رواية نفق الجحيم الفصل الحادي والعشرون والثاني والعشرون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم

 الفصل الحادي والعشرون والثاني والعشرون

 بقلم ريناد يوسف 

فضل أبو دراع باصص لكرار اللي عيتالم من حرق النار، ولغاية مارجعله كرار ووقف جاره، وهو مستنيه يعلن إعترافه بالغلط، او يبدي ندمه عاللي عيمله فشام، لكنه بعد مااتحدت معاه عرف إنه لساه باقي على موقفه.. وبعد ماكان ناوي يعترفله إنه حرقه بالقصد عشان يدوق نفس الوجع اللي دوقه لغيره، همله يمكن يخاف من انتقام ربنا وقصاصه بعد إكده طول مامش خايف من المخلوق. 


أما كرار فعاود للبيت من تاني ودخل اوضته ودخل سريره ونام النوم اللي بقاله كام يوم مجافيه يأما من الخوف أو من الوجع من ساعة العمله السوده. 


وشام كانت في الموطبخ ومن أول يوم حوريه قسمت عليها شغل زيها زي البنات ويمكن أكتر هبابه..وطول الوكت كانت بصالها وتبرطم وتدعى عاللي منه السبب فأذية ولدها وكسرة نفسه.. وشام قاعده ساكته وعتبصلها وهي مش قادره تستوعب بجاحة طبعها، وإنها كيف عتقلب الحقايق وتخلي الظالم مظلوم عشان ولدها؟ 


واللى وجع شام اكتر إن حوريه طلبت منها هي بالذات تقطع طماطم الطبيخ كله وهي عارفه إن يدها محروقه، وإن الطماطم لو جات عليها هتخليها تعض فالأرض من الوجع، لكن الظاهر إن ديه هو اللي كانت عايزاه.. لانها طول ماشايفه شام عتتوجع مرفلهاش جفن، ونفس بصة البغض كانت بصاهالها اكنها عتقولها أحسن ربنا يزيدك وجع. 


أما شام فاكانت بين كل طماطمايتين تخرطهم تقوم تفتح علي يدها مية الطرمبه عشان تمشي مية الطماطم اللى عامله كيف مية النار من عليها.. واللي غاظ شام أكتر وكان مخليها مستغربه، بدور اللي كانت طول الوكت بصالها ومبتسمه كيف ماتكون فرحانه فيها و فاللي عيجرالها كيف ماتكون عدوتها! 


أما الباقيين فكانوا عيخلصوا خدمتهم اللي فيدهم من سكات ولا يمهم شام ولا اللي عيجرا معاها، ولا منتبهين لأي حاجه، وكانوا يكلموا شام من وكت للتاني عشان تلافيهم حاجه من جارها أو تمسك حاجه بدال اللي ولدها جالها يبكي عايز حاجه 


ومن إهنه بدأت شام تحدد شخصيات البيت وتعرف مين معاها ومين عليها ومين ولا يمه. 


وصلوا أخيراً أهل شام لبلد بتهم الجديده، واللي بمجرد ماوصلوها حسوا بإختلافها عن بلدهم.. اهلها كانوا كتير وماليين الطرق، كل اللي يعدي من جار التاني يعدي ساكت لا يشاورله ولا يصبح عليه ولا يقف معاه يسأله عامل ايه وكيف أحواله! زي مايكون محدش فيهم يعرف التانى كأنهم عابرين سبيل اغراب!


وإهنه الكل عرف ليه اهل البلد داي طلعوا عيال كيف اللي دبحوا شام.


وصلوا اخيراً حدا بيت المقاول، ونزلوا كلهم من الطرومبيل من بعد مانزل توفيق ورحب بيهم وفتحلهم البيبان، ودخلهم البيت، اللي أول مادخلوا من بوابة جنينته خدتهم الهوله من كبر الجنينه والشجر اللي فيها، وكمان عالبيت المغفلق اللي مشافوش بيت فكبره قبل سابق ولا حتي بيت عمدة بلدهم.


أما توفيق فوجه كلامه لعبد الصمد وقاله: معلهش يابو شام هتستني إهنه جار مخلوف عشان الدار كله حريم ومينفعش راجل غريب يدخل عليهم، ديه نظام بيتنا عاد.. وشام بتك هجيبهالك لحد عندك.


جاوبه عبد الصمد بسرعه :


ايوه امال ايه اني عارف فالاصول زين ومكنتش هدخل لحالي.. أني هستني إهنه جار الراجل الزين ديه.. قالها وبص لمخلوف اللي تبسمله ورد عليه:


ربنا يكرم اصلك ياراجل ياطيب.. اقعد اقعد عالمصطبه إهنه واني حالاً هعملك كباية شاي عالدمسه تعدل دماغك محدش يعرف يعملها غير عمك مخلوف.


توفيق: له يامخلوف ضيافة عبد الصمد هتطلع من بيتي فلاول ومن بعدها إعمل الشاي اللي إنت عايزه.. بس قبلها قول لابو دراع ينزل الحاجه اللي جايبينها الجماعه  من الطرومبيل ويجيبها  يحطها علي باب البيت عشان الحريم يدخلوها. 


مخلوف:


 ايوه بس ابو دراع مقاعدشي.. راح البندر من هبابه يجيبلي زيت كافور عشان دورلي في البلد ملقاليش..هو على جي مش هيعوق. 


توفيق:


طيب لما يعاود اوبقي قوله عاللي قولتهولك، ودلوك يالا يامستورين معاي علي جوه.


وإتقدم توفيق ودهب وبناتها التنين وراه ودخلوا البيت، ومن أول مادخل وعديله وعيته وشافت اللي داخلين وراه بفرحه قالتله:


إتجوزت ياتوفيق؟ اخيراً ربنا هداك ورد عقلك فراسك وغيرت عتبتك الفقريه.. مين فيهم العروسه قولي قوام.


توفيق رد عليها بإحراج:


إتجوزت إيه بس يمه دول أم شام وخياتها جاين يباركولها ويشوفوها.


عديله بخيبة أمل:


واه.. والله فرحتلك ياولدي وقولت ربنا عوض عليك.. نهايته.. قربوا مني يااقماع الجلاب وسلموا عليا.. مين فيكم أم شام؟ عيني بارده عليكم كلكم أحلى وأصبى من بعض.


إتقدمت عليها دهب وهي عتقولها:


والله مافيه غير لسانك الحلو ياخالة.. أني أم شام ودول خياتها بسيمه وبشاير.


عديله وهي عتفحص فيهم كلهم:


مشاء الله ربنا يحرسكم من العين يابنيتي.. أني أم توفيق جدة جوز بتك.. نورتوا دارنا يالمض البنور.. نادم ياتوفيق علي شام خليها تاجي لأمها وخياتها..هي في الموطبخ مع الحريمات. 


توفيق: وفين الرجاله أمال مشايفش حد فيهم؟


عديله: كل واحد راح لغرفته يتسبح بعد مادخلتله مرته الميه الحاميه.. فيش غير عزت بس اللي اتسبح وطلع لواد صاحبه نادم عليه.


توفيق: وكرار وين أمال؟


عديله: دخل اوضته من بدري ومليهش حس كنه نام.. عريس عاد وعشيه مشبعش نوم.. تعالوا ياحبايب فأوضتي علي ماشام تاجيلكم تعالوا.


وخدت عديله دهب والبنات ودخلتهم اوضتها.


اما توفيق فراح علي الموطبخ ولقي الحريم شغالين فتجهيز الوكل، وحوريه عتغطي حله وتعري التانيه تبص فيها.. فاتنحنح وقال:


السلام عليكم.. يديكم العافيه يابنات.. شام أهلك بره جابولك صباحيتك وجولك يشوفوكي ويطمنوا عليكي.. اتركي من يدك يابنيتي وقومي روحيلهم.. وانتوا ياحريم مهوصيش علي كرم ضيافة بيت توفيق عاد.. اعملوا بأصلكم واكرموا ضيوفكم.. يادوبه خلص كلامه وهبت شام بفرحه، وراحت عالطرمبه غسلت اديها وطلعت بلهفه وشوق من جار توفيق راحت علي الحبايب تطمنهم عليها وتطمن عليهم..وسمعت حس توفيق وراها عيقولها.. على مهلك يابتي احسن توقعي بالهداوة.. هما فأوضه ستك عديله قاعدين. 


وفضل مراقبها ومبتسم علي فرحتها ولهفتها لغاية مادخلت أوضة أمه، وبعدها بص لحوريه وقالها توديله ميه وغيار عالحمام يتسبح.. واتحرك وهمل حوريه وراه تلوي فخشمها يمين وشمال بعدم رضى.


ورده: هنعملوا ايه للضيوف يمه.. اعملهم حاجه يشربوها ولا نقدملهم الغدا فلاول ديه معاد غدا وعيب مننا.


حوريه بغيظ:


قدميلهم سخام يسخمهم.. ليه نغدوهم جايين وفاتحين بطنهم علينا ولا ايه؟ جايين لبيوت الناس بجوعهم! قندليلهم ايوتها سم هاري يشربوه علي مااروح اودي الميه الحاميه لابوكم.. ولا اقولك يابت يانعمه تعالي إنتي ودي الميه اني معدتش اقدر اطلع السلم بطولي مش اطلع ببستلة ميه.. اني عجزت خلاص، ومن بكره هبدل كرار واخد أوضته واطلعه فوق هو ومرته اهو اتجوز ويحقله يسكن وسط المتجوزين.


هي خلصت كلامها وعدويه اختها ردت عليها بضحكه:


قولنا الحديت ديه قولتوا إطلعوا من البلد.. بس اهه الحق عيطلع لحاله من الشق.. وقولتي قدام الكل إنك عجزتي.. يوبقي هملي جوزك يتجوز عاد. 


حوريه: فشرتي ياشمَّاته.. الدهن في العتاقي.. وبعدين مالك ومال جوزي انتي هتعمليلي زي مرت عمك البومه ولا ايه؟ وان كان علي هبابة الميه اللي هيخلوكي تفتحي خاشمك العفش ديهم اااهم.. والله ماحد يطلعهم غيري.. وشالت بستلة الميه وطلعت وهملت الكل يضحك عليها وعلي خوفها احسن توفيق جوزها يتجوز عليها


أما شام فمن اول مافتحت باب الأوضه وشافت امها واخواتها البنات شهقت بالبكا وجرت علي أمها واترمت فحضنها، والتانيه دموعها مقصروش ونزلوا عشرات شوق ولهفه ومحبه وقلق.


ودهب بعدت شام عن حضنها وبصت فوشها وبحنان قالتلها:


طمنيني عنك يابنية قلبي عامله ايه وكيف كانت عشيتك مع جوزك؟


ردت عليها عديله:


هتكون كيف يعني مانتي خابره إن رايتها حمره ولا هو حوان مهيعتقش؟


دهب بخجل: مقصديش ياخاله عاللي فبالك قصدي في المعامله يعني والقبول .


عديله بحرج:


له لو هتتحدتوا فالمعامله والقبول والفضفضه اقوم اني عشان تكونوا علي راحتكم.. خلصت جملتها وقامت وهملتهم لحالهم عشان شام تقدر تشكي لامها وتفضفض وتطلع اللي فقلبها براحتها.. وهي وطالعه برطمت مع روحها بحس مسموع.. ماهو حوان صوح ومعيعتقش انتي نسيتي ياعديله ياك.. بس هقول ايه طالع لامه الحوانه الكبيره. 


اما شام فبعد ماطلعت عديله التفتت لخياتها وخدتهم وحده وحده فحضنها وفضلت تبوسهم وتضمهم لقلبها.. وبعد السلامات شدتها امها دهب منهم؛ عشان تقعدها جارها وتتحدت معاها من خوفة الوكت يسرقهم وميلحقوش يتحدتوا.. ولكنها بمجرد ماعيملت إكده شام إتألمت لانها مسكتها من يدها المكويه.. ولما شام اتألمت أمها قلبت يدها وشهقت وهي واعيه الحرق فبطنيتها..وحتي اخواتها التنين شهقوا زيها. 


ودهب سألتها بخوف: يامري عليكي ياشام وعاللي نابك.. من وين جالك الحرق ديه يابنيتي وكيف اتحرقتي؟


ردت عليها شام بعد ماشافت الخوف اللى كسا عنيها وملامحها، وشافت إنها مش ناقصه هم فوق همها:


ديه حرق من الكانون يمه.. كنت عايزه احمي الميه لجوزي يتسبح ومعرفتش اولع الكانون فوطيت عشان انفخ فيه اولعه رحت محمله علي بصاية نار بحيلي كله. 


دهب بوجع: ناقصه انتي حروق ووجع يعني ياشام؟ بس ديه كله من تحت يدك يابنيتي.. ياما قولتلك اتقربي عالكوانين واتعلمي تشعليها واتعلمي شغل البيت بس انتي ولا كان يمك.. وادي أول بشاير الخيابه عتبان اهه. 


شام: 


بسيطه يمه وبعدين العلام اللي عيكون بوجع عمره ماعيتنسي تاني.. واديني إتعلمت آخد بالي وأشعل الكانون كيف المره الجايه.. المهم طمنيني عنك وعن ابوي..الا صوح هو وينه مجاش معاكم ليه؟ 


بسيمه:


له جه ومستنيكي بره عشان تطلعيله بعد ماتسلمي علينا.. تعالي سلمي عليه واني هروح معاكي عشان ارجعك من عنده قوام ونكملوا قعدتنا مع بعض فيه كلام كتير عايزين نتحدتوا فيه معاكي. 


وبالفعل بسيمه خدت شام وطلعت بيها عشان توديها تسلم علي ابوها، وعديله لما شافتهم طلعوا من الاوضه قامت عشان تقعد مع ام شام واختها ومتهملهمش لحالهم عيب. 


اما بسيمه فبمجرد ماطلعت بشام من باب البيت وقفتها بعنف وهي عتقولها:


بت انتي.. اللي فيدك ديه مش حرق كانون وعيونك كانت فضحاكي وعتقول إنك كدابه وعتقولي أي حديت لامك بعيد عن الحقيقه.. انطوقي وقوليلي مين اللي عيمل فيكي إكده من أهل البيت.


شام بصت للارض واتنهدت بحسره قبل ماتقولها:


ومين غيره يابسيمه.. عملي الاسود اللي صادفني مره فليله سوده ومن ساعتها لزق فيا وحالف مايهملني واصل. 


بسيمه: جوزك البو؟.. طب وانتي عميلتيله أيه عشان يعمل فيكي إكده؟ 


شام: وهو اني ععمل ايه عشان تتعمل فيا أي حاجه من اللي عتتعمل يابسيمه؟ اني ولا عميلت ولا سويت. 


بسيمه بغضب:


والكفره اللي حواليكم دول هملوه يكويكي بالنار من غير ذنب ولا سيه ومحدش فيهم إتحدت؟ طيب تعالي هنقولوا لابوكي ونخلوه يكلم ابو البو جوزك ويشوفه اتهوس ولا ايه جراله فعقله عشان يعمل فيكي إكده. 


شام بخوف:


له يابسيمه إوعك.. أبوكي وامك مش حمل شيل هم.. هما جايين النهارده عشان يبردوا نار قلوبهم من تلاي مينفعشي يعاودوا بنار الخوف موهوجه زياده..هما جايين يشوفوا اني مرتاحه واني مهوريهمش غير اللي يريحهم وبعدين عمي توفيق أبوه قام بالواجب وزياده.. وضربه وهانه قدام الكل علي عملته فيا.. ديه حتي مسكني حطبه مولعه وقالي خلصي منيه تارك واحرقيه كيف ماحرقك. بس اني مرضيتش ورميت الحطبه وشكيته لربنا. 


بسيمه صكت علي سنانها بغضب وردت عليها:


ماانك خايبه ونايبه .. والله اني لو منك كنت حطيت الحطبه فعينه خزقتهاله المجرم ديه عشان يحرم يفتري عالناس.. بس اقول ايه من يوم يومك جبانه ومضيعه حقك بجبنك، وكنت متوكده إنك مهتاخديش ايوتها حق،، ياشام خربشي علي روحك القطه النفريه محدش عيقدر يوصلها ولا يمد يده عليها؛ عشان عيكون خابر زين إن يده اللي هتتمد هتعاود شالبه دم وموجوعه من ضوافرها وسنانها.. متوبقيش ساهله عشان الساهل عيتضرب بالبولغ وينداس عليه.. اني يابت ابوي عقولهالك لتاني مره وعقلك فراسك أعرفي خلاصك..داي حياتك ومحدش هيعيشها غيرك وكيف ماهتخططي خطاويها من اولها هتمشيهم لا هتحودي شمال ولا يمين.. ودلوك يلا عشان تكدبي على ابوكي هو كمان وتداري عنيه وجعك وتشيليه لحالك


 اصل اللي زيك الكلام فيها ضايع.


 تعرفي ياشام أني علي كد ماكنت زعلانه عليكي من اللي جرالك، علي كد مااتقهرت منك لما شوفت جوزك قدام عيني يوم كتب كتابكم.. الواد كان وشه سليم وبدنه سليم ولا فيه علامه لضفر منك علي وشه ولا اثر عضه علي خده ولا حتي ودن طاير منيها حته.. كانت فين اديكي واسنانك وهو عيعمل فيكي إكده ياشام؟ خلاص يختي كنتي مسلمه ورافعه اديكي في الهوا وعتقوليله هملني حرام عليك! ديه لو كنتي قولتيها من أصله؟ 


ردت عليها شام بوجع وهي عتفتكر اللحظات اللي عتتمني إنها مترجعلهاش حتي بخيالها مره تانيه:


مشفتهوش يابسيمه مشفتهوش.. كان اخر واحد ويادوب اللي كان قادر يتحرك فيها وهو فوقي هما عيوني.. عيوني اللي مشافوش منيه غير خاتمه ومناخيري اللي شمت ريحة انفاسه.. بس الأولاني اني ضربته وخربشته فرقبته وجلده طلع فضوافري.. بس التاني مسك اديا وكتفني.. اتكاتروا عليا والكتره تغلب الشجاعه يابسيمه.. واني كنت تحت منيهم كيف زرزور صغير ضعيف واقع من عشه.. بذياداكم لوم فيا ياناس علي حاجه مش بيدي وكأني كنت راضيه بيها وعميلتها بخُطري.. أني تعبت من الملامه والكلام اللي عيتقالي يابسيمه تعبت..خلصت جملتها وشهقت بالبكا، وبسيمه لما لقتها انهارت وجسمها بقي يرجف من وجعها خدتها فحضنها وهي عتقولها:


طيب خلاص متبكيش.. خلاص عشان ابوكي مايشوفش عنيكي حمره ويركبه الهم فوق ماراكبه.. وان كان عالحديت اللي عتسمعيه اسمعي وفوتي.. ملعون ابو الكل كليله.. وجوزك ديه ربنا يهديه ويحنن قلبه عليكي وينتقم منه كله مع بعضه..اقولك حاجه.. اكسبيه ياشام عشان تأمني شره وشر غيره.. لو كسبتي جوزك هيخرس عشان كل لسان يتحدت عليكي بكلمه شينه. 


شام وهي عتمسح عنيها:


هملينا من جوزي دلوك ومن كل حاجه وطمنيني علي صابر عامل ايه.. مشوفتيهش من أمبارح يابسيمه؟ 


ردت عليها بسيمه بغيظ:


له شفته ياشام وكان عيضحك مع زملاته ويتمسخر معاهم ولا يمه ولا كان فيه حاجه.. كان ماشي في الطريق يغني ياشام ولا كأن فيه حد غاب من حواليه. 


ردت عليها شام بوجع:


اباي ياصابر.. بقي إكده تهون المحبه؟ 


بسيمه:


ديه لو كانت فيه محبه، صابر طلع محبكيش ياشام ولا كانلك فقلبه ذرة غلاوة، اللي ينسى بين يوم وليله يوبقي عشقه كداب. 


شام اتنهدت بوجع وعنيها كساهم الهم، لكن بسيمه شافت إن إكده احسن عشان شام تقطع التفكير فصابر خالص.. آصلها لو قالتلها إنه يوم فرحها وقع من طوله وجابوله شيخ فضل يقراله طول الليل كان قلبها فرفح عليه وشالت همه فوق همها.. انما إكده تنساه كيف ماهملها وطلع واطي فلحظه سيطرت عليه غيرته وقلة اصله. 


شام : طيب خلاص يابسيمه سيبينا من سيرة صابر وسيرة. كل الناس، وهمي معاي اسلم على ابوي.. والله اتوحشته واتوحشتكم كني ليا سنين غايبه عنكم. 


وراحت شام لابوها وسلمت عليه، وطمنته عن حالها وطول الوكت مداريه ايدها المحروقه منيه عشان ميشوفهاش وتتعاد الأسئله من أول وجديد ويمكن النوبادي دموعها تغلبها وهي اللي ترد بدالها.. 


وبعد ما قعدت شام مع ابوها الوكت الكافي اللي خلاه يتطمن عليها وعلي احوالها وإنها مليحه وأن ربنا من عليها وعليه قبل منها بالجبر بعد الكسر، قامت من جاره عشان تدخل لأمها وخياتها وتكمل قعدتها معاهم.. 


ومع دخلتها هي وبسيمه، كانوا رجالة البيت بدأو ينزلوا من أوضهم، سلام ومعروف وصفوت، وبسيمه أول ماشافتهم حطت طرف طرحتها علي وشها تداريه من عيونهم اللي اكيد نجسه كيف عيون اخوهم، ودخلت مع شام علي اوضة عديله طوالي. 


أما توفيق فأمرهم يحضروا صينية وكل وحد من العيال يطلعهاله للجنينه عشان يتغدى هو وعبد الصمد مع بعض، وأمر إن صينيه زيها ومتقلش عنها فشى تدخل لأم شام وخياتها لأوضة أمه. 


واتنفذ الأمر الأول وحضروا صينيه وطلعها صفوت الجنينه، وكان أبوه سبقه وحلف علي عبد الصمد لازم يتغدي معاه، وقعدوا التلاته سوا ياكلوا توفيق وعبد الصمد ومخلوف.. وتوفيق طول الوكت باصص لتوفيق وعيحمد ربنا إنه جعل راجل زي ديه فحياة بته عشان ينصفها، وإحساسه بعدل توفيق نابع من إيمانه بإن سيماهم فى وجوههم.. ووش توفيق كان عيشع موده ورحمه. 


أما في البيت حدا دهب والبنات. 


إتفتح باب الأوضه من غير استئذان ودخلت منيه بدور شايله علي راسها صينية وكل، ووقفت فنص الأوضه بيها وحطت يدها فوسطها وبدت تهز فروحها ونقلت عيونها بين اهل شام وقالتلهم:


الوكل اهه.. عمي قال حطولهم وكل عشان جعانييين.. واتكت عالكلمه الأخيره بلؤم. 


دهب بصت لبناتها وبناتها بصولها والتلاته بصوا لشام كأنهم عيسألوها مين داي وعتتحدت إكده ليه؟ 


لكن اللي رد عليها عديله وهي عتقولها بنهره:


ومالك عتتقصعي وتتلوي وحاطه يدك فنصك وبارزه كرشك الفقري اللي عامل كيف كرش حي بالعله فار إكده ليه؟ متحطي الصينيه من سكات وتغوري تشوفي وراكي أيه؟ 


وعديله قالت إكده والبنات التلاته كتموا ضحكتهم بطرحهم، وبدور حست بالكسوف، وبالراحه شالت يدها من نصها وهمت عشان تنزل الصينيه، لكن حس بسيمه منعها وهي عتقولها:


وقفي ياحبيبتي متنزليش حاجه.. إحنا جايين واكلين وشبعانين ومهناكلوشي على شبع.. عاودي وكلك تاني. 


عديله: له يابتي عيب عليكي تردي ضيافة بيت الحج كارم داي حتي توبقي عيبه فحقنا! 


بسيمه: حاشاكم من العيبه ياجده.. بس إحنا صوح  واكلين قبل ماناجوا وشبعانين.. ومادام كلنا معندوقوش الزاد غير فوكت الوكل التاني.. وعشان إكده تلاقي جسمنا حلوا وعودنا مرسوم رسم مش مفشول ولا فينا كروش.. وحتي بالأماره واكلين رايب.. اصلنا عنحبوا الرايب ودايماً عناكلوه.. واعياشي جسمنا اوبيض كيف من كتر وكل الرايب. 


قالت كلامها وهي عتكشف معصم يدها لعديله اللي صلت علي النبي وردت عليها:


الله اكبر عليكم وعلي امكم.. والله صوح من كتر وكلكم للرايب بقيتوا كيف الرايب بيض وتشرحوا النفس الحزينه.. خلاص روحي يابدور بوكلك واعمليلهم حاجه يشربوها.. واوبقي كلي رايب عمال علي بطال ياكشي يعمل حاجه فيكي، وقولي لحريم البيت يلهطوا رايب يمكن حالكم  يتعدل وتنوروا هبابه جاكم الطين. 


وبمجرد ماعديله قالت إكده بدور مشت بالصينيه تاني من غير ماتنطوق ولا حرف ووشها مدخن من الكسوف.. ودهب طول مابسيمه تتكلم كانت تدكم فيها عشان تسكت وبسيمه مفيش. 


اما عديله فبصت لبسيمه بعد مابدور مشت وقالتلها وهي عتضحك:


والله مانك هينه يامفلفَله انتي.. بس جدعه عتاخدي حقك بلسانك مش كيف المطَبِخه داي.. قالت إكده وشاورت علي شام بعنيها. 


وإهنه ردت عليها دهب:


شام أغلب وحده فخياتها ياخاله وحمالة اسيه.. وعلي كد جلعها اللي اتجلعته علي يد ابوها وعلى حسه، على كد جلدها وصبرها على كل شينه تقابلها.


شام مغمضه واني هعلقها أمانه فرقبتك عشان شفتك أهل للأمانه.. وحياة حبيبك النبي تخلي بالك معاها وتاخدي حِماها وتقفي جارها لو لقتيها مظلومه. 


ردت عليها عديله بحنيه وهي عتبص لشام:


طمني قلبك ياام شامه.. بتك فرعاية ربنا وبعد منيه فرعاية الحج توفيق وفرعايتي بعد منهم، وأني اتعهدت لروحي اني هاخدها بنيه ليا بدال بناتي اللي كل وحده فيهم خدها جوزها وطفش لبلد بعيده معشوفهمش غير مره كل كام سنه، وعياجوا يشقوا عليا يوم ويعاودوا كيف اللي عيطقوا مشاهر. 


اني شامه من أول ماشفتها وربنا رمي محبتها فقلبي متعرفيش كيف وميته باتتلها في القلب غلاوه. 


ردت عليها دهب براحه:


ديه من فضل ربنا عليها وبركة دعايا، ربنا يوقفلهم ولاد الحلال دايماً هما ودراريهم يارب. 


بسيمه بزعيق: اقولك ياشام صوح قبل ماأنسى.. اخدي دول.. قالت كلامها وهي عتقف وترفع خلجاتها وتبين حزام رابطاه علي وسطها وتمد يدها فيه وتطلع منيه فلوس كتير وتمدهم لشام. 


شام سالتها بصدمه وإستغراب:


أيه دول يابسيمه؟ 


بسيمه: دول القرشينات اللي جه أبو جوزك وعطاهم لأبوكي وابوكي رماهم في الكانون واني جريت عليهم ولحقت دول منهم.. دول حقك إنتي ياشام وحق وجعك وكسرتك. 


دهب:ايوه فكرتيني يابسيمه جدعه.. وقامت هي كمان وابتدت تطلع من صدرها فلوس وتحط عالفرشه جار شام. 


دول القرشينات اللي اتحكملك بيهم من الوادين التانيين واللي الشيخ جاهين عطاهم لابوكي.. وابوكي قالي اديهملك فيدك.. خدي قرشيناتك يابنيتي. 


شام وهي باصه للفلوس:


واني اعمل ايه بالفلوس داي كلها؟ اني معاوزاش فلوس يمه خليهم معاكي، قسميهم مابين بسيمه وبشاير واديهملهم ينفعوهم.. اصل اني كل ماهبص للفلوس داي هفتكر إنهم تمن شرفي وهكون عايزه اولع فيهم وفنفسي، وكل ماامد يدي علي قرش فيهم واصرفه احس إني عخسر روحي شويه بشويه.. بعدي الفلوس داي عني يمه. 


دهب:


 بس يابتي.. 


شام:


 مبسش يمه اسمعي كلامي بالله عليكي.. اني اخر همي الفلوس.. اني حتي ابوي توفيق نقطني هو وعمي نعيم وباقي رجالة البيت بفلوس كتيره خالتي حوريه ام كاركار خدتهم مني قالتلي هتدسهملي معاها لو جات تديهمني هقولها مش عايزاهم.. اصل اني هعمل ايه بالفلوس؟ 


عديله سمعت إكده وبصت لشام


 وقالتلها:


بوووووه عليكي وعلي هبلك.. قلبتك حوريه وضحكت عليكي ياخايبانه وخدت نقطتك منك؟.. وكمان عتقوليلها خاله؟ 


خلخل دروسك ياحوريه ياغراب البين ياحداية..والله لاخلي توفيق يرقصك بعكازه النهارده. 


شام: له ياجده امانه ماتقولي حاجه لابوي توفيق هي قالت هتدسهملي مقالتش هتاخدهم


عديله: بس انتي ياهبله يابت  الهبله.. لا مؤاخذه يابتي بس هو اللي عيخلف خلوفه هبله عيتعاب فيه.


دهب بضحكه:


له ولا يهمك ياخاله خدي راحتك.. وبصت لشام وقالتلها.. عاجبك إكده ياهبله؟ 


وبعد ساعات خلصت قعدتهم سوا، وشيعلهم عبد الصمد عشان يعاودوا بلدهم واللي هيعاودهم للبلد صفوت بالطرومبيل.. بعد مانزل منه زيارة عبد الصمد ودخلها للبيت هو واخواته وفضوه، 


وطول قعدت أهل شام لا حوريه راحتلهم سلمت عليهم ولا حتي كرار، ولا اي مره من حريم البيت بخلاف بدور.. وديه كان بأوامر من حوريه اللي ادتها لحريم البيت كلهم؛ عشان ميعملوش لأهل شام قيمه ولا يحسسوا شام إن أهلها مرغوب فيهم وفجيتهم للبيت. 


وعاودوا أهل شام بعد مااطمنوا عليها ظاهرياً، لكن كل القلوب كانت عتكدب اللي شايفاه وإتولد جواهم بحكم المحبه إحساس بإن شام مكروبه كرب واعر..لكن مابالقلوب حيله. 


وركبوا الطرومبيل مع صفوت وعاودوا علي بلدهم، وطول الطريق صفوت كان يختلس النظرات من الحين للحين علي بنات عبد الصمد ويتطلع فيهم، مش لحاجه، بس كان عيتعجب إن كيف دول حريم واللي في البيت حداهم حريم؟ 

رواية نفق الجحيم الفصل ٢٢


وصل عبد الصمد وبناته بلدهم ونزلهم صفوت قدام باب بيتهم وعاود هو بالطرومبيل، ودخل عبد الصمد للبيت ومعاه دهب وبشاير، أما بسيمه فتخلفت عنهم هبابه وهي واعيه صابر جاي من بعيد وأخته حنه كانت فوق سطوح بيتهم.. فبصت لحنه وبحس عالي مقصود قالتلها:


ياااحنه.. صاحبتك محملاني السلام ليكي وعتبت عليكي عشان مروحتيلهاش معانا.. بس اني قولتلها إننا إحنا اللي مقولنالكش ولو قولنا كنتي جيتي


حنه بلهفه:


شام؟ طمنيني عليها بالله عليكي يابسيمه هي عامله كيف دلوك؟ 


بسيمه وهي عتبص بطرف عينها لصابر اللي وقف علي مسافه قريبه منها ومتوكده إنه كله اذان صاغيه:


مليحه ياحنه.. مليحه قوي.. لو شفتي البلد اللي راحتلها ولا البيت اللي سكنت فيه.. بيت سياح نياح، ولا لو شوفتي ناس البيت وطيبة أصلهم وملاقاتهم الحلوه لينا.. وغير ديه وديه جوزها اللي طول الوكت قاعد فريحها قدامنا كلنا لا مختشى ولا مكسوف وعينه طول الوكت عتاكل فشام وكل، ويقولها كنتي وين عني إنتي.. وخصوصي إن شام إتبدل حالها بالخلجات الجداد اللي جابوهملها اهل جوزها من البندر.. داي حتي بعتتلك معاي حتتة قماشه مخططه بالمُدهب جابولها منها تنين وحلفت وقالت داي ماتفصلها وتلبسها غير حنه صاحبتي هي عتحب اللون الأوحمر.. 


حنه بفرحه:


صوح يابسيمه؟ والله فيها الخير شام، أمانه لما تروحولها نوبه تانيه خدوني معاكم. 


بسيمه: من عيوني، وهو إحنا هنتعبوا فشيلتك على كتافنا يعني؟ اديكي شايفه الطرومبيل عياجي ياخدنا ويجيبنا من الباب للباب.. ولاد أصول مأصلين اللي ربنا عوض شام بيهم دول ياحنه والله. 


حنه: ربنا يزيدها من نعيمه يارب شام طيبه وتستاهل كل خير. 


بسيمه: تسلمي ياحبيبه.. قالت جملتها ودخلت البيت وهي متوكده إنها قادت النار فقلب صابر، وانه عيتحرق دلوكيت، وديه اقل واجب تعمله معاه بعد ماشافت الحرق اللي فيد أختها وشافت النار اللي هتعيش فيها باقي عمرها، وكل ديه كان ممكن ميوحصولش لو الردي صابر إتجوزها وحطلها عذر للي جرا فيها. 


أما صابر فدخل البيت وبحركة قهر قلع طاقيته الصوف ورماها عالأرض، ولف في الحوش شويه قبل مايطلع على السطوح ويبص على موطرح شام الخالي، ويتخيلها وهي واقفه تشاور للقطر بفرحه، ويتمني لو يرجع بيه الزمن ويعجل بجوازه منيها ويمنع القدر.. وحتي كان هيسمحلها تشاور للقطر كيف ماتعوز وتحب، ومهيزعلش منيها ولا يعاتبها. وقعد فشباكه وفضل جمر الفراق والشوق والحسره والندم يتجمع على قلبه وروحه لما دوبهم. 


أما حدا شام.. 


بعد ما أهلها روحوا ولقت كرار طالع من الأوضه وقعد فى الحوش جار أبوه واخواته وعيال عمه، حست إنها محتاجه تفرد جتتها هبابه، فطلعت من جار عديله وبصت عليه بصه عابره وهي ماشيه ورايحه على أوضتها ، وهو لما شافها بص بعيد عنها بقرف، بس متعرفش ليه طول ماهي ماشيه حاسه عيونه متابعاها ومتعرفش الاحساس دا جالها منين؟ بس اتأكدت من إحساسها لما لفت مره وحده تقفل الباب، وفعلا لقته باصص عليها، وبحركه مقصوده ردت الباب بسرعه وعنف كنها عتقطع على عنيه حبل شوفتها. 


أما توفيق فكان قاعد متابع كرار وهو رايح بعيونه ورا شام، ومتوكد إن ولده فى القريب العاجل هيرفع راية الاستسلام قدام شام بحكم جمالها اول هام، وتاني هام بحكم إنه شاب فمقتبل عمره وشايف قدامه حلاله، ومها قاوم وعقله قساه مسير عقله وقلبه هيلينوا فلحظة ضعف. 


شام بعد مادخلت أوضتها قعدت شويه ترتاح علي السرير، ولما اتفكرت كلام جدتها عديله انها لازمن تنام ففرشته عشان ديه هيقربه منيها، هبت واقفه وراحت علي الأرض وقعدت وبصت علي السرير موطرح مكانت قاعده وخايفه تكون ريحتها علقت فيه وياجي كاركار الكلب ويشمها. 


أما كرار فكان حاسس بنار فرجله من الحرق اللي فيها، وبينه وبين نفسه حاول ضميره يقوله إن دية جزات الحرق اللي حرقه لشام.. واللي أول مافكر فيها ملامحها الحلوه اتجسدت قدامه، 


ولكن الملامح الحلوه قوام إتبدلت لملامحها المتألمه وهمام والسيد عيعملوا فيها عملتهم، وفثانيه ضميرة خمد وملامحها الحلوه إتحولت فعنيه لملامح مبغوضه، وفضل يردد من جواه إنها تستاهل وقليل عليها كمان، وإن لو كان  اللي إتعمل فيها قدامه ناره هتبرد فقلبه بالحروق مستعد إنه يكويها كل يوم. 


طلعت عديله من أوضتها وقعدت علي دكتها جار ولدها توفيق وشافت حوريه طالعه من الموطبخ نادمت عليها:


بت ياحوريه أخدي إهنه تعالي. 


حوريه جات عليها ووقفت قدامها وضربت يد بيد وردت عليها:


نعم يامرت عمي عاوزه ايه؟ 


عديله :


وهعوز ايه من وشك يابومه.. اني بس هقولك هاتي القرشينات اللي خدتيهم من شام.. قرشينات نقطتها. 


خلصت كلامها وبصت لتوفيق اللي بص لحوريه بغضب، وحوريه قوام حطت يدها فصدرها بخوف وهي عتقول:


أااإيوه إيوه قرشينات نقطتها.. أهم اني خدتهم اخليهملها معاي احسن يوقعوا منها في الكانون وهي عتطبخ. 


عديله بلؤم:


له فيكي الخير يامرت ولدي.. بس حداكيشي رحمه.. عشان بنيه يدها مهريه ومحروقه ومحملاش فيها الهوا وتطَبخيها وتخدميها وهي ليهاشي غير يوم فالبيت. 


حوريه مدت الفلوس لعديله وردت عليها بغيظ:


مرت عمي.. اتدخلي فكل حاجه إلا خدمت البيت ومين تعمل ايه ومين متعملش ايه.. داي مسئوليتي أني وحدش يتدخل فيها غيري.. اني إهنه اللي أمشي البيت كيف ماأشوف الصالح وين.. الحريم داي كلها لو متمسكتش بيد من حديد وإتحكمت حكم زين هتفيع ويعاندوا فبعض والبيت يظيط وكلمة إشمعنا تلازم كل لسان..وبعدين من ميته حدانا حريم عتتعرس فبيتنا.. شوفتيش بناتي كنت انزلهم تاني يوم جوازهم على خدمة البيت كيف؟ 


خلصت كلامها ومشت من قدام عديله وهي عتنتر فأديها وصوت خشخشة الاساور الدهب اللي فأديها عيعكس بركان الغضب اللي جواها من عديله.. ولغاية ماوصلت الموطبخ وهي تبرطم، وطبعاً كان لشام من برطمتها النصيب الاكبر. 


عديله بصت لتوفيق بعتب:


مفتحتش خاشمك يعني وإنت سامع ابليسه عتتحدت؟ 


توفيق إتنهد بقلة حيله ورد عليها:


مفتحتش خاشمي عشان النوبادى كلام ابليسه صوح.. البيت لازمن يتمسك بيد من حديد؛ عشان ميخربش والحريم اللي مليهاش كبير تخاف منيه وتعمله حساب عتتحنجل.. وأول حاجه هتتعمل إن كل وحده هتاخد جوزها واللي ليها وتطلع من البيت وتتفرط حبات السبحه اللي عشت طول عمري اني وابوي وجدي واخوي نلضموا فيها ونقربوا حباتها من بعض.. ولو تفتكري ياأم توفيق نفس اللي عتعمله حوريه كنتي عتعمليه إنتي زمان..ونفس اللي قالته كنتي عتقوليه.. بس الفرق إن انتي كنتي تحكمي بالرحمه وحوريه عتحكم بسواد القلب.. وكل واحد وقلبه عاد.


عديله:


خليها تحكم وتتحكم شاله تتقلب علي ضهرها كيف السلحوفه ومتقدر تتعدل تاني. 


ضحك توفيق وبص لكرار، ولأول مره يلاحظ رجله والحرق اللي فيها..لما مدها بعيد عن ولد أخوه صفوت؛ اللي جاله وقعد على رجله كيف مامتعود.. وضم حواجبه بغرابه وهو عيتسائل ياتري أيه اللي حرق رجله إكده؟ 


ولما الفضول غلبه وحب يعرف سأله من غير تردد.. إيه اللي حرق رجلك ياد إنت؟ 


بص كرار لابوه وبص لرجله ورد عليه وهو باصص بعيد:


قروانة البص إتقلبت عليا حدا أبو دراع. 


توفيق بشك:


الا هو انت حكيت لابوا دراع عاللي عميلته فمرتك عشيه؟ 


كرار بعدم مبالاه:


إيوه حكيتله وهحكي للكل اني هخاف ولا ادس يعني؟ 


وإهنه توفيق إتنسم بالابتسامه بمجرد ماادرك إن أبو دراع فاق من غيبوبته، وخلاص عيونه عتتفتح على ظلم كرار، وبيده بدا يخلص منيه حقوق الغلابه ويردله غلطه بدل ماكان عيسانده في الغلط.. وإكده كرار إبتدا يفقد أهم دفاعاته اللى عتشجعه يتصرف بغباوه وطيش وهو مسنود ومطمن ومحاططش أيوتها حاجه فباله.. وعشان دايماً التخلي الكامل عيبدأ بخطوة جفى.. توفيق إتوكد وهو باصص لرجل كرار إن أبو دراع خطاها. 


قطعت عديله شرود توفيق وهي عتقوله:


إدي حس لشامه ياتوفيق وقولها تاجي تتغدا.. اللي جوه مهيفكروش فيها  وهيرموا فكرشهم وخلاص.. والبنيه لساه خجل غربتها من البيت كاسيها. 


توفيق:


الحق معاكي يمه.. قوم ياكرار إدي حس لمرتك عشان تاكل. 


كرار بصله ومردش ولا اتحرك، لكن خبطة عكاز توفيق في الأرض فززته من موطرحه من الخوف، فقام وراح على الاوضه وفتح بابها بعنف خلي شام اتنترت من موطرحها بخوف؛ بعد ماكانت عينها غطست في النوم من التعب والوجع بتاع النهارده.. وبنبرة كره قالها:


قومي عشان تتسممي.. قالها ورد الباب بنفس العنف اللي فتحه بيه، وهمل البيت خالص وطلع يشوف ابو دراع عاود ولا لسه من مشوار البندر، وراه طلع توفيق من البيت يشوف احوال الدنيا بره البيت. 


وبمجرد ماتوفيق طلع عديله قامت وراحت على اوضة شام فتحتها ودخلت عليها، وقعدت عالسرير قبالها وقالتلها:


مش قولتلك طول ماكرار مقاعدش تنامي  علي المرتبه القطن وعلي الفرشه الزينه؟ 


شام:


له ياجده ماعوزاشي انام ففرشته، وإن كان الغرض من النومه ففرشته إنه يشتهيني ويتقربلي فاني اللي مطايقاش انام فموطرحه ولا اشم ريحته حتي. 


عديله بتنهيده:


على العموم يابتي مش وكته الكلام ديه دلوك.. همي قومي هاتيلنا وكل من جوه وتعالي نتغدوا اني وانتي، قلبي فرفط من الجوع والملسلسين اللي جوه مفيش وحده فيهم مايزت على دمها وجابتلي لقمه اكلها ولا قالوا مرت عمنا المره الكبيره معتحملش الجوع. 


شام ردت عليها وهي عتقوم من موطرحها:


حاضر ياجده من عيوني. 


عديله: يحضرلك الخير ويسلموا عيونك الحلوين دول ياشامه.. وفضلت مراقباها وهي طالعه من قدامها، ومن جواها عتتمنالها تشوف خير على كد طيبة قلبها، وعلى كد جمال وشها وروحها، وعلى كد غلب ناسها وبياض قلوبهم اللى حسته من قعده وحده معاهم. 


وعاودت شام بعد هبابه بصنية الوكل وحطتها قدام عديله وعديله مرضيتش تحط لقمه فخشمها غير لما شام كلت ومدت يدها عالوكل قبل منيها. 


اما ابو دراع فكان لساه معاود من البندر لما جاله كرار، وقعد جاره عالمصطبه بعد مارمى عليه السلام، ومرت مابينهم  فترة سكوت قصيره، مد بعدها أبو دراع يده فجيبه وطلع منها برطمانين مختلفين ومدهم لكرار. 


كرار بإستغراب: إيه دول؟ 


أبو دراع:


دول لبختين البرطمان الاوحمر ديه لبخة حروق، والاسود لبخة جروح.. واحد تدهن منيه حرقك والتاني تدهن منيه جروح ضهرك. 


كرار مد يده وخدهم منيه وهو عيقوله بحسره:


والله إنت الوحيد اللي عتحبني وقلبك عليا في البيت ديه ياأبو دراع.. ديه لا ابوي ولا حد من خواتي عميلها.. ولا حتي أمي اللي عامله حبيبتي قالت لحد يروح يجيبلي حاجه تخفف وجعي. 


أبو دراع:محدش عيفكر فاللي عيجيب الأذي لحاله ولا عيشغل باله بيه، وحتي لو ديه حوصول نوبه معيوحصولش تاني نوبه.. كله عيقول اللي عياجي اذاه  من تحت إيده الله يزيده


كرار:أمال إنت عتفكر فيا ليه وممهملنيش ومعتقولش زيهم؟ 


أبو دراع بسرحان: عشان أني خدت عهد علي روحي بمحبتك وحمايتك ياكرار.. بس الظاهر إن مش كل العهود عتكمل في الوفىَ لو اللى قطعنا عشانه العهود لقيناه مش أهل ليها وإن فيه عهود حبالها دايبه وعتتقطع قوام. 


كرار بعدم فهم: قصدك أيه يعني؟ 


ابو دراع انتبه لروحه:


هاه- مقصديش- سلامتك-  إدهن رجلك خليها تهود عليك هبابه وخد اللبخه وحطها فأوضتك، ونبه قدام الكل إنها لبخة حروق أحسن حد من العيال يفكر إنها حاجة وكل ويلهطها ويتسمم. 


كرار: ولبخة الجروح زيها؟ 


أبو دراع: له لبخة الجروح متنبهش عليها عشان معتأذيش.. إنت نبه علي لبخة الحروق بس عشان هي اللي فيها السموم.. ولازمن تقول قدام كل اهل البيت كبار وصغيرين إنها لبخة حروق وتعرفهالهم.. واني جبت برطمان كد راسك الزنخ يكفيك سنه لقدام. 


وفتح كرار برطمان الحروق ودهن منيه رجله وإرتاح هبابه ووجع الحرق خف، وبعدها رفع جلابيته وكشف ضهره لأبو دراع وخلاه يدهنهوله من لبخة الجروح عشان تهود عليه هي كمان.


كرار خد قعدته جار أبو دراع وطول الوكت كان حاسس براحه وبعد ماخلص كل الحديت اللى ممكن يتحدتوا فيه، قام كرار وخد البرطمانات وعاود للبيت لما بدا يقرصه الجوع، وراح يشوفله لقمه ياكلها..وعزم على أبو دراع يتغدي معاه، وأبو دراع قاله إنه إتغدي في البندر وشبعان.


وبمجرد مادخل البيت نادم بعلوا حسه:


أماه.. هاتيلي لقمه أكلها قوام قلبي فرفط من الجوع. 


حوريه سمعته وطلعت من الموطبخ ووقفت على بابه وحطت يدها فنصها وقالتله:


له ياحبة عين أمك من إهنه ورايح تغير كلمة أماه بإسم المزغوده مرتك، وهي اللي تجيبلك الوكل والشرب وتحميلك الميه وتشيل شيلتك.. ولا إحنا جبناها نستتوها وتاكل وتنام؟ ازعق عليها وطلعها من الأوض المخفونه فيها، مره أوضتها ومره أوضة ستك عديله.. خلصت كلامها ودخلت وهملت كرار محتار مابين إنه ينطوق إسمها وينادم عليها، ومابين إن لسانه معاوزش ينطقها. 


وبعد تفكير دام لدقايق ومع زيادة إحساسه بالجوع زعق بحسه كله:


شااااااام.. انتي ياللي ماتتسميش تعالي إهنه. 


وداي كانت أول نوبه كرار ينادي على شام ويتلفظ بإسمها. 


أما شام فهبت من موطرحها بمجرد ماسمعت حسه اللي خلى جسمها كش كأنه غراب أسود نعق بإسمها. 


طلعت شام ووقفت على مسافه منيه وهي مستنظره للي هيطلع من خشمه أو من يده، ومتوكده إنه مهيطلعش منيه حاجه زينه. 


كرار: غوري هاتيلي وكل، وحطى البراد عالدمسه؛ 


عشان عحط اخر لقمه فخشمي ولازمن الاقي الشاي جاهز جار مني، وإخدي دول دخليهم الأوضه.. وكل ديه تعمليه فدقيقه وحده عشان ماتخليش يومك يقفل بإصابه. 


خدت شام الحديت وإتحركت تنفذه من غير كلام.. وراحت عليه أول حاجه تاخد البراطيم منيه، وهو قبل مايمدهملها مدلها لبخة الحروق وهو عينبه عليها.. اللبخه داي للحروق وفيها سم بعديها عن العيال أحسن عيل يطولها وياكل منها. 


وشام خدت منيه البراطيم، ودخلت الأوضه، واول حاجه عيملتها إنها فتحت برطمان لبخة الحروق، وملت صوابعها منيه وحطت على يدها المحروقه، وخدت نفس عميق لما بعد ثواني بس حست براحه وبإن جرحها ابتدا يخدر. 


وطلعت بعدها على الموطبخ وجابتله الوكل، وعملتله الشاي، وشالت الوكل وكل ديه من سكات، وكانت فاكره إن تعب اليوم خلص عند إهنه، لكن فاجأتها حوريه إن اليوم لسه فيه شقى باقي، وهي سامعه حوريه عتقولها:


رايحه وين ياسنيوره؟ أخدي تعالي إهنه حطي الطشت جار الطرومبه وخدي حفنتين من شكارة العاوين وادعكي المواعين داي وبعد العاوين اغسليهم بالصابونه الغشيمه والليفه وتشطفيهم زين من الطرومبه مره وتنين وتلاته وبعدها تدسيهم فالنمليه الصاج داي. 


شام بصت لجبل المواعين والحلل بصدمه و قالتلها: عاوين؟ 


حوريه:أيوه عاوين متعرفيهش؟ ولا مكنتوش عتغسلوا مواعين فبيتكم؟ 


شام سكتت ومردتش عليها، وحوريه طلعت وهملتها في الموطبخ لحالها بعد مالكل طلع منيه، وكل اللي ليه أوضه راحلها.. وكل اللي عيملته شام في اللحظه داي إنها رفعت يدها المحروقه قدام وشها وبصت على الحرق اللي فيها وهمست لروحها بقهر:

    الفصل الثالث والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا

تعليقات