رواية طريقي
الفصل الثالث3
بقلم سلوى علي
ندمت على الكثير من الاشياء الا شيء واحد ، أني اخترت ان أكون أنا .
اليوم الكل يراني ذلك الفتى المكافح الذي صنع إسمه في عالم المحامات دون مساعدة ، و دون تزييف ، ههه لا أحد يعرف من أنا و لا كيف وصلت ، لأن كل ما يهمهم شهرتي التي ذاع صيتها في البلاد .
أشفق على نفسي فأنا من اخترت الشقاء منذ طفولتي ، سؤال دائما ما يؤرق نومي ، هل اختياري كان صحيحا و هل أنا المذنب ام هم ؟
انتشله من تفكيره دخول مساعده ببعض المرح :
ايه ياعم ابراهيم خف علينا شوية مبقيناش ملاحقين على القضايا
رفع ابراهيم عينيه لمساعده و صديق دربه : قر بقى يا خويا ، ما هو انا عارف مافيش حد حيخربها الا انت ، اقعد و خلصني جاي في ايه
جلس على الكرسي أمامه واضعا ذلك الملف أمام ناظري ابراهيم .
اتفضل يا سيدي اهي قضية ثانية انما ايه من النوع اللى بيعجبك و الست اللى رافعة القضية طالبة تشوفك ضروري .
أمسك ابراهيم الملف و عيناه تنم عن فضوله حول ما يحتويه ، جحضت عيناه ما ان قرأ اسم صاحبة الدعوة ، مليكة النجار الرفاعي نطقها و تبدلت ملامحه المرحة الى شعلة بركان كان خامدا منذ عصور ولت.
أصبحت عيناه كبركة من الدم من كثر الضغط الذي يمارسه على نفسه و محاولة حبس تلك الدموع التي تهدد بالنزول ، يجلد ذاته مرة أخرى و هو يقول :
مش حتبكي تاني يا ابراهيم كفاية ، دي قضية زي غيرها و متهتمش بمين صاحبتها انت شطبت اسمها من زمان يعني مش حتأثر فيك حتى لو قابلتها ،
كان يعنف نفسه بصوت خافت مما جعل مساعده ايمن يلاحظ التغيير الذي طرأ على حالتة و يداه التي ابيضت من جراء ضغط ابراهيم على جانب الكرسي ،
صاح ايمن بهلع و خوف على صديقه و رفيق دربه و والده الروحي ، فابراهيم هو من اهتم بأيمن منذ صغره رغم أن فارق السن بينهم لا يتعدي اربع سنوات ، اقترب منه بلهفة ابن يخشى ان يصيب مكروه أباه ، وضع أيمن يداه على كتف ابراهيم برفق شديد
مالك يا ابراهيم في ايه يا صاحبي ؟ لم يبدي ابراهيم اي ردة فعل و كأنه في عالم آخر غير الذي يوجد فيه أيمن ، هزه أيمن بقوة و هو يحاول ان يخرجه من تلك الدوامة التي ما ان يدخل إليها بإرادته الا و ينفصل عن العالم أجمع ،
ابراهيم ابراهيم فوق مش حتعملها فيا مرة ثانية ، فوق و قولي ايه اللى قلب حالك بالشكل ده
يهزه أيمن و قد تجمعت الدموع في عيناه على حال صديقه ، صرخ بعدها صرخة باسمه اخرجت ذلك المغيب من غياباته و انتبه لصديقه و دموعه التي تبلل لحيته الخفيفة
ابراهيم بحدة: ايه مالك يا ايمن بتصرخ و بتعيط ليه كدا يا ابني
ايمن و هو يمسح دموعه بكف يديه كطفل ثم نهره عن البكاء ، و بلحظة تحول بكاؤه الى غضب عارم :
يا برودك يا أخي انت كنت حتعملها فيا ثاني و تغيب زي المرة اللى فاتت ، قولي ايه اللى وصلك للحالة دي .
مليكة النجار الرفاعي، نطقها ابراهيم بوجع يقطع نياط القلوب ، ملفتش نظرك الاسم يا ايمن
ايمن بصراخ: لا يا سيدي ملفتش نظري ام الاسم ده مين يعني هي الكونتسا مرجريتا
ابراهيم و هو يحاول لملمة شتات نفسه : لا هي دي صاحبة الصورة اللي سالتني عليها .
بهت لون أيمن واصبح وجهه يحاكي الاموات ، جفت الكلمات في حلقه ، لا يعرف كيف يتصرف ، فصاحبة هذا الاسم هي سبب عذاب صاحبه .
ايمن : هي دي اللي صورها و المعلومات عنها ماليه حيطة مكتبك في البيت ، هي دي اللي دفعت كتير للمحققين عشان يجيبولك اخبارها ،
ابراهيم: اسكت يا ايمن متنطقش اسمها قدامي
ايمن : طيب بس انت حتعمل ايه دلوقتي حتقبل قضيتها
ابراهيم: انت عارف انا عملت ايه عشان القضية دي توصل لعندي
ايمن : مش فاهم عملتها ازاي
ابراهيم: لا دي حكاية طويلة حبقى احكيهالك بعدين
دلوقتي اخرج و ابعتلي فاطمة
ايمن بمشاكسة : فاطمة امممم فاطمة يا فاطمة
براهيم بحزم: ايمن لم نفسك و روح اعمل اللى قولتلك عليه و حسك عينك مرة تانية اسمعك بتنطق اسم فاطمة كدا
ايمن و هو يمثل الخوف : حاضر يا وحش متتعصبش كدا
ابراهيم: خليك مع المدام اللى برة و شوفلي سعد فين عايزه يقابلها هو الاول خد اديله الملف
ايمن : ازاي هيا طلباك بالاسم
ابراهيم: عرفت انت لسه قايلي بس اعمل اللى قولت لك عليه و بطل اسئله
ايمن بدون اقتناع: حاضر يا ابراهيم
ابراهيم: ايمن من غير تكشيرة حتفهم كل حاجة بس واحدة واحدة
اومأ ايمن اماءة بسيطة تم خرج
بعد برهة بسيطة دخلت فاطمة يزينها حجابها الذي يلتف عليها كزهرة الاوركيد البيضاء يزيدها جمالا و وقارا ، لم ترفع عينيها للجالس وراء مكتبه يلتهمها بعينيه ، رفعت فاطمة رأسها فجاة فقبضت عليه متلبسا و هالها كمية المشاعر التي تراها بعينيه اول مرة يفضحانه و تخونه سيطرته على نفسه .
قطعت ذلك التواصل بسؤالها العملي ،
فاطمة: نعم يا استاذ ابراهيم حضرتك طلبتني
ابراهيم و هو يتحدث لنفسه: فصيلة و قال الشيخ صالح بوصيني عليها مش شايف بنته بتعاملني ازاي غفير بيكلمني ، صبرني يارب ،لولا اني بحبك يا بت الشيخ صالح.....
فاطمة : بتقول حاجة يا استاذ ابراهيم
ابراهيم بنرفزة : بلاش استاذ زفت يا فاطمة ، ميت مرة بقولك لو احنا لوحدنا قولي ابراهيم بس
فاطمة باندهاش : امتى قولت كدا
ابراهيم: انا بقول اهو يا فاطمة و تعالي اقعدي يلا عايز اتكلم معاكي
نهض ابراهيم من كرسيه متجها الى كنبة فارهة تتوسط مكتبه
اقعدي يا فاطمة
فاطمة : حاضر حقعد اهو
جلست فاطمة بجانبه و لكن على مسافة منه فهي غير معتادة على هذا التقارب فمنذ عقد قرانهما من ايام جامعتها لم يكن هناك بينهم الا حوارات قليلة يحاول ان يشرح فيها ما يؤخر زواجهم و ان تصبر عليه ، تعرف انها هي أول من أحبته و حين لاحظه و لامانته طلب يدها من ابيها الذي كان اول المرحبين ، و لكن اليوم مختلف فهي تعتبر أول مرة ترى شيئا في عينيه لاطالما حلمت به ، فماذا تغير هل يكون اباها ابلغه بطلبها ، نعم هي من طلبت من ابيها ان يعفيه من هذا الزواج ، افكار كثيرة تتخبط فيها ، افاقت من شرودها على يده التي احتلت كفها الصغير ، شهقة خرجت من بين شفتيها و هي تسحب يديها .
ابراهيم بتسلية : فاطمة مالك بتشيلي ايدك ليه ، هو انا مش جوزك و لا انا شاقطك من الشارع
فاطمة : ابراااهيم في ايه
ابراهيم: ايه في ايه محدش يتكلم كلمتين مع مراته
فاطمة : لا لا بس بس
مسك ابراهيم يدها مرة تانية وضغط عليها بحنان حتى كادت عيون فاطمة تدمع
ابراهيم: مافيش بسبسة يا فاطمة ، انا عارف اني ظلمتك كتير معايا ، في الاول اني مكنتش ببادلك نفس الشعور و بعدين بعقدى اللى مش عايزة تنفك بس هانت يا فاطمة العقدة قربت تنحل و اعوضك عن كل حاجة بس انتي خليكي جنبي و استحمليني
فاطمة و قد انهمرت دموعها : انا حستحملك لاخر عمري بس اعرف انا مكاني فين فحياتك
ابراهيم و هو يضمها اليه : اششش انتي متساليش عن مكانتك في حياتي عشان انتي حياتي كلها
خرجت فاطمة من حضنه و هربت الى مكتبها تاركة اياه في ذهول
ابراهيم و هو يضرب كفا بكف: اتكلمنا برومانسية مش عاجب ، سكتنا مش عاجب ، اعمل ايه طيب
في تلك الاثناء كان لازال الباب مفتوحا اطل منه سعد و هو يضحك فقد رأى اخته تخرج مهرولة من مكتب زوجها و وجنتها حمراء .
سعد بحدة مزيفة : امسك العصاية من النص يا ابراهيم ، و بعدين أختي مالها خارجة بتجري ليه
ابراهيم: عشان خدتها فحضني
سعد بذهول من صراحته : نعم يا اخويا و بتقولها في وشي من غير حيا
ابراهيم: حيا ايه يا عم سعد دي مراتي و لا انت نسيت
سعد ؛ و الله لينا حق ننسى
ابراهيم: مش ناقصاك يا سعد كفاية اختك واللى حشوفه على اديها
سعد : تستاهل ،
المهم خلينا بالشغل ، الموكلة إلى كلفتني بيها ، عايزه تقابلك شخصيا .
ابراهيم: خمنت كدا قولي شوفت ملف القضية ، قدرت تناقشه معاها
سعد : مداتنيش فرصة افتح معاها الموضوع ، بتقول هي عايزة المحامي ابراهيم اللى تتكلم معاه مش اي حد تاني
ابراهيم: حاضر يا سعد هات انت الملف و انا حبلغ فاطمة تدخلها ، اقعد يا سعد
هاتف ابراهيم فاطمة : ايوا يا فاطمة ممكن تدخلي الموكلة اللى عندك
فاطمة : حاضر يا استاذ ابراهيم
ابراهيم: بصراخ: فاطمة بطلي بقى و قفل
سعد : بتزعق لاختي ليه يا ابراهيم
ابراهيم: هتجنني كل ما اكلمها مافيش على لسانها غير كلمة استاذ زفت
سعد و هو يضحك على منظر ابراهيم : ما هي البنت معذورة انت كنت عامل ابو الهول معاها و خصوصا في الشغل و لا كانكم مخطوبين مش كاتبين كتابكم.
يا ابني بالراحة مش كدا انت بتهاجم مش بتصلح يا ابراهيم ، راعي انك انت سبب الاسوار اللى اتبنت بينكم ، فحاول تهدها طوبة طوبة .
ابراهيم: كلكم عارفين اللى فيها يا سعد انا مخبتش عليكم حاجة لاني ماليش غيركم ، بس دلوقتي انا عايز انسى و اعيش و بحاول على قد ما اقدر اعمل كدا ، فحقيقي فهمها يا سعد انها لازم تاخد بايدي مش تصدني من اولها .
سعد : ان شاء الله خير يا ابراهيم بس انت بالراحة و كل شي حيكون زي ما بتتمنى
طرقات على الباب كانت كفيلة في انهاء احاديثهم و تأهب ابراهيم لمواجهة احد كوابيسه .
اتفضل نطق بها ابراهيم بصوت قوي و حازم
تقدمت فاطمة و ورائها امتحان ابراهيم التاني
فاطمة بعملية : مدام مليكة النجار الرفاعي يا استاذ ابراهيم
ابراهيم: شكرا يا فاطمة اتفضلي انتي دلوقتي ، اهلا وسهلا مدام الرفاعي اتفضلي يا فندم
مليكة : بغطرسة كما تعودت : مش معقول كل الوقت ده عشان تقابلني يا متر شكلك مش عارف بتتعامل مع مين
ابراهيم بحدة : اظن ان انتي يا مدام ياللى مش عارفة انتي طالبة تقابلي مين و حضرتك جاية من غير معاد ، و انا وقتي محسوب و مش فاضي عندى موكلين تانيين ، يبقى لو حضرتك شايفة انك ضيعتي وقتك و انتي بتستنيني ، قضيتك عندك اختاري محامي تاني
مليكة ببعض الارتباك : لا لا مش للدرجة دي يا استاذ ابراهيم
ابراهيم: على العموم انا عارف كويس بتعامل مع مين ، مدام مليكة النجار الرفاعي أرملة رجل الأعمال الكبير طارق الرفاعي و حضرتك جاية عشان ابنك اتفق مع اولاد جوزك اللي انتي كنتي وصية عليهم و بتسيري املاك ابوهم بموجب الوصية التي كتبها ابوهم اللي هتنتهي استعمالها اول ما يتجوزوا ، بس هما رفعوا عليكى قضية حجر للاسباب التالية .
بداية زهايمر مثبت عن طريق شهادة الدكتور الكبير في مخ واعصاب اسماعيل الشناوي
و اهم الوثائق اللى محامي الخصم مستند عليها عشان يكسب القضية واللى حضرتك لسه معندكيش علم بيها ، تحبى يا مدام مليكة تشوفي نسخة منها
مليكة : ايه التخريف ده مافيش حاجة متقدمة غير الملف الطبي اللي انا بطعن فيه واللى انا جيالك عشان تخرجني من الورطة دي بخبرتك
ابراهيم: امم يعني انتي متأكدة انه دا الدليل الوحيد اللى اتقدم للمحكمة ، طب بصي كدا للورقة دي
مليكة و هي تمسك بطرف الورقة : ايه ده
ابراهيم: اقريها و انتي تعرفي مش حضرتك بتعرفي تقري
مليكة : اظن ان كلامك معايا فيه حدة و تريقة مش عاجبانى
ابراهيم: لا العفو يا مدام اقري و انتي تعرفي انا بتكلم كدا ليه
مليكة : حقرا .. وبعد ثوان معدودة صرخت دون وعي : لا كذب كله كذب مش انا اللي تسببت فقتله هو كان راح مع ابوه و ابوه ضيعه ، حالة هستيرية اصيبت بها مليكة جراء تلك الوتيقة التي أعطاها لها ابراهيم ، اصبحت انسانة غير طبيعيه و هي تصرخ و تضرب وجهها بيديها ، حينها استغل ابراهيم الوضع و اتصل باحدهم:
ابراهيم: الو زي ما توقعت انهارت و الحالة رجعت لها انا حجيبها العيادة عندك
الطرف الآخر : تمام حستناك وكله جاهز
ابراهيم: يلا يا سعد اتصل بالاسعاف
سعد و هو في ذهول : انت بتقول ايه يا ابراهيم و مالها مدام مليكة ايه اللى جرالها
ابراهيم: حنعرف مالها لو اتصلت بالاسعاف و لا اقولك خليك في ذهولك ده انا حتصل بيهم لوحدي
وصلت الاسعاف و قام ابراهيم باخذها الى المستشفى و هناك كانت المفاجاه
******************************************
في احد البيوت الفخمة المطلة على البحر يجلس وحيدا على ذلك الكرسي المتحرك يتامل تلك الأمواج العاتية التي تتلاطم امامه ، يشبهها بحياته التي لم يهنا فيها لسوء اختياره ، فقد ابنيه مرة واحدة ، هاجر تلك البلاد التي كانت سبب تعاسته و لكن لم يستطع العيش في بلاد اخرى أصيب بشلل جراء حادثة فطلب منهم اعادته لبلده ، عاش وحيدا في دور المعاقين ، لم ينفعه اسمه و لا ماله و جاهه ، لانه لم يجد من يرعاه الا احدى الجمعيات التي كان اهم المساهمين فيها ، الى ان جاء ذلك اليوم الذي انقلبت فيه حياته ، حين جاء ذلك الشاب فاره الطول بغمازتبن لا تظهران الا اذا ابتسم ، صلب الملامح و به هاله غريبة
المجهول: انت مين و عايز مني ايه
المجهول 2: انا نتيجة اخطائك
المجهول: اخطاء ايه ، انت بتقول ايه
المجهول 2: هههه انا صورة الماضي في الحاضر
المجهول : ايه التخاريف دي ، يا تقول انت مين يا انده للامن ، هما قالوا انك قريبي ، انت ابن مين
المجهول 2: لو عايز تعرف انا مين و ابقالك ايه لازم تيجي معايا
المجهول : أجي معاك فين انت اتجننت ، يا امن يا حرس تعالوا هنا دخلوني مش عايز زياره
المجهول 2: ابنك عايش
المجهول: صمت غريب ايه بتقول ايه ابني مين و عرفت منين انه عايش انا دافنه بايدي
المجهول 2:, انا اعرف عنك اكثر من نفسك يا رشيد يا هلالي
رشيد: انت عرفت اسمى ازاي ، انت مين و مين اللى باعتك
المجهول 2: انا ابراهيم رشيد الهلالي
رشيد: بصرخة ابراهيم ابني و غاب عن الوعي
حين استرد وعيه وجد نفسه في بيت فخم امام البحر نائم على سرير حريري و بيده محلول معلق
رشيد : انا فين ايه اللى جرالى ايه جابني هنا و بدا يصرخ بعجز
هرول ابراهيم لغرفته و أشار بيده للممرضة كي تخرج
ابراهيم: اهدا يا رشيد يا هلالي انت في بيتي
رشيد : انت صحيح ابراهيم ابني و لا بتتسلى بيا انا عايز افهم
ابراهيم: انا اه ابنك اللى دفنتوه و لا سالتوا عليه ، خدته اول جثة اتقدمت ليكم عشان ترضوا ضميركم و تكملوا حياتكم ، يا ترى عشتوا مبسوطين
رشيد : قرب مني يا ابني لو انت ابراهيم قولي انا كنت بسميك ايه و انت صغير الاسم دا كان سر بيني و بينك
ابراهيم و قد خارت قواه و جلس امامه على الكرسي
كنت دائما بتناديني بالقبطان و ده من وقت ما اشتريتلي لبس القبطان عشان ألبسه في مسرحية في مدرستي و لو عايز علامة جديدة ، رفع ابراهيم ملابسه عن دراعه فظهرت تلك الوحمة المعروف بها .
رشيد : ببكاء حار أشبه بالعويل يصرخ باسم ابنه و يحاول بكل عجزه ان يقترب منه ، كان آنذاك ابراهيم مطأطا الرأس لم يلاحظ تحركات والده الذي بدأ يزحف الى ان سقط من السرير
انتفض ابراهيم على اتر سماعه لارتطام قوي على الارض وجد اباه يزحف على يديه و دموعه إختلطت بسيل من الدماء من جبهته اثر السقطة لم يهتم بها رشيد و هو يحاول الوصول لابنه
ابراهيم: رغم تأثره و لكن شيء داخله يأمره بالجمود فكل هذا تمتيل ، انه عاجز الان لهذا يمثل الفرحة هكذا
مش كفاية تمثيل بقى يا هلالي شوف عورت نفسك ازاي
رشيد : و دموعه لازلت كشلالات: بمثل .. و امثل ليه انا لو قالولي زمان ادفع عمرك عشان تشوف ابنك ادفعها ، انت مش عارف انا عشت ايه من بعدك و حصل ايه
ابراهيم دون رأفة : حصلك ايه روحت سافرت كندا و عشت حياتك هناك لولا الحادثة مكنتش رجعت
رشيد : مش حقول لك غير تعالى اخدك فحضني و بعدين احكيلك على كل حاجة
ابراهيم: لا الاوبشن ده لسه مشغلتوش اصل انا عشت يتيم اب و ام يعني الاوبشن ده كان في وضع متجمد لمدة كبيرة بس تعالى حاخد فيك ثواب و ارجعك مكانك
و ما ان اراد ابراهيم الاقتراب من رشيد لرفعه عن الارض حتى تبادر لذهنه ماساته التي عاشها في الملجأ بسببهم فابعد كفيه و صاح غاضبا :
انتو ياللي برا تعالو هنا فورا
دخل دكتور و مساعدته يهرولون : نعم يا ابراهيم بيه
ابراهيم: شوفوا شغلكم
قام الدكتور برفع رشيد هو و مساعدته و عالج جروحه و ثبت المحلول مرة تانية و حقنه بمهدئ الذي جعله يغط في نوم عميق .
استفاق من سباته ليجد نفسه وحيدا مرة تانية ، اخد يصرخ و يصرخ و لكن لا مجيب اطاح بكل ما تطوله يداه يعول باسم ابنه و لكن لم يقابله الا صمت مخيف ، اجهد من كثر العويل فعاد للنوم مجبورا
في صباح اليوم الموالي ، وجد طاقم من الممرضين و المساعدين في خدمته و من ذلك اليوم لم يراه تانية يشعر بوجوده كل ليلة يجلس بجانبه يعاتبه ساعات ثم يبكي على حاله ساعات اخرى و في مرة سمع سؤاله ،
ابراهيم: انا عارف انك مش نايم عشان كدا خليك مغمض عنيك و اسمع سؤالي : ازاي قدرت تاخد عزايا و انا لسه على عايش ليه سيبتني ليها
و ما ان هم رشيد بالاجابة حتى تبخر ابراهيم من امامه و لم يجد مفرا من ان يكتب له و يشرح له لبس الموضوع و كيف قبل أن ياخد عزاء فلدة كبده الذي كان يعتبره متوفيا .
استفاق رشيد من ذكرياته على صوت الممرض يدعوه لبداية جلسة العلاج الطبيعي.
