رواية يوسف المسحور بين سبع قبور الفصل الرابع
لمّا رأت نور الأميرة أعطتها الفأر .وبعد قليل أظلمت الدنيا، وامتلأت السّماء بالغيوم ،وعلا صوت الرّعد ، قالت الفتاة لنور : ويحنا !!! لقد جاء الجنّ: تعالي أخفيك في طنجرته ، ولا تخرجي من هناك مهما حصل. أقبل ذلك الجنّ بشكله المرعب ،وعينيه اللتان التي تقدحان الشرر ،وما كاد يطل برأسه في الدهليز، حتى صار لونه أحمر، وصاح الجنّ : آدمي في قصري ، سأرميه الليلة في قدري وسأشعل عليه جمري !!! أين هو .. آه .؟ جاءته الفتاة ،وقالت له: ليس هناك غيرك ، وتلك الرائحة هي لفأر دخل من بعض الشقوق ،طلب منها أن تشويه ،فلمّا نضج أكله ،ولحس شفتيه ،وقد أعجبه مذاقه.
بعد قليل سألته: بالله عليك، هل تعرف شيئا عن واحد إسمه يوسف المسحور ؟ فتح عينيه ،وأجابها: لماذا هذا السّؤال ؟ ثم ضربها على يدها ،حتى كاد يكسرها ،وقالها لها :ما الذي خطر ببالك لتسأليني عن هذا الشخص ؟ ردّت وهي ترتعش من شدّة الخوف : لا شي ..لا شيئ !!! كل ما في الأمر أنّي سمعت به من زمان، وأريد أن أعرف
حكايته ،فلا بدّ أنّها مسليّة ،لقد سألتك مرّة عنه ، ووعدت أن تجيبني !!! حكّ الجنّ رأسه ،وأجابها : لا أذكر ذلك ،لكن أنصحك أن لا تسأليني عنه مرة أخرى ،هل فهمت ؟ قالت :لن أفعل ذلك ،ثم إبتسمت ،من الواضح أنّ الجنّ يعرف يوسف، وهو نفسه الذي ظهر له في المرتين السّابقتين، وطلق بسببه نور وياسمينة ، ودون شك يوسف محبوس في مكان ما والسّؤال أين ،ولماذا ؟
رمى لها كعادته جيفة حمار، وطلب منها أن تطبخه له مع القرع ، وضعت القدر على النار رغم الألم في بيدها التي ضربها عليها. ، جهزت له العشاء، فمدّ يديه وأكل حتى شبع ، ثم توسّد ذراعه ونام. إثر ذلك تحوّل لون الدّهليز من الأحمر للأصفر ،وإنتظرت الاميرة قليلا لتتأكد من نومه ،ثمّ نهضت وملأت صحفتين من حساء الغزال الذي طبخته لها ولضيفتها ، وتعشّتا معا في ركن بعيدا عن الجنّ ،وأثناء العشاءسألت بنت السّلطان الفتاة إنكان أخبرها الجنّ قد أخبرها بشيئ عن يوسف ؟! فأشارت إلى يدها المضروبة ،وقالت هذا هو جوابه على سؤالي !!!
فأخذت نور قليلا من زيت الزيتون ،ومسدت.يدها ، فأحسّت الأميرة بالرّاحة، وقالت لها :الآن نامي ،والصّباح سأرى ماالذي يمكن فعله من أجلك ،واعلمي أنّي لن أدّخر وسعا في سبيل مساعدتك.!!!
في الصّباح لمّا خرج الجنّ رجع لون الدّهليز كما كان .وبعد قليل جاءت الاميرة لضيفتها بخبز وعسل وجبن ،فأفطرتا مع بعضيهما ،ثم قالت لها : إسمعي ،لقد إنصرف الجنّ، ولقد فكّرت في شأنك ،ووجدت أنّه من الحكمة أن لا أكلمه هذه الليلة عن يوسف ،فقد يدفعه ذلك للشك في أمرى، لكن عندي لك حل !!! أخرجي للبحث عن أختي الأكبر منّي، ،لعلها تقدرعلى مساعدتك ،فهي ازيد حيلة !!! سألتها ،وأين أجدها؟ أجابت الأميرة :هي سجينة مثلي في دهليز تحت الأرض ،ولمّا تتوسّط الشّمس كبد السّماء ،أنظري جيّدا ،فستلمع لك رخامة مصقولة مثل المرآة ،حرّكيها ،وإنزلي الدّرج ،ستجدين قصرا ثانيا فيه أختي ،واحك لها قصّتك.
ثمّ جهزتها بكل ما يلزمها للرّحلة واعطتها لوزة
،وقالت لها إذا ضاقت بك الحال فاكسريها، وبعد ذلك سلّمت عليها وودّعتها.مشت نور فى الغابة أيّاما ،وكل ما ترى شيئا يلمع تذهب وترى حت أخذ منها الإعياء مبلغا عظيما وأشرف الزاد والماء على النفاذ ،وتساءلت ومذا لو كانت هذه الحكاية خدعة من الأميرة لكي تخلص منها ،وبينما هي تسير هائمة على وجهها رأت فراشات ملونة تحلق حولها ففرحت ،وقالت في نفسها :الرخامة ليست بعيد فلقد أرت هذه المخلوقات المرة الأولى لما ضعت في الغابة وربطت حصانها ،ومشت وهي تنظر هنا وهناك ،ثم فجأة ظهر على وجهها السّعادة، فلقد رأت من بعيد شيئا يلمع وسط الضخور ،ولما إقتربت منه صاحت :الرّخامة !!! هناك يوجد القصر الثاني ،وربما يكون يوسف محبوسا هناك...
