رواية حارة الباشا الفصل الثامن والعشرون28بقلم فيروز احمد


رواية حارة الباشا 

الفصل الثامن والعشرون28

بقلم فيروز احمد 

خرج علي الباشا من المشفي و هو يتوعد لمعتز بأشد العقوبات علي ما فعله في فاطمة ، فهي ليست مجرد زوجة هي رفيقة دربه و عشرة السنوات ! .. كما انه فقد ابنه اللذي لم يرَ النور بعد !! 


اشتعل غضبه أكثر ، و اخرج هاتفه ليحادث عمر و لكن وجد الهاتف يرن بين يديه برقم فاطمة ،، رفع حاجبه متعجبا ثم تذكر ان الهاتف مع روسيل .. اسرع يجيب علي الهاتف ليسمع صوتها في الجهة المقابلة تصرخ : 

_ هلي قناااص يا هلي .. قناص هلي (علي) البيت أودام احنا .. تهالي (تعالي) يا هلي بسرررهة (بسررعة) بلييز ! 


قضب حاجبه متعبا يهتف بعدم فهم : 

_ انتو فين يا روسيل .. انتو مش في البيت ؟؟ 


_ نوو يا هلي .. انا و مام أنتي و نوسة ،،، مدآآآري (متداريين) م القناص ! 


زفر  غاضبا فهو لم يفهم منها شيئا ، و لكنه يشعر بالخوف الشديد عليهم جميعا ،، لذا هتف يخبرها سريعا : 

_ روسيل انا مش فاهم حاجه ، ابعتيلي ال GPS علي التلفون و انا هوصلكم !


_ أوكي يا هلي !


قالتها روسيل و اغلقت الهاتف تحتضن نوسة بخوف شديد و عيناها خارج البناية تنظر الي ذالك القناص تتابعه ،، بينما هو يقف متربصا لهم ينظر خروجهم من البناية ليقتلهم ! 


###############################


اسرع علي الباشا الي سيارة عمر يقودها يتتبع تطبيق تحديد المواقع علي هاتف فاطمة الي ان وصل الي البناية اللتي يختبؤون فيها .. قبل ان ينزل من السيارة لمح القناص ،، تراجع بالسيارة للخلف ناحية منزلهم 

صف السيارة و نزل مسرعا يصعد درجات المنزل الي شقته و منه الي غرفة نومه .. فتح الخزانة يأخذ منها بندقيته القانصة ، قبل ان يصعد لسطح المنزل 


وقف علي سطح منزله يراقب ذالك القناص علي الجهة المقابله بعيدا عنه بعدة منازل .. و دون ان يدرك القناص وجود علي الباشا علي السطح المقابل ، كانت رصاصة الباشا تصيبه .. ليرتد قتيلا في الحال ! 


كانت روسيل تراقب بعيناها القناص ، ما ان رأته يسقط حتي تعجبت بشدة و نظرت حولها لم تجد من قتله أهو تراجع ام ماذا !! 

دقائق و كان علي الباشا يقف امام البناية بوجهه الغاضب المكفهر يهتف باقتضاب : 

_ يلا هنمشي ! 


خرجت والدته من البناية اولا تنظر له بغضب تهتف صارخه : 

_ بطة عامله ايييه ؟؟ حصلها اييه ؟؟ انا عايزة اروح أشوفها !  


_ اهدي ياما بطة كويسة و هوديكو ليها بس مش دلوقتي لما اجيب حقها الاول و اخلص من اللي أذاها !! 


خرجت روسيل تحمل نوسة بين يديها ،، نزلت نوسة من يديها و اسرعت تركض الي أبيها الذي حملها برفق يربت علي كتفها .. نظرت له الصغيرة ببكاء تهتف و هي تبكي : 

_ انا عاايزة ماما .. انا مش هشوف ماما تاااني صح ؟؟ .. ماما ماتت ؟؟ 


احتضنها علي الباشا برفق يربت علي كتفها بحنان يخبرها بهدوء : 

_ اهدي يا نوسة حبيبتي ماما كويسه و هنروح نشوفها ، بس لما ناخد حقها من الراجل الشرير اللي ضربها بالنار ! 


_ يعني انا هشوف ماما تاني ! 


_ ان شاء الله يا حبيبتي ما تخافيش ! 


قالها و هو يحتضنها برفق ،، نظرت له روسيل في المقابل هاتفه يتساؤل : 

_ احنا هااارووح فين يا هلي !!!


_ يلا هنمشي من هنا !


قالها يتجه للسيارة و خلفه والدته و روسيل المتعجبتين .. ركبتا كل في مكانها والدته بجواره و علي قدميها نسمة الصغيرة ، و روسيل في الخلف ، لينطلق بهم علي الباشا الي فيلا التجمع الخاصة به ! 


###############################


في فيلا علي الباشا في التجمع الخامس 


اجتمع الجميع في بهو الفيلا (اسرة علي الباشا بمن فيهم وداد ، مريم ، عبدالرحمن ، عماد و ابنه وليد ، نوسة ابنة علي و روسيل) و اتي (عمر ، نادين ، فارس و ابنه علي ) و كذالك (يوسف و ريانا) 


جلسو جميعا امام بعضهم و علي يترأس الجلسة ، وضع يديه اسفل ذقنه و نظر لهم واحدا تلو الاخر ثم هتف : 

_ عماد هتاخد ابنك و مراتك و معاه انتي ياما و مريم و روسيل و نوسة  .. هتروحو تقعدوا في شقتنا اللي في اسكندرية علي ما الدنيا هنا تتظبط ! 


ثم رفع اصبعه و اشار علي عمر و نادين : 

_ و هيروح معاكم عمر و هتاخدوا معاكم نادين و فارس و ابنه علي 


تنهد قليلا ثم قال : 

_ هيفضل هنا انا و يوسف و ريانا و بطة و ....


نظر لشقيقه الصغير الذي وزعه بنظره من عينيه فسب بصوت منخفض قبل ان يهتف : 

_ و هيفضل معانا عبدو 


شهقت وداد و ضربت علي صدرها : 

_ ابني لاااء اوعا تكون ناوي تشركوا في خططك مع العصابة اياها .. الله يكرمك ابعد ابني عن سكتهم ده لسه في بداية حياته ! 


_ ياما عبدو ملوش اي دعوة بمعتز و اللي معاه ، هو ليه شغله هنا مع لوا كبير و مينفعش يسافر معاكم ، و كمان هسيبه مع بطة حراسة علشان ابقي مطمن عليها 


لم يعجبها ما قالت فمصمصت شفتيها و نظرت ناحية فارس و عمر بمعني (مهم موجودين ما يحرسوا بطة مكان ابني) .. و لكنها ابتلعت كلماتها داخل جوفها و صمتت تنظر بضجر و عدم رضا 


_ بعد اذنك .. انا مش هقدر اسافر معاهم ، انا عايزة افضل هنا !


قالتها نادين بصوت مضطرب فنظر لها عمر متسع العينين : 

_ تفضلي هنا ازاي يعني انتي اتجننتي ! .. انتي نسيتي ان معتز و نصار مراقبينك و لو عرفوا انك خلعتي جهاز التصنت هيجبوكي !!! 


دمعت عيناها و امسكت بيده تهدأه قائلة برجاء : 

_ يا عمر افهمني ، ريانا بتقول اننا ممكن نطلع ولاد معتز .. انا الفكرة دي مش بتفارقني انا بكرهه و نفسي انتقم منه زيي زيكم بالظبط ، انا عيشت اسود ايام عمري من ساعت ما دخل حياتي .. علشان خاطري يا عمر مش هقدر اروح اسكندرية و انا سايبة عقلي و فكري هنا ، انا عايزة اعرف انا بنته فعلا و لا لا .. انا ... انا هتجنن لو طلعت بنته بجدد هتجنن يا عمر !! 


مصمصت وداد شفتيها و هي تنظر للشقيقين بمكر و خيلاء ، بينما شدد عمر علي قبضة اخته و قال بألم مماثل : 

_ زيي زيك يا نادين هموت و اعرف الحقيقة ، بس احنا حياتنا و سلامتنا اهم ميت مرة من الكلام ده دلوقتي ! 


تركت يده بغضب و صرخت : 

_ انا مش هسافر يا عمر .. انا عايزة اعرف الحقيقة 


_ بطلي جنان و تنشيف دماغ انا مش هسافر و اسيبك لوحدك هنا مين هيحميكي ! .. كلهم مش فاضيين لدلع البنات ده ! 


هبت نادين بغضب و رفعت اصبعها في وجهه : 

_ انا بدلع دلع بنات !! .. اسمع بقي يا عمر انا مش ماشية من المحافظة دي غير لما اعرف الحقيقة و .......


_ تعالي يا حبيبتي و انا اقولك الحقيقة اللي انتي هتموتي نفسك و .......


اسرع عبدالرحمن بوضع يده علي فم امه يكممها بسرعة و قال بتوتر : 

_ يا جماعة ماما متقصدش دي كبرت و بتخرف مش عارفة بتقول ايه متركزوش معاها ...


ازاحت وداد يده من علي فمها و صرخت بغضب : 

_ انا كبرت و خرفت يا عبدو ! .. انت اللي اتجننت علشان عايز تمنع عنهم الحقيقة اللي هيموتوا و يعرفوها ! 


انتفض علي و عمر في نفس الوقت و اقتربا من وداد التي نظرت لهم بتوجس .. و همس علي بتعجب : 

_ حقيقة ايه يا ماما انتي تعرفي حاجه احنا منعرفهاش ! 


طقطقت وداد بفمها و سخرت منهم : 

_ هو انتو لو عارفين نص اللي انا عرفه كان ده بقي حالكم ! .. ده انتو خايبين و الله امال ايه اشي علام و اشي مخابرات و انتو ......... و لا بلاش 


ربعت يدها و لوت فمها بسخرية ، اقترب منها عمر و قد بدأت تلوح في عقله فكرة استحالها و لكنه ترجي مئة مرة الا تكون حقيقية : 

_ مش ممكن .. انتي بتكرهيني من زمان و .. و مكنتيش عايزاني اتجوز بنتك ! .. انتي تعرفي ايه عني انا معرفهوش .. علشان خاطري يا حاجه قوليلي ان اللي بفكر فيه مش صح !! 


نظرت له نظرات قاتله و ساخطة و لوت فمها قبل ان تصدمه بقولها : 

_ لا اللي انت بتفكر فيه صح ! .. و ايوة بكرهك و كان نفسي متطولش شعراية حتي من بنتي علشان .... 


صمتت فترجاها علي بغضب : 

_ علشان ايه ياما انطقي .. انطقي حقيقة ايه دي اللي انتي مخبياها !! 


_ علشان انا مكنتش عايزة بنتي تتجوز ابن الراجل اللي قتل ابوها .. مكنتش عايزاها تتجوز ابن معتز ، كان عندي اجوزها لابن أمه الواد سيد و لا انها تتجوز ابن معتز الحقير !!!! ...


ضرب عبدالرحمن جبينه بغضب بينما اتسعت اعين جميع الحاضرين و كان اشدهم صدمة عمر و نادين .. اتسعت عينا عمر بصدمة و فراغ شديدين قبل ان يسأل و كأنه لم يدرك ما قالته وداد : 

_ قولتي ابن مين ! .. اكيد حضرتك تقصدي حد تاني و شبهتي عليا و ......


_ لا اقصدك انت و اختك ! .. انتو الاتنين ولاد معتز ، و معتز فاكر ان سيف ابو فارس قصر في حمايتكم و انتم اتقتلتوا بسببه ، و بينتقم منا و من فارس علي ذنب احنا معملناهوش .. انتقم منا و قتل جوزي الغلبان الطيب ، قتله في ثانية علشان يشفي غليله من حاجه محصلتش .. الراجل كان ناوي يدلوا علي مكانكم بس ابوكم طول عمره شراني و غاوي قتل و جرايم و قتله قبل ما يعرف الحقيقة ........ 


انتفض الجميع علي صوت اصطدام جسدها بالارض ، سقطت نادين علي عقبيها ارضا بصدمة و عيون فارغة غير مستوعبة ما قالته وداد الان ، بينما عمر لم يحد ببصره عن عينا وداد يتمني ان تكون قصة ملفقة ، يتمني لو أنها تكذب لتشفي غليلها ممن قتل زوجها ... و لكن قوة عيناها و نظراتها الموجهة نحوه تقول بانها علي حق و انها لا تكذب 


شهقة خرجت من مريم التي وضعت يدها علي فمها من الصدمة من هول ما تسمع ، التفت عمر برأسه نحوها فرأي نظرة العذاب في عيناها .. زاد بؤسه و زاد كرهه لما سمعه الآن ! 


استمع لصوت صراخ علي الباشا : 

_ ايه اللي انتي بتقوليه ده ياما انتي اتجننتي !!  .. ايه علاقة ابويا بمعتز و سيف اصلا ! 


_ مهم يا عنيا كانو اصحاب زمان و كانو شغالين نفس شغلانتكم دلوقتي و كانو زيكم انتو التلاته كده !


و اشارت علي عمر و فارس بعينيها ، نظرت لها نادين بعذاب و همست برجاء : 

_ علشان خاطري قولي ان اللي بتقوليه ده مش حقيقي .. قولي انك بتقولي كده من غلك و غضبك ان عمر اتجوز بنتك .. انتي اكيد مش قصدك معتز اللي احنا نعرفه صح ؟ .. اكيد تقصدي معتز تاني اللي هو مش ابونا صح ! .. 


وضع فارس ابنه علي الاريكه و نحني نحوها سريعا ، يمسك كتفيها يحاول رفعها و هو يقول بأسي : 

_ نادين متعمليش في نفسك كده و قومي .. حتي لو تقصد معتز اللي احنا نعرفه ده ميفرقش حاجه .. احنا مبنختارش اهالينا و انتو ملكوش ذنب في اي حاجه معتز عملها ، ده أذاه طالكم انتو نفسكم ! 


نظرت له بألم و عذاب قبل ان تتساقط دمعاتها بحسره و تهتف بأسي و حزن : 

_ يعني انا بنته فعلا ! .. انا بنت معتز اللي بيبيع اعضاء الاطفال و بيقتل الناس و يعذبهم .. انا مش قدرة اصدق لا لا مش عايزة اصدق انتو كدابين .. كلكو كدابين و مش مصدقاكم .. ابعدوا عني .. ابعد عني .. سيبني .. سيبني انتو كداابين ! 


ظلت تتملص من يديه التي تمسك بكتفيها ثم بدأت بضرب جانبي رأسها بيديها و هي تصرخ : 

_ مش ممكن انتو كدابين .. مش ممكن اكون بنته لا .. انا مش بنته .. انا مش بنت معتز لااااا مش ممكن لاااااااا 


حاول فارس ايقاف حركتها العصبية فقد بدأت تتشنج : 

_ اهدي بس .. اهدي يا نادين اهدي 


و لكنها زجته عدة مرات بلا وعي .. لم يجد سوا ان يفقدها الوعي بضربها خلف رقبتها علي عرقها النابض 


ثواني و سقطت بين يديه فاقدة للوعي ، امسكها باحكام .. نظر لها عمر باعين محمرة من منع البكاء و اقترب من فارس يأخذها منه ، حملها بين ذراعيه بهدوء و تحرك بها ناحية الباب فحاول فارس منعه صارخا : 

_ عمر انت رايح بيها فين .. هاتها لما تهدي يا عمرر !! .. عمرررر انت رايح فين ! 


التفت له عمر و صرخ بصوت جهوري : 

_ راااايح في داااهية انا و اختي ملكوش دعوة .. محدش ليه دعوة بينا من النهاردة انا ... اناا ... 


ابتلع غصة البكاء في حلقه و هتف بصراخ مجددا : 

_ انا مش عايز اعرف حد فيكم تاني .. من النهاردة تنسوا ان لكم حد تعرفوه اسمه عمر و ... 


التفت برأسه جهة اليسار حيث تقف مريم الباكية التي تنظر له بالم و تضع يدها فوق فمها تكتم شهقاتها 

ابتسم بالم و حسرة ، ثم تجمد وجهه و هتف بلا رجعة : 

_ مريم .. أنتي طالق ! 


شهقت مريم بصدمة بينما اختفي عمر من امامهم جميعا بين يديه قلبه المحطم و شقيقته الغائبة عن الوعي ، و داخله فزع من خبر لم يحلم به في أسوء كوابيسه !! .....

     الفصل التاسع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>