أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الفصل الخامس والعشرون السادس والعشرون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الفصل الخامس والعشرون السادس والعشرون 

بقلم ريناد يوسف 

شام بمجرد مالباب إتفتح، بسرعه حاولت تلبس أي حاجه من الصندوق تستر بيها نفسها، وخصوصي وهي واعيه الشر فعيون كرار، ولبست جلابيتها قوام، لكن بعد أيه واللي شافه كرار منها اتطبع فعقله وطير منيه كل العقل وإحتل هو مكانه. 


وعرفت شام اللي ناويه كرار بمجرد مابصت لعيونه وشافت فيهم نفس الجوع اللي عتشوفه كل مره قبل الإغتصاب مباشرةً.


وبالفعل قد كان، وقرب عليها كرار بخطوات بطيئه وانفاس تقيله وشدها من دراعها بعنف من غير كلام وجرها علي السرير كيف البهيمه وإبتدا ياخد منها بالغصب اللي عياخده كل مره.


أما شام فالنوبادي لا صرخت ولا دمعت، ولا حتي إتألمت بصوت، وعاشت كل حاجه وهي شبه جثه مفيهاش حياة، ولا ليها رد فعل لأى حاجه كرار عيعملها فيها، 


وديه لانها اقنعت نفسها إن ديه هيحصل معاها دايماً ولازمن تتعود عليه، وسواء إتألمت أو صرخت أو عملت عمايلها هي عارفه إن محدش هينجدها من بين أديه، فقالت توفر طاقتها اللي هتخسرها في المهابره.


اما كرار فسكوتها النوبادي وإستسلامها كان مخليه مستمتع لأقصي درجه، لكن من وسط إستمتاعه ظهرله طيف همام والسيد وإفتكر اللي عكنن مزاجه، وبدون وعي لقي حاله عيقسى على شام ويتعامل معاها بعنف، وكل مايقسي وميسمعش منها الألم اللي يشفي غليل قلبه منيها يزيد فقسوته عليها، 


وشام كل اللي عيملته إنها فضلت تقول يارب هونها في سرها لغاية ماالمعاناة خلصت، وبعد عنها اخيراً كرار وهملها تاخد نفسها بتعب كيف وحده كانت على شفى الموت وفارقتها الروح وردتلها من تاني.


قعد كرار علي حيله علي السرير وهو حاسس بضيق ومعارفش يعمل فضيقه إيه، 


وينسى كيف اللي عيمله همام والسيد فمرته، واللي مخلي خلايقه دايقه أكتر إن البت جميله جمال ميتقاومش، ولولا اللي حصلها ديه كان بقاله معاها إحساس تاني خالص،


 وحتي كان هيبقاله معاها معامله تانيه، لكن كل ديه مع اللي جرالها بقى من رابع المستحيلات جواه، 


وفلحظه إتخيل روحه قاعد وسط الناس وهمام والسيد جم عليه، وقعدوا جاره وعايروه باللي عيملوه فمرته قدام الناس كلها، والناس عرفت إن مرته إتنين وطئوها قبله، وإهنه حس بالنار إشتعلت فبدنه كله، وبدون وعي لف على شام اللي كانت باصه للسقف وساكته، وبحيله كله نزل علي وشها بقلم، وبحسه كله زعق فيها:


قومي فزي هاتيلي بستلة ميه أتسبح قامت قيامتك يافاجر يابت الليل


شام كل اللي عيمله فيها كرار إتحملته وإتحاملت على روحها عشان ميبانش الوجع عليها، لكن كلامه الأخير ليها مقدرتش روحها تتحمله، ولا قدرت تتحكم فدموعها اللي خانوها ونزلوا كاشفين ستار القوة عن ضعفها، ومبيبنين لكرار إنه نجح أخيراً فإنه يوصلها لإحساس الوجع مهما حاولت تداري ديه عنه.


وقامت شام من سكات تنفذ أمره وهي عتلملم فخلجاتها وتلبسهم، وعتلملم فوجعها وتحاول ترجعه جوا قلبها من تاني وهي عتمسح دموعها الغداره، وعتحاول تشوف لو باقيلها شوية كرامه تلملمهم لكنها للاسف لقت كرار مبقلهاش من كرامتها ولاذره وكله رماه عالأرض وداسه تحت رجليه.


ودخلت الموطبخ وعاودت بالميه وودتها لكرار في الحمام ودخلتله غيار وراحت على فرشتها عالأرض.. قعدت عليها وغمضت عنيهاوهربت بخيالها ووصلت حدا خياتها، ودخلت مابينهم في الفرشه وإتدفت فحضنهم كيف ماكانت عتعمل، وسمعت حس أبوها وزعيق أمها عليها، وشافت ضحكة صابر، وكلامه الحلو ليها رن فودانها ومس روحها، وشافت روحها وسط البنته في البندق، واللعب وصوت الضحك ملعلع، وحكاويهم الهبله عن العشق والجواز والخلفه والبيوت والحياة الحلوه اللي مستنيه كل وحده فيهم، والسعادة اللي كانوا عيمنوا قلوبهم بيها، وكل ديه كان ممزوج بصوت صفارة القطر وهو عينادي عليها، ويزعق من جوفه ويقولها اتوحشتك وجيتك في الميعاد يارفيقة الروح.. 


وكل إحساس من دول خدها من الواقع اللي هي فيه ونقلها على بساط الريح لحياتها اللي اشتاقتلها واشتاقت ليوم فيها.. 


لكنها للأسف عاودت قوام من إهناك علي صوت خطوات كرار وهو طالع من الحمام ينشف فدماغه بالبشكير، 


ونظرته الساخطه ليها وقعتها من فوق البساط اللي كانت طايره بيه فوق كوم شوك، 


وبضعف قامت عشان تجيبلها بستلة ميه وتتسبح هي كمان وتزيل كل أثر لكرار ولمساته المكروهه من فوق بدنها. 


وخلص الليل وصبح الصبح والكل إتجمع عالفطور، حتي توفيق اللي بقاله ٣ ايام يفطور فأوضته وعلي سريره من التعب والعيا نزل النهارده يفطور وسطهم، 


بعد ماحس إنه إتحسن هبابه، واثناء الفطور توفيق بص حواليه ومشافش كرار قاعد وسطهم، فبص لشام اللي كانت عتنقل الفطور للطبالي مع الحريم وقالها:


أدخلي ياشام صحي جوزك قوليله ابوك عيقولك قوم عشان هتندلى الشغل مع الرجاله النهارده بكفاياك رنجخه وراحه لحد إهنه. 


سمعت شام كلام توفيق وراحت عالأوضه تصحي كرار وهي متغصبه ومعاوزاش تكلمه ولا تحتك بيه، لكنها متقدرش تعصى أمر كبير البيت ولا تحتال عليه، فدخلت ووقفت قصاد سرير كرار وفضلت تتأمله كام دقيقه وتتأمل ضعفه وهو نايم، وكد ايه إتمنت إنها تستغل لحظة ضعفه وغيابه عن الوعي بالنوم، وتتخلص منيه بأي حاجه تغرزها فقلبه كيف ماعيغرز خنجر فنص قلبها وروحها كل مايقرب ناحيتها بالغصب او يهينها ويعايرها باللي مليهاش ذنب فيه ويذلها باللي مش فيها..وفعز تفكيرها إبتدت تتلفت حواليها علي حاجه تنفذ بيها أمنيتها.. 


لكنها عاودت لصوابها وهزت دماغها بأسى على قلة حيلتها، وبحس مخنوق ومش عايز يطلع ندهت عليه:


كاركار.. كاركار قوم أبوك عيقولك عشان تندلي الشغل مع الرجاله.. كار.. وقبل ماتكمل كان كرار معدول مره وحده وفثانيه كان ماسك فكها بأيده والايد التانيه ماسك بيها دراعها ومقرب وشه من وشها وحدتها وهو صاكك سنانه:


إسمااااي كرااااار.. كاركار داي عربية ابوكي اللي عيجيبلكم عليها البرسيم اللي عتطفحوه.. من اهنه ورايح إسمي يتنطق مغلوط هقطلعلك لسانك اللي هينطقه.. ودلوك قولي وراي.. كاراااار


شام فضلت بصاله ومردتش لكن ضغطته علي فكها آلمتها وخلتها فتحت خشمها بألم وهو زاد فضغطته أكتر وأكتر وهو عيقولها:


قوليها لو عايزه تفضل فخشمك سنان.. 


ومع شدة الالم شام نطقت بصوت متقطع: *كار ار


- عيديها


* كارا  ر


- عيديها نوبه تانيه.. قالها وهو عيهز دماغها بعنف خلاها صرخت بالم:


كارار.... كرار


وإهنه كرار نشك وشها من يده وبصلها وهي ماسكه فكها بألم وقالها:


فأقل من دقيقه الاقي الميه الحاميه في الحمام خليني اتشطف واقوم اشوف همي التقيل اللي مش ناوي يحل عني ديه هو كمان عاوز إيه مني. 


قالها وقام دخل الحمام، وشام اتحركت قوام تجيبله الميه وتتقي شره، وبمجرد طلوعها من الأوضه اتنين بس لاحظوا إن فيه شى حصل معاها من حمار وشها وزردته المش طبيعيه.. 


الأول توفيق اللي خمن إن كرار ضربها علي وشها ولا عصر وشها بيده وغباوته تأهله لعمله كيف داي. 


والتاني عزت اللي حمار وشها أوحاله بإن كرار خد منيها جرعة قُرب صباحيه متمثله  فكام حبه علي وشها بعنف خلوا لونه إتغير، وفاللحظه داي غمض عنيه ودب الحسد والغيره فقلبه من أخوه اللي كل مايقول هيتعاقب على جلعه بحاجه تخليه يتربى لحاله، الدنيا تديله كل حاجه حلوه غيره هيموت عليها وهو مش مقدر قيمتها، وإتمني لو إنه موطرحه وهو اللي متجوز شام، وكل الجمال والراحه والدلع ديه ليه هو.. 


لكنه للاسف فتح عنيه على بدور وهي طالعه من الموطبخ ورايحه على أوضة ستها عديله، ورجليها عتخشول من الكياس اللي لابساهم فيها! وراسها عامله كيف عمة الرجاله وهي لفاها طاقيه ولابسه عليها قمطه خضرا، فاستغفر ربه وبص للوكل اللي قدامه وإبتدا يطلع كل قهره فيه. 


أما بدور فدخلت لستها تقولها:


ستي عايزه منك شوية حنه احني راسي إنتي سيدي ميت وحزينه عليه مهتتحنيش من الحنه اللي حداكي، واني عايزه شعري يطول قبل ماأتجوز وجبت (قَرَضّ) دقيته وملاقياشي حد يجيبلي حنه.. واطلعي افطوري الفطور جهز بره. 


عديله: مهفطورش بره هاتيلي الفاطور إهنه، اني الطبليه اللي ميقعدش عليها توفيق ولدي قبلي مهقعدش عليها. 


والحنه روحي هاتي سطل اديلك هبابه منها، واني بعد السنويه بتاعت سيدك هحني راسي عشان عهرش فيها من الشعر الأوبيض عياكلني، خلوا حد يجيبلكم حنه وحلوا عني. 


بدور: إكده ياستي؟ 


عديله: إيوه إكده.. غوري يلا هاتيلي فطور، ولا اقولك تجيبيشي انتي ابعتيلي الفطور مع أيوتها حد، خلي شامه تجيبه، وشيعيلي مندوح وسعد لو كانوا صحيوا خليني اصبح عليهم واصتبح بوشوشهم الزينه. 


بدور بزعل: ياستي أني معارفاشي إنتي مش عتحبيني ليه؟ 


عديله: ولا اني عارفه، بس اديني مش عحبك وخلاص. 


بدور: طيب مادام إكده معاوزاشي منك حنه ولا حاجه، ولا هشيعلك فطور ولا ليا دعوه بيكي ولا ليكي دعوه بيا. 


عديله: أحسن حاجه تريحي واني عخط  علي معرفتك يعني؟


وطلعت بدور غضبانه وهملت الباب بتاع اوضة عديله مفتوح، ومع فتحته عديله شافت ولدها توفيق نزل وقاعد على الطبليه وسط الرجاله!


قلبها إنشرح بشوفته زين ورايق، ونزلت من على السرير قوام وراحت عليه بفرحه وبمحبه قالتله:


نورت موطرحك ومليته ياحبيب القلب والعين. 


توفيق بإبتسامه: إصباح الخير ياست الستات، لو اعرفك صاحيه كنت دخلتلك، بس قولت تلاقيها نايمه هملها ياواد متلكلكه ودفيانه ففرشتها، وكنت هخلص فاطور واجيلك اسلم عليكي قبل ماأتوكل على الشغل. 


عديله وهي عتقعد جاره:


إني عدفى بشوفتك يادفىَ الروح، وكل العافيه عترد فيا واني واعياكم متجمعين مع بعض عالطبالي. 


تصدق ياتوفيق من يوم مارقدت واني مفيش لقمه كلتها حسيتلها بطعم، ولا حليلي زاد. 


توفيق: ربنا يخليكِ لينا ياغاليه ويحلي زادك، بس أني عايزك تعتادى عالوكل من غيري يمايه.


عديله بخوف: ليه ياولدي عتقول إكده الف بعد الشر! 


توفيق: يمه مهما كترت اللمه لابد من الفراق. 


عديله: يومي قبل يومك وتشيلني بأديك وتوديني جبانتي على كتافك إنت واخوك، والفواق يكون ليا اني.. إنت ليه عتقول الحديت اللي يخوف عالصبح ديه ياتوفيق مغصتلي بطني ياولدي! 


توفيق بشفقه: هلاويس تعب يمه متاخديش فبالك، المهم مدي يدك عالفطور يلا خلي الزاد يحلي بيكي ومعاكي ياغاليه.. 


ومد يده قبلها غمس لقمه وحطها فخشمها وهي كلتها وإتبسمتله، بس متعرفش ليه قلبها نغزها وهي بصاله. 


أما عزت فكان باصص علي سته وابوه، وكان سامع الحديت، وفاللحظه داي شاف سته فصورة أمه، وشاف أبوه فصورة كرار أخوه، وغصب عنيه عينه راحت على عمه نعيم اللي لقاه عياكل ولا يمه! 


وشاف كيف محبة أمه لأخوه ودلالها فيه قدامه ولا فارق معاه! 


وسأل روحه أمال ليه هو عيحس بنار فقلبه من ناحية كرار وهو واعي أمه ومحبتها ليه ودلعها فيه؟ وليه نفسه يخطف منيه كل المحبه داي وياخدها لنفسه؟ 


ياتري العيب فيه هو، ولا العيب فعمه نعيم اللي الظاهر محداهوش قلب يحس بالغيره؟ وفضل محتار وهو عيدور عالعله فين، وبمجرد طلوع كرار من أوضته، وقعدته عالطبليه قباله،


 وأمه اللي جات جري عليه تصبح وتسلم وتطمن عنه دوناً عن كل اللي قاعدين، عرف إن العله فأمه حوريه، وإن فيه اللي عيحتاج للمحبه وفيه اللي زاهد فيها، وإنه محتاج للمحبه عشان إكده الموضوع فارق معاه، وإن عمه من الزاهدين، أو محبته لاخوه اكبر من غيرته، وفي الحالتين هو مختلف عنه كل الاختلاف، والمشاعر واحساس الروح للإحتياج معليهمش لوم ولا اللي جوا واحد عيشبه اللي جوا التاني حتى لو الظروف إتشابهت. 


الكل فطر، وقاموا على اشغالهم، وكرار وتوفيق معاهم النهارده، 


وبعد ماتوفيق راح المواقع اللي فيها الشغل وشاف الأمور تمام، خد نعيم وراحوا على البندر يشوفوا المزادات اللي هتتعمل فشركة رصف الطرق والكباري وفشركة المقاولات الحكوميه، هتكون على أيه وشروطها أيه؟ 


وقدموا العطا علي ٣ مناقصات مع بعض ب٣ مشاريع، وبرغم إن ديه كان إنتحار للمعدات والعمال، إلا إن توفيق آيس وقدم فيهم؛ عشان اللي يطلع منهم يسد منه حق الدهب اللي خده من الحريم، ويجوز بيه عزت وبدور، ويجيب طرومبيل تاني يروحوا بيه شغلهم؛ عشان واحد مبقاش مكفيهم كلهم وعيتعبوا من الزنقه فيه وهما رايحين البلاد البعيده، ويخلص من كل المسئوليات اللي عليه. 


أما حدا أهل شام.. 


عبد الصمد عاود من الغيط وبسيمه وبشاير اتلقوا منيه البرسيم ودخلوه للبهايم، وهو فك الحمار وركن العربيه قدام الباب، ودخل وراهم البيت، واول مادخل شاف دهب مرته قاعده قدام الكانون الوالع وسرحانه وحاطه يدها على خدها، والنار سارحه من الكانون وقربت تطول طرف توبها وهي مش منتبهه، فجرى عليها عبد الصمد بخوف وهو عيقول:


هوب هوب، النار يادهب! 


النار هتلهف طرف توبك، شارده فايه ياأم البنات؟ كان يتحدت وهو عيزيح النار يم الكانون ويبعدها عن دهب


دهب وهي عتلم توبها عليها من النار:


ابدا يابو شام سلامتك، أني بس شردت هبابه وكنت عسأل روحي ياترى شام بتي عامله ايه دلوك وحالها عامل كيف؟ 


عبد الصمد رد عليها بتنهيده وهو عيقعد جارها: عرفت ان بالك وفكرك معاها. 


دهب: وهيكونوا مع مين غير معاها، حاساها اتقطفت من باطى علي غفله ياعبصمد واتاخدت من الدار للنار ياولداه وهي لساها ماعرفت قيمة البيوت ولا تعبها، والبيت اللي راحتله سياح نياح وتلاقي خدمته معتفضش وبتي قليلة حيل وقليلة مروه. 


عبد الصمد رد عليها بقسوه كدابه:


همليها تتشقلب في البيوت يادهب لغاية ماتعرف قيمة البيوت وقيمة العيشه فيها، الخدمه معتموتش يادهب والحيل معينضبش، وشام بتي عاقله وهتعرف تعيش في البيوت وتجارى أصحابها اني خابر ديه زين. تخافيش عليها شام كدها وكدود. 


دهب هزتله دماغها بموافقه وهي عتتمني من جواها إن كلامه يكون صوح وإن شام تطلع كد المسئوليه وميصيبهاش التعب ولا الكلل ودعتلها بالصبر والقوة من كل قلبها. 


اما عبد الصمد فكمل كلامه وهو باصص للنار الوالعه في الكانون:


جلال النهارد جاني الغيط وقعد جاري وفضل يتحدت معاي كيف زمان، وشفت فعنيه ندم كبير، بس اني ملقتليش نفس ارد عليه ولا اجاريه فالكلام حتي من ورا قلبي، صعبان عليا منيه ومقادرشى اصفاله غصب عني، وهو آخر لما ملقاش مني رد قام ومشى زعلان. 


دهب بتنهيده:


 بص يابو البنات، جلال غلط هو ومرته وولده وعابوا فينا وفضحونا، بس ديه اصلهم، فأنت لما ترجع تتعامل معاهم عتتعامل باصلك إنت مش بأصلهم هما، ويكفيك جيته لحد عندك والندم اللي وعيته فعنيه، وكفايه على صابر وأمه حسرتهم بسبب بت عمهم اللي متاجيش ضفر من اللي عتطيره شام إنها هتدخل بيتهم مره لصابر، بعد ماعمه حطهاله فرقبته من يومين قدام كل الناس وكتفه بيها، 


وصابر مقدرش يفلفص منيه وعاود البيت وفضل يشيل فروحه ويرزعها من الغلب، وأمه حسها كان جايب لحد إهنه وهي عتلعلع بالشتيمه على عم صابر وبته اللي عتكرهها وتكره أمها من توب الملح..وديه جزات صابر وأمه عاللي عيملوه فشام وربنا ادى كل واحد على كد ضميره. 


عبد الصمد: وه.. وانتي عرفتي كل ديه من وين وانتي قاعده في الدار معتطلعيش؟ 


دهب: حنه اخت صابر يوماتي مع بسيمه عالسطوح وعتقولها على كل اللي عيجرا فبيتهم. 


عبد الصمد بديق:


طيب نبهي على بسيمه متسألشي عن حال الناس وتهمل كل حى فحاله، وليهاش صالح باللي عيجرا في البيوت، أني خابر إنها مكيوده على اختها، بس بكفاياها طقيس وشمشيم على أخبار صابر وأهله، خلاص الخيط اللي بينا وبينهم اتقطع، ومعدش بدنا شماته فحد ولا إحنا حمل رد الشماته؛ عشان الشماته ليها قصاص يادهب. 


دهب: قولتلها أكده والله ياعبصمد بس إنت عارف عقل بسيمه، بس خلاص اني هنبه عليها تقطع هبابه من حنه إحنا معاوزينش وجع راس..وسكتت شويه وبعدها قالتله:


إلا اقولك ياعبد الصمد.. اني عايزه اشور عليك شوره وعايزاك تسمع مني،، إيه قولك شام اهي إتجوزت وارتاحت ولسِنة الناس إتقطعت، فأني عقول لو نجوزوهم غير التنين اللي إتحكم عليهم بيهم دول، وبصراحة ربنا أني شايفه إنهم هيتظلموا بجوازتهم داي. 


عبد الصمد إتنهد وهو عيرد عليها:


ومين قالك إن لسنة الناس إتقطعت؟ 


اللسنه سكتت عتاخد هدنه بس دلوك لغاية ماتتسمع عننا حاجه تخليها تشتغل، وبعدين مين اللي هياجي لوحده فيه حوالين اختها كلام وحديت ومحدش عارف الصوح من الغلط، واقل حاجه عتتقال في الاعراض الخوف عيسيطر عالعقول وخصوصي فالنسب.. والعيار اللي معيصيبش عيدوش. 


دهب: يعني أيه ياعبصمد؟ 


-يعني يادهب بناتك أهم جارك، وادينا مستنين رجوع الوادين المحكومين يتجوزوا بناتك، جالهم حد قبل مالعيال دول ياجوا ورضى بيهم، ومهمهوش اللي هيتقاله بعد مايطلع من البيت من ولاد الحلال علينا، أجوزهم واني المرتاح قبل منهم، ملقيناش ومحدش جيه يوبقي ماباليد حيله يادهب. 


دهب إتنهدت بقلة حيله وسكتت مردتش عليه، وهو كمل.. 


سيبيها على الله ياأم البنات وهو اللي عليه التدبير.. وكمل بلوم.. ودلوك قومي يلا هاتيلي لقمه أكولها عشان قلبي عيفرفط من الجوع وانتي مبقتيش واخده بالك مني ولا من صحتي اليومين دول واصل. 


دهب وهي عتقوم: 


واه ياعبصمد واني ليا مين غيرك إنت والبنات آخد بالي منهم؟ 


حالاً هجيبلك الوكل الزين كله.. خلصت كلامها وإتحركت تجيبله الوكل، وهملته قاعد وهملتله حالة الشرود اللي كانت فيها، 


وبرغم كل اللي قالهولها، الا إنه كان مأيدها فكل حرف قالته ونفسه يحصل، وحتي فخوفها وقلقها على شام كان مأيدها وقلبه كان عيحدثه زيها بالظبط إن شام مكروبه. 


جابتله دهب الوكل طوالي وكل، وبعدها طلع يتمشى في البلد هبابه، ورجليه خدوه لموطرح النفق، اللي دلوك شغالين فيه رصف وبنا وبعدها تركيب بلاط، 


وسأل على توفيق عشان يطمن منه على شام، لكن العمال قالوله إن شغل الحفر والمعدات بتاعة توفيق خلص، ودلوك شغل مقاول بُنى غيره خالص، 


وإن توفيق معادلوش رجعه إهنه تاني. 


وعاود عبد الصمد لداره وهو متحمل بيخيبة أمل، بعد ماكان مستني يسمع أي خبر عن شام يبل ريقه اللي نشف من الخوف والقلق عليها،وخصوصي بعد مادهب أكدتله إحساس الخوف اللي جواه بإحساسها المماثل. 


أما في الموقع الجديد


المشروع النوبادي كان حفر أساسات مجمع سكني حكومي، وكرار كان راكب لودر وعزت لودر، وسلام ومعروف كل واحد كراكه تشيل التراب وترميه علي جنب وعزت وكرار يشيلوه باللوادر ويعبوه على المقاطير، 


وعزت وكرار طول الوكت كل واحد فيهم عمال يعلى على التاني في الشغل عشان يثبتله إنه أحسن منه. 


وبعد يوم طويل من الشغل، إتهد فيه حيل الكل، عاودوا البيت، وإتغدوا وكل واحد راح على أوضته يقعد مع مرته وعياله هبابه، وكرار دخل لأوضته ونام من التعب محسش بروحه، وشام شافت حالته وحمدت ربها إن الشغل هده وإتمنتله هدت الحيل دايماً عشان تأمن شره. 


أما في مكان تاني بعيد 


السيد وهو ماسك السباطه وعيكنس: همام هو إحنا هنعاودوا البلد ميته؟ 


همام وهو عيخدم البوظه ويخففها بالميه:


أني كام نوبه اقولك بزيادة منيه السؤال ديه وأقولك لو عايز تعاود غور حدش ماسكك، إنت معتتعبش اني تعبت من رطك ياخي! 


السيد: يابوي عسأل سؤال بس، هو السؤال حرم؟ 


همام: له محرمش بس عيدايق، وكذا نوبه اقولك معرفش هنعاودوا ميته معرفش، بس الاكيد مش دلوك خالص.. عالاقل بعد كذا شهر لما الموضوع يكون اتنسى وإتحل بعيد عنينا. 


السيد بشرود: 


كذاااا شهر؟! 


همام وهو عيكمل الشغل اللي فيده.. إيوه كذا شهر، كذا شهر ليا اني، اما إنت فتقدر تعاود ميته ماتحب، ولو سمعت سؤالك ديه تاني هخليك نايم واخد خلجاتي واهملك واروح بلد تانيه وأخلص من نقك وزنك. 


السيد رد عليه بخوف أحسن ينفذ تهديده ويعملها صوح:


له يابوي خلاص، اني مهتكلمش تاني ولا هفتح خشمي بس أمانه عليك ماتهملني أني لا هعرف اخبب ولا اطبب من غيرك. 


همام وهو عيرفع سطل البوظه علي خشمه ويشرب منيه يشوفه اتظبط ولا له:


طيب تمام بس يارب تطلع كد كلمتك.. 


وبعدين اني مخابرش إنت مستعجل علي الرجوع عالبلد ليه ياخي، ماادينا قاعدين في الغرزه اللي صاحبها هملهالنا خالص وعنشربوا بوظه ببلاش لغاية مانشبعوا، وعنخلوا الناس تسكر وتدرمس وناخدوا الحشيش من جيوبهم من غير مايحسوا، وعنعمروا الطاسه، ومبسوطين وآخر السطه وكله بلوشي، أني معارفشي إنت عتتبطر عالنعمه ليه؟ 


واثناء كلامه مع السيد بص بره الغرزه وشاف بنيه معديه وهي شايله البلاص فوق دماغها ورايحه تملاه، بصلها همام من فوق لتحت بتفحص، وبعد السطل عن خشمه وراح وقف على باب الغرزه وفضل متابعها بعنيه، 


وهو عيفتكر الليله اللي عمرها ماهتروح عن باله، واللي إتمني إنها تنعاد تاني بكل تفاصيلها، وشيطانه أكدله إنها مش أمنيه بعيده وإنها ممكنه، بس المهم إنه النوبادي يخفي روحه زين وميخليش أي حاجه تدل عليه، وبرغم إن الغرزه كانت عتاجيلها غازيه ويقدر يعمل معاها اللي هو عاوزه، بس البنات البداره اللي عياخد شرفهم هو أول واحد عيكون إحساسهم غير.. 

رواية نفق الجحيم ٢٦ريناد يوسف


خلص همام ليلته وشغله في التخديم عالناس بالبوظه والشيشه، وآخر الليل كالعاده فضل هو والسيد يشربوا البوظه الباقيه فقعر البرميل ويسكروا بالحشيش اللي مقلبينه من الناس، وبعد ماخلصوا، وتقريباً الكلام ديه كان قرب الفجر، نام السيد كيف القتيل واتكفى على بوزه، أما همام ففضل النوم مجافيه وهو عيفكر فاللي نفسه هفاه عليه من أول العشيه، وعمال يقلب في دماغه الموضع، ومع السكر الفكره شعشعت فنافوخه وعزم على تنفيذها لو هيوحصول ايه، وبناء عليه رسم خطته فإنه هيتربص بأول مره تروح تعبي ميه لحالها عالصبح البدري ويعمل اللي ناوي عليه في السريع.. وبالفعل طلع بعد مااتلتم ودارى وشه زين وطمس هويته، وراع قعد فزاوية الطريق اللي عيودي عالمجرى اللي عتملى منيها الحريم ميه كيف الديب اللي متربص بصيدته.


وبعد آذان الفجر والإقامه بشويه، شاف مبتغاه وهي جايه من بعيد فغبشة الصبح البدري، ولحسن حظه كانت هي نفس البت  اللي عيشوفها معديه من قدام الغرزه كل يوم المغربيه!وفسر ديه على إنه من حسن حظه. 


قام على حيله وإتلفت شمال ويمين وعدل اللثام على خاشمه ودارى بيه وشه زين مبينش غير عنيه، ولما ملقاش حد في الطريق هجم على البت كيف أسد مسعور، وعلى اثر هجمته العلاوة وقعت من فوق راسها اتكسرت، وقبل ماتصرخ كانت يد همام ملجمه خشمها وكاتمه صرختها، ومره وحده وبحيله كله كان جايبها الأرض ورامي عليها حمل جسمه كله مثبتها، لكن الصبيه عرفت تحرر يد من قيودة وبدون تفكير ضربته على عينه خلته إتألم، وقبل مايفوق من الضربه كانت ضرباه ضربه تانيه فنفس المكان، وداست على يده المكتفه خشمها بأيدها خلت لحمها جه بين سنانها وإتملكت فيها زين وعضته عضه فيده خلت روحه شاغت وشال يده قوام من فوق خشمها، وهو عيمل إكده واتحرر خشمها وطلع حسها يلعلع بالصراخ:


بووووه، الحقوني ياخاااالق، غيتوني يانااااس، غيتوني ياخللللق.


وهمام سمع صراخها وإتلبش من الخوف، لأن الناس أكيد سمعتها وفلحظه هيلاقي روحه متحاوط باللي هيطحنوا عضمه طحن لو اتلايموا عليه، وبدون تفكير قام من فوق البنيه منتور عشان يهروب، لكن البت مسكت فخلجاته ومرضتش تسيبهم وهي لساها عتصرخ، وهمام عيحاول يتخلص منها بكل قوته الخايره من السكر، لكنها كانت عامله كيف نمره عتدافع عن حياتها وجبدته ناحيتها تاني وقعته عالأرض ومسكت حجر كان جارها  وضربته بيه على راسه بكل حيلها خلته نزف في الحال، وماأكتفتش بضربه وحده، دي تنتها تاني وتالت، ومع فتح غَلق أول باب من بيوت أهل البلد وسمع صرير الباب عيتفتح، همام إتنفض والحيل دب فيه تاني وقدر يتخلص من مخالب البت، وجرى مبعد عنها وعن الناس اللي إبتدت تطلع من بيوتها تشوف خبر إيه، لأنه خابر إنه لو إتمسك منهم مهيهملوهوش من اديهم غير وهو منتهي خالص.


عاود للغرزه يجري وقوام لم خلجاته وهو عيقول لسيد:


سيد.. ياد ياسيد قوم، قوم اني ماشي أهل البلد جايين ورايا، سيد قوم الناس هيموتونا.. وبعد ماخلص لم خلجاته راح علي سيد يهزه عشان يصحيه، لكن سيد من السكر كان مكفي كيف القتيل، فهمام ملقاش قدامه بُد غير إنه يسيبه وينفد هو بجلده العمر مش رِبه، 


وبالفعل طلع في الشوارع يجري قاصد محطة القطر وهو غرقان فدمه ومن شدة الموقف محاسسش بجرحه، ووصل المحطه أخيراً بعد مسافه من الجرى وقعد على الرصيف ينهج، ولما شاف الناس القاعده عالمحطه مستنيه القطر عتتطلع فيه، قام خدله ساتر من عيونهم وقعد بعيد عنهم، وفضل يدعى إن القطر ياجي قوام.


أما حدا السيد


قام من نومته مهبوش وهو عيوقع عالأرض بجبده شديده من يد عفيه، وفتح عنيه لقى روحه وسط حلقة حاوي من الناس وكل واحد ماسك فيده شومه، وقبل ماينطوق من الفزع ويقول فيه إيه لقي الناس نازلين عليه بالشوم، ومن وسط الضرب سمع حد عيسأله صاحبه وين، فعرف إن همام عيمل مصيبه وهرب وهو اللي لبسها، وبرغم كل الضرب اللي كان عيتلقاها، إلا إنه كان ميت من الرعب من فكرة إن همام همله لحاله، وعيسأل روحه هو هيعمل أيه دلوك؟


وبعد مالناس إدته الطريحه التمام، وفتشوا الغرزه كلها ملقوش همام، طردوه شر طرده من الغرزه ومن البلد كلها، ونبهوا عليه لو شافوه هو ولا صاحبه في النواحي كلها هيخلصوا عليهم.


طلع من الغرزه قوام وهو مضروب ودمه سايح وبالعافيه عيمشي، وحتي من غير ماياخد جلابيه وحده من خلجاته غير اللي عليه، وبعد تفكير هيروح وين وياجي منين، قرر إنه هيعاود لبلدهم واللي يجراله يجراله، وبناء عليه راح على محطة القطر عشان يركبه ويعاود بيه.


لكن اللي حوصول غير كل مخططاته، لما وصل المحطه أخيراً وقعد على رصيفها، وفضل يتلفت يمين وشمال علي الكام واحد القاعدين عالمحطه وكلهم عيونهم عليه، ومع ظهور القطر من بعيد اللي رايح على بحري، بص عالرصيف المعاكس وإتفاجأ بهمام عيظهر من بين الناس، فأنتفض بفرحه ووقف وفضل ينادي عليه ويشاورله لغاية ماهمام إنتبهله، ومع وصول القطر ووقوفه مابينهم غاب همام عن نظر السيد، لكنه عرف إنه هيركب القطر ديه من وقوفه لحظة وصول القطر، وبناءً عليه فط السيد من على الرصيف وراح عالقطر وحاول يركبه من الناحيه التانيه، وهو يادوبك ركب سلمه حديد ولقي يد ممدوداله بص لقاها همام، فأبتسم بفرحه ومد يده ومسك فيد همام وتبت فيها كيف عيل كان تايه من أبوه ولقاه، وإتحرك بيهم القطر عالمجهول. 


السيد وهو قاعد جار همام ينهج من التعب سأله:


عيملت إيه ياقزين خلى الناس عيملت فيا إكده، وقبل مني سيحوا دمك؟ وغير ديه كيف تهملني وتهروب بروحك ياواطي ياهلس؟! 


 همام سند دماغه لورا وإبتسم وهو عيفتكر اللي جرا ورد علي السيد وهو هيمان:


حاولت أصيد غزاله ياسيد وأكلها لحالي، بس بت الكلب طلت ديبه وعلمت عليا ومقدرتش عليها، آخ بس لولا السطله اللي كنت فيها كانت هاده حيلي كان زماني فارمها كيف عجينة الطعميه وواخد منيها اللي يريحني ويهدي نارى القايده، بس يلا خيرها فغيرها. 


وعدل دماغه وبص للسيد اللي كان عيسمعع وهو فاتح خاشمه من الصدمه والمفاجأه وكمل:


 بس تعرف ياد ياسيد؛ البت داي خيشت فنافوخي قوى بعد اللي عيملته ديه، ولو كنت أقدر كنت قعدت متربص بيها لغاية ماكسرتها وخدتها بالغصب وكسرت شوكة ضهرها القويه.. بس يلا مليش نصيب عاد. 


رد عليه السيد بتفاجؤ:


روح ياشيخ ربنا يقندل عيشتك فوق مامتقندله ومقندل عيشتي معاك، يعني ياهمام متوبتش من أول نوبه اللي هجولتنا من بيوتنا وأهلنا ورايح تعملها نوبه تانيه! 


همام رجع بص بعيد عن السيد وبص تحديداً من شباك القطر وهو عيرد عليه:


ومالها الهجوله ماادينا ماشيين فدنية ربنا نشوفوا بلاد غير البلاد ونشوفوا وشوش غير الوشوش، ونشوفوا عيشه غير العيشه. 


السيد بزعل: إيوه وإنت تعمل العمله واني اللي اتحاسب عليها. 


همام: صحيتك عشان تهروب معاي وإنت كنت مكفي على عينك اعملك ايه، استني لحدت مايموتوني؟ 


السيد: له تهملني آني ليهم يموتوني. 


همام بديق: يوووه ياسيد، والله ياخي أني بديت اتدايق واتخنق منك ومبقتش حامل نقك، ياريت القطر كان جيه بدري هبابه وكنت ركبته وغورت من وشك، بس ملحوقه، المحطه الجايه ياتنزل إنت ياانزل أني، وكل واحد يشق طريقه لحاله. 


السيد بخوف: له ياهمام متهملنيش، خلاص اني مش هتحدت تاني، بس أمانه عليك ياشيخ ماتعمل حاجه تاني كيف إكده وتمرمرنا، روح لبنات الهوى لو لحت عليك الحاجه ياخي. 


همام بشرود: معيكيفونيييش كيف البنته البداااره، معيعدلوش مزاجي ياخي. 


السيد: يلعن ابو مزاجك الزنخ ديه ياشيخ. 


وكمل السيد بعد فترة سكوت.. إعمل حاسابك هلبس معاك فخلجاتك عشان خلجاتي هملتهم كلهم فالغرزه عشان انفد بجلدي. 


وبص لهمام مستني منيه رد، لكن همام كان سارح فدنيا تانيه وكل باله مع القطه المخربشه اللي فلتت من بين اديه وعلمت فنافوخه. 


أما فبيت المقاول


أبو دراع واقف وسط شجر المانجه يتطلع علي قناديل الطرح وعيكلم أبوه اللي قاعد جاره ينقي الحشايش من تحت الشجر:


السنادي شكل الشجر هيحمل بالطرح والمحصول هيكون زين يابوي. 


مخلوف:


ربنا يزيد ويبارك فالخير لأصحابه ياولدي، وبعدين كله بالمراعيه هيطرح ويجيب، كيف ما كل حاجه في الدنيا ربنا خلقها المراعيه عتخليها تزيد أضعاف. 


وعلى سيرة المراعيه ياولدي.. أني عايز أجيبلك اللي تراعيك وتراعيني، البيت محتاج حرمه ياابو دراع وإحنا التنين محتاجين وحده تشوف طلباتنا بزيادانا خدمه بروحنا لحد إهنه. 


رد عليه أبو دراع بلا مبالاه:


له يابوي أني مهتجوزش دلوك، لو لازمن ولابد من مره في البيت إتجوز إنت. 


مخلوف:


ماانت خابر إني مهتجوزش بعد أمك ياد إنت! داني معميلتهاش واني فعز شبابي هعملها دلوك؟ وبعدين تعالا إهنه قولي، هو إيه اللي مش هتتجوز دلوك! أمال ناوي تتجوز ميته؟ وإيه اللي يمنعك من الجيزه وإنت شاب فتىٍ ومقتدر ومناقصاكش حاجه؟ 


أبو دراع بإحباط:


ناقصني النفس يابوي، النفس مطالباش جواز دلوك ولا وجع راس، وبعدين أني اصلا نفسي إتسدت من الجواز بعد اللي عشوفه في البيت ديه بين المتجوزين، وشايف إن الجواز وجع قلب وبس مفيهش حاجه زينه. 


مخلوف ساب اللي فيده وبص لولده وقاله:


له وإنت الصادق، دا قلبك لساه متشعبط فحبال الهوى الدايبه، إقطع العشم خلاص يابو دراع البنيه مش ليك وعمرها مكانت هتكون ليك بس إنت قلبك عنيد وعاند عقلك اللي اكيد خابر الكلام ديه زين. 


ابو دراع بديق: مليهش عازه الحديت ديه يابوي أني خلاص قلبي وعقلي سلموا بإن البنيه مليهاش عيش على كتافي ولا اني ليا نصيب فيها ومش عتمنالها غير إن ربنا يسعدها ويريح بالها ويهدى سرها مع عزت الكلب.. وكل الحكايه إني والله معاوز اتجوز لحالي ومش هي السبب، حاسس إني مليش نفس للجواز وبس. 


مخلوف بإهتمام:


هجمه لتكون محداكش للحريم حاجه ياواكل أمك.. صارحني ياقزين لو فيك عله نشوفولها طب ودوا ونعالجوها. 


ابو دراع بعصبيه:


كلام ايه ديه يابوي اللي عتقوله عيب عليك، وبعدين أني كيف الآسد تعالج مين وتداوي مين؟ 


مخلوف:


ماهو مش طبيعي ياولدي زهدك في الجواز وإنت في السن ديه اللي الشباب عتعمل فيه معارك مع ناسهم عشان يجوزوهم، واللي مش عيلقاله بَصَاره هيمشي يهجم على البنته في الشوارع كيف صاحبك إكده، وتاجي إنت أقولك أجيبلك مره بالحلال تقولي ليش نفس! 


أبو دراع: والله كل واحد وقوته وصبره وجلده علي روحه واني الموضوع ديه لا عفكر فيه ولا عياجي علي بالي عشان يشغلني. 


مخلوف: يعني لو قولتلك دلوك هتتجوز بدور هتتجوزها ولا تقول مليش نفس للجواز برضك؟ 


أبو دراع بتمني: قولها بس إنت أحب على يدك قولها. 


مخلوف بيأس: يوبقي كيف ماقولت فلاول لساه قلبك متشعبط.. ورجع يشيل الحشايش وكمل بقلة حيله:


طول عمرك عتروح للوجع برجليك وبدراعك وحتي بقلبك، مع إني والله ماخابر إنت حبيت فيها أيه بدور داي، دا الواحد عيشوفها مايعرفها رايحه ولا جايه ولا عيعرف وشها من قفاها جاك الطين عليك وعلى نفسك. 


أبو دراع بسرحان:


اللي مشايفش بدور حلوه ياخد عيني يشوفها بيها. 


مخلوف: والله لو الواحد إعمي ماياخد عينك المعفنه داي ولا يشوف بيها، داني مش بعيد أحبلي جاموسه من بتوع الزريبه واتجوزها واشوفها احلي وحده في الدنيا لو على شوف عينك.. ياد ياغشيم نضف عنيك وبص على مرت كرار وشوف الجمال عامل كيف. 


أبو دراع: ولا تهز شعره مني هي ولا جمالها، وبعدين هي مش بالجمااال بس يابوي. 


مخلوف: إيوه هي بالحموريه، وعشان إنت جحش وبدور حماره حبيتها وإتعلقت بيها، ياولدي داي اغبى بنتتة البيت كله، داي توله على قول ستها عديله! 


ابو دراع: له هي مش توله ولا حماره ولا غبيه، هي قطه مغمضه معتعرفش حاجه ولا ليها فلؤم الحريم والبنته، ورده متداريه عن كل العيون ومحدش عيندرها ولا عينها ندرت حد خبيث عشان تلقط منه. 


مخلوف بص لولده وفتح خشمه من الوصف وردد بحس واطي:


سبحانه له في شئونه حكم، والله لولا إني خابر إنها محوصلتش كنت قولت إنها ساحرالك ياولدي! خلص حديته ورجع يشيل في الحشايش وهو عيهز دماغه بقلة حيله. 


أما أبو دراع فشبك اديه فبعض ورا ضهره، وراح يتمشي وسط الشجر ويتفقده وهو حاسس بنغزه فقلبه بعد ماأبوه صحى جواه الحنين لبدر بدور قلبه والحب الأول اللي قلبه دق ليه، ومهما كان الشخص اللي دقله القلب لأول مره سيئ في نظر الكل، الا إنه عيكون كل الكمال في عيون حبيبه. 


وصل السيد وهمام لآخر محطه في القطر وكانت بلد إسمها إسكندريه علي حسب قول ركاب القطر، ومن أول مانزلوا فمحطتها هما التنين شافوا العجب اللي مشافوهش قبل سابق من نضافه وجمال وناس مهندمه وشوارع واسعه ومرصوفه، وكانت بالنسبالهم جنه على الأرض عمر خيالهم حتي ماكان يوصلها، دول اقصي سفريه سافروها كانت من بلد لبلد تانيه زيها، ويمكن اقل منها كمان، وكانوا عيشتغلوا فيها فمزرعة مواشي كلافين. 


فضلوا ماشيين في الشوارع خطاوي تشيلهم وخطاوي تحطهم لغاية ماتعبوا وحيلهم باد عالاخر وبطونهم قرصها الجوع وهما معاهمش ولا مليم أوحمر فجيوبهم يسدوا بيه جوعهم، فقعدوا محتارين ومعارفينش يعملوا ايه فروحهم. 


وبعد ساعات من الصبر والتفكير سيد ملقيش بديل عن إنه يمد أيده لأي حد معدي ويشحت منيه تمن أي وكل ياكله، وهمل همام وقام ينفذ وحده لما همام رفض الإقتراح وقاله اني لو مت مش همد يدي لحد واشحت منيه. 


وبعد مالسيد مد يده بالفعل وشحت وجاب وكل وعاود حدا همام، همام مد يده عالوكل قبل منه، والسيد من غيظه قاله:


يعني تمدش يدك تشحت بس تمدها تاكل بالساهل صوح، تمدها عالسرقه عادي، إنما الشحاته كوخ مش إكده! 


همام وهو عياكل في السميطه بجوع ولهفه:


كل واحد يعمل الشي اللي نفسه تراضاه ياسيد، واني كسرة العين معقبلهاش علي روحي، خليلك إنت الشحاته وخليلي اني السرقه وفي النهايه اللي هيجيبه دراع واحد فينا خشم التاني ياكل منه وهو مقفول إستبينا؟ 


السيد بقلة حيله:إستبينا. 


وخلصوا وكل وقاموا يلفوا يشوفولهم حد يرضي يشغلهم، بس قبلها دخلوا جنينه واتشطفوا من حنفيه كانت فيها، وغيروا خلجاتهم، وشالوا عنهم اثر الضرب والدم وهندموا روحهم عشان بمنظرهم الأولاني اللي يشوفهم هيطردهم من قبل حتي مايسألوه علي شغل ولا يعرف هما عاوزينه فأيه. 


وبعد لف وبحث لقوا شغل فقهوة بلدي بنومتهم وكام قرش، ورضيوا بيها مؤقتاً عشان يلاقوا موطرح يلمهم لغاية مايشوفولهم حاجه أحسن. 


أما فبيت المقاول 


الوضع مع شام كان كل يوم يزيد سوء عن اللى قبله، حريم البيت كلهم بلا استثناء بقوا يدوها أوامر ويكلفوها بشغل حتي لو هما المتكلفين بيه من حوريه، ولو تكاسلت أو كلت، حوريه تستلمها شتيمه من المنقي ياخيار، وعشان تتجنب الكلام كانت تعمل كل اللي ينطلب منها من سكات، وعلي آخر اليوم تدخل اوضتها هلكانه من التعب، تدخل فرشتها وتتلكلك بغطاها ومتبينش منها راس ولا رجل، ومهما سمعت حس كرار عيبرطم، ومهما حست بيه عيحوم فوق راسها مكانتش عترد ولا تبينله إنها صاحيه، وكان بعد مايزهق يدخل فرشته وينام وهو عيلعن فيها وفي الظروف اللي خلتها تقع فزوره. 


وعدت الايام علي هذا المنوال ومن آخر مره قربلها فيها مقربلهاش تاني، وكل ماكانت عينه تاجي عليها كانت تشوف فيهم نظرة كره علي رغبه علي غضب تقشعر بدنها، وتفضل تقول لنفسها كل يوم إنه النهارده مهيتنازلش عن إفتراسها فآخر الليل، ويرجف بدنها من الخوف، لكن ربنا كان يسترها معاها وكانت تعدي علي خير، وكل ليله مكانش يقربلها فيها كانت توبقي عيد بالنسبالها وحياة جديده، 


لغاية اليوم اللي بدأ من حداه كل الوجع والقهر اللي مكانتش حسباله حساب. 


اليوم اللي قامت فيه بعد الفجر وهي حاسه بنفسها مارجه وغامه عليها ورمحت علي الحمام وإستفرغت، وعاودت وهي حاسه الدنيا عتلف بيها، وإترمت بتعب علي فرشتها مره تانيه. 

    الفصل السابع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close