
رواية عروستي ميكانيكي
الفصل السابع والعشرون والثامن والعشرون والتاسع والعشرون
بقلم سما نور الدين
..لكمة قوية نزلت فوق وجه ابراهيم الذي ترنح وتراجع للوراء خطوتين وكاد ان يتعثر بجلبابه فيقع ..وعندما اراد ان يرد الضربة كانت ايمان تصرخ وتقف حائلا بينهما وهي تهتف بصوت عال أمام وجه صلاح الغاضب..
.."..لا يا خالي..دا جوزي.."..
..وبلحظة كان رجال وشباب الحارة يحاوطان كل منهما ويمنعانهما من الاشتباك ببعضهما مرة اخرى ..
..وبعد القليل من الوقت وبعد ان انفض الجمع من حولهم وبفضل الشيخ ورجال الحارة تم تسوية الموقف ..ذهب الجمع لسبيله.. وبوسط صالة شقة ايمان كانت عزة تقوم بوضع لاصقة طبية فوق جبهة صلاح الذي كان مغمض العينين يحاول وبشق الانفس منع ذراعيه من محاوطة تلك التي تنظر بهيام وولع لوجهه وهي تقول بصوت هادئ..
.."..سلامتك ياسي صلاح .."..
..تحركت تفاحة عنق صلاح بصعوبة وهو يقول..
.."..الله.. يسلمك..يا انسة عزة .."..
..في حين كانت ايمان وبقوة تدفع بقطعة قماش مبللة بالماء البارد فوق عين ابراهيم وهي تقول بنزق..
.."..الواحد قبل مايتهور لازم يفكر الاول لحسن يتعور ..مبسوط للي حصلك ياباشا قدام الناس.."..
..امسك ابراهيم بقطعة القماش المبللة وانزلها من فوق عينيه المصابة وهو يقول بصوت حاد ..
.."..عايزاني افكر في ايه وانا شايف مراتي في حضن واحد وبتقوله حبيبي ..احمدي ربنا اني مكسرتش دماغك ساعتها .."..
..توقف الكلام بحلق ايمان عندما سمعت صلاح يقول بصوت قوي وهو ينظر شزرا لابراهيم..
.."..ساعتها انا اللي كنت كسرت رقبتك ..قبل ماتلمس شعرة واحدة منها.."..
..انتفض الاثنان ووقفا استعدادا لبدء معركة جديدة عندما أشار ابراهيم لصلاح بيده وهو يقول بصوت غاضب..
.."..ماتتدخلش بيني وبين مراتي..ولولا انك خالها انا كنت......"..
..توقف ابراهيم عن تكملة تهديده عندما وقفا كل من ايمان وعزة كفاصل عازل بينهما ..
..بينما هتف صلاح بقوة ..
.."..كنت ايه ..وريني كدة نفسك.."..
..خرجت الخالة تهاني من المطبخ مسرعة وهي تهتف قائلة..
.."..صلوا ع النبي يا جماعة..يااستاذ ابراهيم استهدى بالله ..وانت ياصلاح يابني اهدا واقعد .."..
..زفر كل منهما بضيق وعاودا الجلوس باماكنهما ..اغمضت ايمان وعزة اعينهما وهما يتنفسان باريحية ..
..استطردت الخالة تهاني قولها وابتسامة هادئة تزين شفتيها ..
.."..ياولاد انتو دلوقتي عيلة واحدة و مينفعش يحصل كدة بينكم ..احنا دلوقتي نفطر وبعدها نشرب الشاي مع بعض ونتفاهم ..ها ..ايه رايكم.."..
..صاحت ايمان بحماس قائلة وهي تهب واقفة..
.."..احلى كلام والله ..احنا نفطر الاول لحسن انا هموت من الجوع.."..
..اصطكت اسنان ابراهيم ببعضهما وقال بغيظ موجها حديثه لزوجته بعد ان وقف بجانبها..
.."..هو انتي مابتفكريش غير في الاكل وبس.."..
..قالت من بين اسنانها بغيظ ..
.."..الحق عليا اني بروق الجو بينكو..بدل ماتشكرني..انا لو كنت سيبتو عليك كان عجنك.."..
..امسك بمرفقها يهزها بقوة وهو يقول بجانب اذنها ..
.."..بتقولي ايه ..انا اللي لولا الناس اللي حاشتني كنت فرمته .."..
..وقف صلاح ليهدر به..
.."..سيب دراعها احسنلك .."..
..كادت السنة معركة جديدة ان تندلع لولا صوت الخالة تهاني الذي صاح بقوة ..
.."..هو مافيش احترام للست الكبيرة اللي واقفة معاكم ولا ايه ..بس انا اللي غلطانة واعتبرتكم بني ادمين كبار وعاقلين.."..
..طأطأ الجميع رؤوسهم بتخاذل حتى قال صلاح ..
.."..حقك على راسي ياست الكل.."..
..اسرع ابراهيم بقوله وهو ينظر بغضب لهذا القريب الذي ظهر فجأة..
.."..انا اسف ياست تهاني .."..
..اشارت الخالة للبنتان لكي يقوما بتحضير مأدبة الافطار ..وجلست هي فوق الاريكة التي تتوسط كرسي ابراهيم وصلاح..وبعد برهة صغيرة كان الجميع يفترش الارض حول ورق الجرائد الذي يحمل فوقه الكثير من الاطباق..كان الجميع يتناول طعامه في صمت..نطق ابراهيم قائلا وهو ينظر لايمان التي تجلس بجانبه ..
.."..ليه مقولتيش ان ليكي قرايب..زي الاستاذ.."..
..نظر صلاح له شزرا عندما شعر بنبرة صوته المشوبة بكاملها بالسخرية العارمة ..فتلعثمت ايمان وهي ترد بهدوء لتخمد تلك النيران المستترة قائلة..
.."..ااا..انا ذات نفسي مكنتش اعرف ان ليا خال الا من كام شهر بس.."..
..عاودت القول ولكن بنبرة صوت حزينة..
.."..حتى امي الله يرحمها مكانتش تعرف ان ليها اخ .."..
..استكملت الحديث الخالة تهاني قائلة بصوت هادئ..
.."..الله يرحمها ..المرحومة أم ايمان ابوها سابها من وهي لحمة حمرا على ايد امها وطفش ..ولغاية ماكبرت واتجوزت مكانتش تعرف حاجة عنه.."..
..توقفت الخالة وهي تنظر لصلاح ثم قالت..
.."..لغاية ما جيه اسم النبي حارصه وصاينه صلاح يدور على اخته ..بس كان امر ربنا نفذ واسترد امانته ..لكن ربنا عوضه ببنتها .."..
..اكمل حديثها صلاح عندما قال..
.."..ابويا الله يرحمه لما مشي من هنا ..راح اسكندرية عاش فيها واتمرمط كتير لغاية ما قابل امي واتجوزها ..كانت هي صغيرة اوي عنه ..بس قبل ما يموت قالي عن اختي ووصاني اقابلها وابلغها انها تسامحه ..لكن للاسف ملحقتش ..و عشان كدة ايمان بعتبرها اختي مش بنت اختي .."..
..امسكت ايمان بذراع خالها وقامت بتقبيله من وجنته وهي تقول بحب..
.."..حبيبي يابو صلاح..معرفتش ارحب بيك..بس تتعوض انا مش هسيبك انهاردة..لازم نقعد مع بعض وتحكيلي عملت ايه في الاولمبيكيات.."..
..ربت صلاح فوق وجنتها وهو يقول ضاحكا ..
.."..الميدالية الذهبية يامانوش ..هو خالك اي حد..انا عايزك انتي تقوليلي ..ازاي تتجوزي من غير ما تقولي ..للدرجاتي انا ماليش قيمة عندك.."..
..ارتسم الحزن فوق صفحة وجه ايمان وقالت مسرعة وهي تحتضن ذراعه العضلي..
.."..عيب عليك ياخالي لما تقول كدة ..انت حبيبي ..انا هحكيلك على كل حاجة.."..
..نظر لابراهيم ثم عاود قوله بنبرة ماكرة وهو يحاوط رقبتها بذراعه..
.."..ايوة طبعا لازم تحكيلي ..وانا اللي كنت جايبلك عريس ..بطل من ابطال رفع الاثقال.."..
..رمى ابراهيم بقطعة الخبز ورفع رأسه عاليا يزفر بضيق وهو يقول..
.."..اليوم دا شكله مش هيعدي على خير.."..
..نظر لصلاح واشار له بأصبعه وهو يهدر بصوت عال..
.."..انا بحذرك لاخر مرة تثير فيها اعصابي لان ساعتها انت اللي هتندم.."..
..ضحك صلاح وقال ساخرا وهو يلوك الطعام بأريحية ..
.."..اييوووه ياجدع.. هو حد داسلك على طرف يأاخ.."..
..تنحنحت ايمان واتسعت عينيها التي كانت تنتقل بين زوجها الغاضب وخالها الساخر..فمالت ناحية وجه صلاح وقالت بجانب اذنه ..
.."..خف عليه ياخالي ..مش كدة.."..
..امتعض ابراهيم من جو الحميمية الذي يجمع بينهما فأمسك بذراعها لكي يبعدها عن ذاك الذي تلتصق به وهو يقول بصبر نافذ وبصوت حاد غاضب..
.."..بتقوليله ايه ..بتسأليه على العريس.."..
..صاحت ايمان مسرعة بقولها..
.."..والمصحف ابدا.."..
..استطرد قوله بنبرة مخيفة..
.."..احنا بعد الاكل هنمشي على طول ..مش عايزين نتاخر على جدي.."..
..كادت ان تعترض ..ولكنه الجمها بنظرة قاتلة وقال بصوت حازم خافت..
.."..ولا كلمة ..فاهمة.."..
..لم ترد ان يتصاعد الامر بينه وبين خالها اكثر من ذلك فآثرت الصمت ولكنها من الغيظ كزت بأسنانها فوق بعضها ولم تجاوبه غير بإشارة من رأسها بالايجاب..
..وبعد الانتهاء من الافطار توجهت عزة وايمان للمطبخ لعمل الشاي وغسل الاطباق ..أما الخالة تهاني وابنها بلاطة فجلسا كحائل فاصلا بين الشابان المتحفزان لبعضهما..
..هب ابراهيم واقفا وقال موجها حديثه لتهاني..
.."..بعد اذنك ياست تهاني ..هاغير هدومي عشان هاخد ايمان ونمشي.."..
..رفع صلاح قدمه فوق الاخرى وضرب فخذه وهو يقول بنزق..
.."..إخس على كدة..بتوزع الست من البيت ..ياخسارة يامانوش ياحبيبتي..جوزك طلع واحد جلف .."..
..اقترب ابراهيم مسرعا ناحيته ولكنه توقف امام الخالة تهاني عندما اسرعت بحجزه أمامها فصرخ يقول وهو يلوح بذراعه..
.."..احترم نفسك يابني ادم انت..انا ساكتلك من الصبح .."..
..اسرعت ايمان وعزة بالوقوف عند باب المطبخ لمشاهدة مايحدث والاقتراب عند الضرورة فوجدا الخالة تهاني تربت فوق صدر ابراهيم بيدها وهي تقول ..
.."..حقك عليا ياحبيبي..متزعلش ..صلاح بيهزر معاك ..مايقصدش .."..
..صاح صلاح بقوة ..
.."..لا بقى اقصد ياخالتي.."..
..دلفت البنتان ثانيا للمطبخ فقالت ايمان وهي تتنهد بيأس..
.."..مش عارفة ليه ..صلاح مش طايق ابراهيم .."..
..بدات عزة بوضع السكر بأكواب الشاي الساخن وهي تقول بنبرة ساخرة وهي تهز راسها..
.."..اوباااا دا احنا بقينا نقول ابراهيم من غير الباشا ..وزعلانين عشان سي صلاح مش هاضمه...انت وقعت ولا ايه يا جميل.."..
..رمتها ايمان بالمنشفة الصغيرة وهي تقول غاضبة..
.."..اتلهي على عينك..وقعت ايه وبتاع ايه..انا فين وهو فين يالوزة .."..
..رمت عزة بالملعقة واقتربت من ايمان تضرب رأسها من الخلف وهي تقول غاضبة..
.."..انا بردو اللي اتلهي ..انتي هبلة يابت ..انتو الاتنين زي بعض ..ولاد عم ..لحم ودم واحد ..دا غير انه جوزك اصلا.."..
..اخفضت ايمان رأسها بعد ان ارتسم الحزن بوجهها وقالت..
.."..جوازنا شوية كدة وخلاص ..بعد القضية والمشاكل ماتروح لحالها..ساعتها هنتطلق وهو هيروح يتجوز البت التركية بتاعته اللي اسمها شين شين.."..
..رفعت ايمان رأسها وقالت بصوت قوي بعض الشئ..
.."..اوعي تفتكري اني زعلانة ..خااالص ..كدة احسن.."..
..تخصرت عزة وهي تقول بغيظ..
.."..ماهو انتي يإما هبلة ..او عبيطة ..اختاري حاجة من الاتنين..الراجل كان هياكل علقة موت من صلاح عشانك ..دا غير سيرته اللي على كل لسان في الحارة..الكل عمال يحكي ع الباشا اللي راح يجيب فطار وهو بيقول للبياعين...اسكوزمي وبليز..هو لو مكنتيش غالية عنده كان سمع كلامك وراح اشترى الفول والعيش وهو باشا كبير كدة.."..
..تكتفت ايمان بذراعيها أمام صدرها وقالت بهدوء وهي تنظر للفراغ امامها..
.."..هو بيعاملني كدة بس عشان انا بنت عمه وجدي موصيه عليا..يعني مافيش حاجة من التخاريف اللي في دماغك دي..واصلا انا مش بفكر فيه اساسا.."..
..امسكت عزة بكتفي ايمان وقالت بصوت جامد ..
.."..ايمان متكدبيش ..انتي بتحبي جوزك .."..
..نفضت ايمان كتفيها وقالت وهي تمسك بالصينية وتهم لتخرج من المطبخ هاربة من حصار صديقتها ومن فضح نفسها..
.."..انا مش هرد عليكي ..عشان شكلك اتلحستي من اول ماشوفتي خالي صلاح ..وياريت تتلمي وتتقلي شوية عشان شكلك باين اوي ..انتي شوية وهتقوليله هات بوسة .."..
..تسمرت ايمان بمكانها عندما وجدت ابراهيم أمامها يميل بوجهه لوجهها وهو يقول ..
.."..حاضر ..مقدرش ارفض وانتي بتطلبيها لتاني مرة.."..
..لثم شفتيها بقبلة سريعة فاتسعت عينيها واهتزت الصينية بيدها فأسرع ابراهيم بإمساكها غامزا لها واستدار وهو يقول ..
.."..ياريت تلبسي بسرعة ع بال مااشرب الشاي مع خالك الرخم هرقليز.."..
..اصابتها الحازوقة فضربتها عزة بقبضتها فوق ظهرها وهي تقول..
.."..قولتيلي بقى ياختي انتي فين وهو فين ..هنيالك ياسطى..ماشية معاك حلاووووة..انا مش بحسد ..انا بقر بس .."..
..ارتج صدر ايمان بقوة وهي تشير بيدها ناحية الصالة وتقول بذهول واضح فوق صفحة وجهها..
.."..دا باسني .. انا اتباست ياعزة .."..
..ضحكت عزة بصوت عال وهي تقول ..
.."..ولسة هتتباس ياعباس..عقبااالي..بس تفتكري سمع كنا بنقول ايه.."..
الفصل الثامن والعشرون
..استطردت عزة قولها وهي تحك رأسها باصابعها ..
.."..بس لا مااظنش سمعنا ..ولا انتي ايه رايك .."..
..ظلت ايمان تحدق للفراغ امامها فنكزتها عزة من خصرها لتفق ..شهقت ايمان ومسدت فوق خصرها و قالت بغضب..
.."..الباشا شكله بيحور عليا والحوار شكله بيكبر ياعزة .."..
..امسكت عزة بذراع ايمان وتأبطته ثم مالت ناحية وجهها وهي تتجه بها ناحية غرفتها قائلة بهدوء ..
.."..انتي ليه مذبهلة ومستغربة من اللي بيحصل ..الباشا ابن عمك وجوزك ..وشكله وكلامه وتصرفاته بتقول انه ميال ليكي ..يبقى ليه بتعقديها في وشنا ..انتي غاوية نكد يابنتي.."..
..جلست ايمان فوق حافة الفراش تتلمس شفتيها وقالت بهدوء..
.."..انا مش عايزة اعيش في الوهم ..وفي الاخر عارفة اني هاتوجع ..دا غير الحاجات اللي بتحصلي لما ببقى معاه بتضايقني وتعصبني .."..
..تقطب جبين عزة وتسائلت ..
.."..ايه الحاجات اللي بتحصلك وانتي معاه.."..
..اشارت ايمان لمعدتها وقالت بحشرجة ..
.."..حاجات كدة جوة معاميق البني ادم ..زي اكن بطنك بتوجعك و فجاة حاسيتي انك عايزة تدخلي الحمام ..او او حاجات زي اكنك واقفة في يوم حر اوي بس فجأتن كدة حسيتي بتكييف هوا ساقع متصدر على وشك .. وعشان كدة الراجل دا لازم يقف عند حده .."..
..جلست عزة بجانبها ورفعت ذراعيها لأعلى وهي تقول بغيظ..
.."..يشفي الكلاب ويضرك ياشيخة..كل دا وبتقولي مش بتحبيه..دا انتي بتموتي في تراب رجليه ياختي.."..
..انزلت عزة ذراعيها وحاوطت كتفي ايمان المتهدلة بإحباط وقالت بهدوء ..
.."..بصي ياحبيبتي..متوقفيش جوزك عند أي حد ..انتي اصلا متعمليش حاجة خالص ..وسيبي الامور تمشي لوحدها..نفعت كان بها..منفعتش يبقى كل واحد يروح لحاله ويا دار مادخلك شر ..ماشي ياختي .."..
..التفتت اليها ايمان براسها وقالت وعينيها يملؤها الحيرة والتساؤل..
.."..تفتكري..بس دا بروحين يالوزة ..يعني شخصيته متلخفنة على بعض.."..
..تنهدت عزة بيأس وقالت وهي تضع وجنتها على كفها ..
.."..ازاي يعني.."..
..قالت ايمان وهي تلوح بكلتا يديها ..
.."..يعني ساعات طيب وعسل في نفسه كدة وبيتكلم كلام حلو ..وساعات بيزنجر ويتعصب ويرمي كلام زي الطوب.."..
..وبملامح جامدة لم تتأثر قالت عزة..
.."..عادي يعني ..كل الرجالة كدة..انا كنت فاكرة هتقولي عليه ملبوس ولا راكبه جن .."..
..اسرعت ايمان بقولها ..
.."..بعد الشر .."..
..مالت شفتي عزة وقالت بنبرة صوت ماكرة ..
.."..شووف ازاااي ..دا احنا بقينا بنخاف اهو ..ربنا يهديكي يابنت اسطى احمد.."..
..ومع كلمتها الاخيرة اقتربت عزة لتقبل ايمان من وجنتها ولكنها انتفضت بفزع ورجعت بظهرها للوراء عندما هبت ايمان واقفة وهي تهتف..
.."..لا ياعزة لا...دا امبارح بس كان بيقول لعمتي انه هيطلقني ..دا غير انه مابيعديش يوم الا لما خلاص هنمسك في بعض ..دا انا وديته القسم ياعزة وقالي بعضمة لسانه هناك في اوضة الظابط..الله يخربيت اليوم اللي عرفتك وشوفتك فيه.."..
..وقفت عزة وأخذت تمسد فوق ذراعها وهي تقول لتهدئتها..
.."..حبيبتي متقلقيش ..طالما وديتيه القسم وفضل معاكي لدلوقتي يبقى تمام.."..
..سمعا الاثنتان طرقا على الباب وصوت ابراهيم وهو يقول..
.."..ايمان خلصتي ..."..
..صاحت زوجته بعصبية قائلة..
.."..لا مخلصتش ..خمس دقايق وخارجة.."..
..اجابها مسرعا بصوت قوي..
.."..بسرعة ياايمان ..انا عايز امشي من هنا قبل ما ارتكب جريمة في الرخم اللي اسمه خالك دا.."..
..اسرعت هي بدورها هذه المرة وفتحت الباب وهي تتخصر قائلة بغضب..
.."..انت مالك ومال خالي ..عيب لما تقول كدة ..دا مهما كان ضيف في بيت عمك .."..
..نظر بتمعن لشفتيها وقال بنبرة صوت ماكرة..
.."..ماشي ياستي ..عشان خاطر الشف..........عمي الله يرحمه ..نستحمل رزالة خالك..مبسوطة كدة.."..
..شعرت به وكأنه يلتهم شفتيها بعينيه وبكلماته.. فبدون ارادة منها امسكت بمقدمة جلبابها وقالت بتلعثم وهي تنتقل بعينيها بين زوجها وصديقتها التي تكتم ضحكاتها بشق الانفس ..
.."..انا ..انا هالبس اهو .."..
..امسكت بحافة الباب لتغلقه فوضع يده فوق يدها ومال بوجهه ناحية وجهها وقال هامسا..
.."..البسي بسرعة عايزين نروح بيتنا .."..
..لم تجد نفسها الا وهي تنزع يدها من تحت كفه الكبير وتغلق الباب بعد ماسمح لها بذلك ووجهه ترتسم عليه ابتسامة عابثة..
..استندت بظهرها فوق الباب وهي تلهث بشدة وصدرها يعلو ويهبط بقوة ..وصوت ضحكاته العالية تصل لاذنيها ..نظرت بذعر لعزة التي كادت ان تدمع من نوبة الضحك التي انتابتها فور رؤيتها لصديقتها المذعورة..وبصوت خافت قالت..
.."..الراجل دا عايز ايه بالظبط .."..
..اتجهت عزة لدولاب ايمان واخذت منه بنطال جينز وبلوزة ومدت يدها بهما لايمان وهي تقول بصوت جاد ..
.."..عايز كل خير طبعا ..يالا البسي عشان متتاخريش ع الباشا ..لحسن شكله المرة الجاية كدة ممكن ....ولا بلاش.."..
..نزعت ايمان جلبابها ورمته فوق الفراش وقالت بخوف وهي ترتدي ملابسها ..
.."..عندك حق ..شكلها هربت منه ع الاخر ..الراجل دا لازمله وقفة جامدة .."..
..هزت عزة راسها بالايجاب وهي تقول بسخرية..
.."..اومااال ..طبعا طبعا .."..
..وبعد القليل من الوقت وعند باب شقة ايمان كان الجميع يودعهما ..وبنبرة عتاب واضحة قالت الخالة تهاني..
.."..طب كنتو امشوا بعد الغدا ..دا انا عاملة كل الاكل اللي بتحبيه يابنتي .."..
..مطت ايمان شفتيها ونظرت بغضب لابراهيم الذي تجاهلها وقال للخالة..
.."..انا اسف ياست تهاني..المرة الجاية نبقى نقعد ونتغدى .."
..نظر لايمان وقال وهو يمسك بمرفقها ..
.."..يالا ياايمان عشان منتاخرش على جدي اكتر من كدة.."..
..سحبها صلاح منه لحضنه وقال بجانب اذنها ..
.."..هستنى منك تليفون تحكيلي فيه على كل حاجة.."..
..هزت ايمان راسها بالايجاب.. فقبلها صلاح من جبينها وهو ينظر شزرا لابراهيم الذي اكتسى وجهه بإحمرار الغيظ والغضب..ثم قال بصوت قوي ..
.."..اياك تزعلها ..ساعتها محدش هيخلصك من ايدي.."..
..حاوط ابراهيم خصر ايمان والصقها به وهو يقول بصوت بارد..
.."..واحد ومراته..انت بقى ..دخلك او لازمتك ايه ..مش فاهم والله.."..
..كادت السنة معركة جديدة تبدأ عندما تأهب صلاح بصدره العريض ان يتقدم ناحيته فوقفت الخالة تهاني وعزة بينهما تدفعان بايمان وزوجها خارج الشقة وهما يقولان بصوت واحد ..
.."..مع السلامة..مع السلامة ..يالا عشان متتاخروش ..ابقي كلمينا تطمنينا ياايمان.."..
..ثم اغلقا الباب بقوة ورائهم..ابتعدت ايمان بعد ان نزعت يد ابراهيم من فوق خصرها وقالت بتساؤل وهي تلوح بيدها..
.."..انت ايه حكايتك بالظبط .."..
..امسك بيدها ومشى بها وهو يقول بثبات..
.."..في بيتنا هقولك الحكاية ايه..".
..حاولت ان تنزع كف يدها ولكن بدون جدوى فقالت ..
.."..هو ايه اللي بيتنا..بيتنا .."..
..ضحك ابراهيم وهو يقول ..
.."..هي مش الفيلا تبقى بيتنا ..يعني انا مغلطتش.."..
..توقفا الاثنان عندما وقفت امامهما نسرين جارة ايمان لتقول بغنج وهي تنظر لابراهيم باعجاب واضح ..
.."..ازيك ياايمان ..مبروك ع الجواز ..كدة بردو متعزيمناش ع الفرح ..اهل الحارة كلهم واخدين على خاطرهم ..يرضيك كدة حضرتك.."..
..تنحنح ابراهيم وهو ينتقل بنظره بين زوجته وتلك اللحوحة بنظراتها ..
..فأجابت ايمان سؤالها وهي تمسك بذقن نسرين لتجعلها تنظر اليها ..
.."..نسرين انتي تايهة ولا حاجة..انا قلت اننا هنعمل فرح كبير ونعزمكوا ان شاء الله ..ابقي سلميلي على امك ..سلام.."..
..تشبثت ايمان هذه المرة بكف ابراهيم وهي تمشي بجواره وتتخطى تلك التي فغرت فاهها ببلاهة ..
..نظر ابراهيم ليدها وقال وابتسامة ماكرة تزين ثغره..
.."..حارتكوا فيها بنات حلوة على فكرة.."..
..كانوا قد خرجوا من الحارة متجهين للجراج .. فرمت ايمان بيده بعيدا بعد ان ارتسم الغيظ بملامح وجهها وهي تقول ..
.."..فين الحلاوة دي ..واحدة لابسة عدسات ملونة..وشعرها مصبوغ وحواجبها متخططين..كله اصطناعي على فكرة مش اصلي.."..
..صدحت ضحكات ابراهيم عاليا وقال ..
.."..دا انتي دمرتيها ..اوعي تكوني غيرانة.."..
..ضاق مابين عينيها وهي تشير لنفسها وتقول بغضب..
.."..انا غيرانة ..لا ياباشا ..احنا اصلي والباقي تقليد.."..
..عاود ابراهيم امساك يدها وقال وهو متجه لسيارته بهدوء..
.."..هنشوف يابنت عمي.."..
..ازدردت ايمان ريقها بصعوبة ولم تجد القوة لنزع يدها من براثن يده وهمست لنفسها بخوف..
.."..هو عايز يشوف ايه بالظبط الجدع دا.."..
..القى ابراهيم التحية على عم اسماعيل صاحب الجراج واعطاه نقود الايجار بعد الحاح شديد منه نظرا لمعارضة العم اسماعيل حبا وتقديرا لايمان ووالدها ..
..وأثناء قيادة ابراهيم للسيارة تنبهت ايمان للطريق وقالت وهي تنظر لجانب وجهه..
.."..انت مش قلت رايحين الفيلا ومتاخرين على جدي اللي هو اصلا مستنينا بالليل..موديني على فين بقى.."..
..اجابها بهدوء..
.."..هتعرفي بعد شوية ..اصبري .."..
..امتعض وجهها وعقدت ذراعيها وهمست ..
.."..لما نشوف اخرتها.."..
..وجدت نفسها بعد برهة جالسة بمحل مصوغات كبير لا يدخله غير الطبقة المخملية ..رفعت حاجبيها تعجبا من تلك الفخامة والاضواء المتلئلئة المنعكسة على كافة المصوغات المتنوعة ..انتبهت لذاك الرجل الذي يرتدي حلة انيقة وهو يقول مبتسما ..
.."..ايه رايك ياهانم في الدبلة دي .."..
..تمعنت ايمان باستغراب للمحبس الالماس وقالت لابراهيم ..
.."..هي دي دبلة بردو.."..
..امسك ابراهيم بالمحبس والبسها اياه ليجده مضبوطا تماما لاصبعها ..فرفع راسه لايمان التي هرب الدم من اوردتها فور ارتدائها للمحبس وقال بثبات ..
.."..اظن انها على مقاس صباعك بالظبط ..وكمان شكلها جميل عجبتني ..بس لو تحبي تختاري حاجة تانية لو مش عاجبك اتفضلي براحتك .."..
..لم تستعب مايحدث فتنحنحت حتى يتجلى صوتها وقالت بتلعثم هي تلف المحبس حول اصبعها..
.."..لا ..لا ..كويسة ..حلوة ..قصدي يعني مقاسي ..شكرا..".
..رفع ابراهيم راسه لصاحب المحل وهز رأسه وقال..
.."..تمام..من فضلك عايز دبلة بس تكون فضة.."..
..وضع الرجل امام ابراهيم لوحة تحمل عدة محابس فضية ليختار ..فنظر ابراهيم لايمان وقال لها وهو يشير لها براسه ..
.."..اختاري واحدة ..يالا.."..
..تبادلت النظر وهي مبهمة الوجه بين ثلاثتهم ..ابراهيم والرجل ولوحة المحابس ..فأشارت بأصبعها لمحبس فضي عريض وهي تقول بخفوت ..
.."..دي كويسة.."..
..امسك ابراهيم بالمحبس واعطاه لايمان ومد اصابعه لها وقال بهمس اصبح فجاة محبب لقلبها..
.."..لبسهالي يالا.."..
..رفعت عينيها عن يده الممدودة وهي تقول باعتراض واهي النبرة وقد ازدادت التقلصات ببطنها والتي بدأت تعاني منها منذ بداية معاملته الرقيقة معها..
.."..ما..ماتلبسها انت ..خد اهو.."..
..لم يستجب ابراهيم لها بل اسرع بقوله بصوت خافت ..
.."..يالا ياايمان الراجل بيبصلنا..مايصحش اللي بتقوليه دا .."..
..شعرت بارتعاش يدها وهي تضع المحبس بأصبعه..وما ان انتهت انزلت يدها بحجرها وهي تسمع همسه قائلا..
.."..شكرا .."..
..انتفضت على صوت الرجل قبل ان ترد وهو يقول ..
.."..مبروك ياافندم ..مبروك ياهانم.."..
..هز ابراهيم راسه وقال وهو يعطي الرجل بطاقته البنكية ..
.."..الله يبارك فيك .."....
..جلست بالسيارة وعينيها لم تحد عن محبسها..رفعت رأسها ونظرت جانبا لابن عمها الذي مازالت الابتسامة تزين وجهه وقالت متسائلة..
.."..انت عملت كدة ليه..مكانش ليها لازمة تكلف نفسك ..وانت عارف انها شوية وخلاص.."..
..نظر اليها بوجه جامد الملامح بعد ضيقه من كلماتها..
.."..انا حر ياايمان ..اعمل اللي انا عايزه..وكمان كان لازم نلبس الدبل دي من اول جوازنا عشان دا المفروض بس انا اللي نسيت ..وعشان اي حد يشوفك يعرف انك متجوزة..فهمتي.."..
..قالت بنزق وهي تنظر للطريق امامها..
.."..فهمت..ممكن اعرف الدبلة بتاعتي بكام .."..
..رفع ابراهيم حاجبه متعجبا وقال ..
.."..ليه يعني ..هتدفعيلي تمنها.."..
..هزت راسها بالايجاب وقالت..
.."..طبعا..الدبلة دي الراجل قال عليها انها الماظ ..انت ....انت ذنبك ايه تشتري حاجة غالية كدة .."..
..مسد ابراهيم شعره بعصبية وقال من بين اسنانه بغيظ ..
.."..عارفة ياايمان انك واحدة تعرفي تخلي أي بني ادم يفقد اعصابه وبسهولة كويس جدا.."..
..عقدت ذراعيها وهي تقول بنبرة صوت غاضبة ..
.."..حقك عليا ..انا غلطانة ..بس بردو هدفعلك تمنها ..عشان عجبتني ومش هقلعها .."..
..ابتسم ابراهيم ونظر اليها وهو يقول..
.."..اخيرا قلتي كلمة كويسة.."..
..نظرت لجانب الطريق عبر زجاج نافذتها دون ان تجيب ولكنها كانت تشتعل غضبا من نفسها لمعاودة مايحدث لها من تقلبات ببطنها وشعورها بهواء بارد يلفح وجهها رغم دفء الجو...
..مد يده لمشغل الموسيقى عبر الراديو فصدحت اغنية كانت اولى كلماتها ..
.. *..تعرف تعاكسني.. تعرف تعمل كدة زي زمان وتحسسني..
..ان مافيش في الكون واحدة تقدر تنافسني
..واني انا اجمل مخلوقة على وجه الارض
..بتكلم جد.. على فكرة الاحساس دا ناقصني..*..
..اتسعت عيني ايمان عن اخرها وضربات قلبها ازدادت سرعتها عندما مال ابراهيم ناحيتها وهو يقول هامسا بجانب اذنها..
.."..اعرف جدا على فكرة.."..
الفصل التاسع والعشرون
..التفتت اليه بوجه يكسوه الاحمرار ولكنها صاحت به وهي تشير لجانب الطريق ..
.."..وقف العربية على أي جنب .."..
..لوح لها بيده وقال ..
.."..اقف فين ياايمان ..مالك."..
..اغلقت مسجل الموسيقى ثم ضربت تابلوه السيارة بيدها وهتفت بقوة ..
.."..قلتلك وقف العربية .."..
..زفر ابراهيم بضيق ووقف بسيارته على جانب الطريق والتفت لتلك التي قامت بفك حزام الامان ..استدارت وجلست على ركبتيها فوق كرسيها ثم مالت بجذعها ناحيته ولوحت له بيدها واليد الاخرى تضرب ظهر كرسيه وتقول بصوت حاد..
.."..انت ايه بقى حكايتك معايا بالظبط..حالك اتشقلب فوقاني تحتاني واتحولت فجاة..بتعمل كدة ليه..و عايز مني ايه.."..
..تمعن بكامل هيئتها..تفحصها بعينيه بقوة ..شعرها الذي يتأرجح فوق كتفيها وبجسدها الذي يرتج بوضوح.. وبالنهاية تسمرت عينيه على شفتيها التي لعقتها بلسانها عندما كانت تهتف امامه بغضب ..فأجابها مبتسما وبصوت هادئ ..
.."..اللي عايزه في اللحظة دي بالذات ياايمان ..هو اني ابوسك.."..
..تراجعت للخلف بظهرها بعد مااتسعت عينيها عن اخرهما واهتزت حدقتيها وهي تناظر كل ملامح وجهه ..كادت ان تفقد ثباتها ولكنها وبشق الانفس..رفعت اصبعها أمام عينيه وهي تقول بصوت اجش ..
.."..شكلك كدة عايز لوكمية على عينك التانية عشان تصحى وتفوق للي بتقوله .."..
..اقترب بوجهه منها وهي يميل بجذعه ناحيتها وقال ..
.."..اتفضلي وريني ..بس خلي بالك انا صاحي جدا و عارف بقول ايه كويس اوي .."..
..ظلت تناطره للحظات بدهشة وذهول ..لم تستطع ان تنظر لعينيه التي تلتهمها اكثر من ذلك فأشاحت بوجهها عنه واعتدلت بجلستها وعندما نزلت بقدميها على ارضية السيارة قالت وهي تنظر امامها ..
.."..اسمعني كويس ياباشا انا لا بتثبت ولا الكلام دا بياكل معايا ..هات من الاخر وقول بتعمل كدة ليه .."..
..ظل ينظر لها متعجبا من امرها وبداخله يهمس الهذه الدرجة لا تثق به ولا تصدقه ..اصدر ضحكة خافتة وهو يجيب ويقول لنفسه ..اذا كنت انا لا اصدق ..لا اصدق كيف تم احتلال قلبي على يدها ..تلك الصغيرة البسيطة الحال التي تغلغلت وبكل سهولة داخلي ..
..شعرت ايمان ببعض القلق عندما ساد الصمت المكان ..لم تكن تسمع الا صوت انفاسه و تعرف جيدا انه يحدق بها ..وببطئ التفتت برأسها لتراه كيف اتسعت ابتسامته عندما نظرت اليه ..تنهدت بيأس وهي تقول..
.."..هتفضل تبصلي كدة كتير ..انجز ياباشا .."..
..اعتدل هو ايضا بجلسته ونظر امامه وقال..
.."..كل اللي اقدر اقوله اني عايز ادي علاقتنا فرصة ..الظروف خلتنا نكون مع بعض ..يبقى ليه لا .."..
..شعرت بالغيظ ولكنها اجابته بهدوء..
.."..وليه ايوة..بص ياباشا ..اصلا مافيش بينا علاقة عشان نديها أي حاجة..واصلا انا وانت عارفين كويس ان الفرق بيناتنا كبير ..حضرتك صاحب هيلمان و عشان كدة لا يمكن نجتمع ابدا في مكان ..احنا اللي بيربطنا ببعض هو جدي ومشكلة القضية ...القضية هاتخلص و احنا كمان هنخلص معاها..وانا قلتلك الكلام دا عشرومية مرة ..يبقى مالوش داعي شغل النحنحة دا معايا..أمين ياباشا.."..
..انتفضت على اثر ضربة قوية لمقود السيارة وهدره بها بصوت عال..
.."..للدرجاتي غبية.."..
..التفتت اليه وهي تصيح به..
.."..احنا هنلبخ..بلاش الغلط احسنلك .."..
..استدار ناحيتها وامسك بمرفقها وهو يقول..
.."..انا مغلطتش..انتي فعلا غبية..غبية عشان فاهمة غلط ..يعني انا معاكي طول الوقت ومستحمل منك كل دا بس عشان خاطر القضية.."..
..نفضت ذراعها من يده وضربت رأسها باصبعها وهي تقول ..
.."..ماهي ملهاش تفسير تاني غير كدة..مش محتاجة فكاكة.."..
..هز رأسه وقال بصوت جاد ..
.."..لا ليها تفسير تاني طبعا..".
..ضربت ظهر راحة يدها بباطن يدها الاخرى وهي تقول بنزق..
.."..اللي هو ايه ان شاء الله.."..
..اجابها مسرعا وبدون تفكير ...
.."..انك خلاص بقيتي مسئولة مني ..واني ارتبطت بيكي..ويمكن اكون اتعلقت بيكي .."..
..فغر فاهها واشارت لنفسها وقالت ببلاهة ..
.."..اتعلقت بمين..بيا أنا .."..
..هز رأسه بالايجاب وهو يتابع قوله بنفس القوة ..
..".. ماهو انا مش هتبهدل كدة معاكي واتخانق واروح اقسام وحواري والبس جلابية واقف في طابور العيش والفول وانضرب من واحد زي التور خالك عشان خاطر القضية .."..
..مسد شعره بقوة وهو ينظر حوله ثم عاود قوله بجدية..
.."..ايمان افهمي.. انتي بقيتي جزء مهم جدا في حياتي ..وقبل ماتساليني ازاي ..هقولك معرفش ..هو احنا مش اتفقنا نفهم ونقرب من بعض ..بس للاسف انا شايف نفسي بس اللي بعمل كدة وانتي ولا على بالك ولا حتى بتحاولي .."..
..تنهدت بيأس وهي تقول ..
.."..دا ايه الحوسة دي بس يا ربي..على فكرة انا بحاول بس انت اللي مش واخد بالك .."..
..عقد ذراعيه امام صدره وهو يقول بصوت جاد..
.."..فين دا اللي مش واخد بالي منه ..قوليلي موقف واحد بس .."..
..زاغ بصرها بحركة دائرية وهي تبحث بذاكرتها عن اي موقف ثم نظرت اليه لتجده مبتسما وهو ينظر لها نظرات شامتة ..
..فاغتاظت منه وقالت ..
.."..كفاية اني قبلت اتجوزك ودا اهم حاجة .."..
..صدحت ضحكاته عاليا ..وقال..
.."..لا والله ..متشكر جدا لتنازل حضرتك العظيم دا .."..
..رفعت اصبعها وهي تقول غاضبة..
.."..من غير تريقة انا بقولك اهو .."..
..ضحك وهو يضرب اصبعها وقال بنبرة عابثة ..
.."..يعني افهم من كدة انك هتقربي مني.."..
..ضاقت عينيها وهدرت امامه ..
.."..بقولك ايه انسى خالص حكاية التقريب دي ..عيب يامحترم.. انا بنت عمك .."..
..ضرب كفيه وهو يقول ساخرا ..
.."..انتي خيالك راح لبعيد اوي يا بنت عمي ..انا ولا في بالي الحاجات دي..انا اقصد نقرب من بعض فكريا ووجدانيا .."..
..ضربت هي هذه المرة كفيها ببعضهما وهي تتمتم بالاستغفار ..فقالت بحنق..
.."..ومين ان شاء الله فكري وعم مجدي دول اللي ناويين يقربوا معانا..يكون في علمك .انا لا هقرب ولا هنيل ..احنا هنتفاهم مع بعضينا ومن بعيد لبعيد كمان.."..
..عاودت صياحها عندما تذكرت قبلته الصباحية ..
.."..واللي حصل الصبح دا ميتكررش تاني ..انا بقولك اهو.."..
..نظر لشفتيها وقال..
.."..هو ايه اللي حصل الصبح ..انا ناسي..ماتفكريني كدة.."..
..وضعت اصبعيها فوق جبهته وقالت بحزم ..
.."..انت سخن باين عليك .."..
حاول ان يمسك اصبعيها فافلتتهما بسرعة ثم زفرت بضيق وقالت وهي تضغط فوق شاشة هاتفها ..
.."..انا احسن حاجة اعملها اتصل بمراد ييجي ياخدني..قبل ماارتكب جناية في واحد صاحبنا.."..
..شهقت بذعر عندما خطف من يدها الهاتف ورفع به عاليا بيده ثم هتف بها غاضبا بعد ان نظر لها بنظرات نارية قاتلة..
.."..متخلنيش اتجنن عليكي ..ايه مراد دا اللي تتصلي بيه..حسك عينك تستهوني بيا ياايمان ..انا في الحاجات دي ممكن........"..
..توقف عن صياحه الغاضب عندما وجد عينيها تلتمع بغلالة رقيقة من الدموع.. يعرف جيدا بانها تحاول ان تمنع سريانها فوق وجنتها بشق الانفس..
..التفتت بوجهها للناحية المعاكسة حتي تمنع عنه تحديقه بها وفضح ضعفها امامه..فقالت بصوت حزين باك..
.."..احنا عمرنا ماهنتفق او نتفاهم..."..
..اغمض عينيه لاعنا عصبيته عليها ولكن هذا طبعه و لا يستطع ان يغيره ..ولكنه معها سيكون اكثر هدوءا ولكن ايضا سيكسر عنقها اذا ذكرت امامه اسم رجل اخر حتى لو كان هذا المعتوه ابن عمهما..تنحنح وقال وهو يحاول امساك كفها الصغير بيده التي نفضتها بغضب بعيدا..
.."..ايمان ..اعذريني..بس اظن انتي خلاص عرفتي طبعي..اسف متزعليش ..بس بردو مكانش يصح تقولي كدة ..مراد ايه وبتاع ايه ..هو انا بطيخة قاعد قدامك.."..
..اصدرت ايمان ضحكة خافتة حاولت ان تكتمها ولكنها فشلت بذلك ..فابتسم ابراهيم وقال ..
.."..طالما ضحكتي يبقى اتصالحنا وهنتفق ونتفاهم .."..
..اقترب منها ولمس مرفقها وهو يستطرد قوله بهمس..
.."..ونقرب كمان.."..
..التفتت له بحدة ونظرت له شزرا دون ان تنطق بكلمة..
فتراجع بظهره للوراء رافعا كلتا يديه باستسلام وقال بحزم ..
.."..نتكلم جد طالما اتصالحنا.."..
..اجابته بضيق ..
.."..خير ان شاء الله.."..
..قال وهو ينظر لها بقوة ..
.."..لازم نظهر قدام الناس زي اي اتنين متجوزين بيحبوا بعض ..هنتكلم مع بعض دايما ولو وقفت حاجة قصادك في اي حاجة تقوليلي ..وانا هاخد دايما رايك في اي شيء يخصك ..ها ..موافقة.."..
..مطت شفتيها بعد ان كانت تهز راسها بالايجاب سمعا لحديثه وقالت..
.."..كلام حلو وموافقة بس بشرط.."..
..تنهد بغيظ وقال..
.."..شرط ايه ..اتفضلي..".
..رفعت اصبعها وهي تقول بصوت جاد
.."..متزنجرش .."..
..قطب جبينه واسرع بقوله ..
.."..ايه ..متز....زا ..ايه.."..
..اسرعت بقولها ..
.."..يعني متتعصبش عليا ونتفاهم براحة .. ..وتكون عند كلمتك وتاخد رايي.."..
..مد كف يده ليصافحها وهو يقول بحماس..
.."..deal.. دييل.."..
..نظرت له بغضب وجعلت كف يده معلقة وقالت..
.."..شوفت.. اديك بتتمهزأ بيا من اولها..هي مين دي اللي بديل.."..
..امسك كف يدها وهزها بقوة كأنهما يتصافحان بجدية وقال ..
.."..ايمان يا بنت عمي..كلمة دييل يعني اتفقنا .."..
..تشبث بكف يدها بقوة عندما حاولت ان تتملص منه ..فزفرت بضيق وهي تقول..
.."..خلاص سيب ايدي.."..
..ترك يدها على مضض وهو يقول بنبرة صوت ساخرة..
.."..حاضر ياستي ..شوفتي بسمع الكلام ازاي .."..
..التوت شفتيها جانبا ثم اتسعت عينيها عندما تذكرت وهتفت به..
.."..واه صحيح ..مافيش حاجة اسمها تقريب وتغريب دا ..كلامنا يبقى من بعيد لبعيد..وطبعا مفهوم قصدي ايه ومتعملش من بنها.."..
..وبابتسامة ماكرة ونظرة عين عابثة تفحصتها وبالأخص ملامحها الانثوية المختفية وراء بلوزتها الواسعة حتى اختصت تلك النظرات شفتيها الكرزية فقال ..
.."..البند دا من اتفاقنا مقدرش اوعدك فيه ..وخصوصا انك مراتي ..بس متقلقيش مش هاخد حاجة غصب ..كله بالحب على راي واحدة صاحبتنا.."..
..شعرت بتيار هواء بارد يضرب بسخونة جسدها وازدادت تقلصات معدتها فقالت والبلاهة ترتسم على صفحة وجهها ..
.."..انا عايزة اروح الحمام.."..
..تقطب جبينه بعد ان ضاقت عينيه وردد بتعجب ..
.."..حمام..حمام ايه.."..
..اجابته بنزق..
.."..حمام ..الحمام اللي بتدخله الناس عشان تفك زنقتها.."..
..ظهر على ملامحه شيء من الاشمئزاز وهو يقول ..
.."..هقول ايه غير منك لله .."..
..اعتدلت بجلستها وهي تقول ..
.."..ونعم بالله ..يالا بسرعة بقى بدل ماعملهالك في العربية وابهدلك الدنيا.."..
..عاود تشغيل السيارة وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة عن انها .."..فصيلة ..دمرتي اللحظة .."..
..رمشت بعينيها عدة مرات وهي تنظر لجانب وجهه الممتعض ..فلاحت ابتسامة شقية تداعب ثغرها وخجلت من شعورها من دغدغة لذيذة تدب بقلبها..
..وعند باب الفيلا امسك بيدها ودلف بها للداخل ..فاعترضت بضيق وهي تقول ..
.."..احنا مش قلنا ممنوع التقريب ..سيب ايدي.."..
..فاجابها هادئا دون ان ينظر اليها وهو متجه بها ناحية المكتب..
.."..وانا قلتلك ان النقطة دي من الاتفاق ملغية ..واسكتي شوية .."..
..وما ان دلفا داخل غرفة المكتب حتى وجدوا نيرمين ابنة عمهما سمير تقبل وجنة جدها وهي تقول بنبرة صوت زائفة ..
.."..ياجدو وانا ذنبي ايه ..دا بابي و لازم اسمع كلامه ..بس متزعلشرمني يا حبيبي انا مش هاسيبك تاني خا....."..
..توقفت باقي كلماتها بحلقها عندما شاهدت ابراهيم وايمان متعانقي الكفين..
..ازدردت ريقها بصعوبة بالغة لاصابتها بالحزن لمنظرهما والذي يبدوا وكأن جناحي الحب والغرام يرفرف حولهما ..ابتلعت غصتها المرة وارتدت قناع البرود واسرعت باتجاهها لابراهيم لتتعلق برقبته وتقبله بقوة فوق وجنته وهي تصيح ..
.."..ابراهيم وحشتني خالص .."..
..تخشبت اعضاء جسد ايمان وهي ترى زوجها بين احضان تلك المائعة فنفضت كفها واسرعت بفك ذراع نيرمين من حول رقبة ابراهيم ودفعت بها لتقف بينهما كحائل وهي تهتف بها بنبرة صوت قوية..
.."..هو انا يابت انتي مش نبهتك قبل كدة انك تحترمي نفسك وخصوصا مع جوزي..ولا انتي جبلة ما بتحسيش ولا عندك دم ولا حيا.."..
..وقف ابراهيم مستمتعا ولاول مرة بتلك المواجهة فوضع يديه داخل جيبي بنطاله ..
..وضعت نيرمين يدها فوق ثغرها بعد ان شهقت بصوت عال ثم قالت بتذمر ..
.."..oh my god...انتي ازاي تكلميني كدة يا بتاعة انتي.."
..شمرت ايمان عن ساعديها وهي تقول بصوت حاد عندما تمكنت من امساك شعر نيرمين بين يديها ..
.."..البتاعة دي هتخلي يوم اهلك اسود على دماغك اللي شبه راس العنكبوت دي .."..
..صاح صوت الجد عاليا بغضب وهو يقترب ناحيتهما بكرسيه المتحرك ..
.."..بس يابنت انتي وهي ..سيبيها ياايمان .."..
..لم تستطع ايمان سماع وفهم قول جدها بسبب ماتهتف به من سباب وبسبب صراخ نيرمين والتي كان رأسها يتأجرح يمينا ويسارا ..
..صاح الجد مرة اخرى لابراهيم ..
.."..انت يازفت اعمل حاجة ..افصل ما بينهم.."..
..كان ابراهيم يحاول نزع راس نيرمين من بين كفي ايمان ولكن يبدو انها التصقت بهما بغراء شديد القوى..ولم يجد نفعا الا بصوته العال امام وجه ايمان الذي كساه احمرار الغضب ..
.."..ااايماان ..قلت سيبيهاااا..."..
..شعرت بمن يحاوط خصرها من الخلف والتي كانت عمتها التي صعقت لمشاهدتها مايحدث فور دخولها للغرفة على اثر صراخ نيرمين..
..ابتعدا الاثنان عن بعضهما ووقف ابراهيم كحائل بينهما ..ابعدت ايمان ذراعي عمتها عن خصرها وقالت وهي تحاول تهدئة انفاسها المتصارعة ..
.."..بنات قليلة الادب متربوش .."..
..بينما بدأت نيرمين بالبكاء وهي تحاول ان تقف مستقيمة وتعديل شعرها التي اصبح مثل رأس عصا تنظيف الحائط و كانت تتمتم ببعض الكلمات التركية من بين شهقات بكائها العال..
..صاح الجد لايمان وقال..
.."..انتي يا بنت ...تعالي هنا.."..
..اتجهت ايمان اليه وهي تهندم من بلوزتها وقالت..
.."..نعم ياحبيبي عايز حاجة.."..
..تنهد الجد بغيظ واشار لها بيده ان تميل بجذعها ناحيته ..فانصاعت لامره ولكنها تأوهت فور امساك جدها باذنها وهو يقول..
.."..مش عاملة حساب لحد ولا لجوزك ولا حتى انا يا بنت احمد..طب جوزك كان واقف زي الاهبل يتفرج على مراته الغيرانة عليه..لكن انا ماتسمعيش كلمتي.."..
..من بين تأوهاتها ومحاولاتها لنزع اذنها من بين براثن اصابع العجوز قالت..
.."..يا جدي والله ماسمعتك ..البت كان صوتها شبه سارينة الاسعاف سرعت طبلة ودني ..حقك عليا ...سيب ودني بقى ياجدي ابوس ايدك.."..
..لاحت شبح ابتسامة فوق شفتي الجد فترك اذنها لينظر لنيرمين التي كانت عمتها تواسيها وابراهيم يقف امامها ويقول..
.."..يانيرمين انا حذرتك كذا مرة انك كبرتي ومينفعش تصرفاتك دي معايا...تقومي تعملي كدة قدام مراتي..فطبيعي يكون دا رد فعلها معاكي.."..
..ضربت نيرمين الارض بقدميها من الغيظ وقالت بصوت حاد ..
.."..انا هقول لدادي على كل اللي حصل دا وهخليه يوديها السجن .."..
..لاح الغضب بوجه ابراهيم وقبل ان يرد صاحت ايمان ..
.."..انتي يابت اتلمي احسن اجيلك.."..
..صاح الجد بقوة هذه المرة ..
.."..قلت بس .."..
..انتقل الجد بناظريه بينهما واستطرد قوله..
.."..انتو الاتنين تقفوا قدامي حالا وتسلموا على بعض..انتو في الاول والاخر ولاد عم ..يعني زي الاخوات.."..
..امسكت نيرمين بحقيبتها واتجهت ناحية الباب وهي تدب الارض من تحت كعبي حذائها الغال..لتخرج ولكنها قالت وهي تمسك باطاره..
.."..سوري ياجدو.. مستحيل البنت الشوارعية دي زي دادي مابيقول تكون اختي ..Never..وانا مش هدخل البيت دا تاني غير لما ينضف منها الاول.."..
..اسرعت باغلاق الباب ورائها قبل ان تسمع ردا من كل الموجودين..مدت يدها داخل حقيبتها لتمسك بهاتفها وتقوم بالاتصال بوالدتها وهي تقول بغضب ..
.."..مش هتصدقي يامامي اللي حصل..ابراهيم شكله حب السنكوحة دي فعلا ..I can't believe it..تخيلي اتهجمت عليا كانت هتموتني ..وابراهيم دافع عنها ..انا هموت يامامي من الغيظ.."..
..ردت امها وقالت ..
.."..كويس انك روحتي زي ما قولتلك عشان تعرفي الاخبار ايه ..انا هتصرف ..تعالي عشان تحكيلي بالتفصيل .."..
..ركبت نيرمين سيارتها ونظرت للمرآة فاتسعت عينيها لهيئة شعرها المشعث واخذت تسب وتلعن بمن كانت السبب ..
..واثناء ذلك و بلحظة خروج نيرمين من الغرفة.. ذمت ايمان شفتيها بغيظ وحاولت ان تلحق بها ولكن ابراهيم امسك بمرفقها وقال لها بصوت حازم..
.."..خلاص ..لو هي ماحترمتش وجود جدها ..انتي لا ..وحقك منها انا اللي هجبهولك.."..
..نفضت عنها يده وقالت بصوت قوي..
.."..انا باخد حقي بنفسي وبدراعي ومش محتاجة حد ياخده بدالي ..بس زي ماقلت انا هاحترم وقفة الراجل الكبير بينا .."..
..اصطكت اسنان ابراهيم من الغيظ وتمنى لو ينزع لسانها هذا ..ولكنه اشاح وجهه لجده الذي قال لابنته زهرة..
.."..وديني اوضتي يازهرة واديني الدوا..العيال دول رفعولي ضغطي.."..
..امسكت زهرة بطرفي ظهر الكرسي الممدودة للخلف وقالت وهي تخرج من الباب ..
.."..فعلا يابابا..عندك حق..هما يرفعوا الضغط والسكر كمان.."..
..اتجهت ايمان للاريكة ورمت بنفسها فوقها بوضع القرفصاء..فقال ابراهيم بعد ماتخصر امامها..
.."..انتي مش قلتي عايزة تدخلي الحمام.."..
هزت ايمان رأسها بالنفي وقالت وهي تنظر الارض ..
.."..راحت خلاص.."..
..جلس فوق كرسيه على يمينها أخذ يحك ذقنه وهو ينظر لهيئتها المتأهبة للعراك بأي وقت وتذكر مافعلته بنيرمين فما كان بوسعه الا أن صدحت اصوات ضحكاته عاليا ..انتفضت ايمان والتفتت اليه تحاول ان تعرف منه لما يضحك هكذا ..وما ان توقفت ضحكاته وهو ينظر اليها الى أن عاد ليضحك مرة اخرى ..وضعت يدها فوق صدرها وهي تقول هامسة لنفسها..
.."..يخربيت جمال ضحكتك.."..
..وعندما وجدته ادمع من الضحك تكتفت بذراعيها وقالت بضيق زائف..
.."..ممكن افهم بتضحك على ايه.."..
..كانت الابتسامة مازالت تزين وجهه فاشار لها بيده وهو يقول..
.."..بغض النظر عن اخر كلمتين بايخين قولتيهم ..بس لما افتكرتك وانتي بتهجمي على بنت عمك ومسكتي فيها بموت من الضحك.."..
..عاود قوله بنبرة صوت هادئة وهو يميل بجذعه للأمام ..
.."..مكنتش اعرف ان غيرتك عليا بتكون بالشراسة دي.."..
..انزلت بقدميها ارضا وقالت وهي تشير لنفسها متسعة العينين فاغرة الفاه ..
.."..أنا بغير ..انت غلطان ياباشا ..الموضوع كله مسألة كرامة مش اكتر ..ماتشطحش بفكرك لبعيد ..قال غيرة قال .."..
..رحع ليستند بظهره للوراء وقال وهو ينظر لها بمكر ..
.."..ماشي هعديهالك المرادي.."..
..استمر بتحديقه لها لتهتف أمامه بعصبية..
.."..ممكن افهم بتبصلي كدة ليه..".
..اجابها بصوت هادئ..
.."..مش عارف ليه تخيلت وقفتك بالمحكمة قصاد القاضي ..ايه رايك انا عندي فكرة.."..
..ردت بتساؤل ..
.."..فكرة ايه دي.."..
..اعتدل ابراهيم بجلسته فوق كرسيه وقال..
.."..ايه رايك تعتبريني القاضي ..وتتفضلي حضرتك توريني هتقفي قصادي ازاي وهتقولي ايه.."..
..كتمت فاهها بكف يدها حتى لا تصدح صوت ضحكتها عاليا..
فتسائل ابراهيم ..
.."..بتضحكي ليه .."..
..قالت والابتسامة مازالت ترتسم فوق شفتيها..
.."..اصلي افتكرت مسرحية فؤاد المهندس وشويكار لما سألها هتدخلي على الخديوي وتقوليله ايه ..قالتله هدخل عليه واقوله ..سال الخير ياحليوة يامدوخني.."..
..التوت شفتي ابراهيم بابتسامة جانبية وقال بصوت جاد..
.."..دا تمثيل ومسرحية كوميدي عشان الناس تضحك ..لكن احنا دلوقتي بنتكلم جد ..دا قاضي ومحكمة ..ها يالا اتفضلي .."..
.. ارتسمت ملامح الجدية بوجه ايمان فهزت رأسها بالايجاب وهي تقول ..
.."..طبعا طبعا ياباشا ..القانون له احترامه .."..
..استقامت لتقف..هندمت من بلوزتها ثم تنحنحت لينجلي صوتها وقالت بصوت جاد..
.."..أنا اول ماهدخل المحكمة واقف قصاد الباشا القاضي هقوله..
..يامسا السعادة والسكر الزيادة على قاضي القضاة واجدع اتنين مشاورين قاعدين ومنورين على يمينك وشمالك ياباشا ..وكمان مننساش الناس الحلوة اللي مشرفين القاعة ..ووالله العظيم لأقول الحق..اتفضل اسأل ياكبير انا تحت امر معاليك..."..
..اتسعت عيني ابراهيم عن اخرها فضرب ذراعي الكرسي بكفيه وهو يهب واقفا بغضب..تراجعت ايمان للوراء وهي تمسك بحرفي ياقة بلوزتها وقالت وهي تبلع ريقها بصعوبة ..
.."..ايه بقى مالك...انا قلت كلمة غلط ولا حاجة.."..