رواية عروستي ميكانيكي الفصل السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون بقلم سما نور الدين


 رواية عروستي ميكانيكي
 الفصل  السادس والثلاثون والسابع والثلاثون والثامن والثلاثون
 بقلم سما نور الدين



..تعالت الصرخات والشهقات ممن حولها عندما شاهدوا ماحدث ولأول مرة بالنادي.. 
..تكتفت ايمان وهي تنظر لهما بجمود وهما يصرخان ويحاولان التشبث ببعضهما او بحافة المسبح ..
..التف حولها بضعة من السيدات وأخذن يتسآلن بذعر وصوت عال وبذهول واضح على ملامحهم ..
.."..oh my god..انتي ايه اللي عملتيه دا .."..
..تخصرت ايمان وهي تقول بقوة لإحدى السيدات..
.."..يالا اهم اخدوا نصيبهم ياحجة.. عشان يحرموا يجيبوا سيرة عمتي تاني بالغلط ..لأ ومن بجاحتهم ياأبلة حاطين عينيهم ع الجدع الكبير .."..
..نظرت لها السيدة بتعجب وهي تضع كفها فوق فاهها بعيني متسعة تنتقل بينها وبين هاتان الغارقتان...
..وبنهاية المسبح من الناحية المعاكسة شعرت زهرة ببعض القلق عندما وصل لاذنها همهمات واصوات عالية وهي تعوم فرفعت رأسها لترى مايحدث ..التفت برأيها يمينا ويسارا فاتسعت عينيها وهي ترى ايمان واقفة بعيدا عند حافة المسبح وحولها السيدات والفتيات منهم من يلوحون لها بايديهم  ومنهم من يضع كفه فوق فاهه مذهولا ومنهم من يضحك شامتا فيما حدث للسيدتين..دققت النظر اكثر لترى اثنتنان يحاولان الصعود من المسبح ولكنهما كانا بملابسهما ..شهقت عندما شعرت بان صاحبة تلك المصيبة هي ابنة اخيها لامحالة ..فأسرعت بالعودة عوما ناحية تلك التي تقف كالشجرة العتيقة بعناد وقوة امام تلك الاعاصير حولها ..
..خرجت زهرة من حوض السباحة بخطوات حاولت ان تكون سريعة دون ان تنزلق واتجهت ناحية ايمان التي تميل بجذعها ناحية السيدتان الغارقتان بملابسهما وتصيح..
.."..عشان تحرموا ..مش عيب لما ستات كبيرة كدة وتقعدوا تقطعوا في فروة غيركوا.."..
..ذاد عدد الحاضرات حول الحوض والسيدتان تصرخان بإيمان ونعتها بالجنون وتهديدها بالسجن ..
..امسكت زهرة بكتفي ايمان لتقف بقبالتها وصاحت بها ..
.."..ايه اللي حصل ..انتي عملتي ايه .."..
..كان الجميع حولها يصيحون في نفس اللحظة حتى حضرت الموظفة المسئولة ووقفت بقبالة زهرة لتبلغها بضرورة تواجدها هي ومن معها بغرفة المدير المسئول ..
..كان ابراهيم في ذاك الوقت باجتماع صغير مع مراد وأحد موظفي الشركة يناقشون امر الصفقة الجديدة ..صدح رنين هاتفه والذي كان سببه هو اتصال عمته زهرة به..وما ان أجاب حتى سمع صوت عمته وهي تقول بصوت جاد قوي ..
.."..تروح على البيت تجيب جدك وتيجي حالا على النادي ..انا ومراتك هتلاقينا في غرفة المدير المسئول ..بسرعة ياابراهيم .."..
..هب ابراهيم ليقف مسرعا وهو يقول بلهفة وقلق..
.."..ايه اللي حصل ياعمتي ..انتي وايمان كويسين .."..
..اغلقت زهرة الهاتف وهي تجيب بكلمتين فقط..
.."..لما تيجي هتعرف.."..
..ظهر القلق جليا على وجه مراد الذي وقف بدوره وهو يتساءل..
.."..ايه ..في ايه ياابراهيم.."..
..اسرع ابراهيم ناحية الباب وهو يقول بصوت يشوبه الكثير من القلق..
.."..مش عارف ..خليك هنا .."..
..خرج ابراهيم مسرعا ووضع الهاتف فوق اذنه وما ان اجاب الطرف الثاني قال ابراهيم ..
.."..ايوة ياإمام ..في خلال ربع ساعة توصل جدي ع النادي ..انا هقابلك هناك.. "..
..اغلق الهاتف ليتصل بجده ليكون على علم بالامر ..
..ساعة واحدة وكانت غرفة مدير النادي مكتظة بكل من ايمان التي تجلس ملتصقة بعمتها فوق الاريكة والتي تهرب بعينيها من عيني ابراهيم الذي يقف وسط جده العجوز ومجموعة من الرجال يتحدث معهم بمنتهى الجدية والصرامة ويتخلل حديثه نظرات نارية مختلسة لزوجته التي يعلم جيدا ان نهاية تلك العائلة سوف تكون على يديها ..
..اما السيدتان المعنيتان بالامر كانتا تجلسان وكل واحدة منهما مشعثة الشعر ووجهيهما ملطختان بالوان غريبة يلفان جسديهما بمنشفة كبيرة..ينظران باعين متسعة مذعورة لتلك التي تنطر اليهما بتوعد وتشير باصبعها حول رقبتها من اليمين لليسار وكانه تهديدا بالقتل وقطع رقبتهما ..لمحت زهرة نظرة الرعب بعيني السيدتين وهما ينظران لايمان ..فالتفتت لايمان التي تتوعدهما بإيمائتها واشارة من يديها ..فهتفت العمة بصوت خافت ولكن قوي..
.."..بنت ..وبعدين معاكي ..مش مكفيكي الفضيحةاللي حصلت .."..
..اعتدلت ايمان بجلستها واجابت بصوت خافت ايضا..
.."..كنت عايزاني اعمل ايه ياعمتي ..اسمع كلامهم عليكي واسكت ..عارفة الولية اللي شبه دريكسيون العربية دي ..كانت نازلة نق عليكي ..والولية التانية اللي شبه الفتيس دي جابت سيرة الحج كمال ..شكلها كدة حاطة عينها عليه وعايزة تلطشه منك.."..
..طغى شعور الانثى الغاضبة الغيور بزهرة فالتفتت براسها مسرعة ناحية تلك السيدة لتجدها تزدرد ريقها بصعوبة وتهرب بعينيها بعيدا عن مرمى نظرات زهرة القاتلة ..
..اقترب ابراهيم من عمته واشار لها بيده وهو يقول بصوت جامد كملامح وجهه..
.."..يالا ياعمتي هنمشي .."..
..وقفت زهرة وتسائلت ..
.."..يعني مافيش محضر ولا بوليس هييجي.."..
..هز ابراهيم رأسه بالرفض وهو ينظر شزرا لزوجته ويقول بغيظ من بين اسنانه..
.."..لا ياعمتي ..جدي خلص المشكلة ..هقولك على كل حاجة في البيت ..يالا بينا .."..
..اشار ابراهيم لزوجته وقال بصوت غاضب خافت وبحروف ثقيلة..
.."..اتفضلي.. ياهانم.."..
..وقفت ايمان وتأبطت بذراع عمتها وقالت بصوت مرتعب بعض الشيء ..
.."..ما انا هتفضل طبعا ..بس هتفضل مع عمتي.."..
..اقترب منها وهو يتوعدها بقوله..
.."..خايفة وبتتحامي في عمتك ..عجبك اللي حصل..حسابك معايا في البيت.."..
..وقفت قبالته بتحدي وقالت بصوت قوي مسموع..
.."..انا مش خايفة ولا مكسوفة من اللي عملته ولو حصل تاني قدامي هعمل اكتر من كدة .."..
..نظرت ايمان للسيدتان واستطردت قولها بصوت حاد وهي تشير لهما بأصبعها..
.."..مش زهرة هانم اللي تتكلموا عنها كدة ..واقسم بعزة وجلال الله لو حصل وشوفت وشكوا تاني ..تبقى واحدة منكم بس تتجرأ وتجيب سيرة عمتي تاني ساعتها لهرميكوا في الحمام بس ايه... سوليطي موليطي..سلبوتة يعني  .."..
..تعالت الشهقات والهمهمات المستنكرة..فصاح الجد بغضب ..
.."..بنت اتأدبي واقفلي بوقك ..خد مراتك ياابراهيم واخرج .."..
..امسك ابراهيم بذراع زوجته التي تعجبت من صراخ جدها الغاضب بها ولاول مرة..سحبها ابراهيم ورائه وهو يزفر بضيق ..
..وعند سيارته فتح الباب واشار له وقال بعصبية دون ان ينظر اليها ..
.."..اتفضلي اركبي.."..
..ذمت شفتيها وانصاعت لأمره..اغلق ابراهيم الباب بقوة جعلها تنتفض بمكانها ..تكتفت بذراعيها والتفتت لنافذتها تحدق بالطريق عبر غلالة رقيقة اغرورقت بها عينيها..
..كان ابراهيم اثناء قيادته يختلس نظرات جانبية لتلك الصامتة التي تحدق بالطريق..
قال بصوت حاول ان يكون هادئا..
.."..بعد دا كله وانتي اللي زعلانة .."..
..رفعت يدها مسرعة لتمسح دمعاتها وهي تقول بصوت خافت حزين دون ان تلتفت اليه ..
.."..اول مرة جدي يزعقلي كدة.. وكمان قدام الناس.."..    
..شعر بغصة تخنق حلقه عندما سمع نبرة صوتها الحزينة ولكنه اجابها ..
.."..اومال عايزاه يعمل ايه بعد اللي عملتيه وقولتيه ..يصقفلك ويقولك برافو ياحفيدتي .."..
..التفتت براسها بحدة وصاحت ..
.."..انا معملتش حاجة غلط ..اتنين ستات وجابوا سيرة عمتي بالغلط ..كنت عايزني اسمعهم واسكت .."...
..زفر ابراهيم وقال..
.."..انا مقولتش كدة..كان ممكن تتعاملي معاهم بطريقة تانية..تتكلمي معاهم ..مش تسحبيهم من قفاهم وترميهم في حمام السباحة ..تخيلي ان ازواج الستات اللي رميتيهم دول كان ممكن يعملوا ايه ويصعدوا الموقف ازاي ..لولا جدك سوى معاهم الموقف واتعاقد معاهم بعقود شغل كانوا يتمنوا يقابلوا جدك عشانها من مدة طويلة.."..
..اعتدلت بجلستها وقالت بصوت عال وهي تنظر امامها ..
.."..في ناس مينفعش معاهم كلام.. وكمان حتى لو الموضوع وصل للقسم ولا كان هيمني .."..
..ضرب ابراهيم مقود السيارة بيده وهو يقول بغضب..
.."..لكن يهمني انا ويهم جدك ..ولازم يهمك بعد كدة لانك حفيدة حافظ بيه سالم ومرات ابراهيم سالم ..ناس ليهم سمعة واسم لازم تحافظي عليها ..فاهمة .."..
..رمشت عدة مرات وهي تنظر له بحزن وعتب وقالت بصوت خافت..
.."..فاهمة.."..
..فرك ابراهيم جبينه بقوة فقد فاض به الكيل واصبح في حيرة من امره ..يتساءل بينه وبين نفسه كيف يتفاهم معها دون ان يجرحها او يؤلمها ..فألمها يوجع قلبه الذي فاض بحبها...حاول ان يمد اصابعه لكي يلمس كفها المفرود فوق فخذها ...كان يظن انها سترفض لمسته ولكنه تفاجئ بمجاوبتها معه ..فامسك كفها بقوة  لكي تهدأ وتطمئن بانه معها بكل الاحوال..
..اغمضت عينيها عند احساسها بلمساته الرقيقة بعد نوبة غضبه فلم تستطع الا ان تسترجع كلمات تلك السيدتان عن عمتها ..فقالت بصوت هادئ وهي تنظر لجانب وجهه ..
.."..ياابراهيم انت مسمعتش قالوا عنها ايه ..جابوا سيرة اللي عملته مع جوزها الله يرحمه ..وانها زي ماتكون مجنونة ولا ايه وانها بتتعالج عند دكتور نفساوي .."..
..نظرت اليه واستطردت قولها وتساءلت بلهفة..
.."..هي عمتي صحيح تعبانة ياابراهيم وبتتعالج ..وايه حكاية جوزها دي .."..
..اغمض ابراهيم عينيه وتنهد قائلا وهو مازال يمسك بيدها ..
..".. اطمني ياايمان ..عمتك كويسة ..والمواضيع اللي بتسالي عنها دي ..ابقي اتكلمي فيها معاها هي ..اوكي..وياريت تدعي ربنا اننا نوصل قبل جدك عشان ناوي كدة انه يعلقك.. "..
..اتسعت عينيها وهتفت به ..
.."..يالهوي ...وانت هتسيبه يعلقني .."..
..ابتسم ساخرا وقال..
.."..لا طبعا ..بس هساعده من قلبي واعلقك معاه.."..
..نفضت كف يده المتشابكة اصابعه بأصابعها وتكتفت وهي تنظر لجانب الطريق ..ليصل لأذانها صوت ضحكاته العالية..
..وعند باب الفيلا وقفت ايمان فوق درجات السلم متأففة وهي تنظر للسيارة الخاصة بجدها المركونة امامها وقالت ..
.."..منك لله يااسطى إمام ..سبقتنا ياخويا وجيت الاول .."..
..انتبهت لذاك الواقف محنيا بجذعه للأمام ويقول بطريقة مسرحية ..
.."..اتفضلي ياانسة ..جدك منتظرك على أحر من الجمر.."..
..رفعت ايمان راسها لأعلى وبدات تصعد درجات السلم المتبقية وقالت بعد ان التوت شفتيها جانبا غيظا من زوجها الساخر..
.."..الدنيا مش حر على فكرة ..وجدي بيحبني ومش هيعملي حاجة ..بلا جمر بلا قرن..وسع كدة عشان ادخل.."..
..تجاوزته فاستقام ابراهيم وهو يقول متهكما ..
.."..هنشوف يابنت عمي .."..
..دلفت ايمان للداخل لتجد من  يجلس منتطرا اياها فوق كرسيه المتحرك ونظره لا يحيده عن الباب التي دخلت منه..ابتلعت ريقها بصعوبة وتراجعت خطوتين للوراء ليرتطم ظهرها بصدر ابراهيم الذي قال بصوت خافت به يشوبه الكثير من المرح..
.."..ايه ياشجاعة ماتتفضلي .."..
..امسكت ايمان بكف يده وقالت هامسة بخوف ..
.."..ورحمة ابوك ياشيخ ماتسيبني..انت مش شايف شكله وهو مستنيني عامل ازاي.."..
..همس مستمتعا بجانب اذنها وهو يحاوط خصرها ..
.."..احسن ..تستاهلي.."..
..شعرت ايمان بالغيظ فلمعت براسها فكرة ان تتجه ناحية جدها وتلوح بيدها أمامه وتغني قائلة ..
..*.. اول ماسحبت حزامي ..بقوا يتنططوا قدامي ..* ..
.. ولكنها تراجعت عن تلك الفكرة وتستبدلها بأخرى شيطانية فاسرعت بتنفيذها فورا بتخبئة وجهها بكفيها وهي تعلو بصوت بكائها وتسرع بخطواتها نحو جدها وتصيح ..
.."..بقى كدة ياجدي ..تخليه يعمل فيا كدة .."..
..تسمر ابراهيم مكانه فاغر الفاه متسع العينان وهو يستمع لتلك التي رمت بنفسها فوق ارجل جدها الجالس بكرسيه المتحرك ..ليسمع صوتها وهي ترفع راسها وبصوت باكي مبحوح تهتف ودموعها تغرق وجهها..
.."..انا عارفة ياجدي اني غلطت..بس يعني مش لدرجة انك تخلي ابن عمي يعمل فيا كدة ..هو انا عملت ايه يعني ..انا كنت بدافع عن عمتي حبيبتي.."..
..رمت بوجهها فوق ارجل جدها الذي تغيرت ملامح وجهه من النقيض للنقيض ..فاخذ يمسد فوق راسها وهو ينظر شزرا لحفيده ابراهيم ويقول بصوت غاضب..
.."..انت عملتلها ايه يا ولد ..انا قلتلك توصلها لهنا ..مش تزعلها بالطريقة دي .."..
..تفاجا ابراهيم بحالة الخرس التي انتابته فلم يجد مايدافع به عن نفسه وهو ينتقل بعينيه بين تلك الباكية وجده الغاضب ..ليجد عمته زهرة تهدر غضبا وهي تجلس ارضا على ركبتيها بجانب ايمان تمسد فوق ظهرها لتهدئتها ..
.."..حبيبتي اهدي ..اهدي ..حقك انا هاخده من الولد دا. "..
..وما كاد ان ينطق ابراهيم حتي انتفضت ايمان واقفة وهي تهتف ببكاء مصطنع ..
.."..هو انا عشان ابويا ميت تخليه ياجدي يعمل فيا كدة ..انا ..انا طالعة اوضتي ..ومش عايزة حد فيكم ليه دعوة بيا ..سلامو عليكو.."..
..هرولت بخطوات واسعة ناحية السلم ترتقي درجتين بخطوة واحدة حتى اختفت عن انظار الجميع ليهمس ابراهيم بصوت مسموع ..
.."..يا بنت ال ........."... 
..صاح الجد بصوت عال ..
.."..ولد ..اتأدب.."..
..لوح ابراهيم بيده وهتف بغيظ ..
.."..ياجدي والله العظيم ماعملتلها حاجة ..دي بتمثل عشان كانت خايفة من عقابك ع اللي عملته في النادي.."..
..ابتسم الجد وقال بصوت هادئ وهو يشبك اصابع كلتا كفيه ببعضهما..
.."..ايوة عارف ..وكويس انها عملت كدة..لان بصراحة مكانش قلبي مطاوعني ازعلها .."..
..اغتاظ ابراهيم وقال من بين اسنانه..
.."..بقى كدة ..ماااشي ياجدي ..حضرتك تدلعها وانا اللي اشربها في الاخر...انا دلوقتي هطلع اكسر دماغها .."..
..ضحك الجد وقال وهو يحرك كرسيه بيده ناحية غرفته ..
.."..اه طبعا..اطلع وريني هتقدر تعملها ايه.."..
..اسرع ابراهيم بخطواته ناحية السلم واسنانه تصطك غيظا من صوت ضحكات جده وعمته..
..وقف ابراهيم أمام باب غرفتها ورفع قبضته يدق بها فوق سطحه بقوة وهو يقول ..
.."..افتحي الباب .."..
..كانت ايمان تعلم مسبقا انه سوف ياتي فاحكمت اغلاق بابها ووقفت تستند بظهرها فوقه ..واسرعت بقولها ..
.."..لا مش فاتحة..واتفضل على اوضتك ياباشا وخلي الليلة تعدي على خير.."..
..ضرب الباب بقوة وهو يهتف بغضب..
.."..هتبقى ليلة سودا على دماغك..افتحي الباب بدل مااكسره وبعدين هكسرك انتي شخصيا .."..
..التصقت اكثر بالباب وهدرت به..
.."..يعني انت فاكر لما تقولي كدة هفتح ..طب مش فاتحة .."..
..التفت ابراهيم حول نفسه وهو يزأر بغضب ويلوح بيديه في الهواء مانعا نفسه من الصياح بصوت عال...وبعد دقيقة تسمر امام الباب يضم قبضتيه بقوة واخذ يتنفس بروية شيئا فشيئا حتى يستعيد ثباته الذي تبعثر من الغضب والغيظ ثم قال بهدوء..
.."..افتحي الباب ياايمان ومتخافيش مش هعملك حاجة .."..
..استدارت لتقف بقبالة الباب وقالت بصوت قوي..
.."..طب احلف .."..
..من بين اسنانه قال ..
.."..والله ماهعملك حاجة ..ااافتحي.."..
..اجابته مسرعة ..
.."..هفتح بس فسح شوية من قدام الباب ..". 
..قطب ابراهيم جبينه وردد..
.."..فسح ..ايه افسح دي.."..
..ذمت شفتيها وتنهدت بضيق وقالت ..
.."..يعني ارجع ورا شوية ..وانا هفتح..وبعدين ادخل ..فهمت .."..
..ارتعشت وجنتيه بغيظ وهو يقول بصوت خافت..
.."..فهمت ..حاااضر .."..
..اخرجت ايمان المفتاح من الباب لتنظر من خلال ذاك الثقب الصغير لتجد ابراهيم يتراجع للوراء خطوتين ببطئ شديد..
..وضعت المفتاح مرة اخرى وادارته لينفتح الباب ثم جرت مسرعة تجلس فوق اريكتها الصغيرة القابعة عند نهاية غرفتها ..
..وما ان سمع ابراهيم صوت المفتاح بالباب حتى اسرع بوضع يده فوق مقبضه ليفتح الباب على مصراعيه باحثا بعينيه عن زوجته الماكرة..ليجدها تجلس القرفصاء فوق اريكتها ..اتجه اليها مسرعا بوجه ترتسم بملامحه علامات الغضب الشديد ..فرفعت اصبعها وهي تقول بخوف..
.."..انت حلفت بالله ماهتعملي حاجة .."..
..زأر بصوت عال وهو يرفع ذراعيه عاليا ويلف حول نفسه.. اغمضت عينيها وانكمشت بجسدها وهي تضع كفيها فوق اذنها خوفا من ذاك الصوت العال..وماهي الا لحظة لتشعر بمن يجلس بجانبها..فتحت عين واحدة لتنظر اليه وهو يحدق بها ويقول ..
.."..عشان تهربي من عقاب جدك ..تورطيني انا قدامه .."..
..ببطئ اعتدلت بجلستها واجابته ..
.."..انت راجل تستحمل ..انا لا ..عشان انا لما حد حبيبي زي جدي كدة مثلا بيكون زعلان مني مابستحملش وتلاقيني سحيت على طول.."..
..لم يكن ابراهيم تخلص من حالة الغيظ التي انتابته فضاقت عينيه وقال ..
.."..حد حبيبك .."..
..نظرت اليه وبملامح طفولية هزت راسها بالايجاب ..فحارب الابتسامة التي الحت ان تظهر فوق شفتيه وهو يقول بعد ان اشار لنفسه..
..".. حبيبك زيي مثلا .."..
..تخضبت وجنتيها باللون الاحمر وفركت طرفي بنطالها باصابعها وهي تهرب بعينيه بعيدا عن وجهه ..ولكنها انتفضت من مكانها عندما هب ابراهيم واقفا ضاربا جانبي ارجله بكفيه ..فهمست بداخلها ..
.."..سلاما قولا من رب رحيم .....هو ملبوس ولا ايه.."..
..التزمت الصمت واخذت تختلس نظرات جانبية وهي تدعو بداخلها ان يهدأ بينما هو كان يبدو انه يتحدث مع نفسه اثناء سيره بالغرفة ذهابا وايابا..
..توقف فجاة امامها واشار اليها بأصبعه وهو يقول بصوت يحاول بشق الانفس ان يكون هادئا..
.."..ايمان ..بعد الكارثة اللي حصلت في النادي ..لازم تسمعي التعليمات اللي هقولها دلوقتي وتنفذ............"..
..توقف عن استرساله بالحديث عندما رفعت اصبعها تطلب الاذن بالحديث ..شعر بغصة تخنق حلقه عندما رأى الحزن والانكسار بعينيها ....زفر بضيق من نفسه وهو يقول ..
.."..نعم ..عايزة تقولي ايه.."..
..انزلت يدها وبملامح وجه يبدو عليها الحيرة والتساؤل قالت بصوت هادئ حزين ..
.."..هو انت هتحاسبني دلوقتي.. ولا هتبدا تعلمني.."..
..تخصر وهو يحاول ان يكبح شبح ابتسامة تريد ان تفارش وجهه وقال..
.."..لا ياستي مش هاحاسبك على حاجة ..انا بس هقولك شوية تعليمات ..ممكن.."..
..هزت راسها وهي تنظر اليه ورفعت اصبعها مرة اخرى للتنبيه قائلة..
.."..لو هنقضيها تعليم ..يبقى ماشي..بس خلي بالك انا حافظة الف بيه...عشان يعني ماتبتديش من الاول ..انا بس بنبهك.."..
..ابتسم وهي يتكتف بذراعيه وقال بصوت قوي ..
.."..ماشي ياستي ..ياريت بقى ماتقاطعنيش تاني .."..
..هزت كتفها وهي تقول ..
.."..الحق عليا اني بنبهك ..بدل الهارية والناكتة.."..
..تقطب جبينه وهو يتسائل ..
.."..ايه... يعني ايه الهركة والباركة دي.."..
..جلست القرفصاء فوق الاريكة بعد شعورها ببعض الراحة وهي تقول بذهول ..
.."..ايه دااا ..انت متعرفهمش .."..
..هز راسه وهو يقول بغيظ ..
.."..لا والله محصليش الشرف .."..
..رفعت كف يدها وحركت اصابعها وهي تقول ..
.."..طب تعال تعال وانا هحكيلك على حكايتهم.."..
..كانت امامه كقطعة حلوى شهية وهي تتحدث وتتحرك بتلك العفوية فانصاع لأمرها واتجه اليها ليجلس القرفصاء قبالتها وهو يقول ..
.."..اديني قعدت اتفضلي احكي .."..
..ابتسمت بطفولية وهي تعتدل بجلستها ممسكة بساقيها وقالت..
.."..بص ياسيدي ولا ستك الا انا...اول هام ...صلي على النبي .."..
..اجابها مستسلما..
.."..عليه افضل الصلاة والسلام .."..
..ابتسمت وهي تقول باريحية ..
.."..كان يا ما كان..ياسعد يااكرام ....."..
..توقفت عن الحديث عندما اشار لها بكف يده وهو يقول ..
.."..انتي هتحكيلي حدوتة ياايمان..وبعدين اسمها ياسادة ياكرام ..مش سعد واكرام بتوعك دول ..وخلينا بقى نتكلم جد شوية.."..
..ذمت شفتيها بطريقة طفولية وقالت ..
.."..نتكلم.."..
..امسك بكفيها بين راحتي يديه وقال ..
.."..ايمان ..لازم تحكمي عقلك قبل اي تصرف ..خصوصا قدام الناس ..يعني قبل ما تتصرفي بإيدك لازم تفكري التصرف دا ممكن تكون ايه نتيجته..اعتقد انه كلام مفهوم "..
..هزت رأسها بالايجاب وهي تقول ..
.."..وانا كمان بتعقد زيك بالظبط ..اخر مرة .."..
..اصدر ضحكة خافتة وهو يقترب منها اكثر ويقول ..
.."....بكرة تيجي معايا الشركة عشان تستلمي شغلك الجديد ..وهيكون حاجة بتحبيها وتفهمي فيها.."..
..اتسعت عينيها بذهول وتعجب واسرعت بقولها بحماس ..
.."..هتخليني اصلح عربيات الناس اللي في الشركة.."..
..امتعض وجهه وشد من قبضته على يديها وقال بغضب وغيظ..
.."..ايمااان ..بقى انا هخلي مراتي تصلح عربيات ...هخليكي مسئولة عن قسم المشروعات الصناعية بالشركة تحت ادارة الباشمهندس رأفت ..فهمتي.."..
..التوت شفتيها وهي تقول ..
.."..بص انا مش هفهم حاجة غير لما اقعد مع رأفت هندسة ونشوف الدنيا فيها ايه..أمين ياباشا.."..
..هز ابراهيم راسه التي مال بها ناحية وجهها وقال وهو يهمس امام شفتيها..
.."..امين ياقلب الباشا.."..
..اسرعت بنفض يديه وهبت واقفة وقالت بتلعثم ..
.."..انا عايزة منك خدمة انسانية كدة .."..
..وقف بقبالتها وردد ..
.."..خدمة انسانية..لمين .."..
..امسكت بطرفي سترته وهي تقول ..
.."..انا عايزة نتكفل بمصاريف جوازة اسطى اؤمؤم بعيشة بنت الست فاطمة من طقطق لسلامو عليكو..ايه رأيك.."..
..اخفض وجهه ينظر لاصابعها التي تتلاعب بسترته وقال بغيظ متهكما..
..".. يادي اسطى اؤموم وزفت.. اسمه إمام.. بس هو مش من باب اولى انك تهتمي بجوازنا احنا الاول ..ع العموم حاضر ولو تحبي نعمل فرحهم في جنينة الفيلا كمان مافيش مانع ..لا جدي ولا عمتي هيعترضوا .."..
..صفقت بإبتهاج وهي تنظر لعينيه التي تلتهمها بوضوح ..فاطلقت لمشاعرها العنان وسمحت لنفسها ان تضع كلتا كفيها فوق صدره وهي تقترب منه اكثر وقالت بنبرة صوت ناعمة لم تكن تعرف انها تملكها..
..وبتلعثم يشوبه الكثير من الخجل..
.."..ابراهيم ..انا..انا بصراحة كدة اطمنت ومبقاتش اخاف ..و...و...وبقيت عايزة اتجوزك.."..
..التمعت عيني ابراهيم واشتعلت الحماسة بقلبه الذي ارتاح اخيرا فصاح بعلو صوته وهو يحملها بين ذراعيه متجها نحو الفراش ..
.."..هو دا الكلام المظبوط ..انتي تؤمري حبيبتي وانا عليا التنفيذ.."..
..صرخت بصوت عال واخذت تضرب الهواء بقدميها وهي تصيح ..
.."..ابراهيم ..لا ...مقصدتش ياجدع انت اللي في بالك دا ..نزلني ..بقولك نزلني.."..
..بجانب الفراش انزلها متعجبا ولكن الابتسامة كانت ماتزال مرتسمة فوق شفتيه وهو يقول بصوت اجش ..
.."..انتي مجنونة يابت انتي ..مش لسة من ثانية طلبتي مني انك تتجوزيني .."..
..ضربته فوق صدره بقوة واهية وهي تقول بغيظ..
.."..هو دا اللي فهمته من كلامي ..قلة الادب وبس ..ايه ماصدقت .."..
..حاوط خصرها بذراعيه القوية ليضمها الى صدره وهو يقول بصوت خافت قوي وهو يهز جسدها بالكامل ..
.."..ماهو طلبك مايتفهمش غير كدة ..ما تيجي نقل ادبنا على بعض يامنيتي.."..
..تلون كامل وجهها بالاحمرار واجابته بتلعثم وعينيها تهرب من عينيه لترتكز على تفاحة ادم البارزة بعنقه..
.."..ابراهيم وبعدين يعني في كلامك دا ..الصبر ياعم الحج..انا قصدي اننا نعمل فرح كبير والبس فستان ابيض منفوووش ..واعزم كل الناس اللي بنحبها..ورقص وغنى واكل فخيم ..وبعدين نيجي هنا ..وترفع الطرحة وتبوسني هن......"..
..كانت الفرحة بكلماتها البسيطة تزيد قلبه اشتعالا وعند كلمة ..تبوسني ..لم يستطع ان يصبر لنهاية حديثها وقام بتقبيلها بل قام ببث كافة مشاعره بتلك القبلة القوية التي دفعتها لمحاوطة رقبته بذراعيها ومبادلته بعفوية ..وعندما انتهيا فقط لأخذ انفاسهما التي انقطعت همست ايمان بصوت متحشرج وهي تشير بأصبعها لجبهتها ..
.."..انا كنت..اقصد ..تبوسني هنا ..مش هنا .."..
..مال مبتسما يقبل جبهتها ولكنه قطب جبينه وقال متهكما..
.."..استني كدة .."..
..وقبل ان تعي ما يعنيه التقط شفتيها بقبلة ثانية ..فتشبثت بذراعيه خوفا من تخاذل قدميها ووقوعها ارضا ..ترك شفتيها وهمس وهو يلامسهما ..
.."..هنا اجمل واطعم بكتير..."..
..همست بإسمه وهي تستند بجبهتها فوق خاصته وقالت ..
.."..ابراهيم..بالله عليك كفاية ..انا مش اد كل اللي بيحصلي دا والله .."..
..ضحك وهو يعتصرها بحضنه ثم قال ..
.."..اللي مانعني عنك.. كلامك ورجائك دا ...ها ياستي كملي ..وعايزة ايه تاني بعد الفرح والبوسة اللي هنا مش هنا.."..
..ابتسمت بدورها وهي تمسد بوجنتها فوق صدره بأريحية وقالت ..
.."..وبعدين نتوضا ..ونصلي ..وبعد مانخلص صلاة ..تحط ايدك على راسي وتدعي عليا .."..
..سكن ابراهيم للحظة ثم انفجر ضاحكا ..رفعت ايمان راسها لتنظر لوجهه الذي باتت تعشق كل انش به وقلبها يتراقص على انغام ضحكاته ..وجدته يميل ويقبل مفرق شعرها وهو يقول ..
.."..ادعي عليكي ..اقول ايه .."..
..رفعت كتفها بلامبالاة وهي تقول ..
.."..مش عارفة ...انا كل اللي اعرفه ان العريس بيدعي على العروسة ..بس معرفش بيقول ايه ..انت اكيد عارف مش كدة .."..
..حاوط وجهها بكفيه وقال بصوت هادئ..
.."..حبيبتي ..هو بيدعي فعلا ..بس مش بيدعي عليها هي هو بيدعي على اللي كان السبب ..وع العموم ساعتها هتعرفي.."..
..غمز بإحدى عينيه واستطرد قوله بنبرة ماكرة ..
.."..ماتيجي نتجوز دلوقتي ..وبردو هجبلك الفستان واعملك احلى فرح.. ونقعد بعدها ندعي على بعض للصبح وكل اللي انتي عايزاه ..ها ..ايه رايك.."..
..زاغت بعينيها وهي تبلع ريقها بصعوبة ..نزعت نفسها من بين احضانه بشق الانفس وابتعدت للوراء خطوة واحدة وقالت وهي في حالة مقاومة واهية ..
.."..لأ يعني لأ ...الدييل دييل...الفرح الاول ..وبعد كدة الجواز ..واتفضل بقى من هنا زي ماقلتلك قبل كدة.. بيتك بيتك .."..
..تقدم ناحيتها خطوة لتبتعد هي بدورها خطوة للوراء ..فقال بصوت هادئ عابث..
.."..ياحبيبتي هتندمي ..مضيعيش الفرصة الذهبية دي من ايديكي .."..
..تكتفت وقالت شامخة برأسها لأعلى ..
.."..كتب الكتاب حاجة والفرح حاجة ياسيد يامحترم ..احنا ناس نعرف الاصول لموأخذة ..وكفاية اصلا قلة الادب اللي حصلت من شوية ..ويكون في علمك دي اخر قلة ادب ..انا بقولك اهو.."..
..اقترب وعلى وجهه ابتسامة عابثة وقال متهكما..
.."..متاكدة يامنيتي.."..
..تنحنحت وقالت بتلكؤ وهب تبتعد عنه ..
.."..والله اعمل زي ستات الحارة وارقع بالصوت لما تقوم خناقة ..اطلع برة يا عم انت .."..
..ضحك وهو يرفع يديه لها لكي تهدأ..
.."..حاضر حاضر ..خارج اهو سايبلك البيت كله وراجع الشركة كمان..بس بعد الفرح المنشود محدش هيعرف يخلصك مني..أمين يامنيتي .."..
.. ابتسمت بخجل وهي تردد..
.."..امين ياباشا.."  ..
..اغلق ابراهيم الباب لتجلس ايمان فوق فراشها وهي تنظر بوله لمحبسها الماسي الذي يزين اصبعها ..
..وبعد برهة من الوقت عادت تلك الكلمات اللاذعة عن عمتها تثير الغضب بداخلها فاسرعت ناحية غرفة عمتها لتجدها مستلقية فوق اريكتها تقرا كتابا باريحية ..فأسرعت ناحيتها تجلس فوق طرف الاريكة وتقول بعصبية بعد خطفها الكتاب من بين يدي عمتها ..
.."..عايزة اتكلم معاكي في موضوع مهم .."..
..زفرت زهرة بغيظ وهي تنظر للكتاب الملقى ارضا. 
.."..بنت ..وبعدين في جنانك دا ..هاتي الكتاب..حد يرمي الكتب ع الارض..انتي مش عارفة دا كتاب ايه.."..
..مالت ايمان بجذعها لتمسك بالكتاب وهي تقول بتأفف..
.."..اتفضلي ادي الكتاب اللي مافيش زيه ..نتكلم بقى في المهم..ممكن اعرف ليه حضرتك هادية كدة ومستكينة ومجيتيش تساليني ع اللي الستات قالوه عليكي.."..
..وضعت زهرة الكتاب بجانبها ثم تكتفت وتنهدت قائلة بأريحية..
.."..انا عارفة كويس اللي قالوه عني .."..
..اتسعت عيني ايمان وهي تقول..
.."..عارفة وساكتة ياعمتي ..المفروض كنت انا وانتي جيبناهم من شعرهم وعجناهم في وسط النادي بتاعكوا دا.."..
..اعتدلت زهرة بجلستها لتضرب ايمان فوق كتفها وهي تزجرها قائلة..
.."..شعر ايه وعجن ايه يابنت انتي..عيب اللي بتقوليه دا..الناس المحترمة تتعامل بطريقة ارقى من كدة ..فاهمة .."..
..لوحت ايمان بيدها وهي تقول بعصبية..
.."..مش لو كانوا هما ناس محترمة ..ياعمتي ابوس ايدك ..الطيابة بتاعتك دي معصباني ..اقسم بالله انا كنت ناوية لما يطلعوا من المية اني ابرك عليهم زي الجمل وانزل فيهم تلطيش لغاية اما يبانلهم صاحب .."..
..مدت زهرة يدها لكتابها وهي تقول بقوة..
.."..روحي يا مجنونة انتي على اوضتك ..شوفي حاجة مفيدة اعمليها وسيبيني اكمل قراية.."..
..وضعت ايمان يدها فوق صفحات الكتاب وهي تقول بصوت هادئ قوي..
.."..اللي قالوه دا ياعمتي حقيقي ..انتي ............"..
..اكتسى الشحوب فجأة وجه زهرة فرفعت عينيها عن الكتاب لتنظر لإبنة اخيها وهي تقول بصوت يشوبه الكثير من الحزن..
.."..ايوة ياايمان حقيقي ..ومع اني معرفش هما بالظبط قالوا ايه ..بس لو كانوا قالوا اني مريضة نفسيا واني كنت نزيلة بمستشفى امراض نفسية عشان كنت السبب في موت جوزي يبقى حقيقي ..ها ..مبسوطة دلوقتي انك عرفتي.."..
..ظلت ايمان تحدق بها ثم امسكت بكف يدها وطبعت قبلة قوية فوق ظهره وهي تقول ..
.."..حبيبتي ياعمتي ..انتي احسن ست في الدنيا وعقلك يوزن اجدعها بلد ..هما اللي عالم ترابيس مجنزرة ..". 
..اصدرت زهرة ضحكة خافتة وربتت فوق وجنة ايمان وقالت ..
.."..وانتي احسن بنت في الدنيا بس محتاجة تعقل شوية وتبطل جنان ..لازم تفكر قبل ماتتصرف اي تصرف اهوج ..فهماني حبيبتي.."..
..هزت ايمان راسها بقوة وهي تقول ..
.."..مع اني مفهمتش يعني ايه تصرف مبهبج دا ..بس وعد شرف مني افكر قبل ما اضرب ..ولا اقولك يازهورتي ..هما ونصيبهم معايا بقى .."..
..صدحت ضحكات زهرة عندما وجدت ايمان تندس داخل حضنها وتنام بجانبها وهي تقول ..
.."..فسحي كدة ياعمتي خديني جمبك .."..
..التصق جسم زهرة بظهر الاريكة وقالت بغيظ وهي تحاول ان تبعد عنها تلك العلقة التي التصقت بها..
.."..قومي يابنت نامي في اوضتك ..الكنبة هتقع بينا احنا الاتنين .."..
..حاوطت ايمان جسد عمتها بذراعيها وهي تقول ..
.."..ياعمتي ..كنبة هنية تكفي مية ..متقلقيش مش هنقع ..يالا بقى احكيلي.."..
..استسلمت زهرة لهذا الوضع مبتسمة وحاوطتها بذراعيها وهي تقول..
.."..احكيلك عن ايه .."..
..وضعت ايمان رأسها فوق صدر عمتها واجابتها بهدوء ..
.."..انا عايزة اعرف كل حاجة ياعمتي عن اللي قالوه الستات دول ..فضفضي بكل حاجة ..هو مش انا زي بنتك ..هو مش انا بحكيلك عني وعن الباشا اللي مطلعة عينيه دا ..يالا احكي ..اصل انا مش هسيبك غير لما تحكي ..انشالله نبات كدة للصبح من غير اكل ولا شرب.."..
..تنهدت زهرة ثم اغمضت عينيها لتمنع دمعاتها من الهرب فوق وجنتيها ولكن باءت محاولاتها بالفشل وبالاخص عندما شعرت بثقل يجثو فوق صدرها يكتم انفاسها التي تقطعت وهي تقول بصوت حزين ..
.."..عايزاني اقولك واحكيلك عن ايه ..عن جوزي.. جوزي اللي قتلته بإيدي.. وامتى ياايمان.. يوم عيد ميلاده ..واللي المفروض اني في اليوم دا اجبله هدية ..قام هو اللي فاجئني بهديته .."..
..استرجعت زهرة احداث ذلك اليوم بكافة تفاصيله حتى بعد مرور اكثر من خمسة عشر سنة ..تذكرت اشكال اوراق الزينة الملونة التي قامت بتعليقها بحائط غرفة نومها استعدادا لحفل عيد ميلاد زوجها الذي يعشقها ..تفاجئت به يحاوط خصرها ويطبع قبلة قوية فوق عنقها وهو يقول ..
.."..كل سنة وانا طيب معاكي حبيبتي.."..
..استدارت لتحاوط عنقه بذراعيها وهي تقول بصوت ناعم ودلال مقصود..
.."..كل مرة تبوظ عليا مفاجئتي ليك ..مش كنت تتاخر شوية لحد حتى ماالبس واجهز.."..
..وبابتسامة عابثة هز جسدها بيده وهو يقول ..
.."..وتلبسي ليه طالما كدة كدة هيتقلع .."..
..شهقت بصوت عال وهي تضع كفها فوق شفتيه وهي تقول بخجل ..
.."..وجيه ..وبعدين معاك .."..
..انزلت ذراعيها وامسكت بكف يده لتسحبه ناحية طاولة زينتها ..لتمد يدها تفتح الجارور وهي تقول..
.."..تعال شوف هديتك وقولي رايك .."..
..ابتسم وهو يتامل ازرار قميص البدلة والتي كانت من الفضة الخالصة ينغرز بمنتصفها حجرين صغيرين من العقيق ..قام بتقبيل وجنتها وهو يقول ..
.."..شكرا ليكي حبيبتي .."..
..ثم وضع يده بجيب بنطاله ليخرج منه ميدالية يتدلى منها مفتاح يشبه مفتاح قيادة السيارة وكذلك جهاز الكتروني صغير به والذي كان عبارة عن جهاز فتح وغلق السيارة عن بعد ..اخذ وجيه يلوح بتلك الميدالية امام وجهها وهو يقول ..
.."..مبروك حبيبتي عربيتك الجديدة..وخصوصا بعد نجاحك واخيرا باختبارات القيادة.."..
..فغر فاه زهرة وبعدها اخذت تصرخ وهي تقفز كالبلهاء من سعادتها بسيارتها الاولى ..
..دس وجيه الميدالية داخل كف زهرة بعد ان هدات قليلا من فورة حماسها بالسيارة وقال ..
.."..يالا تعالي شوفيها .."..
..كانت سيارتها الجديدة مركونة امام بوابة فيلتها التي ما ان خرجت منها اخذت تصرخ تارة وتقبل وجنتي زوجها تارة ..فاخيرا تحقق حلمها بامتلاك سيارة خاصة بها بعد ان كان والدها يمنعها تماما من تعلم القيادة خوفا ورعبا عليها..
..ركبت سيارتها بعد اصرار زوجها بركوبها بمفردها لكي يشاهدها وهي تقودها أمامه..وبالفعل بدات بقيادة السيارة والسير بها بسرعة شديدة ذهابا وايابا بطول الشارع وعند لحظة خاطفة وقبل ان تقف بسيارتها أمام زوجها الذي اشار لها بيده ظهر لها فجأة من العدم كلب يعبر الشارع وارتعب من اقتراب مقدمة السيارة ناحيته ولكن ارتعابها هي كان اكثر عند رؤيته فأرتبكت واخذت تحرك المقود بعشوائية لكي تتفادى مصادمته..ولكن اظلمت الدنيا فجأة فور اصطدامها بجسم جامد ورؤيتها لزوجها غارقا بدمائه فوق زجاج سيارتها الجديدة التي تشهمت مقدمتها عن اصطدامها بحائط فيلتها ..
..ظلت زهرة تحدق بوجه زوجها المكدوم لتجد نفسها تغيب عن الوعي عند ارتطام وجهها بمقود السيارة وتسبب بذلك ان يصدح بالاجواء صوت زامور عال قوي.. 
..صمتت زهرة عن سرد تلك الذكرى الاليمة والتي قضت على البقية من حياتها لترفع ايمان رأسها عن صدر عمتها الذي كان يصعد ويهبط بقوة ..مسحت ايمان دموعها وهي تقول لعمتها التي غطت وجهها بكفيها لتبكي بصوت يقطع نياط القلب ..
.."..الله يرحمه ويحسن اليه ..افتكريلو الرحمة ياعمتي واقريلوا الفاتحة .."..
..ظلت زهرة تبكي بحرقة دون مقاطعة من ايمان التي تركتها تفرغ كل ما بصدرها من هموم واحزان..اعتدل كل منها بجلوسه فوق الاريكة ولكن ايمان حاوطت عمتها بذراعيها وهي تقول..
.."..عشان كدة بتقولي انك انتي السبب ..لا ياحبيبتي ..دا مقدر ومكتوب..عمره ووقف لحد كدة ..ليه تحملي نفسك اكتر من طاقتها .."..
..وبصوت خافت رددت زهرة ..
.."..بس ياايمان ارجوكي ..انا عشان عمتك بتقولي كدة ..لكن لو كنت واحدة غريبة عنك كنتي قلت زيهم .."..
..امسكت ايمان بكفي عمتها وقالت ..
.."..لو كنت واحدة غريبة وسمعت حكايتك كنت هقولك انك غلطانة لما تفضلي كدة تحاسبي نفسك وتعصريها وتحرميها بسبب حاجة حصلت غصبن عنك ..بس يمكن الحاجة الكويسة انك روحتي تتعالجي عند الدكتور النفساوي دا.. هو انا صحيح معرفش هو فايدته ..بس اكيد حاجة هتفيدك .."..
..نظرت زهرة للفراغ أمامها وهي تقول بصوت جامد ..
.."..انا بطلت اروح للدكتور من سنين .."..
..صاحت ايمان بقوة وهي تقف أمامها تنظر اليها بغضب ..
.."..ليه كدة ياعمتي بس ..اتاريكي ظالمة نفسك وظالمة معاكي الراجل المسكين عم كمال ..ياعيني عليه .."..
..تجهمت ملامح زهرة وقالت بصوت حاد ..
.."..ايمان اتفضلي على اوضتك وماتفتحيش الموضوع دا معايا تاني مرة.."..
..تراجعت ايمان للوراء عدة خطوات لتجلس فوق الفراش كالقرفصاء وهي تقول بعناد وبصوت قوي ..
.."..لا ياعمتي مش خارجة ..انا هفضل هنا معاكي لغاية مانشوفلنا حل .."..
..هبت زهرة لتهدر أمام وجهها بصوت غاضب..
.."..حل لإيه يابنت انتي ..امشي على اوضتك ..يالا .."..
..لم تتحرك ايمان من موضعها بل عقدت ذراعيها وقالت ببرود..
.."..لا مش خارجة ..معلش يعني ياعمتي ماهو أم حسن مش احسن منك .."..
..تقطب جبين زهرة وضاقت عينيها التي تشع شزرا وصاحت ..
.."..انتي بتقولي ايه ..ميين حسن دا ومين مامته ..وايه دخلهم بينا من الاساس  .."..
..التوت شفتي ايمان وهي تقلد صوت عمتها الناعم بقولها ..
.."..حسن ومامته .."..
..تابعت ايمان قولها بعدما استرجعت نبرة صوتها القوي وقالت ..
.."..ياعمتي اسمها أم حسن .. وتبقى البقالة اللي فاتحة محل في الحارة عندنا ..وحكايتها ياست الكل فيها شبه كبير من حكايتك .."..
..تنهدت زهرة بيأس وجلست بجانب ابنة اخيها فوق طرف الفراش وهي تقول باستسلام ..
.."..يعني ايه مش فاهمة ..شبهها ازاي .."..
..رددت ايمان مسرعة وهي تتأبط ذراع عمتها..
.."..زي السكر في الشاي.."..
..اتسعت عيني زهرة وهدرت بغضب ..
.."..بنت وبعدين معاكي .."..
..اجابتها ايمان مسرعة وهي تضحك بخفوت..
.."..معلش معلش ..اصل الأفية حكمت..المهم ياست الكل ..ام حسن من عشر سنين تعبت وودوها المستشفى ..المهم ماطولش عليكي قالوا انها لازم تعمل عملية ذرع كلاوي .."..
..تأففت زهرة وقالت ..
.."..اسمها عملية ذرع كلى او كلية ..مش كلاوي .."..
..التوت شفتي ايمان جانبا وهي تقول ..
.."..ياعمتي ماتدققيش ع الفسافيس خليكي في المعاميق.. قوم ايه يا عسل انتي اللي حصل.. جوزها عم ابو حسن قال انا هتبرعلها بواحدة من الكلاوي دول ..بس ياحسرة القلب ..الراجل مات في العملية بعد ماخدوا منه الكلية وادوها لمراته اللي لساتها عايشة لدلوقتي .."..
..شهقت زهرة بعد ان اثارت القصة انتباهها فاسرعت بقولها..
 .."..وبعدين حصل ايه.."..
..اجابتها ايمان بنبرة صوت حزينة..
.."..طبعا الست بعد مافاقت وعرفت بموت جوزها .. فضلت تولول وتصرخ وتلطم انها السبب في موت جوزها..اهلها وجيرانها ماسابوهاش فضلوا معاها يهونوا عليها .. والشيخ سعيد شيخ الجامع بتاعنا كان كل يومين تلاتة يروحلها يقرا قران في البيت ويتكلم معاها ..وسبحان الله ياستي ..معداش خمس شهور الا والست فاقت لنفسها ولابنها وفتحت الدكان تاني ووقفت فيه زي اجدعها راجل فيكي ياحارة ..تعالي بقى شوفيها دلوقتي ..وشها منور وابنها حسن بسم الله ماشاء الله بقى في كلية الهندسة يعني هيطلع مهندس زي ابويا كدة الله يرحمه.."..
..امسكت ايمان بذقن عمتها لكي تنظر اليها بقوة وهي تقول ..
.."..بصي هي مع ظروفها الصعبة قدرت تقف على رجليها تاني وتربي ابنها ..تقومي انتي ياللي ظروفك احسن منها مية مرة تبقي كدة وتسيبي اللي يسوى ومايسواش يتكلم عليكي ..وتبعدي عنك راجل زي العسل 
زي عم كمال كدة ..وبصراحة بقى انا لا ممكن ابدا اقبل إن أم حسن تبقى احسن من عمتي"..
..ارتسم شبح ابتسامة باهتة فوق شفتي زهرة وقالت بصوت واهن وبعينين دامعتين ..
.."..يعني عايزاني اعمل ايه يابنت اخويا .."..
..ابتسمت ايمان وقالت وهي تشد على يديها..
.."..اول حاجة ترجعي تكلمي الدكتور بتاع النفسيات دا .. تاني حاجة تدي ريق حلو للراجل اللي نشفتي ريقه دا وتخليه يبقى معاكي زي ما كلنا هنبقى معاكي ..أمين ياعمتي.."..
..قطبت زهرة جبينها وهي تقول بتساؤل ..
.."..أمين مين .."..
..مطت ايمان شفتيها وقالت بنزق ..
.."..واحد صاحبنا متعرفهوش ..ها ..قلتي ايه..اتفقنا ..دييل على رأي الباشا.."..
..هزت زهرة راسها بالايجاب وقالت وهي تضحك بخفوت وتغمس ايمان بحضنها بقوة..
.."..دييل ..حبيبتي .."..
..وبعد برهة من الوقت وايمان بغرفتها تلقت اتصالا من عزة صديقتها الباكية وهي تقول بحزن..
.."..سي صلاح هيسافر ياايمان .."..
..جلست ايمان باريحية وهي تقول ..
.."..ماهو كان هييجي عليه وقت ويسافر يالوزة ..يسافر لبيته والست والدته..بس متهيألي كدة انه هيرجع تاني وبسرعة كمان..". 
..تلهفت عزة وهي تتساءل..
.."..بجد ..عرفتي ازاي ..انطقي.."..
..ضحكت ايمان وهي تقول ..
.."..اتهدي يابت..هو مرة قالي انه عايز يفتح مشروع هنا زي نادي صغير كدة للشباب اللي بيحبوا ينفخوا عضلاتهم دول ..وكمان ياستي متهيألي كدة انه عينه منك ..بس انتي اتهدي واصبري متتسرعيش وهي هتم ان شاء الله.."..
..ذمت عزة شفتيها وقالت ..
.."..انا يمكن اصدقك انه هييجي عشان مشروعه ..بس انه عينه مني ..اهي دي اللي مصدقهاش ابدا ..خصوصا بعد ماقفل شباك المطبخ في وشي .."..
..اتسعت عيني ايمان وقالت مسرعة ..
.."..ازاي يعني ..احكي يامنيلة .. هببتي ايه.."..
..ارتسمت الخيبة فوق ملامح عزة وهي تقول ..
.."..انهاردة الصبح قبل مااروح الشغل ..فتحت شباك المطبخ عشان عارفة انه بيصحى بدري واول حاجة بيعملها كوباية القهوة ..فقلت اعمل اي حاجة احركه بيها ..فا........."...
..هتفت ايمان بغيظ ..
.."..فا....ايه يابت..متقولي.."..
..رمشت عزة عدة مرات وقالت بصوت خافت وهي تنظر حولها لعل لا احد من موظفي المكتب ينصت اليها فيسخر منها عند سماعه بما فعلت ..
.."..شغلت اغنية ..ساكن قصادي وبحبه..وانا ببص عليه وهو بيعمل القهوة..راح ملتفت كدة وبصلي بصة غريبة وراح قافل الشباك في وشي خبط لزق ..".. 
..صدحت ضحكات ايمان عاليا ..فاصطكت اسنان عزة غيظا وقالت..
.."..بتضحكي عليا ماشي ياصاحبتي ..المهم دلوقتي ..ابقي كلميه ياايمان والنبي وافهمي منه هيسافر ومش راجع تاني ولا هيرجع تاني وامتى.."..
..هزت ايمان راسها وهي تقول ..
.."..ماشي ماشي هكلمه واشوف نظامه ايه ..سلام وابقي سلمي على خالتي تهاني والواد بلاطة.."..
..اغلقت ايمان هاتفها لتجد رنينه يصدح مرة اخرى وبشاشته يظهر اسم زوجها ..
..احتلت الابتسامة ملامح وجهها بالكامل لتجد نفسها تجيبه بصوت هادئ يشوبه الكثير من الخجل..
.."..سلامو عليكو ..مين معايا.."..
..سمعت ضحكاته التي تخللت خلايا جسدها كاملا الذي ارتجف عندما قال ..
.."..حبيبك .."..
..فهمست بإسمه والاحمرار يكسو وجهها .."..ابراهيم .."..
..تنهد بقوة وهو يقول ..
.."..ارجعي قولي الباشا تاني يامنيتي ..لحسن ابراهيم دي هتخليني اسيب الشغل والاجتماعات واجي جري ابوس الشفايف اللي قالت اسمي بالجمال دا .."..
..اغمضت عينيها بقوة وغطت فاهها من هول ما تشعر به من مشاعر تدغدغها لاول مرة ..فحاولت ان تجمع بعضا من قوتها الهاربة وقالت بصوت هادئ ..
.."..قول اتصلت ليه بقى عشان عايزة انزل اقعد مع جدي شوية .."..
..رجع بظهره للوراء واخذ يحرك كرسيه يمينا ويسارا وقال..
.."..ماشي ياستي ..انا بتصل عشان اقولك اني هتاخر انهاردة في الشغل ..ورايا اجتماعات كتير ..اوكيه حبيبتي .."..
..وبدون ان تعي وبمجرد سماعها لكلمة حبيبتي تشعر بالخجل وازدياد سرعة دقات قلبها فاسرعت بقولها ..
.."..طب مااجيلك الشركة ..واقعد في المكتب بتاعي لغاية ما تخلص ونروح سوا ..ايه رايك .."..
..اعتدل ابراهيم بجلسته وقال متحمسا لتلك الفكرة ..
.."..موافق جدا ..خدي العربية من إمام وتعالي.."..
..تساءلت متعجبة ..
.."..وليه.. ماأخليه يوصلني .."..
..تحولت ملامح ابراهيم للجمود وقال بجدية..
.."..لا ..عشان عارف انك هتقعدي قدام وتنزلي رغي معاه في حاجات فارغة .."..
..عضت شفتها السفلى عندما شعرت بغيرته عليها ..وبداخلها حالة من الصدمة وعدم التصديق ..هل ابراهيم يغار عليها بالفعل وممن ...من اسطى إمام سائقهم الخاص ..فرددت بهدوء..
.."..حاضر ..حاجة تانية .."..
..اتسعت عيني ابراهيم ونظر لشاشة هاتفه بتعجب ثم قال وهو يضع هاتفه فوق اذنه مرة اخرى ..
.."..ايمان ..انتي كويسة ياحبيبتي.."..
..اصدرت ضحكة خافتة وهي تردد..
.."..ليه يعني ..عشان بقولك حاضر وبسمع الكلام ..عادي ..احنا عندنا الستات تسمع كلام جوازتهم.."..
..تلاعب ابراهيم بقلمه فوق سطح مكتبه وقال ..
.."..طب يالا تعالي عشان عايزك تسمعي كلامي اللي هقولهولك لما تيجي.."..
..اغلقت ايمان هاتفها واحتضنته بقوة وابتسامة بلهاء ترتسم فوق ملامح وجهها ..وثبت من فوق فراشها  واسرعت ناحية دولابها لتختار أي فستان تظهر فيه جميلة بعيون زوجها..
..نزلت ايمان درجات السلم وهي تدندن كلمات اغنية ..
..*..إبن عمي شاغلي انا عينيا ..وانا في المكان في خلق حواليا ..ومش عايزة حد ياخد باااله من اللي انا فيييه ..*..
..كانت عمتها تقف بجوار كرسي جدها فما ان لمحت ايمان تتهادى بفستانها الوردي حتى اتسعت ابتسامتها وهي تقول ..
.."..على فين بالفستان الحلو دا .."..
..ابتهجت اسارير ايمان وهي تلتف حول نفسها وتقول ..
.."..حلو عشان انتي اللي جايباه ياعمتي ..وانا ياستي رايحة لابراهيم في الشركة وهارجع معاه بالليل ان شاء الله.."..
..اقتربت ايمان من اذن عمتها وعاودت قولها هامسة ..
.."..اتصلتي بالدكتور النفساوي زي ما اتفقنا.."..
..ذمت زهرة شفتيها وهي تقول ..
.."..ايوة اتصلت .."..
..اسرعت ايمان تهمس مرة اخرى بإلحاح..
.."..واتصلتي بعم كيمو عشان يروح معاكي .."..
..ضربتها زهرة فوق كتفها وهي تزجرها بقولها ..
.."..بنت ..اتأدبي ..اسمه اونكل كمال.."..
..تلاعبت ايمان بحاجبيها لتشعل غيظ عمتها مرة اخرى وهي تقول ..
.."..ما اقولك ياطنطا انتي كمان ياعمتي بالمرة ..قال اونكن قال .."..
..مالت بجذعها تقبل وجنة جدها وهي تقول ببشاشة..
.."..حبيبي ياجدجود ...على فكرة بقى ..من بكرة ان شاء الله نجرب نمشي كدة من غير الكرسي ابو عجل دا ..امين ياجدي .."..
..تقطب جبين جدها وهو يقول متعجبا ..
.."..أمين مين يابنت.."..
..هزت ايمان راسها بالنفي وقالت وهي تتنهد باستسلام ..
.."..والله عم أمين تعب من العيله دى ..."..


الفصل السابع والثلاثون 

..استقامت بوقفتها ولوحت بيدها لعمتها وجدها وهي تتجه ناحية الباب قائلة ..
.."..سلام يارجالة ..هجبلكوا حاجة حلوة وانا جاية .."..
..هرولت ايمان ناحية الجراج لتجد السائق إمام جاثيا على عقبيه يقوم بتغيير اطار السيارة فصاحت به..
.."..اسطى اؤمؤم ..اي مساعدة يااسطى .."..
..انتفض إمام بمكانه وحاول ان يقف ولكن ايمان اسرعت ناحيته وهي تقول..
.."..خليك يااسطى خليك..عارف انت لولا الفستان ..كنت مديت ايدي وغيرنا العجلة سوا.."..
..استقام إمام بوقفته وقال بصوت هادئ ..
.."..لا ياايمان هانم ..انا خلصت والعربية جاهزة..اتفضلي اوصل حضرتك للمكان اللي عايزاه..."..
..ارتفع حاجب ايمان بتعجب وهي تقول باامتعاض ..
.."..في ايه يااسطى إمام مالك قافش كدة .."..
..هز إمام راسه وهو يقول ..
.."..اسف ياايمان هانم ..بس حضرتك عارفة اوامر ابراهيم بيه وانه مانع ان حضرتك تدخلي الجراج ..انا بس بنفذ تعليماته .."..
..تخصرت وقالت بغيظ..
.."..عارف.. انا بس لو مكنتش مستعجلة كنت ظبطك صح ..قال تاعليمات وكلام حمصي قال ..هات المفاتيح هات خليني امشي ..واصبر عليا لما ارجع .."..
..مد إمام يده ناحيتها بالمفاتيح وهو يقول بكل ادب..
.."..اتفضلي حضرتك .."..
..اخذت المفاتيح منه بحركة عصبية وهي تزفر بضيق وتقول ..
.."..اووف دا انت تغيظ ياجدع انت ..طب والله لأقول لعيشة اخليها تنكد عليك صح.."..
..حاول إمام ان يكتم ضحكته ولكنه اكتفى بهز راسه بالايجاب ..
..انطلقت ايمان مسرعة بسيارتها..وما ان وصلت عند البوابة خرجت من سيارتها واتجهت ناحية كشك الامن لتقف أمامه تحدق بأرجائه من الداخل وهي تقول لإحدى موظفي الامن الذي يقف منتصبا  ..
.."..ايه ..مش شامة ريحة يعني ..انتو صايمين انهاردة ولا حاجة .."..
..انتقلت اعين موظفي الامن فيما بينهم بتعجب مما يسمعون ..ثم تسمرت نظراتهم لتلك التي لوحت لهم بيدها وهي تقول ..
.."..شكلها ناشفة ..ماشي ..فتحوا عينكوا وخلوا بالكو.."..
..وقفت أمام المصعد وزفرت بضيق وهي تنظر لبابه المعدني ..
.."..والله انا عندي اطلع السلم ولا إني اركب السانسير دا ..بس هطلع عشر ادوار ..دا انا كان نفسي انقطع..وعلى ايه ..نركب والامر لله.."..
..وعند فتح الباب تفاجئت بمراد يخرج من المصعد وهو يقول مبتسما لوجهها ..
.."..اهلاااا بمثيرة مشاكل العائلة  trouble maker.."..
..ضاقت عيني ايمان فأمسكت بياقة قميصه تهزه بقو وهي تقول ..
.."..حاسب..عشان لو هتتمهزأ بيا يانحنوح انت ..هطلع بيك تاني وارميك من فوق زي جوز الملاحيس اللي رميتهم في حمام السباحة.."..
..تنحى جانبا بعد تخليص ياقة قميصه من براثن اصابعها وهي يقول ..
.."..لولا انك السبب في احلى غرزتين في حياتي انا كنت ...ولا بلاش ..خلينا friends احسن.."..
..نظرت له ايمان بوجه متجهم وقالت وهي تدخل المصعد ملوحة له بيدها ..
.."..روح روح الله يسهلك ..وابقى خلي البيبيز دول ينفعوك .."..
..صدحت ضحكات مراد وهو يلوح لوجهها قبل ان يغلق باب المصعد..
..خرج مراد من الشركة منطلقا بسيارته لنفس المكان الذي زاره صباحا ..على امل ان يرى طبيبة قلبه مرة اخرى ويحاول ان يتحدث معها ..
..وقف مراد بسيارته على جانب الطريق القريب من المستشفى  وما ان راى الطبيبة اسيا تخرج من البوابة الصغيرة خرج مسرعا من سيارته ليسير بجانبها وهو يقول ..
.."..دكتورة اسيا ..لحظة من فضلك .."..
..توقفت اسيا والتفتت لذاك الشاب الوقف باسم الوجه..رسمت الغضب بملامحها على عكس السعادة التي ضربت بأضلاع صدرها وهتفت غاضبة ..
.."..هو في ايه بالظبط يا استاذ انت..هتفضل تنطلي كل شوية..اسمع انا ممكن ابلغ عنك وابهدلك انا بقولك اهو .."..
..رفع مراد بديه باستسلام وهو يقول ..
.."..انا اسف مقصدتش ازعاجك ابدا ..انا بس عايز تديني فرصة اتعرف عليكي.."..
..اتسع فاهها من جرأته فقالت غاضبة..
.."..يااستاذ احترم نفسك.. فرصة عشان تتعرف ...انت فاكر نفسك في اوربا ولا امريكا انت هنا في اكبر حي شعبي بمصر ..يعني تاخد بعضك وتمشي بدل مالغرزتين يبقوا عشر غرز..."..
..لاحظت اسيا نظرات المارة من حولها فالتفتت لتسير بطريقها وهي تدعو بداخلها ان يكون هذا الشاب بالفعل يريدها ..فسمعته وهو يمشي ورائها ليتبعها ويقول..
.."..انا مش هييأس يادكتورة حتى لو الغرزتين بقوا عشرين مش عشرة .."..
..كبحت اسيا ظهور ابتسامة فوق شفتيها فاسرعت بخطواتها حتى توقفت امام محل قديم لحلاقة الرجال تميل بجذعها لتقبل راس رجل عجوز يجلس بجانب باب المحل ..وهي تقول ..
.."..بابا عامل ايه ياحبيبي ..يالا قوم اقفل المحل عشان نطلع نتغدى ..لحسن ماما مابطلتش اتصالات كل شوية ..بتقولي يالا هاتي ابوكي وتعالوا ..المحشي هيبرد .."..
..ابتسم الرجل العجوز وقام من فوق كرسيه ليمسك به فساعدته اسيا وهي تقول ..
.."..عنك انت يا حبيبي.."..
..ابعد الرجل يديها وقال بعصبية خفيفة ..
.."..جرى ايه يادكتورة  انتي فاكراني عجزت مش هقدر اشيل حتة كرسي ..دا انا ممكن اشيلك انتي شخصيا .."..
..ربتت اسيا فوق كتف ابيها ثم قبلته وهي تقول ..
.."..ربنا يديك الصحة يابابا ..يالا بينا.."..
..كان مراد يقف بعيدا يراقب مايحدث وبداخله يهمس..
.."..ابوها حلاق ..شكل المهمة هاتكون صعبة وخصوصا معاكي يااصلي هانم..بس ولو ..الدكتورة تستاهل نخوض اصعب الحروب .."..
..التفت عائدا لسيارته وهو يرتب بعقله خطوات التقرب بين طبيبة قلبه وعائلته المتعصبة لاصحاب الثروات ..ولم يكن يدري ان الطبيبة تختلس نظرات جانبية لترى ان كان واقفا ام هرب اول ما رأي ماهي مهنة والدها الذي تفتخر به أمام الجميع... 
..وفي حين كل ذلك كانت اصلي هانم تغلق هاتفها بعد ان تلقت مكالمة من احد موظفي الشركة ليعلمها بوصول ايمان للشركة ..اسرعت ناحية التشين التي تجلس باريحية بحديقة الفيلا وهي تقول باللغة التركية..
.."..التشين ..هيا بنا حبيبتي ..لقد علمت ان ابراهيم قد وصل للشركة..هيا ..وكما اتفقنا عزيزتي ..تعرفين جيدا ماذا ستفعلين .."..
..هبت التشين واقفة وتهللت اسارير وجهها عند سماعها واخيرا بانها سوف تلتقي ياابراهيم فصاحت بحماس..
.."..لا تقلقي اصلي هانم ..اعلم ماذا سأفعل بالضبط ..هيا بنا ..لقد اشتقت كثيرا لرؤيته .."..
..كان ابراهيم يجلس حول طاولة الاجتماعات يتحدث بجدية حول مشروعات الشركة في المرحلة القادمة
وعينيه تنتقل بين بقية اعضاء مجلس الادارة الجالسين على جانبي الطاولة ..
..سمع طرقات فوق سطح باب مكتبه ليدخل السكرتير وتلعثم وهي ويقول ..
.."..انا اسف ابراهيم بيه بس ......"..
..وجد السكرتير من يدفع به جانبا وهي تقول ..
.."..ياخويا فسح كدة ..هو انا داخلة قسم الشرابية ..انا داخلة لجوزي.."..
..نظرت ايمان للجالسين امامها وقالت بابتسامة وهي تلوح بيدها ..
.."..السلام عليكم جميعا .."..
..هب ابراهيم اليها مسرعا بخطواته الواسعة وهو يقول ..
.."..اتفضلي حبيبتي .."..
..اتبعه الجالسين ليقفوا فأشارت لهم ايمان قائلة ..
.."..والنبي ماحد فيكم قايم خليكوا زي ما انتو....انا جاية اسلم في السريع وماشية .."..
..حاوط ابراهيم كتفها بذراعه وقال موجه حديثه للسكرتير الذي تسمر مكانه ..
.."..اتفضل انت يااكرم ..وفي اي وقت تيجي الهانم تدخل على طول حتى لو كنت في اجتماع .."..
..هز الرجل راسه بالايجاب وهو يردد مسرعا ..
.."..امرك ياابراهيم بيه .."..
..خرج السكرتير من المكتب فنظر ابراهيم لبقية الاعضاء ليقول بكل اريحية وهدوء..
.."..اقدملكم ايمان هانم مراتي ..اهم عضو في مجلس الادارة نظرا لملكيتها نص اسهم الشركة ..وان شاء الله قريب اوي هتشاركنا اجتماعاتنا الجاية..هستأذن منكم تلات دقايق ونستانف الاجتماع.."..
..رفعت وجهها لتهمس بجانب اذنه ..
.."..اقولهم منورين المكان يابشاوات ولا بلاش ونمشي من سكات.."..
..نظر ابراهيم للمحدقين باعينهم عليهما راسما فوق ملامح وجهه ابتسامة باهتة فربت فوق كتفها بهوادة وقال من بين اسنانه بصوت خافت ..
.."..لا حبيبتي مافيش داعي ..انا هبلغهم بنفسي بعدين .."..
..انزل يده عن كتفها وعانق بكفه كفها الصغير وخرج بها من مكتبه باتجاه مكتبها ..ولكنه لم يصبر فدلف بها اول غرفة مر بها والتي كانت بجانب مكتبه ..وما ان اغلق بابه ليدفع بظهرها فوق سطحه ليغمسها بحضنه مبتلعا شهقتها بين شفتيه ..كان الصمت يعم المكان ماعدا صوت انينها الخافت ..ترك ابراهيم شفتيها مرغما ورفع وجهه لينظر لعينيها المطبقة جفونها بقوة وهمس بشفتيه امام شفتيها ..
.."..وحشتيني يا بنت عمي .."..
..فتحت عينيها ببطئ شديد لتهمس هي الاخرى ببطئ شديد..
.."..انشالله.. ما تشوف.. وحش ابدا .."..
..اصدر ابراهيم ضحكة خافتة وقال وهو يهز راسه يمينا ويسارا ..وعلامات الاستسلام مرتسمة بملامح وجهه..
.."..مافيش فايدة ...المهم...ها ياستي ..تقعدي معايا في مكتبي..ولا تقعدي بمكتبك .."..
..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت بتلكؤ..
.."..هاقعد.. هناك..."..
..التوت شفتي ابراهيم بإبتسامة جانبية وقال..
.."..اوكي ..اقعدي هناك في مكتبك ولما اخلص الاجتماع اجيلك هناك.. الندل مراد سابني وهرب من الاجتماع وهو بيقولي امر طارىء .."..
..هزت ايمان راسها وقالت بصوت خافت ..
.."..معلش يمكن طارق صاحبه تعبان ولا حاجة فراح يلحقه .."..
..خطف قبلة سريعة من شفتيها المنفرجة وضحك قائلا..
.."..تعرفي اني خلاص مابقتش اقدر استغنى عنك ..إعملي حسابك هما اسبوعين بالظبط ونعمل الفرح اللي نفسك فيه ..دييل "..
..تخضبت وجنتيها ولكنها اسرعت بقولها ..
.."..دييل..بس القضية .."..
..قرص ذقنها بإصبعيه وهو يردد بحسم ..
.."..قولتلك القضية برة موضوع جوازنا ..كسبناها خسرناها هنعمل الفرح ..فاهمة .."..
..هزت رأسها بقوة وقالت..
.."..فاهمة ..بس معلشي هو ايه اللي قولته للرجالة اللي كنت قاعد معاهم جوة دول..هي مين دي اللي هتحضر القعدة بتاعتكم ..انا .. ".. 
..اجابها ابراهيم وهو يهز رأسه بالايجاب واصابعه تداعب خصلات شعرها  ..
..".. ايوة حبيبتي..لو كسبنا القضية ..قدام شوية هتحضري الاجتماعات معايا لانك ياحبيبتي تملكي نص اسهم الشركة .."..
..هزت ايمان راسها بالنفي وقبل ان تنطق ..وضع ابراهيم اصبعيه فوق شفتيها وهو يقول بهدوء وجدية ..
.."..مافيش حاجة اسمها لا..انا مبقولكيش تحضري من دلوقتي ..انا بقول لما تتعلمي وتعرفي شغل الشركة ماشي ازاي ساعتها هتكوني جمبي ..لان دا حقك ولازم انتي بنفسك اللي تحافظي عليه ..أمين.."..
..ابتسمت ايمان وهزت راسها وهي تقول ..
.."..امين .."..
..تركها على مضض وهو يؤكد عليها انه سوف ياتي اليها فور انتهاء الاجتماع ..
..دلفت ايمان لمكتبها لتجد ليلى تهب واقفة عند رؤيتها فصاحت ايمان بابتسامة عريضة تفترش ملامح وجهها ..
.."..لولة ..ازيك ..."..
..ارتسمت بملامح ليلى ابتسامة رقيقة وهي تقول..
.."..الحمد لله ..ازي حضرتك ايمان هانم.."..
..امتعض وجه ايمان عند سماع كلمة هانم فقالت ..
..".. انا ياستي الحمد لله .. انا هقعد في المكتب شوية ..ياريت توصيلي على كوباية شاي معتبرة .."..
..وبابتسامة رقيقة اجابتها ليلى..
.."..امرك ايمان هانم .."..
..التوت شفتي ايمان بإمتعاض فور سماعها لكلمة هانم ولكنها دلفت لمكتبها وهي تتأفف قائلة ..
.."..انتي واؤمؤم هتفورو دمي بكلمة هانم دي .."..
..جلست فوق كرسيها امام مكتبها تتحدث مع نفسها وهي تجري اتصالا هاتفيا بصديقتها عزة ...
.."..بت يالوزة انا هنا في الشركة ..تعاليلي المكتب الفخامة بتاعي.."..
..مطت عزة شفتيها وهي تقول بحزن..
.."..مش هينفع ياختي ..المدير بتاعنا دماغة صر....ولا بلاش ..مش بيرضى ..وكمان انا قاعدة قدام الكمبيوتر عشان مطلوب مني تقرير اكتبه .."..
..ضحكت ايمان وهي تقول ..
.."..احسن ..ولا اقولك هاتيلي المدير بتاعك اكلمه.."..
..هزت عزة راسها وهي تقول بصوت قوي ..
.."..لا ياايمان ..انا مش عايزة حد يتكلم عليا ويقول اني بشتغل بمزاجي ومحدش يقدر يكلمني عشان انتي صاحبتي .."..
..ابتسمت ايمان وقالت ..
.."..جدعة يابت ..بس بردو لو حد كلمك او زعلك تقوليلي على طول ..فااهمة .."..
..لمحت عزة نظرة المدير الغاضبة ناحيتها نظرا لحديثها بالهاتف فأسرعت بقولها ..
.."..ماشي ..سلام سلام لحسن البوعبوع بيبصلي .."..
..اغلقت ايمان الهاتف وبدأت تتلاعب بهاتفها وبعد مرور بعض الوقت تأففت وهي ترمي بهاتفها فوق المكتب وقالت ..
.."..كل دا اجتماع ..دا ولا اجتماع رئيس الحي بزبالين المنطقة ..بيقولوا ايه كل دا .."..
..وقبل ان تهب من فوق كرسيها ..وجدت من يطرق الباب ..لتدخل ليلى السكرتيرة وهي تقول ..
.."..ايمان هانم ..اصلي هانم طالبة مقابلة حضرتك .."..
..امتعض وجه ايمان واكفهرت ملامحها وهي تقول بصوت غاضب..
.."..تصدقي بالله ياليلى يابنت أم ليلى انتي عكننتي مزاجي بكلمة هانم في الاول وبعد كدة ندمتيني اني جيت بسبب ست فصلي دي واللي معرفش هي جاية ليه ..خير يارب ..دخليها يابنتي ..هو يوم باين من اوله .."..
..دلفت اصلي للمكتب بخطوات تدب الارض من تحتها ..رافعة انفها لأعلى تنظر نظرات متعالية لإيمان تلك التي تحدق بها من اسفلها لأعلاها وهي تهمس داخلها ..
.."..الله يخربيت النفخ اللي خلى وشك شبه الكورة الشراب...."..
..جلست اصلي فوق الكرسي المقابل لمكتب ايمان وهي تقول ..
.."..iyi akşamlar ..مساء الخير.."..
..اعوجت شفتي ايمان يمينا ويسارا وقالت بضيق وهي تضرب ظهر كفها فوق سطح مكتبها ..
.."..اللهم طولك ياروح ..اهلا ياست شكشوكة ..منورة .."..
..رفعت اصلي احدى ساقيها لتضعها فوق الاخرى وهي تنظر بتعالي لايمان قائلة ..
..".. انا هتغاضى عن لسانك الطويل ..لان من الطبيعي واحدة زيك يكون هو دا اسلوبها ..بس مضطرة اعمل ايه .."..
..رجعت ايمان بظهرها للوراء وقالت وهي تحرك كرسيها بخفة ..
.."..وانا كمان هاصهين عن كلامك اللي زي الدبش ..ودا عشان انتي ست كبيرة ومرات عمي في الاول والاخر ..اتفضلي سامعاكي ياست المنضطرة .."..
..اصطكت اسنان اصلي من شدة الغيظ..فقالت بغيظ..
.."..اعرفي كويس انتي بتتكلمي مع مين ..انا اصلي هانم .."..
..التوت شفتي ايمان وقالت بنزق ..
.."..حصلنا الارهاب والتفزع وركبتي خبطت في بعضها .. ها ..إرغي ياست عصري.."..
..كتمت اصلي غيظها ورسمت ابتسامة خبيثة فوق شفتيها وهي تقول ..
.."..انا جيت بس لعمل انساني ..مع اني عارفة ان اللي تقبل على نفسها ثروة مش من حقها تقبل انها تدمر حياة انسانة بريئة كل ذنبها انها وثقت في انسان طماع زي ابراهيم.."..
..قطبت ايمان جبينها وهبت لتقف وقالت بصوت غاضب وهي تستدير حول مكتبها ..
.."..عندك ياحجة..عند سيرة جوزي وتقفي انتباه ..هو مين دا اللي طماع ..وثروة ايه ياست المتغندرة اللي مش من حقي ...بقولك ايه.  ماتجيبي من الاخر وترصي كلام افهمه..".. 
..شعرت اصلي ببعض الخوف من هجوم تلك الشرسة ولكنها حافظت على ثباتها واستطردت قولها عندما جلست ايمان قبالتها ..
.."..مش عارفة ثروة ايه ..نص ثروة جدك اللي استوليتي عليها .."..
..زفرت ايمان بضيق وقالت غاضبة..
.."..الكلام دا تروحي تقوليه لجدي اللي جوزك رفع عليه قضية و عايز يطلعه مجنون قدام الناس ..انا لا عايزة ثروة ولا زفت..انا ربنا غانيني عن ثروتكم دي كلها.."..
..اصدرت اصلي ضحكة خافتة وهي تقول ..
.."..ياريت الكلام دا تبقي تقوليه في المحكمة واللي انتي السبب في اننا ندخلها .."..
..ضغطت ايمان طرفي اصبعيها الابهام والسبابة ورفعتهما عاليا أمام وجه اصلي وهي تقول بغضب مكتوم..
.."..هي تكة صغيرة كمان وهتلاقيني انفجرت في وشك زي باجور الجاز ..قولي اللي عايزة تقوليه على طول.."..
..ابتلعت اصلي ريقها بصعوبة واسرعت بقولها ..
.."..انا جاية اتكلم عن التشين البنت  اللي حاولت الانتحار وكانت هتموت بعد ماخطفتي منها ابراهيم ..ابراهيم اللي وعدها بالجواز ..لكن طبعا بعد ظهورك وامتلاكك للثروة الكبيرة دي مستحيل يضيع الفرصة دي من ايده ..ومش مهم بقى مصير البنت المسكينة هي واللي في بطنها .."..
..لم تعرف ايمان لماذا شعرت بسخونة مفاجئة تضرب رأسها وقلبها وكأن احدا ما امسك به ورمى به داخل هوة سحيقة ..غصة مريرة تتشبث بحلقها ولكنها بشق الانفس حاولت ان تعثر على صوتها المخنوق لتقول بخفوت..
.."..انتي ياست انتي بتقولي ايه ..هو ايه دا اللي ببطنها.......انتي كدابة .."..
..حاولت اصلي ان تخفي فرحتها برؤية شحوب وجه ايمان وتخاذلها فاسرعت بقولها لتضرب الحديد الساخن بقوة..
.."..انا مش هرد عليكي ..ليه هو انتي متعرفيش ان ابراهيم والتشين كانوا شبه مخطوبين لبعض .. لو مش مصدقاني تعالي معايا اوضة ابراهيم ..التشين دلوقتي بتحاول تتفاهم معاه..انا ممكن اجي معاكي وافهمك بيقولوا ايه ..ولو مش واثقة فيا تقدري تختاري اي موظف من موظفين الشركة ..معظمهم يعرف تركي.."..
..امسكت ايمان بذراعي كرسيها محاولة منها للوقوف ..وهي تهمس لنفسها ..
.."..اجمدي ياايمان ..اوعي تخليها تشوفك مكسورة .."..
..اشارت ايمان لأصلي بيدها ناحية الباب وهي تقول بصوت جامد .."..قدامي لما نشوف اخرتها.."..
..خرجا الاثنان من المكتب فوقفت ليلى تحدق بوجه ايمان الشاحب ..تخطتها ايمان ولكنها تراجعت تقف بقبالتها وتقول بصوت ميت كنظرة عينيها..
.."..ليلى انتي تعرفي تتكلمي زي التراكوة..يعني بتفهمي كلامهم .."..
..هزت ليلى راسها بالايجاب وقالت ..
.."..ايوة ياايمان هانم ..انا بعرف تركي.."..
..هزت ايمان راسها وامسكت ذراع ليلى وهي تقول ..
.."..طب تعالي معايا .."..
امسكت اصلي بهاتفها لكي ترسل رسالة لالتشين التي ما ان وصلتها اشعارا برسالة جديدة قامت لتكمل ما بداته..فقبل عشر دقائق كان ابراهيم يزفر بضيق فور انتهاء الاجتماع فاسرع متجها للباب كي يلحق بزوجته التي اشتاق اليها والى جنونها العفوي معه ولكنه تفاجئ بمن تفتح الباب والتي كانت التشين ..
..ظهرت علامات الصدمة على وجه ابراهيم الذي نطق بإسمها متعجبا ..
.."..التشين.."..
..جرت ناحيته لتحتضنه وهي تقول بلغتها التركية..
.."..ابراهيم حبيبي ..افتقدك كثيرا.."..
..نظر ابراهيم لأكرم السكرتير الذي يقف بجانب الباب مطأطأ راسه بابتسامة تهكمية ..فقال ابراهيم..
.."..اخرج انت يااكرم ومدخلش حد علينا.."..
..هز اكرم راسه وقال وهو يغلق الباب ..
.."..امرك ياابراهيم بيه.."..
..نزع ابراهيم تلك المتشبثة به وهو يقول بنفس لغتها التركية أمام وجهها..
.."..التشين ما الذي جاء بك الى هنا .."..
..حاولت التشين ان تقترب منه اكثر ولكن قوة ذراعي ابراهيم الصلبة منعتها من ذلك فقالت بنبرة صوت حزينة ..
.."..حبيبي ..لقد افتقدك كثيرا وانتظرتك اكثر ولم تأتي كما وعدتني .."..
..اكفهرت ملامح وجه ابراهيم الذي اشار لها بان تجلس ورجع هو ليجلس فوق كرسيه امام مكتبه وقال..
.."..التشين ..تعرفين جيدا اني لم اعدك بشيء..ومن الاساس انتي تعرفين ماهو تعريف علاقتنا .."..
..اعتدلت التشين بجلستها وقالت بقوة..
.."..ماذا ..ماذا تقول ابراهيم..انت تعلم اني احبك .."..
..فرك ابراهيم جبينه وقال بصوت قوي ..
.."..التشين اسمعيني جيدا ..عندما اعترفتي لي بحبك بتركيا ..انا بماذا اجبتك ..قلت لك انا لا اشعر تجاهك بشيء ولنترك الوقت بيننا هو الكفيل بتوضيح مشاعرنا تجاه بعضنا البعض ..ولنبدأها بصداقة...وانت وافقت ..اليس كذلك ..والان انا اصبحت رجل متزوج واحب زوجتي ..وانتي بالنسبة لي صديقة كما اتفقنا..انا لم اخدعك التشين .."..
..اهتز هاتف التشين فتقمصت دور الباكية وبدات تجهش بالبكاء حتي زفر ابراهيم بضيق ورجع بظهره للوراء وهو يقول بصوت غاضب ..
.."..التشين من فضلك .."..
وعند هذه اللحظة دلفت ايمان وهي تمسك بذراع ليلى وامامهم اصلي التي اشارت لاكرم جاسوسها بالشركة ليخرج من الغرفة ويتيح لهم فرصة الوقوف عند الباب وسماع مايجري بداخل غرفة ابراهيم..
هبت التشين مسرعة تجاهه مالت بجذعها امامه وهي تقول بصوت باكي مصطنع..
.."..لا ابراهيم ارجوك..لا تتركني ..سافعل كل ماتريده مني ..حبنا اغلى من المال الذي تسعى لامتلاكه حبيبي.."..
..وقف ابراهيم بقبالتها ينظر لها متعجبا فامسك بكتفيها وقت وهو يهز جسدها بقوة ..
.."..التشين ماذا تقولين ..انا........."..
..وضعت التشين يدها فوق فاهه ويدها الاخرى فوق بطنها لتسرع بقولها ..
.."..اتترك حبيبتك من اجل المال ابراهيم ..لقد كدت ان اموت وحاولت بالفعل ان انتحر ..ولكن من اجل حبنا والايام الجميلة التي قضيناها سويا تراجعت حبيبي ..وان كنت تراجعت ايضا لسبب اقوى وهو من اجل ابننا .."..
..نظر ابراهيم لبطنها بتعجب ولكنه اجفل عندما قامت التشين بتقبيله بقوة ..
..وعند هذه اللقطة الموجعة تراجعت ايمان واتجهت لتخرج من غرفة السكرتير وورائها ليلى التي ظلت تهمس بجانب اذنها ..
.."..ايمان هانم ..ارجوكي استني واسمعي ابراهيم بيه..اكيد في حاجة غلط .."..
..كانت ايمان شبه غائبة عن ادراك مايحدث حولها فلامست محبسها ..اخفضت عينيها ناحيته فنزعته من اصبعها ووضعته فوق سطح مكتب السكرتير ثم اتجهت لتخرج من الباب وهي تقول..
.."..ابقي ناوليه لصاحبه ياليلى .."..
..هتفت ليلى بصوت عال حزين ..
.."..ايمان هانم ارجوكي استني .."..
..امسكت اصلي بذراع ليلى وهي تقول بصوت حاد ..
.."..اسكتي انتي خالص ..انت مالك ..اتفضلي على مكتبك واعملي زي ماقالتلك .."..
..امتعض وجه ليلى وهي تمسك بمحبس ايمان وقبل ان تنطق وجدت التشين تخرج من المكتب تبكي بحرقة وقالت لاصلي بلغتها ..
.."..لقد طردني اصلي هانم ..هل تتخيلين ذلك ..لقد فضل علي انا تلك الفتاة الوضيعة.."..
..اسرعت ليلى بالخروج من الغرفة باحثة بعينيها عن ايمان بكل الارجاء ولكنها للاسف لم تجدها ..وصل لاذنها صوت ابراهيم العال ..فاسرعت للغرفة لتجد ابراهيم يهتف امام زوجة عمه ..
.."..بقى حضرتك اللي جيبتيها لغاية هنا ..كان لازم افهم من اول ماشوفت التشين انها مستحيل تيجي وتتجرأ كدة الا اذا كنت حضرتك ورا الموضوع برمته.."..
..وبوجه وصوت جامد اجابته اصلي ..
.."..ليه ياابراهيم بتقول كدة ..انا عملت ايه ..التشين اتصلت بيا عشان كانت هتموت وتشوفك وتتكلم معاك ..واظن ان الموضوع اللي بلغتك بيه مهم جدا ولا انا غلطانة .."..
..اتسعت عيني ابراهيم وهو يقول غاضبا ..
.."..وانتي صدقتيها يا مرات عمي ..وكانك متعرفنيش كويس ولا تعرفي اخلاقي وان مستحيل اعمل حاجة زي كدة .."..
..كانت التشين تنتقل بعينيها بينهما دون ان تفهم او تعي اي كلمة من حوارهم الغاضب ..
..رفعت ليلى يدها الممسكة بالمحبس فلمحها ابراهيم الذي تسمرت عينيه على ما بيدها اتجه اليها وامسك بالمحبس ليسمع ليلى وهي تقول بحزن ..
.."..ايمان هانم كانت واقفة على باب مكتب حضرتك وسمعت وشافت كل حاجة ..وقبل ماتمشي قلعت الدبلة وقالتلي اوصلهالك.."..
..ارتسمت معالم الغضب فوق ملامحه وهمس بقوله ..
.."..قبل ماتمشي.."..
..صاح بوجه ليلى وهو يستطرد قوله بصوت عال غاضب..
.."..مشيت راحت فين .."..
..انتفض كل من بالغرفة فاسرعت ليلى بقولها ..
.."..مش عارفة هي تقريبا خرجت من الشركة كلها.."..
..غمس المحبس بباطن كفه ثم التفت الي زوجة عمه وبعينين تحمل كرها وغضبا شديدا نظر اليها واقترب منها بخطوات بطيئة ..ارتعشت اصلي وكان نظراته القاتلة رصاصات تخترق صدرها  ..ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تسمع ما يقول ..
.."..اقسم بالله لولا انك مرات عمي وأم مراد اخويا ..لكنت اتصرفت معاكي تصرف يخليكي تندمي اشد الندم على عملتيه معايا .."..
..اشار لالتشين التي اختبئت خلف ظهر اصلي واستطرد قوله ..
.."..تاخدي العروسة الماريونت بتاعتك وتخرجي من هنا حالا ..وانا هعرف ازاي امنعك من دخولها مرة تانية .."..
..اهتز صوت اصلي التي حاولت عبثا الحفاظ على هدوئها فقالت..
.."..بتطردني من شركة جوزي ياابراهيم ..و عشان مين ..عشان واحدة بيئة متستاهلش ..". 
..صرخ ابراهيم بصوت عال حاد ..
.."..اصلي هانم كلمة واحدة عن مراتي واكسر المكان على دماغ الكل...الشركة شركة جدي ..اتفضلي قبل ماافقد اعصابي ..اتفضلللللي.."..
..اسرعت اصلي بالخروج ملتصق بظهرها التشين المرتعبة ..دلف ابراهيم لمكتبه لياخذ هاتفه محاولا الاتصال بها ..وهو يتجه للمصعد ..لم يسمع الا رنين دون اجابة ..ضرب ازرار المصعد بقوة وغضب وهو يهمس لنفسه..
.."..ردي ياايمان ..اتخانقي معايا ..بس ردي عليا .."..
..حاول الاتصال مرة اخرى وغمرته الفرحة عندما انفتح الاتصال ليسرع بقوله متلهفا..
.."..ايمان حبيبتي ..انتي فين .."..
..ارتسم على ملامح وجهه الانكسار و التخاذل عندما وجد ليلى السكرتيرة هي من تجيبه قائلة..
.."..انا ليلي ياابراهيم بيه..ايمان هانم سابت تليفونها ع المكتب .."..
..اغلق ابراهيم هاتفه ليضرب الحائط المعدني للمصعد بقوة وهو يسب ويلعن من كان السبب بذلك..
..خرج ابراهيم من المصعد وهو يبحث بعينيه عن تلك الهاربة ولكن دون جدوى فاتجه لسيارته واسرع بركوبها واخذ يدور بسيارته بالشوارع المحيطة بالشركة باحثا بعينيه عن زوجته ولكن كانت مثل ما يقولون ....فص ملح وذاب ..اسرع بسيارته للحارة واسرع بخطواته الواسعة ناحية بيت الخالة تهاني بعد ما ركن سيارته بالشارع الجانبي ..اطرق الباب بقوة لتفتح تهاني التي ارتسم على ملامح وجهها الدهشة والتعجب وهي تقول..
.."..ابراهيم بيه..خير يايني ..ايمان بعد الشر جرالها حاجة.."..
..وبملامح الخيبة هز ابراهيم رأسه وهو يقول ..
.."..انا كنت جاي اسالك عنها ..لانها سابت الشركة فجاة ومقالتش هي رايحة فين .."..
..قبضت تهاني على صدرها وهي تقول بخوف..
.."..ليه يابني ..هو حد زعلها ..اصلها هي كدة لما تزعل من حد تمشي وتحب تقعد لوحدها لغاية ماتروق وترجع تاني..بس اطمن هي اكيد شوية كدة وعلى اخر النهار هتلاقيها قدامك وبتضحك كمان ..ايمان مابتعرفش تشيل في قلبها ابدا.."..
..هز راسه وقال بصوت قوي ..
.."..ارجو من حضرتك تبلغيني لو جت هنا .."..
..اجابته .."..طبعا طبعا.."..
...عاود ابراهيم الرجوع للشركة وجلس بمكتبها ليمسك بهاتفها يتفحصه فنظر لإسم عزة فأسرع بالاتصال بها ..لتجيبه بقولها ..
.."..نصاية وطلعالك يابت ..وصي على سندويتشات لحسن انا ميتة من الجوع.."..
..اجابها ابراهيم ..
.."..انا ابراهيم ياانسة عزة من فضلك تيجي مكتب ايمان حالا .."..
..هبت عزة لتقف وتقول بتلكؤ..
.."..لموأخذة يابيه ..حاضر ..انا جاية اهو.."..
..وقفت امام مديرها واشارت لهاتفها قائلة...
.."..صاحب الشركة بذات نفسيته هو اللي طالبني اروح مكتب الست بتاعته ..ولو مكنتش مصدقني اتصل بيه .."..
..زفر مديرها بضيق واشار لها بيده ان تذهب ..فجرت مسرعة ناحية مكتب صديقتها لترى مايحدث فإستدعاء ابراهيم لها قد بث القلق داخلها ..
..تعبت ايمان من كثرة البكاء والسير بكعبها العال..لمحت بعينيها المليئة بالدموع مقعد خشبي يتوسط الرصيف الشبه خالي من المارة ..رمت بنفسها فوقه ورجعت بظهرها للوراء بتخاذل وانكسار ..نظرت للفراغ امامها ليتمثل مشهد تقبيل التشين لزوجها بعد ما ابلغته بما ببطنها أمام عينيها مرة اخرى فغطت وجهها بكفيها لتمنع صوت بكائها العال من ان يسمعه أحد حولها..شعرت بمن يجلس بجانبها ثم وكأن نصل رفيع ينغز جانبها ..رفعت رأسها والتفتت لتجد شابا صغير يتفصد جبينه بالعرق وحدقتي عينيه تتحرك يمينا ويسارا بتوتر واضح ..بلع ريقه بصعوبة وهو يقول لها بتلعثم وبصوت حاول ان يكون حادا..
.."..طل....طلعي اللي ...اللي معاكي والا هتموتي.."
..اخفضت عينيها لجانبها لتجد يدا مهزوزة تمسك بمدية قديمة صدئة حافة نصلها تهدد باختراق جنبها..
..رفعت عينيها للشاب الذي كاد ان يغشى عليه ثم قالت بصوت هادئ عندما عاودت النظر للأمام مرة اخرى تمسح وجهها ..
.."..شوف ياأخ ..انا كنت بفكر ارمي نفسي في النيل ..بس استغفرت وقلت حرام ..قوم تيجي انت تقوم بالعملية بدالي ..انجز يااخ وشوف شغلك.."..
..تزايدت حدة لهاث الشاب الذي ضاقت عينيه وقطب جبينه فقال بتعجب ..
.."..انتي مجنونة ولا ايه ..بقولك طلعي اللي معاكي..والا هغزك ومحدش هيلحقك.."..
..تكتفت واعتدلت بجلستها وقالت بأريحية دون النظر اليه..
.."..ومين قالك اني عايزة حد يلحقني ..قلتلك انجز ..يالا يابني.."..
..ظل يحدق بجانب وجهها والتفت برأسه يمينا ويسارا وقال بتلكؤ..
.."..اوعي تفتكري اني بهوش ..انا هموتك لو مطلعتيش باللي معاكي .."..
..التفتت اليه ببطئ شديد وقالت ...
.."..وانا كمان مابهوش ...انت لو قلبتني ..راسي تحت ورجليا فوق مش هينزل مني ولا حتى ربع جنيه مخروم..وعشان حظك الهباب الساعة والموبايل والشنطة بتاعتي سيبتهم على المكتب قبل مامشي ..فا يتغزني ياتقوم تشوفلك حد تاني..."..
..ارتسمت على وجه الشاب علامات الخيبة ..اخفض عينيه لاسفل ينظر للمدية التي قام بثنيها ووضعها في جيبه ..
..تنهدت ايمان وهي تقول له..
.."..انت اول مرة تسرق صح..."..
..نظر اليها بتعجب ثم هز رأسه بالايجاب ..هزت ايمان راسها هي الاخرى وعاودت النظر أمامها وقالت ..
.."..ولاجل حظك المنيل ..اكون انا اول طالعة ليك .."..
..هز الشاب رأسه مرة اخرى واعتدل بجلسته ليتكتف مثلها وينظر لما تنظر اليه..
..تسائلت بصوت هادئ ..
.."..ولو اني ماليش في القصة بس معلش يعني ..واحد شحط زيك كدة بتسرق ليه ..ما تشتغل اي شغلانة .."..
..اصدر الشاب ضحكة خافتة يشوبها الكثير من السخرية ولم يجيبها ..
..فأجابته هي مسرعة ..
.."..بتضحك...انا بتكلم جد ..ماتدور على أي شغلانة تشتغلها ..انشالله حتى تمسح سلالم ..او تقف في اي اشارة تبيع مناديل ..هيبقى حلو لما في مرة تقتل حد وتاخد فيها اعدام.."..
..ضرب الشاب فخذيه بكفيه وهب واقفا وهو يقول بيأس ويلوح بيده..
.."..سلامو عليكو ياست هانم .."..
..فكت ذراعيها واشارت اليه وهي تنظر اليه بغضب وصاحت به..
.."..اقعد ياض انا لسة مخلصتش كلامي.."..
..نظر اليها بتعجب بعد ان اتسعت عينيه وقال بصوت خافت وهو يتلفت حوله..
.."..انتي عايزة ايه ياست انتي .."..
..اشارت له ليجلس بعينين تبث شرارا وقالت بصوت خافت حاد ..
.."..اقعد والا هالم عليك الناس ..وهما ماهيصدقوا ينزلوا فيك ضرب ويطلعوا عليك همهم ..اقعد..وقولي حكايتك ايه بالظبط.."..
..كان بإمكانه ان يجري ويهرب منها بسهولة ولكنه لم يعرف لما انصاع لأمرها وجلس بجانبها يروي لها حكايته منذ ان خرج من دار الايتام حتى صار متشردا بالشوارع..وبنهاية الليل يسكن بعشة صغيرة فوق سطح بيت متهالك بمنطقة العشوائيات البعيدة..
..تنهدت بأسى بعد ان سمعت بحكايته وقالت..
.."..معاك خمسة جنيه.."..
..رفع حاجبيه وقال ..
.."..نعم .."..
..ذمت شفتيها وكررت سؤالها وهي تمد اليه كف يدها ..
.."..معاك خمسة جنيه ..عايزة اتصل بالبت عزة من الكشك اللي هناك دا.."..
..نظر الشاب للكشك واخرج من جيبه اثنان من الجنيهات وهو يقول ..
.."..ممعاييش غيرهم.."..
..اخذتهم منه واستقامت لتقف وقالت آمرة اياه..
.."..تعال معايا .."..
..مشى بجانبها ناحية الكشك حتى وقفت أمام صاحبه وابتسامة عريضة تزين شفتيها التي نطقت بهما..
.."..مساء الورد يا عم الحج.."..
..ابتسم الرجل العجوز للفتاة وقال بود..
.."..وعليكم السلام يابنتي.."..
..اتسعت ابتسامتها وقالت وهي تمد له يدها القابع بداخلها الجنيهان ...
.."..معلش يا عم الحج يعني لو طلبت منك اعمل مكالمة بالموبايل بتاعك.."..
..نظر الرجل العجوز لإيمان من اسفلها لأعلاها وتوسم بها خيرا ودفع بيدها وهو يقول ..
.."..خلي فلوسك معاكي يابنتي ..وخدي الموبايل اهو .."..
..اخذت الهاتف الصغير منه والذي كان مربوطا بسلسال طويل ..وقالت..
.."..الله يجازيك خير ياحج..توشكر.. الف شكر.."..
..ضربت فوق ازرار الهاتف بأصبعها رقم صديقتها عزة التي اجابت ..
.."..سلامو عليكو ..مين معايا.."..
..اجابتها ايمان مسرعة ..
.."..انا ايمان يابت ياعزة.."..
..صاحت بها عزة بصوت عال متلهف..
.."..ايمان انتي فين ..الشركة مقلوبة عليكي..وابراهيم بيه مسابش حتة والا دور فيها عليكي.."..
.. هب ابراهيم من مكانه واسرع ناحية عزة ليخطف من يدها الهاتف ليضعه فوق اذنه وقبل ان ينطق ..سمع زفرتها القوية وصياحها الغاضب..
.."..سيبك من الهري دا كله ياعزة واسمعيني كويس..انا هبعتلك ع الشركة شاب اسمه.."....
..توقفت عن الحديث والتفتت للشاب لتسأله ..
.."..انت.. اسمك ايه.."..
..اجابها بتوجس..
.."..اسمي ..اسمي منتصر عبدالله..."..
..رددت ايمان لصديقتها قائلة..
.."..اسمه منتصر عبدالله ..تقولي للأستاذ جمال اللي مسئول عن الموظفين بالشركة ..ايمان بتقولك تشوفله وظيفة بمرتب كويس ..ويستلم من بكرة ...امين ياعزة .."..
..سمعت ايمان صوت انفاس قوية وصوت اقوى وهو يقول..
.."..انتي فين ..ياترجعي ودلوقتي حالا ..ياتخليكي مكانك وتقوليلي انتي فين وانا هجيلك .."..
..شعرت برجفة قوية تهز جسدها ولكنها تماسكت وقالت ..
.."..بقولك ايه ياباشا فكك مني وخليك في حبيبتك وابنك اللي جاي في السكة ..اللي قلته لعزة يتنفذ والشاب اللي هبعتهولكم تشغلوه ..سلام يا ابن عمي.."..
..اغلقت الهاتف قبل ان تسمع صراخ زوجها قائلا..
.."..ايمان استني وافهمي الاول اوعي تقفلي السكة......."..
مدت ايمان يدها بالهاتف للرجل صاحب الكشك والذي كان منصتا لمكالمتها فامسك به وابتسامة امتنان تزين وجهه ..ثم عاودت مد يدها الاخرى له بالجنيهان ..فدفع بيدها مرة اخرى
.. وقال بابتسامة ارتسمت فوق شفتيه..
.."..انتي عايزة تاخدي الثواب كله لوحدك ولا ايه ..انا طمعان في ربعه...ربنا يجازيكي خير يابنتي .."..
..نظرت ايمان للرجل بإمتنان وهزت له راسها ثم التفتت للشاب الذي كان ينظر اليها بذهول وتعجب في أن واحد..اشارت بيدها ناحية الشارع وقالت ..
.."..بص يامنتصر تمشي اخر الشارع دا ..وتدخل يمين هتلاقي في اخر الشارع..معلش هتمشي حتة كبيرة لغاية ما تلاقي  بوابة شركة كبيرة تقول للامن اللي واقف هناك ..
انك جاي للانسة عزة المليجي وتقولهم اسمك ..هيدخلوك ..فاهم ولا اعيد من الاول.."..
..هز منتصر راسه بالنفي وقال بصوت ضعيف..
.."..انا مش فاهم حاجة خالص.."..
..التوت شفتي ايمان وقالت بغيظ ..
.."..ياض افهم ..تمشي زي ما قولتلك وتنفذه هتلاقي نفسك اشتغلت ان شاء الله ..يالا انجز ..امشي .."..
..دفعته بكتفه عند كلمتها الاخيرة لينصاع لها هذا الشاب البائس قائلا لنفسه..
.."..اروح ..يعني هخسر ايه ياحسرة ..". 
..تابعته ايمان بعينيها ثم التفتت بالجهة المعاكسة واتجهت ناحية محطة الاتوبيس ونظرت للجنيهان وقالت بصوت حزين  ..
.."..كويس.. اركب بيهم.."..


الفصل الثامن والثلاثون 

..اقترب منتصر بتوجس ناحية بوابة الشركة الحديدية واخذ ينظر حوله وكانه ينتظر من سيقبض عليه وبالفعل انتفض عندما وجد من يضع يده فوق كتفه ويهدر بصوت قوي ..
.."..واقف هنا ليه ..وبتتلفت حواليك زي الحرامية ..بتدور على حد ..انطق.."..
..ارتعد منتصر ورفع يديه الاثنتين عاليا باستسلام وخوف و قال بصوت مرتعش وهو ينظر لوجه ضابط الامن ..
.."..انا ..انا ..جاي عشان....."..
..اشتدت قبضة ضابط أمن الشركة فوق كتف منتصر حتى كاد ان يمزق قميصه المهترئ وقال ..
.."..انت مين ياض و اسمك ايه .."..
..اسرع منتصر بقوله ..
.."..انا اسمي منتصر عبدالله والست قالتلي اجي هنا وهتشغلوني ..بالامارة في واحدة مستنياني اسمها عزة المليجي.."..
..امسك ضابط الامن بذراع منتصر وسحبه داخل بهو الشركة وهو يقول بتعجب ساخرا  ..
.."..هو انت بقى منتصر ..دا صاحب الشركة مستنيك على نار ..حكمتك يارب ..ابراهيم باشا بجلالة قدره قاعد مستني واحد زيك انت.."..
..حاول منتصر ان يفك اسر ذراعه من قبضة الضابط القوية لكي يهرب سريعا ولكن ضاعت محاولته هباءا فهتف بصوت مرتعب ..
.."..ياعم انت سيبني.. ابراهيم بيه مين بس اللي مستنيني ..بقولك واحدة اسمها عزة ..سيبني ابوس ايدك ووالله ماهعتب الشركة دي تاني .."..
..لم يعر الضابط اهمية لما سمعه من منتصر وصعد به للطابق الذي يقبع به غرفة مكتب ابراهيم ..وما أن دلفا الاثنان للمكتب ليجدا ابراهيم الذي نظر لهيئة منتصر الرثة فهب واقفا متجها اليه بسرعة وهو يقول ..
.."..انت منتصر ..ايمان فين ..شوفتها فين وقالتلك ايه ..تعرفها منين اساسا ..انطق يابني ادم .."..
..بلع منتصر ريقه بصعوبة وحاول ان ينطق ولكنه لم يستطع ..فما كان الا والضابط يهز جسده بقوة ويضربه فوق راسه ويقول ..
.."..رد ياض ع البيه .."..
..شحب وجه منتصر وهو يحاول عبثا الفرار من قبضة الضابط فاشار ابراهيم للضابط بان يتركه ويخرج ..انصاع ضابط الامن للأمر تاركا وراءه شاب مسكين يرتجف خوفا مما قد يحصل له ..اقترب ابراهيم من منتصر الذي رفع يده امام وجهه بحركة تلقائية للدفاع عن نفسه..فتراجع ابراهيم وهو يقول بصوت هادئ..
.."..متخافش ..متخافش..انا مش هعملك حاجة .. اهدى وتعال اقعد عشان نتكلم بهدوء.."..
..جلس ابراهيم واشار لمنتصر بان يأتي ويجلس بقبالته ..اقترب منتصر بخطوات مترددة حتى جلس امام ابراهيم الذي قال ..
.."..ايمان فين .."..
..رمش منتصر وقال بصوت خافت ..
.."..ايمان مين يابيه ..والله معرف حد اسمه ايمان.."..
..ضرب ابراهيم بيده سطح المنضدة التي تتوسطهما بقوة وهو يهتف بعصبية ..
.."..ايمان اللي اتصلت بالشركة وقالت انك جاي عشان نشغلك.."..
..هز منتصر رأسه بعد ان رجع للوراء بظهره مرتعبا من ثورة ابراهيم.. واسرع بقوله..
.."..هي الأنسة اللي كنت قاعد معاها من شوية وكلمتكوا عشان تشغلوني اسمها ايمان .."..
..اصطكت اسنان ابراهيم من هول غضبه فقال وهو يكبح لجام ثورته ..
.."..ايوة هي ..انطق هي فين دلوقتي.."..
..رفع منتصر كتفيه بتلقائية وهو يقول فاردا راحتي كفيه..
.."..والله يابيه ماعرف ..هي وصفتلي المكان وقالتلي امشي ..فمشيت وسيبتها هي بمكانها .."..
..صاح به ابراهيم بقوة وهو يهب واقفا مائلا بجذعه ناحيته ..
.."..ايوة ..مكانها دا اللي هو فييين.."..
..انكمش منتصر بمكانه وهو يقول بصوت ضعيف ..
.."..ع الكورنيش يابيه مطرح ما لقيتها .."..
..جلس ابراهيم واخذ ينظم أنفاسه المتسارعة رافعا يديه امام ذاك المذعور ثم قال..
.."..واحدة واحدة كدة وتحكي حصل ايه من اول ماشوفتها..و ايه علاقتك بيها بالظبط.."..
..اعتدل منتصر بجلسته فوق كرسيه بترقب ثم قال بصوت هادئ..
.."..يابيه انا معرفهاش ..انا اول مرة اشوفها من ساعة ..وكانت قاعدة بتعيط..وشكلها يصعب ع الكافر.."..
..ارتج صدر ابراهيم وشعر بضربة قوية تضرب قلبه..ودماءه تفور برأسه التي صورت مشهد بكائها ..فسب بصوت غير مسموع زوجة عمه ..ثم فقال بصوت خافت..
.."..ها ..كمل .."..
..ابتلع منتصر ريقه وبداخله تردد ..هل يقول انه كان ينتوي سرقتها بعد تهديدها بمديته الصدئة ..أم ماذا ..فخطرت برأسه فكرة فقال..
.."..انا لما لقيتها شكلها بنت ناس كدة واوبهة..فقلت لنفسي اهي دي الناس اللي لما نيجي نشحت ..نشحت منها.. فقربت وطلبت منها اي حاجة لله.."..
..ضاق مابين حاجبي ابراهيم وهو ينظر لمنتصر وكانه غير مقتنع ثم قال..
.."..ها ..كمل على طول.."..
..تلكأ منتصر بكلماته وهو يقول..
.."..ولا حاجة يابيه ..انا صعبت عليها فطلبت مني اقولها انا ليه بشحت ..ولما حكيتلها عن حالتي الهباب ..قمت صوعبت عليها.  وبعدين طلبتكوا..وبس ..وصفتلي اجي ازاي وسيبتها وجيت على هنا على طول.."..
..تنهد ابراهيم بيأس ورجع بظهره للوراء ..فمال منتصر بجذعه للأمام وقال متسائلا بلهفة وترقب ..
.."..ايه يابيه ..هتشغلوني ولا امشي ولا ايه..والنبي يابيه شغلوني عندكو اي حاجة .."..
..هب ابراهيم واقفا وقال وهو يضع هاتفه بجيب سترته ..
.."..تعال معايا واوصفلي كانت قاعدة فين بالظبط. "..
..وقف منتصر وقال بصوت حزين ..
.."..يعني مش هشتغل عندكو .."..
..امسك ابراهيم بذراع منتصر وسحبه ناحية الباب وقال مغتاظا  ..
.."..متخافش ..اعتبر نفسك اشتغلت خلاص..ماهو طالما ايمان هانم قالت تشتغل يبقى تشتغل ..بس وريني مكانها الاول.."..
..نزل منتصر من سيارة ابراهيم ..وأشار للمقعد الرخامي العريض وقال..
.."..كانت قاعدة هنا يابيه وبتعيط.."..
..اتجه ابراهيم للمقعد وجلس فوقه وكأنه يريد ان يشعر بوجودها حوله ..اخذ بعينيه يبحث عنها بكل الارجاء من حوله ولكن بدون فائدة ..اخفض رأسه وهو ينظر لكفيه الذي يفركهما سويا بقوة من شدة غضبه وغيظه من تلك المجنونة التي هربت دون ان تقف أمامه لتتشاجر معه كعادتها ..وصل لاذنه صوت منتصر وهو يقول..
..".. يابيه .. امشي ولا ايه .."..
..رفع ابراهيم رأسه لينظر لمنتصر وقال..
.."..معاك فلوس.."..
..ظهرت معالم الصدمة بملامح وجه منتصر واسرع بقوله دون تفكير..
.."..هو جرى ايه يا بيه ..هو مين اللي يدي مين ..انت هتعمل زي ست ايمان هانم ..سالتني معايا فلوس ولا لا..وخدت الاتنين جنيه اللي حيلتي و......."..
..تنبه منتصر لما تفوه به من تراهات فكتم فاهه بكف يده ..
..التوت شفتي ابراهيم بابتسامة شاحبة وأخرج حافظته من جيب سترته واخرج منها ورقة مالية ومد ذراعه بها لمنتصر وهو يقول بصوت هادئ..
.."..شكرا بالنيابة عن مراتي .. خد ..وبكرة الصبح تيجي عشان تستلم شغلك ..متتأخرش.."..
..اتسعت عيني منتصر واقترب من ابراهيم ليأخذ الورقة المالية وهو يردد بتلقائية..
.."..سبحانك يارب ..بقدرة قادر ..الاتنين جنيه اللي كانوا حيلتي بقوا 200 جنيه ..ربنا يخليك يابيه ويخلي الست بتاعتك ..ربنا يعترك فيها يارب.."..
..تنهد ابراهيم وهو يقول ..
.."..يارب.."..
..ظل ابراهيم لبعض الوقت يتأمل صفحة نهر النيل المفترش بأشعة الشمس الذهبية وبين اصابع يديه هاتف زوجته يقلبه يمينا ويسارا ..نظر لشاشته وعاود الضغط فوقها للاتصال بعزة التي اجابته متلهفة قائلة ..
.."..ايوة ..ايمان ..حبيبتي انتي فين ..في الفيلا.."..
..تغضنت ملامح ابراهيم وهو يقول ..
.."..انا ابراهيم ياانسة عزة ..انا بتصل بيكي عشان اطمن اذا كانت ايمان وصلت عندكو في البيت ولا لا .."..
..تهدلت اكتاف عزة وقالت بنبرة صوت حزينة ..
.."..لا ياابراهيم بيه مجاتش ..انا لسة في المواصلات بس اتصلت بأمي اسأل عليها قالتلي مشفتهاش .. انا هتجنن ..دي عمرها معملتها ..واصلا مافيش مكان تروحه ......هنعمل ايه ياباشا هنسيبها كدة منعرفش هي فين.."..
..تنهد ابراهيم بضيق وقال ..
..".. اول ما توصلي البيت اسألي عنها خالها صلاح هو اكيد هيعرف هي فين.."..
..اجابته مسرعة..
.."..سي صلاح سافر ..رجع اسكندرية ومعرفش اذا كان يعرف بالحكاية دي ولا لا .."..
..زفر بضيق ثم قال...
.."..ماشي ياانسة عزة ..اقفلي دلوقتي ولو عرفتي اي حاجة كلميني..."..
..اسرع ابراهيم بالبحث عن اسم صلاح بهاتفها لتلتوي شفتيه بغيظ وهو يقرأ اسمه المكتوب بالقائمة..الباشا المز ..بداخله اخذ يسب غبائها وتسرعها ..نفض عن عقله ذاك الحوار عندما وجد إسم صلاح بقائمة اسماء جهات الاتصال..
..ضغط فوق الاسم ووضع الهاتف فوق اذنه منتظرا الاجابة على احر من الجمر ..تأفف بضيق عندما وجد هاتفه مغلقا ..استقام بوقفته واتجه ناحية سيارته ثم عاود الاتصال بالسكرتيرة ليلى التي اجابته ..
.."..افندم ابراهيم بيه.."..
..وبصوت قوي قال ابراهيم ..
.."..بكرة الصبح يكون على مكتبي ملف كامل عن لاعب العاب قوى اسمه صلاح ..مصري من اسكندرية ..كسب ميدالية ذهبية في اخر دورة العاب قوى دولية..اهم حاجة عندي عنوانه في اسكندرية ..مفهوم ياليلى .."..
..اسرعت ليلى بقولها..
.."..تحت امرك ابراهيم بيه ..مفهوم..بكرة الصبح الملف هيكون على مكتبك.."..
..سار بسيارته بسرعة اصدرت عنها صور صرير عال جعل المارة من حوله ينظرون بغضب وضيق لذاك السائق المتهور...وبنفس العصبية دلف داخل بهو الفيلا ورمى بمفاتيحه فوق سطح الطاولة ..تبادلا الجد والعمة زهرة النظرات بترقب ثم ارتكزا بعينيهما على هذا الذي رمى بجسده فوق كرسيه ..مال الجد برأسه للأمام وهو يتساءل ..
.."..مالك يابني داخل كدة ..وفين ايمان مجتش معاك ليه...انتو اتخانقتوا .."..
..ظل ابراهيم صامتا حتى صاح الجد مجددا..
.."..ماتنطق ياابراهيم ..حصل ايه وفين ايمان.."..
..رجع ابراهيم بظهره للوراء وقال بصوت هادئ قوي..
.."..اللي حصل ياجدي ان مرات عمي المصون هي والتشين.. رتبوا مع بعض خطة محكمة عشان يوقعوا بيني وبين مراتي ..و عشان انا مراتي مخها طاقق نجحوا وخلوها تمشي وتسيبني من غير ماتسمعني..عرفت ياجدي ايه اللي حصل.."..
..هبت زهرة من مكانها واخذت تلوح بيدها تهتف بخوف..
.."..يعني ايه..ايمان فين ياابراهيم..راحت فين.."..
..هب ابراهيم هو الاخر واخذ يغدو بخطواته الواسعة يمينا ويسارا وهو يشرح ماحدث ثم وقف مكانه يمسح رأسه بقوة حتى كاد ان يقتلع شعره من جذوره..وهو يقول..
.."..اللي مجنني ان مافيش مكان ممكن تروحه غير بيتها في الحارة او هنا في الفيلا ..انا ماسيبتش مكان مدورتش فيه ..تبقى راحت فين بس.."..
..ظهر الوجوم بوجه الجد وهو يشبك اصابع يديه ببعضهما..أما زهرة فقد انتفخت اوداجها وشعرت ببركان غضب يفور بصدرها.. وبصوت غاضب قالت ..
.."..للدرجاتي يااصلي وصلت بيكي الدناءة والطمع انك تعملي كدة ..حبيبتي ياايمان ياترى انتي فين.."..
..قال الجد وهو ينظر للفراغ أمامه ..
.."..دور على مراتك ياابراهيم ومترجعش من غيرها..أما عمك ومراته فسيبهم ليا انا ..ان الاوان يقفوا عند حدهم ..كفاية عليهم لغاية كدة .."..
..خرج ابراهيم باتجاه غرفته وامسك بهاتفه يعاود الاتصال بصلاح ولكنه سب بصوت عال عندما اجابه الصوت الالكتروني بان الهاتف من الجائز ان يكون مغلقا او خارج نطاق الخدمة ..دلف لغرفته وصفق الباب بقوة وهو يهمس بداخله .."..انتي فين ياايمان ..الاقيكي بس وساعتها هاعلمك ازاي تهربي تاني.."..
********
..كانت ايمان تجلس بالاتوبيس الذي ركبته متجهة للحي الذي تقطن به ..مسحت دموعها بسرعة وهي تسب نفسها عندما تذكرت ماحدث للمرة الالف ..شعرت بمن يربت فوق كتفها فنظرت لتجد يد امراة عجوز والتي كانت تجلس بجانبها وبوجهها الباسم قالت..
.."..هونيها على نفسك يابنتي وقولي يارب من قلبك...وهو مش هيسيبك ابدا .."..
..نظرت ايمان للسيدة وحاولت ان ترسم على شفتيها ولو ابتسامة شاحبة ولكنها لم تستطع غير ان تردد بصوت خافت..
.."..ياارب.."
..وبعد برهة من الوقت وعند محطة نزولها ..نزلت من الاتوبيس وما ان اقتربت بخطوات بطيئة من حارتها وجدت صلاح حاملا حقيبة ملابسه متجها اليها بعد خروجه من الحارة وهو يشير لها باستفهام...
.."..ايمان.. ايه مالك ..جاية لوحدك ليه .."..
..وقفت ايمان بمكانها وودت لو انها ترتمي بحضنه لتبكي وتشكو اليه ولكنها قالت بلهفة ..
.."..خالي لو مسافر خدني معاك ..الله يخليك يا خالي .."..
..وقف صلاح بقبالتها ورمى بحقيبته ارضا ثم قال وهو يمسك بكلتا ذراعيها ..
.."..يابنتي انطقي مالك ..جوزك الجلف دا مزعلك ..تعالي معايا نروحله وانا هكسرلك دماغه قصادك .."..
..هزت راسها بالنفي وقالت وهي تحاول بصعوبة ان لا تبكي أمامه..
.."..هحكيلك على كل حاجة ..بس خدني من هنا ..انا مش عايزة حد يعرف مكاني عشان مش عايزة اشوف حد..بالله عليك ياخالي.."..
..هز صلاح رأسه باستسلام وقال..
.."..ماشي ..ماشي..هاخدك معايا .."..
..امسك بحقيبته وحاوط كتفها بذراعه العضلي الضخم وقال وهو يسير بها بجانبه..
.."..عايزك ماتفكريش في أي حاجة تزعلك..وحطي في راسك ان خالك موجود ومش هيخلي حد يقربلك ولا يمسك بسوء.."..
..وبابتسامة باهتة فوق شفتيها رددت ايمان ..
.."..ربنا يخليك ليا يا خالي .."..
..وبسيارة السفر الذي استأجرها صلاح جلست ايمان بجانب خالها واستندت براسها على زجاج نافذتها تنظر للطريق بعيون دامعة حتى شعرت بألم يضرب قلبها وهي تسمع الاغنية التي تصدح نغماتها عبر مسجل السيارة وهي تقول..
..*..سلااام ..
.. وانا همشي من سكات وبودع أملي فيك..
..ياحلم بسرعة فات لما اتعشمت فيك..
..جاية بسلم عليك ..ودعني بإهتمام..
..سلام انا تقريبا مشيت ..اشوف وشك بخير..
..انا تقريبا نسيت ..ومفارقك من كتير..
..بعد لقانا الاخير..مش بستطعم كتير..
..سلااااااام...*.........
..وبعد انتهاء الرحلة واقترابهما من الشارع الذي يقطن فيه منزل صلاح..
..امسك صلاح بكف ايمان التي كانت تسير بجانبه مغمضة العينين لتأخذ نفسا عميقا معبأ برائحة البحر لتقول بصوت هادئ يشوبه الكثير من الحزن..
.."..البحر ريحته حلوة اوي ياخالي ..مينفعش نروح نقعد قصاده شوية .."..
..اجابها صلاح بعد ان التوت شفتيه بابتسامة طفيفة ..
.."..الوقت اتأخر واحنا جايين من سفر ..بكرة تقعدي قدامه لغاية ماتشبعي .."..
..اقترب صلاح من بيته فلمحه صديقيه الذي همس احدهما للأخر ..
.."..آيوووه..شوف كابتن صلاح راجع من السفر وفي ايده صاروخ ..هو اتجوز ولا ايه .."..
..ليجيبه صديقه وهو يتمعن بتلك الفتاة الغريبة ويقول ..
.."..باين كدة ..بس معقولة يتجوز من غير مانعرف .."..
..لوح احدهما بذراعه عاليا يشير لصلاح وهو يصيح بصوت عال..
.."..حمدالله ع السلامة يابطل .."..
..توقف صلاح ليرى من القادم ناحيته فابتسم قائلا عندما توقف صديقيه بقبالته هو وايمان..
.."..الله يسلمك ياعمرو ..عامل ايه ياض منك ليه..."..
..تبادل المصافحة بينهما ليقول عمرو بعد ان اختلس نظرة جانبية لايمان التي لم تحاول حتى النظر اليهما..
.."..ايه يابطل نقول مبروك ..شكلك عملتها من ورانا كلنا واتجوزت.."..
..ضحك صلاح وقال وهو يحاوط كتفي ايمان ..
.."..لا ياسيدي متجوزتش ..دي ايمان بنت اختي اللي عايشة في القاهرة ..جيبتها معايا تقعدلها يومين .."..
..نظر صلاح لايمان واستطرد قوله ..
.."..اعرفك ياستي ..عمرو وطارق اصحابي وابطال بردو .."..
..نظرت ايمان لهما نظرات جامدة وهزت راسها وهي تردد بصوت هادئ..
.."..اهلا .."..
..التمعت عيني عمرو عندنا سمع صوتها واخذ يتمعن بملامحها الحزينة ليردد قائلا..
.."..اهلا بيكي ياأنسة ايمان..اسكندرية نورت .."..
..مد صلاح ذراعه ليزيح عمرو من امامه وهو يقول بنزق ..
.."..دا نورك ياخفيف ..سلام عشان جايين من السفر وتعبانين .."..
..فرك عمرو رقبته وهو ينظر لهما بعدما تخطاه وصاح مبتسما كالأبله وبصوت عال..
.."..سلام يابطل ..اشوفك بكرة.. "..
..فتح صلاح باب شقته واشار لايمان بالدخول وهو ورائها ثم قال بعد اغلاقه لباب الشقة ..
.."..كان نفسي اعرفك على امي ..بس زمانها نايمة دلوقتي.."..
..وضع صلاح حقيبته ارضا واستطرد قوله لايمان..
.."..انا هسيبك ربع ساعة بس اروح اجيبلك اكلة سمك جاهزة وهاجي على طول ..خدي راحتك ..بيت خالك هو بيتك ياايمان .."..
..اسرعت ايمان بمسك ذراع صلاح وهي تقول بصوت مرتعش..
.."..انا مش جعانة ياخالي والله ..وكمان سمك ايه اللي هناكله بالليل كدة..احنا لسة جايين من مشوار سخن وانت هتخرج تاني ..خليك ياخالي .."..
..تعجب صلاح من حالتها وامسك بذراعها متجها بها ناحية الاريكة وبعد ان جلسا قال وهو يربت فوق وجنتها ..
.."..عندك استعداد تحكيلي ايه اللي حصل واللي خلاكي تيجي معايا ومش عايزة حد يعرف انتي فين.. ولا لأ.."..
..اخفضت رأسها لاسفل وتهدلت اكتافها ثم بدات دموعها تنهمر فوق وجنتها دون ان تنبث بكلمة واحدة..
..تنهد صلاح ببعض الضيق وقال وهو يهز كتفها بهوادة ..
.."..متعيطيش واتكلمي ..عياطك دا بيخليني اتجنن زيادة وممكن دلوقتي ارجع القاهرة اكسر رقبة جوزك وارجعلك بيها.."..
..حاولت ان تبتسم ولكنها لم تستطع سوى ان تمسح دموعها وتبدأ قولها ..
.."..هاحكيلك على كل حاجة..من اول ماشوفته في الطيارة لغاية مانا قاعدة معاك دلوقتي .."..
..جلس صلاح وشبك ذراعيه وهو يستند بظهره على الاريكة ويقول ..
.."..وانا سامعك يابنت اختي .."..
..بدأت ايمان تحكي له منذ بداية معرفتها بعائلتها الثرية بعد وفاة والديها بثلاث سنوات ثم اضطرارها لقبول الزواج من ابن عمها تنفيذا لرغبة الجد خوفا على صحته اذا رفضت ..ثم التصادم بينها وبين افراد عائلتها الجديدة والمشاكل الجمة التي اوقعت فيها زوجها دون قصد منها.. تعلقها الشديد بجدها وعمتها حتى بكل من يعيش بالقصر كالسائق إمام والسيدة فاطمة وابنتها عائشة وكل العاملين هناك ..حتى تعلقها بالمناوشات التي تحدث مع مراد ..الى صدمتها الكبرى وكسر قلبها بما عرفته وشاهدته بمكتب زوجها التي وقعت بحبه دون ان تدري  وتألمها الشديد عندما شاهدت حبيبته التركية تقبله وهي تخبره بأنها سوف تنجب منه قريبا..
..تقطب جبين صلاح وقال وهو ينظر لها بقوة..
.."..يعني انتي سيبتي جوزك وعيلتك والبيت والدنيا كلها.. ومشيتي كدة.. من غير حتى ماتسمعي من الطرف التاني.."..
..قطبت جبينها وضاق مابين عينيها وهي تقول..
.."..ايه الطرف التاني دا .."..
..زفر صلاح بضيق وهو يقول ..
.."..جوزك ..اللي مجرد انك شوفتي البت التركية معاه وبتكلمه ..سيبتيهم ومشيتي كدة.."..
..هبت ايمان لتقف وتقول بعصبية ..
.."..كنت عايزني استنى واسمع منه ايه تاني ياخالي اكتر من اللي شوفته بعيني.."..
..اخذت تغدو بأرجاء الصالة ذهابا وايابا وهي تلوح بيدها وتقول بحسرة ..
.."..ابن عمي المحترم ..ساب حبيبته وابنه اللي في بطنها عشان طمعان في  الثروة اللي جدي كتبها باسمي..وانا اللي كنت بتعجب وبقول ..ايه اللي يخلي واحد اوبهة زيه يتجوز واحدة زيي ..اتاريه ضحك عليا بكلامه الحلو...بس انا اللي غبية وصدقته .."..
..هب صلاح بدوره ووقف وهو يهدر بها ..
.."..انتي فعلا غبية .."..
..تسمرت ايمان بمكانها بعد مااجفلها هدر صلاح بها واستطراد قوله بصوت غاضب..
.."..بصي ياايمان ..انا صحيح بستغلس جوزك ومش طايقه..بس بردو انا ليا نظرة في الراجل اللي قدامي واتعاملت معاه...الحكاية دي انا مش مستريحلها..في حاجة غلط..وانتي مغفلة انك مسمعتيش من ابراهيم  .."..
..انهمرت دموعها وهي تقول بلا وعي وكانها لم تعي ماقاله صلاح..
.."..حامل ..طلعت حامل منه ياخالي .."..
..اقترب منها والغيظ يرتسم بوضوح فوق ملامح وجهه وقبل ان ينطق صدح صوت والدته وهي تقول بتوجس..
.."..مين اللي برة ...انت جيت ياصلاح يابني.."..
..صاح صلاح بصوت عال ..
.."..ايوة ياأمي ..دقيقة وجايلك .."..
..امسك صلاح بكتفي ايمان وهو يقول لها بصوت هادئ..
.."..نقفل دلوقتي ع الموضوع دا ..وتعالي اعرفك على امي ..الست هنية ..ست كبيرة وطيبة اوي ..بس خلي بالك انها بتنسى كتير ..يعني لو سألتك كذا مرة عن حاجة واحدة متستعجبيش ولا تضايقي .."..
..هزت ايمان رأسها بالايجاب وهي تمسح وجهها وتقول ..
.."..لا ياخالي متقولش كدة ..اضايق دا ايه...ربنا يخليها ويديها الصحة ويشفيهالك .."..
..نظر اليها صلاح بوجه باسم وربت فوق وجنتها ثم حاوط كتفها بذراعه وتمتم بصوت خافت وهو يتجه لغرفة والدته..
.."..طب تعالي معايا ..واستلقي وعدك.."..
..التفتت ايمان برأسها وهي تقول بتعجب ..
.."..نعم ياخالي ..بتقول حاجة.."..
..اجابها صلاح مسرعا ..
.."..لا ولا حاجة ..تعالي ..تعالي.."..
..دلف صلاح داخل الغرفة اولا متجها لفراش والدته ..التي كانت تجلس مرتدية جلبابها القطني وبيدها مسبحتها ذات الحبات اللؤلؤية باللون الازرق ..ابتسمت والدته وبوجهه بشوش قالت ..
.."..حمدالله ع السلامة ياقلب امك ..طولت الغيبة ياصلاح ..امك مش بتوحشك ياواد.."..
..جلس صلاح بجانبها وامسك بكف يدها وطبع قبلة قوية فوق ظهره وهو يقول ..
.."..مقدرش استغنى عنك ياست الحبايب ..بس انتي عارفة ..البطولات والسفر والتحضير للمشروع الجديد بتاعي في مصر.."..
..ربتت العجوز فوق وجنته بحب ولكنها لمحت تلك الفتاة الغريبة التي تقف متسمرة عند الباب تنظر اليهما بترقب ..فقالت العجوز وهي تمسك بأذن صلاح بقوة ..
.."..بتضحك عليا يابن بطني وتقول سفر وشغل ..وانت اتجوزت من ورايا وجايب عروستك معاك واقفة متنحة هناك اهي .."..
..ضحك صلاح وهو يمسك بيد والدته وقال ..
.."..عروستي ايه بس ياما ..دي ايمان بنت اختي منى الله يرحمها.."..
..نظرت العجوز هنية للفتاة التي لوحت لها بكفها وهي تقول ..
.."..ازيك ياحجة .."..
..افلتت العجوز اذن ولدها واشارت للفتاة بأن تتقدم ناحيتها ..
..تقدمت ايمان ناحية الفراش ليقف صلاح ويفسح لها مكانه لكي تجلس بجانب والدته ..ثم قال..
.."..اقعدي ياايمان وسلمي على ستك هنية .."..
..لم تحد عيني العجوز عن وجه ايمان وقالت ..
.."..انتي اسمك ايمان وتبقي بنت منى .."..
..هزت ايمان راسها بالايجاب وهي تقول .."..ايوة ياستي.."..
..عاودت العجوز اسئلتها وهي تميل بوجهها قبالة وجه ايمان وقالت بترقب..
.."..ستك أم أمك كانت حلوة يابت ولا كانت وحشة..اكيد كانت وحشة ..الله يرحمها بقى ..". 
..ضاق مابين حاجبي ايمان التي صاحت وهي تعتدل بجلستها فوق الفراش..
.."..لا ياستي ..ستي ام امي الله يرحمهم هما الاتنين .. كانت زي القمر.."..
..امسكت العجوز بأذن ايمان واخذت تدفع برأسها يمينا ويسارا وهي تقول بغيظ ..
.."..هي مين دي اللي كانت قمر يابت انتي ..لو كانت قمر ياختي ..مكانش جدك سابها وطفش وجيه على هنا واتجوزني ..انتي مين يابت انتي.. وامك اسمها ايه .."..
..حاولت ايمان ان تتخلص من قبضة العجوز المتشبثة بأذنها وهي تقول ..
.."..ياستي خلاص ..حقك عليا ..ابوس ايدك سيبي ودني ..هتنخلع في ايدك..  انا ايمان بنت منى ..انتي نسيتي ولا ايه..انا مش عارفة ليه كل اللي عايز ينقرزني يمسكني من ودني..الحقني ياخالي.."..
..كتم صلاح ضحكاته بصعوبة.. فامسك بكتفي ايمان لتقف بقبالته بعد ان خلصها من قبضة والدته وقال ..
.."..تعالي معايا اوريكي الاوضة اللي هتنامي فيها.."..
..وعند باب غرفة ايمان بشقة صلاح صدح رنين هاتفه ..نظر صلاح لهاتفه وقال وهو يمط شفتيه بتعجب..
.."..رقم غريب.."..استطرد قوله وهو يضع الهاتف فوق اذنه ..
.."..الو ..مين معايا .."..
..وبصوت اجش قوي يخفي بين طياته لهفة واضحة قال ابراهيم ..
.."..انا ابراهيم سالم .."..
..نظر صلاح لعيني ايمان وهو يقول ..
.."..ابراهيم .."..
..كتمت ايمان شهقتها وظلت تقفز بمكانها وهي تلوح له بيدها بالنفي ..
..فحدق بها صلاح بنظرة قاتلة لكي تصمت ثم قال ..
.."..خير يااستاذ ابراهيم ..في حاجة.."..
..تقف ابراهيم بضيق وهو يقول ..
.."..ايمان يا استاذ صلاح ..بسأل على مراتي ..واللي اكيد هي معاك دلوقتي بعد ما مشيت من الشركة لوحدها من غير ماتقول لجوزها كلمة واحدة .."..
..اجابه صلاح دون وهو يحاول ان ينفض تلك التي تعلقت بذراعه وتحاول ان تقفز لتصل للهاتف وتسمع مايجري من حديث ..
.."..انا معرفش انت بتتكلم عن ايه..ومراتك معرفش هي فين ..اتفضل روح دور عليها ..سلام .."..
..اغلق صلاح الهاتف لينظر لتلك التي ارتسم بملامحها علامات حزن واضحة وقال ..
.."..ارتاحتي كدة .."..
..كان صدرها يعلو ويهبط بقوة وقالت بصوت يشوبه الكثير من العناد والغيظ..
.."..ايوة ارتحت ..انا ...انا مش عارفة هو بيسال عليا ليه من اصله.."..
..اجابها صلاح ساخرا وهو يدفع بها داخل الغرفة ..
.."..عشان واحد غبي ..زيك بالظبط .."..
..وأمام سرير صغير يقبع داخل غرفة تحوي القليل من الاثاث البسيط قال صلاح ..
.."..هجبلك حاجة من هدوم امي تلبسيها ...وبكرة ان شاء الله نروح نشتريلك كل لوزامك ..ارتاحي ومتشيليش هم حاجة ..مفهوم .."..
..التمعت عيني ايمان وقالت بصوت يشوبه الكثير من الحزن..
.."..ربنا يخليك ليا ياخالي.."..
واثناء ذلك نظر ابراهيم لشاشة هاتفه عندما قطع صلاح الاتصال بوجهه ..فزفر بارتياح وهو يقول ..
.."..الحمد لله .."..
..فقد فهم رسالة صلاح المستترة و ان كانت فظة بمحتواها ..
..نظر ابراهيم للباب عندما سمع بالطرقات فوق سطحه فبصوت عال قال..
.."..اتفضل.."..
..دلف مراد لغرفة ابراهيم والخزي يملأ عينيه وقال بصوت خافت ..
.."..انا اسف ياابراهيم ..اسف ليك ولايمان بالنيابة عن بابا وماما .."..
..ربت ابراهيم فوق كتف مراد ثم حاوطه وهو يقول..
.."..هي عمتي لحقت تحكيلك.."..
..رمى مراد بجسده فوق الكرسي وهو يقول بحزن..
.."..عمتي محكتليش حاجة ..انا سمعت من اصحاب الشان نفسهم .."..
..قطب ابراهيم جبينه وهو يجلس بقبالة مراد وقال ..
.."..ازاي يعني ..مش فاهم.."..
..تنهد مراد واخذ يروي لابراهيم ماحدث عندما ترك المكان الذي تعيش فيه الطبيبة اسيا ..الطبيبة التي ملكت قلبه منذ الحقنة الاولى والتي غرزتها بذراعه ..ولذلك قرر ان يفاتح ابويه حتى وان كان على خلاف معهما ولكن هذا قرار مصيري ويجب اشراكهما به فقرر الذهاب اليهما ..
..كان يضع كلتا كفيه بجيلي بنطاله ويصدر لحنا سعيدا من خلال شفتيه المضمومة عندما دلف داخل فيلا والده ..وجد الخادم يرحب به ترحيبا كبيرا ويقول..
.."..ياأهلا يامراد بيه ..البيت نور ..حمدالله ع السلامة.."..
..كان مراد يتعجب من نفسه ومن حالته التي وصل اليها من مجرد رؤيته للطبيبة اسيا وحديثه معها ولو لمجرد كلمات قليلة ..ابتسم وهو يقول للخادم ..
.."..الله يسلمك ..هو بابا في اوضته ولا في المكتب.."..
..اشار الخادم ناحية المكتب وقال ..
.."..في المكتب مع اصلي هانم .."..
..اسرع مراد ناحية المكتب عاقد العزم على فتح موضوع اسيا والتصميم على الارتباط بها مهما واجهته من صعوبات ..وعند اقترابه من باب المكتب الموارب استمع لابيه وهو يسأل والدته..
.."..انتي متاكدة انك خلصتي من البنت دي تماما .."..
..تأففت اصلي وهي تضع ساقها فوق الاخرى قائلة ..
.."..البنت مشيت من الشركة وحسب معلوماتي لحد دلوقتي .. انه مش لاقيها ..وحتى لو لاقاها البنت شافت بعينيها دليل خيانته ..واعتقد ان بنت بالعقلية دي مستحيل ترجعله بدافع الكرامة على الاقل .."..
..اشعل سمير سيجارته ثم قال وهو يشير لها باصبعه ..
.."..المهم عندي انها تفضل مختفية لحد معاد القضية ..وبعدها بقى ترجعله او هو يلاقيها ميهمنيش .."..
..استقام بوقفته وبوجه باسم اتجه الى زوجته وامسك بكفها ليطبع قبلة قوية فوق ظهر كفها وهو يقول ..
.."..بس برافو عليكي حبيبتي ..عرفتي تظبطيها صح وتطفشي البت البيئة دي من البيت والشركة .."..
..اتسعت عيني مراد واسرع بفتح الباب ليصيح بصوت عال غاضب ..
.."..ايه اللي انا سمعته دا ..دبرتي ايه يا اصلي هانم لبنت عمي .."..
..انتفضت اصلي بمكانها وهي تردد بإسم ابنها ..
.."..مراد.."..
..ليصيح سمير وهو يقف بقبالة ابنه..
.."..انت ايه اللي جابك هنا ..و ازاي تدخل كدة ومن غير ماتخبط او تستأذن ..قعدتك مع البنت الشوارعية خلاك تشرب وتتصرف زيها .."..
..تخطى مراد ابيه وقال عندما جثى فوق عقبيه أمام والدته التي تجلس بصمت ..
.."..سالتك ياماما ..عملتي ايه في ايمان خلاها تسيب البيت زي مقولتي واعترفتي من شوية.."..
..امسك سمير بكتف سترة مراد ليقف بقبالته وهدر بصوت غاضب أمام وجهه..
.."..انت مالك انت ..وازاي تجرؤ من الاساس وتسال والدتك سؤال سخيف زي دا ..انت مش كنت سايب البيت واخترت تكون مع جدك ضدي ..ايه اللي رجعك تاني..امشي اطلع برة.."..
..كان ينظر لوحه ابيه نظرات الم وخزي مما سمع منهما فقال. 
.."..عارف يابابا انا لاخر لحظة حتى و انا في بيت جدي كنت معتبرك انت وماما نمبر وان في حياتي وان مهما كان ومهما حصل هرجعلكوا بالنهاية ..والدليل على كدة ان اول ماحسيت ان في حاجة جديدة في حياتي ظهرت وان الحاجة دي هي اللي هتسعدني ..جيتلكم عشان ابلغكم واخد رايكم ..لكن للاسف لقيت اتنين عماهم الطمع والجشع لدرجة انك ترفع قضية على جدي وكمان ماما تدبر مؤامرة تطفش بيها بنت عمي من بيتها وعيلتها .."..
..كز سمير اسنانه بقوة من شدة الغضب مما سمعه فدفع بإبنه ليصطدم ظهر مراد بالباب ..هبت اصلي وهي تقول بوجه ترتسم عليه ابتسامة مزيفة ..
.."..مراد حبيبي انت فهمت غلط ..لا انا و لا باباك لينا دخل باي حاجة حصلت للبنت دي .. "..
..اعتدل مراد بوقفته وقال ساخرا وهو يهندم سترته..
.."..اصلي هانم ..انا سمعت كل حاجة ..ومافيش داعي لادعاء البراءة المزيفة ..". 
..صرخ به سمير وهو يتجه ناحيته ..
.."..اخرس ياكلب ..وامشي اطلع برة ..مش عايز اشوف وشك هنا تاني ..". 
..هدرت اصلي بصوت باكي وهي تمسك بذراع زوجها ..
.."..لا ياسمير ..دا ابنك ..بليز ياسمير متخلهوش يمشي .."..
..اعطاهما ظهره ولكنه التفت برأسه وهو يمسك بمقبض الباب وقال بصوت جامد كنظرات عينيه ..
.."..انا همشي يابابا ..بس لعلمكوا انتو الاتنين ..اي محاولة منكم تجاه جدي او ايمان وابراهيم ..انا اللي هقف قصادكوا فيها ..وبكدة هيقولوا ماشابه اباه فما ظلم يابابا .."..

تعليقات



<>