رواية المطلقه الفصل التاسع عشر 19 بقلم حكاوي مسائية



رواية المطلقه 

الفصل التاسع عشر 19

بقلم حكاوي مسائية


الحق لو ضاع هل من الممكن أن يعود .

هل تحيي قطراتُ ندى زهرةً ذبلت بصهد النهار .

بل هل من حقها ان تعود الى الحياة وسط زهور انبثقت لتوها .

وهل يصدق الوعد يوما وتسعدني أيامي . 

-اقبليني زوجا يا حورية ،اعطنا فرصة لنحيى. 

-واهلك ،امك ،ابوك ،اعمامك هل سيقبلون لك مطلقة مرت على طلاقها سنوات .

-أهلي لا يتدخلون بحياتي ،يثقون في اختياراتي ،وفوق هذا يحبونك يا حورية .

-يحبونني نسيبة من بعيد ،أما إن تزوجت ابنهم فلا أظن ....

قاطعني غاضبا 

-دعي أفكارك السوداء ،لا تهتمي لرأي غير رأيي ،لو ارتاح قلبك لقرار نفذيه.

-وكيف اعرف انه القرار الصواب ؟

-ثقي في ،ثقي في حبي لك .

-حبك لي!!بهذه السرعة ؟بعد عشق عاش معك سنين !!!!

-مات ،مات ودفن ،لم اعش عاشقا كما توهمت ،عشت مريضا لا أدري أين علاجي ،حتى رأيتها ذليلة كما أذلتني ،نلت انتقامي دون أن أسعى اليه فخمدت ناري ،بل انطفأت .

-ماذا لو طلقت وعادت إليك .

-ماذا لو عادت طليقة مروان إليه ؟هل سيترك مريم ؟

-رأيت الحب بعينيه ،رأيت سعادته بها ،لهفته عليها وعلى غالية ،ورأيت خيبته في حبيبته ،لن يخذل قلبه مرتين ،لا.

-ولم تري حبي لك ،ولا عشقي ولهفتي عليك ،اتظنين قلبي رخيص لأقدمه لها مرتين ،حورية ،حورية ،منذ سمعت اسمك عشقتك ، ولما رأيتك عاهدت قلبي أن تكوني له وحده .

-اعطني مهلة لأفكر ،عقلي مشوش وقلبي خائف .

-عمري كله ،لن أمل وقدانتظرتك سنينا. 

نظرت اليه 

-لا تتعجبي ،كل سنين وحدتي كنت أبحث عنك ،لتسكني قلبي الخالي ،لتُحيي الأمل بداخلي وتعيدينني ابن العشرين مرة أخرى .

ضحكت 

-ضاع املك إذن ،كيف أقبل بك وقد عدت الى العشرين ،انا الآن أكبرك وهذا سبب كاف لأرفضك .

-سنشطب السنين العجاف التي مرت علينا معا ،سعودين صبية لم تعرف قبلي رجلا ،ولن تعرف بعدي .

-أما بعدك فقد صدقت ،لو جرحت منك انت أيضا لن تقوم لي قائمة .

-انسي ما كان قبلي حوريتي .

اغرورقت عيناي بالدموع .

كنت حورية جدي وأبي ،لم ينادياني إلا حوريتي ،عزاني نداء عمي بها ،ولكنها منه شكل آخر ،نغم مختلف .

-ما يبكيك حوريتي ؟

-ارجوك لا تقلها .

-بل انا من يحق لي قولها ،انت حوريتي دون الناس جميعا 

مد يديه يحضن يدي .

-دعيني انسيك ألمك ،دعيني أكون دواءك .

يكفي ،كلامه يضعفني ويدكُّ حصوني ،سأضعف واوافق  دون تفكير ،قمت واقفة 

-دعنا نذهب الآن ،غدا سأبدأ العمل صباحا ،وأحتاج للراحة .

وقف متأففا 

-كما تشاءين ،هيا بنا .

وقف بالسيارة امام الفيلا .

-تصبحين على خير .

-ألن تدخل ؟

-لا اخذت غرفة بفندق .

-كيف وبيت عمتك مفتوح ؟

-لما تعيشين معي ستعرفين السبب .

نظرت اليه ،كانت على شفتيه ابتسامة خبيثة لم افهم لها سببا .

تعال معي لأعطيك مفتاح الشقة وأدلك عليها .

اعطيته المفتاح ولما اردت ان ادله على العنوان قال 

-اعرف العنوان ،قضيت بها ليلة مع هشام .الى اللقاء 

اخذ يدي ووضع قبلة براحة كفي ،سرت بجسدي رعشة غريبة .

قصدت غرفتي ،مرهقة كأنني كنت افتت الصخر بمعول ثقيل،فاجأني وجود أمي بالصالون الصغير لجناحي .كانت ممددة على الأريكة وقد غلبها النعاس .

-ماما ،ماما قومي الى سريرك ،لماذا تنامين هنا .

-ها ،جئت اخيرا ،كنت انتظرك ،لم يهنأ لي بال فأنا اعرف ما يريده منك طارق.

-اذهبي إلى فراشك ماما ،يصبح ويفتح (تعبير مغربي معناه ،يصبح صبح جديد ويفتح الله فيه برحمته )

-ليس قبل ان تحكي لي ،لا أظنك ستنامين الآن .

-كما تشاءين .

حكيت لها ورأسي علئ صدرها ،رفعت رأسي انظر اليها لما طال صمتها ولم تعقب .فرأيت دموعها على خدها 

-ما بك ماما ؟

-ظلمتك حبيبتي لما تخليت عنك ووافقت أباك وجدك .

-ما كان بيدك شيء 

-بل كان بيدي ان أرفض قبل ان تعرفي بالأمر ،كان بيدي ان أطرد مروان من بيتي واحذر من تغيره المفاجئ ،كان بيدي ان أكلم عمك ليبعد ابنه عنك ،كان بيدي ان أكلم رحمة حتى لا تضحي بابنتي حبا في ابنها 

-كل ما تقولينه وسوسة شيطان ليحزنك ،ما كان امر من الله ،مكتوب ان أراه وأعيشه، وكذلك ما سيكون .

-اسمعي كلامه بقلبك ،واعطي لنفسك فرصة أخيرة ..

-هي فعلا فرصة أخيرة ،ولكنني أخشى فشلها ،خيبة أخرى ستقضي على ما بقي من روحي ،قد أعيش بعدها جسدا بلا روح ،نفسا بلا قلب ،امرأة بلا أمل ولا طموح .

-فكري مليا ،واستشيري من يعلم الغيب ،استخيري الله ،صلي وادعي ان يلهمك الله الصواب ،ويرشدك الى طريق النجاة .

-سأفعل يا ماما ،اذهبي الآن لترتاحي ،تصبحين على خير .

-حاولي أن تنامي ،دعي الأمر بيد الله ،هو سيدبره احسن مني ومنك .

-ونعم بالله .

حاولت ،ولكن النوم جافاني ،توضأت وتوجهت الى الله استخيره وادعوه ،استغفرت وحوقلت.

افقت احس بألم بجنبي وعنقي، يا إلهي لقد نمت على سجادة الصلاة !

كنت بمكتب قسم الولادة ،حين دعيت لأول ولادة هذا الصباح ،تعسرت قليلا ولكنها تمت بحمد الله ،فتاة في العشرين ،عربية الجمال ،خمرية اللون ،سوداء الشعر والعينين واسعتهما ، قائمة الأنف مكتنزة الشفتين ،متوسطة الطول ،انجبت بنتا لا تشبهها بتاتا ،من شعرها القليل يظهر انها ستكون شقراء ،ولما فتحت عينيها ظهر لونهما الأزرق الفيروزي الجميل .

-بنت ،وجميلة جدا ،مباركة عليك .

ابتسمت وخرجت منها ضحكة ساخرة .

-ابنة الحب ،أولاد الحب دائما جميلون .

-الحمد لله انكما زوجان وحبيبان. 

ادارت وجهها ،ومسحت دمعة هاربة .تجاهلت ما رأيت ،وربتت على كتفها قبل ان اتركها.

في المكتب ،قرأت ورقة دخولها ،جاءت وحدها ،وخانة الأب لا اسم فيها .

ذهبت إليها عصرا بعد ان أخذت قسطا من النوم وارتاحت من تعب المخاض والولادة .

-احكي لي ،قد أساعدك .

-إن أردت مساعدتي ،خلصيني من حياتي .

-ألهذه الدرجة يئست من الحياة وانت ما زلت صبية صغيرة .

-أضعت حقي في الحياة بيدي  لما قهرت امي ،وألبست إخوتي ثوب العار والذل في قريتنا.

-وأصدرت الحكم على نفسك بالإعدام ،وما حكمك على شريكك في الجريمة ،ام انك تبرئينه وتدينين نفسك فقط .

-لقد فعل ما فعل حبا في أهله ،وانا ساعدته بضعفي. 

-احكي لي ،لأفهم واستطيع مساعدتك.

-ماتت زوجة أخي تحت ضربه المبرح ،كان يتلذذ بتعذيبها ،ومهما صرخت واستنجدت لا منجد ولا منقذ ،حجتهم الا يتدخلوا بين زوجين ،ولكنهم يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة ،ولما تشتعل ناره التي يذكونها بحقدهم عليها ،وتقع فريسة غيرته يقولون لا شأن لنا ،زوج يؤدب زوجته .

-ولماذا كل هذا الحقد عليها ؟

-لأنها فاقت كل زوجات إخوتي جمالا ،وكان يعشقها، الغيرة اعمت أمي قبل أختيّ الاثنتين وقبل زوجات إخوتي الثلاثة ،رغم انهن جعلنها خادمة مهانة ،يتظاهرن بعكس ذلك عند عودة أزواجهن من العمل بالأرض ،وصبرت حبا في زوجها ،ولأنه كان ينسيها تعب يومها بأن يجعلها ملكة متوجة خلال ليلها ،كنت صديقتها وكانت تحكي لي كم يدللها ،ويحتويها، وكيف كان دفء حضنه ينسيها صقيع قسوة نسيباتها وحماتها ،ولكن الكره تمادى ،فزرعت والدتي بذرة الشك بقلبه ،لتسقيها كل واحدة بحكاية لزوجها حتى تصل عبره لأخيه ،وتحول العشق الى غيرة عمياء وشك لا يرحم ،وتبدل الحضن الدافئ بحِجر من اشواك ،وصبرت ،وذبلت ،وفي ليلة سوداء ،سمعتها تصرخ ،ورجوت أمي ان تنقذها ،فرفضت كعادتها، كنت أبكي لعذابها، حتى صمتت فجأة ،وبعد برهة خرج أخي مستنجدا بأمي ،وامي استنجدت بإخوتي ،ودخلت إليها خلسة لأجدها غارقة في دمها ،ورأسها مشروخ، صحت رعبا وألما ،فتلقيت صفعة أخرستني 

-اصمتي ،لا تلمي علينا الناس ،نريد ان نفكر في مخرج لأخيك .

هذا كل ما يهمهم ،مخرج لقاتل ،ورأيتهم كالمغيبة ،استدعوا أباها ،وادعوا انهم ضبطوها مع عشيقها الذي دفعها على رخامة الطاولة وهو يهرب .

رفض أن يصدق ،ولكن دهاء أمي غلبه

-يمكن ان نستدعي الدرك ،ولكنكم ستفضحون ،ابني فقد زوجته التي كان يعشقها ويدللها، وهو مصدوم ،السجن والبيت عنده سواء ،ولكن ابنتكم فضحتكم ومرغت شرفكم في الوحل ،وعندك بنات متزوجات واخريات ينتظرن العريس .

ختمت ببكاء زائف ،وشهدت زوجات إخوتي زورا ،فآثر الاب المسكين ان يدفن ابنته ويحتسبها عند الله .

-وكيف وصلت انت لما وصلت إليه، وما شأن المرحومة بحملك .

-رأيت أخاها في العزاء ،رأيتهم جميعا مكلومين، مظلومين ،ولأنني كنت احبها فقد كان حزني عليها بقدر حزنهم، وغضبي على أهلي بقدر غضبهم، ولأنني كنت إلى جانب اهلها ،لاحظت أن اخاها الأوسط يطيل الي النظر ،يشكرني بمناسبة او من غير مناسبة .تقرب الي ،وقبلت قربه ،وبدأت لقاءاتنا خلسة، نتحدث عنها ،وبعد ذلك عني وعنه ،وطلب أن يتزوجني ،فرفضت امي ،وحبستني ،ورفض إخوتي ،وأذلوني، أصبحت خادمتهم بعد الفقيدة ،أما زوجاتهم فقد أمسكن سكين القتيلة على رقابهم  ورقبة امي ،وأصبحت كل واحدة تأمر فتطاع، وتحينت الفرصة لأهرب اليه ،ولما فعلت ،اخذني الى اهله ،ودخل بي على ان يعقد علي بعد ان يذعن اهلي ،وانتظرت ان يذهب اليهم ،ولكنه لم يفعل ،وأصبحت عندهم خادمة ،وله عشيقة ،اظل وابات ذليلة ،ولما حبلت طردوني ،وخفت ان اذهب الى أمي ،فجئت الى المدينة أحمل عاري ،هذه حكايتي ،فكيف ستساعدينني .

-اولا ،حسب حكايتك ،فانت لم تلبسي إخوتك ثوب الذل ،بل لبسوه لما كتموا شهادة الحق ،فهم اليوم أذلة امام زوجاتهم قبل الناس ،أما والدتك ،فقد حكمت على نفسها بالقهر وهي تقهر كنتها غيرة وحقدا، فقدت امومتها يوم ساومت ابا على شرف وحياة ابنته،تخلت عن إنسانيتها لما قذفت محصنة كذبا وبهتانا، وأخوك يستحق حجرة تعذيب قبل حبل الإعدام .

-أخي أصبح بعدها كالأبله، يجلس شاردا لا يحس بما حوله .

-عقاب عاجل من الله ،ويبقى عقاب الآخرة .

-وما ذنبي انا ،اقسم انني كنت احبها ،وأساعدها على شغل البيت رغم امي ،وكنت أواسيها ،واحزن لحزنها ،لولا خوفي لكنت شهدت ضد اخي ،وبعدها أحببت أخاها ،وظننت انه أحبني ،لم أفكر انه ينوي أن ينتقم من اهلي في ،امي هددت بفضحهم وتلويث سمعتهم ،وانا فضحت نفسي ودنست شرفي فعلا ،وأصبحت مسبة لإخوتي. 

-ألا يوجد أمل أن يتزوجك ويعترف بابنته. 

-لا ،لقد،تزوج وأقام عرسا دعا له كل القرية، وحرص ان يروني ذليلة أخدم ضيوف عرسه ،يتهامسون عني وعن فضيحة أهلي، ثم اوضح لي سبب ما فعل بي قبل ان يطردني 

-أخوك قتل اختي بعد ان عذبتموها وهي صابرة ،ولتداري امك عنه اتهمت اختي في شرفها وتربيتها، عودي اليهم وقد فرطت في شرفك برغبتك ،وهربت مع رجل ووهبته جسدك في الحرام .

-ابنك برحمي .هل تتخلى عنه وعني .

-بذرة حرام في أرض عدو ،لا شأن لي به .

هذا ما قاله عن ابنته ،انها بذرة حرام في أرض عدو ،زرع شيطاني ،لا يريده ،فكيف اعيش وماذا سأقول لها لما تكبر .

-الحقيقة ،قولي لها الحقيقة ،لتعلم انك ضحية انتقام ،لتتعلم ألا تثق في الكلام وتنجرف معه ،لتعرف ان بين الأحبة قلوب غادرة ،حاسدة، ربيها لتكون قوية ،لتكبر على طاعة الله وحده ،ولا تصبر على الذل والإهانة، فالله الذي خلقنا اكرمنا ،فلماذا نقبل على أنفسنا ما لم يقبله الله لنا باسم الصبر ،لو لم يكن الطلاق حلا لما أحله الله ،لماذا لم تطلب عمتها الطلاق ،أكل هذا حب ،ومتى كان الحب ذلا والزواج خدمة وشقاء .

-كيف سأربيها ولا عمل ولا شهادة .

-ستربينها وسط إخوة لها ،وأخوات لك ،حتى يفتح الله لك بابا أفضل .

اخبرتها عن الميتم ،وانها قد تربي مع ابنتها أطفالا آخرين ،فقبلت، نويت بنفسي ألا أكلفها إلا بابنتها ،فهي صغيرة وقد تتزوج وتترك الميتم بعد ان يتعلق بها الأطفال .

عدت إلى البيت ،وهاتفت محاسب الميتم أخبره بأمر النزيلة الجديدة ،وأخذت حماما سريعا ،قبل ان اقصد ماما رحمة ،فكرت أن اخبرها عن طارق ،وآخذ رأيها ،كانت الأفكار تتضارب برأسي ،لعل ماما تريدني أن أتزوج طارق حبا في أسرة التقتها بعد فراق طال زمنا ،او ربما تريدني ان أنسى به تجربتي ،وبذلك أنسى من تسبب فيها ،وأسامح ،و ماما رحمة ،ماذا عنها ،لربما هي أيضا تريدني أن اتجاوز وانسى ،وقد رأت حب ابنها لمريم ،ربما ماعادت تهتم لأمري وقد عاد ابنها الى حضنها ،ولكنني مازلت أشعر بحبها الكبير لي ،مازلت أرى نظرة الأم بعينيها ،واستشف حنانها بحضنها .

كانت مريم بالحديقة تلاعب غالية وفؤاد ،استقبلتني مرحبة مبتسمة بحب 

-أهلا حورية ،اشتقت اليك أختي .

-لو اشتقت الي لجئت وقضيت معي بضعة أيام .

-والله كنت احب ان ازورك ،ولكنني ابقى مع الولدين طول اليوم ،وكم تمنيت أن ارافق ماما رحمة الى الميتم ولكنها ترفض ،وتقول ان علي الانتباه الى البيت والأولاد .

-مممم ،الأولاد فقط ،ام اب الأولاد ؟

-احمرت خجلا 

-مادمت قد خجلت ،ففي الأمر جديد ،احكي هل صارحك .

-نعم ،قال أنه يحبني ،وطلب يدي من أبي .

-وهل وافق ؟

-مازلنا ننتظر رده ،فقد زاد على طلب الزواج ،طلب مساعدته في المزرعة والسكن ببيت الرباع .

)الرباع فلاح مساعد ،وإذا أضاف نشاطا جديدا بالمزرعة يأخذ منه الربع )

-على بركة الله ،سيوافق لا محالة ،وقد رأى بعينه حبنا لك.

-وانت يا حورية ،ما رأيك ؟

-رأيي أن تريحي قلبك وقلبه ،تزوجيه وانسيا الماضي وانجبا اخا لغالية وفؤاد يقوي علاقتكما معا .

دخلت الى زوجة عمي ،ضمتها الحنون تشعرني بالأمان والثقة ،بعد عتاب عن طول غيبتي واعتذاري 

-أرى في عينيك كلاما يا حورية .

-جئتك أطلب نصيحتك .

-لشد ما تسعدني ثقتك بي حبيبتي .ماذا يؤرق حوريتي .

حكيت لها بالتفصيل الممل ،وهي تنصت باهتمام ،لا تفارق نظرتها محياي، ومنتبهة لكل حركاتي ونبرات صوتي .

-بم تنصحينني ماما رحمة ؟

-اتبعي قلبك حورية ،قلبك ارتاح له،لا تتركي الخوف من الفشل يكبل خطواتك ،انفضي عنك غبار الماضي لتشعي من جديد .

-وإن لم يكن كما يدعي ،إن كان يريد زوجة مكسورة يحركها كما يشاء .

-لا أظنه رأى فيك ضعفا او انكسارا، كلنا نراك قوية ،ومنا من يستمد منك قوته ،لقد تخطيت فشلا فرض عليك ،الصخرة التي كانت ستعرقل طريقك اعتليتها لتشرئبي بهامتك نحو المستقبل ،وهو كما قلت لم يعد شابا غرا ،بل قارب الاربعين او يعيشها ،إن أحب مرة فقد جرب اكثر من مرة ،ولو لم يجد فيك ما يجذبه لما كلف نفسه عناء طلبك ،لماذا تشكين انه احبك فعلا ؟

-لأنني لم اعرف الحب ،لم يتقدم لي رجل من قبل باسم الحب ،كان لكل واحد سبب وزنه بالعقل والمصلحة، لم يقل احد لنه أحبني ،ومن قالها وصدقته بحذر صدق حدسي وخذل ثقتي ،ماعدت اثق بالحب .

-بل لا تثقين بنفسك ،صفة المطلقة جعلتك تستكثرين ان يعشقك رجل صادق ،خوفك هيأ لك انهم كلهم خونة ،مدعون، كاذبون، ألم تسألي نفسك لماذا بقي طارق عازبا كل هذه السنين .

-وفاء لحب ضائع. 

-لا ،خوفا من فشل آخر ،من خذلان آخر ،من ادعاء وكذب ،مثلك تماما .

-الرجل لا يعيبه طلاق ولا علاقات قبل الزواج .

-بل يعيبه اكثر من المرأة ،رجل مزواج ،او كثير العلاقات يفقد ثقة الناس به .

-بماذا تنصحيني ماما رحمة .

-افتحي قلبك ،عيشي حياتك ،لقد ارسل الله لك رجلا مناسبا ،تعرفي عليه ،واكتشفي مشاعرك من جديد .

-اخاف ان يغتالها، عانيت ولم افتح قلبي ولا أحببت ،فكيف إن غدر بي وخان حبي .

-تكونين قد جربت الشعور بالحب ،عشت أياما من العشق لم تعرفيها إلا في رواياتك ،خضت تجربة الحب لا علاقة جسد فقط .

ثم لماذا تتوقعين الأسوء ،تفاءلوا بالخير تجدوه،لماذا لا تستبشرين بنور الأمل الذي شع بصباحك؟

قمت مودعة ،فضمتني بحب 

-سامحي أيامك وصالحي نفسك ،كما لا يدوم ظلام الليل ،سينجلي ظلام ليلك.

عدت وعقلي لا يهدأ ،هل أطرد خوفي ؟هل اتخلى عن حذري؟هل اجرب واتوقع الأسوأ،إن نجحت اهلا وإن فشلت فقد انتظرت ذلك ؟

ولماذا سأفشل، سأضع كل خبراتي وما تعلمته رهن نجاح خطوتي ،سأعامله بما يظهر لي واترك أمر قلبه لمن يعلم بخفاياه. نعم سأحاول .

كان بغرفة المعيشة ،ينتظرني برفقة امي .

-مساء الخير .

-مساء النور حبيبتي ،طارق ينتظرك منذ ساعة .

-اهلا وسهلا،طارق ببيت عمته .

-سأعد لكما شايا .

ذاك كان عذر امي لتتركنا وحدنا ،كان ينظر لي نظرة لم افهمها .

-كنت ببيت مروان ؟

-ببيت عمي ،اردت رؤية ماما رحمة .

-ألم تقابلي مروان هناك ؟

اعجبني إحساسي بغيرته علي ،ابتسمت 

-قابلت مريم ،سعيدة لأنه طلبها من أبيها ،سنحتفل بهما قريبا .

-ومتى نحتفل بنا ؟

نظرت اليه ،خفق قلبي للهفته بعينيه ينتظر جوابي 

-قريبا .

فرح كأنه طفل وعدته بلعبة 

-صحيح ،أخيرا يا حوريتي .

-لو قبلت شرطي .

-اقبله ،لو كان شرطك لتوافقي اقبله .

-عملي ،لن اتخلى عنه ،وكذلك الميتم .

دخلت ماما تحمل صينية الشاي 

-عملك نعم ،احتفظي به مادمت ناجحة به ،أما الميتم ،فالأمر صعب 

-وفيم صعوبته ماما ؟

-التفتي الى نفسك وحياتك ،انا وزوجة عمك كفيلتان بالميتم .

-سنعيش بطنجة ،كيف ستديرين الميتم من هناك ؟

-لا أدري ،اخاف ان ابتعد عن ماما وأسرتي ،اخاف ان ...

-لا تخافي ،لن تندمي ،تابعي اخبار الميتم عن بعد ،وعملك كمولدة سيكون بمشفى المدينة فقط وافقي لنستعد لعرسنا .

-لا،لا،لا ،لا أريد عرسا 

-ولماذا يا ابنتي ،من حقك ان تفرحي 

-ومن حقي أن أفرح بك ،من حقي أن أرى عروسي محمولة على الهودج بلباس الحناء الأخضر ،وان تزف لي بفستان ابيض.

متى آت للخطوبة مع أهلي يا عمتي ؟

-سأحدد لك موعدا بعد ان أكلم عمها وهشام .

-فليكن قريبا عمتي ،لقد انتظرتها طويلا .

ضحكت امي بسعادة 

-المهم ان تحافظ عليها .

تسللت خارجة ، كنت كمن تشاهد مشهدا على شاشة ، كأن كلامهما لا يعنيني وليس بأمر يخصني ،عدت الى الواقع على لمسة يده ،يأخذ يدي بين كفيه.

-مابك حوريتي؟

كأنني أكلم نفسي ،نظرتي تائهة .

-خائفة.

-مماذا ؟

-منك ،من الزواج 

-لا تخافي مني ،مستحيل ان أوذيك ،كيف أوذي روحي،وزواجنا سيكون إطارا يُحِلُّ حبنا .

-حبنا ؟هل تحبني فعلا ام..

-بل أعشقك ،اسألي قلبك وسيخبرك انه احس بحبي ،ثقي بي حوريتي فلن أخذلك.

-سأثق بك ،سأخطو نحوك واأتمنك على سعادتي .

-لن تندمي ،لن تندمي حوريتي .

مرة اخرى قبل باطن يدي وخرج


        الفصل العشرين من هنا 

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا

تعليقات



<>