رواية زين وروح
الفصل الاول 1
بقلم زينب سعيد القاضي
مع نسمات الليل الباردة يجلس أمام المقابر ودموعه تتساقط بصمت فرغم أن زوجته توفت منذ عام كامل مازال عقله لا يستوعب فقدانها حتي الأن إستند برأسه علي سور المقبرة وتمدد جوارها فاليوم الذكرى السنوية الأولي علي فراقها ظل يسترجع ذكرياتهم سويا إلي أن أستغرق في نوما عميق….
مر الليل سريعا وإنشق القمر معلنا عن إشراقة شمس يوم جديد فاق على لمسات حانية على وجهه فتح عينه بصعوبة وجدت طفلته الصغيرة " هيا " ذات الثلات سنوات وبرفقتها والدته إعتدل في جلسته وضم طفلته بحب.
هتفت والدته معاتبة :
-بردوا يا زين جيت إمبارح وقضيت الليلة هنا ؟ حرام عليك نفسك لو مش خايف علي نفسك خاف علي بنتك يا سيدي لو حصلك حاجة لقدر الله هتبقي يتيمة أب وأم.
تنهد بأسي وقبل جبين طفلته وغمغم بحزن:
-غصب عني يا أمي مش قادر أنسي هنادي كانت كل حياتي والنفس إلي بتنفسه وسبتني فجأة من غير إنذار.
ربتت والدته علي ظهره بحنان وقالت:
-عمرها وإنتهي يا أبني وسابت ليك حته منها حافظ عليها وعوض حرمانك منها في بنتك تعوضها عن فراقها قوم يا حبيبي قوم يلا عشان ترتاح.
أومئ لها بصمت ونهض متثاقلا وطفلته بين أحضانه ألقي نظرة أخيرة علي قبر زوجته وشدد من إحتضانهر الأيام علي زين بصعوبة يدفن نفسه أكثر وأكثر بالعمل كي يستطيع نسيان فراق زوجته لو قليلا في الصباح يذهب إلي المستشفي فهو دكتور عظام بإحدي المستشفيات الخاصة وفي المساء يمكث في عيادته ويعود إلي منزله في منتصف الليل ويجد طفلته نائمة كالعادة يكتفي بتقبيل جبينها ويأخذها في أحضانه ويستغرق في نوم عميق وهو يشبع رئتيه من رائحتها الجذابة التي ورثتها من والدتها رحمها الله وفي الصباح يستيقظ مبكرا قبل أن تفيق طفلته ويتجه إلي عمله..
………
في مساء أحد الأيام يجلس في عيادته يستريح قليلا بعد مغادرة أخر مريض حتي قطعه طرق علي الباب ودلوف الممرضة التي تعمل معه رفع رأسه وهتف متسائلا :
-خير يا نيهال ؟ لسه في مرضي بره !
هزت نيهال رأسها نافية وقالت:
-لأ يا دكتور أنا جاية أفكر حضرتك أن النهاردة أخر الشهر وأني خلاص هسيب العيادة عشان فرحي.
مسح علي جبينه بخفة فقد تناسي هذا الأمر من الأساس تنهد بآسف وقال:
-أسف يا نيهال نسيت خالص ألف مبروك تقدر تاخدي مرتب الشهر ده والشهر الجاي هدية الزواج.
عضت شفتيها بإحراج وهتفت بإمتنان:
-متشكرة جدا يا دكتور كتر ألف خيرك صمتت قليلا وهتفت متسائلة هو حضرتك هتعمل أيه بعدي لقيت حد ولا لسه هتدور ؟
رفع كتفيه بحيرة وتمتم بقلة حيلة:
-أنا كنت ناسي من الأساس لسه هدور.
إبتسمت بفرحة وقالت:
-طيب أنا بنت خالتي بدور علي شغل لو تحب ممكن تيجي من بكره.
قطب جبينه بحيرة وغمغم متسائلا :
-ظروفها أيه بنت خالتك دي وبتشتغل أيه قبل كده ولا خريجة أيه ؟
أجابت بتوضيح :
-هي خريجة كلية تجارة يا دكتور مشتغلتش قبل كده هي أتخرجت وإتجوزت بس يا قلبي جوزها كان عنده كانسر وتوفي من ست شهور ومن وقتها وهي قافلة علي نفسها لحد ما أقنعناها أنها تشتغل.
أومئ متفهما وقال:
-خلاص هاتيها بكره هي إسمها أيه ؟
أجابت نيهال علي الفور:
-إسمها روح يا دكتور زين.
همهم إسمها بشرود :
-روح تمام خليها تيجي وإن شاء الله خير.
