رواية كانت وما تزال الفصل السابع 7بقلم حكاوي مسائية

 

رواية كانت وما تزال

الفصل السابع7

 بقلم حكاوى مسائية


طرق خفيف على باب مكتبها بالمشفى، سمحت بالدخول لتفاجأ بنبيل، قامت عن كرسيها مرحبة باحترام

-اهلا سيد نبيل تفضل.

اول مرة يراها بالوزرة البيضاء، أول مرة يراها بغير الأسود ،جميلة في كل حالاتها

-السلام عليكم .

-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل سيد نبيل.

جلس على كرسي أمام المكتب فعادت لتجلس مكانها خلفه.لا تدري ما الذي جاء به ،ربما تخمن ولكنها حسمت الأمر وأرسلت له الجواب ،فما الذي جاء به؟

-أظنك تتساءلين عن سبب الزيارة .

-لا أظنك سيدي آت لأجل فحص او علاج ،المستشفى كما تعلم ليست بمستوى المستشفيات الخاصة وِجهة ذوي المال مثلك.

ابتسم ،ليتها تعلم أنه عضو جديد في النادي الذي تتكلم عنه ،للأسف كان الثمن جزء من عمره وصحته.

-لي الشرف أنني من رواد المستشفى الحكومي لأكثر من نصف ما عشته من عمري، إنما كما تعلمين المال لا يعيد الصحة إن فُقِدت.

-قد يساعد. أو يخفف.

مرة أخرى ارتسمت ابتسامة ساخرة على جانب فيه.

-المهم ،حتى لا آخذ من وقتك الكثير .

رفع إليها بصره محدقا بعينيها ،ووضع كفه على حافة المكتب

-جئت أريد توضيحا ،لا تستطيعين ماذا؟ العمل أم الزواج؟

-الاثنين. لا أستطيع أن أوفق بين العمل هنا والدراسة والوقوف بالمطبخ ،ولا أستطيع الزواج.

-الأول وعرفت السبب ،أريد سببا للثاني.

-بدون أسباب.

احتدت نبرة صوته

-ألأنني اع..أعرج؟

-معاذ الله!  استغفر ربك سيدي ،أمر الله لا اعتراض عليه ،وليس هذا السبب ،السبب عندي أنا .

-رجل؟ زميل أظن.

ابتسمت ،وتاهت نظرتها .

-تريد أن تعرف؟ 

مصر انت .

-فقط ليطمئن قلبي.

أحست أنه يريد أن يعرف حتى يطمئن أن عجزه ليس السبب ،حتى لا يفقد ثقته بنفسه.ولكن طرأ بعقلها سؤال، نبيل شاب لا يعيبه شيء فكيف مايزال عازبا حتى اليوم،وكما هي أو كما أصبحت ،لا تحب الغموض ،فخرج تساؤلها على لسانها

-هل لي أن أعرف لماذا ماتزال عازبا إلى الآن رغم أنك لا يعوزك شيء ؟

لم يتخيل حتى في أحلامه أنها ستود أن تعرف،غامت عيناه بسحب الماضي ،حتى صوته كأنه آت من هناك

-عجزي المفاجئ ، اِمنحيني بعضا من وقتك ،أحكي لك عني ،وإن أردت تحكين لي عنك .

لاحظ ترددها فأسرع يقول

-حتى لو لم يكن لنا نصيب ببعض، مجرد لقاء بمكان عام كأنه حصة عند معالج نفسي.

ندت منها ضحكة خافتة 

-معالج نفسي، ربما الحكي يخفف وطأة الهم على القلب،إنما ليس بمكان عام ،أنا لا أرتاد المقاهي ،ولم أدخل إلا مطعمك للعمل .

-هنا إذن.

-لا ليس هنا ،هذا مكان عمل ليس مناسبا للجادين ذات شجون،سأخبرك أين  ومتى .

أخرج من جيبه بطاقة عليها أرقام هواتفه 

-هذه بطاقة بها كل أرقامي، (وضع خطأ بقلم أخذه من على المكتب،)هاتفيني على هذا ،هو رقمي الخاص ،سأنتظر مكالمتك 

قال آخر كلماته وهو يقف مستعدا للرحيل ،كأنه لا يريد أن يمكث أكثر مخافة أن تغير رأيها ،يريد أن يظفر منها بهذا الوعد وهو متأكد انها لن تخلفه. 

نظرت الى البطاقة بيدها ،سألته دون أن ترفع إليه بصرها 

-تستطيع أن تسافر سيد نبيل؟

-حيث ما تشائين.

-إذن انتظر مني ردا آخر الأسبوع.الى اللقاء.

هز رأسه 

-إن شاء الله. 

ماكاد يخرج حتى هاتفت سلمى 

أيمكنك أن تغطي علي بالمشفى؟ 

-متى ؟

- يوم الجمعة .

-بعد غد ؟ لماذا؟ 

-سأسافر إلى عمتي ،اقضي معها آخر الأسبوع.

-حسنا ،لم يسبق لك أن فعلتها ،إذن فالأمر ذو أهمية ،اطمئني سأفعل.

-شكرا لك حبيبتي.

-شكرا ؟!ههه ،أنت طيبة جدا حبيبتي، أريد المقابل وليس أقل من عشاء من يديك .

ضحكت ،تعلم انها تحبها ومستعدة لخدمتها، ولكنها تخلط الجد بالهزل لتغطي مرارة الأيام.

-لك ذلك ،رغم أنك مهما أكلت كأنك عود قصب .

-رغبة وهدف كل أنثى على وجه البسيطة عندي أنا دون جهد .

-أراك مساء ،وسأعد لك طبقك المفضل.

ظل يردد كلماتها :أحاديث ذات شجون .

أما عني غاليتي ،فحديثي ذو شجون ،أما عنك فهل ستفصحين عن اشجانك!!!.

سافرت إلى قرية  قريبة ،دخلت بيتا ترفض صاحبته أن يصبح كمنازل المدينة، بنايات جددها الأبناء المهاجرون ليضمنوا عيشة اسهل لذويهم. بنايات بأكثر من طابق، بأرضيات بلاط مستورد ،وحمامات عصرية ، مع خزان للماء ومضخة ملحقة بالبئر.

أما حيث دخلت غالية فبيت من طين وتبن،جدران سميكة تقي حر الصيف وبرد الشتاء، بهو كبير يتوسط غرفا كثيرة ،لا سقف له، تتجول به بضع دجاجات جريئات، ويقعد تحت شعاع الشمس كلب يحاول تجاهل جرأة الدجاج وسرقة غفوة بعد سهر الحراسة .

-عمتي حبيبتي.

-ألم أقل لك ناديني أمي؟

-لك معزتها والله ،أضيفي عليها معزة العمة .

-ولكنني أشتاق أن أسمعها منك .

-ستسمعينها قريبا.ولكنني لن أتخلى عن مناداتك بعمتي، أحبها أكثر.

-كما تشائين،تعالي ،اشتاقك خضني وقد أطلتِ الغياب.

-وانا مشتاقة والله، إنما هي ضرورة الحياة عمتي.

-أكيد أنك جئت لأمر جلل،لن أسألك الآن ،سترتاحين بعد وجبة من يد عمتك ،ثم تحكين .

-لك ذلك ،تعالي لنعد الغذاء معا.

-والله لن تدخلي معي المطبخ، اشربي شايك ،ونامي ،أعرف انك تعشقين نوم ساعة الضحى .

-عشق تخليت عنه أيضا عمتي.

غامت عيناها بدموع حبيسة،وغص حلقها بألم دفين.فضمتها عمتها إلى حضن محب 

-سيعود كل شيء ،كل مُر سيمر بإذن الله.

-ونعم بالله.

بعد وجبة ثريد راحت ضحيتها إحدى الدجاجات، وضعت رأسها بحجر عمتها بعد أن تخلت عن خمارها ،ليظهر شعرها الأسود الطويل ،فردته العمة على طول ظهرها تمشطه بأنامل حانية. 

-كأنك لم تقصريه يوما غالية.

-أبدا، كانت أمي تحبه طويلا ،رغم تمردي أصرت أن لا يمسه مقص .

-احكي غالية ،أنا اسمعك.

-في رسائلي حكيت لك عن ااسيد فريد ،مشغلي.

-نعم ،رسائلك التي يتذمر محضرها، ويسخر من مرسلها ومستقبلها،يكاد يجن ،لأنها تأتي به من المدينة إلى قريتنا البعيدة.

-هههههه،لابد انه يتعجب من وجود من لايزال يخط رسائل بريدية. 

-يظنك عجوز مثلي ،تجهل التطور الحاصل بوسائل التواصل.

-بل الجاهل من يلخس تلك الرسائل حقها ،على الأقل هي باقية ، ذكرى لها عبق ،كلما طاف بنا الحنين قد نعود لها ،بينما تضيع الرسائل الموجزة على الهواتف.

-مابه السيد نبيل؟

-تقدم لي ،يريد الزواج .

-حلال وطاعة لله ،أين المشكلة ؟

-أنا ،أنا المشكلة ،كيف سأتزوج ،هو أو غيره ،كيف سأفعل؟

-أولا، هو ،هل به ما يجعله مرفوضا ؟

-حسب ما أعرف عنه ،هو شاب طموح ،نبيل فعلا ،خلوق ،او هكذا أظن ،لأنني لا أراه إلا بمكان العمل.

-هل طلب مصاحبتك أو دعاك إلى الخروج يوما ؟ 

-أبدا ،أول مرة يكلمني خارج إطار العمل  طلبني للزواج.

ثم حكت لها ماكان بينهما.

-مادمت قد أتيت إلي ،فبنفسك ميل إلى القبول .

-ممكن ،او لأنني أريد أن يعرف سبب رفضي ولا يظن أن عجزه السبب.

-ليس عاجزا غالية ، طالما تخطى عرجه،وناجح في حياته ،و كما وصفته ذو دين وخلق،فهو ليس عاجزا ،كم من كامل الجسد عاجز النفس والهمة.

المهم ،هل تريدين إخباره بكل شيء؟ 

-أجل عمتي، كل شيء .

-وإن رفضك بعد أن يعرف؟ كيف تضعين سرك بيد لا تعلمين مدى أمانتها؟

-لا أعلم ،منذ الحادث وأنا لا أثق بأحد ، لا أعرف كيف قررت أن يكون هو .

-هل أحببته غالية؟

-ما فكرت به يوما ،حتى بعد أن عرض علي الزواج رفضت وانهيت الموضوع ،ولم أفكر به ،فجأة أعطيه وعدا يوم زارني بمكتبي ،كيف ولماذا ،لا أعلم.

-ثقل عليك الحمل ،ولكن هل سيحمله معك أم سي وليك ظهره وتندمين على البوح.

-لن أندم ،أولا لأنه ليس له مكانة بقلبي فأتأثر بابتعاده،ثانيا ما أظنه سيخبر أحدا بما سيعرفه عني ،لا أظن بل انا متأكدة انه ليس ممن يذيع سرا اؤتُمن عليه.

-ولمَ لا تحتفظين بسرك ، إن قبلته تزوجيه،أنت غالية الجامعي ،والأمر الآخر أصبح هينا ستره اليوم .

-عمتي ،إن أردت أن أبني صرحا شامخا لمستقبلي، فلن ابنيه على أسس واهية ، لن أبدأ حياة جديدة بكذبة .

رأت الحزن بعيني عمها فبادرت 

-أنا ابنتك ،بكل حالاتي ابنتك التي ولدت يوم استقبلتها ببيتك ،يوم أخذني عمي،زوجك،من يدي، واستخرج لي ملفا جديدا للتمدرس، بذل وأنفق حتى يشق لي طرقا يبسا بالبحر ،تحررت به من آلام حياتي السابقة .انا ابنتك التي ولدت على يديك.

-ابقي كذلك ،ودعي الماضي دفين تلك البقعة حيث ماتت هي.

-حتى أعيش عمتي يجب أن أدفنها بيدي ،وحتى لا تزور حياتي القادمة يجب أن يشاركني في دفنها من سيشاركني حياتي القادمة ،فهمتني عمتي .

زادت من قوة ضمها إلى صدرها 

-فهمتك ،ولكن قبل أن تقدمي على اي فعل ،أولا صلي صلاة استخارة ،وثانيا نستشير عمك حين يعود مساء.

-طبعا ،وإن اتفقنا و سكنت نفسي بعد الصلاة أدعوه ليأتي غدا. 


لم يدخل غرفتها بعد تلك الليلة ،ولم يشاركها حديثا أو مجلسا، عذره عمل يعتمد فيه على رجل كان مساعدا لأبيه ،وهو اليوم العالم بكل أمور حقولهم وتجارتهم، وعذر هجره فراشها تأخر وتعب يجعله ينام أينما اتفق.

وطبعا هي لم تتزوج وتغادر بيت أبيها لتعيش وحيدة ،تؤنسها حماتها ونسوة تختلف قرابة كل منهن ،تؤنسنها نهارا ،لتجد نفسها ليلا بجناح فخم ،مؤثت كما أحبت واختارت ،وحيدة تنتظر زوجا لم تر بعينيه لهفة عريس ولا مودة زوج.

-خالتي، كلمي عمي الشيخ حتى يقلل من مسؤولية إبراهيم ،الشغل الكثير أخذه مني ،فلا  يعود إلا متعبا ينام على الاريكة بصالون جناحنا حتى لا يزعجني،و لا أشعر به صباحا لأنني انام متأخرة ليلا.

تعجبت الحاجة ،فهي ظنت أنه ينام بفراشه ،والقرب قد يؤثر فيه كرجل شاب عفي. ولكنها أخفت ما بنفسها

-سأكلم الحاج ،(ابتسمت لها )واقرص أذن ابن الحاج ،كيف يترك كل هذا الجمال وينشغل عنه!. 


-قلت لا يا أمي، لا ، حققت رغبتكم بمصاهرة الهواريين ،ماذا تريدون مني بعد؟

-مادمت لا تريدها ،لماذا لمستها أول ليلة؟

لأجلكم ولأجلها ،لأنكم كنتم تقفون على الباب تنتظرون دليل عفتها ورجولتي، قلت لكم انتم تظلمونها، فعلت كل ما أستطيع حتى أؤخر هذا الارتباط لعل أباها يزوجها و يعتقني.

-لم يفعل لأن أباك خطبها منه وأخذ منه وعدا أن ينتظر حتى تتم دراستك.

-ابوك قال ،ابوك خطب ،ابوك قرر، وأنا يا أمي ،أين أنا ، ألا ترين أنني جسد بلا روح ،روحي ذهبت مع روحها ،قلبي مات مع توقف نبض قلبها ، كيف تظلمون الأخرى وتربط حياتها بجثة، أنا جثة يا أمي ،جثة طال العفن دواخلي، أرجوكم ارحموني ،دعون أدفن نفسي داخل نعشي المتحرك ، حرروا تلك المسكينة من قيد سيجرها معي إلى قبري.

- ستحيى إبراهيم ،ستبعث يوم ترى أول أولادك .

-ومن قال أنني أريد أولادا  ؟ لماذا ،لأعذبهم ،لأقهر أرواحهم ،لأجني عليهم ما جناه علي أبي.

هدر صوت خلفه 

-ماذا جنى عليك أبوك ؟ هاه ،اجبني ،ألأنني أردت لك حياة أفضل ،أنت لا تعرف كم حفرت في الصخر لأجمع ثروتي ،وأصبح شيخ البلد ،حتى أسهل لك الحياة انت وأخواتك .

-اية حياة وقد قتلتني بيدك .

اجال بصره في ارجاء المكان وأشار بيديه معا 

-هذا القصر ،وتلك السيارة ،والأراضي، والمال ،يمكنك أن تعيش كما تريد ،لن تذوق مرارة العوز كما ذقتها ،ولا ذل الجهل وقد أتممت تعليمك كما لم أفعل،لن تسهر خائفا على أولادك من المستقبل.

-كل هذا ينقصه أنا ، أنا ميت فكيف تطلب من ميت أن يعيش، كيف لدفين أن يتمتع بالحياة 

-لابد أنك جننت ،لست أولا من خسر حبه .

-خسرته ،قل قتلته ،بخستي قتلته ،بجبني قتلته ،بضعفي قتلته.

دار بمكانه ،والتفت يوجه نظرة غضب وشر لوالده 

-لا لست أنا من قتلته ،أنت قتلته وانا كنت السلاح بيدك، تريدني أن ابني أسرة وقد دمرت أسرة بيدي،تريدني أن أكون أبا وقد قهرت أبا بخستي، كيف انام مطمئنا على ابنتي وقد وأدت ابنة غيري ، كيف أرفع عيني بعين ولدي وأعلمه الأمانة وقد خنتها بأقذر وسيلة.

كانت دموع الحاجة تسيل على خديها ،ولم تكن الوحيدة، أعلى السلم هناك من تقف وتسمع ما حطم قلبها ودفن كل آمالها.

خرج من عقاله الذي دام سنين حياته، انفجر لأول مرة ولا ينوي أن يعود إلى أسره ،جابه أباه ورفع بوجهه سبابته

-اسمع مني أبي ،لا تظلم الفتاة وردها إلى أبيها، عوضه واعتذر ، ولكن لا تضحي بها لأجل أهدافك وآمالك ، أنا لا أقربها حتى لا اثقلها بأولادك لا اريدهم ،فلا تحتجزها هنا أسيرة طموحك.

-و اسمع مني انت أيضا ،إما أن تعود عن غيك وجنونك ،وإما تنسى أنك ابني ،وسأعتبرك مت ودفنت .

-أما عن الموت فقد مت يوم ماتت بهيتي ،وأما عن الدففن فقد اخترت مدفني، (التفت الى امه) سأهاجر ياأمي،  فلتغفري لي .

أسرعت تضمه إليها 

-لا تفعل ،أنت وحيدي ونور عيني ،كيف تتركني .

-سامحيني أمي ،لقد جهزت لهجرتي،  وغدا موعد رحلتي.

غادر إلى حيث يريح قلبه المكلوم ،وتركهم كأن على رؤوسهم الطير ،أب مصدوم بثورة ابن اعتاد منه الطاعة، وأم استوطن الحزن قلبها وهي ترى فجيعة فلذة كبدها ،وزوجة لم تخرج من ثوب العروس وهاهي تعرف أنها أكبر خاسر في الحكاية .

قصد بهيته، استلقى بجانبها ،توسد ذراعه  ناظرا إلى ذاك الحجر المخضب بالحناء 

-بهيتي، حبيبتي ،سأشتاق لك  ،لا لن اشتاق فأنت معي حيث أكون ، سأهجر الارض التي رفضت أن تجمعنا، سأهجر المكان الذي شهد حبي لك وغدري بك وخيبتك في . ولكنني سآخذك معي ،هنا بصدري ،تحت جلدي ،لن تفارقيني أبدا .

بهيتي ،جربت وحاولت، قلت لنفسي إن استطعت أن اضم امرأة سواك ربما ستكون الدواء ،إن ركنت إلى حضنها قد أنسى حضنك ،إن استعذبت ملمسها قد تنسى يدي ملمسك، ولكنني لم أستطع، تمنيت أن أراك فيها فأخدع نفسي واقترب ،ولكنني رأيتها هي ،وهي ليست انت، أبي قال أنني قد جننت ،ربما ،أختي تقول انه إحساسي بالذنب ،ربما ،وأمي تصر أن اي امرأة قد تنسبنيك. أكيد لا.

ابي مصيب فقد حننت بحبك ،واختي محقة فإحساسي بذنب  مَنِيّتك قتل في الحياة ،ولهذا فأمي مخطئة، لن تنسيني إياك كل نساء الأرض لأنك كما أخذت الروح ودفنت بالقلب ،استوطنت بالعقل واحتللت كل الذكريات. 

بهيتي ،سأهاجر ،ولكن الجسد وحده من يفعل ،استودعك القلب والروح حبيبتي ،سامحيني وانتظريني فلا أنني سأتخر عنك طويلا .

نام وهو يناجيها ،أحب هذا أم جنون ،أم إحساس بالذنب، أم هوس بشيء ممنوع ،أم تمرد على قيود خنقته

              الفصل الثامن والاخير من هنا 

                لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات



<>