم إليه الطبيب بإبتسامة مشرقة و هو يحرك يده على كتفه قائلاً :

_ فاروق بيه فاق ربع ساعة و هيتم نقله لغرفة عادية بس يا ريت بلاش ضغط احنا ما صدقنا رجع لينا بعد الشهر ده... 

أومأ إليه الجميع بسعادة... قدرت فتون على أخذ نفسها أخيراً و بدون وعي منها ألقت نفسها بأحضان عابد.. 

لعنة أصابته مع لمس جسدها إلى جسده وجد يده تضمها إليه أكثر مغلقا عينيه يتنفس رائحتها التي يعلمها على بعد أميال.. 

قشعريرة لذيذة جعلتها تدفن نفسها به أكثر مستمتعة بهذا العناق لأقصى درجة، من أول لحظة وقعت بحبه تمنت و تخيلت هذا العناق و لم تتوقع أن يكون بتلك الحلاوة، شعرت به يشم رائحتها و يأخذها إلى صدره كأنه يأخذ أكسجين الحياة هامسا لها بلا وعي :

_ بعشقك يا فريدة.. 

انتفضت بعيدا عنه كما فعل هو هذا ليست حبيبته بلا مجرد شبيهة لها، ابتلعت مرارة الألم يلحقها مع سماعها إلى نبرته الجامدة :

_ آسف مكنش قصدي يا أستاذة فتون.. 

تجرأت قائلة :

_ آسف على إيه!! أنا مراتك و ده حقنا إحنا الاتنين؟! 

قالتها بعفوية كما اعتادت على الحديث معه دائماً إلا أنه لم يأخذها مثل العادة، وقحة كلمة واحدة نطق بها عقله، كيف لها أن تقولها بتلك البساطة و هو كان سيصبح زوج شقيقتها، اتسعت عينيه بصرامة قائلا :

_ لا أنتي مش مراتي يا أستاذة فتون أنا كنت بنقذ عيلتك و أختك و أنتي من الفضيحة.... أنا راجل محدش هيقول عليا حاجة الدور و الباقي على العروسة اللي هربت، أنا مروح أرتاح أدخلي شوفي اخوكي... 

بغرفة فاروق بعدما اطمئنت جليلة عليه رفضت الدخول لرؤيته، ضمه فارس باشتياق و عيون تلمع بها الدموع قائلاً :

_ حمد لله على السلامة يا صاحبي.. بقى كدة شهر كامل تبعد عني يا فاروق و أنت عارف إنك ليا سند.. 

ابتسم له فاروق بإرهاق و هو يضرب ظهر الآخر بخفة مردفا :

_ أومال أنا رجعت لمين يا عبيط ما أنا ماليش في الدنيا دي كلها غيرك، بس معقول أنا فضلت هنا شهر كامل؟! 

أومأ إليه فارس بمرح :

_ أيوة يا سيدي اعتبر أنه شهر عسل.. 

انتفض فاروق من مكانه غير مهتم بألم جسده و كأنه تذكر الآن فقط حبيبته الخائنة و ما حدث بينهما هو هنا الآن بيدها هي؟! يا ليته لم يتذكر وضع يده على رأسه بتعب شديد لم يقع طوال حياته بحب امرأة و عندما فعلها سقط ببئر الخيانة... 

دق قلبه بخوف حاول إخفائه إلا أنه ظهر على ملامحه.. ماذا حدث بها الآن و أين هي؟! 

اعتدل بجلسته قائلاً :

_ أزهار فين يا فارس أوعى تكون عملت فيها حاجة أو في مخزن من بتوعنا دي بتاعتي.. أنا عايزها سليمة.. 

جلس فارس على المقعد المقابل له مردفا بلا مبالاة :

_ متخافيش علمت عليها بس عشان تعرف هي كانت بتتعامل مع مين.. أهي مرمية في مستشفى السجن.. 

كأن العالم بالكامل سقط فوق رأسه، يريد عذابها.. قتلها حية إلا أنه لم يتحمل تنفيذ ذلك سحب فارس من ملابسه صارخا برعب :

_ أنت عملت في مراتي إيه يلا؟! 

تعجب فارس من تصرف صديقه قائلا :

_ إنت لسة بتدافع عن واحدة خانتك يا فاروق و كمان حاولت تقتلك، أنا معملتش حاجة أهل الحارة بلغوا البوليس و هناك بعتت واحدة حبيبتنا البنت فردوس تسلم عليها بس الشوكولاتة بتاعتك طلعت خرعة... 

أبعده فاروق عنه بقوة قبل أن يقول بجمود :

_ هاتلي هدوم و إذن خروج من المخروبة دي أجيب مراتي و بعدين نتحاسب يا فارس أطمن عليها الأول بس... 

_ أنت مجنون يا فاروق عايز تخرج و حالتك كدة؟! خليك مكانك و انا هجيبها ليك لحد عندك و تحت رجلك.. 

_أنا اللي هجيبها يا فارس مش مرات فاروق المسيري اللي يحصل فيها كدة، و لو على روحها فهي هتخرج في إيدي أنا مش في ايد أي حد مين ما كان... 

______شيماء سعيد______

يقف أمام شرفة غرفته يتذكر آخر لقاء بينهما و أنه لم يراها من شهر... 

فلاش بااااك.. . 

بدأت تفتح عينيها بعد ساعات قررت بهم الانفصال عن العالم هاربة من كل شيء إلا أنها و بكل أسف حتى الهروب لا تستطيع فعله خصوصا بوجود بناتها، وجدت أكثر رجل أصبحت تكرهه بحياتها ينام بجوارها بكل أريحية... 

أغلقت عينيها عدة مرات ثم قامت بفتحها من جديد و هي تحاول الاعتدال بجلستها، لحظة من عدم الاستيعاب قبل أن يفهم عقلها أنها شبه عارية بهذا الفراش بملابسها الممزقة.. 

جذبت الغطاء عليها بسرعة قوية جعلت النائم بجوارها يستيقظ بفزع قائلاً :

_ في إيه هي الحرب قامت و الا إيه؟!. 

_ أنت عملت فيا إيه يا زبالة؟! 

وعي للموقف ليعتدل هو الآخر بجلسته مجيبا :

_ معملتش ليكي أي حاجة.... 

نظرت لنفسها ثم رفعت وجهها إليه و الدموع تغرق وجهها مردفة :

_ ليه كل ده أنا حبيتك و وثقت فيك؟!. 

قام من مكانه قبل أن يضعف أو يظهر لها ضعفه لأنه بالفعل أوشك على الانهيار أمامها ثم أعطى لها ظهره قائلاً ببرود :

_ بلاش دراما قولتلك مجيتش جنبك يا دوب كام صورة لجسم ملكة الإعلام عشان تمشي عدل و تتعلم الأدب، بناتك عندي كمان صورك عندي خافي بقى و اللي أقوله يبقى سيف على رقبتك..... 

_ عايز مني إيه يا كارم.. 

بغمضة عين كان عنقها تحت يده يضغط عليه و هو يود إخراج روحها و روحه هامسا :

_ حالياً مش عايز منك حاجة غير إن لسانك ****** اللي زيك ده اسمي ميجيش عليه سلام يا ملكة الإعلام مش فاضي ليكي دلوقتي، قومي استري نفسك في لبس ليكي في الدولاب... 

انتهى الفلاش باااااااااك... 

دلفت السيدة والدة كارم لغرفة نوم ابنها الذي يعود من العمل إليها و يرفض الحديث مع الجميع، كتمت أنفاسها لعدة لحظات بسبب كم الدخان الموجود بالمكان، نظرت إلى فلذة كبدها الواقف أمام الشرفة يحرق صدره بالسجاير واحدة تلو الأخرى اقتربت منه ثم وضعت كفها على كتفه قائلة :

_ و بعدين معاك يا إبن بطني هتفضل كدة لحد امتا يا كارم، لو بتحبها و قادر تسامح سامح و ربنا غفور رحيم.. 

ألقى السيجارة من الشرفة قائلا و عينه على المارة بالشارع :

_ نجوى خلاص ياما مش فارقة معايا مش أنا اللي أرجع ست خانت في حضني تاني، بس شكل العيب مش في النسوان ياما.. العيب فيا أنا، مكتوب على دماغي أهبل عشان كدة كل شوية تلعب بيا حابة.. 

شهقت والدته بفخر مردفة :

_ اسم الله عليك من كل حاجة وحشة يا واد، ده أنت سيد الرجالة مش عشان واحدة عنيها فارغة يبقى العيب فيك يا ضنايا أنت سندي و ضهري و ماليش غيرك في الدنيا و ابنك كمان..... 

أومأ إليها قائلاً بهدوء :

_ ربنا يباركلي فيكي يا ست الكل عايز منك تاخدي يوسف ينام معاكي في أوضتك فيه ضيفة هتقعد عندنا شوية... 

_ و مين الضيفة دي يا حبيبي... 

_ هاجر.... هاجر علوان... 

_____شيماء سعيد____

ترفض رؤية نفسها بأي مرايا على يقين من تدمير ملامحها، مر الشهر سريعاً و ها هي تنام على فراش مشفى السجن بلا أحد وحيدة، مرارة اليتم شعرت بها رغم وجود الحاج منصور بجوارها بشكل يومي... 

نظرت إلى كف يدها المقيد بالفراش بتلك السلسلة الحديدية بسخرية شديدة من نفسها، شهر عسلها هنا حملت لقب مطلقة و مجرمة عن جدارة.. 

الجروح الجسدية بدأت تختفي من عليها إلا أن الجروح النفسية أثرها يختم عليها بغرور إبن المسيري.. 

آه و ألف آه من إبن المسيري و من غبائها الذي جعلها تقع بحبه مثل العمياء رغم وضوح الحقيقة أمامها أكثر من مرة.. 

رأسها عادت بها إلى ذلك اليوم الذي رأت به فوزي الخولي... 

فلاش باااااااااك... 

بعد ذهاب فاروق إلى عمله دلفت لغرفة مكتبه مثل عادتها الأخيرة، أخذت وصية والد جليلة المسيري الكبير التي تنص على عدم أخذ اي فتاة ميراثها و بنفس الوقت يعيشوا بنفس مستواهم تحت وصاية فاروق، ضمت الأوراق إلى صدرها بسعادة مردفة :

_ يااا أخيرا.. كدة فاروق مخدش حاجة من أخواته البنات دي وصية أبوه.. فاروق مش حرامي، لازم جليلة تشوف الورق ده و ترجع لحياتها هنا تاني و يبقوا عيلة، هتكلم مع فاروق بعد الفرح عشان يكتب لكل واحدة حقها.. الميراث ده أكبر غلطة... 

خرجت من المكتب و من البيت بالكامل، ركبت أول سيارة أجرة لتقف السيارة بعد عشر دقائق بمنتصف الطريق، ضيقت بين حاجبها مردفة :

_ وقفت ليه يا عم الحاج لسة بدري على الحي أوي؟!.. 

أجابها الرجل بارتباك :

_ بصي يا هانم العربية اللي أدامك دي لفوزي بيه الخولي هيتكلم معاكي خمس دقايق و بعدين هوصلك للحي بنفسي... 

جن جنونها و ربما رعبها من هذا الرجل، احتدت معالم وجهها قائلة :

_ و حياة أمك نزلني يا راجل يا عرة، يا حسرة على الرجالة بتسلم بت لراجل و تقولي دقايق، ده أنا هخليك عبرة... 

أنهت حديثها و هي تمسكه من خلف ملابسه تحاول خنقه، ثبتت مكانها من فتح باب السيارة و ضحكات فوزي المعجبة بها أكثر و أكثر.. 

صفق لها قائلاً بفخر :

_ برافو عليكي يا ست البنات ابعدي عنه بقى عشان نتكلم كلمتين بهدوء..

تركت السائق و نزلت من السيارة بالفعل هذا النوع مثل الكلاب إذا شعر بخوفها لن يتردد لحظة بالهجوم عليها، أغلقت باب السيارة و سندت نفسها عليها ببرود قائلة :

_ خير يا باشا... 

وضع يده بجيب بنطلونه قائلا :

_ مع إن مقامك و مقامي أكبر من الوقفة في الشارع بس كله يهون لأجل عيونك الحلوين، عشان تعرفي مكانتك في قلبي واحد تاني بعد ما عرف إنك جاية من طرف عدوى كنت قتلتك بس إنتي خسارة كبيرة في الموت، و يا عيني غلبانة مش عارفة إبن المسيري بيخطط لايه.. 

اهتزت قليلاً من حديثه إلا أنها ردت عليه بهجوم :

_ بلاش لات و عجن الستات ده يا باشا و ابعد عن فاروق، لسانك الزفر ده بيوسخ إسمه.. 

قهقه بمرح قائلاً :

_ أنتي فرسة شرسة محتاجة ترويض و ده بيشدني ليكي أكتر، بس بلاش تدافعي عن فاروق جامد كدة ده ابن أختي واطي زيي و بيلعب عليكي على كبير.. 

ردت عليه بأعين ثاقبة و قلب بدأ يعلن طبول الحرب :

_ تقصد إيه بكلامك ده؟! 

إبتسم إليها بخبث مغلف بالإعجاب و هو يشير إلى حارسه الذي أخذ شنطة و مد يده لها مدت يدها لتأخذها إلا أنه سحبها منها فجأة ثم قام بفتحها لتشهق من رؤيتها  للدولارات، تحدث هو بهدوء :

_ دول مليون دولار مش خسارة فيكي يا ست البنات، بس بشرط جوزك حبيب القلب ميقربش منك، أنا عايزك زي ما أنتي بالكرتونة. 

أغلق عينيه عدة لحظات يبتلع غضبه مع كفها الذي سقط على وجهه بكل قوتها، هل فوزي الخولي تم صفعه للتو أم هذا مجرد وهم؟! ضغط على أسنانه و هو يشير إلى رجاله بعدم الإقتراب منها و أخذ منهم ملف أسود مردفا بفحيح :

_ لو واحدة غيرك عملتها كنت دفنتها مكانها في نفس اللحظة، بس ضرب الحبيب زي أكل الزبيب و مسيرها تترد، الملف ده يثبت إن حبيب القلب متجوز فوق الستين زوجة قبل منك و دول المعروفين الله أعلم الباقي كام، يعني إنتي لعبة بعد شهر واحد هيقولها مع السلامة.. فكري و أنتي عارفة طريق بيتي عايزة تفضلي مع ابن المسيري وقت أطول أوعي يقرب منك... 

انتهى الفلاش باااااااااك... 

عادت إلى واقعها مع دقات بسيطة على باب الغرفة، ابتسمت بسخرية قائلة :

_ اتفضل أدخل يا عم منصور أنت مش غريب... 

لا يزورها غيره حتى جليلة لم تفعلها، تفاجأت من هوية الزائر معقول فوزي الخولي أتى إليها، ابتسم لها واضعا الورد بجوارها قائلاً بحزن :

_ مش قولتلك بلاش إبن المسيري أهو ضيعك، بقى بنت جميلة زيك مكانها مستشفى السجن، أنا رفضت آجي من أول يوم رغم إني موصي عليكي لدرجة إنك قاعدة في اوضة لوحدك بس قلبي مقدرش يشوفك مشوهة، حمد لله على سلامتك، شكلك بدأ يرجع زي الأول، أنا جاي أقولك إني لسة شاري و في ضهرك.. 

ربما تلك الفرصة لن تعود إليها من جديد ابتسمت إليه بقلة حيلة قائلة : 

_ مبروك عليك و أنا بعت بس عايزة حقي يا فوزي بيه دم بدم... 

_ و أنا روحي قصاد حقك... 

أتى إليها صوت لا تعلم إذا كانت مشتاقة إليه أم تتمنى محوه من على الأرض بنبرته القوية الواثقة :

_ يبقى روحك يا خالي أصل مراتي حقها في ايد جوزها و بس... 




                  الفصل الثالث من هنا




تعليقات



<>