رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين) الفصل الثاني عشر12بقلم شيماء سعيد


رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين)
 الفصل الثاني عشر12
بقلم شيماءسعيد



الفصل 32
#عاصفة_باسم_الحب
#بداية_الرياح_نسمة
#حي_المغربلين
#الفراشة_شيماء_سعيد

أخذ يتأملها و هي تأكل بشراسة كأنها لم تأكل بحياتها من قبل، رائعة بأسوأ حالتها شهية مميزة، أسند رأسه على المقعد هي امامه مثل الفيلم السينمائي الذي لا يقدر على رفع عينيه عنه حتى لا يفوته مشهد واحد... 

إنتهت من الطعام لتأخذ كوب عصير المانجو دفعة واحدة ثم أزالت البقايا بكفها، أخذت نفسها بثقل و هي تضع يدها الأخرى على معدتها قائلة :

_ إيه ده يا جدع أحلى صينية مكرونة دي و الا ايه، أول مرة تعمل حاجة صح في حياتك يا إبن المسيري... 

سعيد بكل ما يحدث و كل ما يعيشه معها كان يحلم به، لأول مرة فاروق المسيري يأخذ الأطباق و يدلف بها إلى المطبخ حتى لا تبذل هي أي مجهود... 

عاد بعد عشر دقائق ليراها تضع رأسها على الطاولة و ذهبت إلى عالم آخر، ابتسم إليها بحنين هامسا :

_ طلعتي ليا منين ما أنا كنت عايش من غيرك ملك.. 

حملها بهدوء متجها الي غرفة جليلة يضعها على الفراش بحرص قبل أن يغلق الباب و الأضواء اخذا مكانا بجوارها، وضع رأسها على صدره مقبلا أعلى حجابها قبل أن يسحبه من على خصلاتها الحريرية.... 

همس لنفس بتعجب :

_ ده حضن و الا جريمة ده؟!... 

مر الليل بسلام و أشرق نور الصباح بشمسه، بدأت تشعر بشيء يقيدها مع ألم معدتها لم تتحمل البقاء أكثر نائمة، فتحت عينيها، لتكون الصاعقة ماذا تفعل بين أحضان هذا اللعين؟!.. آخر شيء تتذكره تغلب النوم عليها بالصالة... 

آه من هذا الاستغلالي، نظرت الي نومه البريء و ملامحه الهادئة بتعجب، كيف له أن ينام مرتاح البال وسط أفعاله؟!.. أخذت الوسادة من أسفلها و تفكيرها كله بكيف تنتقم منه.. 

مهما حاول أن يصلح هناك بعض الأشياء لا يجوز بهم الإصلاح، مازالت لا ترى به إلا جبروت رجل ضحك عليها و بعدها ألقى بها بالجحيم... 

مترددة، خائفة، مغلولة، عاشقة، مشاعر هي نفسها لا تفهم منها شيء، أغلفت عينيها ثم وضعت الوسادة على وجهه لعدة لحظات قبل أن تبعدها منهارة بالبكاء.. 

_ رجعتي في كلامك ليه يا أزهار؟!... 

لأنها ضائعة، مشتتة، لا تجد إلى راحتها طريق، رفعت نظرها إليه لتجده كما هو مغلق العينين نائم، للحظة توقعت أنها فقط تتوهم إلا أنه تحدث بنفس هدوء :

_ إيه اللي منعك تاخدي تارك لسة بتحبيني يا شكولاتة صح؟!.. 

نفت رأسها قائلة :

_ لا أنا بطلت أحبك من يوم ما خرجت من بيتك يوم صباحيتي، بطلت أحبك من يوم ما رميتني لأهل الحارة بتقول البضاعة بايظة، بطلت أحبك من يوم ما بقيت مجرمة عايز أقتل و موجودة في السجن، بطلت أحبك لما عرفت إنك لعنة دخلت على حياتي البسيطة دمرتها، كل ما ببص على وشي في المرايا و أشوف فيه أثر جروح.. أكرهك أكتر و أكره غبائي، أنا مش عايزة أقتلك أو مش قادرة عشان من جوا نضيفة مش شبهك و لا قلبي معدوم منه الرحمة زي قلبك، بكرهك يا فاروق بكرهك... 

هذه الكلمة بنفس مفعول ألف طعنة سيف، تكرهه و هو يعيش فقط من أجل حبها، لا يعتقد أن يوجد أسوأ من ذلك عقاب، ثلج بدأ يسير بجسده مع ضربة قوية بمنتصف صدره.. 

اعتدل إليها و عين ابن المسيري تقول الكثير قائلا :

_ مهو ده الفرق اللي بيني وبينك يا أزهار أنا مش قادر أكرهك و سامحتك من قبل ما أعرف الحقيقة، صدقتك من غير ما اتأكد من كلامك، و أنتي مش قادرة تحبيني من البداية، أوعي تكوني فاكرة اني أهبل يا أزهار و مش عارف إنك جيتي هنا انتقام مني لجليلة، أقع في حبك و أنتي تتفرجي عليا بتعذب، أنا عارف كل ده من يوم ما حطيتي السماعة عشان تروح لفوزي و بعدها روحتي لجليلة.. 

رفع وجهها لتنظر اليه مكملا حديثه بقوة :

_ سمعت كل كلمة خرجت منك وقتها كنتي جاية تكسري قلبي من البداية يا أزهار بس وقعتي في حبي، و أنا كمان زي ما جليلة قالتلك مكنتش عايز أكتر من جسمك لمرة واحدة بس وقعت فيكي للأسف، النية من البداية عندنا إحنا الاتنين كانت سودة، شوفي ايه ممكن يريحك يا أزهار و أنا هعمله حتى لو طالبة الطلاق... 

قام من مكانه غير متحمل أي كلمة أخرى منه أو منها، لم تتحمل هي الأخرى موقفه المخزي لتنتفض تقف بوجهه صارخة، يديها الاثنتين متعلقة بعنقه كأنها تود خنقه :

_ أنت ازاي واطي و بياع كدة، فين حبك اللي بتتكلم عنه و أنت حتى مش بتحاول تدافع عني، بالبساطة دي عايز تخلع حتى مش قادر تحارب شوية صغيرين عشان أفضل معاك، أنت اناني يا فاروق و أنا بكرهك... 

بعدها أصبحت مثل الطيف و اختفت من أمامه صاعدة إلى شقتها... 

_____شيماء سعيد______

_ فرح أخواته البنات النهاردة و باعت ليا دعوة كمان...

قالها فوزي لأحد رجاله المدعو باسم حامد، حرك رأسه بغضب قائلا :





_ أنا مش عارف يا باشا إحنا لسة سيبينه عايش هو و ابن خالته ليه؟!.. حتى عثمان مرمي عندنا في المخزن كل يوم أزود له الجرعة و لا بيحصل له حاجة...

قهقه فوزي بمرح خبيث جنوني، تعبيرات وجهه لا تدل على أنها تعبيرات إنسان طبيعي، أخذ نفس عميق من سيجاره قبل أن يقول :

_ و لما يموتوا بالبساطة دي هحس إزاي بمتعة الانتصار يا غبي أنت، الأهبل اللي اسمه فاروق فاكر إنه قال إيه ممكن يخلص مني بالقانون، كان بيلمح على إنه عارف مكان عثمان غبي.. إذا كان أنا مش عارف مكان عثمان...

عقد حامد حاجبيه بتعجب ثم أردف :

_ طيب و هاجر هانم يا فوزي بيه هنعمل معاها إيه و بناتك أحم أقصد يعني بناتها...

على ذكرها تغيرت ملامح فوزي بعض الشيء، هاجر تلك الصغيرة المطيعة التي علمها كل ما يريده على يديه، حمقاء أضاعت نفسها لم يتمنى أبداً الوصول معاها لتلك النهاية إلا أنها من اختارت..

دائما الإنسان الأحمق يختار نهايته بيده رغم كون من أمامه لا يريدها بهذا الشكل، الا أنها عبرت كل الخطوط و لابد من قطع جذورها..

وضع السيجارة بمكانها قائلا :

_ اتكتب لها عمر جديد عموما طالما رجعت لها صحتها عايزها في أقرب وقت بس بمزاجها يا حامد مش غصب تيجي هنا بمزاجها...

نظر اليه حامد و كأنه يقول كيف أفعلها؟!.. إلا أن عين الآخر أجابته بوضوح ليقول :

_ آه قصدك الواد اللي هي عايشة عنده عنينا يا باشا اعتبر كله خلص الليلة...

______ شيماء سعيد _____

على الجانب الآخر كانت صفية تاكل بنفسها أهو سيتزوج تلك الفتاة؟!.. لا تعلم لما كل خططها تسقط على الأرض بتلك الطريقة، دلفت لغرفة فرحة بلا سابق إذن...

اتسعت عينيها مع رؤيتها  للأخرى تقوم بتحضير ملابسها للزفاف بسعادة، اقتربت منها تجذبها بغل صارخة :

_ أنتي يا بت مفيش عندك دم خلاص، مش جوزك ده اللي فرحه الليلة على واحدة غيرك إيه مبسوطة إنه بقى ليكي ضرة...

رفعت فرحة حاجبها بتعجب من تصرفاتها قائلة و هي تزيح كفها بعيدا عنها :

_ في إيه يا صفية مالك أنتي و مال فارس و جوازه، كل واحد حر في حياته و أنا مراته و راضية و مبسوطة أنتي بقى دخلك إيه بالموضوع ده؟!.. محروقة ليه أنا مش فاهمة كأنه بيتجوز عليكي أنتي، و بعدين تعالي هنا حضرة العمدة مش بيسأل عن مراته ليه و ابنك فين يا أم فارس؟!..

وضعتها عند حدها لتنظر إليها بغيظ قبل أن تترك لها الغرفة، خرجت و هي تتوعد لهم بدمار هذا الزفاف قائمة بالاتصال على عمها والد فارس :

_ إلحق يا عمي فارس عايز يتجوز على فرحة الليلة و هي منهارة أنا مش عارفة أعمل معاها إيه...

أخذت نفس بعدما نفذت جزء من خطتها و الآن جاء دور الجزء الثاني منها، الإتصال بالصحافة لحضور حفل زفاف النجم فارس المهدي على زوجته الثانية....

_____ شيماء سعيد _____

بالمساء...

بأحد أفخم قاعات الأفراح بالقاهرة، جلست جليلة بجوار أزهار التي كانت شاردة ربما تتذكر حفل زفافها و فرحتها العارمة به، أو عقلها يعيد كل كلمة غامضة قالها فاروق ظهرت بعدها بساعات قليلة، رفعت كفها تضغط به على أنفها لتمنع عينيها من أي رد فعل أهوج...

ابتسمت لها جليلة قائلة :

_ مش مصدقة يا أزهار البنات خلاص كبرت و كل واحدة فيهم هتروح لمكان بعيد عني، عايزاكي معايا على طول يا أزهار...

ردت إليها الابتسامة بأخرى إلا أنها لم تخرج من أعماق قلبها، مازالت تحمل الكثير من جليلة بقلبها حركت شفتيها مردفة بهدوء :

_ أسيبك و اروح فين أنا بيتي في الحي موجود تقدري تيجي في أي وقت...

وضعت جليلة كفها على بطن أزهار ثم أجابتها بحكمة :

_ بيتك هو بيت ابنك يا أزهار و بيت ابنك هو بيت أبوه و ماله، بلاش تبقى عبيطة زيي سبت كل حاجة و فكرت اني أقدر أعيش بس طلعت غلطانة، بيت المسيري هو بيتك و بيت اللي في بطنك...

ازاحت يد الأخرى بعيدا عنها قائلة :

_ بيت ابني هو بيتي أنا في الحي يا جليلة، أنتي طلع عندك حق أنا و فاروق مالناش مكان مع بعض عاملين زي الشرق و الغرب بالظبط... يا ريتني سمعت كلامك وقتها...

ضربتها جليلة بخفة على رأسها ثم أردفت :. 

_ ما شاء الله و بدل ما تسمعي كلامي المرة دي و تتعلمي من غلطك الأول رايحة تعملي اللي في دماغك برضو... 

بعدت أزهار بنظرها عنها و ركزت على السلم مردفة بحماس :

_ العرسان وصلوا يا جليلة شايفة البنات طالعين زي القمر إزاي... 

على الصعيد الآخر كان يضع فاروق يده اليمين بيد فريدة و اليسار بيد فتون..،حدث الموسم زواج بنات المسيري، لا يعلم لما قلبه متوتر هكذا يشعر أنه لم يشبع منهما بعد ليذهبوا بعيدا عنه بتلك السرعة من جديد... 

وصل إلى محل وقوف فارس و عابد ليقدم لكل منهما عروسته قائلا لعابد بابتسامة مشرقة :

_ طلعت راجل يا ابن منصور و تستحق أنها تكون بين ايديك دلوقتي، معاك أمانة في رقبتك خد بالك منها عشان لو زعلت في يوم هقطع رقبتك.. 

قهقه الجميع بمرح قبل أن يأخذها عابد منه مقبلا رأسها بسعادة هامسا و هو يسحبها بعيدا :

_ قبل ما تكون جوا قلبي و عنيا، بيني و بينها ربنا هتكون ملكة في بيتي... 

تبسم فاروق بارتياح شديد كأنه حقق إنجاز عظيم، نظر أمامه ليري صاحب عمره متلهفا، ذهبت ابتسامته مشيرا إليه مردفا :

_ المأذون وصل نكتب الكتاب الأول بعد كدة تقدر تاخدها مني يا فنان... 

أزالت جليلة دمعتها مع رؤيتها إلى شقى عمرها يتم حصاده أمامها، ألقت قبلة محبة إلى فتون التي كانت تتمايل بين يدي عابد... 

شعرت بكف يد يوضع على كتفها لتنظر إلى منصور هامسة :

_ خير يا حاج منصور في حاجة؟!... 

جلس بجوارها محل أزهار التي تركت المكان ثم أردف بجدية :





_ في إني جبت آخرى معاكي يا جليلة كل الناس اتجوزت إلا احنا... 

رفعت حاجبها إليه بسخرية قائلة :

_ عشان هما في سن الجواز مش سن اليأس يا أبو عابد عقبال مالك كمان... 

حدق بها بخبث واضح و هو يقول بالقرب من أذنيها :

_ اتكلمي عن نفسك أنا لو اتجوزت هيكون عندي عيل بعد تسع شهور... 

لماذا دائما يذكرها حتى و لو بكلمة بسيطة أنه عاش حياته بشكل طبيعي و هي فقط من دفعت ثمن هذا الحب، قامت من على المقعد قائلة :

_ عندك حق أنت تخلف و تعيش حياتك و جليلة حياتها كلها تبقى في الأرض من تحت راسك، و من بجاحتك جبت بدل العيل اتنين و أنا خسرت كل حاجة، عن إذنك رايحة لاخواتي أفرح بيهم مرة من نفسي... 

على الصعيد الآخر... 

جلست فريدة بجوار فاروق الذي يمسك بيد فارس الجالس على المقعد المقابل له، تسمع و ترى ما يدور حولها بصمت أخذت دور المشاهدة في هذه القصة التي من المفترض لا يوجد بها بطل إلا هي، تحاشت النظر إلى فارس تنظر فقط الي كف فاروق الموضوع على كفها كأنه يقولها صريحة أنا بجوارك، إلى أن سمعت تلك الجملة الشهيرة من المأذون :

_ بارك الله لكما و بارك عليكما وجمع بينكما في خير... بالرفاء و البنين إن شاء الله... 

الكلمة التي كانت ترددها بين نفسها هي كلمة البكر و كأنها تذكر نفسها بوجود خطأ بهذا العقد، لم تنتهي صدمتها إلا و أتت إليها الصدمة الثانية على هيئة رجال مرعبين يبدو عليهم أنهم من الصعيد و خلفهم الصحافة، وضع والد فارس يده على يد فاروق و فارس قائلا :

_ إيه يا ولد المهدى بتتجوز على بت عمك من غير ما تعزم أبوك و الا إيه؟!.. و أنت يا فاروج باشا مش تعزم جوز خالتك برضك... 

كاميرات تصور و الجميع يشاهد و وسط كل هذا و ذاك اختفت حبة الشوكلاته من القاعدة في ظروف غامضة من صريخها باسم فاروق الذي لم يسمعها من الأساس...

_ فاروووووووق... 

______ شيماء سعيد_____

معظم الأحلام لا تتحقق مهما حاولت تحقيقها، إلا هذا الكابوس البشع تحقق و بشكل أكثر رعبا من الخيال، أزهار الآن فقط مقيدة بداخل فراش فوزي الخولي لا حول لها و لا قوة.. 

فمها مغلق، جسدها يرتجف من الرعب، لأول مرة بحياتها تشعر بهذا الشعور و ترى غرفة مثل هذه الغرفة، ألوانها الحمراء المرعبة تقبض الأرواح، رائحتها الكريهة و كأنها مقبرة لألف شخص، نظراته وحدها تأخذ روحها منها.. 

فوزي الخولي مجنون و من الواضح مثل الشمس أنها الضحية الجديدة، بدأ يقترب منها و هي تلف رأسها بكل مكان تبحث عن خيط أمل رفيع تهرب به منه، صرخت رغم أن صرختها مكتومة مع لمسه  لخصلاتها قائلا بحنان :

_ شعرك حلو أوي أوعي تخافي مني أنا لو أذيت الدنيا كلها أنتي لا يا زهرة حياتي... 

عادت برأسها بعيدا عنه لتشعر بألم رهيب بخصلات شعرها التي يضمها بين يده، اقترب منها أكثر مقبلا خدها هامسا بجنون :

_ اللحظة دي أنا بحلم بيها من أول مرة شوفتك فيها يا أزهار، حاسس إنك حظي الحلو و حقي في الدنيا، الليلة دي هتكوني في حضني و ليا... خليها برضاكي لأنك آخر واحدة ممكن أقرب منها غصب مش عايز أكون سادي بين ايديك عايز أكون عاشق يا حبيبتي... 





تعليقات



<>