رواية ضجيج الروح
الفصل التاسع9
بقلم فرح احمد
إستفاقت " آرام " من ذكرها على دخول " نادية " غُرفتها ... فـ نظرت لها " آرام " بـ برود و إبتسامة مصطنعة وقالت:-
_في حاجة يا ماما ..؟!
نادية تجيب دون أن تنظر إلي ابنتها وتقول:-
_إنتِ مسافرة مطروح..؟!
آرام هزت رأسها بـ " نعم "
نادية بـ حدة:-
_و إنتِ بتقرري من دماغك ؟!! .. ملكيش أهل تسأليهم
آرام بـ أدب و نفس الإبتسامة المصطنعة:-
_كُنت معرفة بابا .. و مستئذنا .. و هو وافق .. فـ آسفة لو كُنت نسيت اسأل حضرتك
نادية:-
_و آسفك دا أعمل بـ إية..؟!
آرام:-
_طب أعمل لـ حضرتك إية..؟!
نادية و أقربت منه و قامت بـ إمساك خد " آرام " وقالت بـ نفس الحدة و عادت إليها نظرة الغضب:-
_إتكلمي كويس معايا
آرام و تحاول إفلات خدها من يد والدتها و تقول بـ وجع:-
_طب سيبني .. إيدك بتوجعني
و أزالت " نادية " يدها و نظرت إليها بـ عصبية و خرجت و هيا تغلق باب الغرفة ورائها بـ عنف ... فـ تحسست " آرام " خدها بـ وجع و دموع و قالت محدثه نفسها " عندك حق يا " عُمران " .. إن أمشي .. الحمدلله ".. و أتجهت لـ دولاب ملابسها و بدأت بتحضير حقيبة السفر الصغيرة بـ لون " أسود " و تذكرت يوم أهداتها بـها أختها " عالية " .. منذ أكثر من سنتين ... كانت تريد حقيبة و كانت على خلاف مع أهلها ... فـ أشترت لها " عالية " مفاجأة لها .. و أشتاقت لـ أُختها التي تشاركها الغُرفة .. برغم من خلافتهم الكثيرة لكنها ستظل تحمد ربنا على وجود " عالية " فـ حياتها ... بـ حنيتها و بئر أسرارها .. و سندها الحقيقي فـ مواقف الصعبة .. لن تنسى فترة إكتئاب النتيجة .. و محاولة " عالية " إخرجها من حالتها .. مع مداوة جرحها النفسي و إحتوائها لها ....
بعد أن أنهت ترتيب حقيبتها .. جلست على الفراش و ظلت " تتطنطط " و تمسك هاتفها و تتصل على " عالية " مكالمة فيديو ... و عندما أجابت عليها " عالية " صُعقت " آرام " من منظر أختها و قالت بـ خضه:-
_بسم الله الرحمن الرحيم .. إية يابنتي المنظر دا..؟!!!! .. خضتيني
عالية بـ ضحك و ثقة:-
_إنتِ إلي أتصلتِ فـ مواعيد مش مناسبة .. مش ذنبي
آرام:-
_جوزك عندك و شايفك بالمنظر دا..؟!
عالية:-
_لا نزل قعد على القهوة
آرام ضحكت بـ سُخرية متممه بالحمد:-
_الحمدلله .. كان زمانه طلقك فيها .. أو قطع الخلف
عالية بـ ضيق:-
_ننينيي ... عجبني .. و عايزة منِ إية يا بت إنتِ ؟! .. مش فضيالك .. بجرب شوية مسكات للوش و الشعر جديدة .. و دا واحد منهم " اللمون بـ لبن و النشاء "
آرام:-
_دا عك مش ماسك .. عامة .. وحشتيني قولت أكلمك .. بس إنتِ إلي واطية
عالية و تكلمت بـ نبرة لطيفة و إشتياق:-
_و إنتِ كمان يا روميو .. وحشتيني ... ما تيجي تقعدي معايا اليومين دول
آرام:-
_و جوزك دا نرميه مثلا..؟! .. و بعدين أنا مسافرة أصلًا كمان يومين
عالية بـ إستغراب:-
_مسافرة فين..؟! .. قررتي تهاجري أخيرًا و تريحينا منك
آرام:-
_وكله سكر إنتِ النهاردة كتير ... بس لا يا حبيبتي قعدة على قلبكم ... بس مسافرة لـ مؤتمر " مطروح " أسبوع و راجعه
عالية:-
_بجد ؟! .. طب ما تخديني معاكِ
آرام:-
_والله تنوري .. بس أخاف تولدي مني يا روحي .. فـ خليها لحد ما تقومي بالسلامة و تجيبلنا البت " سونيا "
عالية بـ لوي شفايف و ضيق:-
_قولتلك بطلي دلعك المُقرف دا .. " حُسام " و " بلال " و أمك و أبوكِ مبقوش يطمنوا عليا الأ بـ " أخبار سونيا إيه ؟! .. لسه تعباكِ "
آرام بـ ضحك و ثقة:-
_والله اسم قمر .. إيش فهمك إنتِ
عالية:-
_خلي لـ عيالك .. و ملكيش دعوة بـ بنتي
آرام:-
_منين يا حسرة...؟! .. قعدالك أهو .. فـ لحد ما أتجوز هطلعه على بنتك حبيبة خالتو دي
عالية و وضعت يدها على بطنها و تقول:-
_ربنا يسترها عليكِ يا " ياسمين " من خالتك المعتوه دي
آرام:-
_لو طلعت لـ خالتها هتبقى قمر .. يكفِ غمازتي يا حبيبتي
عالية:-
_حسام و أنا عندنا .. مش محتاجين لـ جيبناتك فـ حاجة " ثم قالت مُعدله:-
_لا خليها تأخد رموشك .. دي ممكن أقبل بيها
آرام بـ ضحك تسلية:-
_فاكرة و إحنا صغيرين .. كُنتِ على طول تشكِ إن عاملة مسكرا .. و تعيطي لـ ماما ... إن إشمعنا هيا رموشها طويلة كدا و إنتِ يادوب عندك كام شعرايه بالعافية
عالية و شاركتها الضحك وقالت:-
_و لما حاولت أُقصهالك .. و بابا لحقني على آخر لحظة
آرام:-
_غيرتك دي هتوديكِ فـ داهية .. إن شاءالله " سونيا " هتأخد تناحة خالتها و خالها
عالية:-
_هو " حمزة " لسه مكلمكيش من ساعتها..؟!
آرام بـ ملامح حزينة و نبرة آسى:-
_لا ... من ساعة إلي حصل ... و هو مكلمناش .. حتى عملي بلوك من التليفون و الفيس وكله
عالية و شاركت أختها الحزن وقالت:-
_هو بيكلم " حسام " و كلمني .. فـ قولت إنه طالما رجع يتواصل معايا فـ رجع يكلمك أكيد
آرام:-
_ما أنتِ عارفة إنه بطل يكلمني .. مع إن الموضوع مكنش يستعدي كُل دا .. بس هو كدا .. بيحب يمارس كل القسوة معايا و لا كإنِ عدوته مش أخته
عالية:-
_معلش يا حبيبتي .. إن شاءالله ترجعوا تتصلحوا
آرام:-
_يا بنتي ولا فارق .. أصل فعلًا الموضوع مش مستعدي .. دا جزء من الموضوع إلي إتعرف ياريته كُله
عالية:-
_إنتِ عارفه إن " حمزة " مبيحبش حد يعرف عنه حاجة .. خاصة إلي بينه هو و مراته
آرام:-
_يا بنتي هو حد عرف أصلًا .. دا مفيش الأ أبوكِ بس عرف مني و من غير قصد .. إن في مشاكل عندهم مأجله موضوع الخلفة شويه .. لا عرف مثلا إن العيب من مراته .. و لا إن مراته كانت سايبه البيت أصلًا .. و لا أي حاجة .. عامة براحته ... الله يرزقه ياستي
عالية:-
_يارب
و أستمروا فـ حكي بعض مواضيع عن النسوة كـ أسعار " مساحيق التجميل .. زيوت الشعر .. الملابس " و هكذا حتى أغلقت " عالية " مع أختها حين عاد " حُسام "
و كالعادة تنهدت " آرام " بـ حزن و آسى لـ تذكير " عالية " بـ " حمزة " التي كانت تحاول أن تلهي نفسها عنه .. خاصة بعد الحظر الذي أعطى لها .. كأنه يقول لـها أنتِ "لم و لن تهميني "
و مع الذكرى بكت " آرام " لإنها أفتقدت أخيها فعلًا ... و فتحت هاتفها و مجلد الصور و نظرت لـ صورتها مع حمزة الواقف جانبها هيا و عالية بـ وضعيه مجنونة بـ " بوز البطة " .. و تحت أشاعة الشمس لمعت زرقة عينين " حمزة " التي وراثها من والدتها المتوفية ... فـ حمزة أخيها الأكبر من الأب .. و تزوج والدها " نادية " بعد وفاة " إلهام " بـ سنة .. حين أشتد عليه الآمر فـ رعاية " حمزة " ابنه .. و كانت " نادية " و مازلت تعامله معامله جميلة و تعتبره " ابنها " و تدلله حتى مع كبر سنه .. و كانت تشغل الغيرة أحيانًا داخل " آرام " و هيا صغيرة بسبب معاملتها الرقيقة مع " حمزة " ... و أغلقت الصورة و توجهت لـ شات الخاص بينها و بين " عُمران " و كتبت:-
_أزي الإخبار ..؟!
أرسلت المسدچ و تركت هاتفها و قامت بتشغيل مكبرات الصوت و أختارت من قائمة أغنية أجنبية تُفضلها ... و عدلت من نفسها و بدأت بـ عمل بعض التمارين ... و أحست بـ تعب نظرًا أنها قرابة ٣ أشهر لم تتدرب ... و ظلت هكذا لـ نص ساعة و أحست بـ تعب شديد فـ العضلات فـ قالت بـ تعب و تتمطع بـ جسدها الطويل:-
_آدي أخرة الركنة .. مش قادرة أكمل ساعة على بعض حتى
أخذت منشفتها الخاصة و أتجهت للحمام لـ تأخد حمام دافئ لعل ينعش روحها الحزينة البائسة ... و أنهت الحمام و أتجهت لـ غرفتها الملاصقة له .. و بدلت ملابسها و بدأت بـ تسريح شعرها و قالت و هيا تضع الكريم الخاص بـ شعر:-
_جيبالك حته كريم بـ آخر فلوس من المرتب ... على الله يطمر فيك و تبطل تُقع يا شيخ
و قطع محدثتها لـ شعرها. .. مسدچ من "عُمران " مكتوب:-
_أنا كويس و بخير ... إنتِ عاملة إية..؟!
آرام:-
_الحمدلله ... بدأت أجهز شنط السفر .. و لعبت رياضة شوية
عمران:-
_كويس .. واضح إن السفرية دي هتيجي بـ نتيجة إيجابية .. رجعتِ تلعبي رياضة إلي بتحبيها تاني
آرام إبتسمت بـ مرار و هيا تتذكر ما حدث مع والدتها:-
_إيجابي ... طبعًا أُمال .. إيجابي أوي
عمران:-
_حاسك كدا بتتريقي ..!!
آرام بـ نفس الإبتسامة المريرة و النظرة الساخرة:-
_أكيد ... ماما جات أتخنقت معايا لإن نسيت أقولها على السفرية .. و " عالية " سألتني على " حمزة " عشان تكمل النكد إلي عندي
عمران كتب بـ آسى و نظرة زعل:-
_هتسافري و تنسي ... بس تجنبي والدتك اليومين دول ... و ربنا يهدي " حمزة " و يرجع يكلمك
آرام:-
_يارب
بعد مرور يومين بالتحديد فـ أتوبيس ... تجلس " آرام " تقرأ كتاب الذي أهدى لها " عُمران " و تضع سماعات الأذن متظاهرة أنها تستمع لـ أغاني حتى تتخلص من ثرثرة " سُهير " الجالسة جانبها و تتكلم كثيرًا .. فـ أشياء لا تهم " آرام " بالمرة ... و حتى لا تحرجها وضعت السماعات و تنظر بـ طرف عينيها لـ " سهير " التي سكتت و أسندت رأسها للوراء و أغمضت عينيها تستعد للنوم .. فـ حمدت ربها و أزالت السماعات من أذنها....
عند " شيرين "
تجلس فـ صيدلية تقرأ بعض الأوراق متعلقة بـ حسابات الفرع .. تلبس نظراتها التي تجعلها أكثر حدة و عملية ... يجلس أمامها " أشرف " صيدلي يعمل فـ الفرع و يقول بـ توتر:-
_حضرتك أنا معرفش العجز فـ إيه ... ممكن تسألي " ماجد " .. بس حقيقي أنا معرفش
شيرين بـ ملامح مُقتضبة و نبرة حاده صارمة:-
_إلي بيحصل دا إستهبال دا دكتور .. و صدقني العقاب مش هيسير عليك إنتَ لوحدك .. إنتَ و كل دكاترة زمايلاك .. و إتفضل دلوقتي برا
أشرف بـ نفس التوتر و الخوف:-
_عن إذنك يا دكتور
و خرج من مكتبها مُسرعًا و رأى " روان " التي قالت بـ قلق:-
_هيا لسه متعصبة يا " أشرف " ...؟!
أشرف و يحاول أن يسيطر على توتره و الخوف الذي أعتلى منذ دخوله مكتب " شيرين ":-
_بتقول العقاب هيسيري على الكل ... لازم نعرف أسباب العجز .. و الإ هيتقطع عيشنا من هنا
روان بـ خوف و آسى:-
_إلي أعرفه إن يومين إلي فاتوا ... كان " صالح " و " رحمة " كانوا موجودين ... مع إن مش شاكه فيهم ... بس نسألهم يمكن عارفين..!!
أشرف:-
_تمام .. روحي شوفي العميل إلي دخل على ما أصلي و أجي
أومت رأسها بـ إيجاب .. و ذهب " أشرف " لـ يتوضئ و يفرك بـ أصابعه بـ توتر و خوف من " شيرين " التي لا ترحم أي مهمل و لا تفوت أي صغيرة و لا كبيرة ... و خاصة الجمود و الحدة في تعاملها الذي حاول هو الزملاء كسره .. و لكنها أبت ... فـ المزاح لا يعرف طريقها .. و الإبتسامة و كأنها فعل مشين لـ " شيرين " ....
في مكتب " شيرين "
في ظل إنسجامها في عملها قطعها صون رنين هاتفها و رأت المُتصل و قالت بـ تأفف:-
_مش وقتك يا " منال "
و أنهت المُكالمة و وضعت الهاتف على " الصامت " حتى لا يقطعها أحد عن عملها و ظلت هكذا لـ ساعتين و نصف تقرأ كُل الأوراق المُتعلقة بـ حسابات .. و تفرز كاميرات المراقبة حتى قالت و هيا تتنفس الصُعداء و صدمة:-
_ثُرية...!!! ... الست ثُرية !! ...أنا إزااي مشكتش فيها..!! .. إزاي ..!!
و ظلت هكذا لـ دقائق تستوعب الصدمة .. وقامت بـ جمع أورقها و ضغطت على الزر لـ تقول:-
_خلي الست " ثُرية " يا " أشرف " تجبلي القهوة بتاعتي
أشرف:-
_تمام يا دكتور
و بعد مرور بعض الوقت دخلت إليها السيدة " ثُرية " التي تعمل فـ قسم التنظيف فـ الفرع و الإبتسامة الطيبة على وجهها و لكن برغم ذلك فـ من داخلها تخاف و قلقة و الرعب يسيطر على قلبها إن عرفت " شيرين " أنها من سرقت ..!! ...وضعت القهوة وقالت بـ أدب:-
_أي أوامر تانية يا دكتور " شيرين " ...؟!
لم ترد " شيرين " على الفور و لم ترفع رأسها لـ تنظر لـ " ثرية " و بعدها قامت بـ فتح دُرج المكتب و طلعت منه أوراق و اشياء كثيرة ... ثم نظرت لـ " ثرية " بـ حزم و قالت بـ صرامه:-
