رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين) الفصل السادس عشر16بقلم شيماءسعيد


رواية عاصفة باسم الحب الجزء الثاني2من(حي المغربلين) 
الفصل السادس عشر16
بقلم شيماءسعيد





خرجت الممرضة من غرفة الولادة لتعطي إليه ابنته الصغيرة، شعور غير سار بجسده المرتجف بعدما ضمها بين ذراعيه، اتسعت عينيه بلذة منبهر بتلك الصغيرة الجميلة مغلقة العينين، ابتلع ريقه متوترا خائفا أن يصيبها أي أذى، قرب أنفه من عنقها ليأخذ أكبر قدر من عنبرها الفطري الخالص...

لذيذة بكل شي، رهبته من الموقف ذهبت، يود فقط بقائها بداخل صدره يحميها من العالم و ما فيه، ارتفعت دقات قلبه أكثر برعب على بكاء الصغيرة الذي انبعث فجأة، أخذت شفتيه تتجول على وجهها مقبلا إياها عدة قبلات هادئة و هو يتحرك بها ذهابا و ايابا بطرقة المكان هامسا بحنان :

_ بس بس يا حبيبة بابا كفاية عياط أنا معاكي أهو بس يا روحي، إيه رأيك يا زهرة تفتحي عينيكي عشان أشوفها...

صمتت الصغيرة و كأنها تشعر به ثم ابتسمت إبتسامة واسعة بريئة أثناء نومها، قبلها قبلة طويلة على جبينها ثم أشار للحارس قائلا :

_ روح قول للدكتور بدر الطحان فاروق باشا عايزك حالا..

دقيقتان و كان الطبيب بدر الطحان يقف أمامه بترحاب شديد ففاروق صديق عزيز عليه ، حاول حمل الصغيرة من والدها إلا أن الآخر تمسك بها أكثر ليقول بدر بمرح :

_ جرا إيه يا فاروق عايز أشيل البنت عشان التحليل... و بعدين دي مقابلة بعد سنين يا راجل.. 

ألمها صعب عليه تحمله، قبل رأسها قبل أن يمد يده بها لبدر قائلا برجاء :

_ ليك وحشة جامدة يا إبن الطحان بس الله يباركلك بلاش توجعها بلاش دم استنى لما رمشة تقع و الا حاجة... 

قهقه بدر بمرح و هو يأخذ منه الصغيرة قائلا :

_ متخافيش يا حنين دي زي بنتي، تعال ورايا لما أشوف واحشك بجد والا أنت قليل الأصل... 

بعد عشر دقائق انتهى التحليل بسلام لتؤخذ زهرة الصغيرة للحضانة و يجلس فاروق مع بدر بمكتبه ( بدر الطحان بطل رواية قدرك عشقي للناس اللي مش فاكرة يعني)،،، تحدث بدر بهدوء :

_ التحليل ده في الطبيعي بيقعد أسبوع بس عشانك هيكون عندك بكرا بالليل، قولي بقى ناوي على إيه يا جوز الاتنين... 

نظر إليه فاروق بسخرية قائلا :

_ بلاش أنت الله يصلح حالك يا جاحد يا أبو ليلى، أول ما أثبت إن البنت بنتي هسجلها بأسمي بعدها هطلق جوليا و أخليها تقعد هي و البنت في شقتهم عادي... 

سأله بدر بأعين جادة :

_ طيب و مدام أزهار يا فاروق هتقول لها ازاي؟!.. 

انتفض فاروق من مكانه بفزع مردفا برفض شديد :

_ مش هقول حاجة لأزهار أبداً بالذات في ظروفها دي، كان ممكن أقولها الأول لكن دلوقتي مستحيل أكسرها بالشكل ده دي تروح فيها، طلبي الوحيد إنك تخلي مدام مسك تتابع حالتها يا بدر أتمنى يكون في أمل تحمل... 

قطع حديثهما دخول مسك للغرفة بعدما تمت عملية الولادة لجوليا لتقول بابتسامة صفراء لفاروق :

_ حمدلله على سلامة المدام يا فاروق بيه، تقدر تروح تشوفها ده لو تحب طبعاً... 

خرج فاروق بلا كلمة أما مسك نظرت الي أثره بسخرية قبل أن تسحب زوجها من قميصه مردفة بدلال :

_ هو أنا مش قولتلك ابعد عن الراجل الصايع ده يا إبن الطحان و الا أنت عايز تبقى زيه... 

جذبها اليه أكثر فهو مع الكبر زاد وسامة و هي أصبحت أنثى كاملة الأنوثة و الجمال، همس لها بشغب :

_ تعرفي عني كدة برضو هو فاشل لكن أنا معايا أجمل و أروع و ألذ ست في الدنيا يا روحي... 

_______شيماء سعيد ______

بمنزل عابد و فتون... 
بعد أذان العصر.. 

استيقظ عابد بسعادة أخيراً حصل على حبيبته، لا يعرف كيف يشكر فاروق الذي طلب منها الرحيل معه لعش الزوجية، ليلة أمس كانت ليلة بالعمر كله، تخيل كثيرا هذه اللحظة و توقع جمالها إلا أنه تخطى تفكيره بآلاف الخطوات، ألقى عليها نظرة شاكرا ربه... 

لكل زرع يوم حصاد و ها هو حصد ما كان يريده، حبيبته أصبحت زوجته، حقه الذي ظل يبحث عنه الكثير و الكثير، من حلاوة مشهد نومها بجواره لأول مرة تأكد أن كل ما مر قليل جداً للحصول عليها، دثر جسدها العاري بالغطاء جيدا قبل أن يخرج من الغرفة متجها للمطبخ... 

انتهى من إعداد الفطور لها ثم حمل الصينية الموضوع بداخلها أكلاتها المفضلة عائدا للغرفة، وضع الطعام على الفراش قبل أن يقرب وجهه من خصلاتها هامسا :

_ يلا بقى يا روحي اصحي عشان تفطري... 

فتحت فتون عينيها بثقل قبل أن تبتسم إليه باتساع ليظهر صف أسنانها مثل الحمقاء مردفة بهيام :

_ يالهوي على الروايات اللي أكلت عقلي يا جدع بقيت بتخيل حاجات غريبة قال ايه أستاذ عابد محضر ليا الفطار بنفسه.. 

قهقه بصوته كله ثم حمل الطعام ليضعه على فخذها مردفا بعبث :

_ مهو لما يبقى حبيبتي كاتبة و عاشت حياتها كلها في الخيال يبقى لازم أحقق ليها حلمها مرة واحدة حتى، زي ما أخذت منك أحلى هدية يبقى أديكي هدية بسيطة من عندي تفرحك، إيه رأيك بقى في الفطار يا روحي... 

اتسعت عينيها بفزع ما عاشته ليلة أمس و ما تعيشه الآن حقيقة بعيدة كل البعد عن أحلامها الخرفاء، تورد وجهها بخجل تتمنى لو تعود للنوم من جديد هاربة منه مهما تخيلت الموقف فهو أصعب من أي تخيل، قطع حبل أفكارها بقطعة الجبن التي وضعها بفمها هامسا :

_ اليوم ده كان بالنسبة ليا حلم بعيد بس لما اتحقق عرفت إن تعبي اللي فات كله و لا حاجة قصاد إني أصحي من النوم و تكوني أنتي جوا بيتي و في حضني حقي غصب عن الكل... 

أدمعت عيناها بسعادة مردفة بحب بعدما ابتلعت طعامها :

_ لو رجع بيا الزمن تاني مستحيل كنت كذبت، اللي بيحب حد بيحبه زي ما هو كدة مهما كانت عيوبه إيه، شكراً على كل حاجة يا عابد... 

_ أنتي اللي شكرا ليكي يا روح عابد.... 

______ شيماء سعيد _______

في المساء... 

ترك فارس فريدة مع أزهار بالمشفى و عاد للفيلا ليأخذ فرحة، الأيام الماضية كانت قاسية لدرجة إنه غير قادر على الحركة، سار بثقل حتى وصل لغرفة فرحة دق علي الباب لتفتح اليه بعد عدة لحظات مردفة بقلق :

_ خير يا فارس رجعت النهاردة مع إنك كنت بتنام في المستشفى... 

أخذ نفس عميق قبل أن يقول بهدوء يعلم جيدا أن بعده عاصفة :

_ أنتي طالق يا فرحة طالق طالق.... 

للحظة حاولت استيعاب ما قاله، طلقها فجأة و بلا سابق إنذار، ارتفعت دقات قلبها الغير منتظمة صراعات عقلها بدأت بداخلها تكاد تنفجر، هل ما وصل إليها صحيح؟!... قالها لها بالماضي ستظل على اسمه لحين عودة عثمان هل عاد حبيبها الضال؟!.. حركت رأسها ليفهمها فارس الذي كان يتابعها بترقب، ابتسم إليها بحنان ثم أومأ برأسه مردفا :

_ أيوة يا فرحة عثمان رجع روحي غيري هدومك عشان تروحي تشوفيه.. 

فقدت قدرتها على الحركة، فقدت جميع حواسها بلحظة لم تتوقع أنها سوف تحدث بحياتها، عاد بعدما فقدت الأمل بعودته و ضاع من روحها ما ضاع، سقطت دموعها بحسرة قبل أن تقول بنبرة متقطعة :

_ مش عايزة أشوفه يا فارس مش هقدر احط عيني في عينه بعد كل اللي عمله، كنت فاكرة إن ممكن روحي ترجع ليا برجوعه بس أنا كرهت نفسي أكتر... 

محقة و هو مقدر ما ما عاشته بعد إختفاء شقيقه، رفع كفيه ليزيل دموعها بحنان قائلا :

_ معاكي كل الحق عشان تعملي فيه كل ما بدالك و يريحك بس ده هيبقى قرارك بعد ما تعرفي هو كان فين و عايش ازاي، تعالي معايا اتكلموا سوا و بعد كدة أنتي حرة و القرار في ايدك لوحدك.... 

_______ شيماء سعيد ______

ترك الصغيرة بصعوبة تنام بين أحضان والدتها ثم جلس على المقعد المقابل لفراش جوليا واضعا ساقا على الآخر، يحدق بها بصمت حتى انتهت من إطعام الصغيرة ليقول بجدية :

_ البنت نامت و أنتي كمان محتاجة تنامي بكرا الصبح هعدي عليكم عشان ترجعوا شقتكم، مش عايز حاجة توصل لأزهار يا جوليا عشان لو نزل منها دمعة واحدة بسبب الموضوع ده مش هتشوفي بنتك الباقي من عمرك... 

زفر بضيق قبل أن يقوم من مكانه متجها للهاتف الموضوع على الشاحن بعدما فقد شحنه من الصباح، نهش القلق قلبه مع عدد المرات التى اتصل بها فارس عليه، أخذ الهاتف و خرج من الغرفة متصلا بالآخر ليرد عليه فارس بغضب :

_ جرا إيه يا عم من الصبح برن عليك غير متاح أنت فين و سايب مراتك بتموت... 

تموت؟!... اسود وجهه و سقط قلبه أرضا قائلا بهلع :

_ مالها أزهار يا فارس أنا جاي مسافة الطريق... 

زفر فارس مردفا :

_ تعال عشان فيه دكتورة بقرة قالت لها إنها مستحيل تخلف و من وقتها و أزهار منهارة أخذت منوم و قدامها ساعة و تفوق، أما الدكتورة بنت **** عندنا في المخزن ليلتها شبه وشها... و أنا دلوقتي في طريقي مع فرحة لعثمان... 

_____ شيماء سعيد ______

وقفت سيارة فارس المهدى أمام مشفى خاصة بعلاج الإدمان، نظرت لفارس بذهول هل عثمان يتعالج من الإدمان، أومأ لها الآخر بلا كلمة لتنزل من باب السيارة تسير خلفه، مع كل خطوة تقترب بها من غرفته ترتجف أكثر، ساقيها تهددها بين الحين و الآخر بالسقوط، خائفة، غاضبة، حزينة، مشتاقة، كانت كغريق ابتلعه الماء و يئس من النجاة إلا أنها جاءت فجأة... 

وقف فارس أمام باب الغرفة مشيراً لها بالدخول مردفا :

_ أدخلي هو جوا و أنا مستنيكي هنا.... 

وضع يده على كفها المثلج هامسا بقوة :

_ متخافيش يا فرحة عثمان بقى كويس و أنا هفضل سندك و ضهرك للنهاية... 

ابتسمت إبتسامة باهتة ثم فتحت باب الغرفة، رأته أخيرا و بعد طول انتظار إلا أنه كان بقايا عثمان، ملامحه باهتة عيونه منطفية، جسده الرياضي أصبح جسد طفل مراهق، عثمان عانى الكثير بغيابها، همست بإسمه قبل أن تجد نفسها منغمسة بداخل أحضانه.. 

لحظة تخيلت أنها لن تحدث أبداً أخذت نفس عميق تكتم به شهقاتها، تلف ذراعيها حول عنقه ليستمتع كلا منهما بجمال اللحظة بعيدا عن أي كلمة تفسد مشاعرهما... 

سمحت لنفسها بالبكاء بعدما شعرت بملمس دموعه الساخنة على عنقها قائلا :

_ حقك عليا مع إني عارف لو فضلت أعتذر من هنا لسنين قدام قليل عليكي، أنا يوم فرحنا كنت أسعد عريس في الدنيا حبيبتي اللي ربتها على أيدي النهاردة هتكون بتاعتي، بس وقتها جالي صداع كان بييجي من فترة و الخدامة كانت بتحط




 المخدرات في كل حاجة ليا أكل أو شرب بمعدلات عالية جداً، فوزي بعت رجالته تاخدني عشان أموت قصاد عينه، بس فاروق طلع ليا زي طوق النجاة و من وقتها و أنا هنا بتعالج، ضعت و ضيعتك معايا يا فرحة عمري كله... 

ابتعدت عنه قليلا ثم ضمت وجهه بين كفيها هامسة بنبرة أخذ منها الزمن ما أخذ :

_ مش مهم أي حاجة في اللي فات يا عثمان المهم دلوقتي، أنت رجعت تاني معايا جوا حضني مش عايزة أو محتاجة حاجة تانية، فوزي الخولي كان لعنة أذى كل الناس حتى الست الوحيدة اللي حبها، خليك معايا قلبي مش حمل فراق جديد... 

_ أنا معاكي المهم إنك أنتي تفضلى معايا.... 

______ شيماء سعيد _______

وصل فاروق لغرفة أزهار فتح الباب ليراها نائمة و جليلة و فريدة بجوارها، تنهد بإرهاق شديد ثم ألقى بجسده على الأريكة الموضوعة بإحدى زوايا الغرفة قائلا :

_ روحي مع السواق للبيت يا جليلة و خدي معاكي فريدة، أنا هفضل معاها و محتاج نبقى لوحدنا.. 

جلست جليلة بجواره مردفة بقلق :

_ فاروق أنت كنت فين من الصبح و قادر تتحمل ألم رجلك ده إزاي أنت شكلك ناسي إن رجليك الاتنين مصابين... 

حرك رأسه بتعب قبل أن يغلق عينيه بصداع شديد ثم قال :

_ متخافيش عليا أنا بخير هبقي أقولك كنت فين بعدين بس أنا دلوقتي محتاج أبقى مع مراتي لما تفوق و نبقى لوحدنا يا جليلة.... 

تفهمت جليلة موقفه و تركت لهما مساحة خاصة ليخرج كلا منهما ما يؤلمه دون حساب لوجود أحد، بعد خروجها مع فريدة اعتدل بجلسته يراقب تلك النائمة بسلام و كأنها تتمنى العالم ينتهي بما فيه، بعد نصف ساعة رأي دموعها تسقط و هي مغلقة العينين.... 

قام لينام بجوارها على الفراش يضم جسدها إليه بحنان، استيقظت و ترفض المواجهة لأول مرة يرى أزهار ضعيفة، عاجزة عن رفع عينيها لعينيه قبل خصلاتها السوداء التي يعشق عنبرها المحلى برائحة الكاكاو هامسا بهدوء و كأنه يتحدث مع نفسه :

_ أول مرة أشوفك ضعيفة حتى يوم صباحيتنا كنتي قوية لدرجة إنك ضربتيني بالسكينة، أنتي أنقذتي حياتي من الموت بعد كل اللي عملته معاكي صممتي يا نعيش سوا يا نموت سوا، محدش في الدنيا دي كلها بياخد كل حاجة يا أزهار إحنا طلعنا من الموت... 

قاطعته و هي تفتح عينيها إليه ليري لون الدم بهما مردفة :

_ يا ريتني ما طلعت من الموت يا فاروق... 

قالتها بحسرة قلب و برغبة صادقة بالتخلي عن كل شيء و الاستسلام للموت، ليس لديها أي مشاعر و لو بسيطة إنها تستطيع الصمود أكثر، أملها الوحيد بالحياة فقدته أن تصبح أم لطفل تكون سنده بشبابها و يكون سندها بشبابه، حلم الأمومة فطرة تحرق كل من فقدها، أكملت حديثها بتقطع :

_ أنا تعبت، اتحملت فوق طاقتي كتير و المرة دي كسرت ضهري و أخذت روحي.. 

وضع يده على فمها يمنعها من باقي الحديث مردفا بابتسامة حنونة و كفه الأخر يزيل دموعها :

_ كل واحد فينا بياخد على اد ما يقدر يشيل يا زهرة قلبي، و دي محنة زي حاجات كتير هتمر، في أمل في الحمل يا أزهار و أمل كبير كمان بس مينفعش الفترة دي هنصبر مع بعض سنة و الا اتنين كمان و الكلام ده مش كلام ده كلام دكتورة متخصصة هنروح عندنا من أول بكرا، عايز عيال كتير منك يا أزهار بس أنتي توافقي منبقاش عايشين زي الأخوات... 

رفعت عينيها إليه بأمل كبير مردفة بتوتر :

_ بجد في أمل يا فاروق؟!.. 

_ بجد يا شكولاتة... 





تعليقات



<>